مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (1

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 00:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-02-2006, 00:22 AM

السفير/عبد المجيد على حسن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (1

    مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)
    سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (1 من 2 )

    السفير/عبد المجيد على حسن




    الثاني والعشرين من مايو الماضي شهد انقطاع رافد معطاء من روافد الفن النوبي عندما غيب الموت الفنان النوبي العالمي حمزة علاء الدين فتوسد ثري سفوح وتلال ضاحية"نافاتو" Navato أحد الأطراف الشمالية لمدينة سان فرانسيسكو في الخامس والعشرين منه إذ شيعه إلى مثواه الأخير جمهور يزيد على الألف وخمسمائة من عشاق فنه ومريديه على امتداد ولاية كاليفورنيا من الأمريكيين البيض والسود ضمن مشاركة مميزة من ذوى الأصول الآسيوية وبالذات اليابانية الذين يمثلون كثافة سكانية ملحوظة في الساحل الشمالي الغربي للولايات المتحدة الأمريكية تتقدمهم نخبة من الشباب النوبي المقيم في تلكم البقاع كانوا الرفقة اللصيقة بفناننا في أخريات أيامه منهم خالد محمود على إدريس و د. عكاشة مختار وعارف جمال محمد أحمد.
    وبغياب حمزة علاء الدين أنطفأ قنديل متوهج وسكت صوت شجي طالما صدح على امتداد مايقارب الخمسة عقود في سماء فن الغناء النوبي في شدو يلامس شغاف القلوب ويستدعي كوامن الشجن المقيم في وجدان وذاكرة النوبيين الجماعية ثم مزاجهم الفني. وكان لدور حمزة القدح المعلي في أن يسمو هذا النمط الإبداعي الشفيف إلى مراقي عليا عندما اخترق جدران العالمية السميك بنبرات صوته ألمزماري المتهدج وبأنامله وهي تعالج أوتار العود في حنو ورقة لتصدر عنها ألحان تدغدغ القلب وتعتصره وبباطن كفه وهو يربت على الدف (الطار) النوبي المشدود في إيقاعات تجعل الشرايين تضج بنشوة سكر صوفي حلال . كان ذلك عندما طرحت له شركة "فانقارد" أحدى كبريات شركات الإنتاج الموسيقي أول إصداراته بعنوان "موسيقي النوبة" عام 1965 ثم ألبومه الثاني باسم "إسكاليه" أي "الساقية" بالنوبية عام 1971 وقد لقي هذان الإصداران نجاحا فاق كل التوقعات بحسبانهما يمثلان نمطا موسيقيا جديدا في الساحة الموسيقية المعاصرة حيث لفتا أنظار دوائر الموسيقيين العالميين واَنها تعرف فناننا عن قرب بفرق موسيقية مشهورة وبفنانين عالميين طبقت شهرتهم الأفاق من أمثال بوب ديلان BOB DYLAN ثم المغنية المشهورة والناشطة السياسية جوان باييز JOAN BAEZ وغيرهما.
    وقد تعدت شهرة حمزة علاء الدين القارة الأمريكية وعبرت الأطلنطي فشارك بالأداء في المهرجانات الموسيقية العالمية مثل مهرجان أدنبرة , فينا , سالزبورج , مونترو للجاز وبرشلونة وغيرها في بعض مدن أمريكا اللاتينية. ولم يفت على هوليوود الإفادة من هذا النمط الموسيقي فكان أن تسنى لحمزة صياغة وتسجيل الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام الأمريكية لاقت قدرا كبيرا من النجاح كان أهمها فيلم "الحصان الأسود" BLACK STALLION للمخرج الأمريكي الشهير فرانسيس فورد كوبولا مخرج أفلام "الأب الروحي" عدا العديد من الأفلام التسجيلية الوثائقية عن بلاد النوبة والنوبيين.
    ولعلنا نذكر أن تلك الفترة شهدت حراكا ونشاطا غير مسبوقين للأمريكيين الأفارقة تمثل في تنامي حركة السود في مناهضة العنصرية ضمت إليها الحركات المعارضة لحرب فيتنام إذ تبنى معظمها مبادئ راديكالية ورفعت شعارات أتسمت بالحدة والتطرف وظهرت قيادات شابة توسمت خطى "مالكولم أكس" – الداعية الأمريكي المسلم – كان أبرزها شعار "القوة السوداء" من أمثال انجيلا دافيز وأستوكلي كارمايكل وغيرهما. وشد موسيقى وغناء حمزة علاء الدين انتباه هذه الشخصيات وما يمثلون من حركات سياسية واجتماعية فنية فسعت إلى التعرف عليه وعلى موسيقاه وأغانيه عن كثب فوجدوا فيها ما يجاري ويقترب كثيرا من أحاسيسهم ومما يقدمون إلى جماهيرهم إذ كان بطبعه النوبي المسالم والمناوئ للظلم متعاطفا معهم وإن كان ينبذ العنف ويرفضه. وبذا صار رقما مشهودا في تحشد اتهم الجماهيرية ومهرجاناتهم الموسيقية في سائر المدن الأمريكية مما أسهم كثيرا ليس فقط في انتشاره الجماهيري وحسب بل وفي استقطاب الاهتمام الأكاديمي لتدريس ما صار يعرف اليوم ب "علم الموسيقى الأثني"- ETHNO MUSICOLOGY فتبوأ مقاعدها في العديد من الجامعات الأمريكية ثم اليابانية.
    ولقد تبدى مقدار ما لقي هذا الفنان النوبي من وفاء وتقدير من معجبيه ومريدي فنه ليس فقط في مراسم تشييع جثمانه بل وفيما سطروه عقب ذلك عن حياته ومسيرته وعطائه الفني في الصحف العالمية وبالذات الأمريكية منها واليابانية ثم الصحافة الإلكترونية. وجاءت كبريات الصحف الأمريكية مثل صحيفة "نيويورك تايمز" و "سان فرانسيسكو كرونيكل" و "القارديان" البريطانية حافلة بمقالات بأقلام نقادها الموسيقيين عقب وفاته تحمل دراسات تحليلية لفن الغناء النوبي وإيقاعاته ثم تقييم دور حمزة علاء الدين في تطويره والارتقاء به وأسماعه للعالم أجمع عبر المحافل الجماهيرية والأكاديمية المتخصصة. بيد أن ما حز في نفسي حقيقة هو تقاعس أجهزة الإعلام – المقروءة منها والمرئية – في كل من مصر والسودان عن إيفائه حق قدره بتناول موسيقاه وإسهاماته الفنية بالتقييم والتحليل وإلقاء المزيد من الضوء على أعماله ومؤلفاته الفنية من قبل الدارسين والنقاد الفنيين في كل من البلدين. وإن أعذر أحدا فلا أعذر غياب صوت الموسيقيين والفنانين من أهلي وعشيرتي النوبية في كل من مصر والسودان وروابطهم الاجتماعية في شتى بقاع وأصقاع العالم فقد ظللت أرقب طوال هذه الفترة منذ وفاته أيه كتابات احتفائية جادة عن حمزة علاء الدين ممن لهم شأو وصيت فني فلم أصادف ذكرا يرقى إلى قامة عطاء هذا الفنان النوبي المرموق أو إلى مدى أسهامه في إيصال النغم النوبي إلى الأذن العالمية.
    ورغم أنني لا أدعي بأن لي باعا يؤهلني للتصدي لمثل هذه الدراسة الموسيقية أو التقييم الفني إلا أن ما حفزني إلى الكتابة عن حمزة علاء الدين إلى جانب استمتاعي وانتشائي بفنه وأعماله كفرد نوبي الانتماء واللغة والمنشأ هو معرفتي وصداقتي الشخصية به والود الذي كان مقيما ومتواصلا بيننا عبر ما يقارب الأربعة عقود من الزمان. ومن هنا فأن ما أورد أدناه لا يعدو كونه شذرات من ذكريات عبقة وقطوف من خواطر دافئة احملها بين جوانحي لأيام سوابق لي مع حمزة مافتئت تلقي بظلال مثقلة بمشاعر الحزن والفقد على الدواخل والوجدان.
    كما وأنه لا يتجاوز كونه حزمة اضاءات خلفية في مسرح حياته الحافلة كما تسني لي أرقب عن كثب من خلال معاصرتي له واقترابي منه ناقلا بعض أرائه ومواقفه ومحطات مسيرته لعلها تعين على تقييم رحلة حياته الفنية والتعرف على بعض ملامح شخصيته كانسان نوبي تشكل من طين الضفاف النيلية والجروف النوبية العتيقة وتشرب من أديمها ونغم سواقيها بمسقط رأسه بقرية "توشكا" الشهيرة فما فارقه اخضرارها العابق وأصالة وكبرياء نخلها الباسق فتواصل إبداعه من خلال توهج ذاكرته وذكرياته عنها رغم طول اغترابه وافتراقه منها.

