|
Re: بيت المقدس ... واحة للأرواح (Re: قرشـــو)
|
زيارة كنيسة القيامة: ودخلنا كنيسة النصارى القديمة التي من زمن الجاهلية المسماة بالقيامة ورأينا فيها موضعاً، ورأينا فيها من الزينة والزخاريف وأواني الفضة والذهب، من قناديل ومغارز وأمياز مصفَّحة، وغير ذلك من التصاوير والتماثيل شيئاً عظيماً. وبزعمهم أنه الموضع الذي قتل فيه سيدنا عيسى عليه السلام، وحاش الله من ذلك، حتى الدم مصوَّر، وموضع ما دفن صورةُ قبرٍ حجرٍ مثل الكهرب وعليه شيء كثير ما ذكرته، وصورة سيِّدتنا مريم عليها السلام في صباها، وعليها من اللباس والحلي والجواهر ما لا يوصف. الحاصل أن العقل لا يسع ما رأيناه، يعجز الواصف عن وصفه. ورأينا في هذه الكنايس نصارى الحبشة، ورأيناهم يصلون منهم القايم ومنهم الجاثي على ركبتيه، وهم صموت على كثرتهم لا تسمع لهم حساً غير صوت القرَّاءِ. وحرّاس هذه الكنيسة مسلمون متوارثون لها من سابقٍ، من مدَّة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، على هذه القاعدة هو الذي أقامهم، وأبقى هذه الكنيسة لهم كرامة لهم، لأنهم سلَّموا له البلد من غير حرب، وأمر المسلمين أن يحرسوها لهم، وثبَّت ذلك على ما كان. هكذا أخبرونا. والقناديل والمشاميع لم تزل موقدة فيها ليلاً ونهاراً، وفيما أظن ليس عندهم كنايس أفخر من التي رأيناها في القدس، ولا أكثر مالاً منها. لأن جميع ملوكهم تهدي إليها الأموال الجزيلة. هكذا أخبرونا. وكنايس كثيرة في القدس بل الاعتماد عندهم على التي ذكرناها.
قلّة من المصلين: واتفق لنا يوم الجمعة في القدس، ورأينا المسلمين في صلاة الجمعة قليلين نحو أربعماية نفر، زايد قاصر، والمسجد خالٍ منا، كأنها صلاة جمعة من قلَّةِ المسلمين في ذلك المحل، والله المستعان، الدِّين غريب وسيعود، كما بدأ، وقبر نبي الله سيدنا العزيز عليه السلام خارج البلد، بعده عن البلد مقدار ساعة إلا ربع، ورأينا كهفه الذي كان يتعبد ويسكن فيه، على قولهم، قرب قبره، وسيدنا موسى كليم الله، على نبينا وعليه أفضل الصلاة والتسليم، قبره بعيد عن البلد بمقدار أربع ساعات ونصف إلى خمس ساعات، وطريقه صعبة مخيفة يسيرون له بعسكر، ورأينا من كراماته حجراً في الموضع الذي هو فيه يتلظى مثل الفحم، يطبخون به، لأن تلك الجبال التي حوله عديمة من الشجر، ولم يتيسر الحطب للزوار. وربما لأجل ذلك صارت هذه الكرامة. ومن أراد أن يوقد ناراً يأخذ بعض الحطيبات الصغار بقدر ما يشب الحجر، ويطبخ به ما يشاء من المأكولات، ويشوي به اللحم المراد، إنه مثل الفحم، وله رايحة في النار، ورأيناه يلظي عياناً. ويذكرون أنه إذا خرج عن محل القدس بَطُلَ عمله، والله أعلم. وبالقرب من قبره قبر الراعي الذي كان يرعى غنم سيدنا موسى عليه السلام، وقبورهم في جوف المسجد، في محلٍّ واحدٍ، عليهم شبَّاك.
|
|
|
|
|
|
|
|
|