الرواية التى جاءت من مضارب قبيلتنا ( اللحويين ) أعادنا بها البكرى لمقام الطيب صالح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 01:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-23-2005, 03:32 AM

abookyassarra
<aabookyassarra
تاريخ التسجيل: 02-11-2002
مجموع المشاركات: 789

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الرواية التى جاءت من مضارب قبيلتنا ( اللحويين ) أعادنا بها البكرى لمقام الطيب صالح

    الرائع حتى الإرتقاء
    المشبع حتى الإنتشاء .. الروائى الفائز بجائزة الطيب صالح
    حلق بنا فى بوادى ومضارب أهلنا اللحويين .. ومن جاورهم من العربان
    بلغة .. ونص .. وسرد .. وحكاية ..من عوالم أقرب للمساحات التى نحلم بها ..وحتى يكون الحديث عند أهله أدعوكم لما كتبه عمالقة النقاد لدينا فى ذلك عبر ( الراى العام السودانية) و( الوطن الكويتية) :

    أحوال المحارب القديم :

    كيف يمكن أن ( يفرم) نص بهذا الجمال؟!

    بقلم أحمد يونس مكنات

    بريدالكتروني : [email protected]

    «كانت مفاجأة لي أن أقرأ لكاتب لأول مرة وأجد لديه هذه القدرة الإبداعية الفائقة والبراعة والإتقان والمعرفة الكبيرة جدا بتقنيات الرواية وهذا يبين أن الجائزة أضافت كاتبا روائيا ممتازا للمشهد الروائي السودان»

    ـ القاص والناقد عيسي الحلو أحد محكمي جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي ـ

    إستطاعت رواية حسن البكري «أحوال المحارب القديم» أن تنقل لي ذات الإحساس بالمفاجأة، لم أستطع النوم ليلتها قبل أن إكمل قراءتها ! لقد أعادت لي الشغف القديم بالمروي والمحكي ، وذكرتني أيام إكتشاف القراءة لأول مرة ، تلك التي يدركها مدمنوا القراءة جيدا ، تماهيت في النص حتي ظننتي خليفة ود منصور اللحوي ، وحين انتقل بي الحال من الدهشة الي الإعجاب إكتشفت القدرة المدهشة علي الحكي ، وعلي المزج المراوغ بين الحقيقة والخرافة.

    استخدمت الرواية كل أنحاء السودان مكانا ومسرحا لها، علي الرغم من أن أحداثها ترواح بين البطانة والنيل الأزرق و( جبل موية)، إستطاع الروائي بلغه شاعرية أن ينقل السودان وأحداثه من كل تلك الجهات الي تلك المنطقة الوسطي ، واستطاعت اللغة نقل هذه الوسطية دون أن تبذل جهدا عضليا في الإنتقال من مكان الي مكان، ووظفت إمتزاج الأحداث في الوسط الجغرافي وخلقت منه وسطا روائيا ، تنتقل فيه الأحداث ببراعة ودون إرهاق القاريء ومطالبته بتجوال في تلك الجغرافيا المليونية ، بل أستطاع أن يجلب اليه أمكنة ذات علاقة تاريخية بمكان روايته دون أن يحتاج لهدهد سليمان ـ هل إحتاجه ؟ ـ وأن يدخلها في نسيج جغرافيا الرواية فتبدو جزءا أصيلا منها . (أنا خليفة ود منصور اللحوي الفونجاوي العنجي ، والدي مقدم خفر الشيخ مساعد أبسن ، شيخ أعراب اللحويين ، وأمي حاجة أم زين النقرابية التقلابية وهي سليلة بيت عز وشرف بنواحي جبال الفور ، الجبال التي حدثتكم عنها جدتي في أسمارها البدرية الشهيرة ، ها أنا ذا في عشرينات عمري تجتاحني وساوس لا أجد إلى لجمها سبيلا في بادىء أمري ظننت ان نسيانها في تفريقها بملازمة متع الدنيا واغتراف مباهج الوجود ، ولعلي أصدقكم القول قد وجدت في ذلك بعض عزاء لكنه عزاء عابر لا يلبث ان يزول ويتركني نهب المخاوف والشكوك ، مرة بعد مرة منذ بعيد موسم تجفيف قواسيب النال يتكاثف فزعي السحيق العريق ، غارق في وساوسي قلت ان اللعنة إنما زاد أوارها كدر الخروج من نعيم الخريف إلى مرارات الدرت أوان ذبول تيجان زهور التبر ويباس سيقان الدنكوج الباسقة الراسخة لكن جاء عليّ زمان بت أتقلب فيه بفراشي الليالي الطوال لا يجد الكرى سبيله إلى جفني).

    زمن الرواية علي الرغم من إتساعه وإمتداده علي فترات متباعدة ، إلا أن التعامل المحكم والتحكم المتقن في أدوات السرد جعله متماسكا ومتصلا لا تحس فيه بأية تذبذب ، فحين ينتقل السرد الذي يمتد زمانيا من السلطنة الزرقاء مرورا بالتركية فالإستعمار الثنائي وصولا لمراحل ما بعد الإستقلال والإخفاقات التي تحتاج لأكثر من الفكي (هرون)، في هذه الرحلة الزمانية الطويلة إستطاع البطل أن يندمج فيها ويسيطر علي أحداثها كأنة لا يعيش في كل هذا العمر الطويل. أهو جنرال آخر بعمامة ، ووسط متاهات زمانية ومكانية كثيرة التعقيد؟!

    استخدم البكري تقنيات كتابة أبرزت ثراء مخيلتة الروائية ، وإدراكه الذي يكاد يكون شاملا للتراث والثقافة الشعبية ، بثرائها وقدرتها الأسطورية علي تجاوز عادية الإشياء، كما استطاع الإنتقال بين الإسطورة والواقع بسلاسة متناهية . فهو حين ينتقل من معارك المهدية في شرق البلاد الي أواسط مناطق الحلاوين ، لا يلحظ القاريء إرتباكا في السرد ، ولا يحس بإختلال في موضوعية الحكي (عندما هبط حسين الطاهر بمقاتليه من جبال الحبشة ، خائضا الإوحال وشاقا غابات هشاب وادي صعيد القضارف الكثيفة ، ثم أراضي الشرق الحجرية البلقع ، لقطع طريق إمدادات الإحتلال بين سواكن وسهول البلاد الوسطي والعاصمة ، غابت الرضية عن الأنظار لليالي متتابعة)، إنها معركة تدور في زمان طويل وبلغة شائقة وتقنيات متقنة ، كأنها تصلح نموذجا لكل المعارك السابقة واللاحقة.

    منطقة جبال موية علي رغم انعزالها الجغرافي بفعل الإخفاق التنموي ، إلا أن إختيارها جغرافية للرواية كان اختيارا ناجحا ، فهي في غاية الثراء ومليئة بالحكايات والأساطير والعادات ، وتعج بالقبائل والمجموعات الثقافية، وتجسد التمازج والتعايش بين الناس في أبهي حالاته ، فالفكي هرون (الهوساوي)، يحظي بمكانة مرموقة بين أهل المنطقة ، بل تصل شهرته ومكانته لخارجها ، فيزوره طالبي الشفاء والمعجزات ، أنها جغرافيا يكتمل فيها السودان بكل أحلامه وطموحاته.

    كما إستخدم الروائي تقنية دمج البطل في الرواي ، فمنصور ود خليفة تارة يكون شاهدا علي الأحداث وتارة أخري يخلقها أو يختلقها دون أن يختل البناء السردي (قصصت علي كاقو أخبار الملازم بعد أن استمعت اليها لساعات متصلة تقرأ الألواح . فيما بعد ستطول القصص ، ليتأجل رحيلي لشهور طويلة ، فقد أهملت مطالبة الفكي هرون الإذن لي بالسفر . غدت مهمة إعداد وسرد أحداث مراهقتي باللبايتور تستحوذ علي تفكيري تماما ، ورغم ظني أن المهمة ستنتهي بإنقضاء شهور نقاهتي ، الا انني فصلت عدم الإستمرار في الحكي ، اذ راق الأمر لكاقو كثيرا إضافة لتمكن الوقائع بصيغتها الجديدة من وجداني الصافي الي درجة جعل التغافل عنها مستحيلا).

