التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 12:20 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-28-2006, 09:47 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية)

    الأحبة أعضاء المنبر،
    أحاول عبر هذا البوست العودة للتداخل مجددا بعد طول إنقطاع أخشى أن تمنعني أسبابه من المثابرة على متابعة هذا البوست أيضا. ولكنني برغم كل شئ آثرت أن أبتدر هذا النقاش بمقدمة رسالتي العلمية دون تعديل يقتضيه الحال وتحول دونه الأحوال، مع وعد بنشر خلاصة الأبواب على التتابع، وللجميع العتبى حتى يرضون.
    مقدِّمة

    منذ إستقلال السودان في العام 1956م، ظهرت أصوات تنادي بضرورة القيام بعمليّة إصلاح قانوني. ولأن القانون يأتي عبر عملية تشريعية وهي نشاط سياسي من الدرجة الأولى، إرتبطت دعاوى الإصلاح القانوني منذ نشأتها بمعسكرات سياسية ورؤى آيدلوجية متنوِّعة. فمفهوم الإصلاح تفاوت حسب تفاوت طبيعة المعسكرات السياسية نفسها، ليراوح ما بين دعاوى تهدف إلى إستكمال النقص المانع من تأسيس نظام قانوني حديث، وبين دعاوى تنادي بقطيعة شاملة مع تراثنا القانوني بوصفه تركة المستعمر. حيث إنقسم المعسكر الأخير إلى قسمين:- أحدهما ينادي بوحدة قانونية مع الدول العربية على أساس قومي، والآخر ينادي بإقامة دولة إسلامية عبر أسلمة القوانين. وبما أن الفرز بين هذه القوى والمعسكرات لم يكن واضحاً في البداية، وإستناداً إلى جبهوية بعض القوى السياسية وإتِّساع منابرها وأوعيتها التنظيميّة، توزَّعت بعض الشخصيَّات التي تحمل رؤىً آيدلوجية متماثلة وموقفاً موحَّداً من عمليّة الإصلاح القانوني، بين أحزاب ومجموعات سياسية مختلفة قد تتناقض برامجها السياسية أحياناً. ولكن في سياق التطوُّر السياسي والتشريعي، إنفرزت القوى السياسية بشكلٍ واضح إلى مجموعتين أساسيتين هما:- المجموعة التي تنادي بقيام دولة مدنية حديثة تقوم على مبدأ سيادة حكم القانون وتحترم الحقوق والحريات الأساسية، والمجموعة الأخرى التي تنادي بقيام دولة دينية إسلامية تتبنَّى الشريعة الإسلامية وتصدر تشريعاتها وفقاً لها. وبالطبع تأرجحت قوى ما بين المجموعتين فهي تارةً مدنية في ثياب إسلامية وتارةً إسلامية تدعو لسيادة حكم القانون حسب مقتضى الحال وضرورة المناورات السياسية. وإذا كانت القوى التي تدعو إلى قيام دولة مدنيّة حديثة لم تتقدَّم ببرنامج إصلاح قانوني شامل حيث إكتفت بمساهمات حول الحقوق والحريّات الأساسية والقوانين المقيِّدة للحريَّات عقب كل إنتفاضة أو ثورة، وإذا كانت القوى التي تدعو لقيام دولة دينية إسلامية لم تتقدَّم بتصوُّرها الكامل إلاّ مؤخَّراً، فإن القوى التي راوحت أو تأرجحت بين الموقفين لم تكن دائماً خارج هذين المعسكرين بل هي قوى مثَّلت جزءاً منهما في سياق تطوُّر سالب ووضع سياسي غير مستقر. فموقف القوى الوسطى هذه – إن صحّ التعبير -، كان يتبدّى في دعاوى التطبيق المتدرِّج لأحكام الشريعة الإسلامية وبناء الدولة الدينية بالتدريج، وكذلك في الإدّعاء بأن ما تمّ تقنينه ليس هو الشريعة الإسلامية بإعتبار أنه إجتهاد خاطئ.

    وبالتأكيد أن من قبل نظريّة التدرُّج في تطبيق الشريعة الإسلامية، كان في الواقع من معسكر الدولة الدينية وما درى بأن قبوله بالتدرُّج يعني صراحةً عدم ملاءمة دولته بأكملها للواقع الذي يريد حشره فيها. أمّا من صارع تقنينات المعسكر المذكور من مواقع أنّها ليست الشريعة الإسلامية من معسكر الدولة المدنية، فهو ما درى أيضاً أنّه بقوله هذا قد وحَّد المرجعيّة وأقرَّ بوجود دولة دينية أفضل فارقتها القوى التي قنّنت التشريع، وبالتالي هو ملزم بتوضيحها على الأقل إن لم يكن إقامتها.

    وفي تقديرنا أن بقاء الصراع بين المعسكرين (معسكر الدولة المدنية ومعسكر الدولة الدينية) على مستواه السياسي فقط، وتفعيله كشعارات سياسية وصراع سياسي محض دون النظر إلى آثاره العملية على بنية الدولة القانونية وهو في حالة تشيؤ وممارسة، يقود دائماً إلى جدل بيزنطي وسفسطة تسمح لكل طرف إستخدام أسلحة الآخر والوقوع في أحابيله. وبما أن التشريع هو خلاصة الفكر السياسي في تمثّله وتشيؤه الإجتماعي عبر الممارسة، يصبح حل المعضلة بعيداً عن أساليب الدعاية والدعاية المضادة، الجهد المعرفي والعلمي لدراسة التطوُّر القانوني في السودان ومدى أثر التشريع سلباً وإيجاباً عليه. أي دراسة تطبيقيّة للنتائج التي أسفر عنها مصطلح الإصلاح القانوني عبر المآل الّذي آلت إليه البنية القانونية في السودان. ونحن حين نقول البنية القانونية ”Legal Structure“ نؤسس ومنذ هذه اللحظة للتّفريق بينها وبين مفهوم النظام القانوني ”Legal System“. إذ أن لكل مجتمع ظهرت فيه سلطة وشرعت قوانين بنية قانونية، ولكن ليست كل بنية قانونية تعتبر نظاماً قانونياً. والأمر ليس مجرَّد تفرقة عارضة، بل هو في جوهر ضبط المصطلح الذي يضع أساساً صلباً للدراسة العلمية الموضوعية. فدراسة النظام القانوني لدولةٍ ما، يستلزم تفرقة واضحة ما بين مفهوم النظام القانوني بصفة عامّة، وبين البناء القانوني أو البنية القانونية لتلك الدولة قيد الدراسة. وذلك حتّى يتسنّى توضيح مدى وجود نظام قانوني بتلك الدولة من عدمه عبر معايرة البنية القانونية بمفهوم النظام القانوني.

    ولأننا نؤمن بضرورة دراسة البنية القانونية السودانية منذ صدور تشريعات عام 1983م الإسلامية وحتّى اللحظة، وذلك بغرض تحديد مدى أثر تلك التشريعات والتشريعات التي أعقبتها على النظام القانوني السوداني، فإننا سوف نتبع منهج التفريق بين مفهوم البنية القانونية والنظام القانوني. إذ أنه بدون التفريق بين المفهومين، يستحيل تحديد مدى الأثر الذي تركته التشريعات الإسلامية على نظامنا القانوني المفترض أن بناءه هو هدف دعاوى الإصلاح. وبالتأكيد أن دراسة البنية القانونية للسودان منذ التاريخ المذكور في ضوء مفهوم النظام القانوني الحديث، هي وحدها الوسيلة الصحيحة لإخراج عملية الإصلاح القانوني من دائرة الجدل السياسي المحض، ووضعها غرضاً للدراسة العلمية الموضوعية. وهذا لا يعني بالطبع أن هذا النوع من الدراسة سوف يقوم بفصل متعسِّف ما بين السياسي والقانوني. فدراسة مثل هذه لا بد أن يتداخل فيها السياسي والقانوني بإعتبار أن العملية التشريعية هي همزة الوصل بين العلمين، ولذلك لا بد من إستخدام منهج تحليلي يربط بين العلوم الإجتماعية المختلفة ” Interdisciplinary Methodology“. وهذا الإسـتخدام يتوافق مع طبيعة فلسفة القانون ”Jurisprudence“ بوصفها قناة ”conduit“ تربط القانون بالعلوم الأخرى، ومفهوم النظام القانوني أحد مفاهيم هذه الفلسفة الرئيسية. أي أننا سوف نستخدم الأساليب والمناهج المعرفية الحديثة لدراسة ما تم من تحوُّلات في البنية القانونية السودانية. ولكننا بالحتم لن نقوم بهذه الدراسة بمعزل عن المؤثِّرات السياسية، كما أننا بكلِّ تأكيد لن نصل إلى نتائج محايدة بإعتبار أن نتائج البحث سوف تبيِّن مدى المفارقة ما بين التشريعات ومفهوم النظام القانوني من مدى المطابقة. وهذه المقايسة والمعايرة العلمية لا بد أن يكون لها أثر سياسي ليس هو هدف الدراسة بالذات ولكنه لا محالة حادث بإعتبار التداخل المنهجي والوقائعي.

    من كل ما تقدم نستطيع أن نقول بأن هذه الدراسة ضرورية لتطوُّر بلادنا من حيث تحديد ما هو معرفي وعلمي ويستند إلى تطوُّر العلوم القانونية ويؤسِّس لقيام نظام قانوني، وما هو آيديولجي وسياسي محض ويقود إلى تأسيس بنية قانونية لا يمكن أن تصبح نظاماً قانونيّاً حديثاً. لذلك هذه المهمة هي مهمة وطنية من الدرجة الأولى قبل أن تكون مهمّة علمية. وهي واجب يقع على عاتق كل من تلقّى تعليماً قانونيّاً يؤهِّله إلى النظر إلى ما يتم على مستوى تشريعي وتطبيقي من زاوية معرفية. والنظر من زاوية علمية يعني بلا مراء تطبيق المفاهيم الحديثة وعلى رأسها مفهوم النظام القانوني على البنية القانونية. وهذا بالحتم سوف يقودنا إلى تطبيق هذا المفهوم على الشريعة الإسلامية دون الوقوع في مفارقة تطبيق نظام حديث على نظام تاريخي. وذلك لأن تطبيق مفهوم النظام القانوني الحديث على الشريعة الإسلامية لا يقع عليها بوصفها نظاماً أو بنية وجدت في الماضي، بل يطبَّق على الشريعة الإسلامية بوصفها بنية ممارسة وماثلة عبر التشريعات الإسلامية التي تمّ تقنينها في العام 1983م وما بعده. ويلاحظ أننا سوف نتعامل مع القوانين التي تم تشريعها في ذلك العام والتي عُرِفت بقوانين سبتمبر على أساس أنها تشريعات إسلامية. ولا يعتبر هذا الموقف تزكيةً لها أو توكيداً لإسلاميتها، ولكنه موقف يقوم على واقعة علمية هي أنه ليس هنالك تشريعات إسلامية مقننة بل قصارى ما هو موجود مبادئ تشريعية لا بدّ من تقنينها بجهد بشري. أي أنه لا توجد تشريعات إسلامية مقننة وخالصة، وبالتالي أي عملية تقنين بشرية تسند إلى الإسلام تعتبر إسلامية من هذا المنطلق بغض النظر عن صواب من إجتهد في تقنينها من خطئه. فتقنين الشريعة الإسلامية وفقاً لتصوُّر شيعي أو سنّي أو قرمطي أو ظاهري أو وفقاً لمذهب بعينه أو وفقاً لإجتهاد جديد، كلّه في تقديرنا يصح أن يطلق عليه تشريع إسلامي من وجهة نظر معرفية موضوعية. فإذا كان لكل مذهب ولكل مدرسة ولكل إمام ولكل مجتهد الحق في وضع تصوُّر تقنيني، فإن لكل الآخرين الحق في وضع تصوّرات مناقضة له وفي نقد التصوّرات الأخرى وكل ذلك يعتبر تشريعاً إسلامياً للباحث الموضوعي. الأمر الثاني الذي يجعلنا نعامل هذه التشريعات على أنها إسلامية، هو أن هذه الدراسة ليست دراسة شرعية هدفها تبيين مدى إنطباق الأحكام الشرعية من عدمه، بل هدفها دراسة هذا الإجتهاد الديني وأثره على النظام القانوني بغض النظر عن صحته من وجهة نظر دينية من عدمها. وهذا بالطبع لا يمنع من الإشارة من حينٍ لآخر إلى أن هذه التشريعات قد فارقت الراجح بالشرع الحنيف دون إخراجها من دائرته إيماناً منّا بأن الخروج عن مقتضى إجماع السلف لا يعني الخروج عن الملّة أو إخراج التشريع عن دائرته الإسلامية. فليس من واجبنا الخوض في العيوب الشرعية للتشريعات الإسلامية ولا محاكمتها وفقاً لتصوّر سلفي تحت إدعاء أن هناك إسلاماً أحسن، لأنّ هذا هو دور الدراسات الشرعية. ومهمتنا تتقوم في دراسة ما إذا كانت التشريعات الإسلامية قد خلقت نظاماً قانونياً حديثاً أم أنها فشلت في ذلك من وجهة نظر العلوم القانونية.

    وللقيام بهذه المهمة غير السهلة بإعتبار أنها تدخل ضمن مواضيع فلسفة القانون الشائكة والتي لا تحتمل الإجابات المسطحة والعفوية، سوف نقسّم بحثنا هذا إلى خمسة أبواب. نبتدرها بباب أوّل نناقش فيه ماهيّة النظام القانوني من وجهة نظر العلوم القانونية، وذلك حتى نتمكّن إبتداءً من تعيين مفهوم النظام القانوني الذي سوف نستخدمه معياراً لدراسة مدى تأثير التشريعات الإسلامية على بنية الدولة السودانية ونظامها القانوني. وبعد تعريف مفهوم النظام القانوني، نطبّقه على الأنظمة القانونية القائمة وعلى الأخص النظام الأنجلوسكسوني والنظام اللاتيني القاري بوصفهما يصلحان كنموذجين عامين لكل الأنظمة القانونية في العالم. كذلك نطبّق المفهوم على الشريعة الإسلامية التي تمثلتها واستلهمتها التشريعات الإسلامية، لنرى ما إذا كان من الممكن إطلاق وصف النظام القانوني عليها. ونؤكّد أن تطبيقنا لهذا المفهوم الحديث على الشريعة الإسلامية جاء من باب أنها لم تعد تاريخاً تشريعياً أو مبادئ عامّة، بل هي أنظمة سياسية وبُنى قانونية قائمة مثل التي في السودان حاليّاً أو إيران أو المملكة العربية السعودية. بالإنتهاء من هذا التطبيق نخلص إلى خلاصة تعقبها دراسة في فصل كامل لخلفية تاريخية عن النظام القانوني السوداني، ندرس فيها النظام القانوني في فترة ما قبل المهدية ثم في فترة الدولة المهدية وأخيراً منذ فترة الحكم الثنائي لنخلص لخلاصة عامّة.

