|
Re: الحاج وراق وعصابة الانقاذ الحاكمة (Re: Abdelaziz)
|
مسارب الضي إشارات متناقضة!!
الحاج وراق
* من الافضل للانقاذ ان توطن نفسها بأنها لا تستطيع ان تواصل ذات النهج القديم في الظروف الجديدة! وقد كان النهج القديم آحاديا واقصائيا، فاذا اقرَّ بالتعددية الدينية او الثقافية او السياسية، فإن هذا الاقرار لم يكن يتعدى الاقرار اللفظي الى مستوى الممارسة العملية... وبطبيعة النظم الشمولية فإنها عادة ما تعلن خلاف ما تبطن وتمارس نقيض ما تدعي! وقد لخصت شعوب المنطقة خبرتها مع النظم الشمولية في التشبيه الشائع بأنها كعربة مخاتلة «تؤشر يسار وتخزن يمين!» والتشبيه من ايام الفتك بالحريات تحت غطاء شعارات اليسار. وفي النهاية فإن الطغيان ـ وغض النظر عن شعاراته ويافطاته ـ ملة واحدة! والانقاذ التي قررت المضي قدما في مشوار السلام، عليها ان توقن بأن للسلام استحقاقات واجبة السداد. وهي بالقطع خصما على النهج الاحادي الشمولي. حيث انه وعلى عكس تجارب الانقاذ السابقة فإن «الآخر» القادم بالسلام ليس كمثل «آخر» التوالي المصنوع ـ آخر التوالي لم يكن سوى صورة مرآة للذات، تتملى فيها لتشعر بالزهو والخيلاء! ولكن الآخر القادم آخر مختلف حقا ـ فشل معه الاخضاع بالقوة وليس من سبب يدعوه الى قبول القبوع تحت الإبط طوعاً! * وعليه فإذا اختارت الانقاذ السلام، فعليها ان توطن نفسها على قبول المغايرة والاختلاف... مثل هذا الاستنتاج يكاد يكون في حكم البداهة. وكان المأمول ان مؤسسات الانقاذ من الذكاء الكافي لالتقاط هذه البداهة!! * ولكن على النقيض من ذلك، فإن الافعال الملموسة «تؤشر» في اتجاه مغاير تماماً: * اوقفت صحيفة «خرطوم مونيتر» عن الصدور، المنبر الجنوبي الوحيد في البلاد. والمتنفس الوحيد للجنوبيين للتعبير عن همومهم ومطالبهم! ورغم ما يمكن ان يُعاب على خطها الصحفي الداعي للانفصال، فالحقيقة ان هذه الدعوة لم تعد وقفا عليها وحدها. ولا على الجنوبيين وحدهم. وللجنوبيين من المظالم والمرارات ما يعذر عند صدور مثل الدعوة عنهم، والأهم ان لها ـ ورغم خطئها ـ الحق في التعبير عن نفسها. وتستدعي الحوار والتفنيد لا المصادرة والاقصاء! * ثم لوحقت صحيفة «ألوان». والاستاذ حسين خوجلي ـ ولا احتاج الى ذكر خلافي الجذري معه ـ من اولئك الخصوم الذين ينشطون الذهن بعصف المحاججة والدحض، ومثل هؤلاء ضروريون لاي مناخ فكري خصب ومعافى. وبالتالي فإنه لا يضيق بهم سوى الكسالى ذهنيا، الذين يودون كسب المعارك الفكرية بأدوات غير فكرية!! * ثم أوقفت «الأزمنة» عن الصدور!! * واوقفت صحيفة «الصحافة» لثلاثة أيام بزعم انها تروج للخمر! ويفضح سيناريو ايقاف «الصحافة» ان المسألة لم تكن تتعلق بترويج «الخمر» . نشرت «الصحافة» اعلانا للخطوط الاثيوبية ويدعو للسفر على خطوطها التي تأخذ المسافر الى باريس حيث الفنون والآداب والمراكز السياحية كبرج ايفل و..... حيث النبيذ... ووردت كلمة النبيذ محشورة داخل الاعلان. ويحتاج التقاطها الى قراءة متفحصة وتدقيق بالغ!!. وربما يشير نشر هذا الاعلان بهذه الصورة الى «هفوة» تحريرية وهي هفوة مفهومة، باعتبار ان اللفظة اياها وردت في ثنايا مادة اعلانية، وباللغة