26 يناير 1885م: تحرير الخرطوم.. معركة العزة والكرامة...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 10:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-29-2023, 10:03 AM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
26 يناير 1885م: تحرير الخرطوم.. معركة العزة والكرامة...

    09:03 AM January, 29 2023

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر



    26 يناير 1885م: تحرير الخرطوم.. معركة العزة والكرامة
    أغضبت الملكة العجوز وتحوَّلت إلى عرس في إيرلندا
    26 يناير 1885م: تحرير الخرطوم.. معركة العزة والكرامة
    سلام يا البقعة مبروكة الإله والدين
    حبابك يا المحكرة في سواد العين
    حباب الحرروك لا انتماء لا دَيْن

    حباب الخندق العجن الجلود بي الطين
    حباب قصرك ضَبح غردون من الإضنين
    حبابك يا المغسلة بي طهور مويتين
    حبابهم كتفوا ابوطليح على اللقنين

    حباب المهدي فيك كبّر حرارة و دين
    حباب أسد العرين عبد الله ود تورشين
    حباب النور عقيد الخيل عقود الشين
    حباب عنقرة المعزة الأصلو ما بتلين

    حباب الزاكي أدّاب النقز في الحين
    حباب ود النجومي القبرو في توشكين
    حباب عثمان سواكن دقنة في الدورين
    حباب يعقوب حباب محمود و شيخ الدين

    سلام يا القلعة بي بدورها و جواهر تاجها
    سلام يا اب عنجه خورك لاقى نيلو الناجا
    سلام يا ابروف و ودنوباوي ضوى سراجها
    سلام ديم أب سعد و نار الخيم وجاجه

    في #ذكرى_تحرير_الخرطوم

    – المؤرخ ضرار صالح ضرار: الإمام المهدي لم يكن راضياً كل الرضى، عن مقتل غردون إذ كان أن يفتديه بأحمد عرابي
    – مخطوطات حزب الأمة القومي: الطريق لتحرير الخرطوم كان شاقًا، بدأ من الجزيرة أبا وجبال قدير ثم كردفان وحررت كافة الأطراف وكانت النهاية تحرير الخرطوم

    – المؤرخ د. محمد المصطفى موسى: تلقى القوميون الإيرلنديون أخبار انتصارات الثورة السودانية على بريطانيا باحتفاءٍ مشهود .. وطفقت صحافتهم في تخلد تلك الانتصارات

    – المؤرخ الروسي سيرجي سمرنوف: المهدية وأن كانت حركة دينية لدى نشوئها إلا أنها أضحت ثورة وطنية تقدمية ضد الاستعمار البريطاني .

    إعداد- فرح امبده

    في مثل هذا اليوم من 138 عاماً، وتحديداً في يوم 26 يناير 1885م، كتب أجدادنا صفحة جديدة في تاريخ السودان، عندما قهر الإمام محمد أحمد المهدي، ومعه صنوف من أبناء الشعب السوداني، الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وقتذاك، بمقتل الحاكم الاستعماري وقتها غردون وهو الحدث الذي عرف بـ “تحرير الخرطوم” وهي “قصة” تحكي عن عزيمة وبسالة السودانيين ونبل أخلاقهم في مواجهة عدو لا يراعي إلا ولا ذمة.

    وتحرير الخرطوم، بدأ من كردفان ودارفور، بعد أن حرر الإمام المهدي كردفان ودارفور، علم بتحرك حملة إنجليزية لإنقاذ غردون من حلفا ما جعله يتحرَّك من معسكره في بلدة الرهد في 22 أغسطس 1884م، إلى أن عسكر في أبي سعد بالقرب من أم درمان بعد مسيرة شهرين، وتمكن من تطويق الخرطوم بشكل كامل كما بدأت المؤن والغذاءات تتلاشي.


    وحسب ما ورد في كتاب تاريخ السودان الحديث للمؤرخ ضرار صالح ضرار: عندما علم الإمام المهدي بتقدم حملة الإنجليز لإنقاذ غردون، عقد اجتماعاً بين كبار قادته فقرروا الهجوم على الخرطوم وتحريرها قبل وصول الجيش البريطاني، ولذلك فإنه في 26 يناير 1885م، أمر الإمام المهدي الأمير عبدالرحمن النجومي بالهجوم العام على العاصمة، واستبسل كل من الفريقين في القتال، ولكن رجحت كفة الإمام المهدي وقضى أنصاره على كل من قاتلهم في الخرطوم، ووصل بعض رجاله إلى السراي يتقدَّمهم رجلان من أبناء قبائل البجا فهجما على غردون الذي كان يحمل مسدساً فقتلاه، وفي الضحى أصدر الإمام المهدي أمره بالكف عن القتال حقناً للدماء، وعندما بلغت أنباء مقتل غردون الإمام المهدي لم يكن راضياً كل الرضى، إذ كان يريد أن يحقن دمه، كما فعل بغيره من الأوروبيين، ويقال: إن الإمام المهدي كان يريد أن يفتدي أحمد عرابي بغردون.


    أنصار المهدي
    عرض تاريخي

    قصة تحرير الخرطوم في 26 يناير 1885م، تحكي عن عزيمة وبسالة السودانيين ونبل أخلاقهم في مواجهة عدو لا يراعي إلا ولا ذمة، لكنها لا تروى في مضابط التاريخ السوداني الرسمية بالصورة التي توضح مغزاها وأهميتها في تحديد المصير السوداني.

    ووفق ما ورد في مخطوطات حزب الأمة القومي، فإن الطريق لتحرير الخرطوم كان شاقًا، فقد بدأت الثورة المهدية من الجزيرة أبا وذهبت لجبال قدير بجنوب كردفان ثم انطلقت نحو كردفان وحررت كافة الأطراف حتى كانت النهاية تحرير الخرطوم.


    أهم المحطات في الطريق للتحرير كانت شيكان يوم الاثنين 5 نوفمبر 1883م، بعدها استسلم سلاطين النمساوي في شعيرية وتم تحرير دارفور في 14 يناير 1884م. بعد الهزيمة الماحقة ومقتل هكس باشا في شيكان وضع البريطانيون خطة للاستيلاء على السودان بإرسال غردون مطوع ثورة (الملك السماوي) في الصين فتم تعيينه حاكمًا عامًا على السودان في يناير 1884م.


    حصار القصر
    حصار الخرطوم

    بدأ حصار الخرطوم في يناير 1884م بقوات الشيخ محمد الطيب البصير، قبل وصول غردون وتجريبه كل وسائل الخداع والاستمالة والترغيب.

    وكانت أولى محاولاته قبل وصوله بربر في 11 يناير 1884م إرساله هدية (جبة وقفطان وحزام وطربوش مغربي بعمامة ومركوب وشال) وخطابًا ورشوته بأن يعطيه ملك كردفان. ورد عليه المهدي داعيًا محاولاً له للإسلام ورد له هديته وأهدى له جبة ورداء وسراويل وعمامة وطاقية وحزام ومسبحة.

