صاح القضاء : كن فنانا ذريا فكان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 00:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-23-2006, 01:18 PM

raheemsudani
<araheemsudani
تاريخ التسجيل: 02-24-2003
مجموع المشاركات: 522

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صاح القضاء : كن فنانا ذريا فكان

    صاح القضاء : كن فنانا ذريا فكان

    عبد الرحيم عبد الحليم محمد-كاليفورنيا –الولايات المتحدة
    [email protected]

    1-مدخل

    فلماذا عندليب الحب طار
    والمرايا صدئت فوق الجدار
    ولماذا استرجعوا مني القمر؟
    والتعاويذ وقطرات المطر
    عندما قلبي على
    أرصفة الليل انكسر
    المجوسي من الشرفة
    للجار يقول:
    يا لها من بنت كلبة
    هذه الدنيا التي تشبعنا موتا
    وغربة
    فلماذا أغلقوا الأبواب في وجهي
    لماذا
    عندليب الحب طار
    عندما مات النهار؟

    (عبد الوهاب البياتي-حب وموت ونفي -2004)
    2-القدوم

    كانت ارادة الغناء الجميل يومها تغلف سماوات العالم العربي بمزن شفيف تحمله ريح الاذاعات ... هنا لندن ... هنا القاهرة ... اذاعة ركن السودان ... وهنا أم درمان . تحمل الرياح المموسقة مزن الغناءفيمطر بعيدا في التخوم العربية التي عرفت بيوتها يومها راديوهات القرندنج العتيقة التي تعمل ببطاريات البيريك الشهيرة .في وطننا كان الناس يتحلقون حول تلك الأجهزة لتنقل لهم عبر برنامج ما يطلبه المستمعون ... عبد الحميد يوسف وهو يشيع في الأفق البعيد معاني الغضب الجميل لرائعة الشاعر حميدة أبو عشر " غضبك جميل " ألهاوي حسن سليمان يغني غناء عربيا سودانيا في عذبة أنت " ، ويلحن " محبوبي لاقاني : للراحل حسن عطية ، عثمان ألمو وهو يدخل ألوان موسيقى الجاز الأمريكية والأفريقية ويروضها بنفس سوداني ملهم في رائعته " طجنة العشاق" ، أبو الفن ابراهيم الكاشف وهو يجري تدريبا نهائيا لرائعته " حبيبي أكتب لى " قبل أن يزحم براياتها الملونة آفاق الغناء في بلادنا ... محمد وردي وهو يقتحم الاذاعة برائعة الراحل خليل أحمد " يا طير".

    ذاك كان مشهد لحديقة الورد الغنائي في وطننا بشكل عام . وفي الاطار العربي وقبل تلك الفترة بحوالي عقدين ونصف منذ أن فتح أمير الشعراء أحمد شوقي الطريق واسعا أمام محمد عبد الوهاب ليتعرف على أبرز مثقفي مصر وسياسييها حين أنتجت يومها درر الفن الغنائي العربي أغنيات كان يشارك في مناقشتها أدباء في حجم طه حسين وسياسيون في حجمة مصطفى النحاس . وحين قدمت مطربة ريفية الى القاهرة في مطلع القرن الماضي اسمها " أم كلثوم "، وحين أقتحم شاب اسمه عبد الحليم حافظ ساحة الغناء المصرية والعربية ، كانت أغاني القدودا الحلبية في الشام تتجاوب مع أغاني المقامات العراقية في بغداد . نشأت يومها حالة غنائية رأي الناس فيها قيام شراكات ابداعية بين المغنيين وبين الملحنين والشعراء ، فالفنان العظيم والمثقف ، كانا على الدوام توأمين وقد شهد تاريخ الفكر والفن صداقات وأعمال مشتركة بين موسيقي وفيلسوف أو مفكر ومثقف وكمثال لذلك بتهوفن وغوتة ، فاغنر ونيتشة ماهلر وتوماس مان كحالة أمير الشعراء مع عبد الوهاب السابق ذكرها.

    في عام 1933 وعندما أطلق ابراهيم عوض صرخته الأولى صاح القضاء "
    كن فنانا ذريا .... فكان.

    عندما كان شابا في العشرين ،مثل قدوم الفنان الذري ابراهيم عوض ، حالة من حالات الحصاد النادر للجيل الذي أتى بعد الجيل التالي للحقيبة ،وفي زمن غناء عربي وسوداني توافر الناس فيه يومها على أن صناعة الفنان هي صناعة ثقيلة. ظهر ابراهيم عوض عام 1953 مع اتفاقية الحكم الذاتي للسودانيين ليغني " أبسمي يا أيامي ". ويومها ابرز فهما وطنيا وعصريا عميقا لرسالة الفن والفنان فمثلت أغنيته تلك أمنيات وردية لقضية التحرر الوطني والانطلاق التي سادت يومها أرجاء العالمين العربي والأفريقي .تمكن ابراهيم عوض من تحويل الكسرة الى أغنية كاملة وتعامل مع جيل جديدعبر شراكات شعرية دخلت ذاكرة أمتنا ومزاجها الفني الملهم فغنى لشعراء مثل عبد الرحمن الريح والطاهر ابراهيم ومحجوب سراج وابراهيم الرشيد وسيف الدسوقي وملحنين مثل السني الضوي وعبد اللطيف خضر فرأينا أعمالا خالدة مثل يا جمال دنيانا ، وقلبك حجر ، ولو داير تسيبنا ، والمصير ، ويا زمن . وفي زمن سادت فيه تيارات قوية مجافية لحق الناس في الشدو والغناء ونظام اجتماعي لم يكن يستسيغ أن يقف رجل في كامل أناقته ليغني للحب والهوى والهيام ، علم ابراهيم عوض ثقافة الغناء في بلادنا هذه المعاني وقيم الأناقة وظل وردة ابداع متجدد وعطاء وطني وأسري واجتماعي على امتداد وادي النيل وأحزمة السلم الخماسي في قارتنا.

    3- الرحيل

    من منزله في حى العرب في أحشاء العاصمة الوطنية الولود خرج نعشه الذري معبئا في حناجر الناس ودموعهم . كانت النسمات القادمة من دموع النيلين تهب على النعش الملفوف بذاكرة الوطن.وتأتي برائحة صندل ومحلب وبخور غامض وموحي . كانت هناك سيدة عجوز تحاول اصلاح حذائها لتلحق بموكب النعش وعلى جداول شلوخها فاض ماء العيون .كانت تحاول التوفيق بين هول الفجيعة ولطف الاحسان فبالأمس كان معها في المدرسة يدفع عنها في الخفاء قسطا مريعا عجزت عنه لأحد أبنائها، وفي الطريق يتوقف أمام مستشفيين لينزل من عربيته أكياس الفاكهة ومن قلبه النبيل أطيب الأمنيات لينصرف بعد ذلك في هدوء وسط حصار الاحبة وتدافع الناس.
    مات " عزيز دنيانا" عندما كان يكمل مهمته في سقيا تربتنا بغناء ذري لم تأت أزمنته بعد .غناء يساعد تربتنا على تحسين نسل المعاني والألحان والمضامين لأزمة لم تأت بعد.

    قبل ذلك باسبوع حكى أن ان احدى جاراته في الحى نهضت من نومها مذعورة بعد أن رات في حلم مرعب أن نسرا هائلا يحملها من على شاطيء النيل ويلقي بها في مغارة مهجورة . عرفت لاحقا أن تلك لم تكن سوى صحراء اليتم والضياع وانفضاض الانغام الذرية ورحيل العاشقين واستسلام الليل الى النوم المبكر والأرق المسيطر.. لم يكن ذلك الحلم مفزعا لتلك الجارة لأن امرأة سودانية الأصل ظلت تجاور منذ عقود اذاعة ركن السودان ، أسدت مؤخرا نصيحة لبرامجي عجوز بالاذاعة بأن تملأ اذاعتهم جيوبها من الأوتار الذرية لأنها رأت فيما يرى النائم فنانا طويل القامة ، دائم البسمة ، يرتدي بدلة أنيقة ويحمل عودا شرقيا بلا أوتار. في نفس الاسبوع :ان مذيعا سودانيا قديما في اذاعة هنا لندن يردد عن سهو " هنا أم درمان "، لكنه يستدرك بعدها في ذكاء قائلا :
    معذرة ...
    وطني لو شغلت بالخلد عنه
    نازعتني اليه في الخلد نفسي.
    أدرك المذيع القديم بعدها أن الذي تغني طويلا ب" الدنيا منى واحلام " ، يريد أن يمهد لفجيعة الرحيل بمقدمات عبر أحلام شفيفة يرى فيها الناس وطنا يسير بعده بلا أوتار وبلا غناء.
    المآ ل
    لم يكن ذلك العود المترجل عن صخب العالم سوى حقبة من الزمن الجميل ترحل برحيل الفنان الذري ابراهيم عوض . كانت أوتاره تقاطعات مدهشة اختزل من خلالها خطوط الطول والعرض في وطن رائع أنجبه.
    قال له المولى كن عطاء بلا حدود ... فكان.
    ونبلا انسانيا لا مثيل له فكان.
    ومن ثرثرة طيور الحان ملونة غنية ومتعددة في فضاءات الوطن ، تمكن عبر حنجرته الثرية وشراكاته الفنية مع الشعراء والملحنين من هضمها في والمشي بها الي بيوت الناس وحقولهم ومدارسهم ومصانعهم ، رغم عبوس المواسم ووعورة الطرقات وتقلبات الأيام ورحيل الأحبة وفوضى الانقلابات العسكرية !!ومباذل الساسة واللصوص .
    كان يغسل وجدان الأمة بغناء طهور . ويحمل أوساخ المدن وخطاياها نحو البحر ، وفي الطرقات يداعب الأطفال ويصادق أصحاب الحوانيت والاسر الفقيرة ويغني لهم في المناسبات وأعياد الحصاد بلا أجر ، والآن وصوته يعبأ في النعش الذرى تحت قناع موت ذهبي لينضم الى كوكبة الخالدين يقول له الوطن ... أحسنت وقد جاء يوم شكرك.
    أقول:
    أرحل تحت الثلج
    أواصل موتي في الأصقاع
    مات مغني الأزهار البرية
    مات مغني النار
    مات مغني عربات الحرب الآشورية
    تحت الأسوار.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de