المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2005, 09:57 AM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال




    د. محمد سعيد القدال
    كثر الحديث عن الارهاب وكأنما أصبح العالم يقف على حد السكين. فما هو المقصود بالارهاب، ولماذا استشرى على ايامنا هذه؟
    الارهاب يعني استعمال العنف عشوائياً. ولا نتحدث عن ممارسات فردية وانما عن ظاهرة تزحم أفق الساحة السياسية في العالم الاسلامي. ويشترك الارهاب مع الإبادة الجماعية «genocide»، انهما يستهدفان السكان المدنيين، أما المقاومة فتوجه ضرباتها نحو العدو بشكل مباشر. ويخرج الارهاب من عقل منغلق، لا يرى في الآخر رأياً مخالفاً له، وانما هو عدو يجب استعمال العنف معه والقضاء عليه.
    فالانغلاق الذهني يؤدي الى التطرف، والتطرف يقود الى الارهاب. ويكمن التطرف في كثير من المجتمعات في قشرة تحت السطح، ويبقى كامناً «كمون النار في حجرة» ولكن تقهره عدة عوامل حتى لا ينفلت. وعندما تتوفر بعض العوامل، يخرج التطرف من مكمنه ويشهر سلاح الارهاب. وقد ينطلق التطرف من تعصب قومي أو ديني.
    ولعل المانيا النازية تقدم مثالاً صراحاً معاصراً للتعصب القومي الذي ادى الى انفجار الارهاب في بلد له تراث حضاري شامخ، وخرجت منه كوكبة من الفلاسفة والمبدعين والعلماء الذين اسرجوا سماء العالم. فكيف اندفع ذلك الشعب خلف الدعوة النازية المريضة التي قتلت خمسة ملايين يهودي في المحرقة وقادت العالم الى حرب مات فيها خمسون مليون من البشر؟
    ويكمن جانب من الاجابة في ظروف الحرب العالمية الأولى وما تبعها من تداعيات، وما ادى اليه مؤتمر فرساى من اذلال لالمانيا وتقطيع اوصالها، ثم جاءت الأزمة الاقتصادية الكبرى «1929-1932م» لتنيخ بكلكلها على عاتق الشعب الالماني وتدفع به الى حافة الفاقة والضياع. وفي تلك الاوضاع اخذت القوى اليسارية تزحف بخطى حثيثة نحو السلطة، فارتعدت فرائص الرأسمالية الالمانية من ذلك الزحف، واخذت تبحث عن مخرج. ووجدت ضالتها في حزب صغير يتحرك في مقاطعة بفاريا في جنوب ألمانيا. كان الحزب النازي وزعيمه هتلر وقتها محدود النفوذ، واقتصر نشاطه على الخطابات التي كان يلقيها هتلر في حانات البيرة في مدينة ميونخ. فخفت القوى الرأسمالية ركبها نحوه بقيادة أكبر المؤسسات الرأسمالية وفي مقدمتها كروب وتيسون، واحتضنته ومولته، لتخلق منه ترياقاً مضاداً للزحف اليساري. واهتبل هتلر الفرصة وخرج بشعاراته التي ابتلعها الشعب الالماني، لانه وجد فيها مخرجاً من أزمته النفسية والسياسية والاقتصادية.
    وسار خلف هتلر مجموعة من العلماء والمفكرين والتكنقراط تدفع بهم شتى المقاصد، ولم يستبينوا الوحش الكاسر الكامن في النازية ولم يستبينوا النصح الا ضحى الغد بعد ان وقعت الواقعة. وقد صور ألبرت سبير وزير التصنيع الحربي في نظام هتلر تلك المأساة التي انجرف في مدها. وكان سبير قد اعتقل بعد هزيمة المانيا، وحكم عليه بالسجن في نورتنبيرج. وألف كتاباً عبر فيه عن خطأ انجرافه وراء الطيش النازي. ولم يحاول أن يبرر أو يلتوي مثل كثير من العلماء الذين يدعمون أنظمة البطش ويظل ضميرهم في حالة غيبوبة.
