الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام" مقالات مختارة"

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 10:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2006, 11:39 AM

القلب النابض
<aالقلب النابض
تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 8418

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام" مقالات مختارة"

    الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام

    سعيد محمد عدنان

    لندن (المملكة المتحدة)
    [email protected]

    الكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام، وأخَصّها كتابات الدكتور الترابي، حدثُ في غاية الأهمية وبركة أتانا بها عهد التقنية والسرعة لعلاج مرض قرون في فترة وجيزة إن شاء الله، وهذه نعمة من عند الله تعالى ألحقها لنا لنجدتنا بعد غينا وإخفاقنا الذي كاد أن يصبح لعنة كامنة لا خلاص منها، و أملي وأنا أدعو الله عزّ و جل لتوسعة الصدور وشحذ العقول لتناولها موضوعياً بعيداً عن التكفير والترهيب. وأورد هنا إنني لست من علماء أصول الفقه ولا أجد، ما لم أكن راغباً في التبحر في البحث في القانون ومصادره، لا أجد ما يدعوني لأن أكون عالماُ أو أحتاج لعالم لأتحدث عن ديني ولأفهمه أو لأن أدعو له، بل وأستطيع أن أساعد في فض الغشاء من العيون فيما تعرض له الإسلام من تشويهات تسبب بها البشر، في الإبتعاد عن البساطة التي أنزل بها الله تعالى الرسالة الإسلامية والتي أوصى بتحريها من لغط يقود للإبتعاد عنها ولإضاعة معجزتها التي أنزلها تعالى للبشر لهديهم للإيمان، و أعتقد أن العلماء استرسلوا في حمى الخلافات و التبارز العرقي و الطائفي و الشخصي، وانفلتوا إلى الجدل و التعقيد، وأسوأ ما فيه الإنجراف في المصدرية، وأن ما آل إليه الدين الإسلامي من عراكٍ داخلي وتحارب صار لعنة على المسلمين و عائق للدعوة للإسلام.

    إنني معجب جداً بما جاء به الدكتور الترابي من تحرر من هيمنة التسلط القداسي كما أسماه الأخ بابكر القاضي في مقالته - الحداثة .. وكوابح القداسة في موقع "حركة العدل والمساواة" في الأسبوع الحالي وأسهم أيضاُ في العطاء في هذه المعضلة، وأشيد بقدرة الترابي العالية في التحليل والتفرس. وهذا الإتجاه لرفض الوصاية في الدين هو في نظري أبعد مما عالجه الدكتور الترابي، والحمد لله قد تطور خط إصلاحي أكثر جرأةً في رفض تلك الوصاية ومصادرها، ولكن هذا التطور التكنولوجي في سرعة المعلومة و تقريب العالم أكثر وأكثر يجب ألا يفلت من يدنا لتنقية خلافاتنا في دين هو أدق و أوضح و أبلغ حِكماً وخِطاباً، و فيه حماية إلهية من التعديل و التبديل، فلا نعجز في الإعتداد به والثقة في كماله و حجيته، فنتعثر و يتقدم غيرنا، فنصبح إما دليلاً على إخفاق معجزته و ادعائنا مصدريته الإلهية، أو مثالاُ على غوغائيتنا و عجزنا كقوم.

    واضطلعت أيضاً علي البحث الفضفاض الذي جاد به الأخ محمد بن المختار الشنقيطي في سودانايل بتأريخ 8 يونيو 2006 تناول فيه ما أفرده الدكتور الترابي من نقاط واستياءه من الترهيب له و المهاترة منه، وأشيد بعقليته المتفتحة في النقاش الهادئ والتقبل للرأي الآخر، ورغم عدم قناعتي بتشعب الجدال و ضرورة الغوص في جدليات الفقه كما أفاض هو، إلا أنني أعتقد أنني أستطيع فرد نظرتي لتأييدهما أو مخالفتهما بالبساطة اللازمة وحسبي أن رأيي ربما يؤكد قوة دعواي بعدم ضرورة التعقيد في فهم الرسالة الإسلامية.

    ففي حكم المرأه والمسيحى بكل بساطة كان رأي الدكتور الترابي أجلى بالحق من وقفته بجانبه، فقد أفتى هذه الفتوى الشجاعة المتفحصة، ولكن في تراجع اعتذاري في شرطه ظرف استنفاد فرصة وجود رجل وأن يكون مسلماً، في قوله: (لا لكى أقول ان المسيحيه منهجا فى الحياه – كذلك اذا وجدت المرأه أصلح سأصوت لها وهكذا المسيحى) وإشارته للإضطرار إلى "سيلفاكير" كضرورة تمليها الظروف (فقه الضرورة؟). وأعتقد أن تردد الدكتور الترابي في الفصل في هذا الأمر (كما هو مطابق لتردده في المصدريات وفي تسييس الدين)، يرجع إلى أنه لا زال أسيراُ لبعض المسلمات في التسلط الموروث للعلماء و أنه لم يتب بعد التوبة النصوح و كأنه يتوب في مراحل بعد محاولة الإسراف وبعد فشلها، وسأغطي هذه النقاط فيما يأتي، ولكنني ولحين ذلك سأوضح بمثال الآن للنقطة آنفة الذكر حتى لا يبدو الحديث كأنه إهانة، فمثلاً دكر الدكتور الترابي في مقالٍ سابق أنه أتى بالإنقاذ فعاقبه الله، ويفهم من ذلك جلياً أن عقاب الله هو لتسييسه الديانة، ولم يخطر ببالي أنا شخصياً أن العقاب لاختياره غير الموفق لمن أولاهم الحكم. أما ما عدا ذلك، بما في ذلك استلام السلطة بالقوة وبدون استفتاء كل المواطنين المالكين الحقيقيين للسلطة، فإن كان هو سبب تنويهه بعقاب الله، فإن في ذلك إقرار بأن الحاكمية للشعب في السياسة وليس لله، فالله لا يطلب تفويضاُ ولا دست الحكم الدنيوي و هو مخير في عباده ولا يحتاج من يمثله، والحساب لما كسبت كل نفس عنده في الآخرة. ورغم هذاالوضوح في رأي الدكتور الترابي في عدم تسييس الدين كما يبدو لي، إلا أنه لا يزال يشير إلى "المنهج" و "النموذج" الإسلامي. وبما أن الإسلام ليس له في الحكم فلا جدوى من مناقشة من له الحق في الحكم. فمن الخطأ أن يُمارس تحريك المسلمين بإسم الإسلام حتى لينافسوا العالم سياسياً بمنهج ونموذج فى الحياه، فالمنهج الأخلاقي موجود في القرآن الكريم وأغلبه منفذ الآن في العالم بالأديان السماوية الأخرى ومن الجهود العلمانية المأخوذة من الحضارة الإغريقية، و الإسلام مغيب. فعلينا تنقيته أولاً من عبث السلطويين وحث العالم على قبوله. أما النماذج فهي مهمة الفلاسفة والسياسيين ونجاحها هو نجاحهم وليس الإسلام، فلا حزن على فشل، ولا انبهارٍ بنجاح. كذلك في مجال آخر في مقالته تجد إقراره بعدم وجود نصوص للحكم في النصوص الإسلامية لسبب في جملة سببية وفي نفس الجملة تجد جملةً هي المسبَّب مرجع ذلك السبب وهو وجود فجوة، في قوله: "هناك فجوه، فالكتب الاسلاميه لايوجد بها اى شئ عن الحكم". لا! بل ولن يكون لأن الحكم الإسلامي هو من صنع العلماء . فالدين لبناء سقف الأخلاقيات التي تمثل الحدود في صلاحيات السلطة وفي حماية حقوق الآخرين من أناس وحيوان و حماية البيئة، وأما الحكم فهو شورى وليس للدين له إلاّ إلزام فردي أمام ربه، زائداً الإلتزام بسقف الأخلاقيات المبنية منه بحدودها التي أنزلها الله تعالى في مسئولية الفرد نحو الجماعة. وعندما يقدر الله لأحدٍ أن يكون خليفةَ له في الأرض، يبيّن ذلك واضحاً، مثال الحال لداؤود وسليمان عليهما السلام في الآية 26 من سورة ص"يا داؤود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب"، وهي حجّة أيضاً بأنّ دولة الله في الأرض لايلزم لها دستور إذ أنّ الله يديرها هو --- ومثال آخر سليمان عليه السلام طلب من الله الملك وتفويض منه تعالى كما ورد في نفس السورة في الآيات 35 إلى 40 "قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنت الوهاب ﴿﴾ فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاءاً حيث أصاب ﴿﴾ والشياطين كل بناءٍ وغواص ﴿﴾ وآخرين مقرنين بالأصفاد ﴿﴾ هذا عطاؤنا فامتن أو أمسك بغير حساب ﴿﴾ وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب" صدق الله العظيم، ولم يأت أحداُ غيرهما الملك مع الرسالة.

