وقائع جنازة الراحل نجيـب محفوظ..(مقال أعجـبني)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 07:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-31-2006, 08:57 PM

محمد عبد الله شريف

تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وقائع جنازة الراحل نجيـب محفوظ..(مقال أعجـبني)




    تعاملت الفضائيات العربية مع حدث وفاة نجيب محفوظ باعتباره خبراً لا يمكن تجاهله، وفي نفس الوقت لا يستحق أكثر من دقيقتين في نشرات أخبار بعضها الرئيسية، يستضاف خلالهما الشخص الذي يملك ميزة وحيدة هي القرب المكاني إلي استديو القناة التلفزيونية في القاهرة، التي تؤهله للوصول إليه بأسرع وقت، وبغض النظر عما إذا كان نصف شاعر أو ربع روائي أو ثلث مثقف، ليقول كلاماً عاماً عن أهمية نجيب محفوظ في الرواية العربية، التي أهلته للحصول علي جائزة نوبل في الأدب، وعن استفادة السينما المصرية من أعماله، وهي معلومات يعرفها أصغر بائع فول وطعمية في مصر، وليست بحاجة ليتكلف عدد من حملة الدكتوراه في الأدب المقارن وتاريخ الرواية مشقة ارتداء البدلة وربطة العنق، وقطع المسافة من بيوتهم إلي الاستديو ليرددوها علي الشاشات.
    ومع اعلان المصادر المصرية عن صدور قرار رسمي بتشييع نجيب محفوظ ملفوفاً بالعلم المصري، ومحمولاً علي عربة مدفع، لم تعد وفاة نجيب محفوظ هي الحدث المهم لأخبار الفضائيات، لأن الاهتمام الرسمي بالجنازة صار الحدث الأبرز من وجهة نظر الفضائيات.
    أما ومنذ صدور أخبار غير مؤكدة عن احتمال مشاركة الرئيس حسني مبارك في الجنازة وحتي مشاركته فعلاً فيها، فقد تحول اهتمام الفضائيات العربية عن وفاة نجيب محفوظ، لينصب علي تقدم الرئيس مبارك مشيعي جنازته، وتمت سرقة وفاة نجيب محفوظ لتوظف في خدمة الإعلان للسياسة الرسمية، ولولا بعض الحياء لسمعنا عن إعلان وفاة نجيب محفوظ برعاية الرئيس محمد حسني مبارك.
    ربما كان نجيب محفوظ بحاجة إلي الرعاية الرسمية في أكثر من محطة من محطات حياته، أكثر من حاجته إليها بهذه الطريقة البروتوكولية بعد وفاته، وربما كان بحاجة إلي التدخل الرسمي للسماح بروايته الممنوعة (أولاد حارتنا) أكثر من حاجته للسير في جنازته، وربما كان بحاجة لقرار من شيخ الأزهر يلغي قرار منع الرواية أكثر من حاجته للصلاة علي جثمانه، ومن المؤسف أن الفضائيات العربية تختصر علاقة الكاتب العربي بالسلطات السياسية في بلده، بالمشهد الانساني الوفي الحنون الذي يظهر فيه زعيم البلد أو من ينوب عنه مشاركاً في تشييع كاتب من كتابه، ولا تعتبرها فرصة مناسبة جداً لتذكير السلطات السياسية العربية، بما يتعرض له الكاتب في حياته من تنكيل علي يد أجهزتها، من منع كتاباته وحتي محاصرته بلقمة عيشه وصولاً إلي اعتقاله، ولا أزال أذكر أنني في ثمانينيات القرن الماضي، أيام العلاقات المقطوعة بين سورية ومصر بعد معاهدة كامب ديفيد، كتبت مقالاً عن رواية نجيب محفوظ (يوم قتل الزعيم) التي يحدد فيها موقفاً واضحاً من الرئيس المصري السابق أنور السادات ينسجم مع المواقف السياسية السورية حينذاك، وفوجئت برئيس تحرير جريدة تشرين السورية وقتها السيد عميد خولي يكتب عليه بالقلم الأخضر (يمنع نشر أي مقال عن نجيب محفوظ أو أي أديب من أدباء الكامب)، وبجرة قلم شطب رئيس التحرير الذي لا يذكره أو يسمع به أحد كاتباً بحجم نجيب محفوظ بتهمة رائجة حينها وهي أنه من أدباء كامب ديفيد، ولم يعد اسم نجيب محفوظ للظهور علي صفحات الصحف السورية، أو إلي الذكر