|
السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان
|
السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان
د.علي بحرالدين علي دينار جامعة بنسلفانيا [email protected]
ورد في صحيفة سودانايل الإلكترونية مقال للأخ سيف الدين عيسى مختار(راجع الرابط في أسفل الصفحة) بعنوان: "السؤال الجلي عن آبار علي". ذكر فيها بأن السودانيين قد حاكوا حول شخصية علي دينار "..العديد من القصص الأسطورية التي لا يسندها الواقع ولكنها تشكل الصورة التي أرادها الناس لزعيمهم ورمزهم النضالي". تسائل الكاتب عن صحة نسبة "آبار علي" بالمدينة المنورة لعلي دينار، وصحة إرسال علي دينار كسوة الكعبة إثناء توليته السلطنة. وقد قام الكاتب بإفراد العديد من الأقتباسات من مواقع إلكترونية وكتب مطبوعة عن الأمرين إعلاهما. فعن "آبار علي" خلص الكاتب بعدم صحة نسبة الآبار لعلي دينار لكون ان أسم "آبار علي" قد دونت هكذا في كتاب "العمري" منذ القرن الثامن الهجري؛ وعن كسوة الكعبة فقد خلص الكاتب الي انه "..ليست هنالك من أشارة الي ان علي دينار قد قام أو ساهم بالمال في كسوة الكعبة"، كما أكد الكاتب بأن الحكومة السودانية هي صاحبة الحق وليس علي دينار في ملكية قطعة أرض "حوش علي دينار" حيث مقر بعثة الحج والقنصلية السودانية في جدة. وبما ان الأخ سيف الدين قد أقر بانه "..لا مبرر لباحث أكاديمي أو دارس للتاريخ أن ينساق وراء الاقوال التي ليس لها سند علمي"، فقد كان حرياً به مراجعة حججه التي يراها دامغة، و مراجعة المصادر البحثية في ذات الشأن وهي متاحة لكل من أراد معرفة الحقيقة. سأركز في هذا المقال بالرد على ما أختطه الكاتب حول ما يسند إلى السلطان على دينار في كسوة الكعبة، على أن نعاود الكتابة لاحقاً عن الأمرين الآخرين.
المحمل الشريف وكسوة الكعبة إرتبط الحج بأهمية عظمى بأعتبارها الفرض الخامس من شعائر الدين، ومع إنتشار الإسلام خارج جزيرة العرب وتدفق الحجيج من مناطق كثيرة لأداء الفريضة، ظهرت العديد من التقاليد المحلية والتي إرتبطت بالحج خاصة مع إنعدام وسائل النقل الحديثة. وفي أفريقيا كان السودان هو المعبر لكثير من الحجيج في مسارهم كما دونه أستاذي الدكتور عمر النقر في سفره القيم:"The Pilgrimage Tradition in West Africa". وقد تبارى الكثيرون في كسوة الكعبة خلال العصر الجاهلي وكافة العصور الإسلامية بأنواع مختلفة من الأكسية وفي أزمان متفرقة خلال العام الواحد. وبعد زوال الدولة العباسية في القرن الثالث عشر الميلادي تقاسمت مصر واليمن شرف كسوة الكعبة على وتائر غير منتظمة إلي أن إنفردت بها مصر منذ منتصف القرن الرابع عشر الميلادي بصناعة وإرسال كسوة الكعبة، و التي تخصصت في حياكتها وتزيينها العديد من القري والدور المصرية، إلي ان انتقلت صناعتها في أوائل الستينات إلي مكة المكرمة حيث تم تشييد مصنع خاص بكسوة الكعبة يعمل فيها الآن أكثر من مائتى عامل سعودي لأكثر من عشرة أشهر لأنجاز المهمة. يتم تسيير الكسوة في محمل وهو جمل عليه هودج حامل للهدايا النقدية (الصرة) والعينية إلي الحرمين الشريفين، وفي أكثر من جمل إن كثرت الهدايا، وهو يصاحب الحجيج في قافلتهم. وإرسال الهدايا إلى الكعبة كان أمر مألوف في الجاهلية والإسلام. فقد سير الرسول الكريم محملاً بهداياه الي البيت العتيق، وتبارى بعده حكام الدول المسلمة في إرسال محاملهم إلي الحرمين الشريفين، أمثال المحمل العراقي، الشامي، اليمني، التركي، فضلاً عن محمل النظام في حيدر أباد بالهند، ومحمل ابن الرشيد أمير حائل، وابن سعود، ومحمل السلطان على دينار؛ أما المحمل المصري فكان يصاحب الكسوة كل عام. وهنالك وصف دقيق لكسوة الكعبة والمحمل للكاتب المصري محمد لبيب البتنوني في مؤلفه عام 1911 بعنوان "الرحلة الحجازية". والمحمل هو أيضاً عرض باذخ للدولة بتزيين كبير لجمل/جمال المحمل بوشايات مذهبة مخضبة ومزركشة بفاخر الجواهر واللبوس، وغالي الهدايا النفيسة مما جعلها عرضة للنهب من قطاع الطرق وأحياناً سلب القوافل ونهبها، كما حدث للقافلة الأولي التي سيرها السلطان علي دينار. ومما تقدم يجب التفريق بين المحمل الشريف وكسوة الكعبة، فكسوة الكعبة يتم تسييرها في المحمل، وليس كل محمل هو حاوٍ على الكسوة. ويمكن إرجاع هذا اللبس بين المحمل والكسوة إلي (1) كون أن كسوة الكعبة كانت ترد في معية المحمل وهي قد كانت الوسيلة الوحيدة المتوفرة للسفر الأرضي حينها، (2) بما أن محمل دارفور كان يحوي أيضاً على كساوي لخدام الحرمين الشريفين وأهل المدينة، فربما قد إختلط هذا الأمر لاحقاً لدى الكثيرين في عدم التفريق بين كسوة الكعبة القادمة من مصر، والكساوي في المحامل القادمة من دارفور. لم ترد الإشارة في مكاتبات على دينار إلى قيامه بكسوة الكعبة، فمصر وحدها ولقرون خلافاً لكل الدول الإسلامية قد أنيط لها ذاك الشرف. إلا أن هذا لم يمنع الكيانات المسلمة في شتى بقاع المعمورة من إرسال محاملها إلى الديار الحجازية. ولا اري من منغصة في عدم إشتمال المحمل على الكسوة، فالمحمل الشريف هو أيضاً فخار لم يتصدق به الكثيرون رغم قربهم المكاني من الديار المقدسة. كما أن إرسال المحمل، لم تكن بدعة إخترعها المتأخرون، بل تأسياً بالرسول الكريم في تبجيل الحرمين الشريفين. وقطعاً فقد كان لدارفور، دون غيرها من مناطق الدولة السودانيه بكل كياناتها المسلمة، كان لدارفور وحدها فخار تسيير المحمل السنوي للحرمين الشريفين.
