|
يارباه : على ضوء تحديد سن المعاشيين ب(60)عاماً:مئات الأساتذة الجامعيين (للشارع) بنهاية الشهر
|
ضوء تحديد سن المعاشيين ب(60)عاماً:مئات الأساتذة الجامعيين (للشارع) بنهاية الشهر حذر أكاديميون من خطورة قرار ادارة جامعة الخرطوم بإنهاء كافة التعاقدات مع الأساتذة الذين تجاوزوا سن المعاش بنهاية ديسمبر القادم على الاستقرار الأكاديمي، وشنوا هجوما عنيفا على اسلوب الخطاب الموجه من ادارة الخدمات للأساتذة الذين تجاوزوا السن المعاشية بإخلاء منازل الجامعة في مدة اقصاها (40) يوما، واعتبروا الخطوة غير لائقة وتتنافى مع ابسط الأعراف السائدة في التعامل مع كبار الأساتذة، وعدم وفاء لما قدموه لخدمة الوطن، وقسوة في التعامل لا مبرر لها، ووصفها البعض بأنها (جلافة).فيما أوضح مدير الاعلام بجامعة الخرطوم الأستاذ عبدالملك النعيم لـ(السوداني) أن ادارة الجامعة لم تتخذ أي قرار بهذا الخصوص حتى الآن ، وكشف عن استلام الجامعة لخطاب من وزارة التعليم العالي بعدم تمديد السن المعاشية للأساتذة الجامعيين وفقاً لتوجيه رئاسي صادر من رئيس الجمهورية في وقت سابق.
واعتبر وزير الدولة بالعمل القرار بأن آثاره المباشرة ستكون تدمير التعليم العالي لجهة ان الأساتذة الذين تجاوزوا الـ(60) يمثلون ذاكرة الجامعة. ودعا اتحاد عام نقابات عمال السودان الى حفظ القيمة الإنسانية لأساتذة الجامعات باعتبارهم علماء قدموا الكثير للوطن ولا بد من معاملتهم المعاملة اللائقة. وفي السياق قررت الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم تكثيف الاتصالات مع كافة الجامعات لمعالجة الأزمة وللشروع في الإضراب عن العمل في حال فشل الجهود، وأشارت الى ان قرار تحديد السن المعاشي بـ(60) عاما يفقد جامعة الخرطوم (17 استاذا من حملة الدكتوراة والأستاذية.
تدمير التعليم العالي
قال وزير الدولة بالعمل د.محمد يوسف لـ(السوداني) ان خطوة ادارة جامعة الخرطوم ستكون آثارها المباشرة تدمير التعليم العالي باعتبار ان الأساتذة الذين تجاوزوا الـ(60) عاما يمثلون ذاكرة الجامعة للمعرفة التراكمية التي وفرتها لهم سنين العمل الطويلة في البحوث والدراسات. ووصف القرار بأنه مرفوض وغير مرحب به لأنه ضد مبدأ التعليم العالي، واعتبر القرار بأنه لا يخرج من خيارين: اما سوء النية لتحطيم التعليم العالي، واستبعد ذلك، او ان هناك (جهالة) في اصحاب القرار، وقال (عليهم ان يتواضعوا ويسألوا أهل الذكر).
وتابع الوزير (ان كان هناك من يعتقدون ان المبرر لإعفاء هؤلاء العلماء هو فتح الباب أمام الترقي فإنهم مخطئون، لأن الترقية تتم بالكسب العلمي والتطور الأكاديمي عبر لجنة علمية). وقال يوسف ان الأساتذة المهددين بإنهاء خدماتهم بجامعة الخرطوم اسماء لها احترامها على مستوى العالم لبحوثهم العلمية القيمة مما عكس هذه السمعة على الجامعة.
ووصف قرار ادارة الجامعة بإمهال الأساتذة (40) يوما لإخلاء منازلهم بأنه امر مؤسف واحتقار لعلماء قدموا الكثير للوطن، وقال (اعلم ان معظم هؤلاء العلماء لا يملكون المنازل لأنهم منشغلون بالقضايا الأكاديمية والبحوث، لذلك لا بد للدولة ان تكرمهم بدلا من تشريدهم).
وأضاف يوسف انه كان يتمنى الا يصدر مثل هذا القرار من ادارة الجامعة (كان يجب ان تتركه لجهة اخرى). وتعهد الوزير بضمان استقالة الضباط الثلاثة لنقابة اساتذة الجامعة ان كان القرار كيدياً يستهدفهم لنشاطهم النقابي بدلا من تدمير التعليم العالي.
إخلاء السكن
وتسلم الأساتذة الذين بلغوا السن المعاشية خطابات بتاريخ20 نوفمبر المنصرم بتوقيع سكرتير الخدمات ومقرر شؤون الأساتذة تطلب منهم اخلاء منازلهم في مدة اقصاها الأول من يناير القادم وجاء في الخطاب الفقرة التالية (كما تعلمون فإن خدمتكم المعاشية قد انتهت، وقد سبق تعيينكم بنظام المشاهرة حتى 31 ديسمبر الجاري تاريخ تجديد خدمتكم بالمشاهرة.