    إضاءة أولى:
    سعيت إلى الاتصال به والتعرف إليه شخصيا خلال الربع الأخير من العام 1971 وذلك عندما التحقت للعمل ببعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة بنيويورك إذ كان حمزة يعمل اَنها أستاذا للموسيقى بجامعة اوستن بولاية تكساس. وكعادته في الاحتفاء بالآخرين بادر بتلبية دعوتي لقضاء عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة بمدينة نيويورك فالتأم شملنا النوبي بانضمام الأخ السفير كمال أحمد داؤد من سفارتنا بواشنطون ثم لحق بنا الأخ الدكتور أحمد صديق عثمان – الصديق الشخصي للمناضل الأمريكي الأسود "مالكولم أكس" – من جامعة هارفارد بمدينة بوسطون إلى الشمال الشرقي. واستحال لقاؤنا الأول ذلك إلى منتدى فني نوبي ونحن نتحلق حول هذا الفنان النوبي الأصيل وهو يغوص بنا إلى أعماق وأصول الألحان النوبية والسودانية فننهل ليس فقط من فيض علمه بهما بل وبالموسيقى العربية ككل فطرق سمعنا لأول مرة دقائق الفروقات بين السلم الخماسي والسباعي ثم المقامات الموسيقية الشرقية/العربية من "النهاوند" و "الرصد" و "البياتى" و "الحجاز كار" وغيرها وهو يستخلصها بأوتار عوده القشيب من قلب الموشحات الأندلسية وأدوار سيد درويش ثم تقاسيم من أغاني وألحان أم كلثوم وعبد الوهاب ثم ناظم الغزالي وصباح فخري.
    كأن أعظم ما يثير فضولنا ويشحذ اهتمامنا في لقاءاتنا اللاحقة – وقد أنضم إلينا الأخ/ سيف الدين أحمد سليمان المستشار القانوني ونائب مندوب سلطنة عمان الدائم لدى الأمم المتحدة – هو حديث حمزة علاء الدين عن الدف (الطار) النوبي وتميز إيقاعه ثم الأصوات المتفردة التي تصدر من القرع على مختلف أقطاره الدائرية. كانت الدهشة تأخذ منا كل مأخذ ونحن نرى الطار الذي كنا نعتبره آلة إيقاع ذات رتابة بدائية تتفجر منه على يد حمزة إيقاعات رائعة غاية في الرقة والعذوبة والتطريب. ويكاد الانبهار يعقد ألسنتنا ونحن نستمع إلى حمزة وهو يردد قولا ويدلل فعلا بأن إيقاع الطار النوبي لهو من أعقد الإيقاعات وانه – أي الطار النوبي – وأن تم تصنيفه موسيقيا كأحد آلات "القرع" أو "النقر" ( (PERCUSSIONإلا أنه وعندما تتداخل إيقاعاته الثلاث الأساسية (يقوم الغناء النوبي على إيقاع ثلاثة دفوف) يخرج جمل موسيقية كاملة ذات نفاذ وتطريب عاليين وبالذات على يد المغني الأول الذي تتكئ موهبته الغنائية إلى جانب قوة صوته على تمرسه وقدراته على تطويع كفه وأنامله في القرع على الجلد المشدود ثم أسلوبه في معالجته للطار.
    تذكرت حديث حمزة هذا حول الطار النوبي وقد جمعني مجلس سمر في "القرية النوبية" ذلكم المقصف السياحي النوبي الأنيق قرب ميدان سفنكس بالقاهرة بالأخوة الفنانين النوبيين فكري حسن كاشف وعبد الرحمن محمد صالح ومجدي محمد عبده وثلاثتهم مسكونون بالهاجس النوبي الذي لا يبارحهم عندما أجمعوا أنه كان بمقدورهم التمييز فيما بين المغنيين النوبيين المشهورين والتعرف على أي منهم بالتحديد يحي حفل العرس في مختلف قرى التهجير المتناثرة في "كوم أمبو" بمجرد أن يتناهى إلى سمعهم صوت الطار وهو يأتيهم من على البعد في سكون الليل وذلك قبل أن تحتل آلة الأورج مكان الطار فتستلب من الغناء النوبي نكهته الخاصة وإيقاعه المتميز.
    ورغم أن حمزة علاء الدين كان بوصفه موسيقيا دارسا يؤمن بأهمية وإمكانية تطويع الآلات الموسيقية الحديثة للألحان والأنغام النوبية إلا أنه لم يكن يستسيغ طغيان آلة "الأورج" في الغناء النوبي والسوداني الحديث بحسبان أن الإيقاعات "المعلبة" أو "مخزون الإيقاعات" في الأورج لا تتضمن إيقاعات الدف النوبي الشجية ولا إيقاعات "التم تم" الحادقة الحراقة وهي في مجملها إيقاعات أثنية أفريقية تعكسان على التوالي جلال وسكينة الانسياب النيلي في قلب الصحراء وشغب وضجيج الغابات الاستوائية.
    والذي يرخي الأذن عند الاستماع لأعمال حمزة علاء الدين يجد أن الطار النوبي يشكل العمود الفقري للجسم اللحني والجمل النغمية حتى وأن جاءت إيقاعاته حيية خافتة بعض الشيء حينا ومتوارية خلف الصوت الطاغي للعود أحيان أخر , الأمر الذي اقتضته اعتبارات الانتشار وصناعة الإنتاج الموسيقي ثم عالمية جمهور المتلقين. وتعدى حمزة مجرد القرع على الطار إلى استنباط وابتداع دفوف نوبية أستخدم فيها مختلف أنواع الأخشاب وجلود الغزلان الأمريكية التي كان يجلبها له أصدقاؤه من هواة الصيد فيقوم بمعالجتها ثم شدها في إطارات خشبية كان يقوم بتصميمها على أحجام من أقطار مختلفة وعلى أنماط تتوافق ليس فقط مع الشكل الجمالي والعملي بل والأهم مع نقاء وتناسب ما يخرج منها من أصوات تتسق ليس فقط مع الايقاعات النوبية الثلاث وأنما تتميز بأنها لا تحتاج إلى "تحميس" (أي الشد بالتعريض إلى حرارة اللهب).
    بيد أن أعظم ما ترك لنا حمزة علاء الدين فضلا عن إبداعاته الفنية المتمثلة في أعماله الموسيقية والغنائية فهو حقيقة أن الإيقاعات النوبية ومعظم الفولكلور الغنائي النوبي صارتا معلما بارزا في علم الموسيقى الأثني وهي مدونة في "نوت" موسيقية علمية ضمن مناهج التدريس في مختلف المعاهد الموسيقية والجامعات العالمية. وتأتي الرقصة النوبية الجماعية المعروفة ب "اولن أراقيد" هذه الرقصة كما كان يقول بها حمزة وكما هو مرصود علميا تتضمن أثني عشر (12) إيقاعا متفردا وهي في تركيبها وتكوينها تعد من أعقد الألحان النوبية التي تستعصي على الأداء السليم إلا لمن تأتت له الموهبة المتفردة والأذن الحساسة. هذا إلى جانب إيقاع ما يعرف بال "نقرشاد" الذي يصاحب معظم الأغاني التراثية النوبية الهادئة كما وأنه يأتي في مقدمة الحفلة دون أن يصاحبه غناء بمثابة إعلان للقرى والنجوع المجاورة إيذانا ببدء الحفل تماما كما الدقات المعهودة على خشبة المسرح قبل بدأ العرض. وليس أدل على ذلك من أن أحد الإيقاعيين الأمريكيين المشهورين عالميا وضابط إيقاع أحدى الفرق الرباعية المعروفة والتي أسهم حمزة في تأليف بعض أعمالها الموسيقية وكان يشارك بالأداء معها أحيانا وقع في غرام الطار النوبي وإيقاعاته التي مثلت تحديا لحرفيته وقدراته الفنية الإيقاعية فأصر بعناد على أن يتعلم كامل إيقاعاته. كما ذكر هذا الإيقاعي مؤخرا فقد استغرقته هذه التجربة ستة سنوات كاملة من التمارين اليومية المتصلة.
    إضاءة ثانية:
    كان معهد ليونارد دافنشي بالقاهرة (المركز الثقافي الإيطالي حاليا) أول جهة أجنبية رسمية يتواصل معها الفنان حمزة علاء الدين وذلك بعد أن هجر دراسة الهندسة في جامعة فؤاد (القاهرة) إلى معهد الملك فؤاد للموسيقى الشرقية متخصصا في آلة العود وذلك بعد أن درس علم الموشحات الأندلسية وأتقن فنونها. وقد أثمر هذا التواصل مع المعهد الإيطالي عام 1959 عن منحة حكومية إيطالية للالتحاق بمعاهدها الموسيقية لدراسة الموسيقى الغربية من خلال آلة الجيتار. وعند حلوله بأمريكا عام 1963 كان قد أكتمل نضج موهبته الفنية وتشكلت شخصيته الموسيقية من خلال الأداء والممارسة مع تمام تأهله الأكاديمي , لذا لم يكن مستغربا أن تتلقفه الدوائر الأمريكية لتدريس الموسيقى في مختلف جامعاتها كما أسلفنا القول. هذه المرحلة تمثل الغاية المبتغاة للكثير من أكاديميي بلادنا في هذه المجالات إذ ما أن يحتل أحدهم موقعه الأكاديمي حتى يركن إلى دعة المنصب والمكانة الاجتماعية التي تأتت له فتبهت موهبته ويخبو أوار عاطفته فينضب معينه وينقطع عطاؤه.
    حمزة علاء الدين أختار ارتياد الطريق الصعب والمجاهدة فيه وعرف كيف ينفذ إلى قلب المعترك الفني العالمي الشائك من خلال إعمال موهبته الفنية فقد صدر له خلال رحلة عمره أربعة عشر ألبوم غنائي موسيقي (الألبوم يحتوي من 6 إلى 8 عمل) حيث أسبغ عليه النقاد الموسيقيون والعاملون في هذا المجال صفة أو لقب "VIRTUOSO" وترجمته الحرفية (فائق البراعة) وهو ذات اللقب الذي يطلق على سبيل المثال على موسيقي الجاز "لويس أرمسترونج" في النفخ على البوق "الطرمبة" أو على "ديوك إلنجتون" على البيانو. هذا عدا حضوره المكثف في المهرجانات الموسيقية المختلفة إذ بعد مشاركته في مهرجان "نيوبورت" للفنون الغنائية الإثنية عرض حمزة على سكرتارية الأمم المتحدة أن يقدم بعضا من أعماله في الاحتفال السنوي الذي يقام بقاعة الجمعية العامة في ديسمبر من كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان. رفض القائمون على الإعداد لهذا اليوم طلبه بحجة أنهم يسمحون فقط بأداء الموسيقي الكلاسيكية. ومن خلال السفير عمر عديل مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة اَنها والصديق الشخصي ل "أوثانت" السكرتير العام التقى الفنان حمزة بأوثانت وبادره قائلا: " ماذا تقصدون..؟؟" من الذي قال بأن الموسيقي الغربية فقط هي الكلاسيكية..؟؟. إن كان المعيار بالقدم وطول العهد فما أقدمه نتاج أرث حضاري يعد عمره بآلاف السنين..!! " وجاءت أوامر أوثانت صارمة بأن يسمح لحمزة بالمشاركة في ذلكم المحفل الموسيقي العالمي والحدث المشهود.
    ولم يأت هذا التواصل الفني لحمزة علاء الدين وليد الصدفة أو السانحة العابرة بل جاء – كما أثمر تصميمه وعناده على المشاركة في حفل الأمم المتحدة – نتيجة سعي حثيث ومثابرة من جانبه للاحتكاك ثم التعامل والتفاعل مع الوسط الفني العالمي منذ أول وصوله إلى إيطاليا فأرتقي أول مدارجه عندما لم يأنف عن العمل كأحد أفراد المجاميع السينمائية (كومبارس) عند تصوير فيلم "كليوباترا" الشهير بطولة اليزابيث تايلور وريتشارد بيرتون في روما في أوائل الستينيات. كما وأن التحامه بالوسط الفني العالمي أتاح له التعرف على العديد من الموسيقيين المشاهير وعلى رأسهم المغنية والناشطة السياسية الأمريكية "جوان باييز" التي تولت تقديمه إلى شركة فانقارد فسجل لها ألبومه الأول على نحو ما ورد في صدر هذه الإفادة. كما وشارك أول قدومه لأمريكا بالعزف مع فرقة موسيقار الجاز الشهير "ثلونياس مونك" THELONIUS MONK وجاب معها معظم المدن الأمريكية الكبيرة فأعتلى بذلك ظهر الموجة العالمية العاتية لموسيقى الجاز الأمريكي وصار في قلب فن الغناء الأمريكي – الأفريقي المعروف بال "بلوز" الذي ثار في سهول وحقول القطن في الجنوب الأمريكي فأكتسح وغمر أطراف وأقاصي العالم.
    وبذات التصميم والمثابرة التي أتسمت بها رحلة حياته الفنية الحافلة أمكن للفنان حمزة علاء الدين أن يحقق تواجدا فعالا على الساحة الفنية العالمية وأن تمتد شبكة معارفه ومريدي فنه إلى أفاق رحبة واسعة تخطت أمريكا إلى اليابان والشرق الأقصى. وما سعى حمزة وراء هذا ترويجا لإنتاجه أو دفعا لشهرته – وهو حق مشروع وسعي محمود لكل فنان – بل وأنصب كل جهده في استثمار علاقاته تجاه شحذ موهبته الفنية من خلال الاحتكاك المباشر للوقوف على ما يستجد من أنماط وأساليب موسيقية حديثة وبحيث يواكب خلقه وإبداعه الموسيقي التقنيات والأساليب المستحدثة في عالم متسارع الوتيرة لاهث الخطو. وكانت صداقاته وعلاقاته الشخصية تستمد دفئها وديمومتها من طبيعته الشخصية الودودة حسبما صاغها وشكلها وجدان نوبي متأصل أستمد جذوره من أعراف وتقاليد راسخة كونت في مجملها أخلاق القرية النوبية.

    ___________________________________________________________

    مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)
    سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (2 من 2)
    السفير/عبد المجيد على حسن
    إضاءة ثالثة:-
    وقلب حمزة علاء الدين الكبير الذي كان يتسع للجميع كان يقابله من على الجانب الأخر ما كان يكنه له كل أصدقائه وزملائه ومعارفه من الوسط الفني الأمريكي والعالمي من تقدير واحترام لموهبته الفنية التي صقلها بالعلم والدراسة ثم نديته لهم وطول قامته بينهم ووعيهم وإدراكهم بإمكانية استفادتهم من الاحتكاك به والأخذ عنه في تقييم أعمالهم وإبداء آرائه ووجهة نظره حولها في جرأة وصدق دونما شبهة من مجاملة أو مداهنة. وتبدى ذلكم التقدير الفني الشخصي من زملائه ومريدي فنه أكثر ما تبدى ليس فقط فيما سطره النقاد الفنيون على صفحات أشهر الصحف العالمية كما أسلفنا القول بل وفيما حفلت به الصحافة الإلكترونية في أعقاب وفاته وهي على أطلاقها تنبو عن ما بلغه هذا الفنان النوبي من شأو في الوسط الموسيقي العالمي ومدى جماهيريته. بذات الوقت كان حمزة علاء الدين فنانا شاملا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان فكان كل ما يصدر عنه قولا وفعلا ينم عن حساسية فنية مفرطة وذوق أبداعي مرهف. كما كان حمزة مستغرقا تماما في عالمه الفني الخاص طيلة حياته فكانت كل جوارحه ومشاعره متجهة إلى إبداعه الفني وتخصصه الأكاديمي. وفي مثل هذا الوسط كان حمزة يجد نفسه فتنطلق روحه على سجيتها وتعلو قسمات وجهه تلك الابتسامة المحببة لدى أصدقائه ومريدي فنه وهم يتحلقون حوله ينصتون إلى ترانيم أوتار عوده وصوته المتهدج الشجي يستغرقهم صمت مطبق كأنهم في حضرة صوفية نقية أول تأمل بوذي عميق.
    كنت أنعم برفقته كثيرا عندما يأتي إلى نيويورك زائرا إذ لم يكن ينقطع عنها طويلا فهي قلب العالم الفني النابض بمسارحها ونواديها وفرقها الموسيقية ومراكزها ومنتدياتها التي خبرها فهي أول محطة له بأمريكا عند قدومه لها من أوروبا. وثمة أماكن معينة بهذه المدينة العالمية ما كان بمقدوري أن أعرف بوجودها ناهيك عن أن تطأها قدماي وعلى رأسها مقاصف ومقاهي تقع في الجزء الجنوبي الأسفل من جزيرة مانهاتن تعرف بالـ VILLAGE تفتح وأبوابها الثانية أو الثالثة صباحا لتستقبل روادها من الموسيقيين العاملين في أنديتها الموسيقية إلى جانب أولئك العاملين بمسارح برودواي الشهيرة حيث يلتقون لتناول الإفطار الأمريكي المعروف بعد انتهاء دوامهم الحرفي وقبل العودة لمنازلهم. كنت أصحب حمزة وهو يقصد مقاصف معينة كان يرتادها موسيقيو الجاز واغلبهم من الأمريكان الأفارقة وكنت أعجب لتهليلهم وصياحهم وهم يرحبون به عندما يطل عليهم حمزة بوجهه الداكن السمرة تحيط به لحية سوداء مطلقة فيلوحون له بقبضات أياديهم المرفوعة – وكانت أنها التحية الشائعة والمميزة ل "القوة السوداء". كما كنت أعجب أكثر عندما كان حمزة يرد التحية على عدد كبير منهم وهو ينادي كل فرد على حده باسمه الأول.
    وبعد أن يلتهم هؤلاء الرواد إفطارهم وتهدا الضجة قليلا يتنادون فيما بينهم لتكوين فرقة مكتملة ويتناول كل فرد يبدي الرغبة في المشاركة ألته الموسيقية وينضم إلى المجموعة في عزف مقطوعة موسيقية من الجاز تكون قد صدرت حديثا لأحد مشاهير موسيقيى الجاز. وعندها يتحول المقصف هذا إلى جلسة ما يعرف في عالم الجاز بال "JAM SESSION" وذلك عندما يقوم هؤلاء العازفون المختارون بعزف كامل القطعة الموسيقية جماعيا ثم يقوم كل عازف بعزف اللازمة الموسيقية المميزة للمقطوعة عزفا منفردا على آلة تخصصه ويقوم الآخرون بمساندته ثم يأخذ كل فرد دوره بالتتابع. وفي هذا يتباري الموسيقيون ليس فقط في أظهار براعتهم في العزف لرصفائهم بل وفي إبراز مقدرة كل منهم على إضافة بصمته الشخصية إلى اللازمة المميزة والمقطوعة ككل دون الإخلال بها.وهذه ممارسة معروفة في عالم الجاز الأمريكي ذلك أن الموسيقيين هنا يقومون بالعزف لمتعتهم الشخصية وليس للجمهور. ومن هنا فأن الاستماع لموسيقي هذه الجلسات متعة لا تدانيها متعة لمن له مثلي ولو حظ جد متواضع من إلمام بموسيقى الجاز وتذوقه.
    إضاءة رابعة:-
    ينقل الناقد الفني لصحيفة "سان فرانسيسكو كرونكيل" عن بدايات تعلق حمزة علاء الدين بآلة العود قوله: "تملكني شعور داخلي بأن للعود نبرة صوتية نوبية فصرت أعزف عليه لأهلي بقريتي النوبية. وعندما أحسست بمدى استحسانهم وإعجابهم بعزفي أيقنت بأن لدي ثمة شيء خاص يستحق تقديمه". من هنا يدرك المتابع للمسيرة الفنية لهذا الفنان النوبي بأن علاقة حمزة بالعود سابقة لدراسته للموسيقى الشرقية وعلم الموشحات الأندلسية بالقاهرة قبيل مفارقته لها إلى إيطاليا. وكما يقر جميع النقاد على موهبة حمزة المتفردة في العزف على العود كما أسلفنا القول فهنالك ثمة إجماع في الرأي في أوساط كل من تناول أعمال حمزة بالتقييم والتحليل بأنها تعدت كونها أعمال موسيقار متخصص في أحد الات التخت الشرقي أو الموسيقى الشرقية البحتة. ومن هنا يثور التساؤل عن كيف تسنى لهذا النوبي البسيط القادم من هذه المنطقة المهملة التي ترقد في قاع بحيرة النوبة فيما بين مصر والسودان هذا الانتشار العالمي الممتد من أوروبا إلى أمريكا وإلى أقاصي المشرق في اليابان؟؟.
    لم أتعد كوني مستمعا عاديا لأعمال حمزة علاء الدين ولا يشفع لي اقترابي منه وما جمع بيننا من ود حميم أن أتطاول مدعيا قدرتي على الإجابة على مثل هذا التساؤل بقدر كاف من الإحاطة والموضوعية إذ لا أرغب في أن تجرفني العاطفة فأورد قولا مرسلا أو حكما انطباعيا يخلو من أسانيد رصينة خاصة ونحن بصدد علم حديث متكامل الأركان في مجال الموسيقى والغناء ألاثني. ورغما أخاطر بالقول بأن أي مبحث يدور حول هذا الأمر حري به أن ينطلق من تناول إبداعات فناننا هذا من حيث مكوناتها الثلاث من أعمال نوبية صرفة إلى جانب عزف الموسيقى الشرقية على آلة العود ثم الأداء الصوتي المصاحب لهذا العزف وبالذات الغناء الذي يصاحبه الطار النوبي. وبتقديري فأن هذا هو المدخل الصحيح لتقييم أعمال الفنان حمزة علاء الدين باعتبارها نوعية جديدة ومتفردة وهجين متناغم النسيج يجمع ما بين الإيقاعات والأصوات الأثنية الأفريقية والموسيقى الشرقية المعاصرة كما خرجت من شرنقة الموشحات الأندلسية في الربع الأول من القرن العشرين على أيدي عباقرة هذا الفن بدءا بسيد درويش ومرورا بكامل الخلعي وزكريا أحمد وإنتهاء بمحمد عبد الوهاب. ولعل الناقد الفني لصحيفة القارديان البريطانية كان أدق تعبيرا عندما كتب بحرفية عالية ناعيا الفنان حمزة علاء الدين في أخر مايو الماضي قائلا: " أبتدع حمزة علاء الدين ضربا موسيقيا رائدا تمازجت وتوالفت فيه أساسيات التناغم المتصاعد للإيقاعات والأصوات النوبية الأفريقية مع الجماليات الفنية المميزة للموسيقى الشرقية الكلاسيكية". ومن هنا يخلص المتابع إلى أن الوعي الفني لحمزة علاء الدين تشكل في صباه وبدايات شبابه في الأربعينيات من القرن الماضي عندما صار إقتناء الراديو أمرا متاحا للقلة من النوبيين ومن هنا يآتى التمازج الفريد في أعمال حمزة علاء الدين بين فن الغناء النوبي بسلالمه الموسيقية الخمس والموسيقى الشرقية ذات السلم السباعي.
