|
Re: مخاطر النزاع في دار فور على وحدة السودان (Re: علاء الدين حيموره)
|
بقية المقال
سادسا : ان حرب الشمال والجنوب في السودان كانت ولا تزال اخطر بكثير مما مضى لانها تشير الى المواجهة الصامتة احيانا والمتفجرة احيان اخرى بين الاصول العرقية . فهي مواجهة على خط التماس بين ما يسمى في السودان الشمال العربي والجنوب الافريقي لذلك كان طبيعيا ان يتم تدويل الصراع وان تدخل فيه اطرافا كثيرة بدءا من دول مجموعة الايقاد مرورا بالدول الاسكندنافية وصولا للدول العربية والافريقية ثم الولايات المتحدة الامريكية التى ارسلت هي وبريطانيا مبعوثين دائمين لهما في الخرطوم لمتابعة مجريات الامور والمشاركة في رسم خريطة المستقبل وفقا للمصالح الغربية وهنا يبدو دور كينيا على سبيل المثال دورا ناشطا احيانا بينما يبدو الدور المصري بديلا في احيان اخرى ولكن مكمن الخطورة دائما هو ان المواجهة تبدو عرقية على التخوم الجنوبية للحدود الفاصلة ثقافيا وحضاريا بين العرب والافارقة .. وهذه مأساة حقيقية لانها تنقل الصراع الى مرحلة خطيرة تكاد تهدد العلاقات بين من يجب ان ينتموا الى جبهة واحدة في مواجهة الفقر والتبعية والتخلف . سابعا : ان مشكلة دارفور هي امتداد طبيعي للحرب العرقية في الجنوب والتي سبقتها بعشرات السنين وتزداد خطورة الموقف اذا ادركنا ان الصراع الذي يدور هنالك بين القبائل الرعوية المتحركة والقبائل الزراعية المستقرة هو مواجهة بين اطراف سودانية تشترك في الديانة الاسلامية وان كانت تبحث في الاختلافات العرقية لذلك فهي حرب تتميز بدخول المجتمع الدولي فيها كما ان مستوى التصعيد الذى ارتبط به يثير الجدل حول دور الحكومة الشرعية في الخرطوم والذي يعطي شبهة انحياز الى الاصول العربية في السودان الكبير منذ قيام ثورة الانقاذ سنة 1989 وظهور توجهاتها الاسلامية التي لا نعترض عليها ولكننا نشير فقط الى المخاوف والمحاذير المرتبطة بها ولذلك جاء دور المجتمع الدولي منتقدا بل مهاجما للنظام السوداني برمته وكانت مسألة دخول قوات الامم المتحدة الى دار فور هي قمة المواجهة الدولية الحادة خصوصا وان المسألة اصبحت قضية كرامة قومية ومصلحة وطنية لدى الحكومة السودانية . ثامنا : اننا نظن ويشترك معنا في ذلك معظم المعنيين بالشأن السوداني ان الرواية لم تتم فصولا فأحتمالات مماثلة لما جرى في جنوب السودان وغربه يمكن ان تتكرر غدا او بعد غد في كردفان او جبال النوبة او غيرهما من الاقاليم التى عاش فيها السودانيون في اطار امتزاج حضاري وثقافي لقرون عديدة وهنا تظهر المخاوف من المستقبل المجهول لدولة مؤثرة في قارتها الافريقية ومنطقتها العربية على نحو يهدد بتحول السودان الى دويلات تؤثر سلبا في استقرار القارة عموما وامن دول الجوار خصوصا حيث انها تعطي سابقة قابلة للتكرار في مناطق اخرى داخل السودان وخارجه . تاسعا :لقد سمعنا وقرأنا في الشهور الاخيرة عن انتقادات حادة توجهها بعض القيادات الافريقية للحكومة السودانية وتتهمها بأرتكاب جرائم تصل الى حد التطهير العرقي الذى اشرنا اليه بل ويتجاوز البعض ذلك بتوجيه اتهامات مباشرة لعدد من المطلوبين من المسؤولين السودانيين على نحو استفزارزي اثار ردود فعل مستنكرة لما يمكن ان يحدث في هذا السياق ولكن جوهر المشكلة يكمن في النزعة العنصرية الجديدة التى تفرق بين العرب والافارقة في مخطط خبيث يبدو انه حقق نجاحا نسبيا اغرى بعض القيادات الافريقية بأصدار تصريحات سلبية وبيانات عنصرية تجاوزت حدود الوضع في السودان الى التذكير بما اسماه البعض بالدور التاريخي للعرب في افريقيا وضرورة وضع حد له بل ان المسألة برمتها اصبحت سجالا بين من يؤمنون بوحدة السودان ومن يرفعون على الجانب الآخر شعارات معادية للاصول العربية ويتحدثون في سلبية واضحة عن الدور العربي في افريقيا . بل ان بعضهم بدأ يتخذ مواقف تراجعية عن دعم الحقوق العربية . عاشرا : انني ادعوا جامعة الدول العربية التي لعبت دورا ناشطا في المسألة السودانية . ان تفتح جسور الاتصال مع الاتحاد الافريقي لدعم اوجه التعاون وتعزيز قنوات التشاور بين الجانبين العربي والافريقي في وقت نحن احوج ما نكون فيه لذلك فلا بد من التأكيد على العلاقات المتينة بين العرب والافارقة والكف عن اثارة النعرات العرقية والنبش في الماضي بصورة لا تخدم احدا كما ان الحكومة الشرعية في الخرطوم تتحمل المسؤولية الاولى عن تهدئة الاوضاع واحتواء القوى والجماعات كافة في سودان يؤمن بالتعددية العرقية والدينية .
ان خلاصة ما نريد قوله من هذه المحاور العشرة هو ان ندق ناقوس الخطر من تداعيات التطورات الجارية على ارض السودان وحتى يكون ذلك بداية للمصالحة الحقيقية بين القوى المختلفة داخل الوطن السوداني عندما يسود مفهوم المواطنة الذي يساوي بين ابناء الوطن الواحد ويقاوم النعرات العرقية والنزعات الدينية ويتعامل مع الجميع في مساواة كاملة وانفتاح حقيقي ورؤية واضحة .
انتهى مقال الاستاذ / مصطفى الفقي
|
|
|
|
|
|
|
|
|