    نكرس الباب الثاني لدراسة مصادر القانون لتحديد ماهيتها والتناقض فيما بينها وكيفية حل ذلك التناقض. وذلك لأن دراسة المصادر وتحديد موقعها وطبيعتها وعلاقتها بالبنية القانونية، مسألة حاسمة وأساسية في تبيين ما إذا كانت البنية القانونية المذكورة يصح إعتبارها نظاماً قانونياً حديثاً أم لا؟. وهذه الدراسة تستلزم أولاً أن نعرِّف المصدر من ناحية نظريّة ونوضِّح فكرة تناقض المصادر مع تعيين الخيارات المتاحة للمشرِّع العادي في حال وجود تناقض بين المصادر، ومن ثمّ ننتقل لتوضيح مراوحة حل التناقض بين التقييد والإطلاق وأثر ذلك على النظام القانوني السوداني قبل تشريعات 1983م الإسلامية وبعدها، لنخلص إلى نتائج توضّح مدى التغير الذي طرأ على النظام القانوني السوداني نتيجةً لهذه التشريعات.

    أمّا الباب الثالث فسوف يكون قوامه دراسة عن أثر التشريعات الإسلامية في القانون الجنائي، بإعتبار أن القوانين العقابية هي أهمّ عناصر القانون العام لما لها من أثرٍ مباشر وعميق على البنية الإجتماعية. ونبتدر دراستنا ببحث حول مبدأ الشرعية وعناصر المسئولية وفلسفة العقاب، لتوضيح مدى ما حدث من تحوُّل في مبدأ الشرعية ومن إضافة في عناصر المسئولية ومن تبدُّل في فلسفة العقاب. ونعزز هذا البحث ببحث تفصيلي في الجرائم ضد النفس والمال والجرائم الجنسية، لنرى أثر التغيير في المبادئ العامّة على أنواع الجرائم المختلفة ولنستخلص من الدراسة التفصيلية ما يمكن تعميمه لخطورة أثره على البنية القانونية برمتها.

    بعد ذلك نفصّل في الباب الرابع أثر التشريعات الإسلامية على القوانين الخاصّة والإجرائية. ونفرد بحثاً لدراسة قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م وما إستحدثه من أحكام، بغرض توضيح التغيير في فلسفة القانون المدني بعامة دون الوقوف عند التفاصيل الصغيرة إلاّ ما هو مهم لما يرد على سبيل العموم. كذلك نبحث ما جرى في مجال الإثبات لنحققه ونبرز ما ظلَّ على حاله وما كان هدفاً وموضوعاً للتغيير ليتّضح مدى التحول في هذا المجال. أيضاً نخصِّص بحثاً لدراسة المستحدث في إجراءات التقاضي المدني بإسناد للشريعة الإسلامية، وآخر لدراسة أثر مفهوم الشريعة الإسلامية في الإجراءات الجنائية. ومن كل ذلك نخلص إلى الأثر الذي خلّفته التشريعات الإسلامية على القوانين الخاصّة والإجرائية.

    أمّا الباب الخامس والأخير فنكرسه لدراسة قاعدة سيادة حكم القانون وضماناتها وأثر التشريعات الإسلامية عليها. وفيه نعرّف القاعدة ونحدِّد ماهيّتها في تكثيف للإشارات الواردة حولها بالأبواب السابقة، ومن ثمّ نعرض لمفهوم الدّولة في الشريعة الإسلامية لتوضيح مدى التوافق والتمايز ما بين القاعدة والمفهوم. وننتقل بعد ذلك لدراسة تاريخ القاعدة في النظام القانوني السوداني لنتبين مدى وجودها من عدمه. ونعضد دراستنا بدراسة للضمانات الأربع لقاعدة سيادة حكم القانون من دستورية وإستقلال قضاء وحق تقاضي وتنفيذ أحكام. وبالضرورة أن دراسة هذه الضمانات تشتمل على التعريف النظري لها مع تطبيقاتها في السودان وأثر التشريعات الإسلامية عليها.

    شئ أخير لا بد من التنويه إليه، وهو أننا حين نتحدّث عن التشريعات الإسلامية لا نقصد القوانين فقط، بل نقصد أيضاً تطبيقها والسوابق القضائية التي فسَّرتها عبر الممارسة. وبكلّ تأكيد أن دراسة تهدف إلى تطبيق مفهوم ومعايرة تجربة لا بد وأن تكون لها خاتمة تلخِّص ما تمَّ التوصُّل إليه وتبيّن أثر التشريعات الإسلامية في النظام القانوني السوداني، وهذا ما سيتم في نهاية هذه الدراسة.
                  

03-28-2006, 07:55 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    استاذاحمد تحياتي واتابع ماتكتب سمعنا قبل اكثر من 15 سنة اركانك

    وكانت مقنعه والان حواراتك سلسة خاصة لتفتيح العقل المغلق العصيي

    علي التبادل المعرفي وفك الجمود بالبحث عن التجديد والاصلاح اتابع

    معك بصمت حتي استفيد
                  

03-29-2006, 02:07 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: Sabri Elshareef)

    فوق
                  

03-29-2006, 02:24 AM

nadus2000
<anadus2000
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4756

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: wadalzain)

    الأخ الدكتور أحمد

    التحية والتهنئة لهذا الإنجاز، وهو يبرر تماما غيابك "ولبدتك الطويلة"، فطالما أن الأمر فوق رأي، وبهذا العمق، فغيب وتعال تلقانا نحن يانا نحن، منتظرين أن نقرأك، وتعجبني جدا تسمية الأشياء بمسمياتها.
    شكرا وفي الإنتظار
                  

03-29-2006, 02:25 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: wadalzain)

    نتابع ونقيم
                  

03-29-2006, 08:45 AM

الواثق تاج السر عبدالله
<aالواثق تاج السر عبدالله
تاريخ التسجيل: 04-15-2004
مجموع المشاركات: 2122

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    نتابع
                  

03-29-2006, 10:05 AM

Omar Bob
<aOmar Bob
تاريخ التسجيل: 02-02-2005
مجموع المشاركات: 2543

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    up for now
                  

03-29-2006, 11:56 AM

Hani Arabi Mohamed
<aHani Arabi Mohamed
تاريخ التسجيل: 06-25-2005
مجموع المشاركات: 3515

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: Omar Bob)

    نرجو لك التوفيق في هذه الدراسة

    مع ان فتح هذا الموضوع سيثير لك العديد من المتاعب
                  

03-29-2006, 10:59 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    فوق...

    دراسة جيدة تستحق التأمل

    متابعين ونأمل أن تكتمل..
    ..
                  

03-29-2006, 11:53 AM

Adil Isaac
<aAdil Isaac
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 4105

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: Yasir Elsharif)

    Dear Ahmed

    Congratulations!!Thank you for sharing parts of your thesis with us.As ever, it will be of great benefit to the board readers

    Best wishes

    Adil
                  

03-29-2006, 12:55 PM

elsawi
<aelsawi
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 4340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: Adil Isaac)

    الأخ العزيز احمد
    بركة الشفناك طيب .. انا غايتو جريت لي كرسي واتحكرت في الصف الأول لانه قعاد العتبات وضهر التور بقينا ما بنقدر عليه .. في انتظار عودتك

    الصاوي
                  

04-02-2006, 10:55 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    UP
                  

04-03-2006, 07:46 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    ********
                  

05-07-2006, 05:19 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: Sabri Elshareef)

    نرفع البوست لاعلي ونتمني ان نستفيد
                  

04-03-2006, 08:28 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الحبيب/ صبري الشريف،،،
    أشكرك على كلماتك الرقيقة وعلى رفع البوست أكثر من مرة، وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك، وهمتكم معانا.
    الصديق ود الزين،،،
    شكرا لرفع البوست وبإنتظار مساهماتك الجادة والعميقة إتشمر!!!!
    الحبيب/ نادوس 2000 ،،،
    أتمنى أن يكون ماعدت به مفيدا كما ظننت وألا يكون دون المأمول.
    الحبيب/ عبدالرحمن الحلاوي،،،
    يسعدني إهتمامك ومتابعتك وأرجو أن استفيد من مداخلاتك.
    الرائع/ الواثق،،،
    يسعدنا وجودك ونعلم أن مداخلاتك سوف تكون مفيدة.
    الصديق/ عمر بوب،،،
    أتمنى أن أكون عند حسن الظن وعلى قدر العزائم.
    الحبيب/ هاني عربي،،،،
    أشكرك جزيل الشكر على إهتمامك وعينك الثاقبة وملاحظتك الذكية. ولكن ياأخي "الممطورة مابتبالي من الرش". في إنتظار مداخلاتك وأفكارك.
    الحبيب/ ياسر الشريف،،،
    أسعدتني كلماتك لأنها أتت ممن يمتلك ناصية منهج متميز سوف نحتاجه حتما عندما يحتدم النقاش بهذا البوست. فالدراسة بالحتم تناولته في أكثر من مكان.
    الصديق / عادل إسحق،،،
    ياله من زمان وياله من شتات!!! أشتاق اليك ولأيام معك سقى الله ذكراها. شكرا للمرور والكلمات الجميلة.
    الصديق/ الصاوي،،،
    محبة وأشواق لامحدودة، عطر الله ذكرى أيامنا معا. لسه بدري على عدم القدرة على القعاد!! خليك واقف علي حيلك معانالأنو المسألة يبدو حيكون فيها قومة نفس!!!
                  

04-03-2006, 08:41 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    بهدف تفادي الخوض في تفاصيل قانونية قد تضفي طابعا من التعقيد، سوف أبدأ بخلاصة الباب الأول ونصها كمايلي:

    النظام القانوني وفقاً للعلوم القانونية هو النظام الذي يستوفي الشروط الأساسية الواجب ورودها في دستور يعطي الدولة تميزها وانفصالها عن شخص الحاكم. أي أن العامل الحاسم في تحديد مدى وجود نظام قانوني من عدمه ليس هو وجود قوانين بل وجود آلية تحكم العلاقة بين القوانين وتحدد مدى مشروعيتها وتنسبها لمؤسسات وليس أفراد. لذلك يعتبر القانون الدستوري أهم مجالات القانون التي تساهم في تحديد مدى وجود النظام القانوني من عدمه. فالنظام القانوني هو دولة القانون نفسها التي تقوم على مؤسسات تمثل السلطات الثلاث المنفصلة عن بعضها والتي تحد كل منها الأخرى عبر نظرية الرقابة المتبادلة ، والتي تلتزم في سن قوانينها بمراعاة حقوق وحريات المواطن وتخضع قوانينها لرقابة القضاء المستقل الذي يحدد مدى دستوريتها في ظل حق مكفول للتقاضي وقدرة على تنفيذ الأحكام . وبدون وجود مثل هذه الدولة يستحيل الحديث عن نظام قانوني حتى في ظل وجود مجموعة قوانين تحكم المنازعات المدنية والتجارية مع وجود نظام عقابي، وذلك لأن وجود الدولة-المؤسسة الخاضعة لسيادة حكم القانون مع توفر ضمانات هذه السيادة هو بالذات الذي يجعل من وجود القوانين وجوداً مختلفاً يندمج في "كل" واحد أرقى من مجموع أجزائه. أي أنه يجعل من القوانين نظاماً له آلية شديدة التعقيد مع مرونة تستعصي أحياناً على إدراك كنهها ، وتظهر بذلك وحدة تتعدد العلاقات داخلها ويتمايز الأثر المتبادل بين أجزائها وتكون في كل الأحوال وجوداً نوعياً ذا شخصية اعتبارية تميزه عن مجرد حاصل جمع القوانين.

    واستناداً لهذا التصور عن النظام القانوني ، نجد أن المجتمعات البشرية قد شهدت نوعين من الأنظمة القانونية هما النظام الأنجلوسكسوني والنظام اللاتيني. ولا يختلف النظامان في الجوهر، فكلاهما منبني على دولة سيادة حكم القانون ذات الشخصية الاعتبارية المستلفة من القانون الخاص لإغناء الفهم الفلسفي الهيغلي الذي يجعل من الدولة وجوداً فوق اجتماعي. والخلاف بينهما يكمن في تحديد المصدر الرسمي الأول للقانون ، حيث يعطي الأول القضاة سلطة تشريعية ويبني قوانينه على نظام السوابق القضائية ، ويعطي الثاني التشريع المرتبة الأولى وموقع الصدارة كمصدر رسمي للقانون. ولعله يجدر بنا أن ننوه إلى أن التشابه بين النظامين ينتج عن بروزهما عن أساس اجتماعي واحد أسس له صعود نجم البرجوازية في المجتمعات الصناعية في أوربا. ولكن الاختلاف بينهما يوضح مدى انفكاك هذه الأنظمة نسبياً عن أساسها الاجتماعي بعد ظهورها وقدرتها على التأثير سلباً وإيجاباً على كل المجتمع. وبالطبع وحدة الأساس الاجتماعي هي القوى الخفية التي تدفع النظامين نحو التقارب باعتبار أن جوهرهما واحد ونموذجهما على مستوى الأساس تمثله دولة القانون.

    وبالبحث في تاريخ السودان ، نجد أن فترة ما قبل الدولة المهدية بمجملها لم تشهد وجود نظام قانوني، إذ غلبت عليها مسحة دينية قدست السلطة وجمعت السلطات الثلاث في يد الحاكم مما يستحيل معه الحديث عن وجود نظام قانوني. ولم تكن فترة الدولة المهدية بأفضل مما سبقها، حيث تركزت كل السلطات في يد الإمام المهدي ومن ثم في يد الخليفة مع تضييق في نطاق التقاضي. أما فترة الاستعمار الثنائي فقد شهـدت غيبة تامة للدولـــة-المؤسسة وجمعت فيها كل السلطات في يد الحاكم العام، وبالتالي غابت دولة القانون، وهو أمر طبيعي في ظل نظام استعماري. وللأسف لم يكن الحال بأفضل من ذلك بعد الاستقلال فيما عدا فترات الديمقراطية الثلاث القصار، وهي فترات لا يتجاوز مجموعها العقد الواحد ، حيث شهد السودان فيها وجود نظام قانوني ودولة مؤسسات فعلية.