    ولا يكتمل الحديث عن حمزة علاء الدين ومدى ولعه بالعود كآلة موسيقية وتعامله معها على نحو ينم عن احترام يقارب التقديس لهذه الآلة التي تمرس عليها إلا بالحديث عن عوده الشخصي ففضلا عن استثماره قدرا معتبرا من المال في سبيل اقتنائه في بدايات مشواره من أحد أشهر صانعي العود الدمشقي في الستينيات (نفس صانع أعواد كل من فريد الأطرش ووديع الصافي كما ذكر حمزة) فقد كان مصنوعا في أغلبه من خشب الورد الشامي وأخشاب أخرى نادرة كان يذكرها حمزة في زهو ولكنها سقطت من الذاكرة. كان يتوسط العود في واجهته دائرة كبيرة يسميها العوادون با "لقمرة" مصنوعة بكاملها من العاج الناصع البياض محفور بها أسماء المقامات الموسيقية الشرقية في خط عربي جميل كما أن أطراف وحواشي واجهته مطعمة بالعاج وقطع الأبنوس الأسود على نسق وشكل بديعين كما ترقد الأوتار على امتداد العود (تسمى الرقبة) على أرضية رائعة من الخشب المطعم بالأصداف البحرية تنتهي بمشدات هذه الأوتار (تسمى الصباعات) المصنوعة من الأبنوس الأحمر المعروق بالسواد. وعندما يقبل حمزة على العزف كانت له طقوس معينة فما كانت يده تمتد إلى أوتار العود قبل أن يمسح أطراف أصابعه بالفوط الصغيرة المغموسة في الكحول الطبية كما كان يجرى هذه الفوط على أوتار العود وترا تلو الآخر. وجاء تعليله لهذا بأن أصابع المرء تترك بعضا من الإفراز ألدهني على الوتر فتؤثر على طبيعته ونقاء الصوت الصادر منه.
    ثم يأتي صوت حمزة الأدائي ليضفي البعد الثالث والنكهة المميزة لمجمل أعماله إذ تميز بنبرة متهدجة تعكس الشجن الداخلي الذي تملك وجدانه وأقطار نفسه فتكاد تقرؤها في ملامح وتقاطيع وجهه منذ أن إفتقد قريته ومرتع صباه شأنه في ذلك وشأن عشيرته وأهله النوبيين الذين ظل ملتصقا بهمأ فقد كان عشقه للنوبة – ترابا وأهلا – هي العاطفة الكبرى التي ما خبأ أوارها حتى انقضاء رحلة حياته. وفي صوته هذا كان يسكب عصارة قلبه فيخرج من بين شفتيه مخالطا بحزن جارف مقيم في دواخله وفي أداء ملتاع يقطع نياط القلب يتبينها المستمع المراقب في قسمات وجهه حتى وهو يردد أهازيج لهو الأطفال من أقرانه أيام طفولته الغضة ومرتع صباه وهم يسبحون في النهر في قرية توشكا النوبية.
    إضاءة خامسة:-
    عندما يحتضن حمزة عوده كانت الدنيا بالنسبة له تتوقف عن الدوران إذ يستغرقه بعد زماني أخر خارج عالمنا الحالي وتتملكه نشوة روحية عارمة تأخذ بمجامع قلبه وتسيطر على وجدانه وأحاسيسه فيلف المجلس صمت مطبق إلا من ترانيم عوده أو صوته الجياش في حالة هي أقرب إلى انجذاب ناسك صوفي متهجد. كآنت روحه تهيم منطلقة من إسارها حتى أن جمهور مستمعيه كانوا يجدون أنفسهم رغما عنهم منجذبين إلى عالمه الخاص. وفي هذا يشير حمزة إلى بدايات رحلته وينقل عن أول إلتحام له مع الجمهور الأمريكي الغربي العالمي في مهرجان نيوبورت للفنون الغنائية الإثنية عام 1964 والذي نوهنا إليه مسبقا فيقول: "أمام هذا الجمهور الذي يربو على ال34 ألف مستمع لم أملك إلا أن أغمض عيني واستغرق تماما في العزف على العود. أحسست بوقع الهدوء الذي لف كل أرجاء المهرجان. قلت لنفسي لأبد أن الحضور قد تملكه النوم أو غادر المكان. شعرت بعدها بتجاوبهم معي وإعجابهم بما قدمت ومنذ ذلك وأنا أشعر بارتياح عميق وأنا أعزف لنفسي أمام أي جمهور من المستمعين".
    لم يكن هذا جديدا على حمزة علاء الدين فهو ينحدر من عائلة دينية صوفية عريقة إذ كانت المنطقة النوبية كما هو معروف عنها تتقاطع بها كل الطرق الصوفية المعروفة الوافدة من الشمال المصري أوالمغرب العربي وهم يعبرون النيل في طريقهم إلى الحج. وقد عاش حمزة كل حياته صوفيا مستغرقا في حب الذات العليه فانعكس ذلك في علاقاته وسلوكه مع الأخرين بما يعكس إسلاما متسامحا معافى من شوائب التطرف وإقصاء الآخرين. وعندما يعبر مستمعوه وسائر جمهوره عن إستحسانهم فتصدر عنهم صيحات الأعجاب أو التصفيق الواقف المتصل بنهاية بعض وصلاته الموسيقية كان يهمهم بصوت خفيض قائلا لمن حوله :"هذا من فضل الله فما أنا حقيقة بالذي يعزف ولكن آلة العود هي التي تقوم بأداء ما بدواخلي...". وقد تعمق حمزة في صوفيته وغاص في أعماقها دارسا ومتعبدا وتواصل في هذا مع كل المدارس الصوفية الإسلامية واخذ عنها الكثير مما أنعكس في سلوكياته ونمط حياته من ترفع عن الصغائر ونقاء في السريرة وصدق في المودة وزهد في بهرج الحياة وزخرفها وبعد عن الصناعة والتكلف.
    وكما كان حمزة علاء الدين يستغرق في عالمه ذلك وهو يعزف أو يغني لجمهور مستمعيه كان أيضا معروفا بحرصه الشديد وتمسكه بأن يحترم مستمعوه عالمه هذا بحسن اللإستماع والإصغاء التام في صمت لا تشوبه الجلبة أو الضوضاء. كان لا يتوانى أو يتردد في التوقف كلية عن الإداء متى ما أحس بأن هناك بعضا من الأنصراف عن الإصغاء أو عدم التركيز في الاستماع خاصة أذا ما أنبعثت أصوات أخرى من أحاديث متبادلة بين المستمعين. لم يكن يغضب أو يثور لهذا – وهو أمر يعتبره كثير من المؤدين والعازفين تقليلا من الشأن – بل كان يعلل توقفه عن العزف أو الغناء لمن يسأله بقوله بأن "للونسة" موسيقى خلفية خاصة تسمى "بالإستماع السهل أو المريح" Easy Listening وهي الموسيقى التي تتردد في قاعات الإنتظار في المطارات أو عيادات الأطباء أو مصاعد البنايات وبأن ما يقوم بأدائه لا يقع ضمن ذلك التصنيف.
    كان هذا من العوامل الرئيسية التي أستقطبت له جمهور الامريكيين ذوي الأصول اليابانية خاصة والشرق أسيوية عامة فهم إلى جانب تقارب الألحان النوبية مع ألحانهم من حيث سلمها الموسيقي الخماسي فأن طقوسهم التعبدية بمختلف أنماطها ومسمياتها تستوجب ذلكم الأستغراق والإنصات الكاملين إلى جانب الرياضات الروحية التي يمارسونها والتي تقع جميعها تحت مسمى "التأمل التعبدي" Transcendental Meditation" ". وهؤلاء هم الذين عناهم الحديث واسماهم بال "مريدين" لأداء حمزة علاء الدين وإبداعاته وذلك لما لهذا الوصف من مدلول يتعدى نطاق الإعجاب والأستحسان الجماهيري للأعمال الفنية. كما أن هؤلاء المريدين سواء" أكانوا من الذين يمارسون التأمل التعبدي أو من المتصوفة – وبعض منهم ليسو مسلمين بالضرورة – الذين يتبعون مختلف الطرق الصوفية الإسلامية بالذات هم أقرب جمهوره إلى نفسه وأكثرهم إخلاصا له وتذوقا لموسيقاه وأغانيه. وفي العام 1980 قدمت له الحكومة اليابانية منحة لتدريس علم الموسيقى الإثني بإحدى كبريات الجامعات اليابانية بالعاصمة طوكيو وتحديدا لدراسة الآلة الموسيقية اليابانية التقليدية المسماة بالـ .. "بيوا" "Biwa" التي تشبه في شكلها ووضع أوتارها وما يخرج منها من أصوات آلة العود. وقد أقام حمزة باليابان ما يقارب العشر سنوات حيث أتيحت له الفرصة ليعزف مع أشهر الفرق الموسيقية بل ويضع لها بعض معزوفاتها ومن ثم كان تفاعله وتواصله مع الجمهور الياباني ذو الحضارة القديمة والتقاليد العريقة.
    وحول هذه المرحلة من حياته يعلق حمزة قائلا بأن تعامله وتفاعله مع الموسيقى اليابانية التقليدية أفادته في عملية تأليف وأداء أعماله الموسيقية في دقة وتركيز ملحوظين. وفي هذه الفترة التقى بزوجته اليابانية الحالية التي اتخذت الاسم النوبي الشهير "نبرا" NABRA (وتعني الذهب الخام بالنوبية) وهي موسيقية يابانية قاسمته حياته كأخلص ما تكون الزوجة اليابانية حتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى. وقد بادل حمزة اليابانيين احترامهم وتوقيرهم لنوبيته وتقاليدها باحترام التقاليد والأعراف اليابانية المماثلة في عراقتها وقدمها وأعجب بتمسكهم بتقاليدهم رغم غرابة بعضها فأبدى حرصا متزايدا في تعامله معهم بحيث لا يبدر منه قولا أو فعلا ما يخدش هذه التقاليد أو يسئ إليها. وقد لا يعلم الكثيرون بأن حمزة أقدم على إزالة اللحية الكثيفة المميزة له والتي كانت طابعه وميسمه طوال إقامته بأمريكا نزولا على بعض تقاليد "الساموراي" الممعنة في القدم والتي تقضي بأن يستأذن غير الياباني القادم ضيفا إلى اليابان إمبراطور البلاد في أن يطلق لحيته أو أن يدخلهأ بلحية مطلقة. ورغم أن هذا تقليد قديم لم يعد عمليا وغير معمول به إلا أن حمزة نزل عند مقتضياته طواعية واختيار وذلك احتراما وتقديرا لمضيفيه اليابانيين دونما طلب أو إيعاز منهم بذلك.
