|
خذوا الحكمة من زينب!!
|
مناظير
زهير السراج
* ما حدث في مدينة الخرطوم بحري يوم وقفة عيد الاضحى من بعض الاخوة الجنوبيين، وتحرشهم ببعض رجال الشرطة الذين حاولوا ابعادهم عن شارع العربات الذي اتخذوه مكاناً للبيع والشراء، امر طبيعي ومتوقع، وسيحدث كثيراً، بسبب الاحساس المتنامي لدى الاخوة الجنوبيين بالانتصار في معركة السلام بعد عهود طويلة من الظلم، حسب اعتقادهم، ويجب الا يُثبِّط هممنا في الدعوة للسلام، والوقوف مع وحدة الجنوب والشمال.. الى آخر رمق.. والتعامل بحكمة شديدة مع مثل هذه المواقف مهما بلغت من حدة وخطورة، وحث المواطنين وعقلاء القوم على احتوائها وتجاوزها، ونشر الوعي بين الناس، واشاعة ثقافة التعايش السلمي والثقافي والانعتاق من قيود التعصب الأعمى الى العنصر والعرق والقبيلة. وقد سرني جداً، مثلما قال أستاذنا نور الدين مدني، التعامل الحكيم والراقي لرجال الشرطة مع حادثة بحري، ونأمل ان يستمر مثل هذا النوع من التعامل، ويسود في المواقف المماثلة. كما سرني ان مفهوم التعايش الثقافي والسلمي بين الناس، الذي ظللت ادعو له، يجد آذاناً صاغية من الاغلبية الصامتة، خاصة الشباب، وطلاب وطالبات الجامعات. ويسرني ان أنشر اليوم مداخلة جميلة تشف عن عقل راجح، وحصافة وحكمة تبذ حكمة الشيوخ.. من طالبة جامعية بكلية شرق النيل، وهي زينب محمد صالح ابراهيم التي تقول: أهنئكم وأهنيء الشعب السوداني بحلول اعياد الكريسماس وذكرى استقلال السودان وتوقيع اتفاقية السلام وعيد الأضحى المبارك. قرأت لكم في الايام الماضية في عمودكم اليومي «مناظير» بصحيفتكم الغراء «الصحافة» مواضيع «عقدة اسمها الانقاذ، الانقاذ والعنصرية وعقوق ابناء الانقاذ»، فوجدت العنصرية والجهوية التي تحدثتم عنها كثيرة في الجامعات بين الطلاب، فمثلاً عندما تسأل احد الطلاب.. هل انت من الجزيرة؟ يرد بسخرية «انا شايقي او جعلي اصلي»، هذا على مستوى الطلاب الشماليين عموماً. بالنسبة للطلاب الشماليين والجنوبيين هنالك عنصرية شديدة. بالأمس كنت مع زميلاتي، وجدنا فتاة ملامحها من الشمال معها جنوبي، علقت احدى الزميلات بسخرية وقالت:«هذه الفتاة في غاية الجمال تجلس مع هذا الجنوبي؟!». هذه امثلة بسيطة من التي تحدث بين الطلاب، فهنالك الروابط القبلية وغيرها في الجامعات. أنا لست ضدها، ولكنها في كثير من الأحيان تُفرِّق بين الطلاب وتجعلهم اكثر جهوية وعنصرية، فتجد طلاب شرق السودان لوحدهم في مجموعات طول فترة الدراسة، وهذا ينطبق ايضاً على الطلاب الجنوبيين وكذلك طلاب غرب السودان والشمال وهكذا. وهذه التفرقة تؤدي، بل أدت فعلاً الى عدم تقبل الآخر وثقافته وارثه. نحن في السودان حبانا الله بتعدد ثقافي وعرقي مميز، ما علينا سوى ان نستغل هذه التعددية ونسخِّرها لمصلحتنا، فالتعددية نعمة وليس نقمة كما يعتقد البعض. وفي العالم هنالك دول عديدة تطورت بفعل التعددية، على سبيل المثال الولايات المتحدة الاميركية، وفي العصور القديمة الحضارة الفرعونية ايضاً قامت على التعددية. اذن التعددية هي سبب رئيسي في تطور الأمم وتقدمها. من هنا اناشد الجهات المختصة من أجهزة اعلام وغيرها ترسيخ مفهوم التعددية وتقبل الآخر خاصة في أوساط الطلاب لانهم نصف الحاضر وكل المستقبل.
|
|
|
|
|
|
|
|
|