    في كل هذه الفترات من تاريخ السودان (أي ما قبل المهدية وفترة المهدية والفترة منذ الحكم الثنائي وحتى الآن) ، تبدلت مواقع المصادر الرسمية للقانون، بحيث يكون مركز الصدارة للتشريع في بعض الأحيان وللسابقة القضائية في أحيان أخرى حتى استقر أخيراً وحسم لمصلحة التشريع.

                  

04-04-2006, 01:10 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    قد يبدو من السهل القول بأن مصدر القانون في الشريعة الإسلامية هو التشريع ، ولكن هذه السهولة سرعان ما تبدد عند النظر للأمر بعمق وتحليل. وذلك لأن الشريعة الإسلامية تمتلك فهما خاصا بها وحدها للتشريع يجعله مفارقا للمفهوم القانوني السائد الذي يعتبر كل ما تصدره الأجهزة التشريعية للدولة الحديثة وفقا لسلطاتها الدستورية تشريعا. فالملاحظ أن بعض كبار فقهاء الشريعة الإسلامية يستخدمون مصطلح التشريع بمعنى يختلف عن معناه المعروف لدى رجال القانون. فنجد مثلا الشيخ خلاّف يذكر أنه تطلق كلمة التشريع ويراد بها أحد معنيين أحدهما إيجاد شرع مبتدأ وثانيهما بيان حكم تقتضيه شريعة قائمة ثم يقول: فالتشريع بالمعنى الأول في الإسلام ليس إلاّ لله… وأما التشريع بالمعنى الثاني (وهو بيان حكم تقتضيه شريعة قائمة) فهذا هو الذي تولاه بعد الرسول خلفاؤه من علماء صحابته ثم خلفاؤهم.

    ومن هذا التعريف يتضح أن التشريع في الشريعة الإسلامية و إن شئنا الدقة في الفقه الإسلامي مزدوج المعنى ازدواجا ألقى بظلاله على مفهوم آخر هو مفهوم مصدر التشريع. ولكننا قبل الخوض في تبيين ذلك يجدر بنا أن نوضح الجهة التي تمتلك سلطة التشريع بمفهومه الثاني والتي أشار إليها التعريف بأنها بعد الرسول خلفاؤه من علماء صحابته ثم خلفاؤهم. إذ لا تكفي هذه الإشارة لتوضيح الجهة التي تجعل من تشريع ما قانونا ساري المفعول تلتزم المحاكم بتطبيقه. وبالرغم من محاولة أحد الفقهاء توضيح غموض الأمر بقوله أنه كان يتولى سلطة التشريع في عهد الصحابة جماعة المجتهدين والخليفة ، إلاّ أننا نرى أن تلك المحاولة تضع الخليفة والمجتهدين في مرتبة واحدة وهو أمر غير صحيح البتة. والواقع أن من كان يملك سلطة التشريع الملزمة فعليا هو الخليفة وحده ، ولا يقدح في ذلك استشارته لصحابة الرسول أو الأخذ برأي مجتهد فرد. بل لا يقدح في ذلك تفويضه سلطته التشريعية والقضائية لمجتهد يعينه كقاض ينوب عنه ويقضي باسمه. وهذا هو الرأي الراجح فقها ، إذ كان الإجماع (إجماع الصحابة) منعقدا على أن للإمام أن يتبنى أحكاما معينة ويأمر بالعمل بها وعلى المسلمين طاعتها ولو خالفت اجتهادهم. والقواعد الشرعية الشهيرة هي "للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات" و "أمر الإمام يرفع الخلاف" و "أمر الإمام نافذ ظاهرا وباطنا" ولذلك صار الخلفاء بعد ذلك يتبنون أحكاما معينة فقد تبنى هارون الرشيد كتاب "الخراج" في الناحية الاقتصادية والزم الناس بالعمل بالأحكام التي وردت فيه. وبالرغم من أن هذه السلطة التشريعية ليست مطلقة بل محدودة بالشرع المبتدأ الإلهي ، إلاّ أنها تبقى مؤثرة جدا بل وشديدة الخطورة. يتبين أثرها إذا علمنا أن الشرع المبتدأ إن كان قرآن أو سنة يحتاج إلى استخراج قواعد ودلالات ومبادئ حتى يتسنى تشريع أحكام منها. والصلة بين النص وبين المبدأ أو القاعدة في الشريعة يحددها اجتهاد الفقيه. وإنه لمن الصعب أن نتخيل أي نص في القرآن والسنة مهما بدا واضحا وصريحا ، ليس في حاجة إلى هذا النوع من الاجتهاد لتفسيره وتطبيقه على أحوال محددة.

    ولعل هذا الدور الأساسي والحاسم في استنباط الأحكام للفقيه لا يترك له مجالا للاختيار الواسع فإما أن يكون الفقيه هو الخليفة نفسه أو آخر يتفق معه في وجهة النظر أو أن يكون شخصا مخالفا له يتوسل مشاركته سلطته التشريعية مما يقوده (أي الأخير) لنكبة في غالب الأحوال. لا يخفف من غلواء هذه المسألة وجود قواعد وأصول للفقه لأنها آليات تتأثر حتما بقدرات من يستخدمها وبمصالحه ولا حياديته. أي أن آلية التلقي والاستنباط للأحكام من مصدرها الإلهي هي السبب المباشر في اختلاف المذاهب والمدارس الفقهية والتشريعية الإسلامية لأنها تستخدم بقدر الأفهام التي توظفها حسب مصالحها. وهذا يوضح أسباب الخلافات الجذرية في التصورات بين الفرق المختلفة التي لا يحسمها إلاّ تبني السلطان لحكم معين وإنفاذه ، ويؤكد الحضور الكثيف والمساهمة المؤثرة للنشاط البشري برغم إلهية المصدر ووحدة المصادر المادية أو التاريخية. ومصادر التشريع أو القانون في الشريعة الإسلامية تعرف بالأدلة ، والأدلة التي ينظر فيها لتحصيل الحكم الشرعي إجمالا – مع مراعاة ما عساه أن يكون في بعضها من خلاف – هي:- 1/ الكتاب. 2/ السنة. 3/ الإجماع. 4/ القياس. 5/ الاستحسان 6/ المصالح المرسلة. 7/ العرف. 8/ سد الذرائع. 9/ الاستصحاب. 10/ شرع من قبلنا. 11/ مذهب الصحابي. وتسمى أيضا بأصول الأحكام وبمصادر الأحكام.

    وهذه الأدلة تنقسم إلى نوعين باعتبارين مختلفين فهي أولا من ناحية النقل والعقل تنقسم إلى أدلة نقليه وهي الأدلة التي يكون أساسها النقل وليس للمجتهد دخل في إيجادها وتكوينها وهي الكتاب والسنة ويلحق بهما الإجماع ومذهب الصحابي وشرع من قبلنا. وأدلة عقلية وهي الأدلة المعتمدة على الرأي والاجتهاد والتي يكون للمجتهد دخل في تكوينها ووجودها كالقياس والمصالح المرسلة والاستحسان والعرف وسد الذرائع والاستصحاب. وهذه القسمة –كما يقول الشاطبي- بالنسبة إلى أصول الأدلة وإلاّ فكل واحد من الضربين مفتقر إلى الأخر ، لأن الاستدلال بالمنقولات لابد فيه من النظر والاجتهاد لفقه النص وبيان المراد منه ، كما أن الرأي والاجتهاد لا يعتبر شرعا إلاّ إذا كان مستندا إلى النقل مستمدا شرعيته ووجوده منه.

    والأدلة الشرعية وإن انقسمت إلى هذين القسمين فإن الأصل فيها الأدلة النقلية لأن الأدلة العقلية كما ذكرنا لم تثبت بالعقل وإنما ثبتت بالنقل. وقد ترجع الأدلة كلها إلى القرآن الكريم إذا راعينا أن السنة ثبتت حجيتها به وأنها جاءت مبينة شارحة لمعانيه وأن الإجماع وغيره من الأدلة نقليه وعقلية تكتسب حجيتها من نصوصه.

    وقبل أن ننتقل لمناقشة طبيعة هذه الأدلة المزدوجة ، يجدر بنا أن نلاحظ أنه لا يوجد منها ما يصح أن يوصف بالمصادر في لغة رجال القانون إلاّ القرآن والسنة والإجماع والعرف ، أما غيرها من أدلة الأحكام المعروفة لدى علماء الشريعة والأصول (كالقياس والمصالح المرسلة والاستحسان وغيرها ، فهي لا يصح وصفها – لدى رجال القانون – بالمصادر وإن صح وصفها بأدلة الأحكام وثمة فارق كبير لديهم بين المصادر والأدلة. فمثلا في ما يتعلق بالقياس فهو في الواقع صورة من صور الاجتهاد والمقيس إنما يأخذ في الواقع حكم المقيس عليه الذي إما أن يكون نصا في القرآن أو السنة أو حكما شرعيا ثابتا بالإجماع. ولكن حتى إذا اكتفينا باعتبار القرآن والسنة والإجماع هي مصادر التشريع الإسلامي واجبة التطبيق بواسطة المحاكم – أي مصادرا رسمية للقانون -، فإننا لا نستطيع تجاوز التراتبية الخاصة بالأحكام المستنبطة من هذه المصادر والتي تعكس طابعها المزدوج. والأحكام من حيث مصادرها أربعة أنواع هي:-

    النوع الأول:- أحكام مصادرها نصوص صريحة قطعية في ثبوتها وقطعية في دلالتها على أحكامها وهذه أحكام لازمة وعلى كل مسلم إتباعها ولا يجوز أن يختلف المسلمون فيها ولا أن يقننوا ما يخالفها.
    النوع الثاني:- أحكام مصادرها نصوص ظنية في الدلالة على أحكامها. وهذه فيها مجال للاجتهاد لكن في حدود تفهم النص ولا يخرج عن دائرته.
    النوع الثالث:- أحكام لم تدل عليها نصوص لا قطعية ولا ظنية ولكن انعقد عليها إجماع المجتهدين في عصر من العصور… وهذه لا مجال للاجتهاد فيها ويجب على المسلم أن يعمل بها.
    النوع الرابع:- أحكام لم تدل عليها نصوص لا قطعية ولا ظنية ولم ينعقد إجماع عليها من المجتهدين في عصر من العصور كأكثر الأحكام الفقهية…. يجوز لأهل الاجتهاد في عصرهم وبعد عصرهم أن يخالفوهم في استنباطهم.

    ويلاحظ أن هذه التراتبية والأولوية للأحكام ثابتة في حال نسبتها إلى القانون أو الدستور إذ لا توجد تفرقة بين الاثنين في الشريعة الإسلامية. أي أن أحكام المصادر بصفتها السابقة تظل على هذا الترتيب في حالة اعتبرناها مصدرا تاريخيا أم مصدرا رسميا للقانون فالأمر سيان لازدواجية طابع هذه المصادر وأحكامها. ولكن هذه الازدواجية تخلق وضعا فريدا لمفهوم مصدر التشريع أو القانون وموقعه في النظام القانوني. ففي النظم القانونية تعتبر الأحكام الدستورية التي تحدد أجهزة الدولة واختصاصاتها وتنظم العلاقات فيما بينها وتحدد سلطاتها كما تنظم العلاقة بين الدولة والأفراد ، هي أحكام تسمو على غيرها من أحكام تفصيلية تحكم المعاملات المدنية أو الجرائم أو الأحوال الشخصية. ولذلك لا يسمو المصدر التاريخي أو المادي للقانون على هذه الأحكام بل أنه في حال وروده بالدستور يقصد منه توجيه المشرع لاستنباط الأحكام والقوانين منه لا غير. أي أن هذا المصدر – وأحكامه بالتبعية – لا يمكن أن يغل يد المشرع بل يظل المشرع مالكا لحق تجاوز أحكامه واستنباط الأحكام من غيره ما لم يقيده المشرع الدستوري. وعلى العكس من ذلك فإن التراتبية المذكورة آنفا تجرد المشرع – الخليفة كما أسلفنا أو الأمة كما يرى البعض – من حق مخالفة الأحكام التفصيلية الواردة بشأن الجنايات أو الإثبات أو الأحوال الشخصية الواردة على سبيل القطع وذات الدلالة القطعية ولو بوضع أحكام عامة دستورية.

    ولعل الأمر يصبح أكثر وضوحا إذا مثلنا له ببعض الأمثلة. فمن أخص الحقوق الدستورية حق المساواة أمام القانون المستند لحق المواطنة الذي درجت الدساتير على النص عليه في عبارات تفيد عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس أو اللغة أو الدين. في الوقت الذي فيه تميز الشريعة في قانونها الخاص بالشهادة بين الشهود على أساس الجنس والدين. فشهادة النساء والذميين مرفوضة في قضايا الحدود والقصاص أما القضايا المدنية فتقبل شهادة النساء ، غير أن شهادة امرأتين هنا تعادل شهادة رجل واحد. ولا يطبق أي من هذه القيود على شهادة المسلم الذكر الذي تعتبره الشريعة دائما الشاهد العدل ما لم يحُل سلوكه الشخصي المنحرف دون قبول شهادته.

    وهنالك مسألة شديدة الحساسية هي الحق في الحرية ونص الدستور على حماية حرية المواطن وعدم جواز استرقاقه. ومع أنه ليس هناك نص مباشر يقر الرق في القرآن والسنة ، إلاّ أن إجماع الأمة الذي لا سبيل لتجاوزه قنن لهذه المسألة. وبرغم أن بعض المجتهدين المعاصرين يحاولون جاهدين استنباط أحكام شرعية تحرمه إلاّ أننا لا نستطيع أن نسلم بحقهم في تجاوز إجماع الأمة وفقا للتراتبية المنوه عنها سابقا. فإذ نرى القرآن والسنة معا يقران الرق وينظمانه بطرق عديدة ، وإذ نرى النبي عليه السلام نفسه وكبار الصحابة كانوا يمتلكون الرقيق وأن كل فقهاء الشريعة الأوائل كانوا يعدون الرق أمرا مسلما به ووضعوا القواعد لتنظيمه ، فإنه ليس بوسعنا اعتبار الأمر مجرد تقصير مزعوم من جانب أجيال المسلمين في تنفيذ نية القرآن إلغاء الرق.

