π منبر دا و لا متحف شمع£

+ شيخ العرب يترك الدنيا وما فيها ليبذل نفسه لمهام لا يقوم بها
غيره، يتحرك في مستشفى ودمدني بطاقة منظمة خيرية وبإمكانياتها.ويقضي
ليله في حفر القبور لموتى افتراضيين لم تفارق أرواحهم أجسادها بعد.
+ وعندما يخذله جسده المرهق و ينال منه التعب، يخلد إلى الراحة لياخد
تعسيله في أحد القبور الجاهزة وتأخذه سنةُ سباتٍ عميق، إلى أن يوقظه موقظ.
+ تفرَّغ تماماً لرعاية فقراء المرضى ومساكينهم من فاقدي المأوى و الاهتمام الأسري.
يطعمهم ويكسوهم ويشتري لهم الدواء، بل يقوم هو بمفرده ليأخذ بأياديهم غلى حيث يقضون
حاجاتهم الطبيعية، و كثيراً ما كان يقوم بغسل ملابسهم، وغسل أجسادهم بعد الموت!
+ أكفانه جاهزة وعطوره مُعدَّة، يفعل ذلك بلا منٍّ لا أذًّى و ولا رياء ولا عشماً في أن
تصطاده فلاشات المصورين وعدسات الكالميرات الخفية أوتحتفي به صفحات المنوعات!
وفي مناسبات عديدة كانت تستعين به مصحة الأمراض العقلية والنفسية بود مدني في تنظيف
المرضى وغسلهم.
+ ما كان يفعله شيخ العرب، من أفعال استثنائية تقترب من الكرامات، لا تقدر
عليه اليوم منظماتٌ وهيئات أمميةٌ لديها ميزانيات معدة وعربات ذات دفع رباعي!
وللمفارقة الموجعة، قبل أيام من الاحتفال بعشرينية رحيل (شيخ العرب) بمدينة ود مدني،
رحل بهدوء مأساوي مواطن بسيط يدعى (علي آدم محمد) من أحد العنابر المهملة الآن
بمستشفى ودمدني!المريض المسكين الفاقد للسند الأسري، رووا قصته كيف نقل للمستشفى
بعد تعرضه لحادث سير وأجريت له عملية جراحية لكسر تعرض له في فخذه.المريض
تلقى العلاجات اللازمة ولكن عدم وجود مرافق يشاطره آلامه جعل حالته الصحية
تتراجع وتحوَّل إلى هيكل عظمي إلى أن تلاشى.
+ رحل الكيثرون في زمن غاب فيه نجم (شيخ عربنا) من بعد طلوعٍ و خبا بعد التماعٍ
ولم تحضر فيه منظمات الرعاية ولا صناديق الضمان، والوالي حينذاك البروف الزبير
بشير طه يرقص بالسيف ويطرب للدوبيت في تخريج دفعات صيف العبور!
+ ابنه محمد شيخ العرب، يحكي عن والده وكيف أن روائح عطور الموتى
كانت لا تفارق ملابسه وأنه كان فاقداً لحاسة الشم، شيخ العرب كا
ن هو الوجه الآخر لغرنوي بطل رواية (العطر)!
+ إذا كانت عظمة البطل (جان بالتيست غرنوي) في رواية (العطر)
أن وهبه الله أنفاً أسطورياً لتمييز الروائح، فإن شيخ العرب حرمه الله
من حاسة الشم ليقوم بمهام لا يقوم بها غيره، و تلك
كانت كرامة ً و سراً وضعه الله في أبسط خلقه.
ود ال ح ي ش ا ن ال ت ل ا ت ة
رافع أذان على الفاضي في مالطة