المهدي : خيارنا الحرية .... او الغابة

Quote: العدد رقم: 298 2006-09-03 المهدي: خيارنا الحرية.. أو الغابة. خبراء: الدستور يسود هدد زعيم حزب الأمة المعارض حكومة الوحدة الوطنية باللجوء الى الغابة حال استمرارها في مصادرة حقوق الآخر. واعتبر الصادق المهدي النظام سقط في امتحان الحريات اثر منعه للتظاهرة السلمية التي كانت تعتزم مجموعة من القوى السياسية تسييرها ضد زيادة أسعار المحروقات والسكر، محددا خيارين للتعامل معها؛ اما طريق الحرية، او طريق الغابة. ويبدو ان الرجل شرع فعلا في جس نبض الحكومة بتحويل دور الحزب في التظاهرة السابقة من مشارك رمزي الى قيادي، وأعلن تبنيه لمسيرة الأربعاء المزمعة لانتزاع الحق الدستوري لجهة الاحتجاج والتنديد، وسعي الحزب لتفويت الفرصة على الحكومة، وأكد انه بصدد اخطار السلطات المعنية. واستبق الخطوة جدل قانوني حول سيادة الدستور في ظل عدم توافق القوانين معه، على خلفية مشروعية الجمهرة السلمية اردف بجدل سياسي ثانٍ حول جدوى المظاهرات في وجود ثلاثة تيارات متباينة داخل حكومة الوحدة الوطنية، بينما حظي فض التظاهرات الأخيرة بتعليق من شركاء حكومة الوحدة الوطنية. وانتقد وزير رئاسة مجلس الوزراء دينق الور المسلك، مؤكدا عدم فائدة العنف طالما ان المسيرة تمثل تعبيرا ديمقراطيا لا يمس مصالح الدولة ولا ينتهج العنف. وقال رئيس البرلمان احمد ابراهيم الطاهر ان السلطات ليست لها الحق في رفض اي طلب للتظاهر السلمي، وأضاف (حسب علمي الأذن من السلطات عرف موجود منذ النظام الديمقراطي). سنقود المقاومة وعلى الصعيد ذاته ابرز زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي تمسك قوى المعارضة بالمضي قدما نحو مراميها وانتزاع حقها الدستوري في مناهضة القرار الحكومي بزيادة سعر المحروقات والسكر، وأكد ان تعامل الحكومة مع التظاهرة السابقة اثبت عجز النظام. وأكد لـ(السوداني) وجود خيارات للتعامل مع الخطوة في طريق الحرية او طريق الغابة، واعتبر مصادرة حق التعبير المدني السلمي سقوطا للنظام في امتحان الحريات، وقال سنقود المقاومة: اما الحرية او تصريفات غابية. وأشار زعيم الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد ان الاجتماع امر مشروع على افعال غير مشروعة، وأكد ان التظاهرة حق مكتسب لا غرابة فيه، وأن فض الشرطة للتجمعات السلمية يتنافى مع الدستور ويتعارض مع التقاليد والأعراف التي تمسك بها الشعب السوداني قبل الاستعمار، وأضاف ماذا تريد الحكومة ان تعلن زيادة وأخرى فيما تنتقص من حرية المواطن وحقه في التعبير؟ وقال ان التظاهرة الأخيرة مشروعة على زيادة غير مبررة تلقي بظلالها على كافة السلع. وأطلق زعيم الحزب الشيوعي سؤالاً عن عائدات البترول بعد تحقيق السلام وقال: (اين ذهبت اموال البترول بعد توقف الحرب؟). القانون يخضع للدستور وبشأن الجدل القانوني حول مشروعية الجمهرة السلمية وسيادة القانون في ظل وجود قوانين لا تتطابق مع مضامينه (تشير (السوداني) الى ان المادة (39-1) من الدستور كفلت حق التعبير والمادة (40-1) منحت حق التجمع السلمي)، قال د.بركات موسى الحواتي، عميد كلية القانون بجامعة جوبا، من ناحية مبدئية مبدأ المشروعية ان يخضع القانون للدستور، والمتعارف عليه ان اي تجاوزات للدستور اذا عرضت على المحكمة الدستورية فإنها تصدر قراراً بإبطالها، وإذا لم تصل الى المحكمة تكون في ضمير المجتمع باطلة، وأضاف ان مبدأ المشروعية ان لا يتجاوز التشريع الأدنى (القانون) الدستور، بمعنى ان السيادة للدستور. لكنه عاد ليقول ان الدستور مرتبط بالتفصيلات التي ترد في القوانين غير المعدلة، وإن الحل الأمثل لحسم الجدل هو تعديل القوانين، وقال اذا تحصلت قوى المعارضة او اية جهة اخرى على اذن من السلطات لتسيير اية تظاهرة يكون احتجاجها قانونيا والخطوة سليمة. ولكن السؤال الملح: ما هي مشروعية رفض الطلب او القبول به؟ لا مصادرة للحريات وللإجابة على تساؤلات د.