    إضاءة سادسة:-
    ألبوم حمزة علاء الدين الأول "موسيقى النوبة" تصدرت غلافه الترجمة الانجليزية لكلماتها والتي قام بها أديبنا الراحل السفير جمال محمد أحمد وكان اَنها (1965) مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك إذ أوعز حمزة بذلك إلى الشركة المنتجة للألبوم دافعا بأن نوبية العم جمال وتمكنه من اللغتين النوبية والإنجليزية يعطيان الألبوم البعد الأدبي اللازم. وكما ذكر جمال محمد أحمد لاحقا فقد صادف هذا المقترح هوى وقبولا لديه إذ كانت فكرة إصدار كتابه "سالي فوحمر" مختمرة في ذهن ذلك الأديب والكاتب النوبي الرصين. وقد جاء هذا أول ما جاء تعبيرا عن إصرار حمزة على عكس الصورة الحقيقية للفلكلور الغنائي النوبي وجانبا أساسيا من حرصه للتوثيق والحفاظ على التراث النوبي وهو ما ظل ديدن حمزة علاء الدين وهاجسه الرئيسي. وبقدر ما رأيت في حياتي وعاصرت من أفراد عائلتي وأهلي الأقربين ثم عشيرتي النوبية من الذين شكل غمر وإغراق بلادهم بمياه السد العالي نصلا حادا في جنوبهم إلا أن حمزة كان أكثرهم معاناة وحزنا نتيجة حساسيته المفرطة وتعلقه بأرض وتراب قريته توشكا خاصة والقرى النوبية الاخري عامة التي ترقد في لجة اليم العميق لبحيرة النوبة. وفي كل أعماله وجهوده طيلة حياته اَلى على نفسه بذل كل ما في وسعه تجاه الحفاظ على التراث والإرث النوبي وتوثيق أشكاله وقيمه الجمالية ثم أعرافه وتقاليده الاجتماعية والسلوكية. ومن هنا كان إسهامه الملحوظ في دفع جهود صديقه وزميله بجامعة أوستن – تكساس روبرت ألن فيرينيا ROBERT ALAN FERNEA في إخراج كتابه المدعوم فوتوغرافيا والغني معلوماتيا باسم "النوبيون في مصر" والذي علمت مؤخرا بأن الأستاذ بهاء الدين محمد إبراهيم (بهجت) أحد الشباب النوبيين المغموسين في الشأن النوبي وصاحب مطبعة ودار نشر "نوبة باك" بالقاهرة عاكف على ترجمة ونقل هذا الكتاب إلى العربية وطباعته ونشره.
    ورغم ما صاحب قيام متحف النوبة بأسوان من مصاعب وعراقيل أخرت بناءه وافتتاحه لما يقارب العقدين من الزمان منذ أن رصدت له منظمة اليونسكو الموارد المالية اللازمة وخصصت السلطات المصرية موقعه داخل مدينة أسوان – وهي عراقيل وعوائق ما كان لها أن تنشأ أصلا وليس هذا مجال حصرها – فرغما عن هذا يحمد لوزارة الثقافة المصرية ومنظمة اليونسكو اتفاقهما على تلك الالتفاتة الرائعة بدعوتهما للفنان حمزة علاء الدين رسميا لأداء بعض أعماله في حفل افتتاح المتحف بحضور الرئيس محمد حسني مبارك ومدير المنظمة وحشد عالمي كبير من الـ "النوبياويين" NUBIANLOGISTS من مختلف أرجاء العالم والمهتمين عالميا بالشأن النوبي عأمة. ورغم إن حمزة علاء الدين قد أعتاد ارتياد مثل هذه المحافل والأداء على خشباتها ومنصاتها إلا إنني عندما ألتقيته بعدها في القاهرة لمحت في حدقات عينيه وميض رضي وسكينة تعكسان سعادة غامرة لم أعهدها فيه من قبل بذلك القدر من الشفافية والوضوح. كان مصدر كل هذه المشاعر الجياشة هو ما أحس به من غبطة وامتنان تجاه قيام هذا الصرح النوبي الثقافي العملاق الذي جسد على أرض الواقع أعز طموحاته وحقق الكثير من الأهداف التي طالما سعى من أجل الوصول إليها طوال رحلة حياته الفنية من تسليط الضوء على معالم الحضارة النوبية العريقة وتعريف العالم به ثم إبراز التراث الاجتماعي النوبي والحفاظ عليه ونقل فن الغناء الموسيقي النوبي من المحلية الضيقة وتطويره والارتقاء به إلى فناء العالمية الأرحب.
    عندها فقط أحس بأن جهده ومعاناة اغترابه الممتد أثمرا عن شيء ملموس وبأنهما لم يذهبا إدراج الرياح. قبلها وتحديدا في منتصف السبعينيات أنتابه إحساس مماثل عندما دعاه الفنان السوداني المرموق إسماعيل ألصلحي - عندما كان وكيلا لوزارة الثقافة والأعلام أبان تولي السيد بونا ملوال قيادتهإ - إلى الخرطوم للإفادة من علمه وخبراته في المجال الموسيقي محط اختصاصه. كانت هذه أللفتة محل تقدير وإمتنان حمزة العميقين فسارع بالحضور إلى الخرطوم وأقام بها ردحا من الزمان عمل جنبا إلى جنب مع الفنان ألصلحي فيما اتفقا عليه وعاد بعدها قافلا إلى أمريكا حيث عاود نشاطه منها على نحو ما تتبعناه.
    وعقب وفاته دار حديث طال فيه الأخذ والرد عما إذا كان الفنان حمزة علاء الدين مصريا أم سودانيا. وما كان لمثل هذا الجدل أن يثور أصلا إذ أن حمزة كان قد حسمه قبل سنوات عندما سئل عن جنسيته إذ قال: "... أنا نوبي في المقام الأول ولكنني أيضا مصري سوداني بذات القدر والمقام وإيطالي أمريكي ياباني بحسبان أنني عشت في كل هذه البلاد. لقد كنت موسيقيا نوبيا أعزف وأغني لأهلي النوبيين وإلى الآن مازلت ذلكم الموسيقي النوبي الذي يعزف ذات الأنغام والترانيم الموسيقية للعالم أجمع".
    وحمزة علاء الدين لم يكن يكترث كثيرا عندما يدور التساؤل حول تحديد هويته فيما إذا كان مصريا أم سودانيا إذ لم يكن يهمه ذلك في شيء فبالنسبة إليه فقد كان الجسم النوبي يمتد جنوب الشلال الأول دونما اعتبار للفواصل السياسية الوهمية المستحدثة فقد كان نوبيا شاملا لا تحد انتماءاته قواطع جغرافية سياسية ولا تشكل هويته وولائاته خطوط عرض نظرية. وليس أدل على ذلك من حقيقة أن هذا النوبي الأصيل لم يسع إلى الحصول على الجنسية الأمريكية إلا عام 1999 – أي بعد ستة وثلاثين (36) عام منذ وطأت قدماه الأرض الأمريكية التي أقام بها طيلة هذه الأعوام ببطاقة الإقامة الدائمة أو بما يعرف بالبطاقة الخضراء GREEN CARD. ولا أخالني أجانب الحقيقة إذ قلت أن حمزة علاء الدين الذي كان يفتخر بمصريته وسودانيته على حد سواء ما كان ليقدم على الحصول على جواز السفر الأمريكي لولا اعتبارات تفادي معاناة السفر بهذين الجوازين وما يلاقيه حاملوهما من عنت وضيق في مطارات العالم.
    إضاءة خافته:-
    تنتابني أحاسيس متباينة وأنا أكتب عن حمزة علاء الدين بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى فهي من جانب تعبر عن مشاعر شخصية دافئة يختلط فيها الخاص مع العام كما أنها لا تعدو كونها شهادة امرئ معاصر لا تتأتي لها قيمة تذكر إلا من جانبها العام إذ أن الجانب الشخصي منه قد يطاله الاتهام بأنه شهادة مجروحة بحكم العاطفة الشخصية التي قد تلونه وتصبغ أحكامه بما يوهن ويضعف من قيمته التوثيقية العلمية. وتزداد هذه الأحكام وهنا وضعفا عندما تصدر عن امرئ لا يجيد من ضروب هذا الفن سوى الاستماع والتذوق.
    من هنا يجدر النظر إلى هذه الإفادة التي أوردتها عاليه كجهد المقل أضعه بين أيدي من يملكون أدوات إجراء تقييم وتحليل أعمال حمزة علاء الدين ومدى إسهامه في دفع وتوثيق فن الغناء النوبي والحفاظ عليه. فأن وجدوا فيه قيمة تذكر أو بعضآ يسيرا يعين على توثيق مسيرة هذا الفنان فما إلى أكثر من هذا أطمع. ولا يسعني في الختام إلا أن أتمنى على القائمين بأمر جمعية الحفاظ على التراث النوبي بالقاهرة ومركز الدراسات النوبية والتوثيق بالخرطوم إطلاق مبادرة مشتركة تهدف إلى توثيق حياة فناننا الراحل على نحو يكون نبراسا يهتدي به ناشئة الفنانين النوبيين ممن يصدحون اليوم في سماء فن الغناء النوبي.