    والأمثلة كثيرة تطال منظومة العقوبات وأمور أخرى ولكننا نكتفي بهذين المثالين لنوضح أن هذا الوضع شاذ بالنسبة للنظام القانوني حسب تعريفنا للمفهوم. إذ أن وجود مصادر تشريع تسمو على الدستور على تفصيليتها وقابليتها للتطبيق ، يلغي تماما دور الدستور كوثيقة سامية تحمي الحقوق والحريات تعاير بها القوانين ولا تخضع للمعايرة أو التجاوز. وهذا يعني بالتبعية انهيار مبدأ دستورية القوانين الذي لا يقبل التجزئة. فالتراتبية الموصوفة سابقا تجعل من النصوص القطعية القابلة للتطبيق الفوري والإجماع في عصر سابق حكما على الدستور نفسه وعلى الأحكام التي يشتمل عليها لأنها مستنبطة في معظمها من نصوص ظنية ولحداثة معظمها. وبالقطع أن هذه المسألة لم تكن موضوع مناقشة للفقه الشرعي القديم باعتبار حداثة مفهوم الدستور نفسه وارتباطه بالدولة القومية الفتية وبالتالي لم يعرف هذا الفقه مبدأ دستورية القوانين بالتبعية بل انصرف لدراسة مدى شرعيتها. وهذا الأمر مرتبط حتما بتطور مفهوم الدولة نفسه وظهور الدولة الحديثة كشخص اعتباري منفصل عن شخص الحاكم وهي أمور سوف نناقشها في مكانها من هذا البحث. وإزاء هذا الوضع تكون الخيارات المتاحة كما يلي:-
    1/ التعامل مع نظام الشريعة الإسلامية بصورته التاريخية وتسيير شؤون الدولة بدون دستور مكتوب تفاديا لوقوع تناقضات عند سن دستور ديموقراطي يحتوي على الحقوق والحريات وإعفاءً للمحاكم الدستورية من مأزق نظر مدى دستورية قوانين تفصيلية واردة بنصوص قطعية أو إجماع لا تجوز مخالفته.
    أو
    2/ إصدار دستور ينص على سمو الأحكام التفصيلية المنوه عنها على الدستور نفسه وعلى كل الحقوق والحريات الواردة به ، وهذا بالقطع يعني انهيار مبدأ دستورية القوانين لأنه لا يتجزأ.
    أو
    3/ إلغاء التراتبية المنوه عنها والسماح بالاجتهاد مع وجود النصوص الواضحة القاطعة أو الإجماع. وهذا الخيار يسنده من يتبنونه إلى حقيقة أن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني وأحد كبار الصحابة اجتهد برأيه في أمور تحكمها نصوص واضحة قاطعة من القرآن والسنة.

    "ومن أمثلة ذلك أن الآية 60 من سورة التوبة تبين على نحو قاطع جلي أوجه الأنفاق من الصدقات وتحدد المستفيدين منها ومن بينهم المؤلفة قلوبهم (أي أولئك المرغوب في كسب ولائهم للإسلام أو ضمان استمراره عن طريق الحافز المادي). وبهذا يكون لهؤلاء حق شرعي في نصيب الصدقات وفق نصوص قاطعة في القرآن والسنة. غير أن عمر رفض أن يؤدي إليهم نصيبهم ، بحجة أنه إنما كان يدفع لهم حين كان المسلمون ضعافا في حاجة إلى تأييد مثل هؤلاء. أما وقد تغيرت الأوضاع فإن حصتهم من الصدقات ألغيت. ومن الأمثلة المهمة الأخرى لممارسة الاجتهاد وبصدد أمر تنظمه نصوص واضحة وقطعية الدلالة ، رفض عمر توزيع الأرض التي استولى عليها المسلمون خلال الحملات على العراق والشام بوصفها جزءاً من الغنائم التي للمقاتلين المسلمين حق فيها بمقتضى الآيات 6 -10 من سورة الحشر. وحين اعترض عليه البعض ذاكرين أن النبي (ص) ظل إلى وقت وفاته يوزع مثل هذه الأراضي باعتبارها من الغنائم ، برر عمر رفضه التقيد بحكم الآيات القرآنية كما فسرها النبي وطبقها قائلاً إن من شأن توزيع الأراضي حرمان الدولة من الموارد المهمة اللازمة للإنفاق على الجيوش من أجل الدفاع عن نفسها".

    ولكن هذه الفكرة تقتضي انقلاباً شاملاً في المفاهيم التقليدية لعلم أصول الفقه الذي يتم عبره استنباط الأحكام من أدلتها ، لذلك لا نجد تأسيساً فقهياً لها سوى محاولتين طوال التاريخ الإسلامي. أولاهما قدمها الفقيه نجم الدين الطوفي (الحنبلي) ، وأهم ما في منهجه الشهير أنه يرى تقديم رعاية المصلحة على النص والإجماع عند المخالفة وتقديمها عليهما إنما هو "بطريق التخصيص لهما" وذلك في ميدان المعاملات (وهي تشمل جميع فروع ما يعرف في الفقه الحديث بالقانون العام والقانون الخاص وفروعهما المختلفة اللهم إلاّ الأحوال الشخصية التي تلحق بالعبادات) ، بخلاف الحال في ميدان العبادات وما يلحق بها…. وفي ذلك يقول الطوفي: فإن قيل الشارع أعلم بمصالح الناس وقد أودعها أدلة الشرع وجعلها أعلاما عليها تعرف بها فترك أدلته لغيرها يعد معاندة له (أي للشرع). قلنا فأما كونه أعلم بمصالح المكلفين فنعم. وأما كون ما ذكرناه تركاً لأدلة الشرع بغيرها فممنوع وإنما نترك أدلته بدليل شرعي راجح عليها مستند إلى قوله عليه السلام: لا ضرر ولا ضرار.

    والمحاولة الثانية كانت من نصيب الأستاذ/ محمود محمد طه زعيم الحزب الجمهوري السوداني الذي دفع حياته ثمنا لهذه المحاولة على عكس الأمام الطوفي. وجوهر هذه المحاولة ينبني على إعادة النظر في قواعد الناسخ والمنسوخ في علوم القرآن مما يسمح بالانتقال من النصوص القطعية التي ترد بها أحكام تفصيلية للنصوص الأسبق زماناً التي تحتوي على مفاهيم عامة ومبادئ لا تعيق عمل المشرع البشري في تشريع الأحكام التفصيلية. أي أن المطلوب هو الانتقال من آيات الفروع إلى آيات امأصول ومن القرآن المدني إلى القرآن المكي حيث أن الأخير لم يواكب بناء دولة المدينة التي نزلت الآيات لتعالج مشكلاتها حيث تأثرت بتاريخية الوضع. ويقول في ذلك المفكر محمود محمد طه في كتابه " الرسالة الثانية من الإسلام ":-

    وتطور الشريعة كما أسلفنا القول إنما هو انتقال من نص إلى نص ، من نص كان هو صاحب الوقت في القرن السابع فأحكم إلى نص عد يومئذ أكبر من الوقت فنسخ. قال تعالى ما ننسخ من آية أو ننسأها نأت بخير منها أو مثلها…….) سورة البقرة آية 106. قوله (ما ننسخ من آية) يعني ما نلغي ونرفع من حكم آية… قوله (أو ننسأها) يعني نؤجل من فعل حكمها… (نأت بخير منها) يعني أقرب لفهم الناس وأدخل في حكم وقتهم من المنسأة..( أو مثلها) يعني نعيدها هي نفسها إلى الحكم حين يحين وقتها.. فكأن الآيات التي نسخت إنما نسخت لحكم الوقت فهي مرجأة إلى أن يحين حينها. فإن حان حينها فقد أصبحت صاحبة الوقت ، ويكون لها الحكم وتصبح بذلك هي الآية المحكمة وتصير الآية التي كانت محكمة في القرن السابع منسوخة الآن. هذا هو معنى حكم الوقت: للقرن السابع آيات الفروع وللقرن العشرين آيات الأصول.
    ويجدر بنا أن ننوه إلى أن هذا الفهم الانقلابي غير مقبول بالنسبة للأغلبية الساحقة من المسلمين بالرغم من أنه الوسيلة الوحيدة التي تجعل من صياغة دستور أمراً حيوياً وتسمح بوجود ضمانة دستورية القوانين حتى يصح القول بوجود دولة تقوم على سيادة حكم القانون وبالتبعية وجود نظام قانوني.

    وإذا انتقلنا إلى ملمح ثان من ملامح النظام القانوني وهو الضمانة الثانية ونعني بها استقلال القضاء ، فإننا نجد وضعاً مختلفاً ومفهوماً أخلاقياً ودينياً لهذا الاستقلال لا يصح اعتباره نظاما بأية حال،" إذ أن القضاء هو من الوظائف الداخلة تحت الخلافة ، لأنه منصب الفصل بين الناس في الخصومات حسماً للتداعي وقطعا للتنازع ، إلاّ أنه بالأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة ، فكان لذلك من وظائف الخلافة ومندرجاً في عمومها". " وقد قال الفقهاء بعد قولهم أن القضاء من فروض الكفايات إنه من الوظائف الداخلة تحت الخلافة الشرعية لأنه منصب للفصل بين الناس في الخصومات بموجب الأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة ولهذا كان الفقهاء في صدر الإسلام يباشرونه بأنفسهم ولا يجعلون القضاء لمن سواهم. وأول من دفعه إلى غيره وفوضه فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه… وإنما صار الخلفاء يقلدون القضاء لغيرهم ، مع أنه من وظائف الخلافة ومما يتعلق بهم لقيامهم بالسياسة العامة وكثرة انشغالهم بالجهاد والفتوحات وسد الثغور وحماية البيضة وإدارة شؤون الدولة الأخرى فاستخلفوا في القضاء من يقوم به نيابة عنهم ، فنصب القاضي إذاً أمر واجب لأنه يقوم بواجب شرعي هو القضاء الذي هو من وجائب الخليفة ووظائف الخلافة لكنه لا يمكنه القيام بهذا الواجب لما ذكرناه من انشغاله بأمور مهمة أخرى فاحتاج إلى نائب يقوم مقامه في أداء هذا الواجب وهذا النائب هو القاضي".
    والأمر لا يحتاج إلى عمق نظر أو بصيرة ثاقبة للقول بأن التاريخ والفقه الأسلاميين لم يعرفا نظرية الفصل بين السلطات وذلك لأن الخليفة كان يباشر السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية تماماً كما كان يفعل الرسول (ص). وهو الذي يفوض سلطة القضاء لغيره وينيبه عنه فيها لأسباب بعينها ، وبالقطع لا سبيل للقول بأن النائب أو الوكيل أو المفوض مستقل عن الشخص الذي أنابه أو أوكله أو فوضه. ولنر مدى التناقض الذي يشوب عبارات الفقهاء الذين يقولون بوجود فصل للسلطات في النظام الإسلامي فنورد هذا الرأي الفقهي النموذجي الذي يقول:-"إذا كان الخليفة نفسه يجب أن يكون مجتهدا فهو قاضياً كذلك ولما كان القضاء يعد جزءاً من السلطة التنفيذية مندمجاً فيها وليس منفصلاً عنها لأن القاضي كان يمارس مهام تنفيذية أخرى بجانب عمله كقاضي مثل قيادة الجيوش ، فإن النظام الإسلامي كما يقول أستاذنا العميد الدكتور الطماوي قد تضمن فصلاً بين هاتين السلطتين بدرجة غير معروفة في الدولة الحديثة ولكن أساس الفصل في النظامين مختلف فأساس الفصل في الدولة الحديثة يرجع إلى كفالة الحرية الفردية وضمان شرعية الدولة وهذه الاعتبارات يكفلها النظام السياسي الإسلامي لا على أساس الفصل بين السلطات ولكن استناداً إلى الوازع الديني والذي يجعل كافة المسلمين – حكاماً ومحكومين – على قدم المساواة في الدنيا والآخرة. والذي يجرد المسلمين من إطاعة أي أمر يتضمن معصية تفريعاً على القاعدة المشهورة "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
    ولعلنا لسنا في حاجة للحديث عن مدى الارتباك والتناقض في هذه العبارات التي تحدثنا عن فصل بين السلطات لا يقوم على أساس الفصل بين السلطات ، ولكننا نهتم بالأساس الذي أقام عليه الفقيه الكبير الطماوي هذا الفصل وهو الوازع الديني. إذ أن الوازع الديني هو المفتاح الذي شيد عليه البناء السياسي الإسلامي ، وهو يعني الركون إلى ضمير الشخص الذي تجمع في يديه السلطات وليس إلى نظام فصل السلطات. لذلك كان الواجب أن يقول فقيهنا الكبير أن النظام الإسلامي السياسي يجمع السلطات في يد واحدة ولكنه يوجه من جمعت له السلطات بعدم إفسادها خوفاً من الحساب الأخروي لأنه مأمور بالعدل والقسط. ولكنه لم يقل ذلك لأنه يعلم أن الركون للوازع الديني لا يعني بأي حال وجود نظام للمحاسبة الدنيوية في غياب مفهوم الدستور كما أنه لا يمنع الحاكم ذا السلطات الثلاث من الزيغ ومخالفة التعاليم الدينية- وإن أحياناً- وإلاّ توجب أن يقر له بالعصمة وفقاً للمفهوم الشيعي. والصحيح هو أن الوازع الديني ، وهو أمر يعتمد على الأخلاق الدينية ، كان هو أساس خضوع بعض الخلفاء لاختصاص قضاة قاموا بتعيينهم هم بأنفسهم في وقت لم يكن هناك ما يلزمهم قانوناً بذلك. ولكن يجدر التنويه إلى أن هذا الخضوع لا يعني خضوع الدولة لسيادة حكم القانون المعروف في الفقه القانوني حالياً وذلك لما يلي من أسباب:-
    1/ أن خضوع الخليفة للقضاء كان بصفته الشخصية وفي منازعات مدنية تختص بتملك درع أو سيف أو ما شابه ولم يكن بصفته التنفيذية أي بغرض مراجعة ونقض قراراته الإدارية أو مراجعة سلطته في التشريع مثلاً. وهذه الأمور يستعصي إدعاء حدوثها لغياب مفهوم الدولة المؤسسة أو دولة المؤسسات في الأصل.
    2/ أن هذا الخضوع استند على موافقة الخليفة دائما بالاعتماد على أخلاقه الدينية في المقام الأول وليس على قسره ، لذلك كان هذا الأمر على سبيل الاستثناء ومن خلفاء تميزوا بأخلاق دينية عالية أو من الرسول (ص) مما يعني أن المعيار في هذا الخضوع شخصي وليس موضوعي.
    واعتماد هذا المعيار الشخصي والسلوكي يجعل الحديث عن "نظام" أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً ، كما أنه يجعل مصير النظام كله في يد شخص كماله مفترض وهو كمال نادراً ما يحدث في التاريخ البشري. وهذا هو سبب ارتباط مفهوم العدالة بخلفاء بعينهم وبقضاة محدودين في التاريخ الإسلامي الذي ساده الاستبداد في فترات طويلة أبرزها الحكمين الأموي والعباسي.
    لكن كل ذلك لم يمنع النظام الإسلامي من ميزة أساسية وهي إطلاقه لحق التقاضي وعدم تقييده بأي شكل من الأشكال. ففي شريعة الإسلام لا يوصد باب التقاضي أمام البعض ويفتح أمام البعض الآخر ، ولا يجوز إنشاء محاكم خاصة بفئات أو طبقات بعينها من الناس على أساس إنشاء امتياز لهذه الفئات أو الطبقات على غيرهم من الأفراد لما يمثله ذلك من إخلال بمبدأي العدل والمساواة. وتيسير التقاضي من مميزات النظام القضائي الإسلامي فلا توجد أية عوائق أمام الفرد في لجوئه للقضاء لدرجة أن بعضاً من الفقهاء لم يجز للقاضي أن يتخذ حاجباً.
    وليس معنى هذا أن الإسلام منع الخليفة من تأسيس محاكم خاصة أو استثنائية أو موازية تنتقص من استقلال الهيئة القضائية وذلك لعدم وجود هيئة قضائية أصلاً بل كان هناك قضاة يجوز للخليفة تعيينهم وتحديد اختصاصاتهم الزمانية والمكانية والنوعية كيفما شاء ، بل وعزلهم أيضاً. والواضح أيضاً أن النظام الإسلامي قد اشتمل على حق التقاضي بمفهوميه السلبي والإيجابي ، أي أنه أباح رفع الدعاوى لكل الأشخاص كما أباح برفعها على كل الأشخاص دون وضع موانع موضوعية للتقاضي أو إستثناءات أو حصانات. وهذا في تقديرنا يرجع إلى غياب نظرية السيادة بشكلها الحالي مع عدم وجود مفهوم الشخص الاعتباري ذي الحصانات. أي أن الخضوع للقانون هو خضوع أشخاص طبيعيين لم يمنع القانون من مقاضاتهم بمن فيهم الخليفة نفسه.
    أيضاً يجدر بنا التنويه إلى أن أحكام القضاة كانت تنفذ إما طوعاً من الخصوم أو جبراً على المحكوم عليه. ويبدو أن تنفيذ الأحكام مر ببعض الأطوار ، فتارة يكون عند القضاة ( وذلك عندما يكون القاضي قوياً قادرا ً) وتارة يكون عند الحكام وذلك عندما يكون القاضي ضعيفاً… وعلى أية حال ففي كلتا الحالتين سواء كان التنفيذ عند الحكام أو القضاة جعل العلماء تنفيذ الأحكام واجباً.
    باختصار نستطيع أن نقول بأن النظام الإسلامي – وفقاً لما رأيناه سابقاً – لا يمكن أن يشتمل على ضمانتين أساسيتين من ضمانات سيادة حكم القانون وهما مبدأ دستورية القوانين واستقلال القضاء المنبني على فصل السلطات بحيث توقف السلطة السلطة. وغياب هاتين الضمانتين مع غياب مفهوم الدولة كشخص اعتباري تخضع مؤسساته للقانون يجعل من الصعب الحديث عن نظام قانوني إسلامي. صحيح أن الإسلام يملك قوانين ومصادر قوانين وآليات لاستنباط الأحكام ونظريات فقهية ، لكن هذا لا يكفي للقول بأن هناك نظاماً قانونياً باعتبار أن النظام القانوني هو كل أرقى من مجموع أجزائه يلعب فيه الدستور ومبدأ الدستورية دوراً محورياً وحاسماً. ولعل هذا ما يدفع العديد من الفقهاء المناصرين لتطبيق الشريعة الإسلامية للممايزة بينها وبين القانون الوضعي برغم محاولة أكثرهم إلحاق الكثير من المفاهيم الوضعية بها. فالفقيه الكبير السنهوري مثلاً يقول:-" لن نحاول أن نصطنع التقريب بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي على أسس موهومة أو خاطئة فإن الفقه الإسلامي نظام قانوني عظيم له صيغة يستقل بها ويتميز عن سائر النظم القانونية في صياغته".
    ويقول الدكتور احمد مليجي:-" ونعتقد أن أي محاولة لإيجاد تماثل مفتعل بين الشريعة وغيرها من الأنظمة الوضعية تنطوي على خطر أكيد على الفقه الإسلامي ، إذ للشريعة نظرياتها الخاصة ومصطلحاتها ، ولا يمكن القول بأن كل نظرية وكل مصطلح في الأنظمة القانونية الوضعية له أساس في الشريعة الغراء فمثل هذا القول فضلاً عن كونه غير منطقي فهو غير جدي ولن يرفع من شأن الشريعة الغراء محاولات إيجاد تماثل مفتعل بينها وبين الأنظمة القانونية الوضعية الأخرى".
    وبما أن الفقيهين لم يذكرا قولهما في سياق الحديث عن النظام القانوني بالفهم الذي أسلفناه ، فليس من العدل أن نطالبهما بتبرير إطلاق مصطلح النظام القانوني على الفقه الاسلامي – وخصوصاً السنهوري – مع إقرارهما بالتميز الذي يتحلى به الفقه الإسلامي. ولكن استنتاجهما يدعم النتيجة التي توصلنا إليها وهي استحالة القول بوجود نظام قانوني في الإسلام وفقاً لتعريف النظام القانوني وثيق الصلة بالدولة الحديثة (أي دولة سيادة حكم القانون).
                  

04-04-2006, 05:27 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22961

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الصافى الذهن والتهذب

    الدكتور أحمد عثمان الحمود سلوكا وأدب كلام

    لقد قطعت قلبى بعنوان البوست

    ودراستك العلمية او بحثك لنيل الدرجة العلمية

    هو واحد من الاشياء التى انعم بها فى خلوتى وليس وحدتى

    تجرد من كونك انت وشوف الفرق

    أثر التشريعات الاسلامية فى النظام القانونى السودانى

    ( دراسة تحليلية)

    التشريعات الاسلامية ( مقدمة لدراسة قانونية نقدية)

    أحمد كيف اطالب بحقى القانونى فى الخلعة بضم الخاء التى تسببت فيها بالعنوانين

    والفرق بين اندماجى هناك وخلعتى هنا ومجرد ما اشوف كلمة تشريعات وكمان اسلامية

    اصاب بالدوران ولن ارى القوسين ومابينهماواكيد لن يفتح البوست غير العارفين من انت
                  

04-05-2006, 00:04 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الحبيب/ بدرالدين،،،
    قدتكون ملكة العنونة وليس العنعنة لدينا قد تداعت وتآكلت مع أشياء أخر، فلك العتبى حتى ترضى وسلامتك من الخلعة بضم الخاء. حقوقك القانونية في التعويض محفوظة وفوقها حقوق إنصافية وكثير مودة. أتفق معك في أن عنوان الدراسة الأصلي أدق من العنوان أعلاه، ولكن ضرورات النشر في مثل هذه المنابر قد لاتحتمل الصرامة العلمية الواردة به. فالمقصود من العنوان إبتدار تكييف مقصود لذاته والإيحاء متوفر فيما بين القوسين والذي هدفت منه التأكيد على إعتبار كامل الدراسة مجرد مقدمة حتى أفتح المجال أمام الجميع ليدلو بدلوه. سعيد أنا بإهتمامك وإستئناسك بالنص الكامل، وفي إنتظار مساهماتك التي لاغنى عنها.
    لك كل الود والتقدير ومحبتي،،
                  

04-07-2006, 04:29 AM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)



                  

04-07-2006, 04:40 AM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: خدر)

    مدهش جدا يا دكتور .. تعرف في الوكت الانا بجهز فيهو لتوريطكـ بإنزال مقتطفات من الكتاب
    تدشيناً لعودتكـ الي المنبر .. انقذكـ من مؤامراتي هذا البوست
    الكتاب ده طبعا رفيقي في رحلاتي دائما و اتباخل بيهو علي روحي في محاولات شديده مني دائما
    انو ما اخلصو كعادتي حين يعجبني احد الاسفار
    قبل شهر استصحبته معي في زياره لكل من
    عصام جبرالله - قاسم محمد صالح - ميسره محمد صالح - عثمان حميده و اخرين ( بتاعت صالح الخير )
    و اخفيته جيدا معتمدا علي عامل السن و فقدان الذاكرة المؤقت في ان ينسوا
    ان الكتاب بحوزتي



    - اصر و اطالب ان تجد وقتا لعرض و نقاش الكتاب ( يمكنكـ الاستعانة بـ Scaning بدلا عن النقل المباشر
    من الكتاب ) توفيرا للجهد و الزمن
    - اتمني ان يًناقش الكتاب بلغة سهله (غير متخصصه) حتي يتسني لغير القانونيين الالمام بما
    حدث هناكـ
                  

04-09-2006, 01:31 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الصديق الرائع/ خدر،،،،
    شكر لامحدود لك ولمجهودك، والحمد لله أنك لم تحتاج لتوريطي. أتفق معك أن الأمر يحتاج لتبسيط ليخرج من دائرة التخصص ، ولكن ذلك يستلزم توفر الوقت الذى أبى أن يتوفر!!! لامناص من إعتبار الحوار جسرا لتحقيق هذه النقلة. أنا أعتمد عليكم إعتمادا كبيرا في جعل ذلك ممكنا.
    سلامي لك/لكم ولكل من تحب مع كثير محبة وود.
    لك وللأصدقاء الذين ذكرت محبتي.
    ودمتم
                  

04-13-2006, 00:52 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    تميز العام 1983م بكثافة النشاط التشريعي لمواكبة التصور السياسي الرامي لتحويل السودان لدولة إسلامية . وذلك لأن القائمين على أمر النظام السياسي تصوروا أن التراث القانوني السوداني تراث قانوني استعماري لابد من تغييره وإستبداله جملةً وتفصيلاً عبر تشريعات لا تترك شاردة أو واردة إلا وأوجدت لها بديلاً . وبالطبع كان لمصادر القانون بعامة نصيب وافر في هذا التصور ، باعتبار أن طبيعتها وآلية إستخدامها وحسم التناقض بينها مسائل أساسية ومؤثرة في تحديد طبيعة النظام القانوني بمجمله . وبرغم أن المشرع حينها لم تمهله التطورات السياسية لإستكمال تشريعاته وتتويجها بإصدار دستور جديد يحمي التطورات التشريعية في مجال القوانين ، إلا أن ما أنجزه من تشريعات كان مؤثراً وحاسماً دفع بالدائرة الدستورية نفسها لتبني مفاهيم جديدة تستحق المناقشة والتفنيد . وللإحاطة بما تم من تطورات على مستوى دستوري وقانوني بعد تشريعات عام 1983م ، نوجز نقاشنا للمصادر فيما يلي :-

