طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 01:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-03-2006, 02:24 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة



    .


    طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة


    (1)

    إعتادت القرية أن تغفر لدفع السيد زلاّته حين يأتي سكرانآ في وقت متأخر من ليل القرية، و يغني محرّفـآ كلمات الشعراء بمعادل بـذيء يثير ضحك الشباب و لا يتسبب في أدنى حرج للمتدينين، الذين كان يسميهم تندّرآ بحزب المحافظين، و يتبادل معهم الطرائف بالقدر الذي يليق و هم بدورهم يتسامحون كثيرآ معه، فالجميع يحترم زوجته نفيسـة التي تخدم طوعآ في
    كل بيوتات المناسبات في القرية، و تضاحك نديداتها حين يتركن لها مهام جسام مثل غسل الأواني و نظافة الدار بعد انتهاء دعوة الغداء و لا تحمل عليهن إصـرآ حين يستأذنّ الواحدة تلو الأخرى و تبقى هي تغسل قدور الطعام من الدهـن بداخلها و من آثار آحتراق الحطب و السواد الذي يخلفه بأسفل تلك القدور و خارجها، و تجتهد باستخدام السلك (اللمّـاع) لتصبح هاتيك الأواني بحالة جيدة حين يتم إرجاعها لمديرة الجمعية النسوية بالحـي و التي تمتلك أواني المناسبات.
    كان دفع السيد باشـممرضـآ بروح طبيب، فهو أعلم أهل القرية في مجاله، و رئيس الشفخانة الوحيدة و قام بتعيين ثلاثة ممرضين من القرى المجاورة إلاّ أنّـه لم يرسـل أحدآ منهم للمدينة ليتلقّى التدريب الكافي، مما جعلهم يرجعون اليه أمام الناس دائمآ و ينادونه بقولهم (يا دكتور) و كان هذا يرضي غروره.
    يتزيّا دفع السيد بالقميص الأبيض المحشـو بعناية في البنطال الأبيض فيما يعرف لدى المتمدّنين بـ(الشـكّـة) غير أن أهـل القرية كانوا لا يرون داعيآ للحزام في وسط الرجل، و لغرابة شكل ذلك الحزام أسموا الرجل (دفع السيد أب كـرّابـة)، يظهر من بعيد متشحآ بياضه و تميّزه العلامات الحمراء و لا يرتدي قميصآ ليومين أبدآ فزوجته هي التي تشرف على كلّ ذلك، و يلمع حذاؤه الأسـود شديد النظافة متجدّد الدهان.
    كانت له (عـجـلة دبـل) لا توجد مثلها في جميع قرى المنطقة، و هي تعادل سيّارة فخمة بمقاييس اليوم، و كان يتعمد إيقافها بعيدآ عن مرابط دواب القرويين و مراكن الدراجات البائسة من ماركة (رالي) و التي ترى بعضها مكسورآ و ملحومآ، و البعض الآخر يبدو سرجه عاري و مشقّـق. إلاّ أن إسحاق الفلاّتي، حـلاّق القرية، كان يملك درّاجة جميلة أيضـآ و كان يتفوّق علي دفع السيد بالزينة و البهارج و الأجراس و شريط الكهرباء العازل ذي الألوان الذي كان يبادر لتغييره بألوان مختلفة كلما أبلاه الدهر، مما جعل دراجته تفارق السّـواد و تبدو أكثر فرايحية، فضلآ عن ريش النعام و بوقين بصوتين مختلفين يبرع في تنغيمهما للتحية أو التباهي بحسب الحـال.
    كانت عودة دفع السيد من العمل بعد الثانية ظهرآ تعني لنفيسة إعلان حالة الطواريء بالبيت، فهي تنتظره و قد أبدلت ثيابها و أصلحت شأنها و تعطّـرت و أبدلت ملابس الولدين، و تسأله عن حاله و يومه أثناء تغييره للزي الأبيض بملابس البيت، و حين يتمدّد قبل الغداء للقيلولة تسرع هي لتخرج بالأطفال للغرفة الأخرى حتى يأخذ قسطآ من الراحة. كانت تجتهد في إعداد طعام الغداء، مهما كان المصروف ضئيلآ، و تتفنّن في السلطات و الحساء و (الحـلو) و شاي الغداء، و تخبره بمن يريد حقنة في العصـرو تقوم بنفسها بتسخين الماء لتعقيم الحقن ووضعها في العلبة الفضّـيّـة اللامعة، و توصيه عند الباب حين يخرج بعد العصـر أن يذهب للمريض قبل أن يذهب للنادي أو لشلّة الأنس، فالحقنة تعني خمسة و عشرين قرشـآ، كانت تسمّى تعظيمآ (طرّادة)، تصبر نفيسة على جمعها لشراء ملابس دفع السيد الخاصة و احتياجات البيت.
    كان هو شديد الرضا و السعادة مع زوجة تقوم بأعمال السكرتارية و لا تفرّط فيما تراه واجباتها الزوجيّـة و كانت نفيسـة ترى بقناعة أنها سعيدة مع دفع السيد الذي لا يعيبه سوى أنه يغني بصوته المنكر حين يسكر، و قد يصادف ذلك أن تكون الساعة قد جاوزت الثانية صباحآ في قرية تنام بعد صلاة العشاء بالإجماع، لكنها كانت قرية متسامحة يكتفي إمام مسجدها بتقريع شديد الحنوّ حين يلقى دفع السيد أو زوجته في اليوم التالي، حيث لا يزيد عن قوله:
    البارح يبقى لي الدكتور كان شبعاااان
    كانت سعيدة بالرجل الذي يعالج الناس و راضية بعيون أطفالها و دفء أهلها، و ما كانت عمومآ ممن يجدن فنون الشكوى و الجزع، تسير حياتها بقناعة و صبر و رضـا إلى أن جاءها ابن عمّها يجري ذات يوم و هو يصيح:
    أبشري يا نفيسة..أبشري بالخير
    قالت له:
    بشارة خير
    قال لها فرحآ:
    أخوي المبروك جاب ليكي (بيزا) لي دفع السيد بدور يسوقو ليبيا..أبشري أبشري

    نواصـل

    .

    (عدل بواسطة الطيب بشير on 08-03-2006, 02:32 PM)

                  

08-03-2006, 05:43 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)


    .

    (2)


