من قتل أقاي لوال لوال ؟!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 00:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-29-2005, 01:45 PM

عدلان أحمد عبدالعزيز

تاريخ التسجيل: 02-03-2004
مجموع المشاركات: 2227

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من قتل أقاي لوال لوال ؟!

    نقلاً عن سودانايل؛
    وجوه (تأبى) أن تبارح الذاكرة
    من قتل أقاي لوال لوال ؟!

    عدنان زاهر [email protected]

    كان ذكيا ونبيلا بشكل استثنائي، لكن الخاصية المدهشة اللافتة للنظر والتي تميزه عن غيره هي قدرته الخارقة على معرفة الأمكنة ، الأحياء والشوارع في العاصمة المثلثة – رغم حداثة عهده بالمدينة – وذاكرته (الكمبيوترية) في استرجاع العناوين والأحداث وتفاصيل الناس الذين مروا به.

    كثيرا كنت أفكر من أين واتته تلك القدرات الفذة ، هل هي مكتسبة و نتاج لطبيعة الحياة في تلك المنطقة البكر التي نشأ بها والتي تنتبه لتنمية مهارات الملاحظة والذاكرة؟ ام هي قدرات طبيعية يختص بها وحده؟!

    ذكر لي ( أقاي) أن ذلك قد حدث في أوائل تسعينات القرن الماضي ، والبص المنطلق من أقاصي (الحاج يوسف) والمتجه اٍلى الخرطوم يمتلأ ببشر تختلف وجوههم ، سحناتهم ، مناطقهم والأسباب التي دفعتهم للهجرة اٍلى العاصمة. (انبعج) البص من كثرة الراكبين بشكل (قردي) في داخله ، على الأبواب والنوافذ والمسطحين فوق سقفه. تلك الكتل البشرية جعلت البص يسير ببطء و (يتلكأ) وهو متجها نحو قلب العاصمة . شمس أبريل المكفهرة و (أبو فرار) المتربص والمتواطئ مع جهنمية الطقس أيقظت التوتر الكامن أصلا في ذلك الجمع. انهالت الشتائم والتعليقات البذيئة متدفقة من جهات البص المختلفة. كان أقاي يقف في مؤخرة البص وشقيقه الأصغر في مقدمته. سمع صوت شقيقه الأصغر يجادل ومن ثم صياحا وسبابا موجها ومقصودا به شقيقه. بصعوبة وقتالية استطاع أن يشق طريقا (صراطيا) – يسد تلقائيا – كلما تقدم أقاي نحو مقدمة البص. شاهد شخصا طويلا وضخما بشوارب كثة ومتدهلة، يوجه سبابا مقذعا لأخيه الأصغر (المنبهط) والعاجز عن الرد بطلاقة لضعف لغته العربية. حاول أقاي بلكنته أن يفهم أسباب الشجار المشتعل بين ذلك الشخص وشقيقه. عرف أن شقيقه وبشكل غير مقصود قد وطأ قدم ذلك الرجل، ورغم اعتذار شقيقه وعادية ذلك الحدث في ذلك البص الفائض بشرا اٍلا أن ذلك الشخص المتغطرس رفض الاٍعتذار بعدوانية وأصر على اٍذلال شقيقه واهانته أمام ذلك الجمع.

    سألت أقاي دون أن أقصد ولعل مرد ذلك السؤال طبيعة المهنة التي أمارسها (هل كان ذلك الشخص مخمورا؟). رد بأنه لم يكن مخمورا وأضاف بأنه لم يكن حتى معتوها. قال أقاي دون أن أعي ومن دون سبب وجيه – وأنا أتحدث معه محاولا تهدئته – استل الرجل سكينا كانت معلقة فوق ذراعه الأيسر وقام باٍدخالها في بطني. عندها كشف قميصه المشجر والمشكل بألوان قوس قزح اٍلى أعلى، شاهدت آثار خياطة الجرح تمتد من أعلى صدره قرب العنق حتى أسفل البطن. كان ذلك الجرح عملا لجزار يتقن الصنعة ويعرف أين يوجه مديته. في ذلك الوقت كان البص قد وصل اٍلى نهاية رحلته المحددة وهي المحطة الوسطى الخرطوم بجوار ميدان الأمم المتحدة.