    وصل غردون الخرطوم في 18 فبراير 1884م، وأصدر على الفور إعلاناً للقبائل المجاورة بأن السودان قد تم فصله نهائيًا عن مصر وأن كل القرارات الخاصة بإلغاء الرق قد أبطلت وأنه لن تحصل أقساط ومتأخرات ضرائب وأنه عيَّن المهدي سلطانًا على كردفان وأمر بإحراق دفاتر متأخرات الضرائب علناً مع الكرابيج والسياط وأدوات التعذيب الأخرى المعروفة عن ذلك العهد الذي أشقى السودانيين كثيرًا.

    وفي مارس أرسل القائد المهدوي إبراهيم العبيد لغردون يقول له إن الإمام المهدي أمرهم بحصار الخرطوم، ويقول له (سلم تسلم يؤتك أجرك مرتين) لكنه أبى، وقضى غردون أبريل 1884م في زيادة تحصينات الخرطوم فحفر خندقًا أطول وعمَّق ما كان محفورًا لثمانية أقدام، وشيَّد سورًا من الداخل ارتفاعه خمسة أقدام، وشيَّد طوابي جديدة. وفي منطقة انحسار النيل وضع مراكب محملة بالمتفجرات، وعلى بعد من الخندق وضع عبوات ناسفة مزوَّدة بأجهزة إشعال محملة بالبارود وضعت في براميل المياه الفارغة. وشمل نظام الألغام هذا كذلك حامية أم درمان، حلة خوجلي ببحري وجزيرة توتي، وأنشأ نظام تلغراف يجمع هذه النقاط المتباعدة بالقصر.


    في 15 أبريل لاحت بوارق الأمير أبو قرجة (أمير البرين والبحرين) حول الخرطوم ومعه أربع فرق من جهادية كردفان حملة الأسحلة النارية ومدفعين وبطارية صاروخ. ونزل بالجريف شرق الخرطوم، وأرسل خطاباً لغردون يحضه كذلك على التسليم، ثم تقدَّم لمنطقة بري وبنى فيها طابية وضع عليها مدفعًا، وأمر فضل أحمد (فضلو) بالنزول على النيل الأبيض في منطقة شجرة ماحي بك (الشجرة الآن) فنزل هو ورجاله هناك وشيَّد طابية ووضع عليها مدفعًا. ولم تسكت الدانات داخل الخرطوم، واشتد الحصار عليها فارتفعت الأسعار بنسبة 3000،%وزاد عدد القتلى والجرحى. وفي 14 مارس 1884م تم تحرير بحر الغزال، وتحرير بربر في 19 مايو 1884م.

    في الأسبوع الأول من مايو أرسل غردون ثالث بواخر محملة بالجنود لضرب طابية أحمد فضلو بالشجرة، وتمكنوا من هدم الطابية والاستيلاء على المدفع وكمية من الذخيرة ودمَّروا منازل كثيرة للأهالي ولكن الثوار تجمعوا سريعًا بعد ذهاب البواخر وشدَّدوا الحصار مرة أخرى.

    في 10 يونيو 1884م دعا الشيخ أحمد العوام، وهو مصري من خطباء الثورة العرابية وكان منفيًا للسودان في الخرطوم، لحل سلمي فقبض عليه غردون بتهمة التحريض وكبَّله بالحديد وسجنه وبعد ذلك أطلق سراحه وعيَّنه معاوناً في الحكمدارية، لكنه لم يتنازل عن ثوريته فبطش به ولفق له تهمًا أعدمه على إثرها، وقد خلف كتابه (نصيحة العوام للخاص والعام من أخواني أهل الإيمان والإسلام).

    في 15 يوليو أرسل غردون جردة لمهاجمة الأمير أبي قرجة. وأخرى لمنع تقدم تعزيزاته من جهة الكالكلة. فنجحوا في تشتيت قواته والاستيلاء على بعض مؤونته، كذلك شن هجومًا آخر عليه في 12 أغسطس 1884م، وأرسل حملة في 15/8/1884م طردت قوات العبيد ود بدر من الحلفايا، وأطلق جردة في 29 أغسطس، على قوات ود بدر المتمركزة في العيلفون استولت على كميات من الأغذية، مما حسَّن من الحالة في الخرطوم المحاصرة. وحاولت قوات الجردة مطاردة الثوار، فحاصروها في غابة أم ضبان وقضوا عليها ومن فر منهم ووصل الخرطوم كان في حالة هلع شديد. بعد هذه المعركة بدأ غردون يسقط في الهاوية.


    أرسل المهدي الأمير عبد الله جبارة والأمير بابكر عامر للانضمام للشيخ العبيد ود بدر فالتقياه، وقد كان شيخاً مسناً ولكنه قوي الإرادة استطاع من غرفته أن يوجه أبنائه لقتال الغزاة. وكان الأمير العباس العبيد ود بدر بالمرصاد لبواخر غردون من الشاطئ الشرقي للنيل الأزرق.

    وصول النجومي

    عزز من النكبة الغردونية وصول أمير الأمراء عبد الرحمن النجومي لمشارف الخرطوم في 1 سبتمبر 1884م في قوة مسلحة بالسلاح الأبيض والبنادق، انضمت إليهم قوة عبد الله النور معهم مدافع كروب ومدافع جبلية وصاروخ. وكان معه من الأمراء عبد القادر مدرع شيخ الحسنات وعبد الله سالم الحاج عبد الله وعبد الله النور. التقى النجومي بأبي قرجة في قرية ود شكر الله (على بعد 24 ميالاً جنوب الخرطوم) وتقدما لقرية الفرقان بالقرب من حصون الخرطوم.

    تقدم النجومي لمنطقة القوز وشيَّد طابية هناك قبالة أقوى طابية لغردون، وشكَّل طابية في الجريف يقودها الأمراء سليمان العبيد، حامد النيل حامد وعمر الخليفة محمد سوار الذهب، كما وضع مخازن للأغذية يشرف عليها الأمير حاج خالد العمرابي. وأرسل الأمير عبد القادر مدرع لمقابلة بوابة المسلمية وأمر عبد الله النور وجيشه بالنزول في مقابلة بوابة بري على ضفة النيل الأزرق اليسرى وأرسل محمد عثمان أبو قرجة لاحتلال ضفة النيل الأبيض اليمنى أمام قرية الفرقان.

    في شهر سبتمبر 1884م تلقى غردون عدة خطابات من أمراء المهدية تطالبه بالتسليم أهمها خطاب من النجومي في 13/9/1884م رد عليه غردون في 24 سبتمبر يرشو فيه النجومي وأبا قرجة عارضًا عليهما أن يعينهما سلطانين على الغرب بعد أن تعود الأمور إلى نصابها.


    مشهد لمقتل غردون
    نجدة غردون البريطانية

    فكَّرت بريطانيا في إرسال نجدة لغردون بقيادة اللورد ويلسلي، وصلت أعداد منها دنقلا في منتصف نوفمبر 1884م. في 27 ديسمبر 1884م قسم اللورد ويلسلي قوة النجدة (حملة النيل) المتجهة للخرطوم إلى قسمين: الأول يسمى طابور الصحراء يذهب عبر الصحراء لاحتلال المتمة.

    بقيادة سير هيربرت استيوارت، والثاني يسمى الطابور النهري بقيادة ميجور جنرال ايرل، يذهب مع النيل لاحتلال بربر بمساعدة الطابور الأول. الحرب البايولوجية والتزوير نفذ الغزاة الحرب البايولوجية على الثوار من داخل الخرطوم ومن خارجها.


    أما من الداخل فقد قام غردون بمساعدة الطبيب نيكوال، بنشر الجدري بين قوات الثوار المحاصرين للخرطوم، وأخالها من الأوربيين (هو شخصياً لديه مناعة من المرض)، وقد قبض الثوار على باخرة الأوربيين الفارين ومعهم أوراق مهمة وأختام مزوَّرة فيها توقيع المهدي.

    الجزء الثاني من الحرب البايولوجية أشرفت عليه حملة الإنقاذ البريطانية، حيث كانت حملة النيل تحمل معها 96 صندوقًا من الأطعمة المعلبة الملوَّثة بالتايفويد، وضعت معها صناديق الخمور للتمويه.

    المهدي يتجه نحو الخرطوم

    سار المهدي من الرهد في 22/8/1884م، نحو الخرطوم على قدميه (مراعاة لحال الضعفاء والأصحاب الذين معه في السفر) وذلك بطريق شركيلة وشات والدويم، فمر بالرهد، وبقي شهرًا بشات، وقضى عيد الأضحى في الترعة الخضراء وأخيرًا وصل أبي سعد جنوب أم درمان في 24 أكتوبر 1884م، وأمر بتشديد الحصار على الخرطوم وحصار حامية أم درمان بقيادة الأمير حمدان أبو عنجة الذي أكمل بناء استحكاماته في نوفمبر 1884م وصار يقوم بهجوم يومي على الحامية.

    في 31 ديسمبر 1884م تم تأمير الأمير موسى أبو حجل ابن زعيم الرباطاب على أهله، فواجه طابور النهر وأصابه بخسائر فادحة. وفي نفس اليوم اجتمع المهدي مع قواده لبحث الهجوم على الخرطوم والذي يرى أنه سهل ولكن يحجم عنه لأنه ستفقد فيه أرواح يجب حقن دمائها، ومن جهة كان يدرك أنه لا بد من مهاجمة الخرطوم فوراً إذا اقتربت أية قوات إنجليزية منها. في الخامس من يناير 1885م سلمت حامية أم درمان للأنصار.

    أرسل المهدي خطاباً لغردون في 6 يناير يقول له (سلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن أعرضت كان عليك إثمك وإثم من معك). وفي اليوم التالي أرسل له خطاباً آخر يقول له: (سمعنا مرارًا فيك الخير ولكن على قدر ما كاتبناك للهداية والسعادة ما أجبتنا بكلام يؤدي إلى خيرك كما نسمعه من الواردين والمترددين، والآن آيسنا من خيرك وسعادتك).. (وقد بلغني في جوابك الذي أرسلته إلينا أنك قلت إن الإنجليز يريدون أن يفدوك وحدك بعشرين ألف جنيه، وأنت إذا قبلت نصحنا فبها ونعمت، وإلا إن أردت أن تجتمع على الإنجليز فبدون خمسة فضة نرسلك إليهم).


    مقتل غردون
    أبو طليح والشبكات

    طابور الصحراء بقيادة هيربرت ستيوارت، وصل أبو طليح في الجمعة 16 يناير. الثوار الأنصار احتلوا آبار أبي طليح وكانوا بانتظار طابور الصحراء لتأخيره بحسب أوامر الإمام المهدي الذي كان يريد إعطاء زمن لغردون حتى يسلم، وانضمت إليهم جزء من الراية الخضراء بقيادة الأمير موسى محمد حلو. وهجموا على الطابور في صباح السبت 17 يناير، فأصابوه ببلبلة عظيمة وحققوا هدفهم برغم الهزيمة، قال مؤرخ بريطاني: (من لحظة اصطدام الأمير موسى محمد الحلو بالمربعات الإنجليزية في أبي طليح، إلى ساعة هروب طابور الصحراء أمام الأمير عبد الرحمن النجومي، فقد هذا الطابور الشيء الوحيد الذي تميَّزت به القوات البريطانية.. وهو الانضباط).. وقام الغزاة بالجريمة التي كررها البريطانيون كثيراً وهي قتل الجرحى من الأنصار في أبي طليح.

    بعدها واجه طابور الصحراء معركة الشبكات في يوم الاثنين 19 يناير 1885م، وفي المتمة في 21 يناير، هجم الأمير النور عنقرة على الطابور ولم تصب قواته بخسائر في حين فقد العدو 98 قتيلاً وجريحاً. بعد ذلك توجه طابور الصحراء في باخرتين نحو الخرطوم ومعهم مركب يحمل ذرة وعلب اللحوم الملوَّثة بالتايفويد، ومنعوا المراسلين الحربيين من الذهاب خوفاً من أن يعرفوا بأمر الحرب البايلوجية.


    حينما وصل خبر الباخرتين المتجهتين للخرطوم للإمام المهدي كان ذلك بمثابة إصدار قرار من بريطانيا بالهجوم على الخرطوم. لأن الأنصار ما كانوا يمكنهم الانتظار حتى يحاربوا جيشين.

    تحرير الخرطوم

    في يوم الأحد الثامن من ربيع الثاني 1302 هـ الموافق 25 يناير 1885م أصدر الإمام المهدي الإنذار الأخير لغردون وأهالي المدينة وفيه: (إن النصائح والدلائل ترادفت عليك ولم تزدك إلا ضلالاً تتابعت إليك ولم تلق لها بالاً وكثرة المواعظ باللين لم تفدك إلا نفورًا واستكبارًا) وكان بمثابة إنذار أخير بالتسليم أو لقاء ما حدث بالأبيض. وقضى الإمام المهدي بقية يوم الأحد في إصدار أوامر تنفيذ الهجوم على الخرطوم. فاستدعى النجومي وبقية الأمراء لأبي سعد، وتم إصدار الأمر للأمير حمدان أبو عنجة بقصف الخرطوم والسيطرة التامة على مدخلها النيلي بالمدفعية.