    كان الوقـت شتاء حين أعلن دفع السّـيد أنه أكمل إجراءات سـفره و حجز تذكرة الطائرة، و لأن ثقافة التسفار غريبة على القرية لحد كبير فقد كان القرويّـون يتعاملون مع الكلمات الإنكليزية بتعريب مثير للضـحـك فهم يجمعون كلمة باسبورت على أنها (بظابير) و مصطلح تأكيد الحجز (أوو كـي) يأتي في الحديث بأنّ دفع السـيد (أكّـكـوا ليهوا) و ما إلى ذلك.
    لم تكن القرية في طريق بصّـات الخرطوم، حيث المطار الوحيد بالبلاد، و الذي يوصـف إكرامآ بأنّـه دوليّ، كما لم يكن بالقرية حركة مسافرين تغري السيارات بتغيير الطريق ليمر بها، لذا كان على أهل القرية حين يضطرّوا للسفر أن يقطعوا المشوار مشـيآ لنحو ميلين تفصلهم عن الترعة الرئيسـيّـة لري مشروع الجزيرة حيث تمرّ لواري الكمائن تحمل روث البهائم الذي يستفاد منه في تجهيز خلطة الطين قبل حرقه كمرحلة أخيرة يصبح بعدها الطوب أحمرآ و غاليآ. يتوقّـف سائقوا هذه اللواري المحمّـلة بالروث لأهل القرى الطيبين ليحملوهم فوق الشحـنة و يأخذوا منهم ثمن رحلتهم للقرية القريبة الواقعة على طريق المرور السريع بين مدني و الخرطوم و الذي كان إسمه الشائع (شارع الزلـط) و سر تعريفه بالألـف و اللام هو كونه أوّل طريق مسفلت في البلاد.
    تحاشى دفع السيد فكرة أن يبيت في الخرطوم، فزوجة خال والده الذي يقيم بالكـلاكـلـة لا تحب ضيوف الجزيرة و لا تحترمهم، و لا تتحرّج من السخرية على طريقتهم في الكلام و عبارات السّـلام، و هم يرون في رأسها المكشوف خروجآ عن اللائق و العرف و يلقبونها بأسماء تتفاوت حسب درجة الحنق و الإسـتياء، مثل (أم زعتور) تبخيسآ للشعر الذي تباهي به، و (أم نقلة) لكونها بدينة و يستبدلون اسمها من (بنت الفضل) ليصبح (بنت الفسـل) لأنّ والدها كان يسأل ضيفه قبل إكرامه ما إذا كان يريد باردآ أو ساخنآ أو طعامآ، و هذا السؤال عند أهل القرية يقارب الكفر. لذا اختار دفع السيد أن يسافر من القرية على مطار الخرطوم مباشرة و ذلك باستغلال أولى لواري الكمائن، و التي تمرّ بالترعة الرئيسـيّـة حوالي الساعة الخامسة صباحآ.
    خرجت القرية بأسـرها تحمل الفوانيس و تلتحـف مفارش الأسـرّة البائسة لاتّقاء البرد القارس، كان بعض الأعيان يلتحفون الشالات المصريّـة و إحرامات الحج، و بعد الرابعة بقليل تحرّك موكبهم نحو الكوبري لوداع حكيم القرية المسافر الى ليبيا ليجمع المال. كان دفع السّـيد يحادث الجميع عدا زوجته، فمن غير اللائـق أن يتكلم مع (النسـوان) في حضرة العمدة و الشيخ و أعمامه الكبار، لكنّـه كان ينظر لها من طرف خفي و يرى، أو يسـتشـعر، ابتساماتها على ضوء المصابيح البدائيّـة.
    بعد مسـيرة مضنية وصلوا الترعـة حيث جاء اللوري و انتظرهم حين رأى جمعهم يسير باتّجاهه لكنّـه استحثّـهم بتنغيم البوق محاكيآ أغنية شائعة و قد كان هذا وحده غنيمة الأطفال الذين خرجوا في وداع دفع السّـيد، فقد ظلّوا يقلّدون النغمة لزمن طويل و هم يصنعون من أغطية القدور مقودآ لسيّارة وهميّـة هيّأت لهم خيالاتهم أنّ سائقها انّما هو أمهر البشر على وجه البسـيطة.
    كان دفع السيد يعانق الرجال و يصافح النساء مودّعآ، لكنّه في وداع نفيسة تحايل بأنه يودّع ابنه الصغير الذي تحمله في جنبها و انحنى يقبله و تشمّم رقبتها و قال هامسآ:
    أبقي عشرة على الولاد أنا بجيكي بالخير ان شاء الله
    بكت هي و ناحت و صـاحـت فانفلت منها هربآ من دموع خشي أن تطفر منه فتحسم القرية الشاهدة على بكائه أمر رجولته، فأسرع نحو اللوري الذي بدأ سائقه يضغط على بدالة الوقود مما يفيد إستعجال الراكب، تعالت الأصوات بكلمات الوداع و أدعـية السفر و قفز دفع السيد في أعلى صندوق اللوري و حيّـا الراكبين قبله و رفع يديه مودّعآ أهله و أسلم نفسه لثرثار بين الراكبين من قبله سأله عن كل قصّـة حياته في ربع ساعة قطعها اللوري قبل أن يصـل للقرية الواقعة على الشارع الرئيسي حيث تمرّ بصّـات الخرطوم.


    نواصـل

    .
                  

08-04-2006, 05:45 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    عزيزي جدا أبو بشير

    مشتاقون بالحيل

    رجعنا بالسلامة و سألنا عنك.

    إستمتعت بالقصة .. و منتظر التكملة.
    تحياتي لأم بشير و الأسرة.
                  

08-04-2006, 12:56 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: ابو جهينة)



    .

    العزيز ابو جهينة

    بركة الجيت بالسلامة .. و الف مبروك لنجلاء

    و الله ليك وحشة و شوق خرافي

    نواصل القصة بالتجزئة .. حسب توجيهك السابق

    تحياتي



    .

    (عدل بواسطة الطيب بشير on 08-04-2006, 01:05 PM)

                  

08-04-2006, 01:04 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    .


    (3)


    ترجّـل دفع السـيد من اللوري و هو يتشـوّق لركوب بص (النجـدة) الأزرق ذي المقاعـد التي هيّـأ له فقره أنها مريحة، و كان يرى في نفسـه أنّـه قد تمدّن بهذه الخطوة
    فقام بحشـو القميص بداخل البنطال، و هو أمر لا يمكن أن يفعله في القرية، و أسرع نحو البص الذي كان مقبلآ عليهم.
    كانت الشمس قد أشرقت للتوّ و صار سهلآ على ركّـاب بص (النجـدة) ملاحظة آثار مخلّفات البهائم (الزبالة) في بنطال دفع السيد الأبيض الذي قـدّر أنه (لبس الشغل) و لن يحتاجه فليهـلكه في سفر اللواري و يوفّـر لبسـه الجميل لمطار الخرطوم. لكن فات على دفع السيد أن صاحب لوري مخلّفات البهائم يقوم برش تلك (الزبالة) لكي تثبت مع حركة اللوري و سرعة الرياح، و جاء المسكين و جلس عليه فانطبعت خارطة مؤخّـرته في البنطال الأبيض فصار لمن يراه كمن قضى حاجته واقفآ، فضـلآ عن الرائحة التي يألفها دفع السيد بحكم النشـأة الريفيّـة فيما ينكرها ركّـاب بص (النجـدة) بلا شـك و يتأفّـفون من المنظر كلّـه.
    دلف دفع السيد في أوّل مطعم بالسّـوق الشعبي بالخرطوم، جلس و صـفّـق يديه فجاءه النّـادل و تلا عليه قائمة الطعام و كان يقول الأسماء بسـرعة و تنغيم و لا يكاد يبين
    عندنا لحمة بالفورون
    لاحمة بالطوّة
    شـيّة ضان
    شـيّـة عجالي
    جيقاجق
    كيمونية
    كيبدة
    كلاوي
    قلوب
    بيض بالطـوّة
    بيض بالبيض
    و..
    راس بالفورون..يا