    الرضية بت حسين الطاهر بطل التحرير شخصية روائية ظلت حاضرة في ثنايا السرد كبطل ثاني لا يقل دوره أهمية عن دور البطل / الراوي ، ومع موازاة دورها في الرواية لدور البطل ، إلا انها لم تبطل بطولته ولم تتأثر بها وظلت تحافظ علي دورها في صناعة الأحداث ، وفي إلهام الراوي أحداث جديدة ، هل هي شخصية محورية أخري أم أن في الرواية أكثر من بطل؟

    كما يسمع في الرواية صوت تناص مباشر بين مريود الطيب صالح ، وتناص مباشر آخر بين السياسي الحاضر ، والتناص مع مريود جاء متناغما مع أحداث الرواية ، مثلما لم يحيلها تناص الحاضر السياسي الي هتاف ، أو بيان سياسي ، إذ تموضعت أحداث الحاضر السياسي كتطور طبيعي في البنية الروائية.

    لكن الجنس في الرواية كاد أن يكون هو المحور الذي تدور عليه الأحداث ، وتصطرع عليه التفاصيل ، فالبطل المساند (الرضية) جردها القاص من كل قابلياتها الأخري تتحكم شهواته في سير الأعمال الحربية والمقاومة ، والفكي هرون وبناته الثلاث تحولن الي مجرد علامة جنسية ، وأن إستخدامهم للسحر والأسطورة وموروث الإجداد كان ذو هدف واحد هو إعادة القدرة علي الجذب الجنسي للراوي / البطل ليكون فحلا لبنات الفكي الثلاث ، حتي الكلبة برمة ، والملازم المسكين كان حضورها في القص ليؤكدا أهمية وأساسية الجنس في تلك الحياة ـ هل كانت المجتمعات تلك في أي من أزمنتها تنظر للجنس بهذه الرائحة (الفرويدية)؟! ـ فالدافع الجنسي أو (اللبيدو) حاضر في ثنايا الرواية بما يكاد يحيلها الي الي غرفة نوم مزدانة بالشبق والبخور ، وهو أحد نقاط ضعفها . (يستغرق السفاد لدي الكلاب زمنا قياسيا . عندما يتعلق الوضع بالتزاوج ستفضل نساء كثيرات الإرتماء في حضن كلب . نسيت الحشود التي وردت الماء ذلك الضحي . وإذ أطلت النظر اليهما وهما منهمكان في متعتهما الجامحة ، فقد أخذ ذلك الجموح يسري في جسدي الي درجة أنني شاركتهما ذروتهما البهيجة ، واقفا فاغرا فاهي مثل ورل) .

    وعلي عكس من تقولوا علي الرواية التي كتبها البكري فإنها و جائزتها المرموقة يسدان فراغا ظلت تفقده الكتابات الروائية الجديدة علي الرغم من الإدعاءات الكثيرة التي تثير جلبة ، أكثر من إثارة اعجاب القراء ناهيك عن النقاد.

    فالبكري استطاع توظيف السحرية والغرائبية والقدرة علي دمج الأسطورة بالواقع في نقل أحداث روايته الي قارئها طازجة ومشوقة ، واستطاع أن يضيف الي الأصوات الروائية صوتا واعدا وفريدا ومتفردا لا يشبه الاّ روايته.

    ============


    مخيلة تقاوم الصدأ والغياب بالحكايات والسرد

    كتب ــ محمد الربيع

    «أنا خليفة ود‚ منصور اللحوي الفونجاوي العنجي‚ والدي مقدم خفر الشيخ مساعد أبسن‚ شيخ أعراب اللحويين‚ وأمي حاجة أم زين النقرابية التقلابية وهي سليلة بيت عز وشرف بنواحي جبال الفور‚ الجبال التي حدثتكم عنها جدتي في أسمارها البدرية الشهيرة‚ ها أنا ذا في عشرينات عمري تجتاحني وساوس لا أجد إلى لجمها سبيلا في بادىء أمري ظننت ان نسيانها في تفريقها بملازمة متع الدنيا واغتراف مباهج الوجود‚ ولعلي أصدقكم القول قد وجدت في ذلك بعض عزاء لكنه عزاء عابر لا يلبث ان يزول ويتركني نهب المخاوف والشكوك‚ مرة بعد مرة منذ بعيد موسم تجفيف قواسيب النال يتكاثف فزعي السحيق‚ العريق‚ غارق في وساوسي قلت ان اللعنة إنما زاد أوارها كدر الخروج من نعيم الخريف إلى مرارات الدرت أوان ذبول تيجان زهور التبر ويباس سيقان الدنكوج الباسقة الراسخة لكن جاء عليّ زمان بت أتقلب فيه بفراشي الليالي الطوال لا يجد الكرى سبيله إلى جفني»‚

    هكذا يستهل الروائي السوداني الحسن بكري روايته «أحوال المحارب القديم» الصادرة حديثا عن مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي في السودان‚‚ على خلفية حصوله على جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي دورة 2003 التي يرعاها المركز والتي جاء في حيثيات انشائها:

    منذ أربعة أعوام مضت وفي عام 1998 وبمبادرة حرة ونبيلة من أصدقاء ومحبي الروائي السوداني العالمي «الطيب صالح» وفي محاولة لرفع حالة اليتم والعزلة التي تعانيها حركة الآداب والفنون والحركة الثقافية السودانية كلها لأسباب شتى اجتمع نفر من المبدعين والكتاب ليمهدوا الطريق لنافذة قد تكسر حاجز العزلة وتحد من صلف صناع الاعلام فاقترحوا ضمن ما اقترحوا انشاء جائزة باسم الكاتب الروائي «درة ثقافة السودان المعاصر» الطيب صالح على أن تمنح كل عام لمن يفوز بها من الروائيين السودانيين الشباب‚

    وفي خطوة عملية‚‚ قام مركز «عبدالكريم ميرغني الثقافي» بإعلان إطلاق مشروع الجائزة وهو بهذا يخطو خطوة جديدة في اتجاه توسيع «بيت» ثقافة حقيقية يؤمن بحق الانسان في الحصول على «لقمة الثقافة» مثل إيمانه وبنفس القدر بحق الانسان في الحصول على «لقمة الحرية»‚ كانت جائزة الدورة الأولى 2003 من نصيب الروائي المبدع «الحسن بكري» وعنوانها «أحوال المحارب القديم» والتي تميزت وفق ما جاء في تقرير لجنة المحكمين بسمات أهلتها للفوز أهمها ان الروائي استثمر تقنيات الرواية المعاصرة بمهارة دمجت بعبقرية المحكى الشعبي وأساليب السرد الشفوي وحفرت بعيدا في واقع ثقافي واجتماعي مأزوم ونفذت إلى ما ورائه حيث الطبقات التحتية التي شكلته وأفرزت نسيجه المعقد‚

    وبما ان هذا العمل الروائي الفائز يستحق أكثر من الاحتفاء فقد رأينا في مركز «عبدالكريم ميرغني الثقافي» ان نفتح الباب لهذه التجربة لتصل إلى القراء لتتنوع مصادر الزاد وينابيعه الجمالية والمعرفية لتصب كلها في مواعين حلمنا العالي باستنهاض مشروع «وعي ريادي» هو بمثابة الحصن لكرامة عقولنا وكرامة ضمائرنا وهو بهذا الحجم حصن كرامة الحياة ذاتها‚