    سقت هذا المثال عن النازية لانه يبرز بعض الجوانب المهمة المتعلقة بالارهاب. أولها وجود ظروف سلبية تؤدي الى حالة من القنوط واليأس لدى قطاعات من المجتمع، فتعتنق أفكار التطرف الظلامية متوهمة انها ستخرجها الى رحاب النور، بينما هي تقودها الى ظلام اشد حلكة من الظلام الذي يغلفها، فيخرج وحش الارهاب من مكمنه.
    ثانياً: إن الارهاب لا ينتعش الا اذا وجد دعماً ومساندة من قوى مؤثرة في المجتمع، كل حركات الارهاب وجدت دعماً من قوى تريد ان تتخذها مخلب قط، متوهمة انها تستطيع السيطرة عليها ولجمها. الا ان الارهاب ما ان يخرج من قمقمه ويشتد عوده يصعب رده ولا يكتفي بان يكون مجرد مخلب قط، وينطلق بانيابه السامة. ويقوم الارهاب سواء أكان عنصرياً او دينياً على دعوة محدودة الأفق، على عكس المقاومة التي هي مظلة وارفة تنضوي تحتها المجموعات الدينية والقبلية، كما ان عدوى الارهاب سريعة الانتشار مثل الاوبئة الفتاكة.
    ما الذي أصاب العالم الإسلامي حتى يكاد الارهاب يكون سمة له؟ نُشرت العديد من الدراسات والمقالات عن الارهاب الذي ارتبط ببعض التيارات التي تلتحف ثوب الدين، نذكر منها كتاب البروفيسور محمود محمداني بالانجليزية: «مسلم خير ومسلم شرير»، وكتاب دكتور رفعت السعيد: «التأسلم والارهاب». وتذهب كل تلك الدراسات الى التمييز بين الارهاب الملتحف بالدين، والاسلام كعقيدة وتراث وحضارة أفردت أشرعتها على رحاب الكون ودفعت بالبشرية في مراقي التقدم باندفاع «بعيد الخطى قوى السنابك».
    ارتبط ظهور الارهاب ثم انتشاره في العالم الاسلامي بالهوس الديني، وكلاهما وجهان لعملة واحدة. وتصف بعض الدراسات الهوس الديني بالاسلام السياسي أو التأسلم او الاسلاموية. ولكن الهوس الديني هي الصفة الاكثر شمولاً واحاطة وتعطي تلك الحركات سمتها المميزة. وقد وصل الهوس الديني مداه في دعوة بعض تلك الحركات بمقاطعة الانتخابات المزمع اجراؤها في العراق في هذا الشهر. والى هنا فالأمر مقبول سياسياً. ولكنها تمضي لتقول ان من يشارك فيها فهو كافر، وهذا هو الهوس الديني، لان المشاركة في الانتخابات لا تعني انكار وجود الله ورسالته التي بعثها على لسان نبيه محمد.
    وتجلى الهوس الديني في صورة واضحة المعالم عندما اقدم احد المهووسين على اغتيال المفكر اللبناني حسين مروة صاحب السفر المتميز: النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية. وقد نختلف مع مروة ولكنا نحترم جهده الاكاديمي الرفيع الذي انكب فيه دكتور حسين مدى ربع قرن، وحتى اذا اختلفنا معه، فمن اصدر حكم الاعدام عليه، ومن كلف ذلك المهووس بتنفيذه؟ ولعل القاتل لم يقرأ ذلك السفر اصلاً، فالهوس الديني ليس فيه عقلانية. وقد كان العم حسين رجلاً هاديء الطبع رقيقاً. عشت معه مدى اربعة أشهر في فندق، ولم اسمعه يرفع صوته ولم أره الا مبتسماً في رقة، وقد هزني نبأ اغتياله ايما هزة، وكتبت وقتها كلمة رثاء في صحيفة «الميدان» العلنية. أية نفسية مريضة هذه التي تقدم على اغتيال حسين مروة؟ وأية جهة مختلة العقل اتخذت مثل هذا القرار؟
    فمتى بدأ الهوس الديني في العالم الإسلامي ولماذا انتشر ومتى؟