    اختار دفع السيد الشواء، بوعيه الصحّـي، لضمان مباشرة النار للطعام و لحظ أن جاره ينظر إليه كلما تجشّـأ بعد البيبسي أو لعق أصبعه فلم يفهم ما به لكنه دعاه لمشاركته الطعام فلم يأبه ذلك الجار للرد عليه. بعد الأكل أخرج دفع السيد عود ثقاب و شـقّـه نصفين ثم أخذ ينظّـف أسنانه من بقايا اللحم و فضـلات الأكـل و كان مرور الهواء و اللّعـاب بين فتحات الأسنان يحدث صوتآ لا يشجّـع جيرانه على الأكـل فلحظ أن الناس تهرب من جواره فقال محـتجّـآ:
    ما قالوا ما بتتعارفوا آآآناس الخرتوم عرفتوني غريب كيفن؟
    كان سائق التاكسي البيجو ألطف من ركّـاب بص (النجـدة)فقال لدفع السيد:
    ما بنختلف، بس انت أدفع المارقـة
    و أوصله للمطار الذي كان يكفي مغادروه و قادموه صالونآ صغيرآ و بضعة موظّفين لكن رئيس البلد، الذي درس كل العلوم و الفنون في كلية الجيش، قرّر أن مطار البلاد انما هو دولي فكان له ذلك الإسـم الرسمي. علم دفع السيد من الموظفة شديدة الأناقة أنه قد وصل قبل موعد طائرته بسـبع ساعات، فأخذ يتجوّل داخل الصالة و عثر على حمّـام صغير غاب فيه بحقيبته فأبدل بنطاله، الذي تعمّـد بعض الشباب من ركّـاب بص (النجـدة) أن يخبروه بأنه لا بد من تغييره، و خرج من الحمّـام بالزيّ الجديد و هو يشعر بالراحة. خرج من الصالة و شغلت انتباهه شارة المرور، ذهب اليها وقف و فكّـر و قـدّر ثم نظر داخل الكشـك الصغير فتبيّن له عدم وجود آدمي هناك فعاد أدراجه مبهورآ بالتطوّر البشري الهائل و النعيم الذي يعيش فيه أهل العاصـمة.
    في الطائرة قرأ دعاء السّفر و رفض البيرة التي طالما احتساها، و أخرج حجاب حاج عبدالدائم و قبّـله و و كان الشاب الجالس بجواره شديد الهدوء و لا تفارق عيونه كتابآ باللغة الإنكليزية فتذكّـر ثرثار اللوري و تمنّـى لو يحدّثه عن جاره في الطائرة، كان هذا الشاب الهاديء بمثابة المترجم لكل إجراء أو حديث يواجه دفع السيد، فهو لا يعرف كارت الوصول و لا سلطات الجوازات و لا الجمارك و لا الطريقة التي يتحدّث بها الليبيون لغتهم العربيّـة، و كان أن أوصله جاره المهذّب الى حيث ينتظره المبروك و كانت الصّـدمة أن المبروك لا يسـلّـم مثل أهل القرية و أنّـه بدا متعجّـلآ و لم يقم بدعوة الشاب المهذّب للغداء و قال دفع السيد لنفسه (معليـش)..و كانت أول عبرة يبتلعها في تلكم البلاد.


    .
                  

08-04-2006, 01:09 PM

الزوول
<aالزوول
تاريخ التسجيل: 05-14-2003
مجموع المشاركات: 2463

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    السلام عليكم
    أخي الطيب الطيب
    جئت على سبيل إلقاء التحية
    وسأرجع لاحقاً للتعليق على القصة
    حمد لله على السلامة
    ................................................
    وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق
                  

08-04-2006, 01:19 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الزوول)


    .

    و عليكم السلام و الرحمة و الاكرام ..

    حباب الزول ..كتر الف خيرك على السؤال

    الهنا و الفوق بوست اخونا في العسكرية ابراهيم عدلان

    و مرحبتين بي رجعتك متى ما لقيت فرصة

    بالخير .. بالخير ..

    .

    (عدل بواسطة الطيب بشير on 08-04-2006, 01:21 PM)

                  

08-04-2006, 09:03 PM

معتز تروتسكى
<aمعتز تروتسكى
تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 9839

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    الطيب بشير

    Quote: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة

    غايتو ناص البوليص ديل ناس سبهلل خلاص..وملكيتهم صارخه كيف

    شنو يازول خبرك؛؟ نشيل همك وانت عييييك
    ولا سائل فينا
    خبارك ياجنا ...
    الحاصل عليك شنو نعلك بخير وعافية ..
    مشتاغوون وكده...
    ابقى حضر نفسك..
    وسلامى للاسرة..ياباشبزق انت..
                  

08-05-2006, 01:40 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: معتز تروتسكى)


    .
    الحبيب تروتسكي
    غلتان انا
    و ندمان
    انا
    و سافي التراب
    لكن ليك الله يا الطـيب بشير .. في اسبوعين زرت تلاتة دولتين (على قول الحبشي) ...و هي الهند/باكستان/كشمير..و لا زلت مرة اكتب و مرة ابكي..و مرة تغلبني القراية..وحياتي منك لو ما الحرب دي كان عندنا اسبوعين في اسرائيل نفسها..احييي انا من القراية المشاترة..يعني انا مش كنت اقرا طـب زي تروتسكي دة و ارتاح??
    اتصل تاني يا وكيل عريف و يمكن ما ارد عليك زاتو..بالزا زيتون

    ارقد عافيي

    .
                  

08-04-2006, 02:04 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    .


    (4)


    كان (بيت العزّابة) في مدينة سبها يتكوّن من غرفتين يستأجرهما أربع رجال و يساكنهما أحد عشر كوكبآ من
    حضيري الطعام و المنام، و لا يزيد فرش البيت عن مراتب على الأرض بلا أسـرّة و فرشـة كبيرة لأغراض الصلاة و لعب الورق و تلفزيون قابع فوق ترابيزة يدل شكلها على أنها سبقت ملكيتها لمن لم يحسن معاملتها، كانت زواياها موشّـاة بخطوط مذهّـبة بقي بعضها مسلوخآ كقميص الثعبان و سقط البعض الآخـر مخلفآ وراءه شكل و لون الخشـب البائس. لم تمض أيّـام عديدة حتى وجد دفع السيد نفسه في ملل من كل دهشة التكنولوجيا، فها هي أجهزة التكييف تعمل بأمره حتى يتغطّـى بالبطانية من البرد و الثلاجة تعطيه عصيرآ لا يستطيع شربه من برودته و جهاز التسجيل يدير عليه أشرطة الغناء الذي يعجبه و يدخّـن مضطجعآ و يطفيء السيجارة بلا حاجة لأن يعلوها بحذائه ، لكن الأكل الفاخر و ثرثرة الشباب ما كانت تناسبه، حتى الشراب عندهم لا يشبه (كمبو حـنّـا) تلك الحبشية التي أسست بيتها بوسط القرى و أقامت منتجع ترفيهي شعبي يقال إن بعض الكبار يحميه قانونآ و يزوره سرّآ و يلعنه جهرآ، و بدأ الحنين يسيطر على كل أفعاله و أقواله. كان يرى الشباب الذي قضى فوق الأربع أعوام بالغربة و قد غلبهم الحنين، يلتحف الواحد منهم بغطاء سميك و يدير جهاز التسجيل بداخله في سمّاعة الأذن و لا يلبث أن يعلو نشيجه و صـوت مغالبته للبكاء يأتي أنينآ مكبوتآ مثل عواطف النساء في بلاد تسـود فيها ثقافة تفوّق الذّكران.
    ظل الحال كذلك مع المغترب الجديد دفع السّـيد إلى أن جاءته البشرى ذات مساء بأن النعيم المقاول مسافر السودان و لا يمانع من زيارة أولاده لتبليغهم التحايا و توصيل المصروف.
    طارت أخبار حقائب دفع السيد في مدينة سبها و صارت محل تندّر من الجميع و تبرّع البعض و أخبروا النعيم بأن الرجل البسيط دفع السيد قد جهّـز شنطتين كبيرتين من ماركة (زمـبيل) و لا يزال يشتري الهدايا لكل أهل القرية و صاروا يتندرون من النعيم كيف سيتصرّف مع (ابوالدفاع) حين يأتي في المطار و معه شنطتين كبيرتين و بضعة أكياس و صناديق أجهزة إلكترونية و حتى بعض البسكويت المحشو و لبن البودرة في قرية فيها من الأبقار و الأغنام أضعاف ما فيها من الناس. بلغ المبروك أن النعيم لم يضق ذرعآ من محاولات الشباب لخلق نكتة من سذاجة قريبه فأخبر دفع السيد بكل ذلك و قال له بالحرف الواحد:
    يجب أن تحصر الوصية في حقيبة واحدة و تدفع ثمن شحنها في المطار بنفسك و تعلم أن الرجل بذلك يقدم لك خدمة كبيرة جدآ
    و لم ينس المبروك أن يقوم بزيارة علاقات عامّـة للمقاول النعيم، و هو يعمل بنّّّـاء في ليبيا لكن الشباب ينادونه بلقبه المحبّـب منذ أيّـام السودان الفائتة، و تبادل الرجلان نفاقآ مكرورآ من شاكلة (ما بتقصّـر يا ولدنا) و.. يأتي الرد المتوقّـع ( خيرك سابق يا ابو الرجال) و يشارك بالتعليق طرف غير أصيل في النقاش:
    الناس بالناس يا رجّـالة..
    انتو بتتكلّموا كيف يا جماعة؟
    سهر دفع السيد ليلته ممسكآ بالورقة و القلم و كلما شطب اسم واحد من أبناء عـمّ والدته من قائمة الهدايا ذرف دمعة سخينة و ردّد (والله أبوهم ما كان بيفرزنا لمن يجي من الحج لكن ظروف) و مع أذان الفجر كانت الشنطة الثقيلة جدآ تأخذ ديباجة برقم تذكرة النعيم للخرطوم و شكره دفع السيد صادقآ و عانقه مودّعآ و موصيآ و باكيآ في مشهد تأثّـر له الجميع.
    كان الخبر فوق احتمال نفيسة، فضيفها فوق أنه يحمل وصايا و أخبار دفع السيد هو رجل من أبناء البندر تجشّـم وعثاء السفر لأجلها و أبنائها فذبحت على شرفه خروفآ و أرسلت في القرية حاشرين أتوها بأعيان البلد. جلس النعيم في صدر الغرفة يجفّـف عرقة بمنديل ورق و يستجلب الهواء بتحريك الفتحة ما بين أزرار قميصه و هو يفتح الحقائب و يقرأ على سمع نفيسة و بعض الفضوليين وصايا دفع السيد، و لم تمض ساعة قبل أن تزدان ملامح أطفال و صبية القرية بألوان صارخة من فانلات الدعاية و الجلابيب التي تباع للنوم و تستخدم للخروج في الطرقات القريبة و لا يرى الشباب حرجآ في قصر أكمامها، أو ربما أطلقوا عليها تندّرآ اسم (الرجالة تطير)، و لم ينس النعيم أخذ لقطات تذكارية مع أطفال دفع السيد و البيت و شوارع القرية و سائر الأهل دون تركيز على نفيسة.
    و كعادة القرويين عرضوا على ضيفهم المبيت فاعتذر بقصر الاجازة و كثرة الوصايا و ضرورة العودة فوقفوا في صف وداعه جميعآ و تحرّك التاكسي يقلّه خارجآ جرى خلفه أطفال القرية و هم يمازحون نفيسة بتحريف الأغنية الشهيرة:
    الليلة ما جاني
    سا فر ليبيا خلاّني