علي دينار ومحمل الحرمين الشريفين
في خلال الفترة التي قضاها السلطان على دينار من يناير 1899 إلي هزيمة جيشه في مايو 1916 قام خمس مرات بتسيير المحمل الشريف في أعوام 1903، 1904، 1906، 1909، و 1913. ومن خلال بحثنا في دارالوثائق المركزيه في الخرطوم لمشروع نعد له عن السلطان علي دينار، وقفت على العديد من الوثائق هي عبارة عن مكاتبات رسمية بشأن المحمل الشريف عن الأعوام أعلاة بين السلطان على دينار وسلاطين باشا مفتش عموم السودان، وهو المسؤل عن سياسة دولة الحكم الثنائي تجاه دارفور. هذه المكاتبات يجب النظر إليها في ظرفها التاريخي فهي دالة أيضاً على الوضع الحرج لدولة الحكم الثنائي في سياستها تجاه علي دينار وفي أحشائها دارفور المستقلة بسلطانها وعملتها "رضينا" الحاوية لعبارة "ضرب في الفاشر". فكل الخطابات المرسلة من سلاطين وغيرة لعلي دينار تتم ترجمتها من أصلها الإنجليزي بواسطة موظفي الدولة قبيل إرسالها. وعند إقتباسنا من الخطابات المضمنة في هذا المقال فقد أبقيتها كما وردت في الأصل، دون تعديل لغلطاتها النحوية والأملائية، وهي تعكس أيضاً نهجين فريدين في المكاتبات الرسمية بين الرجلين. ولمن أراد تصفح خطابات مغايرة تماماً في لهجتها واسلوبها وفخامتها (باللغة العربية) فليراجع كتابي لدوين كابجن و جي سبولدنق الصادرين بالإنجليزية بعنوان: "بعد الألفية: المكاتبات الدبلوماسية بين دارفور ووداي قبيل الفتح الأستعماري 1885- 1916"، والآخر باسم: "الحلف الإسلامي: علي دينار والسنوسية 1906-1916". جميع الوثائق المشار إليها في هذا المقال بـ. Intel هي أرقام الملفات الحاوية لهذه المكاتبات وهو إختصار لكلمةIntelligence وهي تعني: "مخابرات"
المحمل الشريف لعام 1903
بعد وصول على دينار إلي دارفور بثلاث أعوام قام بتسيير المحمل النبوي الأول، ففي خطاب لسلاطين باشا بتاريخ 6 رجب 1321 الموافق 27 سبتمبر 1903 و رد فيه: "مفتش عموم السودان سعادتلو افندم: أهدي قدركم السامي السلام وتكرار التحيات العظام واعلم مكارمكم افندم أنني قد وجهت الأفكار بإرسال الوقف للحرمين الشريفين وقد تجهز الآن قادماً لأرض الحجاز صحبة المعين من ملوكنا المكرم صالح علي ومن معه من الرجال قادماً فغاية الأمل حال وصوله أمدرمان لم يتأخر غير راحة يوم أو يومين فحالاً تقوموا بواجبات سفره بكافة من معه وتحرروا له الرواح لمديرون المحطاة بربر ولغاية سواكن بسرعة قدومهم وشمول نظر سعادتكم نحوهم حين وبعد عودتهم يفادونا بهم وهما عل اثر جوابكم يأتونا كما أملي في سعادتكم رجائي في علوهمتكم ادام الله بقاكم. 6 رجب 1321 (المرجع: Intel. 7/1/5)
وقد طلب السلطان علي دينار من ممثل حكومة دولة الحكم الثنائي ترحيل وفدة على نفقة الحكومة: " أفندم ان جماعتنا القادمين جميعهم صحبة محملنا أملنا ان يرحلوهم على جانب المدير إكراماً لذالك كما المأمول ولا يأخذون منهم أجرة في ذهابهم وإيابهم كما المعهود في معاليكم".
المحمل الشريف لعام 1904
لم يصل جميع ما حواه هذا المحمل هدفه المنشود في الحجاز رغم إستبشار علي دينار بسفره كما ورد في خطابه لسلاطين باشا بتاريخ 27 جمادي آخر 1322، الموافق 7 سبتمبر 1904:
".. وزيادة سرورنا وحبورنا قيامكم في أمر المحمل النبوي الذي بعث منطرفنا للحرمين الشريفين مكة المشرفة والمدينة المنورة وعلى ساكنها أفضل الصلاة والسلام ومقابلتكم بالأكرام والأجلال والراحة في كافة لوازم تسهيلاته وسرعة سفريته على جانب أعتاب الحكومة العادلة في ذهابة وإيابه.... وقد تم وصول جمل المحمل ومن معه من المعينين بالسلامة" (المرجع: (Intel. 7/1/6
وقد واسى السردارالسلطان علي دينار في حادثة نهب المحمل في خطاب ورد فيه: "..وقد أسفت ان الأمانة التي أرسلتوها مع المحمل لم تصل مكة المكرمة" (المرجعIntel 7/3/5/155
أما سلاطين باشا فقد حاول إثناء السلطان علي دينار بأعادة النظر في المحمل السنوي للحجاز كلية كما ورد في ذات العام: "جناب السلطان: أن الحكومة لن تدخر وسعاً في منح المساعدة للمحمل الشريف وسوف لن نتأخر على هذا حرصاً منها على إحترام الدين والشعائر الإسلامية، وأنا متأسف لعدم وصول هديتكم المرسله لبيت الله الحرام. وطالما أن الطريق بعيد وفيه صعوبات فأري أنه لايوجد موجب لإرسال هذا المحمل كل سنه بل كل سنتين او ثلاثة لأن الثواب ليس بكثرة التردد والمواصلة بل بحسن النية. وان شئت زيادة الايضاح عن هذا الأمر فبعد عودتي من المأمورية التي أنا متوجه بها سأزيدكم إيضاحاُ عن هذا الأمر. سلاطين" (المرجع Intel7/3/5/24)
المحمل الشريف لعام 1906
وعن حج هذا العام ترد الإشارة كتابة الي عدد حجاج بيت الله الحرام القادمين من دارفور. كما نلحظ أيضاً إنتهاز السلطان لموسم الحج لشراء حاجيات السلطنة مما يتعذر وجودها في السودان كما ورد في خطاب علي دينار لسلاطين باشا بتاريخ 18 شعبان 1324 الموافق 3 ديسمبر 1906: "..وأما بيان الناس المتوجهين للحجاز مع المحمل واصل إليكم بالكشف مرفوعه لأطلاعكم عليه وهم رجال ونساء ... وأيضاً أعطوا مرسولنا محمد الشيخ سيماوي أمر كافي تأذنوه فيه بمشترى التي تليق بنا وتكون من آلات السلطنة ويجدها هنالك من يشتريها ويجهزها الينا ولا يتعرضه فيها أحد بكافة جهات الحكومة أفندم" (المرجع Intel 7/3/7/13) وفي ذات الخطاب وردت الأشارة إلي أن في معية المحمل: ".. 11 ونصف قنطار سن فيل و17 مربوع ريش نعام و 30 رطل ريش نعام أسود، و34 رطل ريش ربده" وكان أمر على دينار لرسله: "..إذا وجدوا مباعها حسن في أمدرمان فيجب عدم أخذ إي عوايد، وإلا فيتوجهوا بها إلي الحجاز" (المرجع Intel 7/1/8/176).
وفي هذا العام قام الحاكم العام بتفقد المحمل، وبترحيل الشييخ السيماوي أمير المحمل على نفقة الحكومة إكراماً له كما ورد في خطاب سلاطين باشا لعلي دينار بتاريخ 3 ديسمبر 1906: "المكرم: أخبركم ان رسولكم محمد الشيخ سيماوي أمير المحمل ومن معه من الخلفاء والمشايخ قد وصل وقابل سعادة افندم السردار والحاكم العام وشاهد المحمل وكامل المعدات التي أرسلتموها. بخصوص الترحيل فالسكة حديد لها إدارة خاصة بذاتها، سيتم ترحيل الشيخ سيماوي ورجالكم على طرف الحكومة إلى سواكن ويرحلوا الحجاج الآخرين بنصف الأجرة، أما السعر من سواكن إلي جدة فالوابورات هنالك ملكاً للتجار ولشركات أجنبة، وأجرتها زهيدة للغاية. سلاطين" (المرجع Intel 7/3/7/13) وقد كان عدد الحجيج ذلك العام من دارفور حوالي الثلثمائة من رجال ونساء، ورغم جهود الشيخ السيماوي في تسفير نفسه وغيره على نفقة الدولة، الا ان بيروقراطية النظام الأستعماري بخلت بمالها وقامت بمطالبة علي دينار بتسوية العجز المالي كما ورد في خطاب سلاطين باشا لعلي دينار بتاريخ 10 مارس 1907: ".. أنتهز الشيخ سيماوي فرصة مقابلة السردار في الخرطوم وطلب منه الأذن بترحيل جميع الحجيج على نفقة الحكومة بحجة قلة نقودهم رغم أنك كتبت لنا أن معهم ما يكفي منه، وعددهم نحو ال 300 وقد لزم لهذه الغاية 265 جنيه علاوة على المبلغ المتفق معه مع الشيخ سيماوي، وقد دفعت الأدارة العمومية قبول هذه المصروفات، وقد طلب من السردار حل هذه القضية المالية، فكتبت لهم بأني سوف أضطر لبيع الجمال والخيول الهدايا المرسلة لتسديد المصروفات لترحيل المحمل، ولكني قد حافظت على حصاني الذي ورد إلي منكم عربوناً على محبتنا وصداقتنا – كل هذا بسبب تصرف الشيخ محمد سيماوي. سلاطين" (المرجع Intel 7/3/8/185).