    وبعد صلاة المغرب عبر الإمام المهدي النيل نحو شجرة محو بك، ومعه الخلفاء الثلاثة حيث استقبلهم أمير الأمراء عبد الرحمن النجومي، وقادته، وذلك لوعظ الأنصار في أمر اقتحام الخرطوم فأبكى الجميع، وقال لهم: إن الهجوم يجب أن يكون جهاداً خالصاً لوجه الله حتى لا تشوب الاستشهاد شائبة. وذكر لهم أربعة يجب ألا يقتلوا وهم: غردون، والفكي الأمين الضرير، والشيخ حسين المجيدي، والشيخ محمد السقا.

    بدأ الأمير حمدان أبو عنجة جنوب أم درمان بالقصف منذ عصر الأحد وكذلك مدفعية النجومي بالشجرة قاموا بقصف الثغرة والمراكب التي كان غردون وضعها على ضفة النيل الأبيض فيها وبوابة بري وقصر الحكمدارية وحامية المقرن. وفي الثالثة من صباح الاثنين 26 يناير، توقف القصف ليبدأ هجوم المشاة على الخرطوم عبر ثلاثة محاور: محور بقيادة الأمير أبو قرجة تتقدمهم ثيران لتفجير الألغام في بوابة بري. والثاني تضليلي يقوده الأمير عبد الرحمن النجومي وقواته من الفرسان عبر بوابة المسلمية، والثالث يقوده الأمير محمد ودنوباوي يتحرَّكون من معسكر الشجرة بدون أي صوت مقدمته تحمل البنادق والبقية سيوف ورماح. وبتكتيكاتهم الذكية وتضليلهم للعدو استطاعوا العبور وتحرير الخرطوم.

    دور النساء في التحرير

    كانت النساء يحملن رسائل المهدي لغردون، وجاء في تحشية إحدى الرسائل: »فتخبرك المرأة الواصلة«، بما يعني أنهن كن مندوبات الحاملات للرسائل فقط. بالرغم من أن شهداء الثورة في تحرير الخرطوم كانوا عددًا لا يتجاوز بضع عشرات، فقد كان بينهم نساء أشهرهن المحاربة ست البنات بت سليمان المشهورة بست البنات أم سيف وقد شاركت في الحصار تحت راية الأمير أبي قرجة واستشهدت هي وأربعة من إمائها. أما الشهداء من جانب غردون فحولهم أرقام تبلغ الآلاف. وللأسف قتل اثنين ممن أوصى المهدي بألا يقتلوا: غردون باشا والشيخ حسين المجيدي.

    مغزى معركة تحرير الخرطوم

    إنها تشير لقوة الإرادة والعزيمة والإيمان والجهاد الخالص في سبيل الله، ونجاعة التخطيط وإحكامه. ولأخلاقيات الحرب التي مارسها جيش المهدية في مواجهة عدوه، فهو لم يقم بدفن الآبار في أبي طليح كما فعل مع آبار شيكان، لأن الخاسر هنا عدد كبير من السكان، فأحجموا عن الدفن برغم حاجتهم له حربيًا مراعاة للمدنيين، وفي المقابل بدت فيها الأخلاقيات العدو الذي كان يقتل الجرحى ويستخدم الحرب البايولوجية ويزوِّر الأختام وينشر الأكاذيب، وهذا يؤكد إن الأهداف النبيلة يجب أن تتخذ سبلاً نبيلة.

    وتعني معركة تحرير الخرطوم كما يقول الامام الراحل السيد الصادق المهدي : أنه لو تضافر كافة أهل السودان خلف هدف، فإنهم لا محالة بالغوه ولو بعد حين، ولو تعرَّضوا لهزائم وقتية، حيث شارك السودانيون من كل جهاتهم وراياتهم، وحارب مع المهدي شيوخ الطرق الصوفية من زملائه وفرسان القبائل شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ووسطاً، وقد وصف معركة التحرير المرحوم السيد محمد أحمد محجوب في رثائه الإمام عبد الرحمن المهدي بقوله:

    شهدت فيها، وراء الغيب معركة…

    حمراء تلمع في حافاتها القضب.. ُ

    وقد أحاطت بهذا القصر كل فتى..

    جلد تطاير من أجفانه الغضب..

    وخر غردون من أعلى مدرجه مجندلاً بدماء الخوف يختضب…

    وأصبح القطر حراً لا يدنسه..

    باغ يعيث، ولا يضنيه مغتصب..

    أصداء فتح الخرطوم

    حلت أخبار الهزيمة المدوية التي تلقتها جيوش الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على يد أنصار المهدي في الخرطوم ومقتل غردون.. كحلول الصاعقة تماماً وينقل المؤرخ البريطاني روبن نيللاندز ..كيف وثق اللورد بونسونبي سكرتير الملكة فكتوريا الخاص لهذه اللحظات حينما كتب ليصف حال الملكة فكتوريا عند تلقيها تلك الأنباء ” .

    لقد كانت في حالة سيئة تماماً بعد سقوط الخرطوم وبدت كالمريض الذي كان طريح فراشه.. لقد كانت تتأهب للخروج للتو عندما أتانا تلغرافاً يحمل الأنباء ..وعندها توجهت (أي الملكة) إلى مسكني الخاص كان بادياً على محياها الشحوب فوجدت زوجتي التي أفزعها منظر الملكة وهي بتلك الحالة حين خاطبتها وهي ترتعش : فات الأوان .. TOO LATE ” .. ثم يستطرد نيللاندز .. ” لم تكن الملكة وحدها .. عندما وصلت أنباء مقتل غردون للندن ..عمت حالة الحداد جميع أنحاء بريطانيا ونُكست الأعلام وأعلن ذلك اليوم كيوم حداد قومي وسرعان ما تحوَّلت حالة الحزن العام إلى غضب جارف موجه لرئيس وزراء بريطانيا جلادستون ” .

    يقول المؤرخ السوداني د. محمد المصطفى موسى، عندما وصل الخبر إلى لندن، على المستوى الشعبي راجت تلك الأغنية الشعبية الحزينة عن مقتل غردون وهزيمة القوات البريطانية على يد قوات الثورة المهدية بعنوان TOO LATE TO SAVE HIM .. فصارت لحناً شعبياً معروفاً يعزف في حانات لندن القرن التاسع عشر بأمسيات الأنس أواخر الأسبوع.

    وتقول الأغنية:

    هناك في السودان غاب عنا.. غاب عنا

    هناك .. طأطأت إنجلترا رأسها.. وانكسرت

    من هنالك .. من هنالك..

    تفشى نبأ ارتعشت له قلوب كل البريطانيين ..

    قُتِلَ بطلنا العظيم.. قُتِلَ بطلنا العظيم..