في التلفزيون السوري الاّ بعد إعلان وزير الاعلام المصري عقب فوز محفوظ بجائزة نوبل أن ثلاثية نجيب محفوظ ممنوعة في سورية، حين أصدر وزير الاعلام السوري وقتها الدكتور محمد سلمان في إطار التجاذبات السياسية وردود الأفعال المباغتة وغير المفهومة، توجيهاً شفهياً بالكتابة عن ثلاثية نجيب محفوظ، وخلال اسبوع غطت صفحات الصحف السورية عشرات المقالات التي تتحدث عن روائع نجيب محفوظ، وخصصت ندوات مطولة علي شاشة التلفزيون السوري للاشادة بعبقريته، من دون أن تتخلي عن الغمز من قيمته ولو بطريقة مواربة، باعتباره حصل علي جائزة نوبل المتهمة بممالأة الصهيونية لمواقفه السياسية المؤيدة للتطبيع لا لقيمة أدبه!
    كان من حق نجيب محفوظ علي الاعلام الفضائي العربي أن يتعامل معه باعتباره قيمة بحد ذاته، لا تزيدها ـ إن لم أقل أنه يسيء إليها ـ تبني السلطات السياسية له في جنازته، وأن يذكر بكل المحن التي تعرض لها في علاقته غير الذيلية بالسلطة، طالما أن هذه السلطة قررت أن تحشر نفسها في جنازته لكي تظهر في الصورة التلفزيونية بصورة الراعي للكتاب والمثقفين، الذين لا تترك وسيلة لاضطهادهم في حياتهم، ثم تشيعهم في موتهم لتؤكد أولاً من أنهم لم يعودوا يشكلون أي خطر عليها، ولتكون ثانياً الرابح الوحيد إعلامياً من جنازة يشعر كل مشارك آخر فيها بالخسارة لوفاة نجيب محفوظ.
    وقصة التبني الرسمي لجنازات الكتاب والمثقفين العرب ليست مقتصرة علي نجيب محفوظ، فالشاعر السوري ممدوح عدوان حظي باهتمام رسمي وإعلامي في وفاته، وفي الوقت الذي لم يعد بحاجة إليه، في حين كان في حياته يسحب جواز سفره علي الحدود، وتطارده سيارات المخابرات، ولا يجد وسيلة إعلامية سورية من تلك التي أفردت الصفحات لرثائه تعرض عليه كتابة مقال، ومن قبله الشاعر السوري نزار قباني تعرض لأقسي استهتار يمكن أن يتعرض له شاعر بقيمة وانتشار وشعبية نزار قباني، فبعد أن أرسل الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد طائرة خاصة لنقل جثمانه من لندن، وجيّش الإعلام السوري مقروءاً ومتلفزاً قدراته للتعبير عن الاحتفاء الرسمي به، وصل تقرير أمني إلي وزير الاعلام السوري حينذاك الدكتور محمد سلمان يشي بابنة الشاعر كونها اعتبرت الرعاية الرسمية اختطافاً لأبيها، فما كان من سلمان إلا أن وجه بتجاهل وفاة نزار قباني تجاهلاً تاماً، وفي حين كانت كل الفضائيات العربية تعيد بث أرشيفها من حواراته، والصحافة العربية تعطيه حقه من المقالات، اكتفي الإعلام السوري بإسناد خده إلي يده صامتاً منصاعاً لتوجيهات وزيره الذي لم يكن يؤمن بوجود مرجع سياسي أو ثقافي في العالم أهم من التقارير الأمنية.
    من غير الممكن ـ في وجود مثل هذه التجارب لعلاقة الكتاب والمثقفين العرب بالسلطات في حياتهم وفي موتهم ـ قبول موقف الفضائيات العربية في تغطياتها لجنازات هؤلاء الكتاب باعتبارهم خلفية لأخبارها، وملحقين بالسياسيين، كما لو كانوا انجازاً من إنجازاتهم، مثلهم مثل السدود والأنفاق والطرقات.
    وخارج التغطية الخبرية لوفاة نجيب محفوظ، وبتجاهل للضيوف الذين ظهروا علي شاشات الفضائيات متحدثين عن نجيب محفوظ كميت وهو أكثر حياة منهم ومن أدبهم، لابد لي أن أشير إلي إطلالة الروائي جمال الغيطاني الذي قدم بعض التفاصيل الدافئة في حياة نجيب محفوظ، والنص الأكثر دقة في رثائه لصائغ الشعر العربي محمود درويش.


    كاتب من سورية




                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de