الانجليزية. وعادة ما لا تدقق ادارات التحرير في قراءة المواد الإعلانية العربية، دع عنك الانجليزية! إذن فملاحظة مفردة النبيذ تلك تحتاج الى عين فاحصة ومدققة. ولكن تفسير ورود هذه اللفظة باعتباره ترويجاً للخمر لا يحتاج الى دقة الملاحظة وحدها وانما كذلك الى عقلية متربصة!! فالاعلان المذكور وكما هو واضح، يعلن للخطوط الاثيوبية. ومن بعد ذلك يزكي مدينة باريس للزيارة. وهو لا يدعو ولا يعلن لاي نوع من أنواع النبيذ! والترويج لغةً يعني تزكية سلعة ما للمستهلك. وهي مفردة على وزن «تفعيل». وهي صيغة لغوية تفيد الامعان في المداومة والتكرار.. وما من حكم متبصر يمكن ان يستنتج ان ورود كلمة واحدة لمرة واحدة في ثنايا مادة اعلانية عن خطوط طيران يشير الى خط صحفي منهاجي ومقصود للإعلان عن هذه المفردة!! ومما يؤكد التربص السياق الكامل لطريقة التعامل مع الواقعة: ففي نفس يوم نشر الإعلان تم استدعاء رئيس التحرير للمثول امام لجنة الشكاوى ليلا، كأنما حدثت كارثة ما لا يمكن تلافيها الا عاجلاً! واصدرت لجنة الشكاوى قرارها في ذات الليلة. وسلمت الصحيفة القرار في اليوم التالي مباشرة. ويقضي القرار بالايقاف لثلاثة ايام تبدأ من اليوم التالي لاستلام القرار!! فالواضح أن هنالك استعجالا غير مبرر. والواضح ايضا ان العقوبة لا تتوازى والواقعة المحددة، فهي على أسوأ الفروض «هفوة» لم تكن تستوجب سوى لفت نظر او تنبيه من المجلس واستدراك من جانب الصحيفة!! واذا سلمنا بأن «الصحافة» ارتكبت هفوة غير مقصودة، فإن مجلس الصحافة قد اقترف عدة خطايا واعية ومقصودة، خطيئة التفسير المتربص. وخطيئة التزيد ـ ان لم نقل ـ التشفي في العقوبة. وخطيئة تشويه سمعة صحيفة وضرب مكانتها في سلم التوزيع التي نالتها بأساليب منافسة مشروعة ونزيهة!! ويذكرني «تربص» المجلس بـ «الصحافة» باحدى طرائف المتربصين: حكى الاستاذ حسين احمد امين عن احد المتربصين. وكان يجأر بالشكوى من جارته التي يتهمها بالتهتك والفسوق، لانها تصر على ارتداء الملابس غير المحتشمة! فلما ضاق زميله في الغرفة بشكواه سأله متضجرا: ولكني لم ارها كما تقول ابدا، فكيف رأيتها انت؟! فأجابه بأنه كي يراها متهتكة فعليه ان يصعد على دولاب الملابس وينظر من على النافذة ليرى الجارة المتهمة!! اذن فالتهمة لم تكن الا نتيجة الترصد والتلصص!! والذي يتدبر في مجمل الواقعة التي حدثت مع «الصحافة» لا يمكن الا أن يستنتج بأنه لو حدث ترويج حقاً للخمر فإن المجلس وليست صحيفة «الصحافة» هو المروج!! وعلى كل فإن الواقعة اضافة الى دلالتها على البيئة السياسية الحالية. وعلى طبيعة «القراءة» السائدة وسط مجلس الصحافة، فإنها كذلك تذكر بطبيعة تركيبة المجلس. وهي تركيبة معيبة تجعل من كاتب في صحيفة منافسة رئيساً لهيئة يفترض فيها الحيدة والموضوعية!! * ومن مجمل هذه الأفعال الملموسة، فالواضح ان مؤسسات الانقاذ بدلا من أن تجري «تمرينات» على التعددية المرتقبة، فإنها تواصل السير في ذات النهج الاحادي القديم. وهو نهج خلاف عيوبه، واضافة الى افلاسه، فإنه لن يفضي أبداً إلى سلام
المصدر
http://www.alsahafa.info/news/index.php?type=6&issue_id=60&col_id=5&bk=1
|
|
|
|
|
|