|
|
 رسالة إلى الأنثى التي أعشق (13)
|
رسالة إلى الأنثى التي أعشق(13)
د. ابوبكر يوسف إبراهيم
سيدتي...
آن وقت الرحيل من بشري ... بشري التي شهدت أولى خطوات قصة عواطفنا التي كنا نكتم ، بالتأكيد أن رحلة العودة لن تكون مثلما رحلة الحضور إلى هنا ، فما كان بيننا وقتئذٍ عواطف حبيسة ما أراد أياً منا الإفصاح عنها لأسباب يحفظها ويقدرها كلٌ منا حسب ما يعتبره تحفظاً أنها ربما تقطع شعرة معاوية التي نري لها أن لا تنقطع وهي على أقل تقدير أن نظل نلتقي كل خميس في صالونك!!
رحلة العودة برأيي ستكون مختلفة لأنه وعلى الأقل من جانبي بدأت أخاف عليك حتى من ( الهوا الطاير) كما يقولون ... شغوف بك ومتلهف على بقائك بجواري كأنني طفل تشبث بصدر أمه الحنون.
وبعد أن ودعنا مضيفونا وشكرناهم غادرنا وبدأ (جورج) رحلته وهو الذي خبر مسالك الجبل قلت له نزيد أن نسلك الطريق الآخر الذي يمر ببعلبك وبنت جبيل وزغرتا ... هنا سألتني عن ( زغرتا) من أين جاء هذا الإسم وهل هو من الزغرودة فقلت لك من كلمة (صغرتها) ولها قصة رويتها لك ... أي هذه المرة سيكون دخولنا إلى العاصمة عن طريق بيروت الغربية وليس عندما حضرنا كان خروجنا من بيروت الشرقية... كل هذا لأني أريدك أن تلمي بأرجاء لبنان ونواحيه.
المهم وصلنا بيروت بين العصر والمغرب . طبعاً أنت ساكنة في الضاحية الجنوبية وأنا في الروشة والمسافة بينهما ليست ببعيدة نسبياً لولا عَشْقَتْ السير كما يقول اللبنانيون!! ووصنا أمام نزلك وكان الوعد أن نلتقي في تلك الليلة لنتمشى في شارع الحمراء الذي كان في الماضي أي قبل الحرب مكاناً للهو حيث كانت تعج يومئذٍ جنباته بالكازينوهات والنوادي الليلية أما اليوم فأصبح الشارع التجاري الذي تعرض فيه جميع ما تحتاجه المرأة من الموضة سواء كانت ماركات أصلية أو مضروبة!!
جورج سيحضر إليك في الثامنة حيث نلتقي هنا في الروشة روك ومن ثمّ نتحرك إلى شارع الحمراء ، كنت في أبهى حلة من الأناقة والجمال وأنت ترتدين بدلة من الجينز الأزرق الفاتح أظهر مفاتن أنوثة مكتنزة وجمال زان الملبس كنت عندئذٍ أنتظرك في البهو ... كنت أترقب حضورك بلهف منقطع النظير وما أن رأيت إطلالتك حتى أسرعت نحوك مرحباً وقد علت ملامحي السعادة والفرح وبدلاً من أن نخرج على الفور دعوتك لتناول نوع من أنواع عصيرالكوكتيل الذي ينفرد به هذا النزل وإسمه ( بيروت إسبيشال)... أولاً لأن لبيروت هذه المرة خصوصية خاصة بالنسبة لي ولأن أسم هذا العصير يؤكد هذه الخصوصية . ما زلت أذكر لون الروج الذي كان على شفاهك ( وردي غامق) بلون الحذاء وحقيبة اليد ؛ إختيار يدل على ذوقٍ رفيع ربما يعكس الحالة النفسية التي تعيشينها. أما أنا فقد إخترت أن ألبس قميص يغلب عليه اللون الكبريتي ويقول الذين يفسرون الألوان بلغات الحب أنه تعبير عن عمق الحب والإحساس به!!
تحركنا إلى شارع الحمرا ... تمشينا فيه ووقفنا أما فترينات العرض وفي هذا الأثناء لفت نظري محل يعرض فقط فساتين الزفاف وأعجبني أحد هذه الفساتين وقلت لك :-
- رأيك شنو في الفستان ده؟
- شيك وجميل ولونه رائع
- أيه رأيك أشتريه؟
- إنت قررت تتزوج؟!
- يسمع منك ربنا ... على الأقل بديت أحب وبتمنى أتزوج البحبها.
- الحصان قبل العربة ولا العربة قبل الحصان؟
- ياستي لا يهم من الأول البيضة قبل الفرخة ولا الفرخة قبل البيضة!! المهم أن يكون في الحياة أمل جميل يعيش عليه الإنسان؟
- وإنت عارف مقاس حبيبتك ؟!
- مقاسك بالظبط!!!
- أنا عارفه إنت بتقصدني أنا ... ولكن أحسن نتأنى شوية أنا خايفة بكرة تملني وأنا ما عندي إمكانية أعيش مأساة جديدة كفاية التجربة السابقة.
- كلامك جميل وأنا ما حأستعجلك وأخدي الوقت الذي يكفيك للتأكد من مشاعري نحوك لأني متأكد منها بالرغم من أني أصبحت متأكد من مشاعري نحوك لأني عايش حبك قبل ما أبوح ليك بيهو ومشاعرك أنا أصبحت واثق منها جداً. بعدين يا ستي خلي الفستان محفوظ لحدي ما يجي وقتو !!
دخلنا المحل وقست الفستان وكان لتلك السيدة التي تدير المحل وساعدتك في القياس تعليق أعجبني حين قالت: ( شو كأنه مفصل عليكي تماماً وذقك كثير حلو ... شو نوع الطرحة طويلة وسط أم قصيرة ؟)!! فما كان مني إلا أن قلت لها أطول طرحة ممكنة أنا عاوز كل بنات الأهل الصغار يحملونها لها... فضحكت السيدة وقالت:-
- إذا بتريدوا ... أنا حشرية إنتو متجوزين ولا حتتجوزوا؟
- لا يا ستي نحن بنحب بعض من زمان وقررنا هلا نتجوز لما شفنا الفستان في الفترينة وقبل ما ندخل المحل!!
- قالت ممازحة: شو هي أسرع قرار جواز في الدني !! ... الرجال في لبنان صعب تطلع منو كلمة بدي أتجوزك ... فين لما يقولها...ما يقولها إلا عم بنكون قربنا على المعاش!!
بدأ ما بيننا من مشاعر وعواطف حميمة تتطور بخطوات متلاحقة ... نوع من الحب الهاديء الرزين والرصين حب جمع بين إثنين مرا بظروف ربما تكون متشابهة مع إختلاف تفاصيلها ، وما كان أن قلت:-
_ ممكن وإذا ما فيها إحراج تحكي لي عن تجربتك الأولى؟
- والله أنا الموضوع ده ما بحب أتكلم عنه لأنه أصبح من الماضي أما لو كنت عاوزة تعرفيهو فأنا بفضل تسمعيهو من غيري لأن شهادتي مجروحة ثم أنا قلت ليك قبل كده أنا لن أعيب في أم أولادي وما مضى فقد مضى ونحن أولاد النهارده .. أما لو كان عندك شكوك وظنون معينة فمن الأحسن أن تزلليها من خلال إحتكاكك بي ومافي داعي نفتح صفحات إنتهت... وعندما تتأكدي إن كان لديك مخاوف من شيء ما أنها زالت عندها قرري.
- لا يا أخي أنا بجد لما شعوري بدأ يتشكل نحوك ما فكرت في كلامك ده ولكن سؤالي كان بدافع فضول مني وبصراحة كان التساؤل ليه إنسان برقتك ورهافة حسك وصدقك حياتو ما إستمرت وليه ما أديتو نفسكم فرص ربما ما كان إنتهى الوضع إلى ما إنتهى.
- يا ستي لو كان في أمل في الإستمرارية ما كنت عايش وحيد عشرة سنوات، وكمان أنا ما فكرت في حكاية الرجوع دي لأن المسألة كانت قناعة مشتركة فكان أحسن لي وليها علشان يكون حبل الود متصل وحتى لا يتأثر الأولاد.
_ يا ستي أنا وإنت في سن ناضجة و أعتقد إننا عاوزين نعيش ما تبقى لنا من عمر في سعادة وراحة بال نتبادل الإهتمامات المشتركة ونعيش الحياة كما ينبغي ، والأولاد الكبار إعتمدوا على نفسهم والباقي الصغير وهو في المتوسط .
- أسالك سؤال إنت بتفكر فرضاً يعني لو إتزوجنا إننا نجيب أولاد؟
- الموضوع ده يرجع ليكي إنت تقرريهو لأني أنا عندي أولاد المهم إنت عندك رغبة للأمومة .. وإن كانت دي رغبتك وده بيسعدك أنا يهمني سعادتك!!
- أكون صريحة معاك وحتى ما تقول إني خدعتك ... أنا في تجربتي الأولى لم يرزقني الله بأولاد مش علشان أنا ما عاوزة ولكن عشان ربنا أراد وأن قناة فالوب عندي مسدودة وإتعالجت ولكن دون أمل وربما كان دا واحد من أسباب عدم إستمرار التجربة الأولى ... كمان أنا حسه في النصف الثاني من العقد الخامس ومسألة الأمومة فقدت مقوماتها ، طبعاً حتى لو كان ممكن فمن غير المعقول أن أربي أولاد في أنا في السن دي وإلا أكون حكمت عليهم باليتم من الآن!!
- شوفي يا ستي الموضوع ده مفروض ما يشغل بالك ولو إنت عاوزة عدم الإنجاب ده تختيهو كشرط فأنا أصلاً ما عندي مشكلة وأتفق معاك فيهو.
- يعني ما يجي يوم تنبذني وتقول لي يا عاقر زي ما مر عليّ في تجربتي السابقة
- يا ستي أنا ربنا أداني ثلاث أولاد وبنت يعني الموضوع ليس ذو أهمية لدي وليس في إعتباراتي ولا حساباتي وكمان أنا بقوليك حتى لو كان ما عندي أولاد فحرام نجيب أطفال ونحن في العمر ده... وبعدين كفاية الكلام في الموضوع ده. بقوليك إنتِ حسه ساكنه في الضاحية وأنا في الروشة المفروض يا ترحلي تجي الروشة واللآ أنا أرحل للضاحية. بالمناسبة الروشة روك مش فندق هي نظام شقق وأنا ماخذ شقة فيها غرفتين نوم رأيك شنو ترحلي إنت وبعدين حنكون مع بعض طالعين نازلين وأقدر أفسحك في بيروت كويس. وليك غرفة ولي غرفة وتجمعنا غرفة المعيشة !!
- والله فكرة ما بطالة وإنت عارف إنو نحن لو كنا في بلد بيعرفنا فيهو زول ما كان ممكن نسكن مع بعض لو ما في شي رسمي يجمعنا ولكن بلد ما بلدك أمشي فيها عريان طبعاً أنا بقول ليك الكلام ده من باب الهزار لكني طبعاً واثقة فيك وفي أخلاقياتك ونبلك.
سيدتي ... في الغد نواصل.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
Muna Khugali
Adil Osman
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست