الـلـه أكــــبر عـالـم وشـــيـخ إســـلامـى يـكتشــــف عـــلاج للإيـدز

Quote: كيف تكتشف دواء جديدا (و فوريا دون عناء)؟ بدر الدين حامد الهاشمي [email protected] تخرصا و أحاديثا ملفقة ليست بنفع إذا عدت و ....... شعر قديم كأنه قيل فيما نسمع اليوم تقديم: حملت الأخبار السعيدة الواردة من اليمن السعيد أن الداعية الإسلامي الشيخ عبد المجيد الزنداني كشف عن نجاحه (بمعية فريق بحثي طبي متخصص) في علاج عدد من الحالات المصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) بينهم حالات لسعوديين ويمنيين وأجانب مصابين بالفيروس. ورغم رفضه الكشف عن تركيبة هذا الدواء الذي اطلق عليه اسم (إعجاز 3)، الا ان الزنداني اكتفى بالاشارة الى ان اكتشافه جاء نتيجة الاستنباط من حديث نبوي شريف. ....و لست بصدد التعليق علي هذا "الزعم" بالتأييد أو الرفض، لكنني آثرت أن أعيد نشر سطور قليلة كانت قد نشرتها لي – مشكورة- سودانايل قبل نحو عامين حتي يحكم الناس من غير المتخصصين علي مثل هذه "المزاعم" (ولن أصفها بأكثر من ذلك)التي ما إنفكت تنهمر علينا من بعض العلماء والأدباء والمعراقية ورجال الدين والسياسة والرياضة و الفن...و الله المستعان علي ما يصفون.... __________________________________________________________ نسمع بين الفينة والأخرى أن أحدهم قد "اكتشف" دواء جديدا لعلاج هذا المرض العصي أو ذاك (كالبول السكري أو الصرع) أو أن ممارسة تليدة (كدخان النساء مثلا) تمنع الأمراض الجنسية، و يتسابق الإعلاميون لإشاعة الخبر السعيد و زف السبق العلمي الخطير إلى الجمهور المتعطش الذي سئم من أخبار الاقتتال و الخراب والفشل و الهزيمة في كل ميدان، ويمنى النفس بانتصار أو فوز (حقيقي أو متوهم) يعيد إليه بعضا من التوازن و الثقة بالنفس. و كمساهمة متواضعة في إشاعة نوع من الثقافة "العلمية" العامة (و الثقافة ليست وقفا أو حصرا على الكتابة عن موضوعات مثل البنيوية و الجندر ونهاية التاريخ و الهوية) فلقد رأيت أن أجمع من بعض المصادر المتاحة (لفائدة غير المتخصصين) القليل من المعلومات الأساسية المختصرة عن كيفية وصول الدواء للمستهلك، إذ هو يراه في الصيدليات معبأ في عبوات ملونة جذابة و قد لا يدرك تماما الخطوات التي أستغرقها وصول هذا الدواء إليه (و التي قد تمتد نحوا من اثني عشر عاما أو تزيد). و منذ إنشاء الصناعة الدوائية في نهاية القرن التاسع عشر صار اكتشاف أدوية جديدة عملية (process) شديدة التركيز والتنظيم. و إليك عزيزي القارئ في البدء بعض المعلومات عن الجوانب الاقتصادية في مجال تصنيع الدواء و هي صناعة تعرف بمخاطرها العالية (high risk business). فمن بين أكثر من خمسين مشروعا (قد يكلف الواحد منها أكثر من نصف بليون جنيه إسترليني) قد ينجح مشروع واحد فقط ، و أن وصول دواء واحد للأسواق قد يستغرق أكثر من دستة (12) من الأعوام، و تعطى للشركة المصنعة فترة لا تتجاوز العشرين عاما للاستفادة من اكتشافها حيث لا ينافسها في دوائها المكتشف شركة أخرى، ثم يصير الدواء من بعد ذلك ملكا مشاعا للكل. و لقد قدرت التكاليف التي تحملتها الصناعة الدوائية في عام 2000م مبلغا تجاوز 20 بليون جنيه إسترليني و هي تكلفة تتضاعف كل 5 سنوات. و لو كان اكتشاف دواء جديد بهذه السهولة و اليسر و الرخص "ما كانش حد غلب" كما يقول المصريون! مراحل تصنيع الدواء: 1/ التخليق (synthesis) : يتم التخليق الكيمائي من مواد قد تشمل النباتات (مثل الجليكوسيدات القلبية التي تستعمل في بعض أمراض القلب) أو أنسجة الجسم (مثل الهبارين المانع لتجلط الدم) أو المستنبتات الميكروبية (مثل بعض المضادات الحيوية كالبنسلين) أو الخلايا البشرية (مثل يوروكاينيز الذي يستعمل في حل الجلطات الدموية), أو باستعمال تقنيات الهندسة الوراثية (مثل الأنسلين البشرى). و تستغرق هذه المرحلة نحو عامين إلى خمس أعوام. و مع تطور المعارف العلمية في مجال الكيمياء فسوف يتم تخليق المزيد من المواد الكيمائية التي قد تنجح في أن تكون مرشحة للاختبارات التي سيلي ذكرها. 2/ الاختبارات قبل السريرية (Preclinical Testing): عند تخليق مادة يؤمل أن تكون ذات فائدة علاجية محتملة، تجرى على هذه المادة الكيمائية تجارب ميزية (مسحية screening) في مجال علم الأدوية البيوكيميائى مثل تجارب تجرى خارج الجسم (in vitro) على مستقبلات (receptors) هذه المادة و ارتباطها بالخلية و على الخلايا و الأنسجة و الأعضاء المعزولة. و يتوجب تكرار هذه التجارب على حيوانات التجارب (مثل الفئران و الجرذان و الأرانب و الخراف) و هي حية (in vivo) و يتطلب إجراء مثل هذه التجارب موافقة من جهات رقابية عديدة كوزارة الداخلية (Home Office) في بريطانيا و يعترض علي إجرائها – و بعنف إرهابي- الكثير من منظمات الدفاع عن الحيوان. و الغرض من مثل هذا النوع من التجارب هو التحقق من أن المادة المختبرة سوف تحدث الأثر (أو الآثار) المرغوبة في الجسم دون إحداث كبير ضرر أو سمية. و تهدف هذه التجارب أيضا لتحديد السمية الحادة و المزمنة للمادة خاصة في مجالات إحداث السرطانات (carcinogenicity) و التشوهات الخلقية (teratogenicity) و الطفرات الوراثية (mutagenicity). تدرس أيضا في حيوانات التجارب آليات إمتصاص و توزيع و أيض و إخراج (طرح) الدواء و هذا ما يعرف باسم حرائك الدواء (pharmacokinetics). وعقب هذه المرحلة من الاختبارات (و التي قد تستغرق نحو سنتين) تنجح أعداد قليلة من المواد في "العبور" للمرحلة التالية و هي الاختبارات السريرية (الاكلينكية). 3/ الاختبارات السريرية (Clinical Testing): تقسم الاختبارات السريرية إلى أربع مراحل (phases) تستغرق سبع أعوام أو تزيد: 3/1: المرحلة الأولى: تعمل تجارب دوائية على عدد محدود (نحو 20 – 80 متطوع سليم صحيح). و لا بد من الإشارة هنا إلى جانب لا يخلو من " شبهة استغلال" (و هذا على سبيل التخفيف) لحاجة الفقراء، إذ أن هؤلاء "المتطوعين" لا يقومون بهذا العمل خدمة للبشرية و العلم المحض، بل نظير مبالغ مادية قد تكون مغرية لفقراء الناس خاصة من الشباب العاطلين. و على كل فالهدف من هذه المرحلة هو التأكد من أن الذي لوحظ في حيوانات التجارب يحدث أيضا في البشر، إذ يتم التأكد من سلامة الدواء و مدى تحمل الإنسان له و خواصه الديناميكية والحرائكية (الامتصاص و التوزيع و الايض و الإخراج). و عادة ما تستغرق هذه المرحلة خمس أعوام و إذا نجح الدواء في عبور هذه المرحلة فعليه أن يجتاز ما يلي ذلك من خطوات. 