المحمل الشريف لعام 1909
لحج هذا العام تم إعلام سلاطين باشا بخبر المحمل قبل وقت كاف كما يتضح في هذا الخطاب المعنون له بتاريخ 20 جمادى آخر 1327 الموافق 8 يوليو 1909: "فريق ومفتش السودان العام سعادتلو أفندم. من بعد السلام اللطيف لذاك المقام المنيف نخبر جناب سعادتكم افندم يكون معلوم اننا فيهذا العام عازمين على إرسال المحمل الشريف للحرمين الشريفين انشالله ومن الوجوب اعلامكم بذلك افندم. سلطان عموم دارفور والغروب، السلطان على دينار بن السطان زكريا" (المرجع Intel 2/4/15). ونسبة لبعد دارفور، فالامل حينها في مساعدة الدولة بتذليل صعاب السفر من الخرطوم للحجاز، كما ورد في هذا الخطاب من على دينار لسلاطين باشا بتاريخ 16 رمضان 1327 الموافق 30 سبتمبر 1909: "فريق ومفتش السودان: .. أفندم أن أوان الحج آن وجهزنا المحمل الشريف للحرمين الشريفين وقادم به منطرفنا مرسولنا محمد الشيخ سيماوي بعد تمام وصوله بالخرطوم أملي سعادتكم تعديته بوجه السرعة". (المرجع Intel (7/1/1/298.
المحمل الشريف لعام 1913
هذا هو المحمل الشريف الأخير للسلطان علي دينار وهو آت مع بوادر الحرب العالمية الأولي، حيث أستقال خلالها سلاطين باشا من منصبه لكون دولته النمسا في المعسكر المعادي لبريطانيا، وقد صادف وصول هذه الخطابات وسلاطين باشا في مصر في إجازة إلا أن ذلك لم يمنعه من مخاطبة علي دينار في ذلك الظرق الدقيق. ففي خطاب من علي دينار لسلاطين بتاريخ 15 شوال 1331 الموافق 16 سبتمبر 1913، ورد فيه: " فريق ومفتش السودان العام سعادتلو افندم حضرتلري. من بعد السلام اللطيف لذاك المقام المنيف نعرض لجناب دولتكم افندم أن محملنا لله ورسوله مضت لنا في إرساله عدة أعوام ولم أرسلناه وفيهذا العام أستصوبنا أرساله وهاهو قادماً للحرمين الشريفين بعون الله معية خدامنا محمد الشيخ سيماوي والخدما المحافظين على المحمل الشريف ومعهم الحجاج من الوطن ومن حيث أنه من الواجب أعلام سعادتكم بما ذكر فلزم عرض هذا لجناب سعادتكم وبه أرجوا من الحكومة تعديهم على جناح السرعة لموافات الحج بالراحة حسب المعهود في عدالتها وتفيدون بما يتم في أمرهم بعد التوجه ونكون ممنون ومتشكر أفندم." (المرجع Intel 7/2/15/437).
ونسبة لتأخر موعد المحمل فقد أبرق سلاطين باشا مفتش النهود بتاريخ 16 أكتوبر 1913، بخبر المحمل: "تلغراف من مفتش السودان العام إلي مفتش النهود. الأمل إرسال التلغراف الأتي مع رسول خاص الى جبل حلة لأجل توصيله من هنالك للسلطان علي دينار بالفاشر بأقرب مايمكن من الوقت. قف. المحمل وصل الى الخرطوم وسيتوجه هذين اليومين بمساعدة الحكومة هذا ولكم جزيل الشكر. مفتش السودان. مصر" (المرجع Intel 7/3/14/286).
ومتابعة للرسالة التلغرافية، فقد قام سلاطين باشا بإعلام علي دينار بسفر المحمل كما ورد في خطابه له بتاريخ 27 أكتوبر 1913: " أخبركم أنني أخبرتكم تلغرافياً عن المحمل الذي جهزتموه هذه السنة والآن أخبركم ان هذا المحمل قد سافر على الطائر الميمون مع رجالك الي بيت الله الحرام بمساعدة الحكومة ومعونتها وأنشاء الله يعود على الجميع قريباً بالسلامة وقد قاموا بهذه الزيارة الشريفة الي بيت الله الحرام وسنفيدكم بوصولهم، هذا مالزم واطال الله بقاؤكم. سلاطين" (المرجع (Intel 7/3/14/22 .
وعن الحاج السيماوي ففي وثيقة مخابراتية Intel. 2/7/36 بتاريخ 1 نوفمبر 1921، تمت الإشارة إلي أن الشيخ محمد السيماوي وهو من قبيلة الدواليب في كردفان، قد عاش في أمدرمان في الفترة المهدية، وجرح في معركة كرري، بعدها ذهب إلى دارفور وكان أمير المحمل ثلاث مرات، وفي عام 1910 قابل الخديوي عباس. بعد هزيمة جيش علي دينار في برنجية قبض على الشيخ السيماوي محارباً في جبل مرة في 22 يناير 1917، وتم نفيه إلي حلفا كسجين سياسي. وبعد عام تم تحويله إلي السجن السياسي في طرة بمصر، وبعدها تم إرجاعة إلي سجن وادي حلفا.
مداعي التشكيك حول تدين السلطان علي دينار، وتبخيس الشأن الدارفوري
إن الكتابة عن أي شخصية عامة هو حق إنساني مشروع للجميع، ولن تتضح الرؤية إلا بمزيد من الكتابة الجادة التي تجعل الحقيقة جل مبتغاها صنواً للوقائع والحقائق التاريخية. وعن مقال الأخ سيف الدين مختار فرغم إيراده للكثير من الأراء المتناقضة عن المواضيع التي أثارها، إلا أنه سار في معية الرافضين لأي فخر لدارفور، وبدون تحليل لهذا التناقض كما يراه في الأراء المزعومة حول أيلولة "آبار على"، "كسوة الكعبة"، و "حوش على دينار" في جدة. فمقدمة سيف الدين الطويلة عن تبجيله للسلطان على دينار وفخاره به، لم تدفع به للأخذ بالآراء المعظمة له، بل إختار ضدها. وهنا يمكننا السؤال عن مدلولية إرتباط مسمى "آبار علي" بالسلطان على دينار، ليس فقط عند السودانيين وحسب، بل ولدى غيرهم من الذين أشار إليهم الأخ سيف الدين فى مقاله. فمع التأكيد بكون مسمى "آبار علي" هي سابقة للسلطان علي دينار، فإرتباط اسم علي دينار بهذه الآبار يمكن إرجاعه أيضاً لدوره في صيانتها وتجديدها خدمة في راحة الحجيج. فصيانة الآبار و"تكحيلها" هو تقليد قديم ومتوارث في دارفور ومناطق السودان الأخرى العميق سبر غورها. كما علينا أن نتذكر بأن الديار الحجازية في ذلك الزمان ليست كما هي عليه الآن من رخاء وبسط في العيش، فهي الآن قد طوت صفحات التعيش بما يتصدق به "الغرباء" لها بما في محاملهم، وصارت وحدها الكاسية للكعبة المشرفة. إن أهتمام حكام دارفور بأرض الحجاز وإغداق الهدايا علي الحرمين الشريفين لم تبدأ بعلي دينار. فقد أورد أستاذي الدكتور أحمد عبد الرحيم نصر في كتابه: "الأغوات: دراسة تاريخية مقارنة لأغوات المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة" بأن سلاطين دارفور قاموا بأرسال من صاروا أغواتاً في المسجدين الشريفين: المكي والمدني. وفي وثيقة أشار لها الكاتب بأن السلطان إبراهيم قرض قد قام عام 1291 هجرية الموافق 1874 عام قتله علي يد الزبير باشا رحمة، أرسل صرة للحجاز: ".. وزع منها في مكة ألف ريال للأغوات كافة، وأربعمائة ريال لأغوات أبيه السلطان حسين محمد الفضل واربعمائة ريال مقابل دخول أخوين أثنين في سلك الأغوات، ووزع منها في المدينة المنورة ألف ريال لكبير الأغوات .. وألف ريال لأغوات مفتاح الحجرة الشريفة" (نصر ص 1، ورئيس الإغوات في الحرم النبوي الحاج عبد السلام جمعة ورفيقه الحاج جاه الله جميعهم من دارفور. وهذا الزخم من الهدايا للحرمين الشريفين في معية الحجاج أكده أيضاً الكاتب الفرنسي دولاتور في مقاله المنشور عام 1850، وقبله الكاتب الأنجليزي براون بعد زيارة دارفور عام 1798 كما دونه في كتابه (Travels in Nubia).
وعلى ذات المنوال لنا أن نتسائل عن مسمى "حوش على دينار" والذي سمع به الكثيرون قبل ان يروه، وكون ان الزعيم الأزهري كما ذكر الأخ سيف الدين قد قام بشراءه عام 1954 أي بعد أكثر من خمسين عاماً لتسيير أول محمل للسلطان على دينار للحرمين الشريفين. ومع إنتظارنا لوثيقة أيلولة "الحوش" للحكومة السودانية، لنا أن نلحظ لهفة المتشدقين بالدين بأختزال كل المفاخر السودانية في الديار الحجازية إلى صراع يسعون إليه حول أحقية ملكية الارض. فلن يغني أهل دارفور أيلولتها إلى الحكومة السعودية أو غيرها، فأين هم مواطني دارفور من أراضيهم في دارفور عينها والتي هُجروا منها قسرأ تحت سمع وبصر الدولة المتتشدقة إسلامية. فلا أحد يستطع إنكار أن ذات الأرض مركز صراع المتلهفين حول جيف الحياة الدنيا تحكي تاريخاً ناصعاً عن ماضي دارفور، وهي مفخرة لعموم السودانيين. فعلى ذمة العارفين بجدة، ظل "حوش على دينار" هكذا، وهو أشبه بالخرابة، والكل يدع أحقيته الشرعية به من مواطنين كثر، والآن جاء دور الحكومة بضراعها وصكوكها، في صراع الأحقية، وكأن جيوب محتسبيها المتخمة بما تم نهبه وسلبه من دارفور في الأعوام الثلاث الماضية، والمستمرة الحالية، لم تكن بالكافية. فأن كنا حقاً لجد غيورين على السلطان علي دينار فلماذا لم نتوقف حول دلالات التسمية: "حوش علي دينار" وهو لفظ جارٍ قبل "الإنقاذ"، ولماذا "علي دينار" دون غيره من الملوك و"الأشراف" السودانيين. أن إثبات الحق السوداني، وأفضاله لا يمكن تأريخه بإستقلال السودان، وإنما أيضاً بتبني إسهامات الكيانات الأخري المتشكلة للسودان القديم في رقعته الجغرافية. فأن كنا نتباهي بتليد تاريخنا من بعانخي وتهارقا والأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر الفرعونية كما في منهجنا المدرسي، فلماذا ننظر بعين الريبة لأفضال دارفور، أنه لأمر عجب. فعوضاً عن مناقشة الحق الأدبي لدارفور في أرض الحجاز، بكل دلالاته، إنصب الهم الآن حول الحق القانوني لقطعة الأرض، ربما من أجل شراءه وإستثمارة كما هو الحال عليه الآن في السودان، ولكن فالحق أبلج.
أن هذا الحديث عن تاريخ دارفور المهشم الآن لنقيض ما عرف عنه في غابر الأزمنة كما خطته كتب الرحالة منذ القرن السادس عشر. فعلاقة حكامها بالعالم الخارجي لم تكن قصراً على الحجاز، بل أن لهم مكاتبات مدونة مع معاصريهم بمن فيهم من خليفة تركيا، خديويو مصر، نابليون فرنسا، سنوسيو ليبيا وملوك دار الغروب. وقد أثبتت الحرب الأخيرة الآن في دارفور، محدودية معرفة السودانيين من خارج الإقليم بتاريخ الأقليم وإرثة المتفرد في نظامه الإداري ومكونه الثقافي، وتحت هذا الفهم القاصر يتم الآن تخريب دارفور تحت سمع وبصر وبيد الدولة "المسلمة".
الشكر للأخ سيف الدين عيسى مختار على مقاله الأخير، الجرئ، وفي تذكيره لنا بأن لا ننساق وراء الأقوال دون سند علمي. فهذه محصلتي في ردي على ماورد في مقاله من أسئلة هامة.
ملحقات:
1- مقالة الاستاذ سيف الدين عيسى مختار http://www.darfurinfo.org/saif.html
2- صور من المحمل المصري http://www.darfurinfo.org/mahmaleg.html
3-صورة لمحمل السلطان علي دينار عام 1904، ماراً بامدرمان، بمعية الشيخ السيماوي http://www.darfurinfo.org/dinarmahmal.html
فيلادلفيا 3 يونيو 2006
E-mail: [email protected]
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان (Re: د.علي بحرالدين علي دينار)
|
الدكتور على بحر الدين
لك التحية
ولك الشكر سيدى لانك ابنت لناالحقيقة واخرست الالست التى تستكثر علينا حتى أمجادنا فى تاريخنا الغابر ولا يريدون لنا ان نعتز بافذاذ أمثال جدكم الذى كان له القدح المعلى وكان له الصيت والسمعة الحسنة ويكفيه فخرا انشاء أول مملكة اسلامية هنالك فى تخوم السودان الحديث ... مقالك سيدى اراحنا ونزل علينا بردا وسلاما لان هنالك ثمة من يود تزوير التاريخ والتشكيك فى كل ما هو جميل وناصع ...
التحية لعلى دينار فى عليائه والتحية لكم أحفاده البرره وهاهى آثاركم فى جدة شاهدة على عظمة الرجل نراها صباح مساء ونشهد ونستشهد بها ولكن اخى صدق الشاعر القائل :
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وقد ينكر الفم طعم الماء من سقم
شفى الله اولئك جميعا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان (Re: علاء الدين صلاح محمد)
|
للفاائدة العامة ولجمع كل ما كتب عن هذا الموضوع رايت من الاهمية ادراج المقالات التي كتبه الاستاذ سيف الدبن عيسى مختار حول هذا الامر خاصة وان مقال الدكتور بحر الدين علي دينار جاء في الاصل ردا على ما ورد في مقالات الاستاذ سيف الدين عيسى مختار والمنشورة على صفحات سودانيزاونلاين.
Quote: السلطان علي دينار و حقيقة حكاية المحمل وكسوة الكعبة وارض "حوش علي دينار" بجدة /سيف الدين عيسى مختار/جدة كان السلطان على دينار وطنيا بمعنى الكلمة، يستمد عظمته من مواقفه الكريمة، وبطولاته التي سطرها في ساحات الوغى.كان مسلما أقام سلطنته على هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، استجلب العلماء والفقهاء، واستعان بذوي الفضل في إرساء دعائم سلطنته.فها هو القاضي إدريس الدنقلاوي يتولى القضاء، والشيخ عبد الماجد الفلاتي يتولى إمامة مسجد الفاشر , والعديد من العلماء من كافة انحاء السودان تستوعبهم الحياة الثقافية والاجتماعية في الفاشر . إن الانجازات الكبيرة التي حققها هذا السلطان السوداني يجب أن نوثقها نبراسا للأجيال القادمة، وهي في نظري أكبر من أي انجاز آخر خارجي، وليس السلطان علي دينار في حاجة إلي أن نمجده أو ننسب إليه أعمالا هنالك شك في نسبتها إليه، فما لديه من الفضائل والمآثر يكفيانه لإحلاله موقعه اللائق في سجل الخالدين في ذاكرة الوطن. يكفيه أنه كان صاحب حس وطني مارس الوطنية في حكمه للسلطنة، يقول الدكتور الشيخ عبد الله عبد الماجد في كتابه القيم (الخرطوم الشعب والدعاة) ص (259) (نقلا من كتاب الدكتور مندور المهدي (تاريخ السودان من أقدم العصور) " إن قيام دولة باسم الإسلام في غرب السودان في دارفور تستمر أكثر من قرنين ونصف من الزمان في حكم متصل ومستمر، ونظام حكومي مستقر واضح لم يعرف له مثيل في في تاريخ ممالك الإسلام السودانية(الفونج) والعبدلاب وغيرهما، وكانت على استعداد لأن تعبر النيل إلي سنار بعد أن تم لها إخضاع كردفان نهائيا، وامتدت بقوتها المادية والبشرية في ربوع السودان وخارجه أدبيا وسياسيا، فاتصلت بالدول الإسلامية الأخرى اتصالا وثيقا وأطلق على سلطانها لقب الرشيد في الأستانة وأنشيء في مصر رواق في الأزهر الشريف عرف باسم رواق دارفور قائم إلى اليوم، كما عقدت الصلة بينها وبين الحجاز فألزمت دولة دارفور نفسها بأن تساهم بقدر كبير في ميزانية الحرمين الشريفين، مشاركة منها، وأرسلت بناء على ذلك ما يعرفه المؤرخون ب (صرة الحرمين ) ". إن عظمة سلاطين الفور تكمن في أنهم استطاعوا ضم الكفاءات العلمية إلي سلطنتهم وإقامة دولة العلم والعلماء . يقول الدكتور عبد الله عبد الماجد في كتابه الإعلام بالأعلام (ص 297) " القاضي إدريس عبد الله، والشيخ محمد السناري من الأسر العريقة التي قدمت من وسط وشمال السودان واستوطنت دارفور، فالأول دنقلاوي والثاني من السناهير، والتي ساهمت ولا تزال في كثير من أنشطة الحياة المختلفة من اجتماعية واقتصادية وثقافية في الفاشر، وهذا يدل على أن السلطان علي دينار كان قوميا في توزيع وظائف مملكته ولا يحصرها فقط في أبناء دارفور أو قبيلة واحدة). لقد كان هدفنا من هذا المقال هو إزالة اللبس عن بعض الأمور المتعلقة بالسلطان على دينار ، والتوثيق للأعمال الجليلة التي قام بها، لذلك فان الذين تحدثوا عن عدم ملائمة الوقت لمثل هذه الموضوعات، قد أسروا حسوا في ارتغاء، لأنهم في الواقع إنما يهدفون إلى أن تظل الحقيقة غائبة، وليست لديهم القدرة على البحث والتقصي لإثبات صحة ادعاءاتهم ، لأنهم على أحسن تأويل لمواقفهم يريدون استثمار كل الظروف لخدمة أهدافهم ومصالحهم الخاصة. السؤال الذي يطرح نفسه هنا في مستهل هذا المقال هو: هل حج السلطان على دينار؟ إن كان قد فعل ففي أية سنة؟ هنالك إشارة غير واضحة في كتاب الدكتور بشير محمد سعيد " السودان من الحكم الثنائي إلى انتفاضة ابريل" الجزء الأول ص 15، حيث يقول " كانت علاقة السلطان علي دينار بالحكومة الجديدة في الخرطوم منذ خروجه من أم درمان عقب معركة كرري، واستعادته لعرش أجداده قائمة على أسس سليمة، يدفع للحكومة ضريبة سنوية ويقدم لها بعض الهدايا من منتجات مملكته، مما يحمله عندما يمر بالخرطوم في طريقه إلى مكة المكرمة في موسم الحج، ويتسلم منها الهدايا ، وكان في أول أمره يتبادل الخطابات الودية مع سلاطين باشا ويرد علي ما يصله من خطابات الحكومة ، ولكنه لم يكن يأذن لموظفي الحكومة من دخول سلطنته" ، ولقد أخبرني الشيح الدكتور عبد الله عبد الماجد بأنه قرأ في إحدى رسائل السلطان على دينار بأنه كان قد حج قبل أن يصبح سلطانا على دارفور عندما كان أميرا، وذلك ضمن قوافل الحج الدارفورية، وهنالك من يذهب إلى أنه لم يحج أصلا، فالظروف لم تكن مواتية خاصة أثناء توليه للسلطنة نظرا للاضطرابات العديدة التي شهدتها سلطنته في بدايتها، ثم دخوله في حروب مع المستعمر، وقد ذكر السلطان نفسه في رسالة له إلى الأستانة أن الانجليز قد هيمنوا على طرق الحج ومنعوه من أداء هذه الفريضة ، ولعل الذين اطلعوا على كتابه (العمران) من المؤرخين أو من أفراد أسرته قد يفيدوننا بالخبر اليقين عن السنة التي حج فيها والأعمال التي أنجزها في تلك الحجة إن ثبتت، وكان على دينار قد أرسل كتابه المذكور وهو يحتوي على سيرته الذاتية إلى مصر لطباعته، لكن الحاكم العام الانجليزي في السودان رفض طباعة ونشر الكتاب ولم يسمح إلا بطباعة ست نسخ منه فقط لاستخدامه الخاص سنة 1912م. لقد كانت الدويلات والإمارات المختلفة التي حكمت أجزاء من العالم الإسلامي تشعر بواجباتها تجاه خدمة الحرمين الشريفين وترسل من ثم الهدايا والعطايا والمكرمات الملكية، ومن تلك الدول بالطبع سلطنة الفور التي كانت تقدم المساعدات المالية لأشراف مكة القائمين على أمر الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت تلك المساعدة الدارفورية تسمى (صرة الحرم) وتحتوي على المساعدات المادية التي يقدمها سلاطين الفور ومنهم السلطان على دينار، وهذه المساعدات كانت تنقل ، إما عبر جمهورية مصر وإما مباشرة عبر سواكن. وقد حدثني الدكتور عبد الله عبد الماجد بأن محمل (صرة الحرم) السلطان علي دينار كان يتكون من غالب منتجات دارفور إضافة إلى الذهب والفضة، وكانت هذه المنتجات تؤخذ إلى مصر وتباع في الأسواق المصرية ثم ترسل قيمتها نقودا وذهبا إلى الحجاز. كانت مصر تنفرد بصناعة الكسوة حتى العام 1962م عندما بدأ المصنع السعودي في إنتاج الكسوة، والمحمل كمصطلح كان عبارة عن بعثة رسمية من الدولة صاحبة الهيمنة على أرض الحرمين الشريفين، وكان المحمل يحمل إضافة إلى الكسوة رواتب موظفي الشريف وزعماء القبائل الذين كانوا يستميلونهم بتلك العطايا تفاديا لغاراتهم على قوافل الحج، وفرمانات عزل الأشراف وتوليتهم، والمعونات لسكان الحرمين الشريفين. من الكتب المهمة التي تناولت الكسوة كتاب الأستاذ أحمد السباعي عن تاريخ مكة المكرمة، وكتاب الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار (الكعبة والكسوة من أربعة ألاف سنة وحتى اليوم) الصادر عن وزارة الحج والأوقاف السعودية سنة 1977م، وفيه تفصيل لتاريخ الكسوة ، من ذلك أن أول من كساها هو سيدنا إسماعيل عليه السلام بعد أن رفع القواعد من البيت مع أبيه إبراهيم عليه السلام، ثم أغفل التاريخ ذكر كسوتها إلى عهد عدنان بن أد أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الجاهلية كان أول من كساها الملك أسعد الحميري وهو تبع الذي كان قد غزا يثرب فأشار إليه أحد الهذليين أن يغزو مكة وينهب ما بالكعبة من حلي وجواهر يريد بذلك إهلاكه ،ففطن تبع لذلك وجاء مكة فطاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام ينحر ويطعم وكسا الكعبة وتنسب إليه هذه الأبيات: وكسونا البيت الذي حرم الله مــلاء معضدا وبرودا
وأقمنا به من الشهـــر عشـــــــرا وجعلنا لبابـه اقليـــدا والاقليد هو المفتاح، ويروى انه أري في المنام أن يكسو الكعبة فكساها الخصف وهو نسيج من الخوص والليف، وقيل ثياب غلاظ، ثم أري أن يكسوها أحسن فكساها برودا معافرية من نسج اليمن ، ثم أري أن يكسوها أحسن فكساها الملاء والوصايل ,والوصايل ثياب حمر مخططة يمنية، وهو أول من جعل للكعبة بابا ومفتاحا، ثم استمر خلفاؤه من بعده يكسونها بالقباطي وهي ثياب مصرية، ثم كان أن جمع قصي بن كلاب- واسمه زيد بن كلاب – القبائل العربية وطلب منها أن يترافدوا أي يتعاونوا فيما بينهم في كسوة الكعبة، فكانت الكسوة ثمرة تلك الرفادة، ثم كان أبو ربيعة بن المغيرة وهو جد الشاعر عمر بن أبي ربيعة رجلا موسرا صاحب تجارة فكان يكسو الكعبة عاما وقريش عاما، لذلك سمى العدل بخفض العين، ويذكر التاريخ أيضا أن نتيلة بنت حباب زوج عبد المطلب وأم العباس رضي الله عنه تفردت بكسوة الكعبة وذلك لأن العباس كان قد ضاع منها وهو صغير فنذرت أن تكسو الكعبة إن هي وجدته، فعاد العباس ووفت نتيلة بنذرها ، من هنا ندرك أن كسوة الكعبة كان عملا يتقرب به وكان مباحا لكل من يستطيع ولم تكن على نول واحد أو لون واحد بل كانت من نسيج وجلد، ومن ستائر تسدل و نمارق تعلق، وقد كساها المسلمون عام الفتح وذلك لأن امرأت جاءت تجمر الكعبة فاحترقت الكسوة فكساها المسلمون، وكساها الخلفاء الراشدون ومن مآثر سيدنا عمر رضي الله عنه أنه جعل الكسوة من بيت مال المسلمين، ثم أمر بأن تحاك الكسوة في مصر ، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (كسوة الكعبة على الأمراء) وهكذا تولاها من كانت له الولاية على المسلمين، وقد اشترى الناصر قلاوون عدة قرى مصرية وأوقف ريعها لصناعة الكسوة حتى جاء محمد على باشا والحق الكسوة بخزينة الدولة المصرية يقول الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار في كتابه المشار إليه ص (154) " وكانت كسوة الكعبة من مصر حتى بعد دخولها سنة 923هـ تحت حكم العثمانيين الذين أخذوا على أنفسهم كسوة الحجرة النبوية وكسوة الكعبة من الداخل والطيب والعطور والشموع وزيت القناديل ، وبقى الأمر حتى تولى محمد على باشا حكم مصر وحل الوقف الخاص بالكسوة وتعهدت الحكومة المصرية بالإنفاق على صناعة الكسوة من خزينة الدولة . مما سبق يتضح إن الكسوة كانت تمثل شكلا من أشكال السيادة على الحرمين، كما كانت سلاحا تشهره أحيانا ضد أشراف مكة إن هم أرادوا الاستقلال بحكم الحجاز كما حدث ذلك مع الشريف حسين، ونظرا لأن السياسة أصبحت تتحكم في الكسوة فقد قرر الملك عبد العزيز أن تتولى المملكة العربية السعودية الراعية للحرمين الشريفين كسوة الكعبة وذلك من موقف إيماني صادق حتى تبعد أمور الحرمين عن أية نزعات أو صراعات سياسية، وأنشأت مصنعا لذلك، وقد توقفت مصر عن إرسال الكسوة منذ العام 1962م ، من هنا يتضح بأن السلطان على دينار لم يقم بصناعة كسوة الكعبة. كانت الكسوة تنقل إلى مكة في محفل مهيب، وقد جاء في موقع إسلام اون لاين أن الباحثة شيرين عبدالحليم القباني قد حصلت على درجة الماجستير ببحث حول 'المحمل المصري في العصرين المملوكي والحديث (648 ه 1372ه 1250 م 1952م)، حيث قالت أن بداية الظهور الفعلي للمحمل المصري في العصر المملوكي، واستمر طوال العصر العثماني إلي أن توقف عام 1962م وأكدت الباحثة أن المحمل لم يكن فقط عبارة عن جمل يحمل كسوة الكعبة وإنما كان رمزا لسيادة مصر علي الحجاز، تلك السيادة التي تمثلت في تقليد إرسال الكسوة المصرية للكعبة ومخصصات الحرمين الشريفين من غلال ومرتبات للإشراف وأموال لفقراء الحرمين، كما أن مرسوم تعيين شريفي مكة والمدينة كان يخرج من مصر بصحبة ركب المحمل، كما يمثل المحمل ظاهرة إنسانية حضارية، انعكست آثارها علي حياة المصريين مثلما انعكست علي حياة الحجازيين أيضا، وتمثل ذلك في الازدهار التجاري الكبير الذي كان يواكب فترة الحج وما ترتب عليه من هجرة الكثير من الجنسيات لمصر من شوام ومغاربة وحجازيين، كما ظهر عدة فنون شعبية ارتبطت بالحج والمحمل مثل جداريات الحج، التي كانت ترسم علي واجهات منازل الحجاج، وأغاني تحنين الحجاج.) وفي ذات الموقع هنالك مقال جيد للكاتبة التركية نوزات صواش تصف فيه المحمل العثماني، والصرة العثمانية. ويصف الأستاذ أحمد السباعي المحمل في كتابه ( تاريخ مكة المكرمة) ص 576 " وكانت المحامل قد منعت في عهد السعوديين الأول فلما عاد الحكم إلى العثمانيين في هذا العهد استأنف المحمل الشامي والمصري مسيرهما إلى مكة المكرمة ، ولعل الأتراك اكتفوا بإرسال المحمل الشامي الذي كان يحمل صرهم وصدقاتهم إلى مكة ، وكلا المحملان يستقبلان في جدة ومكة استقبالا رسميا ـ وكان إذا وصل ركب أحدهما إلى مكة المكرمة أناخ جمل المحمل بجوار باب النبي في حفل عام تعزف فيه موسيقى مكة والمحمل ثم ينقل على أكتاف الرجال من باب النبي إلى المسجد حيث يستقر كل محمل في مكانه المخصص بين باب النبي وباب فايتباي ويبقيان كذلك إلى يوم السفر فيخرج كل منهما في يومه المحدد ليحتفلوا بتوديعه بعد أن يطوف الجمل به عدة طوفات في الشارع أمام باب على " وقد ذكر السباعي أن مصر كانت تتفرد بصناعة الكسوة.