ملئت رئتيها بهواء الصباح... مشت بخفة في أروقة الفندق تحمل فنجانا من قهوة مملوء للمنتصف هرول معها لتلحق بالمصعد .. بونجور بونجور كلمات تسمعها منذ الصباح حتى التاسعة مساء حين تغيب الشمس ... باريس تشبه شابة رائعة الجمال ولكنها خرساء لا تنطق! تعييك تؤرقك تسكنك وتملئك أسئلة بلا إجابات .. غامضة تعبئك بالشغف ، تخشى أن تموت وأنت لم تكمل رحلتك فيها لتفهمها! كالعادة .. .. تسير وهي تعد حجر الطريق كأنها تبحث عن شيء سقط منها! يوقظها ارتطامها بالمارة ، يرمقونها بغضب تارة وتارة ترضيهم (بردون) رقيقة منها ! وصلت لمحطة القطار الكبيرة .. ضجة ازدحام وأناس ملونون يلهثون خلف شيء ما! لسبب ما شاركتهم اللهاث حتى جلست أخيرا على مقعدها المقابل للباب ... بدأ القطار رحلته المحببة إليها صاعدا نحو الأعلى .. لساحة الرسامين...أمامها امرأة في العقد الخامس من العمر تداعب كلبها بلطف وتلكز بعصاها طفلا إفريقيا مال عليها من التعب! كم حسدت الكلب! شاركها احد المشردين الكرسي، كتلة من القذارة يحمل كتابا فقد جلدته وشعره مصفف بعناية! غفوت قليلا بين صفحات كتاب المترو ، كما تحب أن تسميه وأيقظها صوت احتكاك قضبان القطار ... اخيرا باريس 17 !! صعدت لأعلى الجبل... تجلس على الرصيف كلما أعياها التعب وتقرأ الخريطة إن خالجها شك بأنها ضلت الطريق .. وفي الحاليتين تستمع لموسيقى (ينني) وتملأ رئتيها بهواء طازج بنكهة الفانيليا ... هناك هي ، كنيسة القلب المقدس (سكر كير) بيضاء عالية والأكشاك تحيط بها كبيوت اللعب ... أمامها درج طويل وتكون هناك .. استقبلها رسام بسحنة ايطالية ... - بونجور دومازيل ! (صباح الخير يا آنسة) - بونجور ميسو ! (صباح الخير يا سيد) - سافاه؟ ( حالك جيد؟) لسبب ما خمنت بأنه من المغرب العربي! - بيا! (جيد!) لم ترد ان يفسد متعتها بالتسلق للأعلى ورفضت أن تقف متصلبة لربع ساعة ليرسمها كما يراها هو ! قالت له أنها لا تفهم الفرنسية ولوحت بيديها كالصم ورجته أن يفسح لها الطريق ، فهي تريد أن ترى الكنيسة! استعان بأحد الرسامين العرب وليبلغها بأنه مستعد لأن يرسمها مجانا إن هي وافقت ! مجانا!! لن تدفع 40 يورو قيمة لانعكاسها في عينية اللاتي لا تعرفانها! إغراء ! ولكنها تريد أن ترى الكنيسة! تعلق بيدها راجيا إن تسمح له بأن يرسمها وزميله العربي يرمقها باستغراب لم ترفض ؟ قالت له بأنها لا تريد أن ترى انعكاس صورتها في عين إنسان لا تحبه! رمقها الرسام العربي بنظرة استنكار ! مجنونة! أصرت على ألا يرسمها هذا الرسام!! فهي تعرف معنى أن ترسم إنسانا لا تعرفه وتحصره في خطوط رمادية تحبس الروح في جسد كرتوني يابس ... منذ يوم بعيد جدا ... وهي تعشق رساما ملئ الجدران بصورها من دون يطلب منها أن تقف أمامه! رسمها في كتابه في جلد محفظته ونحت وجهها في خبز يومه وفي باب غرفته الخاوية من أي شيء إلا من لعبة أهدتها إياه في وداعه! اجترها من الذاكرة وجسدها (جيوكاندا) مختلفة لا تشبه النساء .. اعتاد أن يرسمها طبقا لصوتها في ذلك اليوم تبتسم رقيقة دموع صراخ ثورة تخيلها وهي تشيخ وهي طفلة ومر على سنوات عمرها الماضية واستشرف مستقبلها... زمت شفتيها و رفعت عينيها بهدوء وقالت لا ... لن ترسم وجها لا أملكه ومازال معلقا في جدار قلب رجل عشقته... رفضت أن تخونه.. وتملك وجهها لرسام آخر!!! ومضت للأمام تصعد الدرجات المتبقية بينها وبين ما جاءت من أجله ... (القلب المقدس) !!!