    .
                  

08-05-2006, 08:10 AM

عبد الله عقيد
<aعبد الله عقيد
تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 3728

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    Quote: و كانت أول عبرة يبتلعها في تلكم البلاد.


    قول ليهو ياما راجياك عبرات يا ود اللذينة


    ابو البشير
    مشتاقين كتير يا حبّوب

    حمدا لله بسلامة العودة
                  

08-05-2006, 01:47 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: عبد الله عقيد)


    .

    حبيبنا ود عقيد
    قلت لي مغايس الغربة رااااقدة
    و مافي ليها تحذير..يعني مثلا في طرق المرور السريع يقول ليك:
    احترس امامك دوار..او هنا مثلا تحذير عن المزالق الجليدية ..
    يا ريت مثلا يقول ليك:

    احترس كفيلك لئيم

    او

    حاذر المدير مبوز

    شكرا ود عقيد

    .
                  

08-05-2006, 12:08 PM

الطاهر ساتي
<aالطاهر ساتي
تاريخ التسجيل: 02-18-2006
مجموع المشاركات: 3227

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    Quote: شنو يازول خبرك؛؟ نشيل همك وانت عييييك
    ولا سائل فينا
    خبارك ياجنا ...
    الحاصل عليك شنو نعلك بخير وعافية ..


    بالضبط كدة والله ... نفس الاحساس ... حمد لله على السلامة
    فتشت البوست بتاع " فنجان القهوة " وما لقيتو .. حاول ارفعوا
    و تحياتى لك و لمن معك
                  

08-05-2006, 01:51 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطاهر ساتي)


    .

    اهلين الطـاهـر ساتي
    مرحبتين
    يا جماعة انا مذنب
    و طـالب الغفران
    بوست الدوبيت..هسع افتشوا ليك
    تســلم

    .
                  

08-05-2006, 12:29 PM

ابي عزالدين البشري
<aابي عزالدين البشري
تاريخ التسجيل: 03-28-2006
مجموع المشاركات: 1178

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سوداني أصيل (Re: الطيب بشير)

    الأخ الطيب بشير

    لك الود. العمل ينم عن ( روح ) سودانية ، و (نفس) قروي أصيل. وهذه هي الأصالة التي تشق طريقها
    ( للعالمية).

    دفع السيد ( الشخصية المفصلية ) في النص، فعلا هي (شخصية نمطية) ، تكاد تكون موجودة في كل أصقاع

    السودان. التصوير صادق، واللغة (المحلية) تزيد النص إشراقا.

    واصل وسنتابع

                  

08-05-2006, 01:54 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سوداني أصيل (Re: ابي عزالدين البشري)



    .

    مراحب استاذ ابي عزالدين البشري

    و الف شكر على المدحل التفكيكي للنـص

    انا بكمل العمل و بتابع ردودك السمحة

    تقديري


    .
                  

08-05-2006, 02:27 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)



    .


    (5)