    أما أهل الكتاب من هودٍ ونصارى فلم ينعتهم الله تعالى بالإجمال بأنهم كفار، أو مشركين، فالكفر والشرك لهما مميزاتهما من سواهما، وينطبق أي منهم على من تميز بذلك، بما في ذلك المسلمين، فمن يتقرب لغير الله ويلوذ له لحمايته فهو مشرك، و ينطبق هذا على من وضع الثالوث وضعاً إلاهياً، أو من اتخذ الأولياء أو قبورهم أو ماء وضوئهم أو إشاراتهم وعداً لهم بحسن الجزاء أو رفع العذ اب عنهم في الآخرة، وهو مقام الله وحده لم يشرك فيه أحداً. كذلك المتعبد رياءاً، فالذي يسارع للصلاة في حضرة المدير أو الحاكم بما لم يعتد عليه أو يسارع إليه بنفس الدرجة فهو منافق وعبادته تلك لغير الله، و الذي لا يصلي النوافل أو يواظب عليها، ولكنه يواظب عليها في صلاة الجماعة رياءاً، أو يحج عدة مرات ليشهر إسمه بأنه كثير الحج، أوفي الصيام بأنه صائم الدهر، والذين يصنعون في جباههم علامة الصلاة، و طالقي اللحى للرياء و حاملي المسبحة للوجاهة التعبدية، كل هؤلاء، والأمثلة كثيرة يعتيرون متعبدين لغير الله منافقين، وقد حذر الله عزّ و جل منهم في سورة الكهف (قل هل أنبّئكم بالأخسرين أعمالاً ﴿﴾ الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا ً) S18:103/104 وقوله تعالى في سورة فاطر الآية 8 ﴿أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا؟ فإن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون﴾. أما الهود والنصارى الذين التزموا بالحق ولم يشركوا بالله فكما وعد الله أن لهم رزقهم و رضاء الله عنهم كما في الآية 69 في سورة المائدة "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، والآية 121 سورة البقرة "الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته، أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فاؤلئك هم الخاسرون" صدق الله العظيم – فمالم يجهر بالشرك لا يحسب بهودية أو نصرانية. كم من نصراني تجادلت معه أقر باختلافهم عنا بعدم الإيمان بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم فقط، وأما الثالوث فكثير منهم يفسره كالآتي: أن الله هو الإله لا سواه، وأن عيسى عليه السلام يدعونه ولده ليس ولداً عضوياً إنما إشارة إلى أنه رباه كما عندنا في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم "أدبني ربي فأحسن تأديبي"، ولذا يحملون هذا اللقب نفسه بأن البشر جميعاً "هم أطفال لله" و استعمل أيضاً بواسطة جماعة دينية إسمأً لها، أما الروح القدس فيفهمون أنها الوسيط بين الله و عيسى وما يميز عيسى من البشر، وكل ذلك لا شرك فيه. هنالك أيضاً جماعة "جوهافاز ويتنسسز" أي جماعة "شهود يهوا" وهو إسم الله لديهم، وهم يوحدون الله كما نحن، و يجدون قواسم مشتركة كثيرة بيننا حتى أنهم في كتبهم ومنشوراتهم يستدلون مع آياتهم من إنجيلهم بآيات من القرآن الكريم بانتظام. فالشرك ليس لنا أن نرسمه نمطياً خاصة وأنه يعزل الإسلام من مصداقية الحق لدى هؤلاء، وقد أنزل الله تعالى كمية من الآيات يدقق فيها في تصنيف اليهود والنصارى في كل ما يعملون، ويخاطبهم كجماعة لها مقاييس خاصة.

    ثم هنالك ما أفرد الدكتور الترابي الكثير فيه، وهو من أهم ما أختلف معه فيه ويختلف معه فيه غالبية مخالفيه، ولكنني أعتقد أنه تأخر منه بالإقرار كما ذكرت آنفاً عن التوبة المرحلية مما يجعلني أعشم في أن يكون رأيي فرصة له للإستدراك، لا للعلم، لاحترامي لوسع علمه الشاسع، خاصةً فوق علمي، ولكن لا أظن أغلب المختلفين معه لهم نفس اعتقادي. فالدكتور الترابي يحمل صورة مًرة عن الغرب، ولا ألومه لو كان ذلك ليس تعميماً عنده عن الغرب، فالصورة النمطية القبيحة التي انطبعت في ذهنه للغرب ما كان يجوز لها ذلك في عقلٍ متدبر مثل عقله، ووقع بذلك فريسة دسمة لمهندسي ذلك الإنطباع. فالغرب أكثره غير دينيين، وليست ثقافتهم لا دينية، فهجرهم للدين في السياسة ثم تكريس العلمانية كان درءاً للتناحر والتحارب الطائفي الديني، ولكن السقوف الأخلاقية لم يتنازلوا عنها واستقوها من أديانهم و حكم القدماء الإغريق، وما على الإسلام إلا الإدلاء بدلوه معهم وهم يريدون ذلك. أما الذين رفضوا ذلك وفضلوا الحرابات و متابعة الثأر القديم من المتصلبين في تلك الديانات هم الذين ينشرون الكراهية و الإضطهاد و يتقوون بالحروب، وهم المتطرفون المسيحيون واليهود وكذلك المسلمون، أما عموم المجتمع الغربي، فما عدا ما رسخه الإعلام المخترق بهؤلاء المتسلطين، مجتمع سهل تعامله في الحق و خشية الله، و هم أسهل من يمكن إلحاقه بالإسلام و أنفع.

    إن الإسلام لم يضعف ولكن صورته شوهها السابقون بزجه في الحكم الإستعماري في الفتوحات الإسلامية رغم حضاريته في نموذج التعامل وحرية الأديان كما لم يعرفها البشر حتى الآن، أما الآن فالغرب لا يرفضه كدين، بل العكس هو الصحيح، فقد كان منتشراً بشكل مدهش، وهناك من كَتَب وأشاد بالإسلام في وضعه سقوفات أخلاقية لم يوجد لها مثيل حتى الآن، وكنت أتابع برامج يومية لشرح الإسلام وتغطيات لانتشاره على وجه الخصوس في بريطانيا وأمريكا وفي أوروبا عامةً منذ رجوعي للملكة المتحدة في عام 1996 تبث لمدة ساعة في الفجر الباكر كل يوم على محطة البي بي سي مع العلوم الدراسية لطلاب المدارس، وبالتالي تنتهي مسجلة عند كل طالب ينهل من تدريس البي بي سي، وهم تقريباُ كل الطلاب بالمملكة المتحدة، ومن خلال تلك البرامج وضح لي مدي المد الإسلامي خاصة في أمريكا، حيث بلغ آنذاك المسلمون هناك مليوني مسلم. إلاّ أن كل ذلك توقف وانقلب الإعجاب إلي تشكك، و الإعتناق إلى اضطهاد ونفور، والفضل في ذلك لدعاة التسلط باسم الدين من العلماء و المتسلطين. أذكر عندما سطع نجم الإسلام غار تجار الدين من الأديان السماوية الأخري (وهم الذين يحاربون الإسلام الآن لأن أغلبية الشعب في أوروبا علمانيين)، عقدت ندوات في التلفزيون لمناقشة أمور حساسة وضعت شركاً للعلماء، فتحدث أبو حمزة المصري مرةً، و عمر بكري السوري الأصل مرةً أخرى، وعكسا صورة قبيحة للإسلام، بينما الرابي المشترك في الندوات أبدع في شرح كيف دينه دين الحق و الحرية و السلام، ومنذ ذلك الوقت تخصص بعض الصحفيين في رصد تصرفات هؤلاء المتشنجين و لم يكن صعباً لحب هؤلاء تسليط الأضواء عليهم، فا نكشف كيف عاش أبو حمزة في الماضي، وسكنه في بيت من الدولة ويستلم إعانة من الدولة لعدم عمله بينما ينشط في حرابتها، ويصورون بالفيديو عمر البكري يشتري الصور الفاضحة بالكميات الهائلة ويقول إنه يفعل ذلك لنزع الصور ووضع آيات قرآنية مكانها، فيروج لتلك التجارة الفاجرة ببدعة، فالقرآن للقراءة والتفكر وليس للزينة و الرياء. ثم يصرحون هذه هي الصور القبيحة التي تفضل بها علماؤنا، وها هو نتاجها: توقف المد الإسلامي، لأننا نصر أن يكون مداً سياسياً.

    و صحيح أنه هناك بتر في الأخبار، في الغرب عامة وبالذات في بريطانيا وأمريكا، وطبعاً ليس كما هو الحال في أوطاننا العربية والإسلامية، وحظر وتكميم في التعبير، وترهيب بسبب الإسراف في كبح الحريات المدنية من أجل الأمن، منذ زمن بسبب المحافظة، فالمجتمع الإنجليزي بطبعه محافظ ومنغلق على نفسه، ولكنه بدأ في مجهود الخروج من ذلك، وقبل أن يتثنى له ميلاد جديد إرتد راجعاً للتحفظ و زيادة عليه نزع كثير من الحريات المدنية بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، والمجتمع الغربي رغم اختراق المتطرفين في مواضع اتخاذ القرار فيه، إلا أنهم يتحركون بتريث تام و سرية متقنه لتصحيح ما يرون من ابتعاد عن الحق كما فسروه من مصادره كما شرحت سالفاً و ساووا الإختراقات لتبقى السقوف الأخلاقية ثابتة، ومعافاتهم متوقعة قبل معافاتنا.

    أعود الآن إلى ما تحدثت عنه في بداية هذه المقالة، بالبساطة و وعدي بأن أشرح لماذا. قال تعالى في سورة البقرة الآية 213 "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلاّ الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا ً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط ٍ مستقيم" كما قال تعالى في سورة آل عمران الآية 19 " إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغيا ً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب"، فالإختلاف بعد مجئ البينات وهي الآيات القرآنية يكون بغياً أي تسلطاً نهى عنه الله تعالى، فالإسراف في الجدل والتفسير والتأويل مصدر للخلاف، وفي النهاية يحاسب الله العبد في يوم الحساب بالكتاب حجة عليه ولا يدخل معه علماءه لتثبيت الذنب عليه أو رفعه عنه، ولكنه يدخل الرسل دليلاً على البلاغ حجة على العبد.

    ثم نأتي إلى ما أضاف إلى بل وتسبب أساساً في التعقيد، ومصدر الفتنة الكبرى وانشقاق المسلمين حتى اليوم، ألا وهى المصدريات التي أتى بها العلماء من السنة والاجماع والقياس والاستنباط والاجتهاد ورأي الصحابة وغيرها من المصادر، ووضعها في قـِران مع القرآن الكريم، تماماً كما زل النصارى واليهود، رغم أنه تعالى جعل في القرآن الكريم الطريق الذي اختاره للبشرية حتى نهاية الزمن، وهو الأقدر على ذلك، فأضفى هؤلاء تلك القدرة الإلهية على الرسول صلّى الله عليه وسلّم وصحبه وجُل حجتهم تنبني على تفسير خاطئ لمدلول كلمة "الرسول" كما وردت في القرآن الكريم و اختلافها من كلمة "النبي"، وهم يعلمون في ما جمعوا من أحاديث أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد منع تدوين الحديث، كما ورد ذلك من الصحابة رضي الله عنهم، وحتى إقرارات من الشيخ البخاري رضي الله عنه بمنع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إياه من التدوين وعقابه عليه. وما جمع تم جمعه بعد زهاء القرنين من وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويقفز أصحاب تلك الحجة فور مواجهتهم بسؤالك: وكيف علمنا عن كيفية الصلاة إذا لم نأخذ مصدراً آخر؟ ويكون الرد بسؤالٍ لهم هو: وكيف صلى السلف الصالح منذ وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وحتى بدأ التدوين بعد مائتي عام؟

    إضافة للأحاديث الكثيرة التي أوردها كأمثلة الأخ الشيخ الشنقيطي في مقالته تلك، و أحاديث كثر أخرى في الصحاح تسئ إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم وإلى نسائه رضي الله عنهم، وإلى الإسلام كله، هذا خلاف ما أسموه بالأحاديث الضعيفة، و كل هذه الأحاديث من صحاح وأحاد وضعاف هي قطرة في بحر الأحاديث المدونة بما فيها المدسوس. هذا قبل أن نعرج على مدونات الشيعة و المنشقين الآخرين، على أن نتذكر أن تلك الإنشقاقات كلها ليس للرسالة فيها ضلع بتاتاً، و لم يقف أمر المسلمين عند ذلك، بل أصبحوا عرضة للقذف وعرضوا الرسالة لرشق مستباح من أعداء الإسلام، وما "الآيات الشيطانية" إلا نتاج لتهاون المسلمين ومشاركتهم الله عزّ و جل في تقنين الرسالة ومنطوقها.

    ونسال الله الغفران والهدى وهو أعلم .

                  

العنوان الكاتب Date
الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام" مقالات مختارة" القلب النابض06-28-06, 11:39 AM
  Re: الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام" مقالات مختارة" Gafar Bashir06-28-06, 12:49 PM
    Re: الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام" مقالات مختارة" القلب النابض06-28-06, 01:01 PM
      Re: الترابي والكتابات المتعددة في الفكر التحديثي في الإسلام" مقالات مختارة" القلب النابض06-28-06, 01:19 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de