بركات قال الدرديري محمد احمد، الناطق الرسمي باسم مفوضية الدستور، ان السلطات المعنية هي التي تمارس حق السماح بالتظاهرات من منطلقات ديمقراطية، وقال ليست عيبا ان يوكل الأمر الى جهة ما ولكن العيب يكمن في كيفية تعامل الجهة التي اوكلت لها المهمة، بحسبان انها يمكن ان تتعسف في المنع. وأبرز الدرديري وجود معالجات ادارية بأن تشتكى الجهة المعنية الى المحاكم الإدارية. وفي السياق ذاته رفض الدرديري الربط بين فض التظاهرة الأخيرة وتأخير تعديل القوانين، وأكد انه لا علاقة بين الأمرين وأن القوانين الحالية لا تتضمن مواد تقيد الحريات الدستورية، وأكد ان الحكومة طلبت مرارا وتكرارا من الجهات - في اشارة الى الأحزاب السياسية - التقدم بمشاريع قوانين لكنها لم تتلق اي مشروعات، وقال ان الحديث عن ان القوانين الحالية تصادر الحريات حديث يفتقر الى السند، وأن المخالفة الوحيدة بين القوانين والدستور انها تحتفظ للمركز بسلطات خولها الدستور للولايات. مخالفة الدستور ولفت مسؤول الدائرة العدلية بالمؤتمر الشعبي كمال عمر الى ان الدستور هو القانون الأسمى والذي يعلو كل القوانين، وقال الأصل سريان الدستور على الأدنى وهو القانون، وقال انا اخذنا الجمهرة السلمية الأخيرة على سبيل المثال فالدستور يجوزّها وقانون الأمن الوطني يمنعها، ولكن في ظل المتغيرات السياسية يجب الأخذ بالدستور لأن معنى سيادة حكم القانون المراد منها القانون الذي يحفظ حرية المواطن. واعتبر المحامي البارز في الحزب الاتحادي الديمقراطي علي محمود حسنين ان فض التظاهرة السلمية مخالف للدستور، وأكد ان الحكومة سجلت خرقا للدستور مرتين على التوالي، اولهما في زيادة الأسعار وثانيهام في فض التظاهرة التي كانت تعتزم الاحتجاج على الخطوة، وأكد ان الحكومة تعمدت الأمر، وأشار الى ان زيادة سعر المحروقات تخالف نصوص المادة (111)الفقرة (3) التي تمنع تجاوز الميزانية المجازة الا بقانون عبر البرلمان، وأنه لا يحق لرئيس الجمهورية ان يصدر اي موقف لأن المادة (109-2) من الدستور تمنعه من اصدار قانون يتعلق بالموازنة المجازة، وإصدار الزيادات يخالف الدستور ويعتبره باطلا، وأردف حسنين، وعندما اراد المواطن اعلان رفضه للزيادة غير الدستورية وفق نصوص الدستور الذي يتيح له حق التعبير دون قيد وحق التظاهر السلمي دون مصادرة قامت الحكومة بفض المظاهرة السلمية عبر الهراوات بغاز (جديد) مسيل للدموع، وهذا في حد ذاته مخالفة دستورية. وأكد حسنين ان انتهاك الحكومة للدستور اصبح انتهاكا مركبا ومؤشرا قويا على عودة الشمولية الرافضة للآخر. ظروف غير عادية غير ان عضو المفوضية القضائية وليم اطون خالف وجهة نظر الثلاثة السابقين واعتبر الجمهرة السلمية في ظل ظروف غير عادية تتطلب اذنا من السلطات المختصة، وترفض السلطات في حالة التأكد من ان الأهداف غير نبيلة، وأشار الى ان تحديد المعارضة للمسيرة تزامنا مع مسيرة المؤتمر الوطني ضد القوات الدولية امر ينبئ بهذه الخطوة. وأكد اطون ان حق التعبير مكفول في الدستور ولكن الدستور لا ينفذ من تلقاء نفسه وأنه مربوط بقوانين اخرى لم تعدل بعد، وأبان ان المادة في الدستور تظل معلقة اذا كانت تفاصيلها مضمنة في احد القوانين غير المعدلة. وأكد وليم أطون ان مبدأ الاحتجاجات او حتى الانقلابات اصبح امرا غير مجدٍ في ظل وجود ثلاثة تيارات متباينة، وأشار الى ان الأفضل للقوى المعارضة ان تحقق حرياتها عبر الانتخابات المقبلة، والعمل والإعداد لتلك الانتخابات عبر برنامج وطني، وقال ان فاتورة السلام اغلى من فاتورة الحرب. يذكر ان حزب الأمة القومي اعلن في بيان امس عن مسيرة ضد زيادة سعر المحروقات والسكر، وفضت الحكومة الأربعاء الماضي تظاهرة كانت تعتزم مجموعة من القوى المعارضة تسييرها وشارك فيها حزب الأمة مشاركة رمزية، وقال الأمين العام لحزب الأمة لـ(السوداني) ان التحضير للمسيرة بالتنسيق مع القوى السياسية يمضي على قدم وساق، وإن حزب الأمة بصدد تبليغ السلطات المعنية، وقال ان المسيرة انتزاع للحق الدستوري ومواصلة لما ابتدرته القوى المعارضة. الخرطوم: ذكرى محيي الدين