    السفير/عبد المجيد على حسن
    نيوجيرسي / اغسطس 2006
                  

10-02-2006, 01:10 AM

Kostawi
<aKostawi
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 39979

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: السفير/عبد المجيد على حسن)
                  

10-02-2006, 02:04 AM

Elmosley
<aElmosley
تاريخ التسجيل: 03-14-2002
مجموع المشاركات: 34683

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: السفير/عبد المجيد على حسن)

    الاستاذ عبد المجيد شكرا علب هذا الاندياح

    ولوكتبنا الاف الصفحاتر عن حمزة فلن نوفيه حقه من التقدير

    محبتي
                  

10-02-2006, 02:50 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: Elmosley)

    عزيزي عبد المجيد

    تحياتي و شوقي إليك لا يوصف

    قبل فترة ليست بالبعيدة ، كتبت عن أيامي معك في جنيف .. تلك الأيام الجميلة التي لن تتكرر.

    شكرا على هذا المقال الشامل عن فناننا الراحل حمزة و الذي أرى أنه لم يجد بعد التكريم اللائق به.

    تحياتي للمدام.

    جلال داود
                  

10-02-2006, 03:17 AM

نادر السوداني
<aنادر السوداني
تاريخ التسجيل: 08-21-2006
مجموع المشاركات: 1374

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: Elmosley)

    السفير/عبدالمجيد علي حسن
    رمضان كريم لك التحية لهذة البوست ....وروعة اخرلغا بالفنان الراحل
    الزمان/ منتصف التسعينات/ المكان القاهرة غاردن ست استوديوا امبير وبحضور العديد من الفنانين
    علي الحجار... محمد منير...عمر خيرت ....مدي الامام ...وشخصي الضعيف والعديد من المخرجين
    ومنتجي شرايط الكست في جلسة استماع لهذة الهرم الموسيقي الشامخ وعندما بدا يعزفة علي العود
    كانت الدهشة والسعادة مرسومة علي وجوة كل الحضور كانت قلوبنا تبكي وتغني وتحلق في عالمة الفريد الرايع
    رحمة اللة الفقيد الفنان العالمي حمزة علا الدين والهمة اهله الصبر والسلوان....
                  

10-02-2006, 06:28 AM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: السفير/عبد المجيد على حسن)

    رحم الله هذا العملاق الذي جعل غير النوبيين يعشقون لغته
                  

10-02-2006, 05:27 PM

Bannaga ELias
<aBannaga ELias
تاريخ التسجيل: 01-24-2006
مجموع المشاركات: 192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    أستاذنا عبدالمجيد على حسن كم أشجتني وأفرحتني هذه اللمسة الوفية منك لموسيقارنا الضخم الراحل حمزة علاء الدين. ربما لا تتصور حجم الفجيعة التي داهمتني عند رحيلة مدى افتقار أإعلامنا وصحافتنا لمعلومات أساسية عنه وهو الذي تغني باسمنا في كل أرجاء العالم. شكرا على هذا الكم الجزيل من المعلومات. لك الود والمحبة.



    حمزة الدين سفير الموسيقى النوبية

    بقلم كين هارت
    ترجمة: بانقا الياس

    ربما يبدو من المضحك لشخص مثلي نشأ في جنوب لندن، وفي شارع يدعى شارع الكمنولث، أن لا تترك الموسيقى الأفريقية إي أثر على شبابي، بينما يهدهد ني في آخر الليل لأنام دوي موسيقى غرب الهند المزدهرة في نهايات الخمسينات، دون أن أتذكر أي موسيقى نيحيرية أو غانية قد صاحبتني في سنوات النضج، حتى استمعت إلى المجموعة الثانية لنهضة الموسيقى الفلكلورية التي قدمت في الحفلات المسائية لمهرجان نيوبورت للموسيقى للفلكلورية الذي لم يحقق النجاح المتوقع له. والموسيقي الأفريقية الوحيدة التي استحضرها كانت لحمزة الدين ( حمزة علاء الدين) سفير الموسيقى النوبية. ولكن في الوقت الذي أصبح فيه حمزة عازف العود والمغني يظهر في اعلانات مهرجان نيوبورت للموسيقى الفلكلورية كانت له حياة نابضة خلفه وأخرى أكثرحيوية تمتد أمامه.
    يشتهر وطن حمزة النوبي بتكوينه الصخري،الذي اكتسب شهرة بإنجاز الأعجوبة الهندسية لخزان أسوان الذي أكتمل العمل فيه في عام 1902، و طوَّر في عام 1912 ليربط أعلى النهر بصورة أكثر فعالية. ولد حمزة في العاشر من يوليو 1929 في منطقة وادي حلفا قرب الحدود السودانية- المصرية. وبعد خمس سنوات غمرت مياه تعلية خزان أسوان المزيد من أرض النوبة فرحلت أسرة حمزة قبل أن يبني ما يعرف بسد أسوان العالي. و من المدهش أن تلك المياه قد روت خياله الموسيقي. اختار له والده أن يدرس الهندسة ليحصل على وظيفة محترمة وكأي أبن نجيب لبى رغبة والده وأكمل دراسة الهندسة وتخرج فيها مهندسا. عمل في السكك الحديد المصرية وروحه تضمر عشق الموسيقى منذ صباه الباكرولربما غذي ذلك سرا جده الذي رباه والذي كان يعشق الأدب الصوفي والفن، فقدم إليه شعر ابن الرومي ولربما كان معجبا بتعلق حمزة بالفن والأدب وخاصة ترجمة كولمان بارك "مزيدا من قصائد ابن الرومي".
    تلعب الموسيقى دور ضئيلا في خلفيته الثقافية، فتربيته الاسلامية كما يقول" لم تكن بالصارمة في الواقع ، ولا بالأرثوذكسية المتشددة، بل كانت متساهلة". وكان كثير من المجتمعات لا تحبذ صنعة الموسيقى ويؤكد حمزة " إنها الثقافة السائدة وليست الدين ، فالثقافة هي التي تؤثر فينا". ولذا عندما ضربته الموسيقي ضربته بعنف وعن ذلك يقول" عندما كنت ولدا صغيرا جئت إلى القاهرة وتعرضتُ للحياة الحديثة بكاملها. حيث ولدت لم تكن لدينا حتى عجلة نلعب بها. وفجأة أكتشفت أن صندوقا رماديا له زرأصفر يقبع في زواية المقهى الموجود في في أسفل العمارة التي كنا نسكن فيها يصدر أصواتا عجيبة. كان ذلك الراديو وكانت تلك أول مرة أشاهد فيها واحدا. سمعت هذا الصوت. كان شيئا لم اسمعه من قبل وكانت تلك أول مرة اسمع فيها موسيقى. كان ذلك في الخامسة أو السادسة من عمري ذهبت فيها مع والدي إلى مصر. فيما بعد اصبحت الثقافة الموسيقية المصرية بالنسبة إليّ مألوفة".
    كانت سمعة القاهرة في الثلاثينات تعد واحدة من أكبر المدن الموسيقية ومصرمن واحدة من أعظم الأمم الموسيقية. كان عصر بزوغ نجوم كبار في قامة محمد عبدالوهاب وام كلثوم، الموسيقيون الذين تجاوزا الموسيقي الشعبية العربية لعدة عقود،و تبعث موسيقاهم طربا يتمدد أبعد من الحدود السياسية المصرية في ذلك الوقت. و يعلق حمزة بظرف ”بين كل مقهى ومقهى آخر، كان هناك مقهى وفي كل مقهي يوجد جهاز راديو. عندما تمشى على الشارع تستمع إلى الموسيقى بلاانقطاع. خاصة إذا كان في تلك الليلة حفلة لأم كلثوم،تكون كل البلد في حالة استماع لها. وانت تتمشى على الشارع ستكون نفس الأغنية تتابعك حتى ولو سرت لمدة نصف ساعة ستسمع إلى نفس الأغنية في أي مكان." أما كيف دخلت الموسيقى حياته فيقول " أكتشفت أثناء دراستي للهندسة الكهربائية بجامعة القاهرة جمعية الموسيقي وصار بمقدوري الدخول إلى غرفة الموسيقى ولمس تلك الآلات لأول مرة في حياتي. لأن الموسيقى لم يُسمع بها في ثقافتي، فهي ليست نوبية. ولا يسمح والدي بها إطلاقا. وهكذا تعرفت على آلة العود". للعود أشكال عديدة منها العود العربي المستحدث قصير العنق وعود حمزة له ستة أوتار مزدوجة.ويقتطف منها عادة أكثر النغمات شاعرية بريشة صقر تنقر الطريق مابين الموسيقي والمستمع الذي عبَدهُ النشاط السياسي للطلاب." كنت أدرس الهندسة الكهربائية، وكدارس للهندسة ستكون على علم بشيء مثل تعلية خزان أسوان، لقد تأثر أهلي من قبل بخزان أصغر يدعي خزان أسوان قبل السد العالي. وبالطبع يفقدالناس شيئا نفسيا عندما يرحلون. كنت أخشى أن يكون أهلي قد تأثروا بمياه تعلية خزان أسوان التي ستغمر الأرض التي عشنا فيها منذ فجر التاريخ. وكما تعلم الشباب في الجامعات دائما نشطون سياسيا وأنا كنت واحدا منهم استخدمت الموسيقى لشحذ الهمم للوقوف مع المصلحة الاجتماعية لأهلي."
    حصل حمزه بعد التخرج على وظيفة مهندس في السكك الحديد المصرية. وبعد فترة قصيرة شرع في تعلم الموسيقى في معهد الموسيقى في القاهرة. ويتذكر قائلا " في ذات الوقت كنت ألحن لأهلي.لم تكن لدي خلفية موسيقية ولا لأهلي، ولهذا لو فعلت أي شيء يبدو لهم مسليا،ويعجبون بأي شيء حتى تلك النغمات التي تصدر عندما أدوزن عودي."
    في انتقاله إلى روما لإكمال دراساته الموسيقية ألتقى حمزة بمهاجر امريكي ونشأت بينهم صداقة حميمية باهظة البساطة، كان ذلك جينو فورمان الذي فكر أن يزور بلاد النوبة. و لكن صرف النظر عن هذه الفكرة بعد التخرج وصارت له فكرة أخرى. يقول حمزة عندما انتهينا من الدراسة " أقترح جينو أن أذهب معه إلى أمريكا لأجراء أول تسجيل لي قبل رجوعي إلى الوطن. كان صديقا للمغنية الشهيرة جوان بايز والمغني بوب ديلان وغيرهم. سلمهم شريطا قصيرا لتقديمه إلى الشركات التي يسجلون فيها. أخذت جوان بايز الشريط إلى شركة فان غارد وهذا ما أتي بي إلى هنا."
    أثمرت علاقة حمزة مع فان غارد ألبومين، موسيقى من النوبة صدر في 1964 وتلاه بعد عام ألبوم العود. ومع ذلك كان التعرف على موسيقى حمزة بالنسبة إلى الكثيرين عبر المقتطفات الموسيقية للحفلات المسائية لمهرجان نيوبورت للموسيقى الفلكلورية. سألت حمزة كيف استطعت أن تحصل على فرصة للظهور في مهرجان نيوبورت، أجابني " حسنا، كم كريم هو الله، جئت إلى هنا في اكتوبر عام 1962 وكنت في متصف عملية التسجيل. ذهبت مع جينو إلى بوسطن وأخذني هناك إلى نادي بعودي المكسور لقد جئت إلى هنا بعود مكسور. وطلب مني أن أعزف بالطبع ما كنت سأعزف إلى أناس يشربون لكن فعلت ذلك من أجل جينو.. بعد انتهائي من العزف تقدم نحوي شخص محترم وسألني " هل تود أن تعزف في مهرجان نيو بورت؟" لم أكن أدرى ماذا يعني مهرجان نيوبورت! حسبته ناديا مثل الذي كنا نحن فيه. أجبته ، " نعم.. إذا كانوا لا يشربون." ضحك طويلا لشجاعتي وسذاجتي وانصرف.