3/2: المرحلة الثانية: تعمل تجارب على مجموعة صغيرة من المرضى (نحو 100 – 300) لاختبار كفاءة الدواء ضد مرض (أو أمراض) بعينها مثل الاكتئاب و حالات القلق. و قد تشمل هذه المرحلة بعض الأصحاء أيضا. تفيد هذه المرحلة في تحديد الجرعات العلاجية المناسبة. و بعد انتهاء هذه المرحلة يكون الفريق البحثي قد تمكن من معرفة مدى صحة أو خطأ فرضيته الابتدائية القائلة بفائدة الدواء. و قد تتوقف التجارب عند هذا الحد إذا فشل الدواء. 3/3: المرحلة الثالثة: تعمل تجارب عشوائية معمية للباحث و المريض معا ( double-blind randomized trials). و عادة ما تجرى في العديد من المراكز الطبية في وقت واحد على حوالي 1000 – 3000 مريض بهدف مقارنة الدواء الجديد مع دواء (أو أدوية) قديمة. وهذه التجارب مكلفة جدا و صعبة التنظيم. و تستغرق العديد من السنوات. وحديثا أدخلت في هذه المرحلة ما يسمى بالتحليل الدوائي الاقتصادي (pharmacoeconomic analysis) و هو يتعلق بتقييم الفوائد العلاجية قياسا للفوائد الاقتصادية المرجوة من العلاج. و يجب أن تتم المرحلة بأكملها حسب ما يعرف بالممارسة العيادية الجيدة (good clinical practice). و بعد انتهاء هذه المرحلة بنجاح يمكن للشركة المصنعة أن تتقدم للجهة الرقابية في البلد المعين (مثل إدارة الغذاء و الدواء FDA في الولايات المتحدة الأمريكية) بتقديمها لملف ضخم يحوى كل نتائج التجارب السابقة و ذلك للترخيص لها باستعمال الدواء تجاريا. و يستغرق فحص هذا الملف أكثر من عام كامل قبل التوصية بقبول أو رفض الدواء. و قد يتطلب التقييم إرجاع الملف للشركة عديد المرات من أجل مزيد من الدراسة و التمحيص. و عادة ما ترفض ثلث الطلبات المقدمة للترخيص. 3/4: المرحلة الرابعة: تعرف هذه المرحلة بمتابعة ما بعد التسويق (post marketing surveillance) و هي تختص بمتابعة الآثار الضارة التي قد تسجل أثناء استعمال الدواء عياديا في آلاف المرضى.، و قد ينتج من هذا التقييم حصر استعمال الدواء على فئة أو فئات معينة من المرضى أو أن يسحب الدواء بالكلية(مثلما حدث قبل سنوات قليلة لبعض الأدوية المخفضة لمادة الكلويستيرول في الدم), و يتسبب ذلك في انخفاض قيمة أسهم الشركة المصنعة و قد يؤدى بها للإفلاس. لا شك أن السنوات العشر الماضية قد شهدت ثورات حقيقية في مجال البيولوجي الحيوية و العلاج الجيني أدت إلى تطور هائل في مجالات اكتشاف و تصنيع الأدوية مما يبشر بميلاد فجر جديد في هذا العالم المثير. و يجب أن نعى أن عمليات اكتشاف الأدوية الجديدة ليست مجالا عشوائيا للهواة و للباحثين عن الشهرة أو الثراء (أو كليهما)، كما إنها ليست عملية فردية أو وليدة الصدفة أو "الإعجاز". و من عجب فإن البعض منا ( نتيجة الجهل أو الرغبة الصادقة (و غير المبررة) في أن يرى "سودانا فوق" (كما يقول النشيد الوطني المشهور) يسعد عندما يقرأ أو يسمع أن عالما أو طبيبا سودانيا (في السودان أو خارجه) قد اكتشف دواء أو طريقة أو نشر ورقة علمية في مجلة شهيرة، و ننسى أن دولا قوية و غنية نعتمد عليها و نقترض منها (خاصة في آسيا) لا تدخل نفسها في "جحر" الاستثمار في مجال اكتشاف أدوية جديدة. و من يمنى النفس و يصدق بأن عجوزا في إحدى المناطق المهمشة قد "اكتشفت" عشبة تداوى السعر و أخرى تداوى الايدز (كما صرح بذلك مزهوا مسئول عن تسجيل الأدوية بوزارة الصحة في برنامج تلفزيوني شهير قبل عامين!!!), أو أن أحدهم قد اكتشف – بمفرده- دواء ناجعا لمرض البول السكري و الصرع و ينتظر أن يرى مثل هذه"الأدوية" تباع في الصيدليات فلينتظر وليطولن انتظاره!