    الضفة الأخرى

    ويضيف موسى: أما في الجانب الآخر من الجزيرة البريطانية .. فقد تلقى القوميون الإيرلنديون أخبار انتصارات الثورة السودانية على بريطانيا باحتفاءٍ مشهود .. وطفقت صحافتهم في تخليد تلك الانتصارات ..فقد كانت الجزيرة الإيرلندية ما زالت ترزح تحت نير الاحتلال البريطاني حينما حررت المهدية السودان.. فكتبت صحيفة WATERFORD DAILY MAIL.. في 1884 ” إن أمانينا الحقيقية هي أن لا يضع المهدي أسلحته إلا بعد أن يحصل هو ورجاله المخلصون الأوفياء على نعمة الحرية التي لا تقدَّر بثمن .. يأيها المهدي ..يأيها المهدي .. إن مبلغ آمالنا أن تقضي كل واحدة من هجماتك بالسيف على عشرة من أعداء الحرية ” .. أما صحيفة IRISH WORLD فقد خصصت صفحاتها الرئيسة بالكامل لأخبار السودان .. وفي 7 فبراير 1885 كتبت ذات الصحيفة : “إن الثورة السودانية الباسلة تستحق التعاطف الكامل من كل أصدقاء الحرية في شتى بقاع العالم”.

    أما في روسيا فقد كتب المؤرخ سيرجي سمرنوف عن تحرير الخرطوم قائلاً:” إن الثورة المهدية وأن كانت حركة دينية لدى نشوئها إلا أنها أضحت بعد انتصارها على حملة هكس واستيلائها على الأبيض وحصار وتحرير الخرطوم، ثورة وطنية تقدمية ضد الاستعمار البريطاني والحكم التركي المصري وعملائه من كبار الإداريين مثل غردون وبيكر وأمين ولبتون وسلاطين وغيرهم ” .
    -------------------------------------
    #تحرير_الخرطوم_ودور_سكان_العيلفون_تحت_قيادة_العبيد_ودبدر_والمضوي_عبد_الرحمن 1884-1885
    #كتب_الأستاذ_المؤرخ /#الحبر_الحاج_محمد_احمد_عبد_الصادق بتاريخ 30/11/2010م #تحرير_الخرطوم_ودور_سكان_العيلفون_تحت_قيادة_العبيد_ودبدر_والمضوي_عبد_الرحمن 1884-1885
    في البداية إذ ذكرت الجبهة الشرقية لقوات الإمام محمد أحمد المهدي فلابد أن نذكر قائدها الفذ الشيخ محمد بدر أو العبيد ود بدر كما سمى نفسه تهذيبا لها .. ولد الشيخ العبيد في قرية الحوارة من قرى ريف شندي من أب ينتهي نسبه إلى قبيلة المسلمية العربية الذائعة الصيت في بداية القرن التاسع عشر (حوالي 1809) ، وعاش في أمان وسط أهله يدرس القران ويرعى مواشي والده حتى هجم الطاغية محمد الدفتردار عام 1821 وهو في الثاني عشر من عمره مدمراً ومحرقاً مدينة شندي وضواحيها مكتسحاً ومغتصباً القرى والمدن .. وهنا فر الطفل الصغير ابن الثانية عشر مع من بقي من أهله في البراري والوهاد مشرداً هائماً على وجهه كحال حوالي الثلاثة ملايين من أبناء شعبه دمر الدفتردار قراهم ومدنهم من الدامر وحتى حدود سنار المدمرة أصلاً شرقاً وغرباً ..

    وهنا لابد أن أشير إلى أن قوات الدفتردار الانتقامية لم تقف عند الحرق والاغتصاب والتدمير بل ساوت بضريح السيد المجذوب الأرض لأن أبناؤه هبوا لنجدة الملك نمر في شندي بعد أن لبوا نداء الملك نمر للنصرة والجهاد وبعثروا عظام السيد المجذوب في النيل بعد أن أخرجوا جثته من القبر في حقد لا يعرف الحدود ..
    واصل الشيخ العبيد في ترحاله إلى مسيد ود عيسى بكترانج حيث وجد الأمان وأشبع نفسه لدراسة القران حيث أشاع الفكر ونيران القران نهل منها قدر ما استطاع ثم ذهب إلى الشيخ عوض الجيد الذي هو بمثابة أب روحي له ، شب الفتى وشب معه حقده الدفين على الأتراك وحكامهم وعملائهم ، فأسس أول مسيد له في قرية النخيلة بالجزيرة وبعد أن اشتد ساعده وكثر حوله الأتباع أسس مسيده الثاني ببقعة أم ضوابان ، قاده إلى هذه المنطقة حباً جارفاً للأستاذ العظيم الشيخ إدريس الأرباب قطب الصوفية المعروف بصداقة حميمة لحفيد الشيخ إدريس ود الأرباب الشيخ المقابلي الذي لا يقل عنه عداء للحكم التركي ، فقد شاهد بعينه ما فعله الطاغية الدفتردار بأهله سكان العيلفون وهو صغير في مثل سن الشيخ العبيد ، خرج مع الشيخ المقابلي في سياحه كبيرة شملت القرى والبراري للمنطقة الشرقية والجزيرة ، الظاهر منها للتعبد والخلوة لله ، والمخفي منها لدراسة الأوضاع وجميع الأتباع والمقاتلين ليوم الحساب الكبير مع الأتراك والإنجليز ، فوجد أن الأحياء من الأطفال الذين قتل الدفتردار أهلهم واغتصب وسبا نسائهم قبل 62 عام قد جاوزوا السبعين من عام 1821 وحتى عام 1884 عام الثورة المهدية ولكن جذوة الغضب والانتقام ما زالت مشتعلة في الصدور ..