    وفي الوقت الذي كان يناقش فيه معي فكرة الأشتراك في مهرجان نيوبورت في عام 1964 ، حلّ يوم حقوق الانسان في الأمم المتحدة في نيويورك. علمت إنهم يستخدمون موسيقى في ذلك الاحتفال. قدمت نفسي وحاولو رفضي بحجة إنهم يعزفون موسيقى كلاسيكية. سألت الموظف، " ماذا تقصد؟ من الذي قال أن الموسيقى الغربية وحدها الموسيقى الكلاسيكية؟". كان يوثانت السكرتير العام للأمم المتحدة وقد حدث أن قابلته ذاك اليوم وشكوت له بأننا لن نستطيع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الانسان. قال " من الذي قال ذلك؟" قلت له " ذلك المحترم الذي يدير المكتب. دعاه، فقدمني، وعزفت في اليوم العالمي لحقوق الانسان. كان ذلك نجاح آخر دفع االقائمين على مهرجان نيوبورت لقبولي من غير تردد."
    صار حمزة رقما ثابتا فيما يسمي (بحلقة موسيقى الصفوة) كان هناك شغف كبير بموسيقاه االكلاسيكية الغير غربية، غذى جانبا منه الاهتمام بالموسيقى الكلاسيكية الهندية. ويذكر على سبيل المثال مقابلته للمؤلف الموسيقي تيري رايلي في كاليفورنيا 1968 وكيف قاد ذلك اللقاء ليعمل حمزة كمعلم وموجه للموسيقى. كما أثمرت العلاقة بينهما في عام 1990 إلى تسجيل رباعيات كرونوس وهي من تأليفه.
    بالرغم من أن حمزة قد عرف بعزفه للعود حتى في تسجيله الأولي المفرد لفان غارد بمصاحبة ساندي بول الذي يقرع على آلة البونغو فحمزة يقرع الطار أيضا. والطار هو آلة النوبة العذبة الصوت، أرجو أن لا نخلط بينه وبين الآلة الإيرانية الوترية التي تحمل نفس الأسم. يقول حمزة" يُستخدم الطار بصورة واسعة ولم يصر أحد آلالاتي إلا بعد أن بدأت في تدريس التذوق الموسيقي في بنسلفانيا في عامي 1966/1967 . والعود هو آلتي الشخصية حتى وأنا في وطني."
    إن مفتاح التأليف الموسيقي عند حمزة يبدأ بإشارة نغمية تسكنه، وهي صوت اسكالاي أي الساقية باللغة بالنوبية. وصارت الساقية أسم الألبوم الذي أصدرتة شركة ننستش اكسبلورار في 1971 بغلاف لقطعة موسيقية لمحمد عبدالوهاب وأغنية (نوبالا) بالطار.وقد وضع هذا االألبوم اسم حمزة في الخارطة الموسيقية بالنسبة للكثيرين. (وقد أعدت ننستش اكسبلورار الخطة لإعادة إصداره في 1997 بالرغم من أنه قد صدر مسبقا من فرعهم في اليابان.)
    أما ميكي هارت الذي سجل ألبومه كسوف في يناير 1978 قد جعله ضيف شرف للعديد من حفلات قريتفل ديد، ومن أهم هذه الحفلات التي لاتنسى تلك التي كانت في الأهرامات والتي كان التقديم فيها أيضا فونوغرافيا أثناء الكسوف الكلي للشمس في سبتمبر من نفس العام. ويقول هارت " كان ذلك أول لقاء لي مع حمزة. والجميع كان قد استمع إلى ألبوميه الساقية وكسوف. ويتم تدوالهما بصورة واسعة لقد كانا فريدين حقا. كانت موسيقى ناعمة. وأول موسيقى ناعمة تعزف بالنقر تقابلني. وأول موسيقى صحراوية. لقد أسرتني.وهي الأول من نوعها،كان صوته حريريا ولكن به مسحة من رمل أيضا. وبالطبع هو سيد الصمت في المسافة بين النغمات. كم كانت تلك التسجيلات رائعة جدا."
    أما الساقية التي كانت أول اصدارت حمزة بواسطة نن ستش اكسبلورار فقد أعيدت بسياق جديد في عام 1992. وصارت أقدم وأفضل المقطوعات في ألبوم رباعيات كرونوس، مقطوعات من أفريقيا الذي صدر في 1992 .
    والساقيه هي اللوحة المركزية في ألبوم اسكالاي، فالساقية عند النوبيين ليست مجرد آلة لرفع المياه بل رمزا للحياة نفسها. مثلما يجر الثور الساقية التي تصدر صريرا في دوراتها المتكررة القاسية، تطلق إيقاعاتها الرتيبة أصواتاً تشحذ خيال الحالمين فينسجون على تلك الايقاعات كلمات ولحن كل يغني على هواه.
    ويتذكر حمزة الطقس االذي كتب فيه تلك الموسيقى" كانت البداية في عام 1964 العام الذي توجب على أهلي فيه ترك قراهم ليستضيفوا مياه خزان اسوان العالي. وبعد رجوعي للوطن في عام 1965 بعد تسجيل الألبوم الأول واشتراكي في مهرجان نيو بورت واليوم العالمي لحقوق الانسان في الأمم المتحدة. زرت أهلي في مناطقهم الجديدة فأدركت كيف تغيروا. وعندما عدت إلى الولايات المتحدة كنت جالسا في الأستديو الخاص بي وحاولت العزف على العود لكني لم استطع أن أمسك بأي نغمة فطفقت أردد سأذهب لتناول الغداء.. سأذهب لتناول الغداء.. سأذهب لتناول الغداء وهو ترديد لنغمة الساقية. وفجأة جاء ني شخص من لوس انجلوس برفقة صديقته طالبا مني تسجيل بعض أعمالي لشركته. ما أن رأت صديقته رسوماتي على الحائط حتى شهقت قائلة " يا ألهي لدي بعض الشرائح المصورة تشبه هذه اللوحات تماما." طلبت منها رؤية تلك الشرائح فأخذتني إلي منزلها ووضعت الشرائح في البرجكتور، كانت رحلة نيلية من أسوان إلى وادي حلفا على الحدود السودانية. لم تكن القرى النوبية تظهر في شكل دائري لكنها تحتضن النيل، تعرفت على كل جبل وقعت عليه عيناي وكل مرفأ أو شاطيء رأيته وكنت أعرف أين أنا في كل لقطة لقد كنت منفعلا نفسيا. أهدتني الشرائح والبرجكتور. رجعت إلى منزلي فسجلت تكرار صوت تلك الساقية حتى قبل أن اسجل الساقية. أدرت شريط التسجيل ووضعت الشرائح على البرجكتور، فكنت مع الموسيقى كأنني أجلس على الساقية وارى العالم يدور من حولي. كان العالم نفسه يدور حولي وأنا جالس في اتجاه واحد. عندها أدركت أن تلك المقطوعة من الممكن أن توصف الساقية.
    أما البوم كسوف الذي سجله هارت كان عبارة عن محاولة للأمساك بجوهر التقليد النوبي الذي يتقدم نحو النهاية. فإذا كان العرف النوبي هو الماء، فإن كسوف كالشادوف وأعمدة الإرتكاز التي تنقل الماء إلى جداول الري. يقول حمزة " سميته كسوف لأنه أسلوبه الموسيقى يتلاشى. مثل اسلوب أغاني ام كلثوم الطويلة، والتي لن توجد مرة أخرى. والموسيقى هذه الأيام مثل السندويتشات، والسندويتشات لا تشبعك. لكن أغنيات أم كلثوم كانت مشبعة. ونوع موسيقاي وتصفيق الأيادي االمصاحب لها ما عاد يُستخدم كثيرا. خاصة بعد خزان أسوان العالي بدأ ايقاع أهلي يكون أسرع وما عادوا يركزون على الروح الهادئه في موسيقاهم. ولهذا سميته كسوف لأن الموسيقى فيه تتلاشى."
    وصلتني في عام 1981دعوة من اليابان لحضور سمنار عن وجه الشبه بين آلة العود وآلة البيوا " أكتشفت اليابان وثقافتها. وقعت في حبها فقررت أن استقر فيها." كان حمزة في تلك الأيام يتنقل بين اليابان وأمريكا ولكن اليابان هي التي قامت بطباعة سيرة حياته باللغة اليابانية تحت عنوان الرحلة: مثلما يتدفق النيل. ثم طلبت منه قناة NHK اليابانية أن يكتب في 1990 اللحن الأوكسترالي نوبيانا واصفا فيه كيف ينشط دورة الساقية.


    * Folkroots,Nov.1996
                  

10-02-2006, 10:36 PM

نادر الفضلى
<aنادر الفضلى
تاريخ التسجيل: 09-19-2006
مجموع المشاركات: 7022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: Bannaga ELias)

    رحم الله حمزة علاء الدين

    كان عندما بعزف على العود كأنما تستمع لفرقة أوركسترا كلها تعزف على آلات عود متوزعى الأدوار من لحن أساسى، صولو، بيز وإقاع

    معليش يأأستاذ الموصلى لا يفتى ومالك بالمديته ـ أقصد البورد!

    (عدل بواسطة نادر الفضلى on 10-04-2006, 08:15 PM)

                  

10-02-2006, 11:49 PM

Hatim Salih
<aHatim Salih
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 706

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: السفير/عبد المجيد على حسن)

    تسني لي معرفة الكثير والمثير عبر هذا المقال فالشكر لسعادة السفير على هذا السرد الرائع والدسم.
                  

10-03-2006, 03:55 AM

محمد سنى دفع الله
<aمحمد سنى دفع الله
تاريخ التسجيل: 12-10-2005
مجموع المشاركات: 10986

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: Hatim Salih)

    الشكر أجزله لسعادة السيد السفير
    ورمضان كريم
    والتحية لكل من وثق حرفا اوجمع أعماله هذا الفنان الخالد
    والذي نتمنى ان تجمع اعماله
    فهو من الفنانين العالميين
    النادرين وحري بنا الإحتفال به
    مودتي
                  

10-04-2006, 04:56 PM

Ibrahim Idris
<aIbrahim Idris
تاريخ التسجيل: 08-18-2006
مجموع المشاركات: 270

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: السفير/عبد المجيد على حسن)

    سـعادة الـسفير عبد المجيد علي حسن،

    إنها "الحلقة الصفوية في الكتابة" التي دفعتني للولوج للكتابة حول موضع رائعتك التوثيقية أعلاه ؛ كان صوت العود المصحوب " بالدف" و "الطار" والمنبثقة من طلت كلماتك التي أتت في صوفية فنية متغربة هي الهم الذي سكنني وأنا أتابع مفاصل الورقة وأتون المعلومة الملتهبة حول تجربة الرائع " حمزة"، لكم هو عظيم التنصل من الخاص لتنتقل وتنقلنا للعام في متابعة الظاهرة المبدع الخلاق و المتجدد في تقديم تراث من أقدم الحلقات في تطور التاريخ الفني لأقدم شعوب المنطقة بل تجزير ماضيه في هذا اليوم المعاصر من تجارب إبداع البشرية من خلال المدرسة " حمزة".

