|
رسالة إلى الأنثى التي أعشق (22)
|
رسالة إلى الأنثى التي أعشق(22)
د. ابوبكر يوسف إبراهيم
حبيبتي.....
لست أدري لماذا بدأ القلم يتثاقل وكأنه بدأ في كتابة السفر المر ... سفر الأحزان... لأنك فاجأتني بسؤال لم يدر أبداً في خلدي بل كان كل إهتمامي منصب فيك وكان سؤالك لي:- - هل فاتحت أولادك في موضوع زواجنا؟ - والله الموضوع ده أصلاً ما ورد علي أبداً ... لكن وين المشكلة ما إثنين منهم إتخرجوا والثالث في الجامعة والرابع في الثانوي ... وطبعاً لما أرجع حأفتح معاهم الموضوع. - الأنا خايفة منو موضوع تقبلهم لي - إنشاء الله ما في مشكلة لأن علاقتي بيهم علاقة تفاهم وصداقة - ده جميل وأنا ما عندي أي حساسية في هذا الموضوع حأعتبرهم أولادي وأكثر وحأبهم لأن الله لم يمن علي بنعمة الأمومة وكمان عشان هم قطعة منك - أنا متفهم لهذا كله ولقلبك الكبير الذي يسعني ويسعهم كمان الإثنين الكبار إستقلوا بحياتهم والإثنين التانين بيجوا في الإجازات. - ربنا يجيب العواقب سليمة - خليكي متفاءلة يا روحي حزمنا أمتعتنا وعدنا وحين وصلنا قمت بتوصيلها حتى سكن الجامعة وعدت أنا إلى سكني وباشرت عملي وبعدها أجريت أنت كل ما إجراءات إتمام زواجك مع إدارة الجامعة إنتقلت أنا للسكن معك رغم إحتفاظي بالسكن الخاص بي لعدة إعتبارات منها إن لم تسر الأمور كما كنت متفائلاً مع الأولاد فلا مناص أن ينزلوا في سكني وأبقى معهم فترة الإجازة التي تعودوا أن يقضوها معي أما إن سارت الأمور على ما نتمنى فمن الأحسن أن ننتقل جميعاً إلى سكني على أقل تقدير في فترة الإجازة. وبعد يومين من وصولنا قررنا إقامة حفل صغير للأصدقاء المقربين والأقارب ... جاء المدعوون وكان يوماً بهيجاً وكان بمثابة إعلان للحب الذي ربط بين قلبينا وسعادة لم تخف من عيوننا ولذلك سعادة الأصدقاء المقربين من أعضاء الصالون الذين تفاءلوا بأنه سيكون حافلاً وستدب فيه روح جميلة تلك الروح التي جمعت بين قلبينا. بدأت أُلآحظ بعض التوتر أو القلق في تصرفاتك وكأنك خائفة من شيء ما ؛ كنت أدرك ما يدور في تفكيرك حيث يزداد قلقك مع إقتراب موعد إجازات الأولاد ... وعندما أدركت هذا القلق الذي تعانين قررت الإتصال بهم كل على حدة لأبلغهم بأمر زواجنا على أقل تقدير ليكونوا مهيئين لذلك عند حضورهم. بدأت الإتصال بأبنتي الوحيدة: - ألو أيوه يا ميشو - أهلاً بابا عامل إيه - كويس بس في موضوع عاوز أفاتحك فيه ... موضوع خاص وعاوز تفهم - قول يا بابا - إنت عارفه إني ظللت وحيداً بعد إنفصالي من والدتك أكثر من عشرة سنوات - طيب ما تحاولوا يا بابا تاني وترحعوا لي بعض - لا ده موضوع صعب وبعدين أصبح تاريخ وصفحة أغلقت ما عاوز أفتحها ويكفي هذه العلاقة الطيبة التي تربطنا علشان ما