02-19-2005, 10:34 AM
محمد حامد جمعه
محمد حامد جمعه
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 6807
Quote: ملئت رئتيها بهواء الصباح... مشت بخفة في أروقة الفندق تحمل فنجانا من قهوة مملوء للمنتصف هرول معها لتلحق بالمصعد ..
تعابيرك جميلة للغاية ... كلماتك قوية لحد بعيد تجعل الانسان يعيش التجربة كانها علي ارض الواقع تملكني هذا الاحساس لان كلماتك قد لمست وتر البعد الخامس من افتراضية الوجود المعلنة منذ زمن الزكريات الحزينة ؟؟ هكذا اتفقنا في الماضي وهكذا افترقنا في الحاضر
السمؤل
02-20-2005, 02:42 AM
Habib_bldo
Habib_bldo
تاريخ التسجيل: 04-04-2002
مجموع المشاركات: 2350
عزاز مسكاقمي (بنجور) سلام دائماً القصص الباريسية تفوح منها رائحة عطورهم المميزة وباريس مدينة غارقة في المدنية الى أحمص قدميها ولكن تحس بأن هناك مسحة من الطابع الريفي على سكانها والفرنسيين عموماً
02-20-2005, 02:45 AM
خضر حسين خليل
خضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087
قبل أن ندخل في مصالحة النص ، وإجتثاثه من سيناريو الواقع ونقله الى مربع الحلم ، أود أن أشير الى صيرورة المفهوم وتكون الظاهرة وإنبثاق المفاهيم .... ( يا خضر يا سمول ) الكلام ليكم وياخضر دي الحالة قبل نمشي عاصمة السخافة.
عزاز شامي :
نصك محطة للاستجمام وجر النفس ، ومكان يتجمع فيه الأحباب ونأسف على الخرمجة والخروج عن النص . شجعني دخول الاحباب ثم أيميل لعضو سابق أوقف حسابه لحالة إشتباه هو حاتم على الذي كان يود أن يشاركك هذه الكلمات.
02-20-2005, 04:33 AM
samwal ebrahiem
samwal ebrahiem
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 679
صدقتا يا صديقي في تلك المقولة كما قلت تماما . طبعا عارف يا خضر متلؤم معاكم كتير لكن تقول شنو بيقولو الغائب عذرو معه عندي ليك حكاوي كتيرة عن الخرطوم بس شيل الصبر لحين الاتصال بك أنت والجميل حاتم ( قرين )
آسف كتير يا عزاز على التخريمة والخروج عن النص لكن خضر دي دائما مزعج وماشي بـ قانون خالف تذكر اكرر أعتذاري الكثيف
Quote: ولا أنا فهمتها يا خضر....تعتقد يكون بشتم ولا حاجة
العزيز أسامه فسر كلماتي كما تشاء بس مافي داعي لتفسيرها بـ الشتيمة لان كلمات الاستاذة عزاز تستحق الاشادة والتقدير لماذا لم تاتي بـ كلماتي الاولي التي تعبر عن الاعجاب والاشادة والتقدير لكن الظاهر في ناس غير المشاكل ما بتعرف حاجه عدم فهمك انا ما مسؤل منو دي مشكلتك لكن ما تفسر بالشتيمة
[B/]عُــزاز.. الناس الفوق ديل قطعو النص حتة حتة سووهو كوتات .. ومع انو ابا جهينة قطع الحتة الكنتا حاقطعا ..بس برضو حاقطعا كتأكيد لما الم بنا جراء نصك ..
Quote: قالت له بأنها لا تريد أن ترى انعكاس صورتها في عين إنسان لا تحبه!
يا بت الكلام ده منجور من راسك ؟؟
تاريكي ما هينة ياعزوز ..
ُترى من يبلغ عني ...وُيخبر الديك ..
عزاز الكلام الفوق ليس لكي ..وانما للديك .. انما لكي الياسمين يا بت ابو الشام ..
ياخي بعيد جدا عن نصك الجميل في هذا البوست وقريب جدا من بعض افضال سعادتكم نحب أن نوجه شكر وعرفان لما صدر منكم تجاه واحد اخونا كاتلاهو الشفقة ..
قد قال فيما قال :
انها بهية الطالع ..وفنجرية جميلة المحيا .. لبيسة وتنتقي البلايز وقسمات وجهها .. وبها ضياء .. وبتخلعك خلعة سمحة ... ثم انها تقريكم السلام ...مع انو ما قات لي سلم على اي زول ....
قال لي : جاتني مارقة لي لحدي بره بكل اريحية لامن هو ذاتو روحو قربت تمرق بنفس الاريحية.. ولامن مدت يدها للسلام من خلعتو قال لامن قرب ياخد اذن من بتاع السكيورتي .. وسكت وقام قال :
السبب الخلاني الزول هناك اجيهو .. سمحات العيون الناعسات في وشيهو ..
هو في الحقيقة ما كان عندو ادني فكرة انكم متواجدون بذلك المكان لكن الونسة جرت مع بتاع الباب وقام هذا الاخير يحكي ليهو عن تاريخ المناطق المهمشة في غرب السودان .. وعن تاريخ معهد ام درما ن العلمي وايام الدراسة الاولية بالثورة ثم بالمهدية المتوسطة ثم بوادي سيدنا والجامعة الاهلية التي تخرج منها .. وانو في غفلة من زمان سماحة الزمان بهدلته الظروف وجاء إلى بيدا نجد وبقى بتاع سكيورتي .. وفي خضم غفلات زمانه المستمرات عرف انو من ضمن السودانيين الممكن يسالوهم واحدة بي اسمك..
كما حدثني صديقنا ايضا انو ام محمود.. ام محمد .. ايهما صحيح - المهم تلك البدينة ام نضارات التي تجاور الباب وتصادق الجميع دون استثناء - استلمت الونسة واطالت الحديث و لم تعجبه اطلاقا ولكنه اضطر إلى المجاملة واطالة عمر الحديث لاغراض خاصة بموقفة كطالب استفسار .. وحين علم صديقنا الوغد بان المعطة (الــبَــّرية) قد تكون الاحتمال الراجح لما تبقى من اليوم حاول جاهدا أن يغير منحنى الحديث إلى افاق اخرى فسالها أن كان بذلك المكان الفخيم أي نوع من اشجار الجهنمية المستجلبة من وراء المحيط ..واضاف قائلا لها : تعرفي : انتي عيونك ما محتاجة لي نضارات ..انتي عيونك محتاجة تشوف ورد جهنمية .. عندها قامت طوالي ام محمد قطمت .. وجرى في خاطرها انو الزول ما طبيعي ..
المهم ..دون أن اطيل – مع اني اطلتا- تقبلو ُشكره الجزيل لحسن استقبالكم .. ويأسف أن ازعجكم وقومكم من شغلتكم في ذلك الضحى ..
وتاني مرة بلاي إن جاكم قابلوهو بي وش النوم.. مع انو حسب الوصف المذكور وش نومكم ذاتو بكون مكمل السماحة.. وبيني وبينك هو نفسو قال يستحيل يكرر الجية لانو سرح كم مرة وهو بتكلم معاكم حتىانه نسى وين ركن سيارتو ... وبعد عشرة دقايق تفتيش في اقرب باركنج اتذكرانو ما حصل ساق سيارة.. ثم انه تعمد أن لا يذودكم باي (كيس نمبر) لانه خشى أن يمتد تواصل اخر في زمان اخر .. فيختل توازن الاشياء.. اضيفي الى كل ذلك انه تذكر انو ابو الشوش كان زول عنيف ..فاثر السلامة ..
ولانو الزول شكلو بدا ينسى حاجات كتيرة ..
هانذا اتذكره بوافر الصبر والسلوان .. الله يرحمه.. هذا وتقبلي مودتي ..
By the way وصفي ليهو المحل الاشتريتي منو البلوزة ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة