عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2006, 02:56 AM

خالد عويس
<aخالد عويس
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 6332

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !!

    نعم، هي مهزلة فكرية بالمقاييس كلها، هذه التي نصب أعوادها الأخ الدكتور القراي للدكتور محمد وقيع الله، في مقال ثان بجريدة الصحافة، حشره من خلاله في زاوية فكرية ضيّقة، مطالبا إياه بطرح أدلة على "تعميمات" كان قد أدلى بها بشأن الشهيد محمود وفكره، في الحوار الذي أجراه معه الزميل صلاح شعيب.وما فعله الدكتور القراي، ربما هو عادة عند مثقفي الجمهوريين، عموما، إذ ينأون عن السباب والشتم، ويركزون على الفكر والحوار، وهو الأسلوب الذي لطالما أحرج الإٍسلامويين.
    لفت مقال القراي نظري وأحببت أن أشرككم في قراءته.

    عودة إلى الحوار العجيب !! (1 )
    د. عمر القراي
    (إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان آتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ، فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير) صدق الله العظيم
    لم يحتمل د. محمد وقيع الله ، تعليقي على الجزء الأول من الحوار، الذي أجراه معه الصحفي صلاح شعيب ، فخرج عن وقاره ، وجنح إلى الاساءة ، ظناً منه انه بهذه الطريقة سيحافظ على المكانة العالية التي حاول ان يظهر بها حين ادعى انه يقيم الفكر الجمهوري !! ورغم انه قد اخبرنا في ذلك الحوار، ان ما منعه ان يدخل في تنظيم الاتجاه الاسلامي ، رغم إيمانه بفكرتهم ، واعتقاده بأن مشروعهم الحضاري مازال قائماً ، وناجحاً ، انه سريع الاحتدام ، والاصطدام ، مع من يختلف معه في الرأي ، الا انني لم اتوقع ان يبلغ به الغضب ، حداً يجعله يعجز حتى عن ذكر أسمي ، فيصفني ب ( الشخص) و( مجادلي هذا ) و( مجادلي المتحامل) و ( الانسان المجادل ) الى غير ذلك من الالفاظ !! ولقد ذكرني هذا السلوك بالاطفال ، حين يتشاجرون في الحواري ، فيضرب أحدهم زميله ، وحين يسأل الطفل المضروب عن من ضربه ، لا يذكر اسمه وإنما يشير إليه باكياً ظناً منه إن ذكر اسمه مصالحة له !!
    بهذا العجز عن السيطرة على سورة الغضب ، أسرع د. محمد وقيع الله ليرد على تعليقي السابق ، دون ان يتأنى ، أويمهل نفسه ، وزاد من أزمة وقيع الله ، ان بعض قراء (سودانيزاونلاين) وافقوا على نقدي له ، ففوجئ بأن هناك من يدرك مفارقاته العديدة ، من غير الجمهوريين ، فضاق صدره ، وانشغل بالهجوم والمهاترة ، عن لب الموضوع ، فجاء تعقيبه بالاضافة الى السطحية المعهودة ، والافتراءات غير المثبتة ، يطفح بكثير من الاساءات للاستاذ محمود محمد طه ، وللفكرة الجمهورية ، ولشخصي .. وهذا ما لا استطيع ان اجاريه فيه ، لأن كل انسان إنما ينفق مما عنده !!
    الادعاء :
    لقد ادعى وقيع الله ، في المقابلة ان الاستاذ محمود ، قد كان متحاملاً ، ومحرفاً ، ومعادياً للاسلام ، لأنه انكر الصلاة ، والصيام ، والحج، فطلبنا منه البينة .. وكنا نظن انه فهم ان المطلوب منه ، ليثبت صدق ادعائه ، ان يورد لنا من كتب الاستاذ محمود ، ما يؤيد هذه الاتهامات .. وبدلاً من ذلك ، أخذ يكرر نفس مزاعمه ، وكأن تكرارها سيقنع القراء بصحتها ، أسمعه يقول (لقد استنكر مجادلي هذا اني هجمت على شيخه وقلت انه متحامل على الاسلام ولم ابين" كيف كان الاستاذ محمود متحاملاً أو محرفاً او معادياً للاسلام ". ولو قرأ مجادلي هذا قولي بوعي كامل لاستنبط الحيثيات التي بنيت عليها القول ، فإني قلت ان محموداً عمل على تقويض اركان الاسلام وهدم دعائمه الكبرى فانكر الصلاة والصيام والزكاة والحج، فهل من تحامل او تحريف او عداء للاسلام أشد من هذا أو أسوأ ؟) !!
    فهل مجرد قول وقيع الله ، بأن الاستاذ قد انكر دعائم الاسلام ، يعتبر حيثيات يمكن ان يطلقها في الهواء ، ثم يقرر على اساسها ، بأن الاستاذ محمود معادٍ للاسلام ؟! أم ان هذه الدعاوى تحتاج الى اثبات من كتب الاستاذ محمود ، لتصبح بعد ذلك ، حيثيات تناقش ، فتقبل او ترفض ، على اساس الفهم ؟! ان الحقيقة هي ان الاستاذ محمود قد شرح الصلاة ، ودعا لها ، وكتب عنها ، بمستوى رفيع لم يوفق اليه غيره ، وشرح الصيام ، ودعا له ، ولم ينكر الحج ، بل نبه لانحراف الناس به ، عن مضامينه الحقيقية ، ولم ينكر الزكاة ، بل دعا الى ارفع مستوياتها ، في زكاة العفو التي كان عليها عمل النبي صلى الله عليه وسلم .. ولهذا فإن مهمة وقيع الله ، لإثبات غير ذلك ، مهمة نعتقد انها مستحيلة ، وهذا هو الذي جعله ينحرف منها لتكرار ما ذكره من قبل !!
    ويواصل وقيع الله ( لقد قلت هذا في الحوار الصحفي عرضاً وقبل ذلك قلته مستفيضاً في إطار البحث الذي نشرته (الصحافة) قبل شهور عن الفكر الجمهوري، ونشرته بعض المواقع الالكترونية مشكورة نقلاً عنها، وعلق عليه بعض الافاضل وغيرهم ، ولا استبعد ان يكون مجادلي هذا قد اطلع عليه ثم عجز عن مقارعته الحجة بالحجة مكتفياً بملاحقة ظواهر الألفاظ والعبارات في هذا الحوار الصحفي العفوي الذي اجراه معي الاستاذ شعيب في نهاية يوم عمل صاخب...) !!
    أما انا فقد قرأت حلقتين ، مما اسماه وقيع الله بحثاً ، ولم اجد فيه أي شئ من مقومات البحث ، وانما هي اتهامات وافتراءات ، تقوم على سوء الفهم ، وسوء التخريج ، ساقها بلا دليل ، كما فعل في مقاله هذا .. ولقد نشرت في جريدة رأي الشعب ، ولقد وعدوا بنشر اربع حلقات ، ولكنهم توقفوا عن النشر، فلم اعثر على بقية المقالات ، التي كنت انوي التعقيب عليها .. فلماذا لم يقتطف لنا وقيع الله ، هنا ، ما يدعم به زعمه ، ان كان في ذلك البحث ، إضافة- على ما أورد في المقابلة - يثبت بها ان الاستاذ محمود ، قد قال ما نسبه اليه ؟! لم يفعل ذلك لأن الحوار قد كان عفوياً و ( في نهاية يوم عمل صاخب ) !! أما كان من الممكن ان يعتذر بأنه متعب ، فيؤجل اللقاء ، بدلاً من ان يدخل فيه ويضطر الى إلقاء التهم جزافاً ، وهو عاجز عن اقامة الدليل عليها ؟!
    الجد والهزل :
    لقد زعم د. محمد وقيع الله ، في المقابلة ، انه يختلف مع كل ما كتب الاستاذ محمود ، ولا يتفق معه ، الا في (حروف الجر والنصب والتسكين) !! ولعله جنح الى تلك المبالغة المفرطة ، من باب الاستهزاء ، والهزل .. ولكن أمر الدين كله جد ، ولا مكان فيه للهزل . ومهما ساق وقيع الله ، من مبررات ، فإن حديثه ذاك ، اما ان يكون حقا ، او ان يكون كاذباً فيه ، وليس للكذب في الدين تبرير يسوغه ، وان كان الهزل والمبالغة . ولقد اوردت له نصاً من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام هو ( عندما استعلن النور الالهي بمحمد الأمي من جبال مكة في القرن السابع الميلادي ، اشرقت شمس مدنية جديدة بها ارتفعت القيمة البشرية الى قمة لم يسبق لها ضريب في تاريخ البشرية . ولقد قامت تلك المدنية الانسانية الجديدة على انقاض المدنية المادية الرومانية في الغرب ، وعلى انقاض المدنية المادية الفارسية في الشرق ، ولقد بلغت هذه المدنية الانسانية الجديدة أوجها ، من الناحية النظرية على الأقل ، غداة أنزل الله تعالى على نبيه الآية التي صدرنا بها هذا السفر ، وهي قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)" وسألته ان كان يختلف مع كل ما ورد في هذا النص ما عدا (حروف الجر والنصب والتسكين) ..
    ولو كان وقيع الله صادقاً ، لوقف عند هذا النص ، ولاعترف دون مكابرة ، بأنه كان يقصد انه يخالف ما ورد في كتب الاستاذ محمود ، ويقصد بذلك مجمل الأفكار، ولا يعني ما قاله بالتحديد ، من انه لا يقبل من كتب الاستاذ الا (حروف الجر والنصب والتسكين) .. ولما احتاج بعد ذلك ، الى هذه المرافعة الطويلة الفاشلة ، التي يبدأها باستثناء جديد ، لم يذكره قبلاً ، وهو الآيات القرآنية .. ثم يختم حديثه ، بأن قوله هذا من باب المجاز، الذي اتى به لمعرفته باللغة العربية ، التي يتهمني بالجهل بها ، وهو يظن ان المعرفة باللغة ، تعطيه الحق في هذا .
                  

11-26-2006, 03:25 AM

Mohamed Adam
<aMohamed Adam
تاريخ التسجيل: 01-21-2004
مجموع المشاركات: 5195

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !! (Re: خالد عويس)

    هَلا تَفضَلتَ أخِي خَالِدْ
    ِإنزالْ خِيّطْ الحِوارْ بِهذا البُوستْ.




    مَوَدّتِي.
                  

11-26-2006, 08:48 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48787

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الدليل على أن الأستاذ محمود دعا للصلاة وشرحها (Re: خالد عويس)

    الأخ العزيز خالد عويس،

    تحية المودة والإعزاز
    لقد أوجز الأخ القراي القول:
    Quote: ان الحقيقة هي ان الاستاذ محمود قد شرح الصلاة ، ودعا لها ، وكتب عنها ، بمستوى رفيع لم يوفق اليه غيره ، وشرح الصيام ، ودعا له ، ولم ينكر الحج ، بل نبه لانحراف الناس به ، عن مضامينه الحقيقية ، ولم ينكر الزكاة ، بل دعا الى ارفع مستوياتها ، في زكاة العفو التي كان عليها عمل النبي صلى الله عليه وسلم .. ولهذا فإن مهمة وقيع الله ، لإثبات غير ذلك ، مهمة نعتقد انها مستحيلة ، وهذا هو الذي جعله ينحرف منها لتكرار ما ذكره من قبل !!


    أرجو أن يتدارك الدكتور محمد وقيع الله أمره.. وأحب أن أهدي الدكتور محمد وقيع الله هذه الفقرة من كتاب "رسالة الصلاة" للأستاذ محمود محمد طه.. وهي تبين كيف شرح الأستاذ محمود الصلاة ودعا إلى تجويدها..
    ولك شكري
    ياسر