ويبدو إن استقبال المحمل المصري في جدة كان حدثا سعيدا يستقبله الناس بالأهازيج، ويقال أن انطلاقته إلى مكة المكرمة كانت تتم من ذات المكان الذي يقام فيه الآن مركز المحمل التجاري بوسط جدة. لقد كان المحمل والكسوة يحتلان مكانة عظيمة في نفوس المسلمين لارتباطهما بالركن الخامس للإسلام، وما من شك في إن مساهمة أية سلطنة أو دولة فيهما تعتبر مفخرة وطنية وعملا يجب أن تتناقله الأجيال جيلا بعد جيل. إن عظمة سلاطين الفور تكمن في أنهم وعوا منذ وقت مبكر الدور الوطني المناط بهم، وأنهم إنما يمثلون ذلك المجتمع المسلم الذي كان قد تشكلت هويته من مجموع تلك القيم الأفريقية العربية، فخلفوا ذلك التراث الإسلامي الذي يعتبر بحق مفخرة للسودان، ولا يعني حديثي عن المحمل والكسوة انتقاص من جهودهما، ولا ينبغي أن يفهم كذلك، وقد كانوا كغيرهم من عظماء هذا الوطن خلفوا أوقافا وأعمالا خيرية في أرض الحرمين الشريفين، بل نستطيع أن نقرر بشيء من الاطمئنان أنهم كانوا أكثر الناس خدمة لحجاج بيت الله الحرام، يدفعهم إلى ذلك إيمانهم العميق وصدق توجهاتهم، وخاصة السلطان على دينار الذي لم يكتف بدفاعه المستميت عن الإسلام والمسلمين بل خلف ديوانا كاملا في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم كما ذكر البروفسير عون الشريف قاسم عليه رحمة الله تعالي في موسوعته عن القبائل العربية في السودان، لقد كان لأهل دارفور نصيب كبير من الأوقاف بالمملكة العربية السعودية، منها أوقاف سلطانية وأخرى أهلية ومن الأوقاف التي تحمل اسم هذا السلطان ما يعرف الآن بحوش السلطان على دينار في مدينة جدة، ويقع في حي الواسطة بباب شريف، وتبلغ مساحته حوالي 2500 متر مربع، وبداخله تسكن حوالي أربعين أسرة. وهنالك اختلاف حول من الذي اشترى الحوش وأوقفه. فمستشار الشئون الدينية والأوقاف بالقنصلية العامة لجمهورية السودان بجدة يشير في خطابه إلى المحكمة بجدة في العام 1411 إلى أن الحوش كان قد اشتراه السلطان على دينار منذ العهد التركي، لكن لا يوجد صك يؤيد ذلك، أما الأخوة في رابطة أبناء الفور بجدة فيشيرون إلى أن الحوش كانت قد اشترته أميرة من الفور هي السيدة مريم شرف الدين وأوقفته على الحجاج القادمين من السودان وخاصة من الفور، وهذه الأميرة قدمت في عهد السلطان تيراب، أيضا لا يوجد صك شرعي يؤيد هذا الرأي يقول العم فضل عبد الرحمن أبو بكر وكيل أوقاف الفور:" الحوش وقف أوقفته مريم شرف الدين باسم الفور، وقد تم ذلك قبل السلطان علي دينار، علي دينار ليست له علاقة بالحوش، فهو لم يحضر إلى المملكة أصلا لكنه كان يرسل الحملات فتنزل في الحوش وتوزع من هناك الصدقات لذلك اشتهر الحوش باسم علي دينار ، أما مريم شرف الدين فهي من قبائل دارفور وهي أميرة من العائلة المالكة جاءت إلى الحج في عهد السلطان تيراب، ووجدت منطقة الحوش خارج سور باب شريف، وكانت هي محتاجة إلى فضاء لحرسها ومرافقيها ، فطلبت من الشريف إعطائها الحوش واشترته منه، وكان الحوش أكبر مساحة مما هو عليه الآن ، وكانت تنزل فيه القبائل التي ترد من كردفان ودارفور والمتمة وشندي. كل حاج يتخذ قطعة من الحوش ويقيم عليها خيمته ثم يغادر بعد الحج، وكان العم عبد الستار هو أول من أقام في الحوش بشكل مستمر وكان قد قدم من دارفور بعد وفاته جاء رجل يسمى عبد الرحمن أحمد ثم جاءت العجوز عشة فكه لأنهم لم يجدوا أحدا من الفور يستقر في المكان وقد مكثت عشة فكة حوالي خمسة عشرة عاما، بعدها جاء عبد الله إبراهيم كنجا واستلم إدارة الحوش وأوقفت عشة، وقد التقيت أنا بعبد الله وحصلت منه على كل هذه المعلومات، وبعد وفاته حدثت بعض المشكلات مع البلدية وبيت المال فذهبت إلى العمدة وأثبت وقفية الحوش للفور، ثم جاء محمد أحمد جداوي سعودي من أصل فوراوي وتولى الإشراف على الحوش وكان سور الحوش من الطين منذ أيام مريم شرف الدين ، محمد أحمد جداوي هو الذي بنى الحوش بالطوب، ومحمد أحمد جمر القايدة هذا كان والده وزير مالية السلطان علي دينار" وقد جاءت افادة العم فضل في الاجتماع الذي انعقد بالقنصلية بين رابطة ابناء الفور والقنصل العام والمنسقية العامة للحج والعمرة في 12 محرم 1421هـ. مما سبق يتضح أنه لا توجد صكوك تثبت ملكية هذا الحوش، وعلى الرغم من تضارب الأقوال حول من الذي أوقف هذا الحوش، إلا انه من الأوقاف التي خلفها سلاطين الفور أيا كان الشخص الذي أوقفه. وقد حاول رجل يدعى العمري الاستفادة من عدم وجود صك شرعي للحوش فاستخرج صكا من محكمة جدة بملكيته للحوش وقام ببيعه بمبلغ ستة ملايين ريال، غير أن أبناء الفور نشطوا في الدفاع عن هذا الوقف حتى استطاعوا إلغاء ذلك الصك المزور، وقد ساعدتهم في ذلك وزارة الأوقاف السعودية، وعمدة الحي ، والمحامي أحمد بن مسلم الحربي الذي كان قد تلقى دراسته الشرعية في معهد أم درمان العلمي، وقد صدر أمر محكمة جدة بإلغاء ذلك الصك المزور، غير أن موضوع الحوش لم يحسم حتى الآن وما يزال لدى القضاء السعودي، وتبذل رابطة أبناء الفور جهودا مقدرة، والمؤمل أن تجد الدعم اللازم من الجهات الرسمية لحفظ هذا التراث السوداني، وهي مناسبة لنشكر الأخوة في المنسقية العامة لبعثة الحج السودانية بجدة وخاصة الأستاذ الخواض الخليفة المنسق السابق والذي اجتهد في تجميع وحفظ الصكوك الخاصة بالأوقاف السودانية، وأصدر عنها كتيبات مفيدة للغاية. و نأمل من الأخوة في رابطة أبناء الفور بجدة ، والأخوة في رابطة أبناء السلطان على دينار إلقاء مزيد من الإيضاحات في هذا الخصوص حفظا لهذا التراث . وفي المقال القادم سنتحدث عن الأوقاف السنارية في المملكة العربية السعودية.