تتأثروا ولكن أنا إتزوجت من سيدة بدأ بيني وبينها توافق عاطفي وهي سيدة طيبة ومتعلمة وواسعة الأفق وحنونة وربنا ما أداها أولاد وعشان كده أدوها الفرصة في زياراتكم لي عشان تفهموها وتفهمكم وأتمنى أن العلاقة تتطور بينكم إلى أكثر من ذلكز - فاجأتنا يا بابا ونحن كنا معتقدين أنو بمرور كل هذه المدة ربما ترجعوا تاني - صعب يا ميشو لكن كل ما أرجوه إنك تحاولي تشرحي الموضوع لأخوانك وأنا حأتصل بيهم واحد واحد وأعلن ليهم الخبر - عموماً مبروك يا بابا لكن الأمر حيكون صعب علينا في البداية إلى أن يتم إستيعابه. كانت المكالمة أمامك وممكن أقول أن الموضوع لم يكن بتلك المفاجأة الصاعقة لميشو ... لأني أحس بأني عملت ما يمليه عليّ ضميري كأب وتحملت مسئوليتهم مشاركة مع والدتهم رغم الإنفصال... وبالطبع كان عليهم أيضاً أن يضعوا هذا الإحتمال بأني ممكن أتزوج في يومٍ من الأيام طال الزمن أو قصر وما ممكن أعيش راهب بقية عمري. إتصلت بأبني الأكبر وهو مرتبط عاطفياً بوالدته وهو الذي كنت أتوجس من ردة فعله - ألو ... كامل إيه - كويس والحمدلله - كيف عامل في الشغل؟ - ماشي أهو شغل الحواسيب ذهني ويتطلب الجلوس لمدد طويلة والتدقيق. - عارف أنا طلبتك لموضوع شخصي ويهمني وعاوز أبلغك بيهو... إنت عارف أنا في غربة وعايش لوحدي قرابة العشرة سنوات منذ أن إنفصلت من والدتك وصبرت المدة دي كلها لسببين الأول ما فكرت في الزواج أصلاً والتاني لأني كنت عاوزك إنت وأخت تتخرجوا وعاوز أخوكم يدخل الجامعة والأخير على الأقل يعدي سن المراهقة ... أنا دلوقتي إتزوجت سيدة طيبة ومن عمر مقارب لعمري وما عندها أولاد ويفرحها جداً عندما تجوا في الإجازات أن تعاملكم زي أولادها تمام - بس يا بابا نحن كنا متوقعين إنك إنت وأمي ترجعوا لبعض في يوم من الأيام - سبق أن ناقشتوني في الموضوع وكنت واضح وصريح معكم وأوضحت لكم إستحالة هذا الموضوع وكمان الأيام والعمر بيجري وما من العدل أني في العمر ده أعيش وحداني ... لآزم إنتو تقدروا تضحياتي بعقد وزيادة من الزمن وأعتقد أن من حقي أعيش ما تبقى لي من أيام مع الإنسانة التي شعرت بأني ممكن تسعدني وأسعدها وما أظن إنت تبخلوا علي بهذا الحق. - والله يا بابا ماما كانت متوقعة إنكم حترجعوا لي بعض... وهذا التوقع يجعل مهمتي معاها صعبة لكن من ناحيتي أنا حأقول ليك مبروك بس الموضوع صعب شوية وعموماً خليني أنا أحاول أن أشرح الموضوع بالتدريج لأخواني ومافي داعي دلوقت حتى ماما تسمع بيهو لأنها ربما تكون عايشة على أمل العودة وربما تنصدم. - عموماً أنا إتكلمت مع ميشو فإنت إتصل بها وفهمها بإقتراحك ده - يعني إنت خلاص إتزوجت يا بابا - ايوه خلاص إتزوجت - عموماً مبروك... ما حأقدر أقول حاجة غير كده.
وأنا بتكلم مع الأولاد شعرت بمدى القلق الذي إعتراك حبيبتي... قلت لك : تأكدي أنو ضميري مرتاح وأنا أديت رسالتي كأب على أكمل وجه ومن حقي وحقك إننا نعيش سعادتنا برضو ، أنا عارف أنو الموضوع صعب على الأولاد تقبله ولكن لأني مع كل محاولاتهم السابقة للعودة إلى والدتهم كنت صريح وواضح معاهم في أن هذا الموضوع فيه إستحالة ضروري يعرفوا أنو أنا في يوم من الأيام كنت حأتزوج. وموضوع القلق الجاك ده موضوع حساسية مفرطة ليس إلا ربما لأنك ما دايره أي مشكلة تعكر حياتنا وأنا إنشاءالله متوقع تفهم الأولاد وإنت لما تشوفيهم حتفهميهم بسرعة وما متوقع أي إنعكاسات سيئة قد تحدث. - والله أنا عايزة أعيش الأيام الجاية بعيد عن المشاكل وعاوزة لما أزور أمي أمشي وأنا مرتاحة البال - ومطمئنة أنو الموضوع ده ما حيخلق أي تعكير لحياتنا. - يا شيخة إطمئني إنت متوقعة أشياء أنا متأكد إنها ما حتحصل والأيام حتثبت ليكي صحة توقعاتي. ران صمت طويل وعميق وكأنها سرحت في وادي عميق من التوقعات التي لا تبرح من مرت بتجربة مثل تجربة زواجها وإنفصالها المرة التي خلفت لها أحزان في دواخلها لم تستطع التخلص منها وبعد صبر طويل أيضاً تدخل تجربة إرتباطنا التي كانت إيقاعاتها سريعة ولم نفكر فيما هم حولنا أو ما قد يترتب على هذا الإرتباط من نتائج على الآخرين ممن هم حولنا والشأن يعنيهم سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على حسب ما كنت أستقرأه في عينيها... خوف من أن تفشل التجربة الثانية وهذه محض إفتراضات خلفتها التجربة السابقة وبرغم تطميناتي لها إلا إني لم أستطع إذابة هذا الجبل من القلق الذي يعتريها... إنه نتاج مرارة تجربة سابقة تنعكس على تجربة أخرى حتى وأن تكللت بالنجاح وحفتها السعادة وإلى الغد.....
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: رسالة إلى الأنثى التي أعشق (22) (Re: غادة عبدالعزيز خالد)
|
آآآآه يا أبوبكـر مـن وجـع السـنين ..هـذا باب آخـر مـن المـرارة والحـزن الذي لا يكتفي بـدمـوعـه..فقـد امتلأ ايضـا بالغثيان... زوجـة الأب والصـورة ذات الظـلام المتعمـد احـيانا في أذهاننـا لا لشئ ....فقط لأننـا لا نري الا مـن خـلال التعميم...يجـب ان نتوقف عنـدها ....مـا هـو الصـح ومـاهـو الخطـأ رسـائلك غنية برسـائل اخـري قصـيرة وحـادة...قضـايا اجتماعية وأصـول أخـلاقيـة... شـكرا لإشـراكك لنا قراءتها..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رسالة إلى الأنثى التي أعشق (22) (Re: Muna Khugali)
|
الأخت العزيزة غادة العزيزة منى
لكما مني عاطر التحايا
أصدقكم القول من الرسالة (21) كنت متردد أواصل واللا لا؟!... توقفت لثلاث أو أربعة إيام وأخيراً قررت أن أواصل... تستجد في حياتنا أحداث تدفعنا لكشف عورة الماضي بحلوها ومرها لأننا إذا ما أقبلنا على الجديد لا بد أن يكون القديم واضح ومعروف حتى لا يتعقد المستقبل... ربما تكون مثل هذه الأحداث قليلة بين المتعلمين ولكن في نهاية المطاف هي تجارب إنسانية رغم مرارة الأحزان والأحداث... سألتقط أنفاسي وأواصل ... عفواً إن كدرت مقالتي هذه أجواءكما... أستميحكما العذر حتى ترضيا عني ابوبكر
| |
|
|
|
|
|
|
|