                  

02-02-2005, 07:25 AM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال (Re: merfi)



    المقاومة والإرهاب .. وبينهما أمور متشابهات
    الإرهـــــــــــــــاب (2-3)
    لم يعرف العالم الإسلامي الإرهاب والهوس الديني بهذا الشكل الوبائي إلا مؤخراً ولكن جذور الهوس الديني الذي أفضى إلى الإرهاب تمتد إلى العقود الأولى من القرن العشرين.
    عندها انغرست جرثومة الهوس في تربة المجتمع الإسلامي ثم اعقبه شعار أبو الأعلى المودودي الحاكمية لله، ثم كتاب سيد قطب: معالم في الطريق الذي بشر بجاهلية القرن العشرين. وكلها شعارات فضفاضة، ليس فيها خيط واضح المعالم يمكن الإمساك به. وأخطر ما في هذه الشعارات، انها دخلت معترك السياسة بأسلحة دينية، فاختلط أمر السياسة بالدين واختلط أمر الدين بالسياسة.
    ورغم ان افكار حركة الاخوان المسلمين اكثر عقلانية من حركات الهوس الديني التي اعقبتها، الا انها اطلقت العنان لافكار وشعارات جانحة برزت لدى بعض حركات الهوس الديني التي تزحم افق عالمنا المعاصر. ان الفكر المنغلق يرى ان ما يعتقده هو الصحيح صحة مطلقة وما سواه ليس مجرد رأى آخر يمكن مقارعته بالحجة بل هو كفر صراح يجب ان نعد له القوة ورباط الخيل. يقول باعشير احد قادة الجماعات الإسلامية في اندونيسيا، ان هناك اسلام واحد لا سواه لان هناك كتاب سماوي واحد لا سواه. وهذه قولة حق اريد بها باطل. صحيح ان الكتاب السماوي الذي يعتمد عليه المسلمون واحد، ولكن تجليات الفهم البشري لذلك الكتاب اختلفت عبر العصور، واختلف امرها بين الجماعات وحتى بين الافراد. لان القرآن واحد، ولكن فهم البشر اختلف باختلاف درجات وعيهم. وقديما قال الامام علي بن ابي طالب القرآن حمال اوجه، وهو اسطر محفوظة بين دفتين، لا ينطق وانما ينطق به الرجال. وكان الامام كعادته حادا وقاطعا في تعبيره. ان الفكر المنغلق عندما يقول ان فهم القرآن واحد، يجد في قوله هذا مبررا لتكفير الآخرين وممارسة اقصى درجات العنف ضدهم دون ان يطرف له جفن.
    والخطر الثاني ان الحركات التي تلتحف بشعارات اسلامية، تبعد كل اصحاب الديانات الاخرى، في وقت هم في حاجة لكل عناصر المجتمع لتقف معهم في مقاومته. فحركة الاخوان المسلمين ابعدت الاقباط المسيحيين الذين لهم ثقلهم في المجتمع المصري. واقصت اليهود الذين ظلوا يتعايشون مع اهل مصر لقرون خلت. ان المقاومة مظلة وارفة تضم مختلف الديانات والاتجاهات، اما الهوس الديني فان افقه ضيق ومحدود وتجلى هذا فيما بعد في الجهاد الاسلامي والمقاومة الإسلامية ووصل مداه في حزب الله.
    الامر الثالث انها خلطت المناورات السياسية بشعارات دينية. واخذت حركة الاخوان المسلمين تناور بين السفارة البريطانية التي يقال إنها مولت الحركة، والقصر الملكي الذي استعان بها ضد حزب الوفد،واحزاب الاقليات. ومن حقها ان تناور في الحقل السياسي مثلها مثل الحركات الاخرى. ولكنها لم تكتف بذلك بل ادخلت الدين في تلك المناورات. فعندما تحالفت مع اسماعيل صدقي سفاح الحركة السياسية المصرية وصاحب بروتوكول صدقي بيفن «راجع كتاب د. فيصل عبد الرحمن حول تفاصيل ذلك البروتوكول» وقف مصطفى مؤمن زعيم حركة الاخوان في جامعة القاهرة خطيبا في الطلاب وشبه اسماعيل صدقي بنبي الله اسماعيل بن ابراهيم واستل الآية من القرآن التي تقول وأذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وهذا احط درجات الاسفاف السياسي، وفيه تبشير بالهوس الديني.
    الامر الرابع، انها ادخلت العنف في المعترك السياسي فاغتالت مخالفيها في الرأي، لانها اعتبرتهم اعداء وليسوا خصوما سياسيين ولكن المناورات والاغتيالات، عصفت في نهاية الامر بحسن البنا واغتالته القوى السياسية التي تحالف معها او تعامل معها. ان ادخالهم الالحاد وتكفير المخالفين لهم سياسيا، هو الذي قاد الى استعمال العنف بلا تردد وبلا رادع يردعه.
    وخرجت تلك الشعارات من مستنقع الازمة ازمة البرجوازية الصغيرة وهي تنسحق بين الاستعمار البريطاني والرأسمالية المصرية الزاحفة، وازمة القلة المسلمة وسط طوفان من الهندوس وازمة حركة الاخوان في سجون عبد الناصر وهي لا تكاد تستبين افقا واضح المعالم ولم تجد الافكار انتشارا عريضا وسط الشباب لان بشائر المستقبل الزاهي كانت تطل في الافق ولم تنشر الازمة بعد لتغلف تلك الاحلام ورغم ان حركة الاخوان كان لها دورها في مقاومة الوجود البريطاني في القناة، ولها تنظيمها السري المانع، الا انها ظلت حركة محدودة وليس لها حضور جماهيري آسر وقد طبع كتاب سيد قطب ثلاث مرات في عهد عبد الناصر رغم اعتراض الاجهزة الامنية فكان تفكير عبد الناصر سياسيا واسعا، والاجهزة الامنية تفكيرها ضيق ولا تفكر الا تحت رجليها.
    ولسنا هنا بصدد دراسة حركة الاخوان المسلمين وتاريخها فهذا امر قد عرضت له العديد من الدراسات ونكتفي بذكر بعضها:
    أ/ كتاب الاكاديمي الامريكي ريتشارد متشل: الاخوان المسلمون وهو رسالة دكتوراة ترجمت ونشرت في بيروت عام 1978م، وقدم لها الكاتب المصري صلاح عيسى.
    ب/ رفعت السعيد: حسن البنا: كيف ومتى ولماذا؟ والكتاب دراسة لسيرة حسن البنا وصعوده حتى اغتياله.
    ج/ عبد العظيم رمضان: الاخوان المسلمين وهو دراسة لوثائق محاكمات الاخوان في محكمة الثورة في عهد عبد الناصر. وكانت المحاكمات تبث في الراديو. ورأس المحكمة قائد الجناح جمال سالم وعضو مجلس الثورة وحولها الى مهزلة. وقد كشفت المحكمة التنظيم السري للاخوان المسلمين وكانت تلك ضربة قاصمة للظهر.
    وظهرت بعد ذلك حركات اخرى، اتفقت مع الاخوان واختلفت معهم، ولكن المعين النظري الذي ارتوت منه كل تلك الحركات واحد مع بعض الانحرافات هنا وهناك.
    والسؤال الملح هو: كيف تحولت تلك الحركات من حركات محدودة النفوذ محدودة الاثر الى تيار جارف اكتسح العالم الاسلامي حتى جنوب شرق آسيا؟

