وحشة الكائن «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب» --- د. هاشم ميرغني

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 04:18 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2005, 11:18 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وحشة الكائن «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب» --- د. هاشم ميرغني

    وحشة الكائن

    «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب»


    د. هاشم ميرغني


    اضاءة اولى:

    طويت القصيدة

    قبل اكتمال عصافيرها

    حان وقت الوظيفة

    نهضت

    انا الآن روحي ظلام

    لكن ربطة عنقي نظيفة

    « ابراهيم نصر الله»

    اضاءة«ثانية»

    اللغة يقطنها دوما خارج ناء بعيد، وفي جوفها يقبع الغياب

    « ميشيل فوكو»

    اضاءة «ثالثة»

    اشعر باليأس ازاء بلادة العالم

    «هنري جيمس»





    تكاد كلمة «اغتراب» تلخص لنا جوهر البنية الدلالية للخطاب الادبي المعاصر ، لاسيما في جانبه السردي ، بل جوهر البنية الدلالية لبعض الاجناس الادبية منذ بواكيرها الاولى.. فقد اندلع برق القصة القصيرة في سماء السرديات ليكشف ما لم تستطع النصوص السردية الاخرى اضاءته: وحشة الفرد المنعزل المتوحد ازاء العالم في اغترابه الازلي ، لتلملم ايضا العابر والهامش والمنسي والكاد ينسرب في دهاليز العتمة والنسيان، ولتفتح بوابة بين عالمين: الجواني بكهوفه السرية التي لا تقود سوى لعتامتها، والخارجي بثقله الباهظ وحواره الدائب مع منافذ الحواس .. بكلمة واحدة: لتقبض على جوهر اغتراب الكائن ووحشته.

    القصة القصيرة كما يقول اوكونور مهمومة بالمغمورين، والشخصيات الخارجة التي تهيم على حواف المجتمع وتتضمن ذلك الوعي الحاد باستيحاش الانسان.

    وقد عزا اوكونور ازدهار القصة القصيرة في امريكا لكونها آهلة بالجماعات المغمورة ورأى ان غرابة السلوك هي الدم الذي يسري في عروق القصة القصيرة حسب د. شكري عياد تعبير عن رعب الحياة.. ويقول يوسف القعيد عن تجربته في القصة القصيرة:« تنبع كتابة القصة من احساسي الحاد بعدم التوافق بيني وبين العالم، فاذا لم اشعر بهذا الاحساس لا تنشأ لدي الرغبة للكتابة التي اعدها محاولة للتعبير عن حالة من القلق ، وعدم الرضا ، والرفض، وقد تكون الكتابة هنا شكلا لحل الازمة «فصول : يوليو 1982».

    على مستوى ابعد يؤكد غالي شكري في «المنتمي» ان الاحساس بالغربة هو نقطة الانطلاق الاولى لاجيال المثقفين في الغرب منذ ارهاصات الحرب الاولى الى وقتنا هذا.. فالقيم من حولهم لا تكفل لهم الامن والطمأنينة بل تزيدهم عذابا»

    في المقاربة النقدية القادمة عبر « الرأي العام» سنحاول ان نقترب من تجليات الاغتراب في بعض النصوص السردية، ولكننا الآن نجد من الضروري ان نمهد لذلك بهذه المقاربة النظرية حول مفهوم الاغتراب لنكفكف بعضاً من غربة القارئ تجاه المصطلح « الاغتراب» ولتمتين المقاربة التطبيقية بهذا المهاد النظري، وكذلك للالمام بطبيعة الجهاز المعرفي الكامن تحت هذا المصطلح . ذلك الجهاز الذي يمنح المصطلح خصوصيته وصلابته وعمقه في الخطابين الادبي والنقدي.

    ويقدم التحليل اللغوي للمصطلح منطلقا جيدا للارتحال صوب الدلالي، اذ يرى بعض الدارسين مثل د. محمود رجب ان معنى الكلمة كامن فيها كمون النفط في باطن الارض، وما على المرء الا ان يجيد الحفر اي التحليل حتى ينبثق المعنى او الحقيقة من داخل الكلمة نفسها.. هكذا مثل تمثال مايكل انجلو:« انا لا انحت انما اكشف عن التمثال الذي في الحجر».

    في التحليل اللغوي لاصل المصطلح اغتراب ALIENATIONفي سياقه الغربي فان الاصل الذي اشتقت منه المفردة هو الكلمة اللاتينية ALIENATIO بمعنى ينقل او يحول او يسلم او يبعد.

    ويحلل لنا محمود رجب في دراسته المهمة « الاغتراب : سيرة مصطلح» المصطلح في ثلاثة سياقات رئيسية له هي: السياق القانوني، والسياق النفسي الاجتماعي، والسياق الديني

    اما في السياق القانوني فان المفردة كانت تستخدم في اصلها اللاتيني للدلالة على النقل او التحويل او انتقال اي شئ الى آخر ، فيصير غريبا عنك ، ومن هنا تطور المعنى ليدل على قابلية الاشياء بل والكائنات الانسانية المملوكة « اي الارقاء» للتنازل او البيع والاغتراب بهذا المعنى يقترب من التشيؤ REIFIHCATION ، اي تشيؤ العلاقات الانسانية وتحويلها الى اشياء جامدة.

    وفي السياق النفسي الاجتماعي تعني المفردة ما يحدث للفرد ما يحدث من اضطرابات نفسية وعقلية ، وما يستشعره من غربة في العالم وفتور او جفاء في علاقته بالآخرين ومازالت الكلمتان الانجليزيةALIENATION ونظيرتها الفرنسية ALIENATION تحتفظان بهذا المعنى النفسي للكلمة اللاتينية ALIENATIO فالمجنون او من يعاني اضطرابات عقلية بوجه عام يسمى في الفرنسية ALIENIST اما في الانجليزية فان كلمة ALIENE كانت تطلق على الطبيب الاختصاصي في تشخيص الامراض العقلية وعلاجها.

    اما في السياق الديني فقد كانت الكلمة تستخدم لتعني انفصال الانسان عن الله بالخطيئة او السقوط من النعمة الالهية في الخطيئة والذنوب « الاغتراب: سيرة مصطلح:31»

    اما «معجم المصطلحات العربية» فيضع امام مصطلح الاغترابALIENATION عددا من الكلمات التي يرى انها تقابله وهي: الشعور بالغربة ، الوحشة، اللا انتماء، الانخلاء، الانسلاخ، ويعرفه بانه « شعور المرء بانه مبعد عن البيئة التي ينتمي اليها».

    اما في السياق العربي فان المفردة تمد جذورها عميقا حتى العصر الجاهلي .. هكذا نقرأ في اللسان:« الغربة: النزوح عن الوطن والاغتراب، تقول منه تغرب واغترب ، وغريب بعيد عن وطنه والجمع غرباء.. والغرباء الاباعد، والغريب : الغامض من الكلام.. واغرب الرجل: جاء بشئ غريب، واغرب الرجل اذا اشتد وجعه من مرض او غيره.»

    على مستوى الخطاب الديني فان الاغتراب يمثل موضوعا خصبا للبحث لن يتسع له صدر هذه المقاربة بالطبع، ولكن يمكن الاشارة في عجالة الى ان المفردة « غربة» قد وردت في العديد من نصوص الاحاديث النبوية، بمعنى مقارب لمعناها المعاصر الذي يرتكز على الغربة النفسية والاجتماعية للفرد ومسافة اختلافه عن الآخرين، مثلما نجد في حديث ابي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بدأ الاسلام غريبا وسيعود ما بدأ غريبا فطوبي للغرباء « صحيح مسلم: كتاب الايمان» والغربة هنا هي غربة اجتماعية ، ونفسية ، وليست غربة مكانية ، ويؤيد ذلك حديث آخر فعن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن عنده، طوبي للغرباء فقيل من الغرباء يا رسول لله؟ قال: اناس صالحون في اناس سوء كثير من يعصيهم اكثر ممن يطيعهم « مسند أحمد: حديث»6362، وهي هنا الغربة التي يعانيها الصالح بين قومه، وهي من غربة الانبياء التي اشار اليها المتنبي في قوله

    انا في امة تداركها الله غريب كصالح في ثمود

    وفي بعض الاحاديث النبوية مايدل على ان الغربة صفة المؤمن ففي حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل « صحيح البخاري: كتاب الرقائق حديث 5937 وانظر الحديث ايضا عند الترمذي : كتاب الزهد: حديث 2255 » وقد ذكر الامام النووي في شرح هذا الحديث لا تركن الى الدنيا ولا تتخذها وطنا ولا تحدث نفسك بطول البقاء فيها ولا بالاعتناء بها، ولاتتعلق بها الا كما يتعلق بها الغريب في غير وطنه، ولا تشتغل فيها الا بما يشتغل به الغريب الذي يريد الذهاب الى اهله « رياض الصالحين :216 وما بعدها»

    اما في القرآن الكريم فلم ترد الكلمة بنصها، وان كانت فكرة انفصال الانسان عن الله قد عبرت عنها قصة خلق آدم وهبوطه من الجنة، كما وردت في سورة البقرة، لذا نجد ابن العربي يعبر عن ذلك بالقول في الفتوحات المكية: ان اول غربة اغتربناها وجودا حسيا عن وطننا غربتنا عن وطن القبضة عند الاشهاد بالربوبية لله علينا، ثم عمرنا بطون الامهات، فكانت الارحام وطننا، فاغتربنا عنها بالولادة»

    ولن يعوزنا العثور على العديد من الآيات التي تكرس لغربة الانسان عن هذا العالم الدنيوي وتخفف من ألفته لهذا العالم واطمئنانه له، مثل قوله تعالى:« وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور» وقوله تعالى :« وان الدارة الآخرة لهي الحيوات».

    ويقع محمود رجب على نص مهم لابي حيان التوحيدي «ت 400هـ» في الاشارات الالهية يضئ لنا مفهوم الاغتراب كما عرفها هذا المفكر الكبير، وهو المفهوم الذي يغترب كثيرا من مفهوم الاغتراب بمعناه النفسي- الاجتماعي الذي نعرفه الآن ، يقول ابو حيان :فأين انت من غريب قد طالت غربته في وطنه.. واين انت من غريب لا سبيل له الى الاوطان ، ولاطاقة به على الاستيطان؟

    الغريب من هو في غربته غريب.. الغريب من نطق وصفه بالمحنة بعد المحنة .. ان حضر كان غائبا وان غاب كان حاضرا.. وفي نص آخر واغرب الغرباء من صارغريبا في وطنه وابعد البعداء من كان قريبا في محل قربه لان غاية المجهود ان يسلو عن الموجود ويغمض عن المشهود ، ويقصى عن المعهود»

    وتتفق هذه النصوص مع طبيعة أبي حيان التوحيدي «310هـ - 414هـ» الذي عاش مغتربا عن معاصريه ، حتى لقد اوصى بحرق مؤلفاته.

    ولكن من اين ينبع الاغتراب؟

    يرى بعض الفلاسفة ان الاغتراب يبدأ عند الانسان منذ تفتح عينيه على الوجود في هذا العالم الذي هو غريب عنه الذي نزل اليه بسبب معصية آدم عليه السلام، فالانسان قد اغترب عن عالمه الحق بفعل الخطيئة، وارتحل الى عالم آخر تصفه الكتب المقدسة بأنه « باطل وقبض ريح».

    ويلخص غسان السيد في دراسته عن الاغتراب في عالم زكريا تامر، يلخص لنا اشكالية الانسان مع العالم فلسفيا على النحو التالي: مع تفتح عيني الانسان على الوجود يبدأ بمحاولة تشكيل عالمه الخاص، عن طريق الاحلام تارة، وتارة اخرى عن طريق العمل لكن الانسان يكتشف انه كلما تقدم في هذا الطريق ازداد بعده عن تحقيق اهدافه، وتبدأ احلامه بالتحطم على ارض الواقع، وتبدأ رحلة اغترابه عن كل ما يحيط به، وعن ذاته نفسها ، فاغتراب الذات ينشأ اذاً عن التناقض بين داخل الانسان وبي العالم الخارجي، بين الواقع والخيال، بين ما يملكه وما يطمح اليه، بين نظام العالم ونظام تفكيره.

    ويبدأ الانزلاق لعالم الاغتراب عندما يفتقد الانسان القدرة على التناغم ، وكما يقول غسان السيد فان التوازن النفسي للانسان لايتأتى الا من خلال علاقة صحيحة ومثمرة مع محيطه الاجتماعي، وعندما يتوقف عن الانسجام مع ذلك المحيط يفقد علة وجوده، وبذلك يدخل في عالم الاغتراب الذي يشل مقدرته على الفعل، بينما يرى مجاهد عبد المنعم في دراسته عن «جماليات القصة القصيرة» ان تشيخوف كان يعبر عن مطلق مأساة الانسان من خلال تدهور الانسان الروسي في اواخر القرن التاسع عشر، كما كان كافكا يعبر عن مطلق مأساة الانسان من خلال تدهور الانسان الغربي في مطلع القرن العشرين ، انهما يتشابهان في انهما لم يقصدا التعبير عن حقبتهما التاريخية، بل قصدا ان يستغلا روح عصرهما للنفاذ الى التعبير عن مطلق عذابات الانسان واغترابه، واصبح الموضوع الوحيد عندهما هو اغتراب الانسان في اجماله.

    «مشكلة الانسان اذاً في العالم الخارجي الذي لا يجيب عن نداء العقل والروح ، ولا يعطي اية اشارة تبعث على الطمأنينة ، كل هذا ينعكس على ذات الانسان التي لا تستطيع تحمل كل هذا الرعب» كما يقول غسان السيد في سياق تحليله للاغتراب عند زكريا تامر « مجلة الموقف الادبي: عدد 352».

    يمد الاغتراب جذوره اذاً حتى فجر البشرية، لكنه تفجر بعنف في اوربا عقب الحرب العالمية الاولى فبعد اكتشافات فرويد المروعة لبواطن النفس، وتدفق مختلف التيارات الفكرية والادبية وتراجع دور الدين، وانهيار العديد من القيم، واكتشاف مدى نسبيتها ، وسيطرة الآلة وبروز قيم استهلاكية لا تقدم للانسان اية طمأنينة او راحة تأكد الاغتراب كملجأ تلجأ اليه الذات الحساسة لتأكيد وجودها، وكشف المساحات الشاسعة التي تفصلها عن المجتمع، وما لبث ان ظهرت العديد من الكتب التي تبحث في هذه الظاهرة وتفلسفها مثل « اللا منتمى» لكولن ولسون الذي كان دستور عدة اجيال من الشباب في اوربا والعالم« وسقوط الحضارة» لاشبلنجر ، وغيرها.. كما مثل الاغتراب منطلقا اساسيا لاعمال ألبير كامي وصمويل بيكيت ، وسارتر، واوجين يونسكو ، وجان كوكتو، وجايلز كوبر، وتينسي ويليامز، وآرثر داموف، وجون اوزبورن.. والقائمة تطول.

    عربياً فان الاغتراب قد تجلي عن المثقف العربي المعاصر بصورة حادة للعديد من الاسباب اوضحها: التمزق بين جدلية الماضي الحاضر ، التقليد الحداثة ، النص الاجتهاد، الانا الآخر الذي يغزوه في عقر داره ويزدهي بحضارة ضخمة لم نشارك في صنعها مما يخل بمعادلة الانا والآخر ويحول الحوار الى صراع» وما لبثت ان تحالفت خيوط عديدة زادت نسيج شبكة الاغتراب تعقيدا عند العربي مثل القهر الذي تفاقمت وتعددت انواعه كالقهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني « اي الذي يتم باسم الدين» والفقر الطاحن المصادر لابسط حاجات الحياة، والهزائم القومية كهزيمة «1967» الثقيلة، وخيبة الامل في الانظمة التي تولت دست الحكم بعد سنوات من النضال الشاق ضد الاستعمار القديم.

    «يتبع الاسبوع القادم»


    -----------
    عن صحيفة الرأي العام

    http://www.rayaam.net/art/art10.htm
                  

03-04-2005, 11:29 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وحشة الكائن «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب» --- د. هاشم ميرغني (Re: sympatico)

    أين أنت... يا صديقي!.

    وقعت عيني على العنوان.. قبل إسمك.. فعرفت أنه أسلوبك.. بيد أن (الدال) بدت لي مثل شيء بدأ يتخلق في مكان بعيد يدعونه (ستوتة).. ألا تزال نحيفا كعصا الراعي.. يا هاشم!.

    شكرا لصاحب البوست الذي أعادني.. إلى تلك الأيام!!!.
                  

03-04-2005, 12:50 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وحشة الكائن «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب» --- د. هاشم ميرغني (Re: عبد الحميد البرنس)

    كان قد تناهى إلي بداية عهدي بالدراسة الجامعية في الزقازيق أن في المنصورة يوجد طالب يدعى هاشم ميرغني الحاج.

    كانت الرواية الشائعة آنذاك أن هاشم غادر كلية العلوم بعد ثلاث سنوات إلى قسم اللغة العربية. بدا لي هذا السلوك دافعا قويا لرؤيته.

    وقد كان.

    أول ما أدهش أن الكتب كانت تتراكم داخل شقته كأحزان أرملة!.

    قلت له آنذاك:

    يا هاشم.. في صدري شيء ثقيل.. أريد أن أخرجه في شكل كتابة.. شيء أشبه ما يكون ببحيرة دمع راكدة.

    هاشم ابتسم.. ثم أطلق نظرة ساهمة إلى السقف ذي القشور الجيرية الزرقاء الرقيقة.. قبل أن يدعوني إلى قضاء إجازة ذلك العام معه في المنصورة.

    لمدى شهور متصلة.. كنا نعزف على وتر قراءات محمومة في عزلة كاملة عن العالم الخارجي.

    كانت تطبخ لنا صاحبة الشقة طعامنا وتقوم في آن على أعمال النظافة.

    كان هاشم يدير حوارات مع بعض الأصدقاء داخل غرفته مثل رولان بارت.. يحكي لي طرفا منها خلال وجبة الغذاء.. بينما كنت أخرج من غرفتي وقد علقت بملابسي رائحة بيوت الفقراء تخرج أحيانا من بين ثنايا حروف جوركي .

    بيد أن ثمة شيء ما بدا يفصل بيننا.. لعلها الرؤية إلى العالم!.




    هاشم ميرغني مبدع وناقد جاد.
                  

03-04-2005, 01:25 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وحشة الكائن «مقاربة اولى لمفهوم الاغتراب» --- د. هاشم ميرغني (Re: عبد الحميد البرنس)

    عذرا.. يا سيمباتيكو.. أنا لا أكتب نقدا.. بيد أني قرأت شيئا ذا عرق حقيقي!.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de