|
Re: بيت المقدس ... واحة للأرواح (Re: قرشـــو)
|
في صفة أرض الشام وعجايبها وقبور الأنبياء وبيت المقدس: وصلنا يافا ثاني يوم الساعة اثنين إلا اثنتي عشرة دقيقة من النهار، يوم الأحد السادس من شهر جمادى الآخرة. وهي بلدة صغيرة عليها سوران على بعضهما بعضا، ومن بعدهما خندق، وهي نسيج وحدها، فوق جبل، والبيوت فوق بعضها بعضاً، وشيء من الطرق للغرب، بنيانها أغلبه بالحجارة المنحوته، وفيها مدافع على الأسوار، وبنيان الأسوار مصفحة بالحديد. وهي بلدة قديمة وطرقها غير منصوبة، وضيقة، وسخة، وفيها صعود وهبوط. وأغلب البيوت والأسواق سقوفها بناؤها قوي. وعلى البحر عند الفرضة جبل داير على البندر وله طرق لدخول المواشي، ولا تدخل المواشي إلا من مواضع معلومة. والنزال من الماشوه إلى البنط، والمراكب ترسو بعيداً عن البلد. وفيها بساتين خارج الخندق وأغلبها نارنج مزنج وهو البرتقال، وغيره من الفواكه. وفيها جملة بيارق للنصارى لأنها بندر القدس، ولا بد من كل فرقة يكون لها بيرق، ورأينا المحل الذي نزلت به المائدة لبني إسرائيل عليه قبة. وفيها مسجد جامع كبير يقال له جامع أبو أنبوب فيه أروقة وخلاو، وباقي المساجد صغار. والفواكه فيها رخيصة، الذي في مكة بعشرين في يافا بعشر، الفرق قدر النصف. وفيها كنيسة خارج البلد يدعونها موضع سيدنا الخضر عليه السلام، ورأيناهم كيف يصلون في كنايسهم، أعني النصارى، صلواتهم قيام لا سجود لهم ولا ركوع، فبعضهم قيام على الأقدام يضعون متكأ تحت إبطهم، وبعضهم يجثون على الركب. وصيامهم في السنة ثلاث مرات، مرتين من أربعين يوماً ومرة خمسة عشر يوماً. والفواكه عندهم إذا أكلوها لا تنقض الصيام ولا بأس بها، والمذكورون نصارى الشام من العرب ليسوا من الإفرنج، بل إنهم ملَّة واحدة ولباسهم مثل المسلمين، ويتعجب الإنسان من أقوالهم وأفعالهم، أغلبها موافقة للمسلمين. واطلعت على تفسير كتبهم، بها أحوال كثيرة موافقة للشريعة، وبها مواعظ وحكم. وعرفت الفرق بين القسيسين والرهبان. القسيسون يخالطون الناس في الكنايس وغيرها، والرهبان المنقطعون في الصوامع لا يخالطون الناس. وأخبروني عن صفة ماء المعمودية، فلا يكون نصرانياً من لم يغتسل بماء المعمودية، وذلك إذا ولد المولود أتاه القسيس بماء في اناء وقرأ عليه الانجيل وما شاء من الأدعية وقضاه كوضوء الصلاة، ثم يغسله بذاك الماء. يفعل ذلك ثلاث مرات، وبعد ذلك يكون نصرانياً طاهرا لا ينجسه شيءٌ على حد زعمهم، وعلى كلِّ رأس شهر يمضي يدخل القسيسون الكنيسة وبعد صلواتهم يجعلون ماء في إناءٍ ويقرأون عليه، ثم يدورون به على المنازل يرشونها من ذلك الماء، ومن لم يحضر الكنيسة من النساء والأطفال وغيرهم. وأعلى درجة منهم البتاركة، وهم أكبر من القسيسين والرهبان، وجميع احكامهم في مذاهبهم ترجع إلى البتاركة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|