    صار دفع السيد من أدرى السودانيين بقضايا اللبس و الأزياء و كان يشتري الملابس ذات الماركات الأمريكيّـة الشهيرة و هو يعد نفسه لمغامرة العودة الأولى للبلاد بعد غياب عامين و يمني نفسه بلقاء أبنائه و زوجته الذين أصبحت صورهم تتصدر الغرفة على الطريقة التي وجد عليها الشباب من قبله. من محاسن الإغتراب على دفع السيد أن كثرة ساعات العمل و الحاجة الماسة للراحة جعلاه يقلل من شرب الخمر لحد بعيد و مع الغذاء الجيد ارتدّ الرجل صحّـته فبدا شابآ و هو في خريف العمر و كنت تجد في دولابه الذي يفتح بابه بالسوستة كل أنواع العطور و المزيلات و كريمات و أشكال الحلاقة و تشذيب الشوارب، صار الرجل مستهلكآ أصيلآ لكل ما تعلمه حديثآ و تغشّـت لكنة المدائن بداوة ألفاظه فصار لحديثه وقف لازم و ابتسام أولى و إلمام كبير بعبارات الشكر و المجاملة، و خطا الرجل نحو المدنية خطى واسعة لم يخطّـط لها يومآ أبدآ.
    كان دفع السيد يؤكّـد دائمآ للنعيم المقاول في كل لقاء أنه يريد أن يرد له الجميل و يحمل وصاياه لأهله مهما كثرت و كان هذا الأخير يطمئنه بحديث لطيف و يشكره على شعوره الطيب حتى جاء يوم سفر دفع السّـيد فدخل عليه النعيم المقاول بمظروف صغير و قال إنه وصيّـته. بدا عدم الرضا على دفع السيد، لكن المقاول البارع عاجله بقوله:
    شفت الظرف السغيروني دة هـمّـو أتقل من شنطك ديل كلّهـن
    و جلس الرجلان كان النعيم المقاول يشرح و دفع السيد يسأل أو يكتب تعليقآ باهتمام بالغ
    مصاريف الوالد براها
    مصاريف الوالدة براها
    مصاريف شقيقتي إنتصار براها
    و الأخيرة دي لازم تسلمهم ليها على دفعتين واحدة لمن توصل و التانية لمن تجي مسافر ع شان لو أدّيتها المبلغ كلّوا بتفرتقوا في الفارغة سريع.
    و أخيرآ شـراء سهمين في الجمعية التعاونية بجبرة غرب بإشرافك الشخصي و كتابتها بإسمي.
    و من مطار الخرطوم شرح دفع السيد لسائق التاكسي أنهم قبل الجزيرة عندهم دخلة سريعة للصحافة و جبرة، و لما كانت أرقام المنازل و أسماء الشوارع ليست من أولويات الحكم الوطني الباسل فقد ابتدع الوجدان الشعبي طرائق مختلفة لتبيان مواقع المساكن و الأحياء، فقد كان سائق التاكسي يتوقف و يمد دفع السيد عنقه ليسأل الشباب الواقف أمام البقالة:
    يا جماعة صيدلية جبرة من هنا بي وين؟
    فيجيبونه بسؤال:
    صيدلية جبرة (ون) ولاّ صيدلية جبرة (توو)؟
    ثم يرجع لأوراقه و يبحث و يطلب من سائق التاكسي العودة لركن المسجد الذي بدأت منه المتابعة و لا يجد كوافير هالة، يسأل مجموعة من الشباب المارّين بذاك الشارع، و ما أكثر ما تجد في بلادنا من أعداد الشباب المتوافرين دومآ لمثل هذه الخدمات، فقال له أحدهم :
    ياخ انتا وين؟.. مدام هالة دي ما كشّـوها ناس الأمن العام و قفّلوا ليها المحل لأنها كانت بتجيب مصريّـون يسرّحوا للبنات و هسّي الدكّـان اسمو عماري (الجديد شديد) و هو أول لفّة من هنا على يمينك محل الصيوان بتاع البكا داااااك.
    طرق دفع السيد الباب بنقرات مؤدّبة تشي برهبة القروي من تعامل أهل البندر، و فتح الباب حاج أحمد والد النعيم و استقبل ضيوفه بترحاب أراح دفع السيد:
    النعيم جاب لي برقية قال فيها انك جايي
    مرحبتين يا ولدي
    و جاءت الحاجة على ذكر اسم ابنها و جلس دفع السيد يشرح لهم و يفتح الحقائب و يعـدّ النقـود و يكتب في النوتة الصغيرة و فجأة دلفت للصالون فتاة ممشوقة القوام ينثال شعرها على كتفيها بلا تصفيف أو قيود، فاقع لونها تسرّ الناظرين، تتزيّـا بإسكيرت قصير يكشف عن مطلع فخذين ممتلئين و تبدو عليها سيماء الدعـة و الدلال و يميّز خطوها إصـرار الضباط و هو ما لم يعهده القروي قبلآ، وقف لها إجلالآ دفع السيد فقدّمـت نفسها بابتسـامة و جرأة:
    إنتصار أحـمـد، و أردفـت، انت أكـيد (أبوالدفاع)
    جلسـت و أشارت إليه أن يتفضّـل بالجلوس و اختارت كرسي مقابل له و تعمّـدت أن تميل للأمام في جلوسها كمن يعطي انتباهه لمحدّثه، لكنّها كانت تدرك أنّ فتحة البلوزة الواسعة ستظهر مكنونات صدرها. كانت إنتصار تعلم أنّ والدها لن يعلم بأمر جلستها هذي، لأنّ نظره صار ضعيفآ جدآ، و كان قد أمرها ألا تكرّرها. كان دفع السيد يحني رأسه موافقآ على كل ما تقول إنتصار و يحتفظ بالبسـمة التي تفيد الدهشـة و البلاهـة في ذات الآن، و لم يتنبّـه للحاجة و هي ترفع صينية العصير في وجهه إلا حين قالت له مبتسـمة، كمن حاك في نفسـه شيء و كره أن يطّلع عليه الناس،:
    إتفضّـل يا ولدي




    .
                  

08-06-2006, 06:57 AM

عبد الحي علي موسى
<aعبد الحي علي موسى
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    أيها العارف الطيب ود البشير راجل أم مرح
    القصة رايعة وبما أنك من العارفين فأرجو أن تمر على خيطي (فقط للعارفين)

    (عدل بواسطة عبد الحي علي موسى on 08-06-2006, 07:01 AM)

                  

08-07-2006, 01:43 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: عبد الحي علي موسى)


    .

    حباب عبد الحي علي موسى ..حبابو .. حبابو

    شكرا لرايك في القصة

    اما مايجمعني بالعارفين فهو المحبة..و لطفهم معي

    لكن انا زول ساااااي

    Quote: خيطي (فقط للعارفين)


    where is the link??

    .
                  

08-06-2006, 03:19 AM

أبوبكر حامد الأمين
<aأبوبكر حامد الأمين
تاريخ التسجيل: 04-03-2006
مجموع المشاركات: 773

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    أبو بشير .........
    أهلاً بعودتك تتأبط أبو الدفاع ، أتابع بشغف ساءه دخول أم النعيم بكوب العصير و من ثم انقطاع الإرسال .
    معبق التحايا لأم بشير وبشير وموحى " بلا تشكيل ".
                  

08-06-2006, 05:37 AM

إسحاق بله الأمين
<aإسحاق بله الأمين
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 1371

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: أبوبكر حامد الأمين)

    الأخ الطيب بشير
    سلام واحترام
    إبداع ياالطيب إبداع .. القصة جميلة جمال "أبو الدفاع" وجمال بوري لوري الزبالة في نظر أطفال القرية وقتين يشق حلتكم ..منظر مألوف ولا يعرف جماله إلا من عايشه .. هذا هو الإبداع الحقيقي .. صدق وعفوية وعدم تكلف .."شحتفت روحنا" يالله واصل ومتابعنكم بشغف.. لافض فوك ولا جف مداد قلمك الرائع الذي يسيل إبداعا.. مثلك يأسرنا.. دمت مبدعا
                  

08-07-2006, 01:39 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: إسحاق بله الأمين)



    .

    مرحبتين اخي إسحاق بله الأمين
    شكري و تقديري لكلامك اللطـيف
    انا معجب جدا بالريف السوداني كله .. شفت مرة جبل مرة ..الروصيرص ..كسلا ..الابيض ..بارا..الجبلين ..اتبرا ..بورسودان ..جوبا نار ..و كنت في كل زيارة لمدينة (ادقش) ريفها ليومين تلاتة ..لذلك احببت الريف كله.

    حبابك

    .
                  

08-07-2006, 01:30 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: أبوبكر حامد الأمين)


    .

    مرحبتين حبيبنا بكري حامد
    لووووول ..دحين شيخ بكري الفي القرية دة انتا ??
    لكم فيما يلي الجزء قبل الاخير
    وتحياتي للجميع


    .
                  

08-07-2006, 01:45 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)


    .



    (6)


    دخل دفع السّـيد قريته كما كان يدخلها النميري و الصادق و الميرغني، فالقرية ما كانت تخرج بأسـرها لغير استقبال ثلاثتهم، الفرق الوحيد أن دفع السيد كان قد عاد لأهل القرية بجلابيب ملوّنة بأكمام قصيرة و تلفزيون بالبطارية للنادي و أنّـه كان صادقـآ حين ذكر أنهم في باله دائمآ.
    و لم تبق بالقرية سيدة أو بنت إلاّ و تدافعت لخدمة نفيسة في ذلك اليوم، كانت متوّجـة بالحب و الرضا يخفي (مقنعها) السابل ملامح وجهها الذابل و تبدو بأيديها نقوش الحناء عريضة من أثر استخدام الحقن الفارغة في الرسـم. احتضنها دفع السيد و معها طفليه و بكى بصـوت مسـموع سامحه فيه أهل القرية في إطار تعايشهم مع أخطائه القديمة و المتجدّدة.
    لم يمض يومان إلاّ و وجد دفع السّـيد عذرآ للعودة للخرطوم، فالرحلة بالتاكسي صارت أيسر و كان لا يدع سائقه يغادر القرية قبل أن يتفق معه على موعد العودة. كانت الضرائب رحلة يوم واحد، فالدولة وقتها كانت تأخذ ضريبة واحدة فقط لأنها ما كانت تدرك أهمية دورها في حسم صراع البوسنة و الهرسـك، و كان تغيير العملة يأخذ يومين للحذر، و هي كلّها حجج يقولها دفع السيد ليذهب للخرطوم و يقضي يومين يبحلق في عيون إنتصـار، و مع مظاهر المدنية التي اكتسبها، أدخل دفع السيد مهارة الكذب و النفاق بأسماء تجميليّـة تتراوح بين الديبلوماسية و مراعاة المشاعر. كان يجد ميلآ عظيمآ لبهارج إنتصار و لطفها، و يجد في كلام نفيسة المباشر ذكريات ماضي يجتهد في الهروب منه، فكان يجاملها بكلام و حركات علاقات عامّـة هيّأ له سوء تقديره أن تلك (الحركات) تجوز عليها، غير أنّ زهـده في الأنس كان قد وصل لنفيسـة الأنثى بغير كلام فرفضـت إقتراحات (طبقة البوخـة) و إعادة نقش الحنّـاء، برغم أن السيدة التي تقوم بذلك كانت متطوّعـة، لكن إحساس المرأة التي أنفقت عامين بانتظار زوجها كان يحدّثها بأنّه لا يحفل بها و لا بشكلها و بدت مثل لاعب مهزوم يتهيّب صافرة الحكم و هو يعلم أنها آتية.
    علا صـوت دفع السيد بوجه شيخ بكري إمام المسـجد لأوّل مرة، و كان الحديث الغاضب سرّآ قبل أن ينفجر شيخ القرية بوجه دفع السيد:
    في دي طريت الله و بتدور تشوف حقوقك؟
    تحرّك الحاج زمبارة الذي كان يجلس بعيدآ و يستمع لطرف الحوار، و كان يستمتع بنقل الأخبار، و أسرع باتجاه بيت دفع السيد، خبطت نفيسة صدرها بيدها فزعآ حين رأت الرجل الملقب ب (رويترز) يمشي باتّجاهها و قالت في جزع:
    ووووب علـي شـن جبت لـي
    قال حاج زمبارة لنفيسة إنه سمع دفع السيد يقول بالتحديد (الراجل محـللاّتآ ليهو أربعة) و أردف مدّعـيـآ البراءة:
    عيلا ما عرفتو قاصـد شنو
    عـوت نفيسـة بأسى حقيقي و كان نواحها محرّضـآ لنسوة القرية، صار البيت مثل بيت مأتم، فالمرأة الصابرة تعاني جرحها الغائر و تحاول مداراة أزمتها بالقرية و ترى في كل ركن بالبيت بقيّـة ذكرى مشروخة مما ترك الحبيب الغادر، أزياؤه الرسمية التي أمرها بالتخلص منها فور عودته، و علب الحقن الفضّيّـة و منفاخ إطارات الدرّاجة، و أطلال سنوات الإنتظار للفتح المبين و العود الأحمد و وعود العمرة و ركوب الطيّارة.
    بكت النساء بلا نواح، لكنّه كان بكاء شديد الصدق، تصحبه تعليقات مؤازرة انصبّت كلها على تبخيس دفع السيد و رفع شأن نفيسة، و قد كان أعلاها صوتآ تعليق خالة دفع السيد:
    بتدور ترمي طوبة نفيسة آآآآ عوج الراي؟
    سافرت و غنيت بتدور تبقى داب نفسك؟ قالوا الدّاب نفسو قصّر من نفسو.
    قنعت من ساسك و تاج راسك؟ أخ من خشمك و تـف في دقنـك؟
    و يشجّع ذلك الكلام قريبات نفيسة فيجرؤن على دفع السيد أكثر و أكثر و يذكرن مواقفها مع الجميع و تضحياتها المعروفة لأجل زوجها و طفليها.
    و خرج دفع السيد من القرية بلا وداع، و لم يمتد كرم القرية لمسامحته في هذه أبدآ، و لم يفلح الخطاب الديني في التخفيف من وقع فعلته على سيدة في تفاني نفيسة. صارت زيارات دفع السيد للقرية تمثّل هاجسـآ له، فالقرويون لا يتورّعون من توبيخه علنآ و تذكيره بمواقف نفيسة معه آن فقره و عوزه، لذا تباعدت كثيرآ تلك الزيارات من ثلاث سنين إلى خمس، و انتهت إلى حوالات بريديّـة متقطّعة بالقدر الذي تسمح به إنتصار أو حين يغافلها بمبلغ لم تتابع دخوله في الحساب.
    كانت شهيّة إنتصار للحياة و الشراء لا تعرف نهاية، بداية بالذّهـب و مرورآ بأسماء الثياب و ألوانها المتباينة و انتهاء بفساتين المناسبات المتعدّدة. أحذيتها وحدها كانت تشغل دولابآ بأسـره، مطبخها كان مملوءآ بأسماء أفخر طقوم العشاء و أواني الشاي و أطقم القهوة و الملاعق و الشوك المذهّـبة. فرضـت على دفع السيد أنماط حياة إستهلاكية لا تمت بأدنى صلة لراتبه و لا نشأته، و ما كانت تترك له فرصة ليختار. كانت أوّل مرة يعرف فيها دفع السيد أن الزوجة لها مصروف يومي و طلبات مكررة باهظة لا تنتهي بانتهاء الراتب.
    صار دفع السيد يكثر من الشرب و ضبطته شرطة سبها مرّتين، انتهتا بسخرية العسكري العربي من سواد لون السكران و كان يقصّ عليه طرائف عن السود يتبادلها الأشقاء العرب في إطارتطوير العلاقات بين البلدين. كان النعيم المقاول يساعد في نقل دفع السيد من عمل لآخر و اشتهر بين الشباب أن دفع السيد يقوم بتنظيف البيت و تغيير حفاظات طفلته دائمآ و أنه صار كثير الدّيون و الحلف و الكذب، و كان يبكي كلما سكر لذلك يتحاشى الشباب منادمته لأنهم لا يحبّـون الغم في ساعة نسيان الهم.
    صار وحيدآ و عاطلآ بعد أن ملّ النعيم من محاولات إعادة توظيفه و قال لإنتصار إن ذلك يحرجه بل أقدم على قطع علاقته بهـما حين احتجّـت و قام بنقل أعماله لطرابلس. كان دفع السيد يغض الطرف عن دخول إنتصار البيت في ساعة متأخرة بعد عودتها من العمل بمنتزه الأطفال، و كان يحتسي كأسين كبيرين قبل النوم، أما هي فلم تعد تحتاج لأعذار عن أسرار تأخيرها، و ذكرت له يومآ أنها ستسافر للإسكندرية في رحلة تجارية بسيارة بيجو مع جماعة من الخيّرين، و أن ذلك لن يكلّفها كثير مال لكنّه سيعود عليها بربح أكبر، كانت تلك هي المرة الأخيرة التي أبلغته فيها بشيء، صار بعد ذلك يلتقيها حين تأتي للبيت من حين لآخر بعد تكرار رحلات مصر و ظهور آثار الثراء المفاجيء عليها، فكّـر بمساءلتها لكنه تذكّـر أنّـها هي التي تدفع الإيجار و تأتي بالأكل و (الشراب) .



