|
|
 دارفور من جديد..!نيكولاس كريستوف
|
صحيح أن الجندي الأميركي يتدرب على إطلاق النار على العدو، وأنه على استعداد للقيام بذلك، ولكن الأمر الذي لم يستعد له الشباب الأميركي، من أمثال برايان ستايدل، هو مشاهدة عمليات التطهير العرقي تجري أمام أعينهم بدون أن يتمكنوا من حماية المدنيين الذين يستغيثون بهم. وإلى ذلك، وإذا ما أراد الرئيس بوش معرفة ما إذا كان على واشنطن الوقوف بحزم أكثر ضد التطهير العرقي في دارفور، فأقترح عليه أن يدعو ستايدل إلى البيت الأبيض ليعرض عليه ما شاهده. وستايدل كابتن سابق في سلاح المارينز الأميركي يبلغ من العمر 28 سنة، وواحد من ثلاثة مستشارين عسكريين أميركيين في فريق المراقبة التابع للاتحاد الأفريقي في دارفور، ويشعر بإحباط شديد.
وبالرغم من أن تحركات الصحافيين والعاملين في مجال الإغاثة محدودة للغاية في دارفور، فإن ستايدل وباقي المراقبين يتنقلون بالشاحنات وطائرات الهليكوبتر للتحقيق في التجاوزات التي ارتكبتها الحكومة السودانية وميليشيات الجنجويد. وقد تعرضوا، في بعض الأحيان، لإطلاق النار عليهم، وفي إحدي المرات أخذوا رهائن، ولكنهم صمموا على المضي قدما في مهمتهم وأصبحوا شهود عيان على تلك الجرائم؟
والسؤال :هل هو تطهير عرقي؟
ستايدل يؤكد ذلك، ويقول إنهم التقوا في يوم من الأيام مع واحد من زعماء الجنوجويد فقال لهم: «إذا لم نسترد 4 جمال سرقت في عام 2003، فسنذهب إلى أربعة قرى ونحرقها، ونغتصب النساء ونقتل الجميع.».
ولكن الاتحاد الافريقي لا يملك القوات ولا الأسلحة ولا التفويض لوقف التجاوزات، كل ما يفعله هو مراقبة ما يحدث. وذكر ستايدل أن أكثر لحظة شعر فيها بالإحباط كانت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما هاجمت القوات السودانية قرية لابادو، التي يعيش فيها 25 نحو ألف شخص. وقد وصل ستايدل ووحدته إلى المنطقة في طائرة مروحية، ولكن الجنرال السوداني رفض السماح لهم بدخول القرية. وقال ستايدل: «كان أمر محبطا للغاية، مشاهدة القرية تحترق، وسماع أصوات طلقات النار، وعدم التمكن من القيام بأي شئ. لقد اختفت القرية تماما، وتحولت إلى بقعة سوداء في الأرض».
في المقابل يقدم الغرب أغذية ورعاية صحية تبقي على مئات الألوف من الأشخاص على قيد الحياة. ولكنه مع ذلك يبدو وكما لو أنه يدير عملية التطهير العرقي ولا يوقفها. ويقول جان انغلاند، مساعد السكرتير العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: «إن العالم مخذول في دارفور، لأن كل ما نفعله هو استخدام البطاقة الإنسانية، ومشاهدة المذابح».
ومع أن الرئيس بوش يدعو لفرض عقوبات، إلا أن الدول الأوروبية، مثل فرنسا، تنظر لمثل هذه الفكرة بفتور مخز، بينما تقف الصين موقفا معاديا تماما، وتلعب نفس الدور الذي لعبته في عمليات التطهير العرقي بالنسبة للخمير الحمر. وللعلم فقد استقال ستايدل من منصبه مع الاتحاد الأفريقي، ولكنه ينوي الاستمرار في العمل في دارفور.
من جانبي أجد نفسي ميالا لتوجيه اللوم للرئيس بوش، ولوم آخر أكثر لقادة الدول الأوروبية والعربية والأفريقية، بسبب سلبيتهم جميعا. ولكن علينا أن لا ننسى من ناحية أخرى، أن إذعان قادتنا لمثل هذا الواقع المخزي، إنما يعود في جزء منه إلى سلبيتنا كمواطنين. ذلك لأنه، وإذا ما كان للناخب الأميركي أن يولي مثل تلك الجرائم نفس درجة الاهتمام التي يوليها لمحاكمة مايكل جاكسون، فسيكون من الممكن أن نتوقع استجابة من نظامنا السياسي. وفي هذا الاتجاه فإن واحدة من الخطوات المهمة تكمن في إقرار قانون محاسبة دارفور، الذي قدمه يوم الأربعاء كل من السناتور جون كورزيني وسام براونباك، ويدعو مشروع القانون الى تحركات مطلوبة بشدة، مثل زيادة قوة الاتحاد الأفريقي وتأسيس منطقة حظر طيران عسكري لوقف الحكومة السودانية من قصف المدنيين.
وأخيرا، كما قال مارتن لوثر كينغ: «إن عدم إنسانية الإنسان تجاه أخيه الإنسان ليس ناتجا فقط من التصرفات الحادة والمريرة لأناس سيئين، بل انه أيضا نتاج للتراخي من قبل الأشخاص الجيدين».
* خدمة «نيويورك تايمز»
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
jini
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست