|
اللحيمر ،،، صبي حبوبتي أم العندو
|
حبوبتي أم العندو ، وكنا نناديها بحبوبتي ) عندو ) ، ولم اكتشف أن اسمها يتكون من جزئين إلا بعد أن بلغت العشرين من عمري ، بعد أن اصابتني حالة التساؤل عن كل ما حولي ،، كانت حبوبتي ( عندو ) شيخة الإنداية في قريتنا في ذاك الزمن الذي سبق فعل المعتوه نميري حين شعر أنه شبع من المريسة والعسلية ، وأنه قد آن الأوان للتوبة ، وأنه لن تتحقق التوبة ما دامت هناك أنادي مفتوحة ،، فالخوف من الانتكاسة كان دافعه لإغلاق الأنادي في كل البلاد ،، مالنا والمعتوه نميري هنا ؟ حبوبتي ( عندو) كانت مثلها مثل صاحبات كل الأنادي تستعين ببعض العمالة لإنتاج المريسة بشكل تجاري ولتقديم الخدمة للزبائن على الوجه الأفضل ، فكان هناك من يقوم بإعداد السورج ، والزريعة ، وتعبئة البراميل ، والتصفية ، وترتيب البنابر ، وتقديم المريسة ، وإعداد كوانين الشية ، وطهي اللحم بأنواعه ، وهناك من يقوم بتجهيز متطلبات الزبائن من تقطيع كبدة الإبل ، وإعداد بصلها المشقق ، وطحن الشطة الخضراء ، وخلطها مع الدكوة والأتّي والليمون ،، لكن أهم من تستعين به كل صاحبة إنداية هو ذلك الشخص الذي يعتبر مسئولا عن الأمن في الإنداية ،، وقد كانت صاحبات الأنادي يستعنّ بالرجال السمر الشداد الغلاظ باعتبارهم ذوي سطوة وعيون حمر يخشاها كل من تسول له نفسه تعكير جو الإنداية ،، إلا أن حبوبتي ( عندو ) قد خالفت هذا الحال ، واتخذت اللحيمر معينا لها للقيام بهذا العمل ، وهذا ليس اسمه الأصلي ، لكنه اسم أطلقته عليه حبوبتي (عندو ) منذ صغره نسبة لاحمرار لون بشرته ، ولنحافة جسمه تم التصغير ، فسمي اللحيمر بدلا عن الأحمر ،، ولأن أنداية حبوبتي ( عندو ) كانت الأكبر بين أنادي قريتنا ، ولأن حبوبتي ( عندو ) كانت الشيخة على كل الأنادي ،، فقد كان اللحيمر هو الشخص الأشهر بين ( رجال الأمن ) في إنداية قريتنا كلها ،، وحقيقة قد فات عليّ أن أسأل ، من ذا الذي جعل حبوبتي ( عندو ) شيخة على كل صاحبات الأنادي ، وهل تلك الصفة كانت صفة رسمية أم شعبية أم أنها بوضع اليد .. أما اللحيمر فقد تساءلت عنه كثيرا ،، وقد كان أجمل رد تلقيته كإجابة لتساولاتي المستمرة عنه هو رد خالي إدريس ، حين قال لي : إنت مالك بتسأل من الزول ده كده ، داير تعرّس ليهو بتك ؟؟ روايات عديدة تروى عن اللحيمر في قريتنا ،، بعضهم يقول إنه جاء هكذا فجأة ، وكأنه نزل من كوكب آخر ومباشرة إلى وسط الإنداية ، فالتطقته حبوبة ( عندو ) ، وأصبح جزءا من القرية ،، وبعضهم يقول أن اللحيمر جاء من المدينة المجاورة ، هاربا من تبعات جريمة ارتكبها ، ووجد في إنداية قريتنا مخبأ وملاذا أبديا له ،، وبعض ثالث يقول أن اللحيمر ينتمي إلى بعض ( الترك ) ويقصدون الأتراك ، ويقولون أن عائلته تركت المنطقة ، لكنه رفض الانتقال معهم وبقي هنا في القرية التي ولد فيها ،،
|
|
|
|
|
|
|
|
|