    مصادر القانون في الدساتير الصادرة بعد العام 1983م :-

    كان أول دستور يتم إصداره بعد تشريعات عام 1983م هو دستور السودان الانتقالي لسنة 1985م الذي تم تعديله في 2 أبريل 1987م . وبرغم أن الدستور المذكور قد صدر بعد الإنتفاضة الشعبية التي أزاحت النظام السياسي الراغب في إحداث تحول جذري في النظام القانوني بالتأثير عليه وجوداً وعدماً ، لم يتمكن واضعو هذا الدستور من تجاوز دستور السودان الدائم لسنة 1973م في مسألة مصادر التشريع . حيث قاموا بالإحتفاظ بنص المادة (9) المذكور آنفاً وحولوه ليصبح نص المادة (4) من الدستور بنفس الصياغة حيث نص على مايلي :- (( الشريعة الإسلامية والعرف مصدران أساسيان للتشريع والأحوال الشخصية لغير المسلمين يحكمها القانون الخاص بهم )) .
    ولكن يتضح مأزق مشرع دستور المنحة هذا ، في تحويل النص ونقله ليصبح من ضمن أربع مواد وردت تحت عنوان (أحكام عامة) بدلاً من إيراده ضمن المبادئ الموجهة ليصبح نصاً توجيهياً خالصاً أو إيراده ضمن النصوص الموضوعية واجبة التنفيذ التي تمثل جوهر مبدأ الدستورية .
    عموماً لم يتغير وضع مصادر التشريع على مستوى الدستور بالانتقال من نظام شمولي إلى نظام تعددي ديمقراطي حيث ظل النص عليها واحدا في الحالتين ترك متسعا للمشرع العادي يتحرك فيه فهو لم يحسم الأمر سوى بشأن الأحوال الشخصية لغير المسلمين وفقا لما بينا سابقا ، حيث ترك الخيار للمشرع العادي في أن يستلهم أي مصدر يراه مع وضع التزام أخلاقي يلزمه بمراعاة الشريعة الإسلامية والعرف كمصدران رئيسيان دون مفاضلة بينهما أو حسم التناقض لمصلحة أي منهما . أما دستور السودان لسنة 1998م ، فقد نص في المادة (65) منه على مايلي :-" الشريعة الإسلامية وإجماع الأمة استفتاءا ودستورا وعرفا هي مصادر التشريع ، ولايجوز التشريع تجاوزا لتلك الأصول ، ولكنه يهتدي برأي الأمة العام وباجتهاد علمائها ومفكريها ، ثم بقرار ولاة أمرها" .
    وقبل أن نخوض في تحليل النص نلاحظ أنه قد وضع ضمن الباب الرابع من الدستور المعنون "سلطة التشريع" . وهذا لوحده يؤكد رغبة المشرع الدستوري في ترفيع نص المصادر من نص توجيهي الى نص موضوعي تؤدى مخالفته الى إعلان عدم دستورية التشريع المخالف . ولكن المشرع الدستوري أكد ذلك بالنص صراحة على عدم جواز التشريع بالمخالفة للمصادر أو الأصول التي ذكرها . وحسبما نص النص مصادر التشريع تنحصر في الشريعة الإسلامية وإجماع الأمة استفتاءاً ودستوراً وعرفاً وهي أصول لايجوز مخالفتها ، بالإضافة الى رأي الأمة العام واجتهاد العلماء وقرار الولاة . وهذا يعني من الناحية الشكلية أن المشرع الدستوري قسم المصادر الى قسمين هما مصادر ملزمة لايجوز تجاوزها وأخرى يهتدي بها من الجائز مخالفتها وبالتالي تعتبر غير ملزمة . وهو على عكس واضع مشروع الدستور المعروف بالدستور الإسلامي في عام 1968م ، لم ينتصر للشريعة الإسلامية ويحسم التناقض لمصلحتها بشكل واضح وحصري . فوفقا للنص المشار إليه الشريعة الإسلامية تقف على قدم المساواة مع إجماع الأمة سواء كان هذا الإجماع استفتاءا أو دستورا أو عرفا . أي أن الشريعة الإسلامية نظرياً ليست فوق الدستور أو التشريع المستفتى عليه ولاهي فوق العرف المجمع عليه استنادا الى مبدأ التكافؤ الأصلي بين المصادر . ولكن بالتمعن في النص ، يتضح أن المصدر الوحيد الواضح بهذا النص هو الشريعة الإسلامية . إذ أن الدستور عادة يكون مصدرا لسلطة التشريع لا للتشريع نفسه وحكما على التشريع من حيث دستوريته من عدمها وفقا لنظرية الدستورية ، أما الإستفتاء فهو أيضاً آلية للتشريع وليس مصدراً له والتشريع الذي يتوصل إليه وفقا لهذه الآلية لابد من أن يكون لديه مصدر آخر قد يكون الدين أو العرف .
    والناظر بدقة للنص يجد أن ورود الدستور والاستفتاء مقرونا بإجماع الأمة ، كان الغرض منه قرن العرف بهذا الإجماع . ولسنا في حاجة للقول بأن الأعراف في مجتمعنا المتعدد يستحيل أن تجمع عليها الأمة . أي أن النص بهذا الشكل يمنع التشريع استناداً إلى العرف باعتبار أن المشرع العادي لن يجد عرفاً واحداً يجمع عليه أهل السودان وبالتالي لابد له في هذه الحالة من استبعاد هذا المصدر أو في أحسن الأحوال أن يتبنى أعراف المسلمين باعتبار أن عرفهم هو عرف الأغلبية وهو يشكل إجماعا نسبيا . وباستصحاب هذه الحقائق ، يمكن القول بأن النص حسم التناقض من ناحية عملية لمصلحة الشريعة الإسلامية بالرغم من أنه جعلها من حيث الشكل مكافئة للدستور والإجماع عبر الاستفتاء والإجماع عرفا .
    بالإضافة إلى ما سبق من مصادر متكافئة شكلا ، أضاف النص ثلاث مصادر أخرى مرجوحة لا تكافؤها في القوة . وهذه المصادر هي الرأي العام واجتهاد العلماء وقرار ولاة الأمر . وأقل ما يمكن أن يقال عن هذه المصادر هو أنها فريدة من نوعها وبعضها غامض . فالمشرع لم يوضح ماذا يقصد برأي الأمة العام وكيف يمكن أن يتم رصده هل عبر الاستفتاء ام وسائل رصد الرأي العام الأخرى كمراكز البحوث ؟؟ وما هو الفرق بينه وبين إجماع الأمة استفتاءا ودستورا وعرفا ؟؟ كذلك اجتهاد العلماء والمفكرين يعتبر مصدرا غير واضح ، إذ أن هناك علماء شريعة إسلامية وعلماء قانون واجتماع ومتخصصون في شتى مناحي العلوم الاجتماعية، فأي علماء ومفكرين يقصد النص ؟؟ إن كان القصد علماء الفتوى فالأمر يدخل ضمن الشريعة الإسلامية وتقسيماتها لمصادر تشريعها ، إلا إذا كان قصد المشرع بالشريعة الإسلامية النصوص القطعية الورود والدلالة فقط وهذه قليلة جدا . ولكن الأهم والأخطر هو أن النص جعل من قرار ولاة الأمر مصدرا للتشريع . وبالرغم من أنه أورده على سبيل التوجيه لا الإلزام ، إلا أن مجرد وروده يجعل من أخذه في الاعتبار أمرا أخلاقيا يتحراه المشرع العادي بالحتم .
    وهذا يعني إلزام السلطة التشريعية بالتشريع وفقا لتصورات وقرارات ولاة الأمر والالتزام بها أخلاقيا . أي أن السلطة التنفيذية تصبح مصدرا تستلهمه السلطة التشريعية في تشريعاتها ، وهذا أمر جديد وفقه مستحدث يعلي من شأن السلطة التنفيذية ويجعل من نشاطها قيدا أخلاقيا على السلطة التشريعية مراعاته . ولا يقدح في هذا العلو ورود هذا المصدر كمصدر أخير للتشريع لأنه ذو قوة متكافئة مع ما سبقه من مصادر عدا المصادر الملزمة . وإذا أخذنا في الاعتبار أن المصادر الملزمة فعليا هي الشريعة الإسلامية، تصبح قرارات السلطة التنفيذية مصدرا ثانويا من الممكن أن يأتي مباشرة بعد الشريعة الإسلامية . بمعنى أنه إذا كان قرار السلطة التنفيذية دستوريا وغير مخالف للشريعة الإسلامية أو إجماع الأمة ، يصبح أمر اعتماده من السلطة التشريعية واجبا أخلاقيا من الصعب تجاوزه .
    باختصار من الممكن القول بأن نص المادة (65) هو نص ذو طابع مزدوج موضوعي وتوجيهي في آن. فهو موضوعي من حيث المصادر التي أوجب اتباعها وعدم تجاوزها ، وتوجيهي من حيث المصادر التي نوه للاهتداء بها . يدعم موضوعيته أكثر موقع وروده ضمن سلطـة التشريع وبعيـداً عن المبادئ الموجهة بالدستور . وهو في تقديرنا انتصر للشريعة الإسلامية وحسم التناقض لمصلحتها تماما ، باعتبار أن الإجماع بأي شكل يتم هو أحد مصادر التشريع الإسلامي . فالإجماع إذا تم إستفتاءاً أو دستوراً أو عرفاً يظل المصدر الثالث للشريعة الإسلامية بعد الكتاب والسنة . ولكن ورود الإجماع مع الشريعة الإسلامية بالنص يجعل من الإجماع مصـدرا مكافئا للشريعة الإسلامية ويرجح تفسير الشريعة الإسلامية باعتبارها الكتاب والسنة فقط .
    وهنا يظل قصب السبق للشريعة الإسلامية أيضا برغم مبدأ تكافؤ المصادر الأصلي ، وذلك لأن الإجماع الممكن هو إجماع الأغلبية المسلمة والتي لا يتصور إجماعها على دستور أو تشريع أو عرف مخالف للكتاب والسنة – على الأقل من وجهه نظر شرعية – وهذا بالحتم يعني إنتفاء أي دور للمصادر الملزمة الأخرى غير الشريعة الإسلامية لاستحالة وجودها بعيدا عنها ولأنها في كل الأحوال تظل مصدرا من ضمن مصادرها . أما المصادر التوجيهية فأننا لانرى لها دورا حاسما بطبيعتها مع غموضها . ولكننا ننوه إلى غرابتها وجعلها قرار السلطة التنفيذية مصدرا توجيهيا للتشريع .
                  

05-08-2006, 02:23 AM

abulinah

تاريخ التسجيل: 08-30-2005
مجموع المشاركات: 122

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    وين يا دفعة

    أتابع بإهتمام تلك الدراسة القيمة و منتظرين الباقي،،

    أخوك

    وليد أبكم،
                  

05-09-2006, 01:00 AM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: abulinah)

    ^
                  

05-09-2006, 01:53 AM

nazar hussien
<anazar hussien
تاريخ التسجيل: 09-04-2002
مجموع المشاركات: 10409

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: خدر)

    اولا قبل التحية...ازجي تبريكاتي وتهنئتي...لك اخي احمد علي نيلك لهذه
    الدرجة الرفيعة ...وانا اشهد لك منذ شندي الثانوية...بالتفوق
    والمثابرة والاجتهاد...ويبدو اننا منذ تلك الحقبة لم نلتقي الا
    مرة واحدة ...سمعت عنك كثيرا وما كنت ادري ان احمدي هنا هو انت
    ايها العزيز...فلك العتبي...


    ولك مودتي وتقديري وامنياتي لك بمزيد من النجاح

    وسأرجع مجددا لقراءة هذه الدراسة ...وقطعا سينيبني منها
    اصلها...من صديقي ابو الزين...
                  

05-09-2006, 03:40 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: nazar hussien)
                  

05-13-2006, 09:44 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الحبيب أبولينه يادفعة،،،
    شكرا لمرورك الأنيق مع وعد بالمتابعة وموالاة العرض في إنتظار إضافاتكم التي أعرف أنها سوف تكون غنية. إعتذاري لامحدود عن عدم الإتصال وربما نتهاتف قريبا.
    الرائع ورفيق ذكريات شندي الثانوية/ نذار يادفعة برضو!!!
    إنتابتني أنا أيضا الشكوك في أن تكون نذار الذي ضاع منا جسدا ولم يضع إنسانا. بحثت عنك كثيرا وهاأناذا ألتقيك في هذا الوطن الرديف "بركة الإنجمعت فيك يازول". شكرا لكلماتك الودودة وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك. نسختك جاهزة فقط حدد عنونك البريدي وسوف تستلمها خلال أيام.
    لكما ودي ومحبتي الخالصة
    والود موصول للحبيب ود الزين
                  

05-13-2006, 10:39 AM

awadalla agabna

تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 166

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الدكتور / أحمد عثمان
    أجتهد كثيرا أن أفهم ما تكتب فأنت كما نعلم منذ أيام الدراسة ضليع في لغة الضاد بل في كل ما تتصدي له.
    و أضم صوتي ل( خدر ) في تبسيط اللغة حتي يمكننا المناقشة ( المكابسة ) فيماسيرد.

    وفقك الله
    و لي عودة بتأني
                  

05-15-2006, 07:53 AM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    لاخلاف حول أن السودان لم يعرف تقنين قانون للعقوبات إلا بعد إعادة فتح البلاد وتأسيس الحكم الثنائي في العام 1899م . إذ أنه عاش قبل هذه الفترة تحت حكم المهدية التي احتكمت بصفة عامة إلى الشريعة الإسلامية كما فهمها الأمام المهدي ومن بعده خليفته وقنناها بمنشوراتهما التي لا يمكن بأية حال اعتبارها تقنينا عقابيا وفقا لمفهوم التقنين الحديث وفنياته . قبل ذلك خضع السودان لأحكام قانون الجزاء الهمايوني العثماني منذ العام 1841م حين طبق محمد علي باشا القوانين العثمانية على مصر والسودان بعد إستقلاله عن الإمبراطورية العثمانية .
    صدر قانون العقوبات السوداني الأول سنة 1899م ولم يعمل به في جميع أنحاء السودان طفرة واحدة وإنما طبق بالتدريج على المديريات والمراكز المختلفة بعدة أوامر تشريعية آخرها في 7 فبراير سنة 1907م . وحل قانون سنة 1925م محل قانون سنة 1899م 1 ، ثم حل قانون 1974م محل قانون سنة 1925م . بعد ذلك جاء قانون عام 1983م الشهير بقانون سبتمبر ليعقبه القانون الحالي الذي عرف بالقانون الجنائي لسنة 1991م .
    وبالرغم من أن جميع الفقهاء بصفة عامة متفقين على أن أصل أول قانون عقوبات سوداني يرجع إلى قانون العقوبات الهندي ، إلا أن هناك بعض الخلافات فيما بينهم حول أصل القانون الهندي نفسه . فالدكتور عوض احمد إدريس مثلاً يقول :- " أصدر الحاكم العام للسودان قانون العقوبات السوداني عام 1899م كأول قانون وضعي يصدر في السودان ، نقلا عن القانون الجنائي الهندي ذي الأصل الإنجليزي الصادر في 6 أكتوبر 1860م 2 ". وهذا الرأي منقول عن الدكتور محمود محمود مصطفى . ويقول الدكتور منصور خالد أن الأستاذ محمد إبراهيم خليل تناول بعض حقائق حول قوانين ماكولي ( قانون العقوبات الهندي ) هذه أزالت ضبابا كثيفا علق بها . ويورد الأستاذ محمد ان البرلمان الإنجليزي كان سائرا في اتجاه إصدار قوانين للهند لاتختلف الا في بعض التفاصيل عن التشريعات الإنجليزية ، مثلما كان يفعل في سائر المستعمرات كأستراليا وكندا . وعند مناقشة الاقتراح الخاص بإصدار تشريعات للهند اشترك في النقاش عضو برلمان جديد اسمه ماكولي فاعترض على ذلك الاتجاه محتجا بأن القانون الإنجليزي لا يصلح لمجتمعات تختلف حضاراتها ومعتقداتها وبيئتها عن المجتمع الإنجليزي . وانطلاقا من هذه الأفكار شرع ماكولي في إعداد قانون العقوبات الهندي متخذا القانون الإسلامي - كما كان يطبق في الهند منذ الإمبراطورية المغولية - أساساً لاجتهاده ملتزما بالمبادئ العامة للقانون الإنجليزي حيث لا يوجد تعارض بينهما 3 .
    أما الفقيه الهندي راتنلال فيقول عن أصل قانون عقوبات بلاده ما يلي :- " تم وضع مسودة قانون العقوبات الهندي بواسطة لجنة القانون الهندي الأولى التي كان يرأسها السير (لاحقاً لورد) ماكولي ويتمتع بعضويتها كل من ماكلويد و أندرسون وميليت . وهم اعتمدوا في وضعها ليس على القانون الإنجليزي والقوانين الهندية واللوائح فحسب ، بل أيضاً على قانون لويزيانا الخاص بليفنغستون وقانون نابليون . حيث تم إيداع مسودة القانون لدى حاكم الهند العام في المجلس في 1837م . وتمت مراجعة المسودة بواسطة السير / بارنز بيكون والسير / ج.و.كولفيل وعدة أشخاص آخرين ليتم إكمالها في عام 1850م ، ومن ثم تم تقديمها للمجلس التشريعي في 1856م وأجيزت في 6 أكتوبر 1860م .
    وتحت حكم المغول كانت الشريعة الإسلامية مستخدمة في تصريف شئون العدالة الجنائية مع استبعاد تام للقانون الهندوسي . حيث كان القرآن هو مستودع القانونين الجنائي والمدني معا . وكان القضاة في تفسيرهم لنصوص القرآن ، يرجعون إلى أحكام الملوك المسلمين الورعين والى آراء فقهاء المسلمين البارزين في الماضي .
    وفي الفترة ما قبل 1860م كان القانون الجنائي الإنجليزي يطبق في المدن الرئاسية مثل بومباي وكالكوتا ومدراس . أما في موفيوسيل فكانت المحاكم بصورة أساسية تهتدي بالقانون الجنائي المحمدي (الشريعة الإسلامية) والذي أزيلت عيوبه الفاضحة جزئيا بواسطة قوانين الحكومات المحلية . وفي عام 1827م تمت مراجعة شاملة لنظام إدارة العدالة الجنائية برئاسة بومباي . ومنذ ذلك الوقت تم وضع القانون الذي تطبقه المحاكم الجنائية في شكل قانون . ولكن في الرئاستين الشقيقتين الأخريين استمر تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية الجنائية حتى تاريخ سريان قانون العقوبات الهندي 4 .
    وتجدر الإشارة إلى أن لويزيانا وان كانت قد استرشدت بالقانون الأسباني والفرنسي في وضع قانونها سنة 1805م ، إلا أنها استرشدت بالقانون الأنجلو أمريكي في وضع قانونها الجنائي لسنة 1905م . كما يلاحظ أن مجموعة ليفنغستون التي أخذ عنها القانون الهندي أحكامه لم تصدر مطلقا في لويزيانا 5 .
    ولكن يبدو أن للبروفيسور ج.د.اندرسون رأي يختلف عن الفقيه راتنلال . فهو في معرض تعليقه على الوضع التشريعي في السودان بعد إعادة الفتح يقول :- "كاد الوضع القانوني في السودان الذي خضع للحكم الثنائي أن يكون مماثلا بوجه عام للوضع بمصر رغم وجود فروق تطلبتها مقتضيات ذلك الحكم . ففي مجال القانون الجنائي ، صدر قانون للعقوبات مستمد أصلا من القانون الغربي وبدلا من الأخذ من قانون نابليون ، أستمد أحكامه من القانون الإنجليزي على النحو الذي تمت صياغته في شكل قانون العقوبات الهندي بواسطة اللورد ماكولي في 1837م 000 كما قام ببعض التعديلات لكي يكون قانون عقوبات السودان ملائما لأحكام الشريعة الإسلامية والظروف السائدة في السودان 6.
    الواضح أن هذا الرأي قريب من رأي الدكتور محمود محمود مصطفى الذي نقله عنه الدكتور عوض أحمد إدريس ، ولكنه يتميز عن الأخير بالاستدراك الذي يقول بأن القانون عُدَّل ليكون ملائما لأحكام الشريعة الإسلامية والظروف السائدة في البلاد . وبالطبع هذا الاستدراك يؤسس لفرق جوهري وأساسي ، لأن من يعتقد بأن القانون المذكور غربي صرف ليس من حيث النشأة التاريخية بل من حيث المحتوى أيضا ، يدعو لأستبداله بقوانين إسلامية باعتبار أنه جاء ابتداءاً لإلغاء الشريعة الإسلامية .
    والواقع أن القانون المذكور لا يمكن بأية حال اعتباره قانونا غربيا صرفاً ، فهو وان تأثر بالقانون الإنجليزي من حيث المبادئ العامة وفنيات التشريع الحديث ، إلا أنه وضع أساسا ليلائم الوضع في الهند حيث إستقى من قوانينها التي هي بالأساس الشريعة الإسلامية كما طبقها المغول أو/ والشريعة الإسلامية معدلة كما طبقتها بعض الرئاسات . كذلك إستقى المشرع نصوصه من مشروع ليفنجستون الموضوع للويزيانا وقانون نابليون وكلاهما ليساهما القانون الإنجليزي وان أمكن تصنيفهما ضمن القوانين الغربية . أي أن المشرع الإنجليزي بالهند ، لم يكن باستطاعته استجلاب القانون الإنجليزي وفرضه على الواقع الهندي ، ليس عن عجز ولكن عن دراية بالأوضاع دفعت البرلمان الإنجليزي لتكليف اللورد ماكولي برئاسة لجنة التشريع وهو من عارض نقل القانون الإنجليزي بتفاصيله ليصبح قانونا للهند . ولسنا في حاجة للقول بأن قناعة اللورد ماكولي جعلته يضع تشريعا يتواءم مع حقيقة سيادة الشريعة الإسلامية في مجال القانون الجنائي بالهند مع عدم تبني مالا يتواءم مع فكره وثقافته القانونية مما أسماه الفقيه راتنلال بالعيوب الفاضحة .

    قصارى القول أن اعتبار قانون العقوبات الهندي قانونا إنجليزيا صرفا من حيث النصوص وقواعد التجريم ، فيه إهمال للغرض من تشريع هذا القانون ولطبيعته نفسها . كذلك يعكس هذا الفهم قصورا في فهم واقع الهند ما قبل الاستعمار الإنجليزي وسيادة قوانين الشريعة الإسلامية فيها وتعميمها على يـد المغول ، مع إتهام ضمني للمستعمر الإنجليزي بالقصور في فهم واقع مستعمراته والعمل على فرض قوانينه عليها بقوة الاحتلال ، ولم يكن هذا بالحتم حال المستعمر الإنجليزي في أي من مستعمراته . فقانون عقوبات الهند وان كان قد تأثر بالمبادئ العامة للقانون الإنجليزي - وهذا أمر طبيعي نظرا لطبيعة المشرع - الا أنه وضع أساسا ليلائم وضعا سادت فيه الشريعة الإسلامية لفترة طويلة نسبيا . وبرغم مراعاته لتلك الظروف ، بذل المستعمر جهدا كبيرا لتوطينه بالسودان بعد سنه وتشريعه لقانون مستمد منه . ويتجلى ذلك بوضوح في محاولة المستعمر تأهيل قضاته بصورة تمكنهم من فهم افضل للواقع الذي يعملون في ظله حتى يتمكنوا من تطوير القانون بتوضيح مواطن القصور التي تظهر خلال الممارسة والتطبيق . وحول هؤلاء القضاة يقول الدكتور كريشنا فاسديف ما يلي :- حسب قول القاضي ف.س.فيلبس :-

    " أ / كان على مفتش المركز كي يعين قاضيا في السودان ، أن يكون مؤهلا كمحامي حتى لو درس القانون أو فقه القانون في جامعته . وكان العديد من مفتشي المراكز بالفعل حاصلين على مرتبة الشرف في القانون من جامعة أكسفورد أو كمبردج أو دبلن (31 من 120 في فترة ما بين الحربين ، من بينهم 9 حاصلون على المرتبة الأولى والجوائز) ، ولكن لكي يصبح الواحد قاضيا كان عليه أن :-
    (1) النجاح في امتحان قانون حكومة السودان والذي كان يجب أن ينجح فيه كل الموظفين الأجانب في الدرجات الإدارية خلال سنتين من تعيينهم كمفتشي مراكز تحت التمرين .
    (2) النجاح في امتحان حكومة السودان العالي في اللغة العربية .
    (3) التأهيل كمحامي في أحد نظم المحاكم بلندن.

    ب / كان على مفتشي المراكز الذين لم ينضموا للقضائية (ماعدا عدد قليل من ضباط الجيش في الأيام الأولى ، وبعض الآخرين الذين عينوا بموجب عقود محددة المدة وفي الغالب للخدمة في جنوب السودان وبالذات في فترات الحربين العالميتين) ، بعد أن يحصلوا على درجة الشرف في أي من العلوم من الجامعة ، كان عليهم أن يحضروا دورات في أكسفورد وكمبردج أو لندن في القانون والأنثروبولوجي والمساحة وبعض المواضيع الأخرى ذات الصلة بتعيينهم المستقبلي في السودان . وبعد وصولهم للسودان ، كان عليهم خلال عامين النجاح في قانون حكومة السودان وامتحان اللغة العربية العالي كي تنتهي فترة تمرينهم ويصبحوا قضاه جزئيين من الدرجة الأولى لهم الحق في رئاسة المحاكم الكبرى " .
    نلاحظ أنه حتى يتم تثبيت مفتش المركز في الخدمة ، سواء انضم للقضائية أم لا ، كان يجب أن ينجح في امتحان القانون خلال سنتين من تعيينه . وفي إجابة عن محتوي الامتحان ، نحيل مرة أخري للقاضي ف.س.فيلبس حيث يقول :- " وكنا جميعا ملزمون بحضور محاضرات وقراءة كتب القانون قبل الجلوس للامتحان والذي لا يمكن لأحدنا التثبت في وظيفته دون اجتيازه . وخلاف قانون العقوبات السوداني وقانون الإجراءات الجنائية ، كان علينا في الامتحان الإجابة حول قواعد الإثبات في القانون الإنجليزي والعقود والمسئولية التقصيرية . وكان يجب أن يكون لدينا فكرة عن القانون المحمدي وان كان ليس تعقيدات الشريعة 7 ".
    في فترة ما بعد الإستقلال ، أستمر القضاة السودانيون في توطين قانون العقوبات لسنة 1925م والذي أعقبه قانون عام 1974م المترجم . وتجلى ذلك في العديد من المبادئ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر رفض القضاء السوداني لمساواة الزوجة بالعشيقة في الدفع بالاستفزاز 8 . ولعل هذا النهج هو الذي قيض لهذا القانون أن يستمر ، وهو بالحتم الذي جعل لجنة مراجعة القوانين السودانية لكي تتماشى مع الشريعة الإسلامية والتي كونت في العام 1977م ، تقر بأن هذا القانون لا يتعارض من حيث الجوهر مع الشريعة الإسلامية . فهي لم تأخذ عليه ولاغيره من القوانين الوضعية التي سبقت قوانين سبتمبر ما يتعارض تعارضا جوهريا مع الأحكام الشرعية . وقد جاء في تقرير اللجنة المذكورة التي كان يرأسها حسن الترابي أنها وبعد أن راجعت مائتي وستة وثمانين قانونا تبين لها أن تسعة عشر قانونا منها فقط تتعارض مع الشريعة الإسلامية تعارضاً غير جوهري 9 .
    وبالحتم كان نهج استمرار توطين قانون العقوبات وسودنته ، وراء أن مشرع قانون العقوبات لسنة 1983م والذي سُميَّ بقانون الشريعة ، لم يجد ما يفعل سوي أن يدخل بعض الأحكام الشرعية علي نص القانون القائم بالفعل . فقانون العقوبات لسنة 1983م الشهير بقانون سبتمبر هو نفس قانون عام 1925م الذي سنته السلطة الاستعمارية بعد تعريبه عام 1974م ، لم يُضف إليه إلا بعض أحكام الحدود والقصاص والديات . وقد وصفه حافظ الشيخ نائب الجبهة الإسلامية في جلسة 20/9/1988م لآخر جمعية تأسيسية منتخبة بقوله :-
    " قانون 1983م عبارة عن قانون 1974م ذي الأصل الإنجليزي ، أدخلت عليه أحكام الحدود والقصاص والديات وظلت أحكامه ومبادئه العامة كما هي" 10 . وبكل أسف لم يبين النائب المذكور مدي تعارض مبادئ وأحكام قانون عام 1974م مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية . ولكن بما أن هذا النائب هو أحد مشرعي القانون الجنائي لسنة 1991م ، والذي يعتبر محاولة لتفادي مجرد تحشير الأحكام الشرعية في القانون الوضعي ، فأننا سوف نحاول عبر البحث والتنقيب في مبادئ القانون ساري المفعول ماعناه لنرى الى أي مدى تغيرت مبادئ القانون الجنائي بالسودان .
    بقى أن ننوه الى أن قانون العقوبات لسنة 1983م احتوي علي 458 مادة ، في حين أن قانون العقوبات السابق لسنة 1974م احتوي علي 451 مادة حافظ عليها الأول كاملة وزاد عليها بعض المواد . أما قانون 1991م ساري المفعول ، فهو يحتوي علي 185 مادة فقط لاغير . وبكل تأكيد سوف نبين في سياق بحثنا أسباب هذا الفارق الكبير وأثره في بنية نظامنا العقابي وبالتالي في بنية نظامنا القانوني بكامله .
                  

05-15-2006, 09:44 AM

Asma Abdel Halim
<aAsma Abdel Halim
تاريخ التسجيل: 05-01-2006
مجموع المشاركات: 1028

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    ya wad Osman Omer izyyak

    thank you so much
    this post and a few others is what keeps me coming back to the board.
    asma
                  

05-16-2006, 02:24 PM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    العالمةالدكتورة/أسماء إن لم أكن مخطئا،،،
    كم يشرفني تقريظك لجهدي المتواضع وأتمنى أن يضيف جهدي القليل في سبيل إنتصار المعرفة على محاولات التجهيل المنظمة. أتمنى أن تواصلى المساهمة في هذا البوست لأني على ثقة أن مساهماتك سوف تشكل إضافة لاغنى عنها.
    جزيل شكر وتقدير لامحدود لشخصك الكريم
                  

05-16-2006, 03:59 PM

Asma Abdel Halim
<aAsma Abdel Halim
تاريخ التسجيل: 05-01-2006
مجموع المشاركات: 1028

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    إنت مخطئ فى "العالمة" لكن الدكتورة دى اتعذبت فيها عذاب الهدهد بفبلها
    أرجو أن أسعد بالمشاركةز
                  

05-18-2006, 09:17 AM

محمد ميرغني عبد الحميد
<aمحمد ميرغني عبد الحميد
تاريخ التسجيل: 12-28-2005
مجموع المشاركات: 1563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: Asma Abdel Halim)

    لك التحية ولضيوفك في هذا البوست المهم. اسمح لي أن أناقش بعض النقاط التي استوقفتني هنا.
    قلت:
    Quote: فالتراتبية الموصوفة سابقا تجعل من النصوص القطعية القابلة للتطبيق الفوري والإجماع في عصر سابق حكما على الدستور نفسه وعلى الأحكام التي يشتمل عليها لأنها مستنبطة في معظمها من نصوص ظنية ولحداثة معظمها. وبالقطع أن هذه المسألة لم تكن موضوع مناقشة للفقه الشرعي القديم باعتبار حداثة مفهوم الدستور نفسه وارتباطه بالدولة القومية الفتية وبالتالي لم يعرف هذا الفقه مبدأ دستورية القوانين بالتبعية بل انصرف لدراسة مدى شرعيتها. وهذا الأمر مرتبط حتما بتطور مفهوم الدولة نفسه وظهور الدولة الحديثة كشخص اعتباري منفصل عن شخص الحاكم وهي أمور سوف نناقشها في مكانها من هذا البحث.