    .
                  

08-08-2006, 05:32 AM

عبد الحي علي موسى
<aعبد الحي علي موسى
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 2929

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    أخ الطيب لا يمكن إكون إسمك (الطيب) ود (البشير) وتكون زول ساكت سيب التواضع (أو غير إسمك) وإلا فادخل على

    فقط للعارفين

    (عدل بواسطة عبد الحي علي موسى on 08-08-2006, 05:47 AM)

                  

08-08-2006, 12:22 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: عبد الحي علي موسى)

    .

    مرحبتين عزيزي عبد الحي علي موسى
    مررت لى الخيط ـ القراءة الاولى ـ و ان شاء الله لي عودة درويش سكران هناك

    .
                  

08-08-2006, 12:19 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)


    .

    (7)



    سـافر عبد الناصر، الإبن البكر لدفع السيد، إلى ليبيا، فقد باعت نفيسة بقرتين لتمويل سفر ولدها الذي كان المبروك قد هيّأ له عملآ طيّبآ وسـكنآ في سبها. بحث عبد الناصر عن مكان سكن والده، و بعد جهد تعرّف على البيت بمساعدة بعض الشباب، و حين طرق الباب كان دفع السيد مخمورآ جدّآ فـفتح الباب و حملق في الطّارق و أخذ يردّد:
    قول معاي أنا شايفك ويييين؟؟ شايفك ويييين؟شايفك وييييين؟؟؟
    مرّت لحظات عصيبة على الشاب اليافع، و دارت بخلده كلّ ذكريات حكيم القرية الذي كان يتصدّر المجالس مع أعيانها، دلف إلى البيت دامعآ فألفى أخته لأبيه تلهو بعشرات الدمى الباهظة الثمن و تدير جهازي تلفزيون في ذات الآن، فتذكّر علبة الصلصة المخرومة يتدلّى من فتحتها خيط لتمثّل و تحاكي تلفون العمدة و كانت قد أسعدت طفولته لزمن بعيد قبل أن يهديها لشقيقه الأصغر. كان دفع السيد يكثر الدخول للحمام، يبكي حينآ و يستحث القيء بإصبعه السّـبّابة أحيانآ ليتخلّص مما أفرغه في جوفه عساه يصحو لضيف كم تمنّى أن يراه و هاهو يهرب من لقياه.
    كان كلام عبدالناصر مع أبيه جادّآ في غير قسوة، أخبره بعمله الموفّـق و دعاه هو و الطفلة الصغيرة للعيش معه كأسرة سعيدة بمفاهيم جديدة. لم يجد دفع السيد مفرّآ من القبول، رغم تهيّـبـه من ردود الفعل الغاضبة للسيدة الغائبة، و عاوده مرحه فصار يطلق على إنتصار لقب (بلّـة الغائب). بدخول عبدالناصر في حياة أبيه عادت للرجل بعض معاني الحياة، فهاهو المجتمع الظالم يبتسم بوجهه ثانية و هاهم رفاق الأمس يدعونه للمنادمة ثانية، لكن سكرة دفع السيد التي أنكر فيها إبنه البكر كانت فوق احتمال القروي، فتاب لوجه إبنه الكريم و صار الخمر عنده آخر ما يرد في التفكير.
    كانت فضيحة القبض على عصابة سودانية للتهريب فوق احتمال الجالية الصغيرة في سبها، و زاد المصيبة أن التلفزيون المصري قام بالتركيز على امرأة تشارك في الجرم بإغواء و تضليل رجال الجمارك، و تناولت الألسـن سيرة إنتصار بكثير قسـوة، لا سيما نساء الجالية اللائي كـنّ بالأمس من أقرب صديقاتها. هنا فقط تذكّـر دفع السيد حال نفيسة حين تزوّج عليها، لم تشمت فيها سيّدة واحدة بالقرية، بل كانت النساء تبكي معها و كـنّ يتحدّثن عن غدر دفع السيد، و أحسّ الرجل بقدميه تخذلانه فتهالك في أقرب مقعد و غامت الرؤيا حوله و انتابته أزمة قلبيّـة حادّة نقل على إثرها للمستشفى.
    خرج دفع السيد من مشفاه بقائمة من ممنوعات الطعام و سلّـة من الأدوية و رضا عن إبنه الذي كان شديد العناية به و بالطفلة التي أخرجها وجود أخيها في حياتها من غرفة مملوءة بالدّمى إلى رحاب ميادين الأطفال و المنتزهات و برامج الترفيه العائليّـة فصارت تنسب له كل الخير في الأرض دون أن تعي أنها تفعل.
    كثر الطرق على الباب المفتوح فاضطرّ الأزهري, شقيق عبدالناصر الصغير، أن يصيح بغضب:
    الباب فاتح ياااخ
    عالجت نفيسة كلام إبنها الذي تعوزه الخبرة بخطوات وثّابة نحو باب البيت و هي تردّد:
    مرحب مرحب
    و فتحت الباب لتجد رجلآ تبدو عليه سيماء الرسميين، بيد أنّه غير متجهّم، و تبدو خلفه لوحة سيّارته صفراء و قد لحق به نصف أهل القرية حين رأوه، أو علموا، بأنه يطرق باب نفيسـة.
    تحدّث الرجل للجميع كمن يخطب في ليلة سياسية:
    يا جماعة أنا عبدالجليل الطيّب، مدير الخدمات الإجتماعيّـة بمشروع الجزيرة، و قد جاءنا خطاب رسمي من السفارة الليبية، عبر الخارجيّـة و وزارة الزراعة، أن رجلآ ثريّـآ تبرّع لكم بمستشفى للقرية، و تبرّع لمشروع الجزيرة بجرّارات و معدّات أخرى، و جاء في الخطاب أن أحد العاملين مع هذا الثري هو الذي طلب منه ذلك، و أنّ اسم العامل هو:
    عبدالناصر دفع السيد
    و هاج البسطجاء و اختلطت صيحاتهم بزغاريد النسوة و ضاع صوت الرجل الطيب عبدالجليل الطيب و هو يحاول تهدئتهم ليكمل ما لديه، فقام إمام المسجد بالتصفيق عاليآ فصمتوا ليكمل الموظف حديثه بالدارجة هذه المرة:
    و هسع دايرين نفيسة تمشي معانا بركات لأنو عبدالناصر طالبها في مكالمة ضرورية
    و مرة أخرى ضجّ القرويون و اختلطت أحاديثهم:
    نفيسـة نفيسـة، بالصح ماشّـة مدني تقولي هـلـو هـلـو بلا شغلة متل ناس الخرتوم؟
    و تصيح عجوز أخرى:
    صبرك جبر يا نفيسة، يكبروا السّـغار و يزيلوا الغبار
    و يصيح صبي:
    عليك الله يا خالتي قولي ليهو دايرين كدّارات و..و لباسـات منـقـرطة و فـمـايـل مشـخّـتة للتّـيم.
    في بركات، حيث رئاسة مشروع الجزيرة، كان شيخ بكري إمام المسجد و حاج الجمري خال نفيسة يسمعون ردودها على الهاتف فقط و يستنبطون معنى كلام إبنها:
    .......................
    كتّـر خيرك يا ولدي، أنا ما فيني عمر للطيّارت بعد دة، و لا بقدر على عيشة الغربة، أنا بقعد مع أهلي في الحلّة هني، و انتا تجينا زيارة لينا كلّنا
    ................................
    لا لا..شكرآ عليك ..طالما جبتو لينا الازبتالية يا ولدي تاني السفر فوق ام كم؟
    .............................
    كدي كدي خلاس ..بنوي طـب ..ان شا الله المنادي ينادي، عيلا بعد تعرّس إتّـا
    ...............................
    و فجأة تغيّـر وجهها الضاحـك و صمتت تسـمع فقط، ثمّ طفرت دموعها بغزارة و جاء صوتها مشروخآ:
    عافيالو يا ولدي، عشانك إتّا، هي الدنيا فيها شـنو؟
    لا فاتت سيد الكارّو...و لا لحقها اب وشّـآ صارّو..
    لا تشيل هم ابوي انا.. عافيالو طب، أنا أمّـك آآ عبدالنّاصـر، ان شاالله ربنا يشفيهو
    ................................
    ودعتك الله و الرسول آآ العشا
    ..................................
    خرج موكب نفيسة من مكتب المدير باتجاه السيارة حيث بادر السائق برفع طوبة من الأرض ليؤاخي بها نفيسة، لإعتقاد سائد يفيد بأن ركوب المرأة الواحدة مع الرجال يجلب الشؤم و تتم معالجة ذلك (السّـبر) بوضع طوبة في السيّارة. هنا أسرع شيخ بكري، الذي يحسب تلك الممارسات بقايا وثنية، و رمى الطوبة قائلآ للسائق:
    لو العربية دي فيها راجل واحد بيكون نفيسة دي، سوق ساي بلا فـلـفـسـة معاك.



    ـــــــــ

    النهـــاية
    ـــــــ
                  

08-09-2006, 04:22 AM

إسحاق بله الأمين
<aإسحاق بله الأمين
تاريخ التسجيل: 06-29-2006
مجموع المشاركات: 1371

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    الأخ الطيب ود البشير
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    زي ما قال أحد الأخوان المعلقين (( أخ الطيب لا يمكن إكون إسمك (الطيب) ود (البشير) وتكون زول ساكت )). فعلاً إنت زول مبدع.
    قصة جميلة جداً نصاً ومضموناً. سرد مشوق بلغة سلسة تنم عن يراع كاتب مداده الإبداع .
    أبو الدفاع رجل طيب وعبد الناصر إبن بار وانتصار نموذج نشاز للمرأة السودانية والحاجة نفيسة مثال لصبر كثير من أمهاتنا الصابرات على ظلم الأزواج.يكمن جمال القصة في سرد واقع الحياة في ريفنا الحبيب، حيث الأصالة والحياة البسيطة التي لم تفسدها المدنية بعد. شخصية الممرض في واقع حياة الناس في الريف لها أهميتهاودورها في المجتمع ولا تزال تحظى بكثير من الإحترام والتقدير. صبر حاجة نفيسة على دفع السيد وبرالإبن عبدالناصر بوالديه جلب الخير لهما ولأهل القرية جميعا.(( لو العربية دي فيها راجل واحد بيكون نفيسة دي، سوق ساي بلا فـلـفـسـة)) نهاية موفقة ونفيسة تستاهل والصبر جبر كما نقول في أمثالنا الشعبية.
                  

08-09-2006, 05:59 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: إسحاق بله الأمين)

    .


    مرحبتين عزيزي إسحاق بله الأمين
    شكري و عظيم امتناني لك
    السرد الحميم لواقع الريف يؤكد انتمائي له
    هنالك صور جمالية لا حصر لها تتكرر يوميا في الريف
    مرة في الجبلين قلت لي صاحبي:
    ياخ ما هاوزين عشاء لحمة..لبن بس..بدون عيش
    الحصل انو جاب لي جردل لبن..اي و الله ..جردل كامل و عايمة فيهو كاسة قرع..و انا كنت نايم في حوش كبير برااااي ..شلتو و مشيت لي ناس بيتونسوا في الشارع ..بنهاية الليل و كمية الحليب صاروا اصدقائي..هل هنالك اروع من ذلك


    .
                  

08-09-2006, 05:15 AM

peace builder
<apeace builder
تاريخ التسجيل: 10-17-2002
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    عزيزي الطيب
    لقد طفرت دمعات وانا اقرأ القصة
    شكرا لك ودمت

    جمال كرار
                  

08-09-2006, 06:02 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: peace builder)



    .

    عزيزي جمال كرار
    تحياتي لك و لاسمك الحركي الرائع
    لا تبكي ..علمنا الا نظلم المراة
    تحياتي


    .
                  

08-10-2006, 04:59 AM

peace builder
<apeace builder
تاريخ التسجيل: 10-17-2002
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    اخي الطيب
    شكرا ليك كتير
    السرد السلس وبنية القصة تشدني والصور الجميلة التي اوردتها بجزئياتها وتفاصيلها اضفت جمالا على القصة ..فها انا ارى انتصار اشبه ببت الفضل "بت الفسل" التي رفض النزول عندها ابوالدفاع بداية وماذا سيكون رأي انتصار لو عرفته قبل السفر
    قصة جميلة وفي انتظار المزيد
                  

08-10-2006, 03:17 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: peace builder)



    .

    عزيزي جمال كرار

    تحياتي لك و لا امل من التعليق على اسمك الحركي الرائع

    بنت الفضل بخيلة و مزدرية..لكنها شريفة

    يبدو لي انتصار لخبتت كتير في طريق البحر المتوسط

    و كلامك صاح ما كانت ح تقبل بالتمرجي القروي لولا عملته الصعبة


    .

    (عدل بواسطة الطيب بشير on 08-10-2006, 03:20 PM)

                  

08-09-2006, 07:17 AM

مصدق مصطفى حسين


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: الطيب بشير)

    أخى الطيب بشير

    متابعين بشغف ....
    تحياتى العاطره .
                  

08-09-2006, 06:04 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: مصدق مصطفى حسين)



    .
    الفنان مصدق مصطفى حسين
    مرحبتين
    شكرا للمتابعة
    تحياتي



    .
                  

08-09-2006, 06:11 PM

عبد المنعم ابراهيم الحاج
<aعبد المنعم ابراهيم الحاج
تاريخ التسجيل: 03-22-2005
مجموع المشاركات: 5691

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: مصدق مصطفى حسين)

    العزيز الطيب بشير

    لك التحية يارجل...

    القصة ..بها الكثير المثير ...وتكشف عن حالة عامة للواقع السوداني
    في أدق تفصيلاته ..


    سعدت بقراءتها ولنا عودة..


    لكن نجوم الكتف ماختيرة...ده منو ده؟
                  

08-10-2006, 03:11 PM

الطيب بشير
<aالطيب بشير
تاريخ التسجيل: 12-06-2003
مجموع المشاركات: 5762

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طــوبــة نـفـيـســـة .........قـصّــــــــة (Re: عبد المنعم ابراهيم الحاج)




    .

    العزيز عبد المنعم ابراهيم الحاج

    مرحبتين ناس الشمس و درجات الفوق المائة

    شكري و تقديري لدعمك يا حبيب

    Quote: لكن نجوم الكتف ماختيرة...ده منو ده؟


    ياخ انا ارتكبت البوليص سبعة سنة(احداهن في الكلية)

    .ما قلت ليك ..

    اهلا تاني..


    .

                  

09-25-2006, 05:21 AM

ابي عزالدين البشري
<aابي عزالدين البشري
تاريخ التسجيل: 03-28-2006
مجموع المشاركات: 1178

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رمضان كريم (Re: الطيب بشير)



    رمضان كريم

    تصوموا وتفطروا

    على خير
                  

10-24-2006, 02:03 AM

ابي عزالدين البشري
<aابي عزالدين البشري
تاريخ التسجيل: 03-28-2006
مجموع المشاركات: 1178

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الفطر المبارك (Re: الطيب بشير)


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de