    هرب بعض الركاب المذعورين من رؤية الدماء المتناثرة على الوجوه، لكن سائق البص الشجاع توجه اٍلى الرجل ضخم الجثة وأخذ منه السكين دون أدنى مقاومة بل أن ذلك الشخص سلمه السكين ببرود كأنه كان يذبح كبشا. أقفل السائق أبواب البص واتجه به نحو المديرية (القسم الشمالي حاليا).

    قال أقاي كنت طيلة ذلك الوقت أحمل أمعائي وبقية أعضائي الدقيقة بيدي وأضغط عليهما ليظلا داخل البطن، وشقيقي بدموعه المتجمدة في عينيه ينظر اٍلي هلعا. عندما وصل البص الشمالي اندهش كل من كان في ذلك القسم لبشاعة المشهد. طلب مساعد الشرطة المناوب والمفزوع وبهيستيريا (اٍبرة وخيط) ، ثم خاط بطني بعد أن أعاد ما كان بارزا منها اٍلى الداخل. كنت طيلة الوقت أنظر اٍلى ما يحدث لى وحولي دون أن أفهم شيئا . في ذلك اليوم كنت أنوي وشقيقي الأصغر أن نزور أقرباءا لنا في (جبل أولياء) علمنا مؤخرا بوجودهم هنالك. لم أكن أتصور أن يحدث كل ذلك. أجري تحقيقا غير مطول معي خوفا من وفاتي وانعدام الأدلة ومن ثم تم أخذي اٍلى مستشفى الخرطوم. قاموا باٍجراء عملية كبيرة ودقيقة ومكثت في تلك المستشفى زهاء الأربعة أشهر. بعدها لازمت المنزل لمدة عام وكان شقيقي الأصغر يقوم باٍعالتي من مهن هامشية بالكاد عائدها يسد الرمق وايجارالغرفة الصغيرة. كما ترى صار جسدي هزيلا بعد أن كنت متماسك البنية وقويا.

    ذلك المجرم الذي اعتدى على أقاي حكم عليه (بستة أشهر!) . عندما سألته وهو يكمل حكايته ألم يكن بصحبتك محامي عند نظر القضية؟ أجابني بأنه كان لا يملك نقودا لتوكيل محامي. ذكر كنا نأتي اٍلى المحكمة أنا وشقيقي الأصغر الذي لا يفهم كثيرا في اللغة العربية و نتابع ما يجري في قاعة المحكمة كأحدى الأفلام البوليسية. الشخص الذي قام بطعني كان يأتي اٍلى المحكمة بفخامة ومعه عدد معتبر من المحامين. كانت القاعة عادة تضيق بأهله ومعارفه المشفقين عليه. أقاي كان يعمل معي في المكتب كمراسلة بالنهار ومن ثم يذهب اٍلى مدرسة بالقرب من سكنه بالليل. لقدراته المتطورة وتفانيه في عمله ، أوكلت اٍليه مهام يقوم بها في العادة كاتب مؤهل لصيق بالمهنة. أصبح يقوم بايداع العرائض البسيطة في سجلات المحكمة، اٍيصال خطابات الاٍنذار، توصيل الاٍعلانات للمتقاضين والاٍتصال بمكاتب المحامين المختلفة على امتداد العاصمة. أصبح أقاي معروفا ومحترما من قبل كل المتقلضين والمتعاملين مع المكتب. توثقت علاقته بأسرتي المتددة، أصبح يزورهم في أيام العطلات ، يتناول معهم الطعام ويقضي الساعات الطوال راويا لهم عن جمال قريته وطيبة أهله سوعودته الوشيكة اٍليها بعد أن جمع مبلغا من المال. كما كان يحكي عن نيته في الزواج من احدى حسناوات قبيلته التي تعلق قلبه بها منذ الطفولة. عندما سألته متى وقع ذلك الحدث ذكر لي أنه قد وقع قبل خمس أعوام وكنا وقتها في العام 1998.

    لاحظت أن أقاي لم يكن يسرف في تناول الطعام ويتناول أصناف مختارة من المأكولات ، كما كان بطئ الحركة وعرفت منه أن ذلك نتيجة لتلك الاٍصابة.

    حول محل اٍقامته من (الحاج يوسف) الي (الكلاكلة القبة) وهو يقول أن السبب في تغيير محل سكنه وجود عدد من الأقارب والأهل في ذلك المكان الجديد. كان ينتابني بعض القلق على صحة أقاي المتدهورة بصورة مستمرة رغم تظاهره بالنشاط.

    فجأة تغيب أقاي عن العمل لمدة يومين دون الاٍتصال بالمكتب لتوضيح السبب و كان ذلك على غير عادته. تناقشنا والزملاء عن تغيبه غير العادي وقررنا أن نقوم بزيارته في محل اٍقامته في نهاية يوم العمل الثالث.

    في نهار اليوم التالي الذي اتفقنا أن نذهب فيه لزيارة أقاي حضر اٍلى مكتبي أحد أقاربه وذكر أن أقاي قد توفى صباح اليوم السابق بميلاريا أصيب بها لمدة يومين ودفن في نفس صباح ذلك اليوم الذي توفي فيه. خيم حزن عميق على مكتبنا أياما طوال ، كما فجع للخبر كل من كان يعرفه. بحثت طويلا لأهتدى لأحد من أهله ولكني فشلت. علمت أن شقيقه الأصغر قد غادر الخرطوم قبل وفاته لجهة غير معلومة.

    بعض مضي فترة من الزمن على رحيل أقاي - وعندما كنت أقوم بتنظيم المخزن الخاص بالمكتب – وجدت حقيبة أقاي المدرسية معلقة بمشبك على الحائط. أخرجت الحقيبة المتآكلة وبعد تردد قمت بفتحها. وجدت بداخلها كتاب قواعد باللغة الاٍنجيليزية ، كتاب مبسط لتعليم اللغة العربية نطقا وكتابة ، قلم (بج) ، علبة صغيرة بها بقايا (صعود) فاقدا للون وقصاصات ورق بها رسوم لفتيات بملابس أفريقية.

    صورة أقاي الودودة والوديعة تأتي الي مخيلتي بين فترة وأخرى ، ودوما أتساءل حائرا بعد مرورها الدوري من قتل أقاي لوال لوال ؟!

    هل هو مرض الميلاريا الذي عم العاصمة وقضى على عدد معتبر من ساكينيها في ذلك العام؟! أم الحرب المهلكة في الجنوب التي قذفت به من قريته النائية والحالمة اٍلى المدينة الخانقة؟! أم ذلك الرجل الفظ ضجم الجثة ذو الشوارب المتهدلة الذي قام ببقر بطنه دون أن ترمش له عين وفي وضح النهار ؟!!
                  

01-30-2005, 03:24 AM

Abubaker Kameir

تاريخ التسجيل: 11-25-2004
مجموع المشاركات: 420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من قتل أقاي لوال لوال ؟! (Re: عدلان أحمد عبدالعزيز)

    شكرا استاز عدلان و التحية لكاتب المقال

    حقيقة قرات البوست امس و تاثرت جدا با القصة المحزنة و عندما لمحتة اليوم شعرت برغبة قوية في التعبير عن حزني و المي.

    ابوبكر كمير
                  

01-30-2005, 05:55 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من قتل أقاي لوال لوال ؟! (Re: عدلان أحمد عبدالعزيز)

    رحم الله أقاي..

    أحداث حزينة.. الشكر لك يا عدلان والشكر للاستاذ عدنان زاهر الساداتي..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de