لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان متحدثا عن الأستاذ محمود الذي كان رفيقه في المعتقل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-02-2024, 07:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-26-2022, 08:33 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان متحدثا عن الأستاذ محمود الذي كان رفيقه في المعتقل

    07:33 PM December, 26 2022

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر



    الدكتور خليل عثمان كان معتقلا مع الأستاذ محمود في غرفة واحدة في بيت من بيوت جهاز الأمن، كان في السابق سكنا للوزير الجنوبي بونا ملوال، ولذلك عرف ببيت بونا ملوال، لمدة 9 أشهر في عام 1983 و 1984.

    facebook.com/100001090733011/videos/711422360557996/


    أرجو نسخ الكود بعاليه ووضعه في محرك البحث لمشاهدة الفيديو






                  

12-26-2022, 08:39 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    الفيديو محذوف يا ياسر.. لو رسلته لى بالواتساب ممكن ارفعه على قناتى فى يوتيوب

    Quote: This Video Isn't Available Anymore
    The link may be broken or the video may have been removed. You can explore more videos or try logging into facebook.com and then visiting the link again.
                  

12-26-2022, 08:58 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Abureesh)

    تسلم يا عزيزي أبو الريش

    الفيديو لا يزال موجودا وهذا هو الرابط، ولكنه سيظهرمزدوجا.

    https://www.facebook.com/100001090733011/videos/711422360557996/https://www.facebook.com/100001090733011/videos/711422360557996/
                  

12-26-2022, 09:13 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    إلى يسار الدكتور خليل عثمان يجلس الراحل محجوب عبد الحفيظ الذي كان مقدم برنامج مشهور في التلفزيون السوداني، عليهما رحمة الله.
                  

12-26-2022, 09:30 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    غريبة فعلا..

                  

12-26-2022, 09:33 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote:
    د. منصور خالد
    للقدس العربي- 8 أبريل 2007
    "كُنتُ في داري بلندن عشية إعدام الأستاذ أتابع ما يدور في السودان برفقة الحبيب الراحل الدكتور خليل عثمان والذي نمت بينه وبين الأستاذ علاقة وارفة، وتداعي علينا كُثرٌ لا يصدقون ما يسمعون: الأخ الراحل حسن بليل، الأستاذ التجاني الكارب، الأخ الراحل ابوبكر البشير الوقيع. قضينا ليلة محلولكة نسعي فيها بكل ما في وسعنا لحشد العالم لكي يقنع نميري بالكف عن السير في تنفيذ قراره. اتصلت بنائب الرئيس الاميركي جورج بوش، وسيمون تيل رئيسة البرلمان الاوربي، واحمد مختار امبو مدير اليونسكو والامير صدر الدين اغا خان في جنيف، والمستر ريتشارد لوس في البرلمان البريطاني، وكان لكل واحد من هؤلاء فضل علي السودان، وعلي النظام الذي يترأسه نميري شخصيا، الاجابة علي جميع هؤلاء كانت الرفض والتحايل، وضاعف من غضبي ما علمت به من بعد عن استهانة الرجل بكل الضغوط الاسرية عليه لكيما يقلع عن عدوانيته تلك، وفيما علمت ان رأس الرمح في تلك الضغوط الاسريةـ الدكتور عبد السلام صالح ـ خرج غاضبا ومتوعدا ان لا يعود لدار نميري، وفي الصباح جاءنا الخبر الذي جعلنا جميعا نشرق بالدمع، حتي تحولت داري الي (بيت بكاء) لا ادري ما اصنع. احاول تهدئة خليل وهو ينشج بالبكاء كالطفل؟ أم أُهدئ من روع أبي بكر صاحب القلب الذي قرضته الامراض؟ ام اقول للتجاني حنانيك بعد أن فجعني بقوله (لم أكن اظن أنه سيأتي علي حين من الدهر اقول فيه لا يشرفني ان اكون سودانيا الا اليوم)، أم انصرف عنهم جميعا لافعل ما افعله دوما في مثل هذه الحالات: اعتصر قلبي في وريقة؟ هؤلاء رجال لم يكونوا في يوم من الأيام من منظومة الأخوان الجمهوريين، ما جمعهم بالأستاذ الشهيد هو رابطة الإنسانية واحترام الفكر والمفكرين. كثيرون قد يقولون ان محمود لم يكن هو أول ضحية للنميري، فقد سبقته ضحايا لتحمل معه المسؤولية عما لحق بهـــــم، بيد ان محمود لم يكن هو الإمام الهادي الذي نازع نمـــيري السلطة، ولم يكن هو الشيوعيين الذين اتهموا ـ حقا وباطلا ـ بالانقلاب علي حكمه، واذلاله بحمله علي ان يخرج من داره خافر الرأس حافي القدمين، وليس هو قيادات الجبهة التي جيشت الجيوش للاطاحة بالحكم، جرم الرجل الذي لم يكن يحمل عصا يتوكأ عليها وهو الشيخ الذي انهكته السنون، أنه ابدي الرأي في وريقة واحدة استنكر فيها ما يدور باسم الدين دون ان يصف السلطان بالبغي. وهو أقل ما كان يقتضيه المقام، تلك كانت هي القشة التي قصمت ظهر البعير وحملتني علي أن اقول: هذا جنون لا يستطيعه بشري إلا بعون ربه. ولن يكون لي مع الرجل بعد اليوم لقاء حتي وإن كان هو الممسك بمفاتيح الجنان".
                  

12-26-2022, 09:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: المفكر السوداني الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره لـ القدس العربي (4)
    8 - أبريل - 2007
    حجم الخط
    0

    المفكر السوداني الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره لـ القدس العربي (4)

    انجاز مايو كان السلام بين الشمال والجنوب وصانعه هو الذي دمره.. والمحجوب هو اول من تنبأ بسقوطهصديق شمالي: لو جاء قرنق من ود الحداد لهرعنا اليه ولو جاء من الداير لحسبناه مهديا. هذه محنة السودان الحقيقيةالمفكر السوداني الدكتور منصور خالد يفتح خزائن اسراره لـ القدس العربي (4)حاوره: كمال حسن بخيتہالدكتور منصور خالد مفكر وكاتب سوداني، غزير الانتاج خصوصا في شؤون السياسة، واستراتيجيات التنمية، ويملك قلما جزلا رشيقا مقروءا ومثيرا للجدل في آن واحد، وفضلا عن علمه وثقافته الموسوعية التي كثيرا ما يبهر بهما خصومه قبل مريديه وهم كثر في الجانبين ، فان الرجل خبير بخبايا واسرار وتطورات واشكالات السياسة السودانية التي خاض اتونها مفكرا ووزيرا ومعارضا شرسا لكنه في كل الاحوال كان دائما ولا يزال مشهودا له بالكفاءة.سطع نجمه عند العامة عندما تولي وزارة الشباب والرياضة في بداية العهد المايوي (نظام الرئيس الاسبق جعفر نميري) الا انه لدي خاصة المثقفين كان معروفا بينهم يتابعون انتاجه الفكري وكتاباته ومشاركاته في المؤتمرات الدولية، وما تنشره له الصحف من مقالات تحمل وجهة نظره وفكره. كان احد ابرز من تولوا مسؤولية وزارة الخارجية عندما كانت مايو في اوجها واعتبر حينذاك احد اعمدة النظام ومنظريه وفي العام 1979 انقلب د. منصور علي مايو بسبب اخطاء لم يتحملها ولا تتوافق مع ما يؤمن به من قيم وما يعتقد ويحمل من فكر وبدأ نقدها وتعريتها في كتابه (السودان والنفق المظلم)، ثم انضم الي الحركة الشعبية لتحرير السودان مستشارا سياسيا لجون قرنق ثلاثة عقود او اكثر. ظل د. منصور خالد شخصا مثيرا للجدل كسياسي وككاتب ومفكر متميز وجريء يختلف البعض حول افكاره وطروحاته لكن الجميع يعترف بقوة قلمه وجزالة تعبيره.ما هي علاقته بالامام عبد الرحمن المهدي والمحجوب وقبلهما عبدالله خليل؟ بمن تأثر في بدايات حياته وما هي الظروف التي اسهمت في تكوين شخصيته؟ وما علاقته بالنخبة او الصفوة؟… ما هو تأثير عمله بالامم المتحدة عليه، وماذا تركت الدراسة والعمل في الولايات المتحدة؟ كيف ينظر الي الداخل الي الصراع السياسي والبحث عن حل شامل واستقرار للسودان؟ ما هي المحددات التي يراها للسودان الجديد وماذا يأخذ علي قادة الاحزاب؟ وكيف يعيش حياته الخاصة؟ هذه الاسئلة وغيرها يجيب عنها د. منصور خالد في اول حوار معه يتطرق الي الخاص والعام في حياته.يكشف السياسي السوداني في ثنايا الحوار انه لم ينضم لأي حزب لأنه كان يهتم بالجانب الفكري الجدلي في السياسة وليس الجانب التنظيمي وان اهم منعطف في حياته هو انتقاله للعمل في الامم المتحدة ويكشف ان الرئيس الامريكي دوايت ايزنهاور اضطر للاعتذار للسفير السوداني بعد ان اثار ازمة دبلوماسية صاخبة في واشنطن. هنا نص الحوار الذي اجريناه معه في القاهرة، وفي هذا الجزء من الحوار الاستثنائي معه يروي الدكتور منصور خالد ملابسات مشاركته في النظام المايوي، ما هي قناعاته التي دفعت به الي المشاركة؟ ما هي الإنجازات التي تحققت من وجهة نظره وما هي الإخفاقات؟ ثم لماذا خرج وعارض، ما هي الأسباب وكيف فسر ذلك مؤيدو النظام ومعارضوه؟ وقبل ذلك ما هي الظروف التي ولدت فيها مايو؟ ثم كيف انضم إلي الحركة الشعبية، وما هو تقييمه لدوره في الحركة ووجوده بها؟ ويجيب علي السؤال المهم: كيف انتقل من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار من المفكر المثقف الليبرالي إلي حركة بدأت ماركسية ذات اتجاه واحد؟وينتقل الدكتور منصور خالد في هذا الجزء إلي الحديث عن المفكر السوداني محمود محمد طه الذي اعدم شنقا علي يد نظام نميري وكيف قضي عشية الإعدام في داره في لندن التي تحولت إلي سرادق عزاء.مع حركة مايو واسبابها شاركت في نظام مايو ثم خرجت علي ذلك النظام ونقدته. حدثنا عن الدوافع والملابسات في المشاركة وفي المعارضة ؟ تسألني عن مايو وفي حكايتنا، تلك فترة عامرة وتعيسة في آن. قلت رأيي في أوجه تعاستها، وأنا في قلبها دون ان أغمطها حقها. لم انتظر الساعة الحادية عشرة لانحاز الي جانب الشعب. صديقي الراحل الدكتور الزين النيل ـ عطر الله قبره ـ كان بارعا عندما كتب لي من قطر، عند نشر مقالاتي حول نظام مايو في صحيفة ( القبس) وهي المقالات التي أودعتها في كتاب (السودان والنفق المظلم)، كتب يقول (عفارم) لم تنتظر رحيل القائد لتخرج علينا بكتاب عن هذه المناسبة. اذكر فيها الزين الذي نشأ بيني وبينه ود وتقدير في مدرسة وادي سيدنا، كما اذكر شقيق روحه الدكتور حسن كشكش إذ قام كلاهما بتوزيع ذلك الكتاب في قطر حيث كانا يعملان. وعلي أي حال فقد أعلنت وما زلت أعلن بأني مسؤول عن كل ما دار في ذلك العهد، حتي فيما كان له فيه رأي نقيض، هذه مسؤولية أدبية وأخلاقية ولا مشاحة في ان يعترف المرء بأخطائه لان الاعتراف بالخطأ السابق في قول الشاعر ألكساندر بوب، يعني انك صرت أكثر حكمة. ماهي الأسباب التي تري انها كانت وراء مايو او عجلت بها ؟ تجربة مايو لا يحكم عليها بمعزل عن الظروف التي ولدت فيها مايو ، ليس من فراغ. نزاعات الأحزاب كانت كصراع الديكة، دامية وعنيفة وكان أهل النظام بوعي بها. قال المحجوب لمايكل ستيورات وزير الخارجية البريطاني (ان الوضع في السودان سيقود إلي انقلاب عسكري في أسابيع إن لم تمد بريطانيا يد العون للسودان) راوي هذا الحديث هو صديق السودان والسودانيين غراهام توماس الذي رتب اللقاء. وقد أورد توماس الحديث في رسالة منه للسير جيمس روبرتسون نشرت في كتابه الذي صدر قبل بضعة أعوام وتضمن الرسائل المتبادلة بينه وبين روبرتسون، بيد ان مشكلة السودان يومذاك لم تكن هي الاقتصاد، وإنما كانت العوامل التي أدت إلي تدهور الاقتصاد. صراع الديكة وحرب الجنوب، الحرب كانت أكثر دموية وغباء من ذلك الصراع خاصة بعد ما توصل إليه الرأي المستنير من حلول لتلك الحرب عقب مؤتمر المائدة المستديرة. هذا هو البعد الداخلي، أما البعد الخارجي فهو هيمنة الفكــــر الشمولي علي المنطقة، الحزب الواحد، الاشتراكية العربية، الفكر القومي البعثي، الاشتراكية الإفريقية، بحزبها الواحد هي الاخري.هذا الواقع لم يلق بظلاله علي السودان فحسب، وإنما أناخ بكلكله عليه. هذه التجارب جميعها ثبت فشلها الا في بضع بلاد ما زالت تعيش خارج إطار التــاريخ المعاصر، ومع ذاك ما زال بعض الطاعنين في شمولية مايو يثابرون علي تمجيد ضلالات (شموليات أخري). إذا كان الواقع السياسي آنذاك والحالة الاقتصادية المتردية التي نبه إليها المحجوب ماذا قدمت مايو إذن لمواجهة ذلك ؟ مايو أنجزت الكثير في ميدان التنمية المادية ـ طريق الخرطوم ـ بورتسودان، خط الأنابيب مصانع السكر و علي رأسها كنانة، جامعتا الجزيرة وجوبا، اكتشاف البترول إلي آخر القائمة. علي ان جميع هذه الإنجازات لم يكن يستأهل لتحقيقها إلغاء الديمقراطية والصـــــراع الدامي الذي صحب ذلك. علي ان إنجاز مايو الأكبر هو السلام بين الشمال والجنوب الذي نعم به السودان لعشر سنوات.