    جاءت البشرى سريعاً ، فقد ظهر الإمام محمد أحمد المهدي ، وبدأت الثورة مشتعلة من الجزيرة أبا وحتى جبال قدير في جنوب كردفان ، هب الشيخ العبيد مبايعاً للإمام المهدي ، وقد أرسل ابنه الفارس العباس ، وهب معه من أركان العيلفون شيخ الأزهري البليغ / المضوي عبد الرحمن ، والفارس الصنديد أحمد ود الفريع ، وبابكر محمد أحمد سالم ، والشيخ الغرقان ، والشيخ إدريس محمد الإزيرق ، وأبناء الفكي رملي الذين لم ينسوا مصرع والدهم أبد الدهر والذي قتل وحيرانه يحاولون باستماتة إلقاء أجسادهم النحيلة وحراب الأتراك تخترق أجسامهم مع جسده الطاهر ، حيث تراكمت جثثهم فوق جسده الطاهر مرسلين أسمى صور للفداء والبطولة ونكران الذات من أجل شيخهم الجليل ولكن نخوة ورجولة وبطولة سكان العيلفون جعلتهم يقفون عن بكرة أبيهم مع دعوة الشيخ العبيد الذي عينه المهدي أميراً على جبهة شرق النيل الأزرق إلا القلة التي كانت تربطها مع الأتراك الروابط وتحججت بفتاوي الشيخ محمد شريف ، ومحمد عثمان الميرغني الكبير ، بعدم جواز الخروج على الأتراك وأن المهدي كاذب وأن الأتراك منتصرين في النهاية ، وما هي إلا أشهر حتى تمكن الشيخ العبيد والمضوي عبد الرحمن من جمع آلاف الرجال ، الشيخ العبيد بوهجه الديني ، والمضوي ببلاغته الأزهرية وهالة جده ود الأرباب ..
    سار رجال العبيد ود بدر ورجال العيلفون جميعهم تحت راية المضوي وحاصروا الخرطوم العاصمة من الجريف وحتى الحلفايه قاطعين عنها الطعام والمؤن ، وانتخب العبيد ود بدر قوة من ثلاثة آلاف بقيادة ابنه الفكي إبراهيم المحنك للهجوم على حامية الحلفايه ، فبات في حلة كوكو وعند الهزيع الأخير من الليل تحرك نحو حامية الحلفايه الحصينة ، وعند الفجر انقض الفكي إبراهيم بفرسانه على الحامية ، فدارت معركة عنيفة مع الأتراك وجندهم من السودانيين والمصريين ، استمرت حتى ضحى اليوم الثاني فتمكنت قوات الثوار من تدمير حامية الحلفايه وقتل 1800 جندي وأسر عدد كبير منهم واستولوا على كمية كبيرة من الأسلحة والعتاد ومن ضمنها ثلاثة سفن وهربت سفينة واحدة عليها القادة فقط ، وقد أعدمهم غردون فور وصولهم هرباً من الحلفايه .

    كانت حامية الحلفايه هي صمام الأمان لغردون وبفقدها صرف غردون النظر عن نجدة عامله وقائده صالح المك المحاصر هناك في فداسي من قبل العركيين بعد أنه جهز عدد من السفن لنجدة صالح الملك من قبل قوات محمد ود البصير وعامر ابن الشيخ المكاشفي وعبد القادر إمام ود حبوبة .. استجمع غردون قواته التي هربت في معركة الحلفايا وأخر ما تبقى له في الخرطوم ، وهجم بهم على الجريف بقيادة محمد علي باشا (القاسي القلب) على أهالي الجريف وأم دوم وسوبا في بقعة (حلينقو) فاستشهد في هذه المعركة عدد مقدر من أبناء العيلفون نذكر منهم عمدة المغاربه محمد عبد السلام جد الفارس عبد القادر مضوي .. وأيضاً استشهد الشيخ علي أبو زيد والد الشيخ أبوقرون .. وأضيف بأن أبناء المغاربة والمشايخة وقفوا وقفة الرجال حماة للديار في هذه المعركة إلا أن مدفعية محمد علي باشا سحقتهم ..
    وفي اليوم الثاني هجم محمد على بحملته التأديبية كما سمها غردون أو الجردة على مقر قيادة المضوي عبد الرحمن بالعيلفون .. ونذكر بأن سكان العيلفون رفضوا نصيحة الشيخ العبيد الغالية بالخروج من العيلفون والذهاب إلى أم ضوابان ولكن كبرياء منعهم أن يتركوا العيلفون ، اسماً ومكانةً وتاريخاً وعراقةً .. وقفوا في مواجهة الآلة التركية كما ينبغي لأحفاد ود الأرباب أن يقفوا ، وقاتلوا حتى النهاية مع مواجهة المدافع والأسلحة النارية تاركين 70 جثة شهيد تحت شجر السدر في خور الليد ، وأخيراً انسحبوا إلى أم ضوابان بعد أن قالوا كلمتهم وأثخنوا الأتراك بالقتلى والجرحى وتركوا النيران تشتعل في بيوت العيلفون وسواقيها ..

    حمّـل محمد علي باشا حمولة سفينة ضخمة بغنائم العيلفون وأرسلها إلى غردون لعلها ترفع معنوياته المنهارة ، ( الغنائم كانت عبارة عن :عيش المطامير ، ذهب النساء ، ودوكة العواسة ، والأزيار ، والعناقريب ) .. وبعد أن أحرق محمد علي باشا بيوت أهل العيلفون يمم وجهه شطر إلى أم ضوابان فوصل مشارفها في الهزيع الأخير من الليل فعسكر قربها ..

    وفي الجهة الأخرى أكمل العبيد ود بدر الاستعدادات للمعركة التي انتظرها طويلا فقام بعمل كمين لقوات محمد علي باشا في الغابة قرب قرية الكرنوس الحالية ، وهنا أوضح بأن المضوي عبد الرحمن ومعه قادة العيلفون جاءوا إلى العبيد ود بدر ، فقال له المضوي : ( نحن مستعدين للقتال ) ، ولكن الشيخ العبيد قال له : (كفاكم الشفتوهو قبل أول أمس) فابتدره أحمد ود الفريع وقال له : ( يا شيخ نحن طلاب ثار ، وجثث أهلنا حتى الآن لم نجد من يسترها إما أن نثأر لهم أو نلحق بهم) ، وكذلك كان رأي الشيخ الغرقان ود سالم ، فدفع لهم الشيخ العبيد بالأسلحة وعوضهم عن خيولهم التي صرعت في الميدان وأجزل لهم المؤن والعتاد بعد أن وضع أسر العيلفون في مكان آمن ..
    وفي اليوم الثالث لمعركة العيلفون هجم محمد علي باشا بعد أن استراحه من وهج معركة العيلفون .. تم خداعه واستدراجه إلى غابة الكرنوس وقد أثبت المؤرخ محمود أبو شامة أن قادة جيش العبيد ود بدر الذين رفعوا رايات القبائل هم : المضوي عبد الرحمن وأحمد ود الفريع راية العيلفون وأحمد ود عمارة راية الشكرية وطه عبد الباقي راية البطاحين وسليمان ود كاسر راية الحسانية ومحمد عبد السلام راية المغاربة والبشير ود مساعد راية العسيلات وناصر ود الأمين مسمار راية العبدلاب ، وأثبت بأن ابن الشيخ العبيد الطاهر قائد الميدان والخليفة أحمد قائداً عاماً وكرار وحسب الرسول مقدمين ..