    Quote: أول ما يقال أن الصلاة هي أشرف عمل العبد، وأنه يجب أن يؤخذ كل ما يتعلق بها مأخذ الجد التام.. فالحضور فيها يجب أن يكون تاما جهد الطاقة، وأن تكون الطاقة مبذولة باستمرار ليطول الحضور فيها، وإنما يكون الحضور فيها قبل الدخول فيها، ومن أجل ذلك شرعت الطهارة الكبرى، أو الصغرى قبلها، مائية كانت، أو ترابية، وقصد منها إعداد القلب ليدخل فيها بحضور.. والنجاسة، في الأصل، ليست نجاسة الأعضاء الحسية بالحدث، وإنما هي نجاسة القلب بالغفلة عن الله. وإنما جعلت النجاسة الحسية دليلا عليها.
    قال السيد المسيح ((ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان. بل ما يخرج من الفم.. هذا ينجس الانسان)) يشير بما يدخل الفم إلى النجاسة الحسية، التي تكون من فضلات الطعام والشراب. ويشير بما يخرج من الفم إلى كلام المتكلم فيما لا يعنيه، أو فيما لا يعلم ((إذ تلقونه بألسنتكم، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم، وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم)) ويقول المعصوم ((إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد سائره، ألا وهي القلب)).
    وقد فرض الشارع الطهارة الصغرى بالماء، أو بالصعيد نائبا عن الماء، عند تعذره، أو عند تعذر استعماله، في حالة النجاسة بخروج الغائط، أو البول، أو الريح، أو النوم أو حالة النسيان. وفرض الطهارة الكبرى بالماء، أو بالصعيد نائبا عنه، عند تعذر وجوده، أو تعذر استعماله، عند الجماع، أو الاحتلام، أو الإغماء، أو الدخول في الإسلام.
    ويمكن رد كل أولئك إلى الغفلة.. فالأمر فيهما يرجع، إما إلى ممارسة لذة البطن، ونتائج تلك اللذة خروج الفضلات، وإما إلى ممارسة لذة الفرج، بالمواقعة، أو الاحتلام، أو ما دون ذلك، والغفلة دائما تصحب ممارسة اللذة.
    وقد أوجب الغسل على المشرك إذا دخل الإسلام، لأنه كان غافلا عن الله، الغفلة الكبرى، حين كان مشركا، وأما الغفلة في حالة الإغماء، أو حالة النوم، أو حالة النسيان، فأمرها واضح.
    فالنجاسة، إذن، إنما هي نجاسة القلب بالغفلة عن الله، وإنما جعلت النجاسة الحسية عليها دليلا، وعندما شرعت الطهارة الحسية للأعضاء الحسية، بالماء الحسي، إنما أريد أن تكون هذه الطهارة بمثابة القشرة، ولبتها الطهارة المعنوية للأعضاء الباطنية - القلب والعقل- بالماء المعنوي، وهو العلم.. يقول تعالى: ((أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها.)) الماء الحسي معروف، والأودية الحسية معروفة، ولكن من الناحية الباطنية الماء القرآن والأودية القلوب. ((فسالت أودية بقدرها.)) يأخذ كل قلب من القرآن طاقته من النور.
    فإذا أردت أن تحضر في الصلاة فيجب أن تحضر في الوضوء، ويجب أن تعرف له من الحرمة ما تعرف للصلاة تماما، لأنه طرف منها، فهو يبطل بما تبطل به الصلاة.
    والنية في الوضوء متنقلة مع غسل الأعضاء.. فلا يكفي فيها أن تقول عند الشروع في الوضوء، سواء بحضور أو بلا حضور، ((نويت أن أتوضأ)) مثلا، ثم تذهب في ثرثرة أو غفلة، تجول أثناءها في آفاق بعيدة، بينما تتحرك أعضاؤك في الوضوء، بشكل تمليه العادة فقط.
    إذا كنت تريد الوضوء حقا فيجب أن تسير الطهارة المعنوية مع الطهارة الحسية، متنقلة مع كل عضو.. فعندما تغسل أي عضو من الأعضاء تذكر، ماذا أدخل هذا العضو على القلب من ظلام؟ لأن أبواب القلب على الخارج، التي منها يدخل على القلب النور، أو يدخل عليه الظلام، إنما هي هذه الجوارح، التي ينصب عليها ماء الوضوء.
    عندما تغسل يديك تذكر، ما اقترفت بهما قبل مجلسك ذلك للوضوء؟ هل بطشت بهما ببريء؟ هل أخذت بهما حقا ليس بحقك من حقوق الناس أو من أعراضهم؟ هل قبضتهما عن نصرة مظلوم، أو هل قبضتهما عن بسط الخير لمحتاج؟ فإذا تذكرت شيئا من هذا، فاستشعر الندم، واعتزم التوبة، واستغفر الله. وإذا تذكرت حسنة فأخرج نفسك من رؤيتها وانسبها لله، ولحسن توفيقه إياك واشكره عليها. وليكن فرحك بالله لا بعملك. فإذا انتقلت إلى الفم ففكر في الأسنان وما مضغت، هل كان حراما أم حلالا؟ وفكر في اللسان، ترجمان القلب.. هل تحدث فيما لا يعنيه؟ هل اغتاب الناس، هل صمت عن قولة الحق، وعن نصرة المظلوم، وعن تلاوة القرآن؟ فإذا تذكرت شيئا مما تكره، فاستشعر الندم، واعتزم التوبة، واستغفر الله. وافعل مثل ذلك عند الأذن.. استرسالها في سماع الغيبة وفي سماع اللهو، وانقباضها عن سماع القرآن، وقولة الحق، وكذلك العين.. هل نظرت إلى محرم، أو غمزت عرض أحد، أو لم تنظر في المصحف؟ وكذلك الأنف، مظهر الأنفة، والعزة، هل ترفعه على خلق الله تكبرا، أم تضعه لله في الرغام، ذلا وتعبدا؟ والرأس ماذا يحوي؟ هل علما ينفعك وتعمل به، أم قشورا تضرك ولا تنفعك؟ وإذا انتقلت إلى الرجلين تذكر، هل مشيت بهما إلى المساجد، وإلى مواطن العلم، والذكر، وهل تمشي بهما في حاجة الناس، وفي مواصلة الجيران؟ هل حملتاك نحو فاحشة، أو حرام، أو عمل لا يرضى عنه الله؟؟ وكلما ذكرت عملا، من هذه الأعمال التي لا ترضي الله، فأكثر من الاستغفار، وصحح عزم التوبة، وإذا تذكرت عملا يسرك فلا تعظم من عملك، ولا تقف عنده طويلا، ولا تنسبه لنفسك، بل اشكر الله عليه، أن وفقك إليه بمحض فضله، بدون استحقاق منك لذلك التوفيق.
    ولا يظنن أحد، أن هذا العمل الذي ذكرناه، يستغرق وقتا طويلا، فإنه يحدث في وقت الوضوء العادي، والذي يجب أن يكون متصلا، وفوريا، ولا يجب، بالطبع، أن تذكر كل كبيرة وصغيرة، وخصوصا في بادئ أمرك.. وإذا انشغلت بجرم كبير اقترفته إحدى الجوارح استغرق كل وقتك، أثناء الوضوء - تقلبه، وتستهوله، وتستدركه بالندم والتوبة والاستغفار، فإنه يكفي.. فالأمر المهم هو إقبالك على قلبك بالتطرية والتليين.. وإذا نوعت بقراءة القرآن، أثناء الضوء وأنت حاضر يواطئ قلبك لسانك، فأنت بسبيل مما تريد ههنا.. ثم إنه، مع طول المران في هذه المحاسبة، فإن المخالفات تقل، والانحصار يزداد، وشريط الأعمال يمر بسرعة، يلين القلب، ويستجيب، لأنه لازم الحضور كثيراً.
    فإذا فرغت من وضوئك، بهذه الصورة، يكون قلبك قد تطهر بنور العلم، ولان بنار الندم، وتكون أعضاؤك قد تطهرت بالماء، فإذا ما قمت للصلاة، فإنك وشيك أن تحضر فيها، بجمعية مناسبة.
    ثم إنك إذا شرعت في الصلاة، فاعلم أن للصلاة حضرتين.. حضرة الإحرام، وحضرة السلام، وأن لكل من هاتين الحضرتين أدبها الذي لا تصلح إلا به.
    فأما حضرة الإحرام، فتبدأ عند شروعك في الصلاة بتكبيرة الإحرام، وتنتهي عند خروجك منها بعبارة السلام.. وأدبها حسن الحضور فيها مع الله، وستحصل الغفلة بالطبع، وخصوصاً في بداية السلوك، ويصحح أدب الحضور باستشعارك الندم، بعد الصلاة واستغفارك الله بعدها، وعدم رضاك عن نفسك بها، وذلك بنظرك دائما إلى جوانب النقص منها، مهما كانت حالة حضورك فيها، وبنظرك إلى جلال من أنت قائم بين يديه.. فإن العارفين لقدره، عندما ينصرفون من الصلاة، ينصرفون وهم يستشعرون ندم من ارتكب جرما عظيما في العلانية، وقد اطلع عليه الناس. وعند ذكرك الثلاث تسبيحات، ثلاثا وثلاثين مرة.. سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فعند ((سبحان الله)) نزهه أن تكون صلاتك تلك في مستوى استحقاقه منك، وعند ((الحمد لله)) استشعر فضله، إذ أنه لم يطردك من حضرته مع سوء أدبك معه، حين جرت بقلبك الغفلة وأنت بين يديه، مع أنك، لو كنت واقفا أمام ضابط المجلس البلدي، في بعض حاجات دنياك، تكون في حالة حضور تام لما يقول لك في شأن حاجتك تلك.. ثم أنت، أمام ملك الملوك، غافل عن كلامه، إذ يكلمك.. تقرأ باللسان، والقلب غايب. وعند ((الله أكبر)) تأكد تماما أن الله أكبر من أن تكبره أنت، في جميع تكبيرات صلاتك، وفي جملة صلاتك، فبمثل هذا الشعور بالذل والقصور، يتم أدبك في حضرة الإحرام.. ويكون طريق العبودية أمامك ممهدا وميسرا..
    ثم ما ينبغي أن يدفعك استشعار القصور إلى اليأس، بل إلى إصلاح النقص دائما، وإلى انتظار الخير من فضل الله لا من عملك، فيكون نظرك إلى الفضل لا إلى العمل فقد قال المعصوم ((لا يدخل أحدكم بعمله الجنة)) قالوا: ولا أنت:؟؟ قال: ((ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته)).
    وأما حضرة السلام، فتبدأ بعبارة السلام للخروج من حضرة الإحرام، وتنتهي عند تكبيرة الإحرام للدخول في الصلاة المقبلة.. فهي الصلاة بين الصلاتين.. هي الصلاة الوسطى، التي قال تعالى عنها ((حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين)) يعني حافظوا على الصلوات الخمس المكتوبة بتمام أدائها لمواقيتها، وكمال أركانها ((والصلاة الوسطى)) هي معاملة الناس بين الصلاتين المكتوبتين بمعاملة الله فيهم ((وقوموا لله قانتين)) يعني كونوا لله ذاكرين، غير ناسين، في كل مقام تقومونه، في المنشط والمكره، وفي متقلبكم ومثواكم، وأثناء أخذكم وعطائكم، في معاملاتكم بعضكم بعضا، في أمور معاشكم، وفي أمور معادكم.
    ولهذه الحضرة أدب جماعه السلام، وقد أجمله المعصوم في عبارة ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)). ولشمول معنى الحديث قلنا أن ((المسلمون)) تعني كل خلق الله، من الأشياء والأحياء، فإن كل شئ قد خلق بحكمة، ويجب أن نتوخى حكمة الحكيم في مباشرتنا إياه. ((قل أمر ربي بالقسط، وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)) والقسط يعني توخي العدل والحكمة في كل معاملة، ((وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)) يعني أقبلوا بوجوهكم، لا بظهوركم، ومعنى هذا، الإقبال عليه، بالحضرة لا بالغفلة. ((وعند كل مسجد)) يعني في كل حين، لأن المسجد هنا لا يعني البناية المعدة للعبادة المكتوبة فقط، وإنما يعني كل بقعة من بقاع الأرض.. في السوق، وفي الشارع، وفي المكتب، وحيثما تكونوا، لأن الأرض كلها قد جعلت للمسلم مسجدا.. وفي الحق أن المساجد هي الذوات كلها، وخصوصا الذوات البشرية، وبشكل أخص من كان منها مقبلا على الله.. وذلك بأن الله تعالى يقول ((ما وسعني أرضي ولا سمائي وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن)) والمساجد هي بيوت الله.. هي قلوب العباد، بالمعنى العام وبالمعنى الخاص، ومن يفهم شمول القرآن يعرف أن ((وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد)) تعني، عاملوا الأشياء والأحياء، بعناية وتوقير من يقوم في محراب الصلاة المكتوبة. وأدنى مراتب أدب حضرة السلام إفشاء السلام بين الناس، بالإكثار من التسليم عليهم بعبارة ((السلام عليكم)). ولا يكن قوله عن طريق العادة، ولكن بنية المسالمة والمواددة حاضرة في القلب.. ثم يلي إفشاء السلام، كف الأذى عن الناس.. ثم يليه احتمال أذاهم، ثم يليه توصيل الخير إليهم، بالنية الطيبة في الضمير والقول الطيب باللسان، فالله تعالى يقول ((وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان ينزغ بينهم، إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا)) ويقول ((وقولوا للناس حسنا)).
    ثم بالعمل الصالح، والسعي الصالح، في حاجات الناس، والقاعدة ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) أو ((عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به)) أو بما تحب أن يعاملك الله به، يوم فقرك وحاجتك، فإنك كما تدين تدان.
    وهذه الحضرة - حضرة السلام- تتطلب نفس الحضور الذي تتطلبه حضرة الإحرام، وذلك أثناء معاملتك الناس. فإنك تتوخى وجه الله دائما، وتراقب حالك دائما، وقد سميت تلك الهيئة بالمراقبة، وبالمراقبة تكون حال التقوى.. فإن التقوى هي عمل، أو ترك للعمل، ابتغاء وجه الله.. ((ومن يتق الله يجعل له فرقانا)) و ((الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه. هدى للمتقين)) ((واتقوا الله ويعلمكم الله)).
    وستحصل الغفلة في حال المراقبة بالطبع، ويفلت الزمام من بعض الجوارح، وخاصة اللسان، ويقع الخطأ، ويتورط السالك في مخالفة أدب هذه الحضرة - حضرة السلام. ويكون جبر المراقبة بالمحاسبة، التي ذكرناها عند الوضوء، الذي يكون في أخريات حضرة السلام، للتهيؤ للدخول في حضرة الإحرام الجديدة، وفي المحاسبة استدراك لما أفلت من المراقبة، كما يقول أصحابنا. ثم، لجبر سوء الأدب في حالتي حضرة الإحرام وحضرة السلام، لا بد من الصيام، ولا بد من تقليل المنام، وتقليل الكلام.. فإن قلة الطعام، وقلة المنام، يقللان فضول الفكر، وفضول الخواطر، وفضول القول، ومن ثم فضول العمل، ويجعلان القلب متفرغا، للإقبال على الله بجمعيته.
    وهناك أمر يسير، وهين، وخفيف في الأداء، ولكنه عظيم النفع، وقد كان سنة المعصوم، وهو مراقبة تفضيل الميامن على المياسر.. فقد كان إذا دخل المسجد قدم رجله اليمين، وإذا خرج منه قدم رجله الشمال، وكان إذا دخل المرحاض قدم رجله الشمال، وإذا خرج قدم اليمين، وكان إذا نام توسد يده اليمين، واستقبل القبلة، وكان إذا أراد أن ينتعل بعد نهوضه من مجلسه، قدم رجله اليمين، إذا كان النعل ألين من الفراش الذي كان واقفا عليه، أو قدم رجله اليسرى، إذا كان الفراش ألين، وأنعم من النعل. فمثل هذه الأعمال اليسيرة لها عظيم الفائدة في محاربة العادة، التي تسيطر على تصرفاتنا دائما، إذ نتحرك في كثير من أعمالنا بغير وعي، ولا فكر منا، وإنما بما تمليه العادة، وفي محاربة العادة تنشيط للفكر ليحل محلها.. إن آفة كل عبادة أن تكون عادة.. هذه قاعدة ذهبية يحسن تذكرها كثيرا.
    وإيقاظ الفكر هو غرض العبادة، ولذلك فقد قال تعالى ((وأنزلنا إليك الذكر، لتبين للناس ما نزل إليهم، ولعلهم يتفكرون)).
    ((وأنزلنا إليك الذكر)) يعني القرآن و ((لتبين للناس ما نزل إليهم)) يعني لتفصل للناس شريعتهم، ((لعلهم يتفكرون)) يعني لعل العبادة تشحذ فيهم ملكة التفكير ليتولى الذكر توجيهها في مراقيها العليا.
    ثم إن تفضيل الميامن على المياسر هو إعطاء كل ذي حق حقه، وهو وضع الأشياء في مواضعها.. وهو الحكمة، التي هي أخلاق الله.. وقد قال المعصوم: ((تخلقوا بأخلاق الله، إن ربي على سراط مستقيم)) فكأننا بهذا العمل اليسير، البسيط في تقليد المعصوم، قد بدأنا التخلق بأخلاق الله.. وبفضل الله وبتوفيقه ننتقل في معارج الحكمة، حتى نبلغ من هذه البداية الساذجة، البسيطة، مبلغ المعرفة بالله، إذا ما سرنا بعقول مفتوحة، وجعلنا العدل والقسط والاستقامة هي أسلوب معاملتنا للأشياء والأحياء.


    المصدر:
    http://alfikra.org

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 11-26-2006, 09:00 AM)

                  

11-26-2006, 09:50 AM

Samau'al Abusin
<aSamau'al Abusin
تاريخ التسجيل: 04-08-2003
مجموع المشاركات: 527

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !! (Re: خالد عويس)

    الأخ خالد،
    شكرا للفتنا للحوار المهم بهذا العنوان،
    المضلل نوعا ما!!
    ..
                  

11-26-2006, 01:26 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !! (Re: خالد عويس)


    أخي الأستاذ خالد
    تحية عطرة
    وشكرا على لفت النظر لرد د. عمر القراي والذي يبدو أنه بداية لسلسلة من الردود على مقال د. محمد وقيع الله الأخير ..
    سننصب خيمتنا ههنا في انتظار بقية الحلقات
    عمر
                  

11-30-2006, 09:09 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !! (Re: خالد عويس)


    عودة إلى الحوار العجيب !! (2)
    الصحافة 28/11/2006
    د. عمر القراي

    الجد والهزل :
    لقد زعم د. محمد وقيع الله ، في المقابلة ، انه يختلف مع كل ما كتب الاستاذ محمود ، ولا يتفق معه ، الا في (حروف الجر والنصب والتسكين) !! ولعله جنح الى تلك المبالغة المفرطة ، من باب الاستهزاء ، والهزل .. ولكن أمر الدين كله جد ، ولا مكان فيه للهزل . ومهما ساق وقيع الله ، من مبررات ، فان حديثه ذاك ، اما ان يكون حق ، او ان يكون كاذباً فيه ، وليس للكذب في الدين تبرير يسوغه ، وان كان الهزل والمبالغة . ولقد اوردت له نصاً من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام هو ( عندما استعلن النور الالهي بمحمد الأمي من جبال مكة في القرن السابع الميلادي ، اشرقت شمس مدنية جديدة بها ارتفعت القيمة البشرية الى قمة لم يسبق لها ضريب في تاريخ البشرية . ولقد قامت تلك المدنية الانسانية الجديدة على انقاض المدنية المادية الرومانية في الغرب ، وعلى انقاض المدنية المادية الفارسية في الشرق ، ولقد بلغت هذه المدنية الانسانية الجديدة أوجها ، من الناحية النظرية على الأقل ، غداة أنزل الله تعالى على نبيه الآية التي صدرنا بها هذا السفر ، وهي قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" ) وسألته ان كان يختلف مع كل ما ورد في هذا النص ما عدا (حروف الجر والنصب والتسكين) ..
    ولو كان وقيع الله صادقاً ، لوقف عند هذا النص ، ولاعترف دون مكابرة ، بانه كان يقصد انه يخالف ما ورد في كتب الاستاذ محمود ، ويقصد بذلك مجمل الأفكار، ولا يعني ما قاله بالتحديد ، من انه لا يقبل من كتب الاستاذ الا (حروف الجر والنصب والتسكين) .. ولما احتاج بعد ذلك ، الى هذه المرافعة الطويلة الفاشلة ، التي يبدأها باستتثناء جديد ، لم يذكره قبلاً ، وهو الآيات القرآنية .. ثم يختم حديثه ، بان قوله هذا من باب المجاز، الذي اتى به لمعرفته باللغة العربية ، التي يتهمني بالجهل بها ، وهو يظن ان المعرفة باللغة ، تعطيه الحق في هذا التصريح الذي ينطوي على الكذب !
    يقول د. محمد وقيع الله ( وعلى مجادلي هذا الا يندهش اذا اجبته باني بعد ان اخرج الآية الكريمة التي في النص فاني اختلف مع النص على الجملة والتفصيل ) !! لماذا يختلف مع هذا النص جملة وتفصيلاً ؟! يقول ( لأني اقرأ هذا النص المحمودي الخبيث على ضوء مجمل قراءاتي للفكر الجمهوري الذي قرأت فيه اكثر من سبعة وعشرين كتاباً والعبارة المفتاحية التي تدعوني لكي ارفض هذا النص على علاته هي قول محمود محمد طه الاحتراسي : ان المدنية الاسلامية كانت متفوقة من الناحية النظرية على الاقل. فهذه العبارة تفترض بل تتضمن ان هناك رسالتان من دين الاسلام...) !!
    لقد حمل وقيع الله النص ما لا يحتمله ، وفهم منه ان المدنية الاسلامية ، تفوقت نظرياً فقط ، ولم تتفوق عملياً ، لأن التفوق العملي ، سيتم للرسالة الثانية !! هذا ، مع أن النص ، قد كان يتحدث عن القرن السابع الميلادي ، وهو وقت الرسالة الاولى فقط . ان ما قصده النص ، بعبارة من "الناحية النظرية" ، هو ان التفوق على الفرس والروم ، قد تم نظرياً بمجرد نزول الآية ، لأنها آخر ما نزل من القرآن ، وبها اكتمل نزوله ، وهو المشار اليه ببزوغ شمس المدنية الجديدة ، التي فاقت الفرس والروم .. ولكن التفوق العملي ، لم يحدث بمجرد اكتمال نزول القرآن ، وانما جرى في الزمن ، في بقية القرن السابع ، وما تلته من قرون . ومهما يكن من امر المعاني المستكنة ، في هذه العبارة ، فان وقيع الله ، لم يقل انه يخالف كل ما كتب الاستاذ، اعتماداً على تأويله للمعاني الخفية فيه ، وانما قصد انه يخالفه في الظاهر، ولهذا ضرب المثل على ما يوافقه فيه ، وهي ( حروف الجر والنصب والتسكين )، وهي أمور ظاهرة ، لا تحتمل تأويل ..
    يقول وقيع الله ( فهذه العبارة تفترض بل تتضمن ان هناك رسالتان من دين الاسلام ، اولاهما تلك التي كانت في عهد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وعهد صحابته والتابعين الأكرمين ، وهي في نظر محمود رسالة الاسلام السلفية القاصرة القائمة على القرآن المدني الذي لا تصلح احكامه لانسانية القرن العشرين . واما الرسالة الثانية فهي رسالة المؤمنين والاخوان الجمهوريين التي جاء بها محمود في السودان ، والتي كان من المقرر ان تتجلى وتستعلن عند مقرن النيلين بالخرطوم قبل موت محمود النهائي ، وهي التي استشهد صاحبها لصحتها ، بقول الله تعالى ، في القرآن المكي ، سنسمه على الخرطوم ...) !!
    لقد حاورت كثير، من خصوم الفكرة الجمهورية ، ومعارضيها، ولكني لم اسمع من أحدهم ، ان الرسالة الثانية ، هي رسالة المؤمنين والاخوان الجمهوريين .. أو ان صاحبها استدل على صحتها ، بالآية سنسمه على الخرطوم ، يقصد به مقرن النيلين !! فمن أين جاء وقيع الله بهذه الترهات ؟! إن من يقرأ كتاب الرسالة الثانية فقط ، يعلم ان عبارة الرسالة الأولى مقصود بها الشريعة ، التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وان الرسالة الثانية هي سنته . فاذا زعم وقيع الله ، بانه قرأ سبعة وعشرين كتاباً ، من كتب الفكرة ، فسيكون هذا المعنى قد مر عليه عدة مرات ، فلماذا اخفاه عن القراء ليصل لغرضه المبيت في تشويه الفكرة ؟!

    الردة والديمقراطية :
    لقد أخذنا على وقيع الله ، التشدق بالديمقراطية ، والدعوة الى محاكاة الغرب ، في استجلاب مؤسساتها ، مع ايمانه بالردّة .. ثم انه في مقاله هذا ، يتهمني بالوصاية عليه ، وعلى الآخرين ، ويستنكر ذلك ، ولا يشعر بأي تناقض في كل هذه المسائل ، ثم يغضب حين نصفه ، بان في عقله ، مناطق مختلفة لاشياء متضاربة متناقضة !! فاذا كنت تنفر من مجرد فرض وصاية فكرية عليك ، او على غيرك ، باعتبار انك شخص حر، وتتأذى من ان يفرض عليك أحد وصايته ، فلماذا تفرض وصاية على من بدل دينه ، تبلغ حد مصادرة حياته ؟! أليست القناعة الدينية قناعة فكرية ، من حق المواطن في النظام الديمقراطي أن يتبناها ، أو يغيرها متى شاء ؟! أليست كل مواثيق حقوق الإنسان ، تعطي الحق في حرية الإعتقاد ، وترفض اجبار أي شخص ، على البقاء في معتقد يريد ان يغيره ؟! ومن هنا ، من ان حق الاعتقاد حق اصيل من حقوق الانسان ، وان الديمقراطية لازمة لا تنفك عنها ، فان أي حديث يدعي الديمقراطية ويؤمن بالردّة ، انما هو هراء باطل ، لا يقول به عاقل ..
    أما من الناحية الدينية ، فان الردّة لا مكان لها في أصل الإسلام .. ولكن وقيع الله لا يدرك ذلك ، ولهذا يقول ( لقد حلا لهذا الانسان الجدلي المنافح عن ضلال الشيخ وردته ان يأخذ آية من القرآن الكريم ويستشهد بها على اباحة الكفر وصحته ويتجاهل غيرها من النصوص المحكمة التي تمنع الكفر وتشجبه وتحاربه ) !!
    والحق انه ليس هناك آية تقول بصحة الكفر- كما زعم وقيع الله في الفقرة أعلاه - ولكن هناك آيات تعطي حق الكفر، وتمنع اجبار الكافرين على الايمان، تقديساً للحرية الانسانية ، ومنها قوله تعالى ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) !! وقوله (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) !! وقوله ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) !! وقوله ( فذكر انما انت مذكر* لست عليهم بمسيطر) !! وهناك آيات أخرى ، تصادر حق الحياة ، بسبب الكفر، فلا تعطي فرصة للكافرين في الحياة ، اذا لم يدخلوا في الدين ، وبذلك تهدر الحرية الانسانية ، ومنها قوله تعالى ( فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فان تابوا واقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ) وقوله ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فان الله بما يعملون بصير) وقوله ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) وقوله ( ياايها الذين آمنوا اذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) ، وغيرها كثير ..
    إن وجود هذه الآيات ، التي تبدو لدى النظر السطحي متناقضة ، لا يواجهني .. لانني أؤمن بان القرآن مستويين ، وان الآيات التي اعطت الحرية ، وانسجمت بذلك مع حقوق الانسان ، هي آيات أصول .. وان الآيات التي لم تعط الحرية ، وتصادرالحياة بسبب الكفر، آيات فروع .. وان آيات الفروع ، قد ناسبت القرن السابع الميلادي ، والقرون التي تلته مما هي مثله.. وان آيات الاصول ، التي اعطت الحرية ، انما تناسب عصرنا الحاضر .. ولكن السؤال الذي يواجه وقيع الله ، وامثاله من السلفيين ، هو كيف يفسرون هذا التناقض؟! وهل لديهم مخرج غير فكرة المستويين ، وهي الفكرة الاساسية ، التي أتى بها الرجل الذي تجنى عليه جهلاً ، واتهمه بالردّة ؟!
    واذا كان وقيع الله ، يرفض هذا الفهم ، ويزعم انه يطبق القرآن كله ، والاحاديث النبوية كلها ، دون اعتبار لاختلاف العصر، الذي يبرر الانتقال من الفروع الى الأصول ، فلماذا لم يبدأ بقتل من جاوره من النصارى ، في دار الحرب التي يقيم بها ، حتى يعطوا الجزية ، إمتثالاً لامر الله تبارك وتعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )؟! لماذا لم يقاتل عبدة الاوثان ، من اصحاب الديانات الشرقية ، القريبين منه ، نزولاً عند قوله تعالى ( قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة )؟! ولماذا لم يطبق حديث ( من راى منكم منكراً فليغيره بيده ..الخ ) ، فيحطم أول بار، يجده أمامه ؟!
    فإذا ظهر لوقيع الله ، عجزه عن تطبيق هذا المستوى من الدين ، فليكف عن ادعائه ، حتى لا يحيق به المقت الإلهي ، الذي ورد في قوله (ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون* كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) !!
    يقول وقيع الله عني ( نقرأ له ما يكتبه في مواجهة خصم له من المسلمين وهو البروفسير خالد المبارك فيستشهد في حقه بقول الله تعالى " ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ، ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ". فهذه الآية الكريمة التي نزلت في حق الكفار ، بل شر أنواع الكفار على الاطلاق ،لا يجوز ان يخاطب بها الا الكفار، ولا يجوز ان يخاطب بها المسلمون على الاطلاق) !! ولأن وقيع الله يأخذ المسائل كمسلمات مطلقة ،دون التعمق فيها ، فانه يطالبني بالاعتذار، لايراد الآية في مقال الرد على د. خالد المبارك .. فهل القول بان الآية آنزلت في حق الكفار، حقيقة مطلقة ، ام انه رأي بعض المفسرين ، حين رأى غيرهم ، غير ذلك ؟! جاء في التفسير (وقيل المراد بهؤلاء نفر من بني عبد الدار من قريش روي عن ابن عباس واختاره ابن جرير وقال محمد ابن إسحق هم المنافقون) (تفسير ابن كثير ?الجزء الثاني ص 284-285) .. وحتى اذا كانت الآية قد نزلت في حق الكفار، فما الذي يمنع ان تذكر في حق شخص مسلم ، اذا كان يشبههم في صفة الإعراض عن الحق، بعد أن يبين له ؟!
    وما دام وقيع الله يثني على نفسه كثيراً ، بانه يعرف لغة الضاد ، ويحدثنا محاوره الصحفي ، انه يدرس في قسم الدراسات الاسلامية ، فليعلم ان الكفر نفسه ، يمكن ان يوصف به المسلم ، لأنه لا يعني ، دائماً ، انكار الله ، او الخروج على تعاليم الدين .. وانما يعني في الاساس ، اخفاء الحقيقة ، ولما كان وجود الله ووحدانيته ، اكبر الحقائق ، فان اخفاءهما او انكارهما ، اعتبر اصطلاحاً كفراً.. ويتفاوت الكفر، بعد ذلك ، حسب الحقيقة التي غطاها الكافر، حتى يصل الى مجرد عدم شكر النعمة ، فهو وان كان كفراً فانه لا يخرج صاحبه من الملة.. ومن ذلك قوله تعالى (ولقد آتينا لقمان الحكمة ان اشكر لله ومن شكرفانما يشكر لنفسه ومن كفر فان الله غني حميد ) وقوله ( يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكرويسارعون في الخيرات واولئك من الصالحين * وما يفعلوا من خيرفلن يكفروه والله عليم بالمتقين ) .. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، عن النساء المسلمات ، ( انكن تكفرن العشير... ) !! فاذا وضح ذلك ، فإننا قد نفتتح حديثنا ، بآية ترد فيها كلمة " الكافرين" ، في مناقشة شخص مسلم ، إذا أخفى حقيقة ، أو جحد نعمة ، ما كان له ان يتناساها ..
                  

11-30-2006, 09:12 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !! (Re: خالد عويس)


    عودة إلى الحوار العجيب !! (3)
    الصحافة 29/11/2006
    د. عمر القراي

    المدنية والحضارة :
    وعن سبب رفضه للنص الذي أوردته له ، من كتاب الرسالة الثانية ، يقول د. محمد وقيع الله ( لم يحسن صاحبه استخدام المصطلحات ف (التمدن) وهو المصطلح الذي استخدمه يعني الجانب المادي من التطور الإجتماعي وبالتالي فانه حصر بقوله هذا رسالة الإسلام وانجازه التاريخي في هذا الجانب المادي القاصر من جوانب الرقي الاجتماعي ولو استخدم محمود مصطلح التحضر لاصاب لأن التحضر يعني الجانب الثقافي والروحي ) ..
    هذا ما قاله وقيع الله ، وهو عكس الحقيقة تماماً . فكلمة (المدنية ) ، و( التمدن) ، مأخوذة من العيش في المدينة . ولقد انتقلت الحياة البشرية ، إلى المدينة من الغابة ، عبر تطور وئيد .. ففي الغابة ، القوة تصنع الحق وتتقاضاه ، وليس هناك قانون ، وإنما القوي يأكل الضعيف .. أما في المدينة ، فان القانون يحمي الضعيف ، من بطش القوي ، وبفضله انماز الحق عن القوة .. والعيش في المدينة ، يقتضي مراعاة القانون ، والسلوك وفقه ، ثم رعاية الأخلاق ، التي تمثل الجانب الأرفع من القوانين .. وهذا يحتاج الى تربية ، وتثقيف ، لهذا فان (التمدن) قيمة روحية وثقافية . أما التحضر، فتعني العيش في الحضر، في مقابل البدو أو الريف .. والحضر أسهل عيشاً ، وألين حياة ،من البدو، وذلك لأن في الحضر تتوفر الوسائل المادية ، التي تزيد من يسر الحياة ، ولينها ، مما لا يتوفر في الريف ، ولهذا يهاجر سكان الريف الى الحضر . فالحضارة إذا، هي التقدم المادي ، والمدنية هي التقدم الروحي أو الاخلاقي . وحين اورد الاستاذ محمود عبارة (التمدن) ، فانه قد كان منسجماً تماماً مع فكره ، وذلك لأنه قد قال (المدنية غير الحضارة ... فالمدنية هي قمة الهرم الاجتماعي والحضارة قاعدته ... ويمكن تعريف المدنية بانها المقدرة على التمييز بين قيم الاشياء ، والتزام هذه القيم في السلوك اليومي ، فالرجل المتمدن لا تلتبس عليه الوسائل مع الغاية ، ولا هو يضحي بالغاية في سبيل الوسيلة . فهو ذو قيم وذو خلق ...,اما الحضارة فهي ارتفاق الحي بالوسائل التي تزيد من طلاوة الحياة ، ومن طراوتها .. فكأن الحضارة هي التقدم المادي ، فاذا كان الرجل يملك عربة فارهه ، ومنزلاً جميلاً ، واثاثاً أنيقاً ، فهو رجل متحضر ، فاذا كان قد حصل على هذه الوسائل بتفريط في حريته فهو ليس متمدناً ، وان كان متحضراً .. ) (الرسالة الثانية صفحة 20-22) .. فاذا وضح هذا يتضح خلل فهم وقيع الله فيما ذهب اليه ..