    - كما أسلفت لست أنا بالمتخصص في العلوم التي تقدمت بعرضهافي منهج دراسة المرحوم المقيم الأستاذ حمزة علاء الدين. والتي يجب أن تكون القاعدة في متابعة إنتاجه و رحلته الفنية وتجربته الفريدة في التعدي و تجاوز " المحلية" التي لا أبغضها عند الإبداع . حيث عالمية الفن تبدأ من محليته عكس ظاهرة الأستاذ " حمزة في جزئية في تجربته والتي أصفها مجازاً " بالمعقدة" أو " المشكل" ، وحيث لكل قاعدة إستثناء ؛ أجد أن ورقتك أتت علينا في مقام الدراسة؛ لحين أن تأتي جهينة " بخبر الدراسة الأكادمية المتخصـصةالشاملة ".

    - وأنا أتابع تفاصيل " الورقة " ومراحل تطور الأستاذ " حمزة" بين " الوادي"والقاهرة وإيطاليا وأمريكا مروراً بالمدن العالمية و التجارب الأكادمية المتعددة وغوره في أدب وفن " الأفارقة الأمريكين" كما أراد تسميتهم المناضل العالمي " مالكلوم إكس" والتي قدم جزء منها الراحل الأستاذ " على المك" في كتابه نماذج من الأدب الزنجي الأمريكي ... تخيلت تجرته الفنية مقارنة بتجربة " الكوشي" القائد و السياسي المجدد " أركماني " 70 - 260 ق.م والذي أقتبس من تاريخيه المعلومة التالية من أركامانى مجلة الآثار والأنثروبولوجيا الســـودانية أبرز ملوك السودان القديم وملكاته.

    "القصة غالباً ما تكون حقيقية، ذلك أن (أركامانى- كو) كان أول ملك يشيد هرمه فى مروى (البجراوية) لا فى نبتة (أي نوري). العديد من التغيرات وقعت خلال فترة حكمه وبعده. على سبيل المثال، بدأ الكوشيون فى تطوير أساليبهم الفنية والمعمارية الخاصة والتى كانت تختلف عن الأساليب المصرية. واخترعوا الكتابة المروية، والتى حلت محل المصرية فى تلك الفترة. وأصبح الإله المروي الأسد أبادماك بقوة الإله المصري آمون. ويبدو أن اسم الملك يعني " أركامانى ملك"، ويعتقد العلماء أنه كان مؤسساً لأسرة حاكمة جديدة. ويعتقد بأن حكمه كان بمثابة بداية للعصر المروي. "

    - الذي يتمعن في تسلسل رواية المبدع حمزة في مجال تخصصه يقابل الذي تلمسته أنا من قصة الملك " أركامانى- كو" ...قد يكون في حديثي " المبالغة المخيفة" لكنه لهب الفن الذي يخرق شعيرات الدم في عقل المتلقي.

    - أنا أتحدث عن فنان تعرفت به وبرؤيته التي عرض جزء من تفاصيلها سعادة السفير عبد المجيد وذلك عندما قدمته في فرع الأتحاد العام لطلية إريتريا في شارع شريف بالقاهرة مع زميلتي منى شرفاي التي تجلس اليوم كعضوة برلمانية في العاصمة السويدية " أستكهولم " ممثلة لحزبها والتي كانت في ندوة خصـصة للمرحوم حمزة علاء الدين في منتصف السبعينيات للطلبة الأريترين .

    .... أتحدث أنا في هذه العجالة عن شخصية شاهدتها في " مركز كندي " بواشنطن في نهاية القرن العشرين بدعوة طيبة من الناشط الأستاذ التوم مبارك وزوجته " اليس" البريطانية العاشقة للسودان و القرن الأفريقي. كانت الندوة ينطبق عليها نمط العالمية في التقديم والعرض و الحضور المتلقي ، كانت واشنطن الفنية بحضورها الأكايمي الفخم حاضرة ومستشرقة بهذا " النوبي الكوشي" نحو تذوق الخصوصية النادرة ، شاهدناماكتب في مقالة سعادة السفير - العود - أنواع الدف و الطار تحلقنا في موسيقاه بكل أنواعها حيث عرض التاريخ و الفن المصري السوداني و النوبي وبين في تلك الندوة الكثير مما عرضه الأستاذ في ورقته أعلاه ؛يخيل لي أنني تفهمت ما قيل في تلك الندوة في واشنطن وفي ندوة القاهرة و إنتاجه الذي إستمعت له مطولا في تلك CD's من جديد بعد إطلاعي على الورقة أعلاه التي أصفها يالورقة الإستثناء .

    في تواضع المتلقي و المستشف للكتابة الخاصة أقول لـسعادة السفير :..هل هناك أضافات أخرى وهل .. وهل.... : تلك الأسئلة التي تنتمي للقلق و ترصد الإبداع . لا أقول ما كتبته هو إضافة حيث لا أغالي إن قلت هذا نص إبداعي جديد في أدب الكتابة التي نود لها الأستمرار و التعدي من جديد لتقديم هذا النوع المعادي في أصله للجهل وتبخيس الخلق الفني . أقل ما يمكن أن اقوله : هانا أتعلم من جديد تذوق التاريخ في الحاضر الفني.

    - شـكرأ لهذا الأبداع و شكراً للمقدم الفضائي الأستاذ بكري لهذا الجمال.

    اقدم لكم من ترجمة للأستاذ علي المك .. في ذكرى المائة ليلة لرحيل الفنان حمزة علاء الدين قصيدة كلود ماكاي في مواجهة العنصرية و العصبية التي تحاول نفي الأخر , وبالرغم من النضال السلمي للفقيد في تعريف تراته ، تجدوني مرغم بأن أقدم قصيدة تناسب حجم الفقد ، حيث تلمست أدب الكاتب في محاولة تأنيبه لحالة " تغيب الذكرى من البعض" لرحيل الفقيد.

    - إن لم يكن من الموت بد -

    "إن لم يكن من الموت بد... فيجب ألانموت كالخنازير
    تـصاد .. تحبـس في مكان شـأئن
    بينما تنبح من حولنا الكلاب الجائعة
    تـسخر من جنسنا الملعون.
    إن لم يكن من الموت بد.. فلنمت في نبل
    حتى لا يهدر دمنا الغالي عبثاً
    ونرغم الوحوش - التي نتحدى -
    أن تحترمنا حتى في موتنا
    فلننهـض في وجه عـدو مشترك.. يا أهلي
    نظهر له شجاعتنا .. رغم تفوقه العددي
    ومقابل ألف ضربة منه .. نوجه له الضربة القاتلة.
    ماذا بقى لنا؟

    قبـر مفتوح.
    إن علينا أن نواجه الجمع المجرم كرجال
    ظهورنا إلى الجدار... نـشرف على الموت ولكننا نقاوم."




    رحم الله فقيد العلم و الفن.

    للذين شاركوا في تشيع " فقيد الإبداع و العلم" تقبلوا تعازي الفقراء لكل ما هو مبدع وخلاق في محراب الفن.


    لـسعادة السفير : لك منا التواصل نحن معـشر " الكوشية " في إريتريا!

    إبراهيم

    (عدل بواسطة Ibrahim Idris on 10-04-2006, 05:00 PM)
    (عدل بواسطة Ibrahim Idris on 10-04-2006, 05:04 PM)

                  

10-05-2006, 09:56 PM

Aymen Tabir
<aAymen Tabir
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 2612

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: Ibrahim Idris)

    مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا
    رحم الله حمزة علاء الدين
                  

10-05-2006, 10:40 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: Aymen Tabir)

    استضافة الملف بواسطة sudaneseonline.com
                  

10-23-2006, 12:40 PM

حسن الملك
<aحسن الملك
تاريخ التسجيل: 06-16-2003
مجموع المشاركات: 725

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: بكرى ابوبكر)

    منقول من المنتدى النوبي العالمي

    ان تكون موسيقارا شىء يشترك معك فيه الكثيرين .. اما ان ترسم بالموسيقى تاريخ امة وتشكل من اوتار العود ازمنه وحقب.. وتستحضر باللحن الامس و تداعب وجدان الدهر.... ملكات لاتتوفر الا لصوفى ارتقى بروحه المبدعه لمصاف داود ومزاميره حين اسمع من فى الارض الحان اهل السماء.. حمزه علاءالدين بث الحب لحنا فى اثير الزمن و صاغها ترانيم ابديه اعادت لحضاره ارض الذهب لمعانا كاد ان يخبو .. خلد الارث والحضاره النوبيه فى قارات الارض ... اخذنا طوعا فى اروع حاله استسلام روحانى لمعبد بوهين لسماع الالحان الملكيه تعزف لتهراقا ..وارقصنا طربا بنشيد بعانخى , و اسمعنا تراتيل و اجراس كاتدرائيه فرص.. و ارتحل بنا لزمان النور فتوضاءنا نغما واغتسلنا من شلال لحظه تصوف لنصلى معه صلاه العيد (صلاه العيد اسم مقطوعه موسيقيه لحمزه ) حمزه هذا العبقرى وحده يقدر ان ينقلك من حاله تصوف الى اخرى كما ينتقل من سلم خماسى الى سباعى دون الاخلال بالوان الحلم ... حمزه علاء الدين سيبقى السمفونيه الخالده فى ذاكره الانسان النوبى

    خليل عيسى

    اضافه
    اول مره التقيت فيها بالاستاذ حمزه علاء الدين رحمه الله كان فى منزل عمنا المغفور له حسن الزبير فى الخرطوم حى الامتداد وجلست فى حاله اندهاش وانا اراقبه هل يعزف حمزه العود ام ان العود يعزف حمزه وتعلمت وانا فى مقتبل العمر ان لحظه التصوف قد تكون عمرا باكمله وفى تلك الامسيه كانت من ضمن الدرر دره( صلاه العيد ) وبمناسبه العيد السعيد كانت ( صلاه العيد) هى الملهم والدافع لما كتبت
                  

10-25-2006, 11:21 AM

حسن الملك
<aحسن الملك
تاريخ التسجيل: 06-16-2003
مجموع المشاركات: 725

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مائة يوم على رحيل الفنان حمزة علاء الدين (30/8/2006)سفير الفن النوبي إلى العالمية... وداعًا (Re: حسن الملك)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de