                  

02-02-2005, 09:55 AM

Agab Alfaya
<aAgab Alfaya
تاريخ التسجيل: 02-11-2003
مجموع المشاركات: 5015

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال (Re: merfi)

    Quote: وقد وصل الهوس الديني مداه في دعوة بعض تلك الحركات بمقاطعة الانتخابات المزمع اجراؤها في العراق في هذا الشهر. والى هنا فالأمر مقبول سياسياً. ولكنها تمضي لتقول ان من يشارك فيها فهو كافر، وهذا هو الهوس الديني، لان المشاركة في الانتخابات لا تعني انكار وجود الله ورسالته التي بعثها على لسان نبيه محمد.

    شكرا ميرفي
    التحية للدكتور القدال
                  

02-02-2005, 08:56 PM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال (Re: merfi)

    And so true Agab

    Waiting for part 3

    Thanks
                  

02-02-2005, 10:00 PM

Salwa Seyam
<aSalwa Seyam
تاريخ التسجيل: 04-12-2004
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال (Re: merfi)

    Quote: فالانغلاق الذهني يؤدي الى التطرف، والتطرف يقود الى الارهاب. ويكمن التطرف في كثير من المجتمعات في قشرة تحت السطح، ويبقى كامناً «كمون النار في حجرة» ولكن تقهره عدة عوامل حتى لا ينفلت. وعندما تتوفر بعض العوامل، يخرج التطرف من مكمنه ويشهر سلاح الارهاب. وقد ينطلق التطرف من تعصب قومي أو ديني.
                  

02-16-2005, 05:11 AM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال (Re: merfi)


    المقاومة والإرهاب (3 ــ 3)
    د.محمد سعيد القدال
    طرحنا في نهاية الحلقة السابقة هذا السؤال : كيف تحولت حركات الهوس الديني من حركات محدودة النفوذ محدودة الأثر الى تيار جارف اكتسح العالم الاسلامي حتى جنوب شرق آسيا؟ واتخذت تلك الحركات من الارهاب اسلوبا لها في التعامل مع مخالفيها في الرأى . فالسؤال لا يقتصر على انتشار حركات الهوس الديني فحسب ، بل يمتد ليشمل ارتباطها بالارهاب ، فلماذا حدث هذا ؟
    إن الارهاب نابع من آيديولوجية الحركات الدينية التى لا ترى في مخالفيها في الرأى سوى اعداء يجب سحقهم.
    ان تفسير انتشار هذه الظاهرة لا يستقيم بمنهج آحادي الجانب ، بل لابد من تناولها في شمولية متكاملة ، فالمنهج الشمولي الكوني فتح ابوابا مشرعة أمام الدراسات التاريخية ، وبدون هذاالمنهج يصبح علم التاريخ احداثا متناثرة أو حشداً أصم للوثائق مثل الدراسات التي تزحم افقنا الاكاديمي.
    ارتبط انتشار الهوس الديني والارهاب بانتشار الاحباط من جراء تفشي العوز والفاقة وسط قطاعات واسعة من المجتمع . واصبحت البرجوازية الصغيرة في حالة فزع تخشى السقوط في مستنقع الفقر أو العمل اليدوي على احسن الفروض ، فالجوع لا يرحم ، ونقول في المثل : «الجوع كافر» فأخذت تبحث عن جدار تستند عليه خوفا من ذلك السقوط ، ولأن الحركات الداعية للعدالة الاجتماعية اما مقهورة او منحرفة او فشل مشروعها ، فقد اتجه الناس الى جدار الدين يحميهم من السقوط ، ووجدوا شعاراته سهلة الابتلاع رغم غصة الاحباط ، كما ادى تدهور ظروف الريف المعيشية الى هجرة اعداد كبيرة من أهله الى المدن باحثين عن لقمة العيش . فاكتظت بهم احياء الكرتون ، وشكلوا التربة الخصبة لانتشار الارهاب ودرس اولفر روي هذه الظاهرة باستفاضة في بحثه : «فشل الاسلام السياسي» .
    وكان الاحباط السياسي كبيرا بعد ان نالت تلك البلاد استقلالها ، ولنأخذ الجزائر نموذجا . فبعد ان قدمت البلاد مليون شهيد وصمدت ، وحصلت على استقلالها ، آلت السلطة الى العسكر ، وكأنما حصد الناس الهشيم ، فكان الوضع تربة خصبة للإحباط.
    ثم جاءت هزيمة 1967م ، ومهما اختلفنا في تقييم نتائجها ، فقد كانت نقطة تحول حاسمة في مجرى الصراع السياسي ، ودفعت بالبعض الى حالة القنوط ، ولكن البعض ادخلها في نفق الهوس الديني الضيق ، فقال الشيخ متولي الشعراوي ، بنفوذه الاعلامي الكاسح ، انه صلى ركعتين شكرا لله بعد الهزيمة لان اليهود اهل كتاب والنظام الذي انهزم ملحد ، كان وقع الهزيمة اليما ، واخذ الناس يتلفتون في حيرة باحثين عن مخرج ، وكان الهوس الديني يقف لهم بالمرصاد . فتلقف من خفت موازينهم .
    وادى فشل المشروع السياسي الى فشل المشروع الاقتصادي فزحفت الرأسمالية الطفيلية بأنيابها السامة لتغتال أحلام الغد التي كانت تبترق في الأفق . وكان وقعها ثقيلا على كاهل الطبقات الدنيا ، فانفتحت السبل امام حركات الهوس الديني بشعاراتها المسطحة ، فخففت عنهم بعضا من المعاناة.
    وبرزت من جراء ذلك الفشل معارضة بدأت تحاصر الانظمة السياسية ، وكانت منطلقات تلك المعارضة يسارية بشكل عام . وكانت الانظمة ذات التوجه القومي تحاصر الانظمة المستندة على القبائل والعشائر . واخذت ضراوة ذلك الصراع تشتد . فلجأت الانظمة المحاصرة إلى سلاح الدين ، واطلقت سلاح التفكير ضد خصومها السياسيين ، وكان اطلاق ذلك الشعار بمثابة صب الزيت في النار ، فزاد الهوس الديني اشتعالا ، ووجدت حركات الهوس الديني دعما ماديا وسياسيا من الانظمة التي تريد ان تتخذها اداة تضرب بها خصومها فسكبت عليهم الاموال وانفتحت لهم ابواب تلك الانظمة ليجدوا في كنفها ملاذا عندما تضيق بهم الحال في بلادهم.
    كتب عبد الخالق محجوب عام 1969م يقول : «إن القوى الرجعية والدوائر الاستعمارية ، حزمت امرها واحتمت بالحلف الاسلامي ، واحتمت بشحنات الاسلحة الامريكية واحتمت بسيل جارف من الورق تلفظه كل ساعة آلات الطباعة التي لا تتوقف في بيروت ، واحتمت بالمال يجلبه الملك فيصل من شركات النفط وكان كل ذلك يصب في مجرى الهوس الديني.
    ثم تصاعد صراع الحرب الباردة ، في عام 1979م اطاحت الثورات الشعبية بدكتاتوريتين تدعمهما امريكا في نيكاراقوا وايران وفي نهاية العام قام الاتحاد السوفيتي بغزو افغانستان ، فالتفتت امريكا الى الحركات الدينية ، ووجدت فيها حليفا قويا لها ضد الاتحاد السوفيتي ، وبدأ شهر العسل معها فدعمت الحركة الاسلامية ضد سوكارنو وجماعة الاسلام ضد ذو الفقار علي بوتو ، وجماعة الاخوان المسلمين ضد عبد الناصر ، ووصل ذلك التعاون قمته في التعاون مع حركة طالبان الذين استقبل الرئىس ريجان قيادتهم في ساحة البيت الابيض ، وقدمهم لوسائل الاعلام قائلا انهم صنو لاسلافنا الذين اسسوا امريكا (These gentlemen are
    the moral equivalent of the founding fathers of America.) ويقول بروفيسور محمود ممداني ان جهاد
    الافغان هو في الحقيقة جهاد امريكا ، ففي مارس 1985م اصدر ريجان توجيه قرار الأمن القومي رقم 166 الذي خول بموجبه تصعيد العمل العسكري السري للمجاهدين بهدف هزيمة الاتحاد السوفيتي وارغامه على الانسحاب من افغانستان .
    واعتبر ريجان ومستشار الأمن القومي بريزنسكي ان القضاء على الاتحاد السوفيتي اهم من حركات الهوس الديني ، لان هذه امرها اسهل ، وكانت التقديرات الأمنية خاطئة كالعادة ، فالاتحاد السوفيتي دولة لها حدود ونظم ومحكومة بقوانين محلية ودولية ، اما الهوس الديني فلا دولة له ولا حدود ، ويمكن ان تأتي ضربته من اى مكان ورغم انه قصير الاجل ولن يغير في التركيب الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع الذي يحاربه ، فإنه يحدث دمارا كبيرا بلا تمييز ، ويحدث اضرارا بالغة قبل ان يتم القضاء عليه.
    ولعل اخطر مافي ذلك التعاون بين امريكا وتلك الحركات ، انها فتحت لها ابواب السلاح وكانت مؤسسات صناعة السلاح اكثر طربا لتفشي الارهاب ، فالمصانع تريد تصريف منتجاتها من السلاح ، والسلاح لا يستهلك في ملاعب كرة القدم وانما في الحرب ، فتولت حركات الارهاب تصريفه ، حتى ليكاد المرء أن يشك في وجود رابطة بينهما ، وكم يأسى الإنسان لذلك الشباب الغض الذي يمضي مغمض العين الى اتون ذلك الصراع الحارق ، ومعتقدا أنه سوف يدمر الظلم في العالم..
    ولم يقتصر دعم حركات الهوس الديني على امريكا ، فقد لعب الموساد دورا في دعم حركة حماس في مهدها لمواجهة منظمة التحرير ، وهذا امر ليس فيه خفاء على احد ، وربما اندهش البعض لهذه الصلة . ولكن اذا قامت امريكا بشن حرب على طالبان وعلى القاعدة فقد تتلاشى الدهشة . ولكن يبقى سؤال وهو : كيف انفصلت تلك الحركات سواء القاعدة او حماس عن القوى التي دعمتها ، بل التي عملت في بعض الاحيان على تكوينها ؟ وهو سؤال مشروع وله مجال آخر.
