|
المناضل ابراهيم جابر المستكاوي يخرج للعمل
|
طرق علي الباب ،جمع ابراهيم الاوراق التي امامه بسرعة ، ازاح السرير قليلا ، رفع البلاطة التي هي تحت السرير ، وضع الاوراق داخل المساحة التي تحتلها البلاطة مخفية ذلك التجويف الصغير ، ارجع البلاطة الي مربعها ، راجع الموقف بعناية مكثفة ، اعاد السرير الي مكانه ، كانت هناك ورقة انفلتت من بين الاراق و استجابت بتلقائية لتيار الهواء الذي تحدثه المروحة فتحركت نحو تلك الزاوية من الحجرة ، طرق علي الباب ، اسرع ابراهيم بالتقاط الورقة الصغيرة ، طبقها ووضعها في جيب القميص ، خرج من الغرفة وهو متجه نحو الباب الذي امتص طرقة مصرة و توحي بانها الاخيرة ، غير ابراهيم رأيه في وضع تلك الورقة الصغيرة ، انحرف نحو الحمام ، رفع طوبة علي شباك الحمام ، وضع الورقة الصغيرة وارجع الطوبة الي مكانها ، فتح الباب " ازى الحال " "آهلا وسهلا ، أتفضل " "لا ، معليش مستعجل شويه " " كدي قول خير " " لا معليش - خير السيد بقول ليك بكرة تجي تتغدي معاهو" "شكراً جزيلاً " "طيب مع السلامة " تابع إبراهيم ذلك الشاب بنظرات مريبة ، هم في داوخله "غداء ،أيوة جميل " .أغلق الباب ، أخذ من الشباك، شباك الحمام الورقة الصغيرة بعد أن رفع الطوبة التي كانت تخفيها و أرجعها ألي مكانها ، وضع الورقة في جيب القميص ، دخل الحجرة، تناول تلك المفكرة الخضراء ، تناول القلم ، كتب علي المفكرة "خير السيد يدعوني للغداء ، الأمر مريب جداً ، لابد من التعامل الحذر مع هذه الوليمة، اعتقد أنها وليمة مفتعلة ، هذه الدعوة لا تخلو من عناصر مؤامرة ،ترى لماذا يدعوني أنا بالذات؟ لابد من الحذر" . أغلق مفكرته و ابتسم ساخراً ، أخرج تلك الورقة الصغيرة من جيب القميص ، فردها بين أصابعها وقرأ بصوت مشحون وعميق : - " لو لقيت السلطة مره كنت وزعت الفنادق لي محمد وعيسى واقرع كنت فتحت المطاعم لي كل جايع حلمو يشبع" ضجت في الداخل منه الهواجس ، انتابه ذلك الخوف الأليف و المعروف ، أزاح السرير من مكانه ، رفع تلك البلاطة ، أخرج الأوراق من ذلك التجويف ، تردد، ارجع الاوراق ألي مكانها ،البلاطة ألي مربعها ، السرير ألي مكانه نظر ألي تلك الورقة الصغيرة ، دار في الحجرة حتى وجد علبة الكبريت جلس علي الكرسي، أشعل عود الثقاب وقربه من الورقة الصغيرة المعلقة بين إصبعيه ، اشتعلت الورقة وتحول ذلك البياض ألي سواد ،نفخ من أنفاسه علي ما تبقي من لهب فتنناثرت الورقة المحروقة ألي نفايا سوداء بعثرها هواء المروحة علي جميع أنحاء الغرفة ، حاول أن بتذكر ما كان مكتوباً علي الورقة، لكن ، ذاكرته لم تستطع أن تتجاوز الجملة الأولى فقط، كأنه بحرقه تلك الورقة الصغيرة قد حرق أيضا ما تعلق منها بالذاكرة .
|
|
|
|
|
|