    دارت معركة مهولة بين الأتراك الذين فقدوا عامل المفاجأة والمدفعية ووجدوا أنفسهم محاصرين بجموع هادرة من العربان الذين لا يهابون الموت ظهرت بعض الكرامات منها مقولة الشيخ العبيد التي قال أنه ( حلم أن أبوه الشيخ إدريس أخبره أن الأتراك سيصلون إليه جثث بدون أرواح ) .. هجم أحمد ود الفريع بفرسانه بجسارة وصلابة والشيخ المقابلي يصيح ومعه المضوي ( أن اثبتوا الليلة يومكم ) وكانوا كلما مالوا على مفرزة تركية تركوا خلفهم الأشلاء متناثرة ( مفرزة تعني سرية من الجنود لا تقل عن 31 ولا تزيد عن 40 جندي ) ..
    أظهر الطاهر ابن الشيخ العبيد بطولة غير مسبوقة في القتال ومقارعة الفرسان كما برز أبناء الأمين ود مسمار المتمرسين على القتال ، كما برز أبناء العسيلات والمسلمية والبطحانيين والشكرية الذين جعلوا رؤوس الأتراك تتطاير على وقع ضربات سيوفهم الحادة ، وهنا نشير بأن أبناء الأمين ود مسمار تركوا خلافاتهم حول من يحكم منهم في مكان أبيهم من خلفهم وقاتلوا كالبنيان المرصوص ، وقاتل أبناء سالم وعائد خلف بابكر وحاج عبد القادر ودفع الله قتالاً أسطورياً وبطولياً .. وكذلك قاتل أبناء العيلفون أحفاد ود الأرباب خلف البطل أحمد ود الفريع وهو يرفع رايتهم بذراعه القوية وقامته المديدة عالية خفاقه جعلت الشيخ العبيد والمقابلي يصيحون مرددون : ( مدد مدد يا ود الأرباب ) ..

    ونذكر في ذلك اليوم وقف أبناء العمدة عبد القادر وآل خير وآل حمدنا الله وآل رباح وحمدلاب أم قحف وآل أبو شامة أحفاد مزاد أبو شامة وقفة سجلها التاريخ وكذلك شايقية العيلفون أثبتوا بأنهم أهل قتال وخبرة عريقة في فنون الحرب ..

    انتهت معركة أم ضوابان بهزيمة ساحقة لغردون وقتل 1700 جندي بما فيهم محمد علي باشا قائد الحملة وخيرة قادة الأتراك وتم الاستيلاء على كم هائل من الأسلحة والعتاد جعلت غردون يفقد وعيه وقد علا العويل والنواح في أرجاء الخرطوم .. ورجع أهل العيلفون ودفنوا شهدائهم وبنوا ما دمره الأتراك وواسوا بعضهم البعض ..

    صدرت الأوامر بالزحف إلى الخرطوم فخرج سكان العيلفون يزحفون بزحف غطى الباجة شرق العيلفون يركبون الخيول ويلبسون الدروع ويحملون البنادق والتي جاء عدا منها كهدية من الشيخ العبيد ، وقد خرج من سكان العيلفون من كان متردداً وسار المضوي عبد الرحمن وخلفه طابوراً طويلاً من المقاتلين الأشداء وخلفهم الدواب تحمل المؤن وقطيع ضخم من الماشية لغذاء الجيش ، فزحف أهل العيلفون إلى الخرطوم وهم يحملون غضباً عارماً على الأتراك وقد دنا يوم الحساب الكبير وخلفهم شيوخ قد جاوزوا السبعين والثمانين من العمر مثل محمد عبد الصادق كُربة الذي كان يردد ( الليلة أشوف فيكم يوم يا كفرة مثل ما عملتوا في أبوي وأمي وأخواني الليله جايين نرد ليكم الدين ) ..
    حاصر القاضي عبد القادر ود أمريوم، قاضي الكلاكلة ومعه جيوش عربان الجزيرة بقيادة محمد ود البصير ود حبوبة والمكاشفية والعركيين ، حاصر الخرطوم من الكلاكلة وحتى الجريف غرب ، وأحكمت جيوش العبيد ود بدر والمضوي الحصار من الحلفايه وحتى الجريف شرق ، وقوات الإمام المهدي الزاحفة من الأبيض أصبحت غريبة .. وفي هذه الأثناء توفي الشيخ العبيد ود بدر وهو مرابط بالجريف شرق ففجعت الجبهة الشرقية بهذا الحدث الجلل ولكن الإمام المهدي لدى وصوله إلى بقعة أبو سعد أرسل لهم أوامره بأن يخلف العبيد ود بدر ابنه أحمد وأن يكون العباس بدر قائداً للميدان ، فأرسل لهم مؤن كثيرة وأرسل لهم كذلك قاضي لإدارة الأمور بالإضافة لحمدان أبو قرجة قائد عام لمنطقته ..

    وصلت حملة الإنقاذ لغردون فتصدى لها مقاتلي العبيد ود بدر ودمروها وطاردوها حتى النخيلة راجعة إلى مصر فاقدة الأمل في نجدة الخرطوم المترنحة .. ومن ناحية أخرى وصلت قوات الأمير محمد الخير بعد أن دك مدينة بربر على رؤوس الأتراك وهي المركز التجاري الهام ، وفي هذه الأثناء كان بإمكان العبيد والمضوي احتلال الخرطوم بدون قوات المهدي ولكن تأدباً للإمام لم يفعلوا .. استعدت الخرطوم ليوم عصيب وكئيب فجيوش المهدي تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم ، انهارت الروح المعنوية لسكان الخرطوم وهم يسمعون أصواتاً عبر النيل تحثهم بأن جهنم وبأس المصير في انتظارهم وسرعان ما صدرت الأوامر من الإمام المهدي بالهجوم واقتحمت الجيوش الخرطوم وكانت كتائب العبيد ود بدر والمضوي عبد الرحمن أول المقتحمين عبر النيل الأزرق بسرعة هائلة وعند مكان الوابورات الحالي في بحري عبر رجال المضوي عبد الرحمن بالمراكب وبعضهم عبر متشبثا بأعنة الخيل (أعنة تعني : الرسن ) وفيهم من عبر سباحة خاصة سكان العيلفون والعسيلات .

    دارت معارك حامية على بعد أمتار قليلة من القصر الجمهوري وعلى شواطئ النيل وكانت الحرب قد انتقلت إلى الالتحام المباشر بين الرجال ، وكانت قوات العبيد ود بدر بقيادة ابنه العباس أول الواصلين إلى أسوار القصر حيث يعيش غردون ، ومن شدة هذا الالتحام كان الرجال يزحفون على جثث القتلى الملقاة على حتى احتلوا أسوار القصر الذي اقتحمه العباس وأحمد ود الفريع ورجالهم عنوةً واقتداراً ولكن حربة ود نوباوي (أحد مقاتلي المهدي) كانت أقرب من حرابهم إلى غردون الذي اجتز رأسه وحمله إلى الإمام المهدي ..
    وبعد قتل غردون صعد الأمير مضوي عبد الرحمن إلى سطح القصر وأخذ يعظ ويحذر الجنود المنتشرين بأن لا يقتلوا امرأة ولا شيخ ولا طفل وأن لا ينهبوا ولا يغتصبوا النساء وأن لا يقتلوا رجلاً ألقى السلاح (كما يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم) .. فاستسلم أكثر من 25 ألف من الجاليات الأوروبية كأسرى حرب .. دعاهم الإمام محمد أحمد بأن يدخلوا في الإسلام فدخلت الأكثرية وأقيم لهم حي جديد في أم درمان اسمه المسالمة جميع سكانه كانوا من سكان الخرطوم من الجاليات الأوروبية والشرق أوسطية ..
    المراجع :
    1- د. هاشم عبد الرازق .. كتاب ( الطريقه البدرية ) .
    2- مكي شبيكة .. كتاب ( السودان والثورة ) .
    3- ونجت باشا .. ( قصة حصار وسقوط الخرطوم ) .
    4- محمود أبو شامة .. كتاب ( من أبا إلى تلساهاي ) .
    5- إبراهيم فوزي .. كتاب (السودان بين يدي غردون وكتشنر ) .
    6- عز الدين الأمين .. كتاب ( قرية كترانج ) .