    * طبيعي أن يكون المبني على نصوص قطعية حكما على المبني نصوص ظنية.
    * الدستور إذا كان يعترف بمصدرية الشريعة فلن يغفل أحكامها سواء المبنية على نصوص أو اجتهادات. وحيث أن الفقه الشرعي سابق لمفهوم الدستور فلماذا يفترض نفسه حكما عليه؟
    * مفهوم الدولة في الإسلام أيضا منفصل عن شخص الحاكم وسيكون لنا قول بإذن الله عند المناقشة التي وعدت بها.
    ثم قلت:
    Quote: وإزاء هذا الوضع تكون الخيارات المتاحة كما يلي:-
    1/ التعامل مع نظام الشريعة الإسلامية بصورته التاريخية وتسيير شؤون الدولة بدون دستور مكتوب تفاديا لوقوع تناقضات عند سن دستور ديموقراطي يحتوي على الحقوق والحريات وإعفاءً للمحاكم الدستورية من مأزق نظر مدى دستورية قوانين تفصيلية واردة بنصوص قطعية أو إجماع لا تجوز مخالفته.

    * لماذا لا يكتب دستور ديموقراطي يكفل للمسلمين التحاكم إلى ما يؤمنون به من نظام إسلامي تأريخي؟
    قلت:
    Quote: أو
    2/ إصدار دستور ينص على سمو الأحكام التفصيلية المنوه عنها على الدستور نفسه وعلى كل الحقوق والحريات الواردة به ، وهذا بالقطع يعني انهيار مبدأ دستورية القوانين لأنه لا يتجزأ.

    * الدستور يجب أن يستصحب أحكام الدين لا أن يسن قوانينا بنقيضها.
    Quote: أو
    3/ إلغاء التراتبية المنوه عنها والسماح بالاجتهاد مع وجود النصوص الواضحة القاطعة أو الإجماع. وهذا الخيار يسنده من يتبنونه إلى حقيقة أن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني وأحد كبار الصحابة اجتهد برأيه في أمور تحكمها نصوص واضحة قاطعة من القرآن والسنة.
    "ومن أمثلة ذلك أن الآية 60 من سورة التوبة تبين على نحو قاطع جلي أوجه الأنفاق من الصدقات وتحدد المستفيدين منها ومن بينهم المؤلفة قلوبهم (أي أولئك المرغوب في كسب ولائهم للإسلام أو ضمان استمراره عن طريق الحافز المادي). وبهذا يكون لهؤلاء حق شرعي في نصيب الصدقات وفق نصوص قاطعة في القرآن والسنة. غير أن عمر رفض أن يؤدي إليهم نصيبهم ، بحجة أنه إنما كان يدفع لهم حين كان المسلمون ضعافا في حاجة إلى تأييد مثل هؤلاء. أما وقد تغيرت الأوضاع فإن حصتهم من الصدقات ألغيت.

    ليس حقيقة أن الفاروق اجتهد رأيه في وجود النص القاطع. والنص الذي أعطى المؤلفة غرضه باعترافكم كسب ولائهم أو استمراره ولما يحصل الغرض ويترسخ الإيمان في نفوس المؤلفة فما غرض التأليف؟ هذا من ناحية ومن ناحية أخرى من ترسخ إيمانه يكون قد خرج من حد المؤلفة فكيف يعطى؟؟ وهذا أيضا صحيح في حال قوة الدين وغلبته لا قوة إيمان المؤلفة. عليه يكون أن الفاروق عليه الرضوان لم يخالف النص بل عمل بمقتضاه تماما وهذا حصل في خلافة الصديق ولم يكن الفاروق خليفة حينها. وفي الأمر بعض تفصيل أنظره هنا:
    يقول أبو اليث السمرقندي في المهذب: وَسَهْمٌ لِلمُؤَلَّفَةِ: وَهُمْ ضَرْبَانِ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارُ، فَأَمَّا الكُفَّارُ فَضَرْبَانِ: ضَرْبٌ يُرْجَىٰ خَيْرُهُ وَضَرْبٌ يُخَافُ شَرُّهُ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يُعْطِيهِمْ وَهَلْ يُعْطَوْنَ بَعْدَهُ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ:
    أَحَدُهُمَا: يُعْطَوْنَ، لاًّنَّ المَعْنَى الَّذِي أَعْطَاهُمْ بِهِ رَسُولُ الله قَدْ يُوجُدُ بَعْدَهُ.
    والثَّانِى: لاَ يُعْطَوْنَ، لاًّنَّ الخُلَفَاءَ رَضِيَ الله عَنْهُمْ بَعْدَ رَسُولِ الله لَمْ يُعْطُوهُمْ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنْهُ: إنَّا لاَ نُعْطِي عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئاً، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ. وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ فَإذَا قُلْنَا: إنَّهُمْ يُعْطَوْنَ، فَإنَّهُمْ لاَ يُعْطَوْنَ مِنَ الزَّكَاةِ، لاًّنَّ الزَّكَاةَ لاَ حَقَّ فِيهَا لِكَافِرٍ، وَإنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ المَصَالِحِ.
    وَأَمَّا المُسْلِمُونَ، فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَضْرُبٍ:
    أَحَدُهَا: قَوْمٌ لَهُم شَرَفٌ فَيُعْطَوْن، لِيَرْغَبُ نُظَراؤُهُمْ فِي الإسْلاَمِ، لاًّنَّ النَّبِيَّ أَعْطَى الزَّبْرِقَانَ بْنَ بَدْرٍ، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمِ.
    والثَّانِى: قَوْمٌ أَسْلَمُوا، وَنِيَّتَهُمُ فِي الإسْلاَمِ ضَعِيفَةٌ، فَيُعْطَوْنَ، لِتَقْوَىٰ نِيَّتُهُمْ، لاًّنَّ النَّبِيَّ أَعْطَىٰ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَصَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ، وَالأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ،لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْهُمْ، مَائَةً مِنَ الإبْلِ.
    وَهَلْ يُعْطَىٰ هَذَانِ الفَرِيقَانِ بَعْدَ النَّبِيّ ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ:
    أَحَدُهُمَا: لاَ يُعْطَوْنَ، لاًّنَّ الله تَعَالَىٰ أَعَزَّ الإسْلاَمَ، فَأَغْنَى عَنْ التَّالفِ بِالمَالِ.
    وَالثَّانِي: يُعْطَوْنَ؛ لاًّنَّ المَعْنَى الَّذِي بِهِ اُعْطُوْا قَدْ يُوجَدُ بَعْدَ النَّبِيِّ .
    * في المبسوط للسرخسي: قال الشعبي: انقضى الرشا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    * في بدائع الصنائع للكاساني: والصحيح قول العامة لإجماع الصحابة على ذلك فإن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ما أعطيا المؤلفة قلوبهم شيئاً من الصدقات، ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة رضي الله عنهم، فإنه روي أنّه لما قبض رسول الله جاؤوا إلى أبـي بكر واستبدلوا الخط ممنه لسهامهم فبدّل لهم الخط ثمّ جاؤوا إلى عمر رضي الله عنه وأخبروه بذلك فأخذ الخط من أيديهم ومزقه وقال: إن رسول الله كان يعطيكم ليؤلفكم على الإسلام، فأما اليوم فقد أعز الله دينه، فإن ثبتم على الإسلام وإلا فليس بيننا وبينكم إلا السيف. فانصرفوا إلى أبـي بكر فأخبروه بما صنع عمر رضي الله عنهما وقالوا: أنت الخليفة أم هو، فقال: إن شاء الله هو، ولم ينكر أبو بكر قوله وفعله، وبلغ ذلك الصحابة فلم ينكروا فيكون إجماعاً منهم على ذلك.
    ولأنه ثبت باتفاق الأمة أن النبـي إنما كان يعطيهم ليتألفهم على الإسلام، ولهذا سمّاهم الله المؤلفة قلوبهم والإسلام يومئذ في ضعف وأهله في قلة وأولئك كثير ذو قوة وعدد، واليوم بحمد الله عز الإسلام وكثر أهله، واشتدت دعمائه ورسخ بنيانه، وصار أهل الشرك أذلاء، والحكم متى ثبت معقولاً بمعنى خاص ينتهي بذهاب ذلك المعنى. انتهى.
    * من هذا يتبن أن لا حقيقة يستند إليها المطالبون بالاجتهاد مع وجود النص.
    قلت:
    Quote: ويقول في ذلك المفكر محمود محمد طه في كتابه " الرسالة الثانية من الإسلام ":-

    وتطور الشريعة كما أسلفنا القول إنما هو انتقال من نص إلى نص ، من نص كان هو صاحب الوقت في القرن السابع فأحكم إلى نص عد يومئذ أكبر من الوقت فنسخ. قال تعالى ما ننسخ من آية أو ننسأها نأت بخير منها أو مثلها…….) سورة البقرة آية 106. قوله (ما ننسخ من آية) يعني ما نلغي ونرفع من حكم آية… قوله (أو ننسأها) يعني نؤجل من فعل حكمها… (نأت بخير منها) يعني أقرب لفهم الناس وأدخل في حكم وقتهم من المنسأة..( أو مثلها) يعني نعيدها هي نفسها إلى الحكم حين يحين وقتها.. فكأن الآيات التي نسخت إنما نسخت لحكم الوقت فهي مرجأة إلى أن يحين حينها. فإن حان حينها فقد أصبحت صاحبة الوقت ، ويكون لها الحكم وتصبح بذلك هي الآية المحكمة وتصير الآية التي كانت محكمة في القرن السابع منسوخة الآن. هذا هو معنى حكم الوقت: للقرن السابع آيات الفروع وللقرن العشرين آيات الأصول.

    * القول بأن النص المنسوخ أكبر من الوقت يشي بأن المنصص كان لا يعلم الحكم المناسب للوقت فنصص بحكم ولما وجد أنه أكبر نسخه ونص بغيره وهذا هو البداء الذي أنكرت به اليهود النسخ.
    * خير منها يعني أفضل منها في نفسها لا في قربها إلى أفهام الناس.
    * ومثلها يعني غيرها معادلة لها ولا تعني هي نفسها بحال لأن المثلية لا تطلق على الشي نفسه بل على شبيهه.
    قلت:
    Quote: ويجدر بنا أن ننوه إلى أن هذا الفهم الانقلابي غير مقبول بالنسبة للأغلبية الساحقة من المسلمين بالرغم من أنه الوسيلة الوحيدة التي تجعل من صياغة دستور أمراً حيوياً وتسمح بوجود ضمانة دستورية القوانين حتى يصح القول بوجود دولة تقوم على سيادة حكم القانون وبالتبعية وجود نظام قانوني.

    * الأغلبية الساحقة هذه هي التي تجيز الدستور أو تبطله فكيف توجد ضمانة دستورية القوانين برغم عدم قبول الأغلبية الساحقة؟؟ المشرع الذي يرغب في دستور لا تقبله الأغلبية يدخل في مأزق فإما أن يعتمد الإكراه حتى يسلم له الدستور الذي يريد ويكون قد فارق الديمقراطية التي يدعي أو يصدق نفسه ويتنازل موافقا لرغبة الأغلبية.
    * مسألة استقلال القضاء في الإسلام يكفلها كون القاضي لا يخضع لقانون يسنه الحاكم برغم كونه المفوض له وهو والحاكم يخضعون لقانون علوي يحكمهما معا.
                  

05-18-2006, 12:29 PM

Elwaleed M. Ahmed
<aElwaleed M. Ahmed
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 1029

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: محمد ميرغني عبد الحميد)

    ماشاءالله بحث قانوني ممتع ومفيد جدا
    نواصل لاحقا
                  

05-28-2006, 02:16 PM

أحمد عثمان عمر
<aأحمد عثمان عمر
تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 530

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    الحبيب/محمد ميرغني،،،
    أولا أشكرك على التداخل من باب الإختلاف الذي يسمح بالشرح، وأود أن أؤكد لك مايلي:
    1. أن الفاروق رضي الله عنه لم يجتهد مع وجود النص القطعي في حالة واحدة بل حدث ذلك في سهم المؤلفة قلوبهم، وفي غنائم أرض سواد العراق، وكذلك في المسألة العمرية في الميراث. وأنا إذ أشكرك على مانقلته من أقوال حول سهم المؤلفة قلوبهم لأنه يعزز مارمينا إليه من حيث حاولت نقضه. إذ أنه يربط النص بعلته ويؤكد تاريخيته ولايجعله مطلقا صالحا لكل زمان ومكان لمجرد قطعية وروده ودلالته.وأتمنى أن تتبنى هذا النهج مع بقية النصوص التي يجب أن تدور وجودا وعدما مع عللها. وحتى لاأفسدقراءة النص كوحدة واحدة، اعدك بنقاش مستفيض حول هذه المسألة المهمة في علم أصول الفقه بإستفاضة عند إكتمال النشر.
    2.من المهم توضيح أن في العلوم القانونية الحديثة، يشتمل الدستور على مسألتين رئيستين هما:
    أ/ المؤسسية القائمة على مبدأ فصل السلطات. و ب/ الحقوق والحريات الأساسية التي تضمنتها مواثيق حقوق الإنسان التي تفعل عبر مبدأ الدستورية من أجل تطبيق مبدأ المساواة أمام القانون. وهذا هو جوهر مفهوم الديمقراطية من وجهة نظر قانونية.ولذلك الغرض من وجود دستور ديمقراطي ليس هو إنفاذ إرادة الأغلبية بل تكريس المساواة أمام القانون. فإرادة الأغلبية لاتحتاج لدستور ومن الممكن أن تنفذ بالقوة والقهر أو عبر سن قوانين تهدم مبدأ المساواة وتتغول على جميع الحقوق والحريات.
    3.ما أوردته نقلا عني فيما يخص الإنساء نقلته أنا عن الأستاذ الشهيد/ محمود محمد طه وبينت أنه مخالف لرأي الأغلبية ولكنني أثبت له مايستحقه من توصيف بإعتباره المخرج الوحيد غير التلفيقي لمعالجة التناقض مابين مفهوم الدولة الحديثة والفكر الإسلامي بعامة والشريعة خاصة.
    وددت لو أسترسل أكثر ولكنني لا أود أن أفرض الخلاصات على القارئ قبل إكتمال القراءة.
    أشكرك مرة أخرى مع مناشدة بأن تواصل التداخل والإضافة.
    الحبيب / الوليد،،،
    لك شكري وتقديري وأتمنى أن أرى مساهماتك في النقاش.
    لك ودي الخالص ولجميع المتداخلين.
                  

08-25-2006, 02:07 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: التشريعات الإسلامية (مقدمة لدراسة قانونية نقدية) (Re: أحمد عثمان عمر)

    up up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de