وعليه واستنادا على البند (8/1/ج) من لائحة الإسكان يؤسفني ان أطلب منكم التكرم بإخلاء السكن المخصص لكم وتسليمه لإدارة الخدمات في مدة اقصاها اليوم الأول من يناير 2007م).
ووصف بيان للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم الخطاب بأنه أسلوب غير كريم في معاملة الجامعة لكبار أساتذتها من المعاشيين.
وقال البيان، الذي حمل توقيع د.بابكر احمد الحسن (نربأ بجامعة الخرطوم العريقة أن تلجأ لمثل هذه المخاطبات والإجراءات غير اللائقة والتي تتنافى مع أبسط الأعراف السائدة في التعامل مع كبار الأساتذة عرفانا لما قدموه وما يبذلونه الآن للجامعة والوطن).
سياسة إقصاء
واعتبر البيان الخطاب مؤشرا خطيرا للالتفاف على تجميد قرار احالة المعاشيين للتعاقد، ونبه الى قرار ادارة الجامعة بسحب حق الكيان والأقسام في تقييم وتحديد احتياجاتها لخدمات الأساتذة المعاشيين، كما ظل متبعا، وذلك بتكوين لجان خاصة للنظر في امر ابقاء المعاشيين الأمر الذي يفتح الباب واسعا امام (سياسة الإقصاء والتمكين الحزبي بعيدا عن التقييم الأكاديمي المتجرد مما يتنافى والقيم الرفيعة الراسخة لجامعة الخرطوم).
وهددت الهيئة النقابية بالتوقف عن العمل بما يشمل كل المناشط الأكاديمية والإدارية في حال تنفيذ (القرار الجائر في حق التعليم الجامعي والوطني بالاستغناء التعسفي غير المبرر عن خدمات أساتذة الجامعة الأجلاء وهم في قمة العطاء والأداء المتميز)، وطالبت ادارة الجامعة (بالإحجام عن مثل هذه التحركات حفاظا على استقرار الجامعة وعراقة تقاليدها).
المعالجة الموضوعية
قال أمين علاقات العمل بالاتحاد العام لنقابات عمال السودان لـ(السوداني) انه تم الاتفاق مع الحكومة على استثناء اساتذة الجامعات من اجراء السن المعاشي، مشيرا الى ان اية جهة لا تملك الحق في عدم التقيد بالقرار، وطالب أساتذة الجامعة بتسليم الخطاب الى نقابة التعليم العالي للبت فيه. وأكد أمين علاقات العمل أهمية معاملة اساتذة الجامعة معاملة لائقة باعتبارهم من العلماء الذين قدموا الكثير للوطن، مشيرا الى ان قرار اخلاء المنازل سيبحثون عن اسبابه ودوافعه فإن كانت بها تجاوزات سيرفضونه وإن وجدت اسباب اخرى ستتم دارستها.
قرار (جلف)
قال د.بركات موسي الحواتي، استاذ القانون الدستوري بجامعة جوبا، لـ(السوداني) ان اي دولة تحدد سنا للمعاش لكنها في الوقت نفسه تعطي الاعتبار لطبيعة العمل الأكاديمي الذي لا يمكن معاملته كالخدمة المدنية. ووصف الحواتي قرار ادارة جامعة الخرطوم بإخلاء منازل الأساتذة خلال (40) يوما بأنه غير موضوعي ويعبر عن عدم الوفاء للجهد وقسوة في التعامل لا مبرر لها، وقال (أقل ما يوصف به هذا القرار بأنه نوع من الجلافة وعدم إحساس لما قام به هؤلاء الأساتذة).
تهديد الاستقرار الأكاديمي
قال بروفيسور جلال الدين الطيب، عضو الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، لـ(السوداني) ان الخطاب الذي عممه مدير الجامعة أمس الأول الى عمداء الكليات بعدم التعاقد مع الأساتذة الذين تجاوزوا سن المعاش ابتداءً من 31 ديسمبر المقبل سيخلق ازمة اكاديمية لجهة ان معظم هؤلاء الأساتذة مشرفون على الدراسات العليا، اضافة الى ان توقيت القرار يتزامن مع منتصف العام الدراسي.
وأضاف الطيب ان الهيئة النقابية لأساتذة الجامعة ستشرع في هذا الأسبوع في تنفيذ قرار الإضراب عن العمل في حالة تنفيذ القرار، مشيرا الى انهم سيجرون اتصالات مع بقية الجامعات للتنسيق المشترك. وانتقد خطاب اخلاء المنازل وطالب ادارة الجامعة بإعطاء الأساتذة فترة كافية لتنفيذ القرار على ان تساعدهم الجامعة في ايجاد السكن المناسب الذي يليق بمكانتهم. وتساءل (الكثيرون لا يملكون منازل فإلى اين سيذهبون؟).
الخرطوم: ياسر عبدالله - عن جريدة السوداني
|
|
|
|
|
|
|
|
|