|
مخاطر النزاع في دار فور على وحدة السودان
|
صحيفة الحياة العدد 15922 الثلاثاء 7/11/2006 الموافق 16 شوال 1427 الصفحة 17 ( الرأي )
كاتب المقال مصطفى الفقي _ كاتب مصري يقول الكاتب : ما ان فرغ السودان من حرب الجنوب او كاد حتى كانت حرب اخرى في دار فور فرضت نفسها لا على الســودان وحــده بل على القارة الافريقية والمجتمــع الدولي كله . حــيث اصبحت منظمة الامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية والغرب عموما والدول الافريقية وخصوصا دول الجوار منـها اطـرافا مشــاركة في تطــورات مــا يجري على ارض اكــبر الـدول الافريقية مسـاحة او على الاقل اصبحت تتابع باهتمــام مــا يحدث في اقليم دارفــور . وانا ممن يظنون ان الحديــث عن المواجهـات الاقليمية المتتالية في السودان يؤكد انها ليست مجرد ازمات عابرة او مواجهات بين تجمعات بشرية مختلفة في ذاك القطر الافريقي العربي الكبير . فالمسألة اكبر من ذلك وأخطر لانها في حقــيقة الامر تعبير عن صدام حقيقي بين من ينتمون لاصول عربية ومن ينتمون لجذور افريقية حتى ان المواجهة اصبحت عرقية بالدرجة الاولى ولذلك فأن الامر على امتــداد الســاحة السودانية جــد خطير واوسع بكثير مما تبدو عليه النظرة الاولى . سأحدد ملامح ما اريد قوله في هذه السطور من خلال عشر محاور هي : اولا : ان العديد من المواجهات العسكرية والقبلية في القارة الافريقية تدعو الى القلق وتثير المخاوف لانها تؤدي غالبا الى العنف المتصاعد الذي يكاد يصــل الى مســتوى ابادة الجنس البشــري ولعل ما حــدث في رواندا وبورندي ومنطــقة البحيرات العظمى خلال العقدين الاخيرين ما يقدم مؤشرا لهذه التوجيهات الجديدة والخطــيرة في ذات الوقــت والتي باتت تهدد اســتقرار القارة التي تعاني من الفقر والمرض على نطاق اوسع . ثانيا : ان الصراعات التي تشهدها افريفيا تشير الى حجم المشكلات الكامنة وراء النزاعات المخــتلفة حيث لا يوجد ضابط ولا رابــط بين النــــعرات التي تنطلق منها وتتأسس عليها كما ان الدراســــــات الانثروبوليجية تـــؤكد كذلك ان الحديـــث عن النقاء العرقي وهــــــم كامل .. فلا توجد دمــاء خالصة من عصور اختلط فيها البشر وتداخلت المجتمعات وانصهرت الثقافات وامتزجت الاسر والجماعـات . ويجب الا ننسى هنا ان ثلثي العرب هم افارقة ايضا يعيشون في تلك القــارة التي استقبلت العـــرب المسلمين في اول هجرة على عهــد الرسول (صلى الله عليه وسلم ) حيــث لقـــوا حـفــــاوة نسبية من الاحباش وغيرهم مع سنوات فجر الاسلام . ثالثا : ان السودان الاكبر مساحة في القارة كلها والذي يمتلك وفرة في المياه ويكاد يمتلك ايضــا وفرة من البترول ومشتقاته عرف حدودا طويلة يشترك فيها مع عدد كبير من دول الجـوار الافريقي ونحن نندهش كيف ان الخريطة التي رسمها الاستعمار البريطاني قبل ان يرحل بكل مخططاتـــه واهدافـــه بدأت تتعرض هي الاخرى للانقسامات على نحو يهدد السلامة الاقليمية ووحدة الاراضي لدولة مهمة بحجم السودان . رابعا : اننا نعتقد ان المــواجهة بين شمال الســودان وجنوبه لن تضــع اوزارها بالمعنى الكامل بل قد تظل حالة الانتظار والترقب لسنوات عدة . كما قد تكون نتائجها وخيمة على مستقبل الســـودان ودول الجوار ايضا ونحن ندعو الى دراسة السوابق الدولية للاستفتاءات حـــول حق تقرير المصـــير والتي انتهت في معظمها الى انفصال اقاليم عن الـدولة الام والانسلاخ عنها ونحن لا نعرف استثناء لهـــذه الظاهرة في العصر الحديث الا اقليم كيبيك الكندي الذي لم يتمكن الاستفتاء الشعبي حـوله من تحقيق اهداف من دعوا البه من غلاة المتشددين في انتمائهم للثقافة الفرنسية داخل الدولة الكندية وهذا امـــر يدعو الى القلق على المستقبل القريب للسودان والخاطر المحتملة امام وحدة جنوبه وشماله . خامسا : ان ابنــــاء الشمــال الســوداني المنتمين في اغلبهم لاصول عربية لايدركون حجم المخاطر القادمة او هم يشعرون ان وجود دولة عربية مسلمة في شمال السودان يكفي يكفي بديلا للاوضـــــاع غير المستقرة في السودان الكبير كله وهذا تفكير خطير لانه يعني الاستسلام لمنطق التجزئة ويغــلب الرؤية الوقتية على غيرها من عناصر التماسك ومظاهر التعددية التي عرفها السـودان قبل الاستقلال وبعده . ويدهشنا ان الشعب الســوداني العظــيم استطاع اسقاط نظامي عبــود وجعفر نميري بأسـلوب العصيان المدني الذ لا يزال يدرس في دوائر المعنيين بنظــم الحكومـــات والحيـاة السياسية في الدول النامية .
للحديث يقية .....
|
|
|
|
|
|
|
|
|