    التواريخ :
    1- معركة الحلفايا 13/3/1884
    2- معركة العيلفون 29/8/1884
    3- معركة ام ضوابان 3/9/1884
    4- وفاة الشيخ العبيد 10/1884
    5- سقوط الخرطوم 6/1/1885
    -----------------------------------

    انا ود رَّية الما بعرف النَّيةْ، انا تَرَنَْ، تَرَنْ عند القيفْ حَرنْ
    الشيخ العبيد ود بدر.. واللواء صالح المك في فداسي:
    عندما هاجم عامر الشيخ المكاشفي حامية سنار وكبدها خسائر فادحة وقطع خط التلغراف ارسل عبدالقادر باشا اللواء صالح المك بالوابور من الخرطوم لانقاذ حامية سنار..
    نجح صالح المك في مهمته واستعاد حامية سنار.. وفي طريق عودته للخرطوم اراد تنظيف الطريق من زعماء انصار المهدي واعوانه..
    وفي منطقة فداسي هاجمته قوات الانصار بقيادة الشيخ محمد الطيب البصير والشيخ عبدالله الشيخ حمد النيل والشيخ محمد امام زعيم الحلاوين ومن شرق النيل كان شيخ العرب الشيخ عوض الكريم ابوسن وابنه عبدالله.
    ودارت معركة حامية فقد فيها الطرفان الكثير من رجالهم.. فخندق صالح المك بجيشه في جزيرة فداسي تحسبا لهجوم آخر وارسل للخرطوم يطلب النجدة..
    وعندما تأزم الموقف بين الطرفين جاء الشيخ حمد النيل ود الطريفي واعيان السادة العركيين للتوسط بين الطرفين.. فاستدرجهم صالح المك الى داخل الجزيرة للتفاوض معهم ولكنه غدر بهم واعتقلهم ليحمي نفسه وجيشه.. فازداد الموقف سوءاً.. كما انه حاول استدراج الشيخ محمد البصير ولكنه فشل..
    عند ذلك فكر صالح المك في اعتقال الشيخ العبيد ود بدر لتأمين طريقه للخرطوم وليأمن عادية البادراب واعوانهم.. فأرسل خطابا للشيخ العبيد قال فيه: (اذا اردت حقن دماء المسلمين احضر بنفسك فإنني لا اسلم لاحد غيرك).
    كما ارسل للخرطوم في نفس الوقت موضحا ما حدث ويطلب ارسال نجدة على وجه السرعة..
    بوصول رسالة صالح المك للخرطوم جهزت الحكمدارية نجدة عسكرية لارسالها فوراً.. ولكن جهاز المخابرات العسكرية نقل اليهم تحرك جيش الشيخ العبيد نحو الخرطوم لحصارها.. فصدرت الاوامر بالغاء تحرك القوة العسكرية الى فداسي.. وكانت تلك مجرد خدعة حربية وخطة عسكرية خططها ونفذها الشيخ العبيد قبل تحركه الى فداسي لفك اسر المأسورين.. فقد أمر قواته بالتحرك نحو الخرطوم لحصارها على الا تصل الخرطوم حتى صدور اوامر اخرى.. واشيع هذا الخبر بسرعة شديدة لتلتقطه جواسيس الحكومة وتبلغه للحكمدارية قبل تحرك قواتها الى فداسي وتؤخر تحركها.. ليضمن الشيخ العبيد زمناً كافياً للتفاوض وانجاح مهمته.
    وعندما وصل الشيخ العبيد الى فداسي ارسل صالح المك وابوره للشيخ العبيد لتحمله الى داخل القَقَرْ (الخندق).. ولكن الشيخ العبيد بحكمته وبعد نظره ادرك مخطط صالح المك لاعتقاله فرفض وقال لرسوله:
    (قول لصالح المك، العبيد بقول ليك (انا ود رَّية الما بعرف النَّيةْ، انا تَرَنَْ، تَرَنْ عند القيفْ حَرنْ، ماني فَار بدَْخلْ الجَّحار، ماني صَبَرْ بَدْخل القَقَرْ، ان سَلَّمتَ اخير ليك (يقصد يسلمه الشيخ حمد النيل) وإن ما سَلَّمتَ بِبِيَّنْ ليك، باكِرْ يجي أبو قَرْجَة وبِولّع الهَرْجة..) رفض المك طلب الشيخ العبيد ورجع الشيخ العبيد الى رفاعة. (بابكر بدري.. حياتي).
    فلما علم صالح المك بوصول قوات ابو قرجة ندم وارسل للشيخ العبيد وسلمه الشيخ حمد النيل ومشايخ العركيين الذين كانوا معه.. وذهب الشيخ العبيد مع الشيخ حمد النيل الى طيبة حيث مسيده واهله ومريديه.. وحيث العلم والقرآن.. وقضى معهم اياماً طيبة كلها في الله وغمروه بكرم فياض (بابكر بدري- حياتي- الجزء الاول ص29).
    اما صالح المك وقوته فقد وصلهم الحاج محمد عثمان ابو قرجة (دنقلاوي) بجيش قوامه «اثنين الف» مقاتل واربعة بلوكات عساكر وخلافه.. وارسل الى صالح المك فخرج اليه مسلما في 27 ابريل 1884م واستولى ابو قرجة على جميع اسلحتهم وذخائرهم ووابورهم (محمد علي). وظل صالح المك في السجن بام درمان الى ان مات في العام 1889م رحمة الله عليهم. (نعوم- تاريخ السودان ص470)







                  

01-31-2023, 03:15 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 26 يناير 1885م: تحرير الخرطوم.. معركة العزة وا (Re: سيف اليزل برعي البدوي)


    منو الغيرنا الطرد مستعمرنو حفايا
    جاب غردون مستف و راسو في مخلاية

    ٢٦ يناير ١٨٨٥ - ٢٦ يناير ٢٠٢٣ ذكرى تحرير الخرطوم على يد الإمام المهدي وأنصاره رضوان الله عليهم أجمعين.
                  

02-05-2023, 02:55 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 26 يناير 1885م: تحرير الخرطوم.. معركة العزة وا (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de