    لم يستو الفهم :
    إن مشكلة الحوار مع وقيع الله ، هي عدم امكانية محاكمته الى الفكر الإسلامي ، الذي ذكر انه ينتمي له ، وذلك لأنه لا يفهمه ، وما يفهمه منه لا يود التقيد به .. ومن ابلغ الامثلة على ذلك ، انه حين ادعى ان الاستاذ محمود يهدم الإسلام ، ويتحامل عليه ، وان أفكاره تقوم على تقويض اركان الإسلام ، ذكرت له، أن قوله هذا ، يناقض ما ذكره من ان الاستاذ مفكر كبير، وفكره عميق، فلم يقبل ذلك وقال ( نعم لقد قلت ذلك وهو صحيح فالانسان قد يكون مفكراً عميقاً وصاحب افكار كبيرة ويكون مع ذلك معادياً للاسلام. وهذا القول نفسه يمكنني ان اردده عن مستشرقين كبار قضوا حياتهم في الكيد للاسلام ومحاولة هدمه من أمثال ....)!!
    يقص علينا تعالى، عن الكفار يوم القيامة ، بعد أن يظهر لهم خطأهم ، فيقول : ( قالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير* فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير)!! ولكن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا ، يسمعون ، ويعقلون ، ويدبرون كافة أمورهم ، ويكيدون للمسلمين ، أشد الكيد .. فلماذا وصفوا بعدم العقل ؟! السبب ان هناك عقلين : عقل معاش وعقل معاد !! وعقل المعاش ، هو الذي يدبر امور الدنيا ، ولكنه يغفل عن الآخرة .. وعقل المعاد، هو الذي يذكر الانسان بالآخرة ، ويحثه للعمل لما بعد الموت .. وانما يفهم الدين بعقل المعاد ، ولذلك فان صاحبه هو وحده، ذو الفكر العميق .. ولا عبرة عند الله ، بعقل المعاش ، أو العلم الذي يحصله ، وفي هذا يقول جل من قائل ( وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) !! فنفى عنهم العلم ، ثم اثبت لهم علماً بظاهر الحياة الدنيا ، لم يمنعهم عن ان يغفلوا عن الآخرة .. وهذه الغفلة عن الآخرة ، هي التي جعلت الله يعتبرهم غير عالمين ، مهما كان حظهم ، من تحصيل العلم بأمور الدنيا ، ومقدرتهم على الكيد فيها .. ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم ، الشخص العاقل فقال ( العاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) !! فهل المستشرقين ، الذين ذكرهم لنا وقيع الله هنا ، واتهمهم بالكيد للإسلام ، يعتبروا عاقلين حسب التعريف النبوي الكريم للعاقل ؟! فان لم يكونوا عقلاء ، حسب تعريف النبي صلى الله عليه وسلم ، فان وصفهم بعمق الفكر، لا يعدو ان يكون ضرباً من السطحية ، وقصر النظر ..
    واذا كان وقيع الله ، يعتبر الأستاذ محمود متحاملاً على الإسلام ، فالمتحامل شخص غير محايد ، وعدم الحياد الفكري ، لا يمكن ان يوصف صاحبه بعمق الفكر.. واذا كان يظن ان الاستاذ محمود يهدم اركان الإسلام ، فهذا يعني انه لا يعمل لآخرته ، ومن ثم ، ينبغي أن لا يعتبره مفكراً ، ولا عميقاً ، لو كان وقيع الله يحتكم للمعايير الإسلامية ..

    لماذا تعارض فكرة لا تعرفها ؟؟ :
    يقول وقيع الله (ثم اني لا اعدم سبباً آخراً اكشف به تناقض هذا النص وتهافته ، فبينما يشهر صاحبه رفضه الصريح الدائم للقرآن المدني فانه هنا قد سها سهوة جبارة كبرى هذا حيث استشهد على دعواه بقرآن مدني بل هو باتفاق علماء المسلمين من بعض آخر ما نزل من الذكر الحكيم ) !! هذا ما قاله وقيع الله ، فهو قد فهم من قراءته للفكر الجمهوري، أن هذا الفكر يرفض كل القرآن المدني ، وهكذا ظن جهلاً، أن الاستشهاد بالقرآن المدني "سهوة جبارة كبرى" !! فما ظن وقيع الله ، إذا أخبرناه أن آية الزكاة الكبرى ، التي يدعو لها الأستاذ محمود ، وهي قوله تعالى ( ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) آية مدنية ، وآية المساواة بين الرجال والنساء ، التي يطرحها الجمهوريون ، كبديل عن القوامة ، وهي قوله تعالى ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ) آية مدنية ، وان آيات الحدود والقصاص ، التي قال الأستاذ محمود بإبقائها دون تطوير آيات مدنية ؟! فإذا كانت هذه المعلومة ، تشكل صدمة لوقيع الله ، لأنها جديدة عليه ، فلماذا يعارض وقيع الله فكرة لا يعرفها؟! لقد شرحت كل كتب الفكرة الجمهورية هذه القاعدة الأساسية ، وهي أن القرآن قد نزل على مستويين : قرآن الأصول وقرآن الفروع .. ولقد بدأ النزول بقرآن الأصول ، في مكة ، لمدة ثلاثة عشر عاماً ، قامت فيها الدعوة على أساس الإسماح ، وحرية العقيدة ، وعدم القتال ، والمساواة بين المسلمين وغير المسلمين.. وهذه القيم الإنسانية الرفيعة وردت في القرآن المكي ، وحين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة ، نسخ هذا المستوى الرفيع ، بالقرآن الفرعي ، الذي تنزل من الأصول، ليناسب مستوى الناس ، في ذلك الزمان ، حيث فرض الوصاية بديلاً عن الحرية ، والجهاد بديلاً عن الدعوة بالتي هي أحسن ، وعدم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين بديلاً عن المساواة .. ولكن هذا الأمر، لم يحدث في يوم وليلة ، وإنما تدرج حتى اكتمل خلال عشر سنوات .. فالآيات التي نزلت في أول العهد ، بالمدينة ، خاطبت الناس بما كان عليه حالهم في مكة ، فجاءت تحمل روح القرآن المكي .. ولهذا افتتحت سورة النساء بقوله تعالى " يا أيها الناس " مع أن ذلك من علامات القرآن المكي .. ولقد ورد في كتب الجمهوريين ، أن الفرق بين القرآن المكي والمدني ، ليس هو اختلاف مكان أو زمان النزول ، وإنما اختلاف مستوى المخاطبين ، واعتبارهم من حيث المسؤولية التي تعطي الحرية ، أو القصور الذي يوجب الوصاية .. وسبب التداخل بين القرآن المكي والمدني ، هو التداخل بين الإسلام والإيمان ، ذلك أن التدرج في المراقي ، من الإيمان نحو الإسلام ، لا ينفصل السالك في مضماره ، فصلاً تاماً ، وإنما ترقي يختلف صاحبه ، في كل مرحله، اختلاف مقدار لا اختلاف نوع ، عن المرحلة التي تليه..
                  

12-03-2006, 07:53 PM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عمر القرّاي في "مهزلة فكرية" على عادة الجمهوريين !! (Re: خالد عويس)

    عودة إلى الحوار العجيب !! (4)
    بين وقيع الله والترابي
    د. عمر القراي

    حين سئل وقيع الله في الحلقة الأولى ، من الحوار، ذكر بأنه مؤمن بأفكار الاتجاه الإسلامي ، ولكنه غير منظم ، لأسباب في طبيعته الشخصية ، كنت قد علقت عليها ، في ردي السابق.. ثم ذكر انه لا يعتبر الترابي مجتهداً ، وفي الجزء الثاني من الحوار، سئل عن اجتهادات الترابي الأخيرة ، فقال ( هذه الاطروحات لم يفصح عنها الترابي بشكل علني من قبل ... وهذه الاطروحات الشاذة وغيرها مما يصرح به الترابي الفينة بعد الفينة كفيل بتحويل ما يسمى بالمؤتمر الشعبي الى نحلة جدلية نظرية مشغولة بمسائل غير واقعية وكل ما اخشاه هو ان يتحول تنظيم المؤتمر الشعبي الى تنظيم مغلق كتنظيمات الرافضة والقرامطة والجمهوريين ) وحين سأله الاستاذ صلاح شعيب ( هل هذا يعني انك لا توافق على فتاويه الاخيرة التي تتطرق لمسائل العقيدة ؟ ) أجاب بقوله (قطعاً انني غير موافق عليها وهذه الفتاوي ليست مفيدة ولا مطلوبة ومسائل العقيدة لا تطرح للاجتهاد بله الجدل العقيم الذي غايته اغاظة الخصوم ومخالفة الجمهور ) وحين ألح عليه صلاح شعيب ، بسؤال آخر عن الترابي ، ضاق ذرعاً من ذلك ، وقال ( ياخي خلينا نخرج من الموضوع دا ) !!
    أما أنا ، فلن ادعه يخرج منه ، حتى يعرف الناس ، أن د. محمد وقيع الله ، قد كان منظماً في الاتجاه الإسلامي ، منذ أن كان في الجامعة الإسلامية !! وانه كان يعرف للترابي ، من قبل ، اجتهادات شاذة ، في مجال العقيدة ، أسوأ من اجتهاداته الاخيرة ، وانه اخرج كتاباً يدافع به عن ما قاله الترابي ، في حديث الذباب المشهور!! جاء في ذلك الكتاب ( فقد كنت في صيف 1986 شرعت ارد الشبهات واقاويل الارجاف التي ثارت مع حمى الانتخابات السياسية التي كان وقودها خطب السياسيين ومن استعانوا بهم من الدعاة المتعصبين فكتبت في صحيفة ألوان الغراء مقالاً بعنوان " جلاء الشبهات الضبابية من الفتاوي الترابية " رددت به على الشيخ الطحان بعض ما كذب به على الشيخ الترابي وكنت بأمل ان اكتب مقالاتً آخر اناقش فيها فكرة التجديد وتهجم متعصبة الدعوة عليها .. الا ان احد مشائخ الحركة الاسلامية وهو الشيخ أحمد محجوب حاج نور كان له رأي آخر وهو الا ننشغل في معركة الانتخابات الشاملة التي ستقرر جانباً من مصير العمل الاسلامي بهذه الاختلافات التي ينشغل بها دعاة الفروع وهواة الجدل الفقهي .. وقد استجبت لرأي الشيخ حاج نور على مضض) !! ( د. محمد وقيع الله : التجديد الرأي والرأي الآخر . الخرطوم : المركز القومي للانتاج الإعلامي ص 2-3 ).
    فوقيع الله إذا ، قد كان منظماً في الجبهة الاسلامية القومية ، وكان يدافع عن زعيمها ، أمام الإسلاميين الذين نقدوا اجتهادا ته ، ثم يقبل ان يوقف كتابته ، حتى يركز التنظيم على معركة الانتخابات ، التي قدر قيادياً اكبر منه ، هو المرحوم حاج نور، أنها أهم من تبرئة شيخهم ، مما نسب له ، من الخروج عن الدين، وما كان لوقيع الله ان يخالف التنظيم ، ولهذا قبل رأي حاج نورعلى مضض .. لماذا أخفى وقيع الله كل هذه الحقائق الآن، حين أصبح الدفاع عن الترابي صعباً ؟!
    وبعد نهاية الانتخابات ، اخرج وقيع الله دفاعه عن الترابي ، في كتابه هذا !! ولما كان منفعلاً كعادته ، منذ ذلك الوقت ، فقد وصف من نقدوا الترابي بقوله (مروجو الفتنة امثال الدكتور الطحان ... والمدعو أحمد مالك والمدعو محمد احمد حامد محمد خير والمدعو الصادق المهدي والداعية المغمور الذي ناظرته من شيعته والداعية المغمور الآخر ) (المصدر السابق ص 6)
    أما مفارقة الترابي في ذلك الوقت ، التي حاول وقيع الله ان يدافع عنها ، فهي انه سمع حديث الذباب المشهور ( اذا سقط الذباب في اناء احدكم فليغمسه وليشرب ..الخ) فقال ( هذا أمر طبي آخذ فيه برأي الطبيب الكافر ولا آخذ رأي النبي صلى الله عليه وسلم ولا أجد في ذلك حرجاً ولا أسال منه عالم دين) !! ولقد اوضحنا فساد عقيدة الترابي في حينه ، عندما ثار هذا الموضوع ، في أواخر السبعينات ، في أركان النقاش بجامعة الخرطوم .. والذين عاصروا تلك الفترة من القراء الكرام ، يعرفون أن أعضاء الاتجاه الإسلامي بدأوا بإنكار، أن الترابي قال مثل هذا الحديث .. حتى جاء في محاضرة ، بكلية العلوم السياسية، وسئل عنه فلم ينكره !! ولم يأت وقيع الله بجديد ، في كتابه هذا ، وإنما خلص إلى نفس رأي الترابي ، من أن النبي صلى الله عليه وسلم ، يؤخذ منه امر الدين ، وأما أمور الدنيا فإننا يمكن أن نرفض رأيه فيها ، وأورد آراء بعض الفقهاء ، الذين وقعوا مثل الترابي ، في هذا الخطأ ، وقال ( ،أما المسائل المتعلقة باشياء الطبيعة التي يمكن فيها درك الحق ، وحسم الخلاف بالادراك البشري فتركت من ثم لكسب البشر ) (المصدر السابق ص 68 ) .. ولقد اعتمد وقيع الله ، مثل الترابي نفسه ، على الفهم المغلوط لحديث تلقيح النخل ( راجع الرد على هذا الفهم في الرد على د. عبد الوهاب الأفندي في اعداد ماضية من الصحافة ) .
    ولسنا هنا ، بصدد بيان مفارقة الترابي العقائدية ، في موضوع حديث الذباب ، وهي نفسها مفارقة وقيع الله ، الذي دافع عن باطله ذاك .. ولكننا بصدد كذب وقيع الله ، حين أخفى انه قد كان عضواً متحمساً في الجبهة القومية الإسلامية ، مدافعاً عن زعيمها ، حين اجتهد في امر العقيدة ، بما رآه إسلاميون آخرون خروجاً عليها ، ثم هجومه على نفس الزعيم ، الآن ، حين قال بما هو دون ما ذكر آنفاً !! إن السؤال الذي يواجه وقيع الله هو، لماذا كان يدافع عن الترابي ، ويشيد باجتهاده، رغم باطله الظاهر حين كان قريباً من السلطة ، قبيل الانتخابات ، ثم ادعى انه ليس بمجتهد ، وشبهه بالقرامطة ، حين أصبح منبوذاً ، ومكفراً ، من تلاميذه الذين يمسكون بمقاليد الامور اليوم ، ويعتبرون نقد الترابي تقرباً اليهم ؟!

    الجمهوريون ومايو :
    لقد كانت التجربة الديمقراطية ، قبيل مايو، مؤوفة بآفات كبيرة ، حولتها إلى دكتاتورية مدنية ، تتحالف فيها الطائفية ، مع جبهة الميثاق الإسلامي، وترفع فيها شعارات إسلامية ، بغرض السيطرة السياسية .. فلقد عدّل الدستور، ليتم طرد الشيوعيين ، المنتخبين ، من الجمعية التاسيسية عام 1965 م ، مما يعد انقلاب على الديمقراطية ، من داخل مؤسساتها ، وضربها في جوهرها ، وهو حق التعبير، وحق التنظيم .. وحين قاوم الاستاذ محمود ، تزييف الديمقراطية ، بسلسلة من المحاضرات ، تحت عنوان " مناهضة حل الحزب الشيوعي السوداني " ، سعت الطائفية والجماعات الإسلامية ،إلى إسكات صوت الجمهوريين، بما عرف بمحكمة الردّة ، التي حكمت بردة الاستاذ محمود ، وإغلاق دور حزبه ، ومصادرة كتبه .. ولكن محكمة الردّة فشلت ، لأن المحكمة الشرعية ، كانت تعمل خارج اختصاصها ، والدستور الانتقالي ، لا يقر الردّة ، لهذا استقلت المحكمة بواسطة الجمهوريين ، لشرح فكرتهم بصورة أكبر، ولنقد المؤامرة والجماعات التي وقفت خلفها.. فسعت الطائفية وجبهة الميثاق الاسلامي لطرح الدستور الإسلامي ، حتى يتمكنوا من اسكات صوت معارضيهم باسم الدين .. وفي عام 1969 م كان الدستور الإسلامي ، مطروحاً للقراءة الثانية ، في الجمعية التأسيسية.. وكانت لجنة الدستور، في مداولاتها شديدة الجهل ، شديدة التخلف ، حتى أنها ذكرت إقصاء كلمتي ديمقراطية ، واشتراكية ، لانهما ( لم يردا في الكتاب والسنة ) !! في ذلك الوقت ، ذاع تصريح من السيد الهادي المهدي ، يقول بان الجمعية اذا لم تجز الدستور ، فان الانصار سيجيزونه بحد السيف .. ولقد تصدى الجمهوريون وحدهم لموضوع الدستور، أو كما سمّوه مؤامرة الدستور الاسلامي المزيف.. وافرد الاستاذ محمود محاضرات في اسبوع مناهضة الدستور الاسلامي . وخرج كتاب "الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين" وكتاب " الدستور الاسلامي .. نعم ولا !!" .. في هذه الظروف التي تتهدد البلاد ، بتحول النظام البرلماني المتعثر، إلى دكتاتورية دينية ، تفرض دستوراً متخلفاً ، يهدف إلى تصفية خصوم الطائفية ، وحلفائها في جبهة الميثاق الإسلامي ، وقع انقلاب مايو 69 ، بمثابة انقاذ للبلاد !! فأوقف مؤامرة الدستور الاسلامي في الجمعية ، ومحاولة فرضها بالسلاح ، التي كانت تدبر في الجزيرة أبا ، ثم انه افلح في ايقاف الحرب التي ظلت مشتعلة منذ عام 1955 بين الشمال والجنوب ، وعجزت كافة الحكومات الوطنية عن ايقافها . أخلص من هذا السرد التاريخي، الى حقيقتين في غاية الأهمية : اولهما ان الجمهوريين ، كانوا قبل مايو ، يطالبون بايقاف الدستور الاسلامي ، وايقاف حرب الجنوب ، وابعاد الطائفية من فرض هذا الجهل بقوة السلاح .. فجاءت مايو وايدت ، عملياً ، هذا الطرح.. فاذا كانت هذه المبادئ هي ثورة مايو ، فان الجمهوريين قد ظلوا مخلصين لهذه المبادئ ، حتى بعد ان تنصل عنها نميري ، واخذ يهدم فيها ابتداء بالتحالف مع الطائفية والأخوان المسلمين، وانتهاء بإشعال حرب الجنوب ، واعلان الدستور الإسلامي ، مرة أخرى .. وثانيهما ان مايو كانقلاب عسكري ، لا يقوم على فكرة ، لم يكن من الممكن للجمهوريين تأييده ، وإنما كان موقفهم في البداية التاييد السلبي ، أي عدم المعارضة أو مساعدة المعارضة ، حتى لا يسقط النظام ، الذي كان بديله الجاهز اسوأ بكثير .. ولقد قرروا ذلك ، في اجتماعهم لتقييم مايو، بعد يومين فقط من قيامها ، وكان مما سجل في ذلك الاجتماع ، الذي عقد بمدينة ودمني ، قول الأستاذ محمود ( أنا كنت متأكد أن الله لن يخلي بين الشعب السوداني ، ومؤامرة الطائفية لتمرير الدستور الإسلامي المزيف ، في سعيها للاستيلاء على السلطة الزمنية والسلطة الدينية .. لكن ما كنت عارف الوسيلة اللي راح يستعملها الله ، في حماية الشعب من المؤامرة دي ، حتى جا نميري ورفاقه من خور عمر فشعرت أن الله استخدمهم في ساعة الصفر، للحيلولة بين الشعب السوداني وبين مؤامرة الطائفية .. لكن ثورة مايو ماها البديل الصحيح عن الطائفية .. نحنا البديل الصحيح لو كنا جاهزين .. ولذلك لن نؤيد مايو تأييد إيجابي ، بل نؤيدا تأييد سلبي ، بمعنى اننا لن نعارضا ، لأن معارضتنا ليها ستذهب في ترجيح كفة الطائفية ، ولو عادت الطائفية ستعود طائفية كلوب .. وعليه سيكون موقفنا من مايو التأييد السلبي، الا اذا تعرضت لمؤامرة الطائفية ، في الوقت داك ، ناييدها نأييد ايجابي ... مايو جات لتكسر شوكة الطائفية وتقلم أظافر الشيوعية ، وبعد ان تؤدي دورها راح تفسد ، وتكون اخطاها واضحة بصورة كبيرة في أخريات أيامها وراح نتصدى ليها بقوة ، فتذهب على أيدينا ) !!
    وكان لابد ان يعترض التحالف بين الطائفية وجبهة الميثاق الإسلامي، على حكومة مايو، التي أجهضت برنامجهم .. ولم يتحركوا في اتجاه التوعية ، أو الدعوة إلى المقاومة السلمية ، أو العصيان المدني ، وإنما اتجهوا إلى جمع السلاح ، وبدأوا تدريب الأنصار، بواسطة أعضاء جبهة الميثاق ، من أمثال المرحوم محمد صالح عمر.. ولقد حاول النظام تجنب المصادمة ، وأرسل إليهم القائد أبو الدهب يحمل رسالة للتفاوض ، لكنهم جلدوه ، وأرسلوه في رسالة واضحة ، إلى الحكومة ترفض التفاوض ، وترفض دخول رموز الحكومة ، إلى جزء من أجزاء الوطن .. فكان لابد من المواجهة المسلحة ، ولقد كانت الحكومة أمضى سلاحاً فانتصرت .. ولقد تكونت جبهة للمعارضة ، جمعت بين الاحزاب التقليدية ، وجبهة الميثاق الإسلامي ، وبدأت تعارض من الخارج ، ثم قررت غزو السودان واسقاط النظام في عام 1976!! ولم يكن من المحتمل ، أن يواجههم النظام بغير السلاح ، فدحر الغزو، فما كان من قادته ، إلا أن صالحوا نظام نميري في عام 1977 دون أي شرط ، ودخلوا في داخل الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي ، رغم ادعاءهم الايمان بالتعددية .. ودخل الترابي زعيم جبهة الميثاق ، في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي ، وادى قسم الولاء لثورة مايو الظافرة ، وبدأ الصراع داخل السلطة بين (القادمين والقدامى ) !! في هذه الظروف طرح الجمهوريون ، ضرورة قيام المنابر الحرة ، ولكن نميري لم يستمع لذلك ، ولم يستطع دعم أشياعه ، الذين كانوا يحاولون وقف التيار القادم ، حتى لا يؤثر على اتجاه الحكومة ، وهو يبطن المعارضة ويظهر المصالحة .. وبعد فترة ، بدأ نميري يتأثربالجماعات الاسلامية ، بدلاً من ان يؤثر فيها ، فعين الترابي مستشاراً له ، فقبل ذلك دون تردد ، ولم يرفض التعاون مع النظام ، الذي قتل أفراد تنظيمه.. وحين استجاب نظام مايو لكيد معارضيه ، الذين ادعوا مصالحته ، اخذ يحطم انجازاته الواحد تلو الاخر ، فبدأ باتفاقية أديس ابابا ، فتنصل عنها ، وسعى الى تقسيم الجنوب ، فبدأ التمرد بمظاهرات رمبيك الثانوية التي تم اغلاقها.. ثم اخذت التنمية تتساقط تحت ضربات الفساد ، وخضع النظام الى البنك و الصندوق ، فرفع الاسعار ، وبدأ في خصخصة السكة حديد ، فاشتعلت المظاهرات .. ثم حل الرئيس الاتحاد الاشتراكي ، واعفى كبار قادة الجيش ، ثم واجه اضراب القضاة في مايو 1983 باعلان القوانين الاسلامية في سبتمبر 1983 . حين رجع النظام الى النقطة التي بدا منها في الواقع السوداني ، نقطة الدستور الإسلامي ، والقوانين الإسلامية ، أخذ الجمهوريون في المعارضة ، بالصورة التي يعلمها الناس حتى حدثت المحاكمة ، والاعتقالات ، والتنفيذ للاعدام .. الذي تكون بسببه التجمع الوطني الديمقراطي واشتعلت المعارضة ، وسقط النظام بعد 76 يوماً فقط !! المهم هنا ، هو حديث الأستاذ محمود في يومية التحري ، والذي قرأ في المحكمة، حيث أكد ان الجمهوريين لا زالوا مع مايو بمعنى تاييد المبادئ ، وان الحكومة قد انحرفت عن مسارمبادئ ثورة مايو ، وسنظل نحن مع تلك المبادئ ، التي رفعناها حتى قبل قيام ثورة مايو، لأنها في رأينا السبيل في المرحلة لتوعية الشعب ..
    هذا هو موقف الجمهوريين من مايو، فهل يستطيع وقيع الله ، تشويهه باستجداء عواطف الأنصار، وظنه بأنه يستعديهم على الجمهوريين، بقوله (ما هو السلاح الذي استخدم ضد الانصار ولم يعترض محمود على استخدامه بل اقره ووافق عليه وبدا كانه يحرض على المزيد منه .... انه ليس سوى سلاح الطيران الرهيب الذي اجتلب من الخارج وتم به حصد الالوف المؤلفة من جماهير الانصار الاطهار ...) ؟! فاذا كان وقيع الله ، صادقاً في تأثره لضرب الجزيرة أبا ، فلماذا لم يعترض على تنظيمه حين صالح نميري ، ودخل في حكومته ، بعد كل ما جرى للأنصار؟! بل دخل في الحكومة بعد حرب عام 1976م ، التي قتل فيها اعداداً من اعضاء الاتجاه الإسلامي ، في مجزرة دار الهاتف ،وصالح الترابي النظام ، وعين فيه ، قبل أن تمحى دماء أعضاء تنظيمه ، من حائط دار الهاتف ؟! هل منع وقيع الله دخول الترابي في النظام الذي قتل الانصار والاخوان المسلمين ، من أن يخرج كتاباً يدافع فيه عن سقطاته ؟! أم أنها المزايدة التي لا علاقة لها بالصدق والحق ؟!

    خاتمة
    أما بعد ، فلقد يلاحظ القراء الكرام ، أنني نأيت بجانبي صفحاً ، وأعرضت عمداً ، عن مجاراة وقيع الله في مهاتراته .. ولكنني رغم ذلك ، واجهته بعبارات ، وحقائق مؤلمة ، ما كنت فيها من المتكلفين، وإنما أرجو أن أكون مترسماً التوجيه الإلهي ( وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ) .. ولم تكن حالة وقيع الله غريبة ، وإنما هي حالة نمطية ، لمئات الإسلاميين ، الذي كنا نحاورهم ، حين كنا طلاباً في جامعة الخرطوم ، وكانوا يتهجمون على الفكرة الجمهورية ، دون أن يطلعوا عليها ، أو يقفوا عند تفاصيلها .. ولكن الغريب في أمر وقيع الله ، انه يحمل شهادة ماجستير، وشهادة دكتوراه في الدراسات الصينية ، ويقوم الآن بتدريس الدراسات الإسلامية في جامعة أمريكية ، ولم يسعفه كل ذلك ، ليتجاوز، ولو قليلاً، مستوى طلاب الاتجاه الإسلامي في الجامعات !!
    ومع ذلك ، فاني لا أحقد على وقيع الله ، وأتمنى أن يوفقه الله ، ليجتهد في فهم الفكرة الجمهورية ، وربما كان الاجتهاد المطلوب منه ، هو مجرد الصبر عليها .. فمن يدري ؟ فقد يتضح له حقها ، مثلما اتضح له باطل الترابي ، الذي ما كان يظن ، حين دافع عنه ، انه سيأتي عليه زمان ، يتهمه فيه ، بالخروج من الدين !!


    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147508329&bk=1
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de