سيف الدين عيسى مختار/جدة
[email protected] |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان (Re: احمد ضحية)
|
مع تأكيدنا من أن أي عمل ينسب لسوداني خاصة إذا كان ذلك السوداني من الزعماء الذين يحتلون مكانة عظيمة في الوجدان السوداني مثل على دينار هو بمثابة مفخرة لكل السودانيين، ألا أن البحث عن الحقيقة أمر مطلوب، وتوثيق الأعمال ونسبتها إلى أصحابها واجب ديني . عن أبار علي : يقول الدكتور صفوت حجازي:
Quote: وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة, وكانت تسمى في زمن النبي, صلى الله عليه وسلم, ذي الحليفة. ولعل البعض يظن أنها سميت أببار علي نسبة لعلي بن أبي طالب, رضي الله عنه, وهذا غير صحيح, والصحيح أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار, وعلي بن دينار هذا جاء إلى الميقات عام 1898 حاجا (أي منذ نحو 200 عام) فوجد حالة الميقات سيئة, فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويطعمهم عندها, |
الأستاذ سيف الدين عيسى مختار :Quote: أما عن آبار على ، فقد وجدت في موسوعة ابن فضل الله العمري ( مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) ما يلي : " فأما ذو الحليفة فهو أبعد المواقيت، على عشر مراحل من مكة أو سبع منها، وهو بضم الحاء المهملة وفتح اللام، ومنها يحرم الآن الركب الشامي. وبها آبار تسمى آبار علي، وبعض الناس يقولون بئر المحرم:" ص 191، .......وقد مات العمري في الطاعون سنة 749 قبل أن يكمل كتابه هذا الذي قسمه إلى قسمين، قسم عن جغرافية الأرض ، وقسم عن سكان الأرض. مما سبق يتضح أن مسمى آبار على كان موجودا منذ القرن الثامن الهجري أي قبل ظهور الممالك الإسلامية في السودان بقرون مما يؤكد عدم نسبة تلك الآبار لعلي دينار، وهذه الآبار بهذا المسمي كانت بالتأكيد موجودة قبل ابن فضل الله العمري الذي نقل ما رآه وسمعه، مما يرجح صحة نسبة الاسم لعلي بن أبي طالب، خاصة وان كتاب (المدينة بين الماضي والحاضر) لمؤلفه إبراهيم على العياشي وهو من أهل المدينة المنورة يشير إلى إن عادة حفر الآبار ووقفها لفقراء المسلمين كانت عادة أهل المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم،. وفي كتاب (موسوعة الحج والعمرة) وهي موسوعة عصرية ميسرة تحتوي على شرح واف لأكثر من 700 مصطلح من مصطلحات الحج والعمرة باللغتين العربية والانجليزية لفضيلة الدكتور قطب مصطفى سانو، عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي وأستاذ الفقه وأصول الدين ومدير المعهد العالمي لوحدة المسلمين التابع للجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا،( آبار علي: اسم يطلق على ذي الحليفة، وذو الحليفة هو أحد المواقيت المكانية للإحرام لأهل المدينة المنورة ولمن أتى عليه من الحجاج والمعتمرين ، وقد ورد ذكره في الحديث الذي حدد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المواقيت المكانية، وسمي ذو الحليفة بآبار علي لأنه كان فيه البئر المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه) |
الدكتور علي بحر الدين علي دينار :
Quote: فمع التأكيد بكون مسمى "آبار علي" هي سابقة للسلطان علي دينار، فارتباط اسم علي دينار بهذه الآبار يمكن إرجاعه أيضاً لدوره في صيانتها وتجديدها خدمة في راحة الحجيج. فصيانة الآبار و"تكحيلها" هو تقليد قديم ومتوارث في دارفور ومناطق السودان الأخرى العميق سبر غورها. |
مما سبق يتضح أن هنالك تطابق فيما ذكره الدكتور علي يحر الدين علي دينار والأستاذ سيف الدين عيسى مختار من أن مسمى "أبار علي" سابقة للسلطان علي دينار ) وذلك خلافا ما ذكره الدكتور صفوت حجازي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السلطان علي دينار والمحمل الشريف: حول أفضال السودان على البيضان (Re: محمدين محمد اسحق)
|
Quote: ولا أري من منغصة في عدم اشتمال المحمل على الكسوة، فالمحمل الشريف هو أيضاً فخار لم يتصدق به الكثيرون رغم قربهم المكاني من الديار المقدسة. |
عن الكسوة يقول الدكتور صفوت حجازي :
Quote: سلطنة مسلمة لها سلطان اسمه علي بن دينار, وهذا السلطان لما تقاعست مصر عن إرسال كسوة الكعبة أقام في مدينة الفاشر (عاصمة دارفور) مصنعا لصناعة كسوة الكعبة, وظل طوال 20 عاما تقريبا يرسل كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة من الفاشر عاصمة دارفور. |
الأستاذ سيف الدين عيسى :
Quote: لقد كانت الدويلات والإمارات المختلفة التي حكمت أجزاء من العالم الإسلامي تشعر بواجباتها تجاه خدمة الحرمين الشريفين وترسل من ثم الهدايا والعطايا والمكرمات الملكية، ومن تلك الدول بالطبع سلطنة الفور التي كانت تقدم المساعدات المالية لأشراف مكة القائمين على أمر الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت تلك المساعدة الدارفورية تسمى (صرة الحرم) وتحتوي على المساعدات المادية التي يقدمها سلاطين الفور ومنهم السلطان على دينار، وهذه المساعدات كانت تنقل ، إما عبر جمهورية مصر وإما مباشرة عبر سواكن. وقد حدثني الدكتور عبد الله عبد الماجد بأن محمل (صرة الحرم) السلطان علي دينار كان يتكون من غالب منتجات دارفور إضافة إلى الذهب والفضة، وكانت هذه المنتجات تؤخذ إلى مصر وتباع في الأسواق المصرية ثم ترسل قيمتها نقودا وذهبا إلى الحجاز. كانت مصر تنفرد بصناعة الكسوة حتى العام 1962م عندما بدأ المصنع السعودي في إنتاج الكسوة، والمحمل كمصطلح كان عبارة عن بعثة رسمية من الدولة صاحبة الهيمنة على أرض الحرمين الشريفين، وكان المحمل يحمل إضافة إلى الكسوة رواتب موظفي الشريف وزعماء القبائل الذين كانوا يستميلونهم بتلك العطايا تفاديا لغاراتهم على قوافل الحج، وفرمانات عزل الأشراف وتوليتهم، والمعونات لسكان الحرمين الشريفين.......... سلاحا تشهره أحيانا ضد أشراف مكة إن هم أرادوا الاستقلال بحكم ........ وقد توقفت مصر عن إرسال الكسوة منذ العام 1962م، من هنا يتضح بأن السلطان على دينار لم يقم بصناعة كسوة الكعبة |
الدكتور علي بحر الدين علي دينار :
Quote: وبعد زوال الدولة العباسية في القرن الثالث عشر الميلادي تقاسمت مصر واليمن شرف كسوة الكعبة على وثائر غير منتظمة إلي أن انفردت بها مصر منذ منتصف القرن الرابع عشر الميلادي بصناعة وإرسال كسوة الكعبة، و التي تخصصت في حياكتها وتزيينها العديد من القري والدور المصرية، إلي أن انتقلت صناعتها في أوائل الستينات إلي مكة المكرمة حيث تم تشييد مصنع خاص بكسوة الكعبة يعمل فيها الآن أكثر من مائتي عامل سعودي لأكثر من عشرة أشهر لإنجاز المهمة. ومما تقدم يجب التفريق بين المحمل الشريف وكسوة الكعبة، فكسوة الكعبة يتم تسييرها في المحمل، وليس كل محمل هو حاوٍ على الكسوة. ويمكن إرجاع هذا اللبس بين المحمل والكسوة إلي (1) كون أن كسوة الكعبة كانت ترد في معية المحمل وهي قد كانت الوسيلة الوحيدة المتوفرة للسفر الأرضي حينها، (2) بما أن محمل دارفور كان يحوي أيضاً على كساوي لخدام الحرمين الشريفين وأهل المدينة، فربما قد إختلط هذا الأمر لاحقاً لدى الكثيرين في عدم التفريق بين كسوة الكعبة القادمة من مصر، والكساوي في المحامل القادمة من دارفور. لم ترد الإشارة في مكاتبات على دينار إلى قيامه بكسوة الكعبة، فمصر وحدها ولقرون خلافاً لكل الدول الإسلامية قد أنيط لها ذاك الشرف. إلا أن هذا لم يمنع الكيانات المسلمة في شتى بقاع المعمورة من إرسال محاملها إلى الديار الحجازية. ولا أري من منغصة في عدم اشتمال المحمل على الكسوة، فالمحمل الشريف هو أيضاً فخار لم يتصدق به الكثيرون رغم قربهم المكاني من الديار المقدسة. |
كذلك يتضح أن هنالك تطابق في قول الدكتور علي بحر الدين علي دينار و الأستاذ سيف الدين عيسى فيما يختص بدور السلطان علي دينار في كسوة الكعبة الشريف.
| |
|
|
|
|
|
|
|