|
الطيب مصطفى -شارون السوداني! (2/2) -الحاج وراق
|
مسارب الضي شارون السوداني! (2/2)
الحاج وراق
* حين يذبح انسان، أبيض أو أسود، شمالي أو جنوبي، فان لون ومكونات الدم واحدة. وهذه المساواة في اكسير الحياة (الدم) حقيقة بيولوجية، لا يمكن النزاع حولها، ولكنها تؤشر لحقيقة أخرى، اكثر جوهرية - حقيقة المساواة في الكرامة الانسانية، مساواة البشر، غض النظر عن لونهم، معتقدهم الديني، أو نوعهم. وتتجلى العنصرية اكثر ما تتجلى في إنكار الاساس الاخلاقي هذا، وغالباً ما لا تعلن إنكارها صراحة، وانما تضمره اضماراً في ثنايا خطابها، ولكنه عادة ما يفتضح في الممارسة العملية، وفي المواقف الملموسة. ومن هذه المواقف الفاضحة تسمية الطيب مصطفى لاستهداف الابرياء من الشماليين في يوم الاثنين (الأسود والمشؤم)! بأكبر المذابح في العصر الحديث، بينما يصف استهداف الابرياء من الجنوبيين في يوم الثلاثاء (المجيدة!) بأنه عمل جهادي مجيد!! فأي منطق مضمر هنا سوى المنطق العنصري، والقاضي بأن الدم ليس واحداً، والكرامة الانسانية ليست متساوية، وان الحياة الانسانية لا يؤبه لها حقاً إلا حين تكون حياة (أولاد البلد)! خصوصاً أولاد حوش بانقا!! وهنا تتبدى احدى سمات التطابق بين ايديولوجية الطيب مصطفى الفاشية والايديولوجية الصهيونية، فبالنسبة للصهاينة فان حيوات الاسرائيليين وحدها الجديرة بالحماية والاحتفاء، بينما حيوات (الغير) من الفلسطينيين واللبنانيين، بما في ذلك المدنيين والابرياء، والاطفال والنساء ، لا تعدو كونها (غباراً) يمسح لدك منصات اطلاق صواريخ (الارهابيين)!! * ولا تقف المطابقة عند هذه الحدود، وحسب، وانما تمتد إلى طبيعة الايديولوجية نفسها، أي المزج بين العرقية والدين، فكما تركب الصهيونية مزيجاً من نسل العبرانيين المدعى ومن اليهودية لتؤسس عليه مقولة شعب الله المختار، فكذلك الطيب مصطفى يركب من العروبة والاسلام مزيجاً فاشياً لقهر القوميات في البلاد! ولكن الطيب مصطفى أقل حظاً من رصفائه الصهاينة، فالعروبة، كما يقول نبي الاسلام (|) لسان، ولا تشترط النقاء العرقي، بل انها، وبحسب روايتها المعتمدة عن أصلها، تقوم على الامتزاج، بين الاصل (الابراهيمي) من جهة الأب والاصل الكوشي من جهة الأم - حيث هاجر (أمة) نوبية من كوش!! رواية كأنما مقدرة تحديداً كي يتذكر (أولاد البلد) في السودان اصلهم النوبي فلا يزهون على شركائهم في البلد من الاقوام الاخرى!... ثم ان الاسلام يقوم على (... كرمنا بني آدم...)، أي على المساواة في الكرامة الانسانية، بحكم الاصل الآدمي الواحد، غض النظر عن العرق أو النوع أو الدين! وهكذا، دوماً فان الفاشست لا يستندون على الحقائق الطبيعية او التاريخية، وانما (يعبون) من سخائم النفوس ولوثات العقول! * ويسعفنا التحليل النفسي في فهم نفسية الفاشست، فأكثر الناس عدوانية انما هم الاكثر خوفاً، ولذا ورد في الانجيل (أما الأشرار فلا سلام لهم) ذلك ان السلام تحققه النفوس التي انتصرت على كوابيسها ومخاوفها فحققت سلامها الداخلي. والفاشست خائفون لأنهم أقلية، في جزيرة معزولة من الهناء، في محيط هائج من البؤس العام، وقد اطبقت عليهم أنواء قومات أقوام السودان ـ (انتفشت) القوميات المهمشة لتنتزع شراكتها في الوطن! ويتحين العاملون من شتى القوميات تطبيق نيفاشا فيما يلي الحريات كي (ينتفشوا) أيضاً فينتزعوا حقوقهم.ولهذا، وبمقدار ما (فشت) نيفاشا (انتفاشة) الفاشست القائمة على احتكار الوطن بسلطاته وثرواته لأكثر من ستة عشر عاماً، فان (نيفاشا) تشكل المفردة سيئة الصيت والتي كلما سمعها الفاشست تحسسوا كلاشنكوفاتهم! ولذا فانهم يسعون الى تخريب اتفاقية نيفاشا، بكل الوسائل، بما في ذلك التحريض العنصري والديني، وبالتآمر، على غرار حريق الرايخ - سُنة الفاشست على مر الأزمان -، لإغراق العاصمة في الفوضى والمذابح العرقية والدينية!! * وإن عدوانية جنون الخوف إنما تعبر عن الإحساس بالأفول، والفاشست في السودان، كما الصهاينة في فلسطين، آفلون، الصهاينة آفلون حتى بتكاثر المواليد من عرب فلسطين. ولا مستقبل لأقلية إحتكارية في القرن الحادي والعشرين. ثم لا مستقبل حتماً لأقلية إحتكارية حتى وإن إدعت إحتكار «الدم الأزرق» أو «بنوة البلد» أو تمثيل السماء!! ثم لا مستقبل حتى للحركة الاسلامية في السودان الا بفك الاقتران الفاشي بين العروبة والاسلام، ولسبب واضح: فالعرب «الأقحاح الأنقياء» كما يريدهم الطيب مصطفى أقلية بالنسبة لمسلمي السودان! إنهم أقلية حتى في مثلث حمدي! ربما يشكلون أغلبية في «حوش بانقا» ولكن «حوش بانقا» لا تشكل دولة قابلة للحياة!. * ويصل التطابق بين الصهاينة وفاشست السودان حدوداً مذهلة، فالدولة الصهيونية القائمة في اسرائيل دولة دينية، ويسعى المشروع الأصلي لفاشست السودان الى الغاء التعدد الديني في السودان لإقامة دولة دينية «نقية» ! وذلك كما يقول الإمام الصادق المهدي يشبه إدخال أردب عيش في كستبانة ! وكم عانى أهل السودان من محاولة إدخالهم في كستبانة الطيب مصطفى وجماعته!!. * وإذ تسعى اسرائيل الى تفكيك دول المنطقة الى دويلات صغيرة، قائمة على أساس العرق أو الدين أو المذهب الطائفي، بحيث يتم «تطبيع» نشازها في كامل المنطقة، فإن الطيب مصطفى وجماعته إنما يخدمون أهدافها في السودان!!. * لقد قال المشير البشير بأن المعركة واحدة، سواء في فلسطين أو لبنان أو السودان، وحقاً إنها لمعركة واحدة، معركة بين الاستبداد والديمقراطية، بين العنصرية والانسانية، بين الاستعلاء الديني والعرقي والتعايش وقبول الآخر، وبين التعصب والتسامح، وبجملة واحدة، بين الاستكبار والمستضعفين ، وفي هذه المعركة فإن الطيب مصطفى وأتباعه، مهما لهجوا (بالشعارات) ومهما أبدوا من (حماسة) ، فإنهم موضوعياً في خندق شارون!!.
|
|
|
|
|
|
|
|
|