    واعتمد البكري في البناء السردي لروايته تكنيك إدماج صوت المتحدث الأول (البطل) في الرواية بصوت الراوي الذي ينطلق من مطلع الرواية كاشفا عن المشهد الاجتماعي والوجودي الذي يمثل المسرح الذي دارت عليه احداث الرواية لمخيلة تقاوم الصدأ والغياب بالحكاية والسرد: «لما اشتعلت حرب التحرير فطنت إلى قلة حيلتي وخواء روحي فرغم بأس إرادتي وقوة شكيمتي أورثني أجدادي العنج عاهتيهم التليدتين العشا المصاحب بالعرج‚ علامتي بيادهم المعروف‚ يتردد قائد التائب بالبطانة‚ بطل التحرير العظيم‚ حسين الطاهر في تجنيدي ملازما له بسبب إعاقتي‚ أجرب تطبيب نفسي في بلدتي بنواحي اللبايتور بلا طائل‚ فأوطن العزم على إسراج ناقتي بعد انقضاء الخريف ومقدم بواكير الشتاء ميمما إلى أصقاع جبال موية حيث يقيم فكي هارون الحكيم الهوساوي المقيم بتلك النواحي‚ علني استعيد ببركته بعض عافيتي وشيئا من يقيني‚

    طال انتظاري في الخريف فقد تأخر هطول المطر‚ لكن جاءت النترة أخيرا بالسحاب الجون والسيول‚ ما لبث أسراب النحل ان تواردت فسعدت إذ هذا ما كنت أبتغي‚ تظن الاسراب من شروق الشمس حتى غروبها تأتي بالرحيق من سفوح جبال اللبايتور المزهرة‚ شهدنا خلايا كثيرة جديدة أما القديمة فقد أعادت الاسراب ترميمها وزادت مساحاتها فطفح تركيب الشهد بها ورأيناه على غير العادة يسيل بأطراف الخلايا وعند زوايا المكعبات حيث التحام المناحل القديمة بامتداداتها الجديدة ثم ما لبثت رياح الاسافل الباردة ان هبت فأفدت خاصتي وأهلي بنيتي السفر‚

    الأولاد‚ أصحابي‚ عبأوا قريتين عسلا وعلقوهما على الناقة واحدة يمين الحوية والاخرى يسارها‚ وكذلك أخذت احمالا من عصيدة الدخن الملبكة وريع قنطار من القديد وشكيرة بصل كسلاوي مجفف وعشر قناني سمن ضاني نقي ما ان قفزت على الناقة حتى انتصبت رفعت يمناي مودعا ما التفت يمنة ولا يسرة إذ هذه إشارات تجلب النحس أحيانا»‚

    وتكشف الرواية من خلال احداثها ومقولات أبطالها مصير هذا السياق الثقافي والحضاري الذي تمثله منطقة جنوب النيل الازرق بوصفها حاضنا لأحد أهم الحضارات السودانية ومسرحا لمخيلة في غاية الفن والثراء قوامها حكايات وخرافات وعادات وتقاليد وأساطير تمثل خلاصة الذاكرة الانسانية لإنسان تلك المنطقة‚‚ التي تعج بالقبائل وبالتكوينات البشرية ذات المنشأ العرفي والثقافي المتمايز والفني‚ المنظومة في سلك الحوار المتصل بين مختلف مكونات الواقع الانساني‚

    وقد استخدم البكري تقنيات جمالية تعكس هذا الثراء والغنى في المكون الثقافي والمخيلة الجمالية بتوظيفه لشعرية الحكي والاساطير والتناص مع نصوص سودانية منجزة مثل رواية مريود للطيب صالح إلى جانب السرد الموضوعي الذي يعكس تطور حركة الواقع باتجاه التحديات المعاصرة التي رمز لها بحرب التحرير‚

    هل كان علي انتظار رقص النعام لأدرك ان فكي هارون يبارك هوانا؟

    مزاجه الروحاني الذي ينتمي إلى تعاليم تخصه هو وحده مبثوث في ثنايا مخطوطاته وأشعاره الشفهية على حد سواء‚ في أحيان كثيرة تمتزج عنده المحبة في نقائها الغيبي الصافي بالعشق بوصفه الانساني الحي وشوشة الهمس وطراوة اللمس واندلاق الرضاب وانبثاق الشهقة‚ تعابير بأكملها وردت في أشعاره انحفرت في ذاكرتي إلى الأبد‚

    «سيدتي‚ أيها الماء الذي أعطى والذي أخذ‚

    الرشفة‚ التمرة‚ السكرة‚ الجمرة»‚

    «سكبت محبتي على صلابة صدرك

    دلقت مائي جهة ظمئك

    يا سيدة الجلال‚ قصدي وعلوي

    بيني وبينك الصحبة والصعقة‚

    السجدة‚ الدفقة‚ اللعقة»‚

    «عاريا‚ أطرح زندي‚ أرفع كفي‚ إلهي

    سرتي وهاجة‚ لماعة‚ تقر بفضلك

    وشهوتي قائمة‚والغة‚ صاعدة‚ هابطة

    وفخذاي‚ مفتولان مشدودان‚

    يشهدان بفيضك

    يا من برى لساني من تراب اللذة

    ومنخري من أديم الكرفة»

    هل ترك لي الباب مواربا لألج؟ في السابق لم أكن أحمل أحاديثه عن عبثية الأقدار على محمل الجد‚ فقد ظننت ان تلك واحدة من الطرق العديدة التي يحاول بها استبقائي أسير نبوءاته التي لا تكذب أو ربما كانت وسيلة لإلهائي عن أسفاري لأظل موضوعا ثابتا لتجاريبه في الغسل والتجلية‚

    يوم رقص النعام ابتسم سعيدا إذ سقطت لاري فاقدة الحراك بين ذراعي طوقتها وأدنيت وجهها من وجهي جوارحها من جوارحي وحين نظرت إليه باغته يطرف طرفا متصلا قد اتسعت حدقتاه ينتظر رؤيتي مقبلا عليها ثم شهدته‚ يغمز ويلمز‚ تتسع منخراه وتضيق‚ يقطب جبينه ويبسطه‚ يناديني ان هلم‚ فكي هارون يومها نصب فخاخه سعيدا إذ وقعنا‚ ووتر قوسه‚ قد شملته الغبطة‚ رأيته ينهار جالسا‚ قد سر فرضي عني‚ يرفع ساقيه‚ يقهقه‚ يصفق‚ يلهث‚ يلقي جمله الأثيرة هائجا‚مائجا‚

                  

02-23-2005, 04:40 AM

elhilayla
<aelhilayla
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 5551

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نغوص وتأتي دوما بالدرر (Re: abookyassarra)

    الأخ أيوذر
    تحياتي
    نغوص وتأتي دوما بالدرر
    لله درك
    نعود حتما
                  

02-25-2005, 09:51 PM

abookyassarra
<aabookyassarra
تاريخ التسجيل: 02-11-2002
مجموع المشاركات: 789

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الرواية التى جاءت من مضارب قبيلتنا ( اللحويين ) أعادنا بها البكرى لمقام الطيب صالح (Re: abookyassarra)

    الغالى /ود الحليلة
    لك الأشواق كلها
    وأشكرك على المرور الطيب
    وحقيقة النص به نكهة البداوة بى فرقانهاوبطانتها وأشياءها الخاصة
    النموذج يحتاج للتعميم حتى ننتج أدب سودانى 100%
    ***
    حاشية
    ====

    نفتقدكم هنا بالامارات : الجو غائم ممطر قمة فى الروعة : حاجة مابتشبه غير خريف كسلا الأنيق بغيومه الرائعة وجباله المبتسمة وفضاءاته البهية..

    عودوا فإنا فى الانتظار
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de