    ثم انتصرت الثورة الايرانية عام 1979م واصبح انتصارها مدويا بعد محاصرة السفارة الامريكية وكان مظهرا للهوس الديني ولكن محاصرة السفارة لن يغير ميزان القوى العالمي ولن تهز مؤسسات الحكم في امريكا صحيح انه هز مكانة امريكا ولكنها هزة قصيرة الاجل ، وعادت بنتائج وخيمة على إيران ، كما ان سيطرة قيادات الشيعة على زمام الأمور ، ادخل الثورة في نفق الفكر الشيعي.
    إن الصراع السياسي ليس عربات مفخخة واحزمة متفجرة وارهاب قد يقض مضجع الاداء ولكنه لن يغير مكامن قوتهم التي يقهرون بها الناس ، واذا انهار الاتحاد السوفيتي بكل تاريخه المجيد في نصرة الشعوب وبكل جبروته العسكري واسلحته النووية فان المعركة ضد جبروت الامبريالية وحليفتها الصهيونية لا تكون بهذه الاساليب الفجة المسطحة والبيانات الغثة التي تصدرها بعض تلك الحركات عبر اجهزة الاعلام.
    ان الحديث عن الارهاب يطول ، ونقف في الختام عند ثلاث قضايا ، اولا ، الارهاب له عدوى سريعة الانتشار ، خصوصا بين اجيال الشباب المحبط ، الامر الثاني ان الارهاب يعتمد على غسيل المخ بالنسبة للشباب ، كل حركات الهوس الديني بداية من ليولا مؤسس حركة اليسوعيين في القرن السادس عشر ، وحتى مدارس الطلبة في باكستان التي افرخت حركة طالبان ، تقوم على غسيل المخ وتخريج اجيال صماء ، والذي يتابع الخطاب السياسي لحركات الهوس الديني يجده نسخة مكررة لبعضها البعض ، ولنا في السودان نموذجا حيا ، الأمر الثالث ان الارهاب ليس له برنامج عملي يقود به المجتمع وحركة تطوره ، ولكن هل تستمر الحياة تقوم على العنف والتدمير ؟
    ماهو المخرج من نفق الارهاب المظلم ؟ لا يقتصر الامر على مواجهة الارهاب بالسلاح ، بل لعل امريكا واسرائىل وهما اكثر البلاد التي تمارس الارهاب علانية وخفية ، ترقصان طربا لتفشي الارهاب الذي يمنحهما المبرر لممارسة العنف ، ولا يقتصر امر الارهاب على عقد المؤتمرات الانيقة لتبييض وجه بعض الدول ، والتوصية بعقد مركز لمحاربة الارهاب ، الارهاب كامن في الافكار الظلامية التي تعشعش في اوكار بعض البلاد الاسلامية ، واحيانا تخرج من مخبئها وتحجب باجنحتها اللعينة ضوء الشمس ، الامر يحتاج الى جرأة لمواجهة الفكر الارهابي ، ولكن أنى للجرأة ان تنطلق والحريات مخنوقة في كثير من البلاد ، افتحوا نوافذ الحرية لتهب منها الرياح التي تعصف بأوكار الارهاب
                  

02-16-2005, 06:27 AM

merfi
<amerfi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 685

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المقاومة والإرهاب ... وبينهما أمور متشابهات ــ«1-3»: د. محمد سعيد القدال (Re: merfi)

    Quote:


    فقال الشيخ متولي الشعراوي ، بنفوذه الاعلامي الكاسح ، انه صلى ركعتين شكرا لله بعد الهزيمة لان اليهود اهل كتاب والنظام الذي انهزم ملحد ، كان وقع الهزيمة اليما ، واخذ الناس يتلفتون في حيرة باحثين عن مخرج ، وكان الهوس الديني يقف لهم بالمرصاد . فتلقف من خفت موازينهم .
    وادى فشل المشروع السياسي الى فشل المشروع الاقتصادي فزحفت الرأسمالية الطفيلية بأنيابها السامة لتغتال أحلام الغد التي كانت تبترق في الأفق . وكان وقعها ثقيلا على كاهل الطبقات الدنيا ، فانفتحت السبل امام حركات الهوس الديني بشعاراتها المسطحة ، فخففت عنهم بعضا من المعاناة


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de