إلي أين انتهي ذلك السلام؟ ألغاه نفس الرجل الذي أنجز في عهده، وما كان لحكـــــمه ان يستقر لولا الدفع الذي وجده من تحقيق الاتـــــفاق. لو كان مثل هذا الإنجاز قد تحقق في ظل نظام ديمقراطي مفتــــوح، فيه من الشـــــفافية بقدر ما فيه من المحاسبة لما جرؤ حاكم علي انتــــهاكه. الناقد الحصيف يتساءل لماذا استـــــطاع النظام الشمولي ان يحقـــق ما عجز عنه النظام الديمقراطي ؟الجواب هو عدم إدراك الحاكمين يومذاك للاولويات، فالصراع كان علي الديمقراطية بدون إدراك أن الديمقراطية والاستقرار السياسي سيظلان في كف عفريت ما دامت مشكلة الحرب معلقة. لو ادركوا تلك الأولوية ـ وتركوا الصراعات حول الحكم ـ لدامــــت الديمقراطية. مايو وضعت السلام علي رأس اولوياتها منذ تموز (يوليو) 1969ولكن بالقدر نفسه، رغم نجاح نظامها الشمولي باستقراره القمعي في حل المشكلة، فان طبيعته الشمولية اتاحــــت للذي يمسك بمفاتيح التحكم ان ينقــــض غزله بيده دون حسيب او رقيب. وعلنا اليوم بعد تجربة وبعد تجارب العالم التي تهاوت فيها الأنظمة الشمـــــولية من هانوي إلي الجزائر، ومن موسكو إلي بريتوريا أضحينا أكثر حكمة. وعل الله يهدينا أيضا إلي إدراك اولوياته حتي لا تــــقع واقعة ليس لها غير الله رافع. وقــــد أحسن التجـــمع مثلا عندما وضع قضية الحرب والسلام في قائمة اولوياته.عن الموقف السياسي ما زال موقفك السياسي يعتريه الغموض، أي انتقالك من منظر لنظام ديكتاتوري إلي داعية إلي الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن العداء إلي الشيوعية واليسار عموما إلي قيادة (الحركة الشعبية لتحرير السودان) كيف تفسر تنقلك من موقف إلي آخر نقيض له تماما ؟ سؤالك يحتاج إلي تفكيك، بل هو من الأسئلة التي تثير في المرء هرمون التوتر (الأدرينالين) فطريقة السؤال كثيرا ما تفرض الإجابة التي يبتغيها السائل، هذا أمر يصح في المحاكم، فقد تعلمت في تجاربي القانونية الا اوجه سؤالا للخصم لا اعرف جوابه، لان هدف المحامي هو إثبات واقعة يعرفها. اما بالسجال او الاستطلاع الفكري، فانا افكك السؤال لاكتشف او لاكشف عن التناقض الداخلي فيه وعن محتواه، وما ينبغي السائل او بالأحري من يعبر عنهم السائل. أنت مثلا تفسر عن الغموض بأنه الانتقال من رحاب التنظير لنظام مايو الدكتاتوري إلي الدعوة للديمقراطية وحقوق الإنسان. السؤال يفترض أيضا ان ثمة عداء فكريا بيني وبين الشيوعية واليسار عموما. ولهذا تعجب من انضمامي للحركة الشعبية التي تصنفها في خانة اليسار حسب نظرك:أولا: (دكتاتورية) مايو هذه تعود إلي اليوم الأول الذي خرج فيه (حارسنا وفارسنا) من الثكنات حتي انتهي إلي سدة الحكم وبدأت منذ أن تداعت (القوي الديمقراطية) جميعها إلي الميادين في 2 حزيران (يونيو) 1969لتبارك الوليد المايوي وتذود عنه بـ الروح والدم نفديك يا ثورتنا ، بين هؤلاء كان الشيوعي والبعثي والناصـــــري، ولعل البعثيين والناصريين هم الذين استــوردوا للسودان شعار (بالروح بالدم)، فان اختلف أي من هؤلاء مع نظام مايو لأنه انحرف من اليمين مع اليسار او انتقل من اعلي عليين إلي أسفل سافلين في تقديرهم فهذا لا يلغي الطبيعة (الدكتاتورية)، من البداية إلي النــهاية والدكتاتورية هي مناط اتهامك له.وبالتالي فان تصنيف اليسار واليمين هنا لا يعني شيئا مع ذلك علي المستوي الفكري، كانت مواقفي مع المدارس السياسية التي تحصر الإنسان في اطار مفهومي خانق هو الرفض الفكري، لا العداء، ولعل اللغة أيضا لها دور في تكييف نظرة المعلقين للأشياء، فالمقال السجالي يصور دوما في الصحافة العربية بلغة (شن فلان حملة عنيفة علي فلان) عقلية داحس والغبراء ما زالت تسيطر علي بعض الافهام. حسنا ما الذي يدفع المرء للانتقال من موقف إلي آخر مناقض له ؟ تسأل عن القانون الذي يحكم الانتقال من موقع الي نقيضه ؟القانون هو التطور التاريخي، هو نمو الوعي، هو التحولات المستجدة، هو استكشاف خيبة التجارب الماضية. ولهذا يوجه مثل هذا السؤال ان كان ثمة سؤال عن الغموض الذي يكتنف المواقف ـ الي بوريس يلتسين أمين الحزب الشيوعي اللينيني لمدينة موسكو الذي صار داعية للديمقراطية وحقوق الإنسان، والي الناصريين أهل الحزب الطليعي الواحد الذين لا ترضيهم اليوم ديمقراطية مصر التعددية بما فيها من استقلال للقضاء وحريات للصحافة والنقابات، كما يوجه للبعثيين الذين انتقـــــلوا إلي مرابع التعـــددية. فانتقالي يا صديقي من مربـــع الي مربع كان منذ 1979 في مقالات لم يصدقها المعارضون فأسموها (مقالات مأذونة) ولم يقبلها رفاق مايو القدامي، إذ حسبوها زندقة. مثل هذا السؤال يعبر عن حيرة السائل.الاصطفائية في عرض الحقائق تعبر عن حيرة، فالسائل، فيما يبدو، مع الديمقراطية التعددية بلبراليتها السياسية ولكنه يتمني علي النفس اختزال ما يسميه قوي التخلف، وهو مع تحرير الاقتصاد ولكن ما زال به وله بالاشتراكية، عن تلك الحالة عبر الكاتب التونسي محمد الحداد يقول (انتقلنا من عهد النهضة إلي عهد الثورة، ومن عهد الثورة إلي عهد الحيرة).سؤالك الحقيقي عن الحركة الشعبية، واتجاوز من السؤال دلالاته المضمرة، فلو تحولت مثلا إلي حزب شمالي لما برز السؤال المضمر وهو كيف يجوز ان يلحق نفسه بحزب (العبيد) هذه هي الأوصاف التي تستحي من نفسها ولهذا يهمهم بها البعض في مجالسه الخاصة. دعني اقل لك بعد كل الذي قلت بأنني رجل متصالح مع نفسه، حريص علي مواريثه، مدرك لعبقرية بلاده المكانية والزمانية ، موضوعي في تقويمه للأفكار وللرجال، لا يري فيما جاء به البشر من فكر شيئا مطلقا او منزلا، كما لا يحكم علي الرجال بأصلهم وفصلهم وإنما برؤاهم وأفعالهم ، وشهادة الأفعال دوما اعدل من شهادات القال والرجال قال صديق شمالي لو جاء قرنق من ود الحداد لهرعنا جميعا إليه.ولو جاء من جبل الداير لحسبناه مهديا جديدا. هذه هي محنة السودان الحقيقية. دوري في الحركة ـ كما قلت ـ أن أنقذ بعض أهلي من أنفسهم، ولايظنّن احد ان بغيتي هي ان أكون حاكما للبحيرات. تسألني عن مستقبلي السياسي. مستقبلي الحياتي وليس السياسي فقط، رهين بسودان جديد مستقر، ولا استقرار الا بعد أن يتصالح السودان مع نفسه، فان لم يتحقق هذا فسيطول الأبد علي لبد.في تقديرنا السودان حقيقة جغرافية، نعني بذلك السودان الذي ارسي قواعده محمد علي باشا من التاكا وسواكن شرقا إلي دار فور غربا ومن غندوكرو جنوبا إلي حلف شمالا. وان كان السودان الجغرافي حقيقة فالسودان سياسي، خاصة فيما يتعلق بأمر شقه الجنوبي، وليس أدل علي ذلك من انه ظل متصارعا مع نفسه منذ الاستقلال في حروب ساخنة وباردة. سبب هذه الحروب هو العجز عن استيعاب معني الخصوصيات المثقلة التي ظـــــلت ترهق المجتمع السوداني من أقصــــاه إلي أقصاه ،العجز عن إدراك المعطيات الزمانية والمكانية والتاريخية يصبح مذهلا عندما نستذكر ان التوحيد بين شقي القطر ليس بمطلب جديــــد، بل كان واحدا من المطالب الرئيسية في مذكرة إبراهــــيم احمد. مذكرة المشكل عولجت بأسلوبين خاطئين، فعلي المستوي النــــظري كانت هناك استهانة بتلك الخصوصيات، وكان هنـــاك ظن بإمكانــــية إذابتها عبر القهر الثقافي لا المثاقفة الطبيعية، بالرغم من ان المثــاقفة كانت هي أداة تعريب الشمال كله. وقد جاء علي السودان حتي تراثه النوبي لونيته، وتراثه القبطي لنصرانيته، مثل ذلك التراث تتباهي به الأمم وتجليه علي العالمين. فالوثنية لم تدفع أهل مصر لاقتلاع آثار الفراعنة، والنصرانية لم تسقط الاخطل من ديوان العرب، ولم تمح اسم اسحق بن حنين من فهارس اعلامهم، ذلك نمط من الرجال تصدق عليه مقالة طه حسين عن احدهم: (هذا جاهل رضي بجهله ورضي جهله به).أما علي المستوي السياسي فكانت اداتنا هي التشاطر السياسي، ففي 12/12/1955 تجسدت استجابة احزاب الشمال كلها علي مطالبة ان يصحب اعلان الاستقلال اعلانا اخر بقيام نظام فيدرالي في اطار دولة موحدة في كلمات بسيطة: (سيؤخذ هذا الامر بعين الاعتبار عند وضع الدستور) احزاب الشمال التي ما زال بعض زعمائها يردد حتي اليوم (الجنوبيون عايزين شنو ؟) كانت تعرف حقا ما يريـــــدون، كما تعــــرف الطريق إلي الوحدة والســــلام والاستقرار منذ اليوم الأول. ويروي استانسلاوس بياساما في مذكراته التي نشرت بالسودان قبل بضعة أعوام قصة استدعاء عبد الرحمن المهدي له للقاء مع إسماعيل الأزهري وعبدا لله خليل وآخرين (وكان الأزهري رئيسا للحكومة القومية التي أعقبت الاستقلال وعبد الله خليل وزيرا للدفاع فيها) سأل الإمام عبد الرحمن استانسلاوس: (ما الذي يريده الجنوبيون ؟) قال استانسلاوس )نحن نطالب بنـــــظام فيدرالي ندير فيه شؤوننا الداخلية بأنفسنا في ظل سودان موحد) وكان للمهدي رد بليــــغ وتوجيه حاسم لأهل الحكم: (اذهبوا وأعطوهم ما يطالبون به، التركية لم تستطع قبرهم والإمـــام المهدي (أبوي) لم يستطع السيطرة عليهم، والإنكليز بالكاد حكموهم وحيث لم يعرف السودان حروبا باردة أو ساخنة كانت هناك استهانة بخصوصيات أخري، التهميش الاقتصادي في مناطق الشرق والغرب والوسط (جبال النوبة) وأعالي النيل الأزرق، تلك ظاهرة ذات جذور تحتاج إلي تفكيك، خاصة وقد كان الجنوب ـ غير المسلم يعاني من تهميش قصدي له من جانب الشمال المسلم. الفكرة خاطئة لان اقتصار التنمية علي الشريط النيلي أمر استوجبته في عهد الاستعمار اعتبارات تخص الاستعمار: توفر البنية التحتية في الشمال (السكك الحديدية والنقل النهري) التضاريس الجغرافية المواتية، القوي البشرية المؤهلة نسبيا، القرب من مراكز التصدير للخارج. تلك سياسة لم يستنكف الاستعمار عن الجهر بها. ففي واحدة من رسائل اللورد كرومر إبان الجلاء جاء فيها ان الحكومة ستمضي في تنمية الشمال في حين تقصر إنفاقها في الجنوب علي الاحتياجات الضرورية لصون الأمن وحفظ السلام.لهذا كانت مسؤولية الحاكمين في الشمال عن استشراء الحرب عظمية بسبب الحيلولة دون التمكين السياسي لأهل الجنوب في مطلع الاستقلال، و مسؤوليتهم اكبر في العجز عن توفير المناخ الصحي لتحقيق التمكين الاقتصادي للمهمشين علي امتداد القطر بسبب الإبقاء علي الخلل الهيكلي الموروث، ذلك الخلل ظل قائما حتي بعد أربعة عقود من الاستقلال مما جعل الحديث عن مسؤولية الاستعمار تكاد لا تخدع أحدا. وذريعة تسيء إلي من يتذرع بها، وأثبتت التجارب ان درجة الاستقرار الذي تتمتع به الدول حديثة العهد بالاستقلال رهين بدرجة معالجتها لمثل هذه الاختلالات عند الاستقلال.ليلة إعدام محمود محمد طه دهش كثيرون عندما كتب د.منصور عن الاخوان الجمهوريين في أواخر مايو، كيف بدأت علاقتك بالجمهوريين والي أين انتهت؟ حركة الجمهوريون قادتني إليهم فحولة فكرية وخصائل شخصية، كثيرون كانوا يقدرون في الجمهوريين تلك الفحولة دون ان يشاركوهم الرأي، ناهيك عن الانضواء تحت تنظيمهم. من بين الخصائل التي حببتهم الي نفسي أدب الخطاب وتجويد الكتاب والتوافق المبهج بين السر والعلانية، ولربما كان مقتل محمود محمد علي يد نميري هو اكبر حدث حملني الي القطيعة البائنة معه.كنت في داري بلندن عشية إعدام الأستاذ أتابع ما يدور في السودان برفقة الحبيب الراحل الدكتور خليل عثمان والذي نمت بينه وبين الأستاذ علاقة وارفة، وتداعي علينا كثر لا يصدقون ما يسمعون: الأخ الراحل حسن بليل ، الأستاذ التجاني الكارب الأخ الراحل ابوبكر البشير الوقيع. قضينا ليلة محلوكة نسعي فيها بكل ما في وسعنا لحشد العالم لكي يقنع نميري بالكف عن السير في تنفيذ قراره. اتصلت بنائب الرئيس الاميركي جورج بوش، وسيمون تيل رئيسة البرلمان الاوربي، واحمد مختار امبو مدير اليونسكو والامير صدر الدين اغا خان في جنيف، والمستر ريتشارد لوس في البرلمان البريطاني، وكان لكل واحد من هؤلاء فضل علي السودان، وعلي النظام الذي يترأسه نميري شخصيا، الاجابة علي جميع هؤلاء كانت الرفض والتحايل، وضاعف من غضبي ما علمت به من بعد عن استهانة الرجل بكل الضغوط الاسرية عليه لكيما يقلع عن عدوانيته تلك، وفيما علمت ان رأس الرمح في تلك الضغوط الاسرية ـ الدكتور عبد السلام صالح ـ خرج غاضبا ومتوعدا ان لا يعود لدار نميري، وفي الصباح جاءنا الخبر الذي جعلنا جميعا نشرق بالدمع، حتي تحولت داري الي (بيت بكاء) لا ادري ما اصنع .احاول تهدئة خليل وهو ينشج بالبكاء كالطفل؟ ام اهدئ من روع ابي بكر صاحب القلب الذي قرضته الامراض ؟ ام اقول للتجاني حنانيك بعد ان فجعني بقوله (لم اكن اظن انه سيأتي علي حين من الدهر اقول فيه لا يشرفني ان اكون سودانيا الا اليوم)؟ ام انصرف عنهم جميعا لافعل ما افعله دوما في مثل هذه الحالات: اعتصر قلبي في وريقة؟ هؤلاء رجال لم يكونوا في يوم من الايام من منظومة الاخوان الجمهوريين، ما جمعهم بالاستاذ الشهيد هو رابطة الانسانية واحترام الفكر والمفكرين. كثيرون قد يقولون ان محمود لم يكن هو اول ضحية للنميري، فقد سبقته ضحايا لتحمل معه المسؤولية عما لحق بهـــــم ، بيد ان محمود لم يكن هو الامام الهادي الذي نازع نمـــيري السلطة، ولم يكن هو الشيوعيين الذين اتهموا ـ حقا وباطلا ـ بالانقلاب علي حكمه، واذلاله بحمله علي ان يخرج من داره خافر الرأس حافي القدمين، وليس هو قيادات الجبهة التي جيشت الجيوش للاطاحة بالحكم، جرم الرجل الذي لم يكن يحمل عصا يتوكأ عليها وهو الشيخ الذي انهكته السنون، انه ابدي الرأي في وريقة واحدة استنكر فيها ما يدور باسم الدين دون ان يصف السلطان بالبغي. وهو اقل ما كان يقتضيه المقام، تلك كانت هي القشة التي قسمت ظهر البعير وحملتني علي ان اقول: هذا جنون لا يستطيعه بشري الا بعون ربه. ولن يكون لي مع الرجل بعد اليوم لقاء حتي وان كان هو الممسك بمفاتيح الجنان .7
                  

12-27-2022, 02:48 AM

يحي قباني
<aيحي قباني
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 18708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    تحياتي ياسر

    ده اللقاء ..

                  

12-27-2022, 02:51 AM

يحي قباني
<aيحي قباني
تاريخ التسجيل: 08-20-2012
مجموع المشاركات: 18708

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: يحي قباني)

    ودي شهادة دكتور منصور خالد عن الاستاذ محمود محمد طه ..

    د. منصور خالد

    عندما جوبهت بسؤال عن الموضوع الذي أتمنى إختياَره للحديث عن شهيد الفكر محمود في مئويته، بل في الذكرى الرابعةِ والعشرين لإستشهاده، توقفت مرة بعد مرةً، فمحمودٌ رجلٌ لكل الفصول : (A man for All Seasons)، ذلك وصف أطلقه الفيلسوف الهولندي إيراسموس الملقب بأمير الإنسانويين على شهيد فكر آخر، هو السير توماس مور، رئيس مجلس اللوردات البريطاني في عام 1529م على عهد الملك هنري الثامن. ليس بين الرجلين عُلقةٌ في الفكر، بل تشابهٌ في الصدق مع النفس حتى الموت. وعندما تمنى علىَّ منظمو الحفل أن أتحدثَ عن الفكر السياسي عند محمود إزدَدتُ إحترازاً لأن إقبالَ الأستاذ الشهيد على الفكر السياسي كان مختلفاً جداً عما يُطلِق عليه البعضُ أسم الفكر السياسي في السودان، وهو ليس منه في شئ.

    العنوان الذي إخترت للحديث: "محمود محمد طه الذي عرفت" فيه مجالٌ للتوسعة بدلاً عن الحصار والتضييق. و الهدف من الحديث ليس هو شرح او تشريح أفكار الاستاذ، وانما هو القاء اضاءة كاشفة عن تنوع معارفه، وجديته في االإقبال علي القضايا العامة، ثم صدقه مع نفسه في القول و العمل. ولئن سأل سائل: كيف عَرفَتُ الأستاذ، ولماذا حَرَصتُ على معرفته، أجيبُ انني عرفت ذلك المفكر الفهامه أولاً كما ينبغي أن يُعرف المفكرون. المفكر يعرفه الناس من قراءة ما كتب والتملي فيما كتب. والمفكر تشدُ الناسَ اليه نجاعةُ الفكر، وفصاحةُ الأسلوب، وبدائعُ التفسير، ثم البلاغة في تصريف المعاني. كثيرٌ من الذين تصدوا لأفكار الراحل إبتنوا معرفتهم لأفكاره على السماع لم يروموا من ذلك غير غرض واحد هو التشهير. ومن بين أولئك طائفةٌ من المتربصين سارعت إلى قراءةِ ما بين السطور، قبل قراءة السطور، ناهيك عن التمعن فيها، ومن ثَم ذهبت تلك الطائفة إلى إختراص المعاني التي يريدون عبر تلك القراءة الزائفة حتى يُقَدروا عليها الأحكام بالظن، وبعضُ الظن إثم.

    سعيتُ من بعد القراءة والتملي فيما قرأتُ إلى لقاء الرجل، ليس فقط رغبة في الحوار معه حول بعضِ أفكاره، وإنما أيضاً لأكتنِه أمرَه: ما الذي كان الأستاذ يبتغي مما يدعو له؟ وعلي أي أساس كان يخاصم ويصطلح؟ وما هو معيارُه في الحكم على البشر، وبخاصة الحواريين من حوله؟ الغاية من ذلك الحوار كانت هي الإدراكُ السليمُ لكيف يستبطنُ المفكرُ الداعيةُ القيمَ التي يدعو لها، أي التعرفَ إلى مخبره قبل مظهره. تعرفت على محمود أيضاً من خلال تجارب اخوة لي لم يكونوا أبداً من بين صحبه وناصريه ولكن شاءت الظروف ان يرافقوا الإستاذ في مرحلة من مراحل حياته فأحبوه، ورأوا فيه من الخصائص والخلال ما لم يروه في غيره من الرجال. هذه هي المداخل التي قادتني للتعرف على رجل هو بكل المعايير رجلُ وَحْدَه.

    فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.

    محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة "وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم". حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل الليبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.

    هو أيضاً متصوف زاهد إخشوشنت حياتُه بإختياره حتى خَمُص بطنه ورب مخمصةٍ خيرٌ من التُخَم. ورغم مهنيته التي اثرى منها رفاقُه في المهنة إلا انه لم يوظف مهنَته تلك ليوثِنَ (يكثر) في المال، بل ظل يُبقى منه ما يقيم الأود ثم يعفو ما فاض عن حاجته.

    هو سياسي حمله جَدْب البيئة السياسية إلى أن يُرَوي بفكره عَزازَ ارضها. وكان له في ذلك قول يعود الي عهد مؤتمر الخريجين عندما قال في السفر الأول : "أول ما يؤخذ علي الحركة الوطنية انصرافها التام عن المذهبية التي تحدد الغاية وترسم الطريقة التي تحقيقها". ذلك رأي عاد إليه بعد إنتفاضة إكتوبر 1964م فوصفها بأنها فترة إكتملت فيها مرحلة العاطفة السامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير لكن لم تملك بعد فكرة التغيير. من ذلك نستجلي أن الأستاذ كان لا يرى مستقبلاً لأي تطور سياسي إلا أن إهتدى العمل السياسي بفكرة ورؤية. وفي هذا المجال أقبل الاستاذُ على الكتابة في كل ضروب السياسةُ: السياسةُ الحكمية، والسياسة الإجتماعية، والسياسة الثقافية، اي ذهب الي معالجة كل قضايا الناس الحيوية والحياتية وذلك هو لب السياسة. كان ذلك في وقت لم يتجاوز فيه أهل السياسة التفاصح والتداهي بما ليس فيهم، بحيث أصبحت الفصاحة – والتي هي ليست مرادفاً للبلاغة – هدفاً في حد ذاتها.

    لمحمودٍ المجدد، إن ابتغينا التفصيل، رأي في الإسلام، هو ان "الإسلام محاصر في سياج دوغماطي مغلق"، وذلك تعبير نقتبسه من المفكر الاسلامي الجزائري محمد اركون. ولا سبيل في رأي محمود لفك مغاليق ذلك السياج الا بقراءة جديدة للإسلام وفق فكرة إبتدعها تقوم على التمييز بين فقه الإصول وفقه الفروع، بين آيات الإصول التي تعبر عن القيم الرفيعة والمبادئ الأساسة التي ما جاء الأسلام إلا لتحقيقها، وبين تلك التي لا تكون فيها التكاليف إلا بوسع الناس على تحملها. وعبر كل ما قرأت للأستاذ المجدد لم أقرأ ما يشي بإنكاره لصلاحية الفقه الموروث في زمانه ومكانه، وإنما إرتأى أن ذلك الفقه والقيم المعيارية الملحقة به لا يصلحان لزمان الناس هذا، لما بين الزمنين من فجوة معرفية وقيمية ومعيارية. فهذا زمان تحكمه عهود دولية حول حقوق الإنسان، وتضبط الحكم فيه والعلاقات بين الأمم على إمتداد العالم مواثيق إرتضتها الدول ولم تنكرها واحدة منها وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة. تلك المواثيق والعهود فرضت واجبات لا تملك دولة التخلي عنها بدعوى خصوصياتها الثقافية.

    أزاء ذلك التناقض الظاهري بين الدين والقيم المعيارية الجديدة إنقسم المسلمون إلى فرق. فريق يقول أن لا مكان للدين في الحياة، ولهذا فالدين غيرُ ذي موضوع بالنسبة للحياة، أو لمنظومة السلوك الدولي الجديدة. وفريق ثانٍ يرى في كل ما إبتدعته الإنسانية بِدعاً ضِليله، وكل ضلالة للنار. بعض من هؤلاء تصاعد في زماننا هذا بتلك الفكرة المدمرة الى تفريق العالم إلى فسطاطين: فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان. وفريق ثالث لا يريد أن يستقيل عن دينه، كما لا يقدر على الإنعزال عن العالم فيلجأ إلى تخريجات مستنبطة من المفاهيم والأحكام الدينية الموروثة، وهي تخريجات تؤكد ولا تنفي دعاوي الذين يقولون بعدم صلاحية الدين للعصر لما في مطاوي تلك التخريجات من تناقض داخلي. و في هذا، هم اما مفكرون قاصرون، أو أدعياء منافقون.

    محمود كان من أسبق المفكرين للدعوة لحلول مستمدة من إصول الإسلام، ليس فحسب، ليناهض بها الفكر الموروث الذي لم يعد صالحاً لهذا الزمان، بل ايضاً ليدحض بها الفكر الملتبس أو المتيبس للإسلام حماية للإسلام نفسه، خاصة وهو كله آراء رجال وبالتالي لا قدسية له. بدون قراءة جديدة للمفاهيم والأحكام الدينية السائدة ، يستعصي التكامل بين الدين والحياة. في دعوته تلك، إنطلق الأستاذ من قاعدة إصولية هي ان الإسلام غير معاش على الأرض الآن، لا على مستوى تشريعات الدولة الإسلامية ولا في مستوى أخلاقيات المسلمين.

    جاء في الحديث "أن للدين صوى(benchmarks) ومنارات كمنار الطريق"، وعن تلك الصوى كان محمود يبحث. بسبب من ذلك انكر تقديس الاحكام التي لم تعد صالحة لزماننا، وأن صلحت كشريعة لمن قبلنا. انكر أيضاً على المعاصرين من حماة ذلك الفكر المتيبس الدور الوسائطي الذي إفترضوه لأنفسهم بين الأنسان وربه. ذلك كهنوت لا يعرفه الإسلام، بل نعيذ الإسلام منه بذاته وبأسمائه. فكل مسلم في رأي الأستاذ رجل دين. كما ليس في الإسلام وظيفة يطلق عليها وظيفة رجل الدين. ودوننا العراقي أبو حنيفة، وهو من أبرع الأئمة في إستخراج الأحكام الفقهية، كان تاجر خز لم يلهه الإجتهاد عن مهنته.

    في عودته للإصول لم ينحُ طه للتجريد وإنما تقفى كل القضايا الحياتية التي شغلت، أو ينبغي أن تشغل، الناس، وعلى رأسهم قياداتهم السياسية. ففي السياسة الحكمية كتب محمود في عام 1955م عن الفيدرالية كأصلح المناهج لنظام الحكم في السودان، في الوقت الذي كان غيرُه يصفُ الفيدراليةَ بأنها ذريعةٌ إستعمارية لتفتيت وحدة السودان وكأنا بهؤلاء لم يكونوا يعرفون كيف وحدتْ الفيدراليةُ دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والبرازيل، والمانيا. وفي السياسةِ الإجتماعية تناول قضيةَ المرأة في وقت لم يكن فيه للمرأةِ مكانٌ إلا أن تكون مستردفةً وراء الرجل حتى بالمعنى الحسي للكلمة، إذ كان بعضُ الرجال يومذاك يستنكف أن تجلس زوجته إلى جواره في السيارة. ما فتئ بعض من هؤلاء ينادي بقوامةِ الرجل على المرأة مهما كان مستوى علمِها ودينِها وخلقها، ولا ضير عندهم إن كانت المرأة هي العالمة مدام كوري الحائزة على جائزة نوبل مرتين، أو الكاتبة البريعة إيملي برونتي، أو شهيدة الحرية بنازير بوتو. كما لا ضيرعندهم ان كان الرجل هو أي فحل جلف ليس له من علم او خلق يتحفل به أمام المرأة التي يطمع في الولاية عليها. هذه النظرة التي تجعل من المرأة ضديداً للرجل نسبها الأستاذ، بحق، إلى الجهل ولهذا كتب: "المرأة ليست عدوة الرجل، الجهل عدوهما، معاً". لذلك فإن موقف الإستاذ الشهيد من قضية المرأة كان من أعظم فتوحاته الفكرية في الحقل الإجتماعي. وكان الأستاذ ينظر للمرأة كإنسان ينبغي الإنتصاف لحقه، أين كان. ويروي لي الراحل الحبيب الدكتور خليل عثمان، وكان قد صَحبَ الأستاذَ في محبسه، كيف أن الأستاذ ظل يُتابعُ إنتخابات الرئاسة الأمريكية: رونالد ريقان وجورج بوش ضد والتر مونديل وجيرالدين فيرارو، ويجاهر بتمنياته لفيرارو بالإنتصار. سأله خليل: ما الذي تَعرفُ عن هذه السيدة حتى تؤيدَها؟ قال الاستاذ: "أنا لا اعرفُها البتة لكني اتمنى لها الإنتصار لأن إنتصارَ المرأةِ في أمريكا لإحتلال موقعٍ كهذا هو إنتصار للمرأة في كل مكان". ولعل محموداً قد فطن إلى أن في تحرير المراة تحريراً للمجتمع، وأن في صلاحها صلاحاً للأسرة، فالمرأةُ هي الإنسان كما قال الـروائي الألمــاني المعـروف تومـاس مــــان: "الرجـال هـم الرجـال ولكــــن المـرأةَ هي الإنسـان" (Men are men but woman is man).

    كان للأستاذ أيضاً رأي في الحرب والسلام ذهب به إلى جَذر المشكل بعقود من الزمان قبل ان نعترف بذلك في إتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م . في تلك الإتفاقية إعترف طرفاها بجذور المشكلة التي ظلت كل القوى السياسية الشمالية تعوص على نفسها الإمور برفضها. بدلاً عن الإعتراف بجذر مشكلة الجنوب إستمرأت تلك القوى البحث عن مشاجب خارجية تُعلق عليها أسباب الخيبة. قال الطرفان في ديباجة بروتوكول ماشكوس: ", وإذ يدركان أن النزاع في السودان هو أطول نزاع في افريقيا، وأنه قد سبب خسائر مريعة في الأرواح، ودمر البنى التحتية للبلاد، وأهدر الموارد الإقتصادية، وتسبب في معاناة لم يسبق لها مثيل، ولا سيما فيما يتعلق بشعب جنوب السودان، وشعوراً منهما بأوجه الظلم والتباين التاريخية في التنمية بين مختلف المناطق في السودان". في ذلك إعتراف منا بأن لمشكل الجنوب إسباباً متجذرة في الداخل. وحقاً، حين كان السودانُ كلهُ يتلظى بنيرانِ الحرب، كان بعضٌ من أهله لا يُخفي فرحتَه بما حقق من إنتصار وهمي. في ذات الوقت ما انفك الأستاذُ ينظر إلى الصورة المتكاملة ولا يتوه في تفاصيلها، أو يهرب إلى الإمام من واقعها الكالح. كان كلما تباهى المنتصرون بقولهم: "لقد قضينا على مائة من الخوارج وأستشهد منا خمسة"، يعقب بالقول: "أما نحن فنقول أن السودان فقد مائة وخمسة من رجاله".

    بصورة عامة كان محمودٌ في سَرَعَان الناس (أي أسبقهم) إلى إدراك البعد الوطني لما ظللنا نسميه مشكلة الجنوب. كتب في واحدة من رسالاته ازاء الإسراف في الحديث عن مشكلة الجنوب، وكأن هذا الجنوب هو جنوب المريخ: "وللشمال مشكلة أيضاً". بذلك سبق قول الراحل جون قرنق:"مشكلة الجنوب هي فرع (Subset) من مشكلة السودان". هذا طرف من قضايا السياسة التي أهَمَت الأستاذ في حين صمت عنها السياسيون اما عجزأً أولا مبالاة. أدهي من ذلك أن اللهاثَ وراءَ السلطة يومذاك كان هو الشغلُ الشاغل لسادة الحكم، دون أي إجتراء من جانبهم على مواجهة النفس ونقد الذات، بل دون أن يقولوا مرة واحدة لمن ولوهم السلطة أو حملوهم الى سدتها، ما الذي يريدون أن يفعلوا بتلك السلطة من أجل قضايا الناس.

    وإن كانت نظرةُ الاستاذ الشهيد للمدينة الفاضلة التي قَدرَها وأحب أن يصير إليها السودانُ نظرةً شمولية تكاملية، إلا أنه قَدَر أيضاً ان السودانَ جزءٌ من عالم لا يستطيع السودانُ الإنفكاكَ عنه، كما هو جزء من حضارة إنسانية لا سبيل له للإنخلاع عنها. في ذلك لم يذهبْ مذهبَ الذين يدعون للإنخلاع عن الحضارة المعاصرة بدعوى تناقضها أو تباينها مع خصوصية ثقافية مدعاة، أو نقاء عرقي مزعوم. فهؤلاء مع كل مزاعمهم بفساد تلك الحضارة وجَحدهم لكسبها ومنجزاتها الإنسانية ظلوا يلتهمون نتاجها في المسكن والملبس والمشرب والتواصل والترحال، أي يعيشون كمستهلكي حضارة لا منتجين لها.

    شهيد الفكر كان يرمي ببصره بعيدأ ويقول أن الحضارة المعاصرة، حضارة القرن العشرين بلغت نهايات النضج. وان البشرية المعاصرة مجتمع كوكبي إن أصيب جزء منه تداعت لمرضه بقية الأجزاء. هذه النظرة التي جاء بها الأستاذ الشهيد في السبعينات سبقت ما تواصينا عليه بعد عَقد من الزمان في لجنة دولية كان لي شرف المشاركة في رئاستها: اللجنة الدولية للبيئة والتنمية. خرجت تلك اللجنة على الناس بتقرير اصبح هو الميثاق الدولي للبيئة في قمة الارض بريو دي جانيرو. جوهر ذلك الميثاق هو وحدة كوكبِ الأرض بحيثُ ينبغي على كلِ فردٍ في المعمورة ان يفكر عولميا ويعمل محلياً. ثم جاء من بعد فيضان العولمة بخيره وشره، وإنداحت معه الحدود بين البلاد. ولعلني لا اريد أن أتقفى أثر المفكرين المسطحين الذين يحاولون إيجاد نسب لكل فكرة حضارية جديدة، أو ظاهرة علمية مستحدثة بتجارب الدولة الإسلامية وبالقرآن الكريم، ناهيك عن ربطها بأفكار مجتهد معاصر، لا سيما وقد جاء زمان أطل علينا فيه نفر من المتفيقهين الذين لم يستح واحدٌ منهم من أن يفتعل لتخليق النعجة دوللي بالإستنساخ ذِكراً في الكتاب الكريم. كل ما أريد قولَه هو ان الشهيدَ المفكر كان يعالجُ إمور بلاده في محيط كوكبي أرحب لا نملك إلا ان نعيش فيه، ونتفاعل معه، ونؤثر عليه، ونتأثر به، في حين كان غيره لا يبصرون حتى ما تحت أقدامهم بدليل عجزهم عن معالجة أدنى مشاكل الحكم والحياة.

    هذه النظرة الكلية لقضايا الإنسان في السودان كانت بارزة أيضاً في ما كتب الأستاذ عن الإقتصاد. من ذلك رسالته حول الضائقة الإقتصادية (1981م). وأمثال تلك الضائقة يتخذها دوماً معارضو الحكم تكأة لتخذيله، أو ذريعة لحمله على الفشل. يفعلون ذلك دون أدنى إهتمام لما لتلك الضائقة من أثر على الوطن والمواطن. في تناوله لتلك الضائقة (والتي نستعرضها كنموذج) تناول الأستاذ البعد الأخلاقي للأزمة: مسئولية الدولة ومسئولية الأفراد؛ الريف والمدينة وأثر إنهيار الإقتصاد الريفي على إنهيار المجتمع الحضري؛ البعد الخارجي: التجارة الدولية، الديون؛ البيئة الطبيعية، الكوارث مثل الجفاف والتصحر. هذه النظرة الموضوعية العلمية لقضايا الناس هي التي يترجاها المواطن من قادته ومفكريه إن كانوا حقاً جادين في تدارس أي أمر ذي بال حتى يصلح حاله وأمره. والا حق قول أبي العلاء بأن الحكم ومذاهبه عند أولئك ليس هو الا وسيلة لجلب الدنيا لسادة الحكم.

    إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا إلى الرؤساء

    تساءلت ذات مرة عن ما الذي يحول دون هذا المفكر، طالما أهّمَته السياسة، أن ينشئ حزباً سياسياً يتصارع عبره مع الآخرين على الحكم حتى يترجم أفكاره تلك إلى واقع. قال: "غايتنا ليست الحكم هي وإنما خلق المسلم الصالح المتكامل، وبصلاح الناس يصلح المجتمع". وحقاً لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، وحقاً ايضاً أن لاسراة إذا تسيد الجهل على الناس.

    قلت أن الاستاذ المجدد كان يسعى لبناء مدينة فاضلة بخلق النساء والرجال الفاضلين. والرجل الفاضل عنده، فيما تبينت من قوله، هو الإنسان مجدول الخلق الذي يحسن عمله، ويقوم برعاية اهله وذويه، ويؤدي فروض ربه ووطنه. سالته ذات مرة كيف تنتقي ابناءك وبناتك من الجمهوريين، وما الذي تتوخاهُ فيهِم؟ قال: في البدء ان كان ذا مهنةٍ فلابد له من ان يُجود مهنتَه، فالرجلُ الذي لايستجيدُ مهنتَه يفتقدُ القوام الرئيس لقيادة الناس، وقوامُ كلِ شئ هو عِماده. الأمر الثاني هو القدرة على التبليغ، أي نشرالفكرة بين الناس بالتي هي احسن بحيث لايستفزه، عند الحوار، مستفز أو يزعجه مزعج. ثالثاً – وذلك هو بيت القصيد - أن لا يفعل في سره ما يستحي من فعله في علانيته. وكأني بالأستاذ الشهيد أراد ان يجعل من صحبه بشراً يقاربون الأنبياء في سلوكهم. هذا أمر لا أدعي أنني قادر عليه، ولمن قَدِر عليه من صحاب المفكر الشهيد تحية إعجاب.
    بُغية الأستاذ المعلم، إذن، كانت هي إعداد بنيه وبناته ليكونوا قدوة صالحة تُكلف نفسها في سبيل الدعوة غاية ما تقدر عليه. هذا امر ليس منه بُد إن كانت الدعوة لدين أساسَه الإستقامةَ والإستواء "وذلك هو دين القيَّمة". ولعله في هذا ذهب مذهب إبن رشد القرطبي في نظرته للكمال الإنساني. فعند إبن رشد يتميز الإنسان العاقل بما يحصل عليه من عتاد روحي وثقافي ومعارفي وتتكامل عنده الحكمة والشريعة لما بينهما من إتصال.

    لمحمود أيضاً رأي في الإنسان أبدع فيه. قال في واحدة من رسائله "الرجالُ عَندنا ثلاثة: الرجلُ الذي يقولُ ولايعمل لأنه يخافُ من مسئوليةِ قوله، وهذا هو العبد. والرجلُ الذي يَحِبُ ان يقولَ وان يعملَ ولكنه يحاولُ أن يهربَ تحت الظلام فلا يواجهُ مسئوليةَ قوله ولاعمله، وهذا هو الفوضوي. والرجل الذي يحب أن يفكرَ وأن يقولَ وأن يعملَ وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله وعمله، وهذا هو الرجلُ الحرّ (الثورة الثقافية)". هذا حديث حكيم شفيف الباطن. إستذكرت الشاعر الراحل محمود درويش (الجدارية) وانا أعاود قراءة كلمات محمود هذه:
    انا لستُ مني لو أتيتُ ولم أصل
    انا لستُ مني لو نطقتُ ولم أقل
    أنا من تقول له الحروفُ الغامضات
    أكتُب تكن
    إقرأ تَجِد
    وإذا أردتَ القولَ فأفعل ، يتحد
    ضداك في المعنى
    وباطنُك الشفيف هو القصيد

    فللأستاذ، إذن، رؤية سوية للإنسان المثال لا إفراط فيها ولاتفريط، وإن كان هو في خاصة نفسه قد غالى، بمعاييرنا، في قمع نفسه حتى عن اللَمَم وتوافه الملذات . روى لي الدكتور الراحل خليل عثمان إبان محاياته للأستاذ وهما في الحبس إلحَافه على الشهيد أن يتناولَ معه كوباً من الشاي فتأبى الأستاذ، ثم رضخ لإلحاف خليل. وفي اليوم التالي كرر خليلٌ الدعوةَ له وهو يذكره بأنه تناول الشايَ البارحة دون أن يلحقَ به ضُر. قال الأستاذ: "لقد فعلتُها بالأمس إكراماً لك ولكني أعرف أن الشاي منبه وإن تناولتَه المرة بعد الاخرى صار شربُه لي عادة وانا لا اريد أن أكون عبداً لأي عادة".

    قلت ان في مسلك الأستاذ نسكاً وتصوفاً، يستعيد للذاكرة قول الإمام الغزالي في الأحياء حول الزهد: "هو أن تأتي الدنيا للإنسان راغمة صفوا عفوا وهو قادر على التنعيم بها من غير نقصان جاه، وقبح إسم، فيتركها خوفاً من أن يأنس بها فيكون آنسا بغير الله، محبأ لما سواء، ويكون شركاً لما سواه، فيحب الله غيره" لهذا سألته عن رأيه في متصوفة السودان، ولماذا يصب جام غضبه على الإسلاميين المحدثين لا على المتصوفة؟ ذلك سؤال قصدت به الإستفزاز الفكري، لا سيما ورأيي في علماء السودان ومتصوفته رأي إيجابي إذ عشت في رحابهم، وتعلمت إصول ديني من أشياخهم، قال الأستاذ: "المتصوفة والعلماء هم الذين قربوا الإسلام إلى نفوس اهل السودان بالحسنى، وحببوه إليها بتقوى الله ولهفة المظلوم، ولم يتخذ غالبهم الدين طريقاً للدنيا". أما الطائفيون الذين إتخذوا الدين معبراً للسياسية والمحدثون ممن ينصب أنفسهم دعاة للإسلام فقد أساءوا إلى الإسلام من جانبين: أولاً إحتكار الحقيقة حول الدين بالرغم من سوء فهمهم له؛ وثانياً تبغيض الناس فيه بسبب من الغلواء في الاحكام، لهذا فان مسعاه، كما قال، هو إستنقاذ الاسلام من هؤلاء. هذا الموقف هو ما ظل الأستاذ ثابتاً عليه في كل ما كتب عن الطائفية السياسية، وكان متسامحاً فيما كتب، بمعنى أن الإصرار على الحوار الفكري، لا إغتيال الشخصية وإلغاء الآخر، هو قمة التسامح. ورغم إختلافه مع الطائفيين والإخوان المسلمين والشيوعيين دعا عند المصالحة الوطنية في عهد نميري (أغسطس 1977م) إلى خلق منابر فكربة تتصارع فيها كل هذه القوى السياسية واسماها بأسمائها: لم يستثن منها واحداً. وكان يومها يتمنى أن يُملأ الفراغ السياسي بالفكر. أما الآخرون الذين تداعوا إلى تلك المصالحة فلم يروا لها إلا وجهاً واحداً هو المشاركة في الحكم عبر إئتلاف حزبي أو حكومة وحدة وطنية أو حكومة قومية.

    وعوداً على بدء في موضوع مَنسِك الأستاذِ نقول أن نسكه كان ذا طبيعة خاصة به، كان رجلاً من غمار الناس يمارس كل عوائدهم: ياكل الطعام، ويمشي في الاسواق، ويعود المريض، ويواسي الجريح ، ويعزي في الميت، كما لم يك يحسب نفسه منذوراً للبتولة كالمسيح أو أحبار الكنيسة إذ تزوج وانجب كبقية الخلق. لم يذهب أيضاً مذهب المتصوفة في إقصاء المعارف الدنيوية من حياتهم لأنها تلهيهم عن القربى، أي اقتراب السالك من ربه. فجُل المتصوفة لم يبتغوا من قراءة القرآن وتفسيره إستنباط أحكام فقهية أو عقائد كلامية، بل كانوا يريدون بها خلاصاً شخصياً بتعميق تجربتهم الروحية. بخلاف ذلك، إنغمس الأستاذ حتى أخمص قدميه في المعارف الدنيوية يحاور وينتقد، ويقبل ويرفض. ولم يكن إقترابه من التوحيد من وجهة حلولية شأن كل المتصوفة، بل محاولة فلسفية منه للحصول على معارف واقعية تهدي الإنسان في الحياة الدنيا؛ أي أنه "رأي سبيل الرشد فأتخذه سبيلاً". كما كان سبيله للآخرة هو الإقدام على الفروض والواجبات إقبال رجل يغشى قلبه الوجل من مخافة الله :"إذا ذكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً" (الأنفال،2). كما كان يدرك أن وراء أداء الشعائر مغزى روحي عميق غير المعنى الظاهري، فتماماً كما أن ليس للصائم من صيامه غير الجوع والعطش، ليس، في حال البعض، للمصلي من صلاته غير القيام والقعود. الدين عند هؤلاء هو حوار أبدي بين الإنسان وخالقه في الليل والنهار حتى يتحقق لهم المقام المحمود: "ومن الليل تتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (الإسراء 79).

    ثم جاءت نهاية شهيد الفكر كنهايات أضراب له واشباه من المفكرين الذين قدموا ارواحهم قرابين في محاريب الفكر، كانت نهايتهم على يد طغاة كحال الأستاذ الشهيد وتوماس مور، أو غوغاء كحال سقراط وغاندي. هؤلاء جميعاً لا ذنب لهم غير المجاهدة حتى يصبح الإنسان إنساناً. فمن قبل محمود ذهب سقراط ضحية إتهامه بتلويث عقول الإثينيين ولكنه، رغم إلحاح إفلاطون وزينوفون عليه كي يهرب - وكانوا يعدون للأمر عدته - رفض ذل الهرب من الموت. ذلك مشهد وصفه شوقي فابدع في الوصف:

    سقراط أعطى الكأس وهي مليئة شفتي محب يشتهي التقبيلا
    عرضوا الحـياة علـيه وهي ذليلة فابى وآثر أن يمـوت نبيلا

    أما غاندي الذي لم يعرف للعنف سبيلا فقد مات مغدوراً على يد متطرف هندوكي. بُغضُ غاندي للعنف وحبُه للناس حملاه على أن يقول:"هناك أهداف كثر أنا على إستعداد للموت في سبيل تحقيقها، غير أني لا ارى هدفاً واحداً يمكن أن يدفعني إلى قتل إنسان". نقل نبأ رحيل غاندي لأهل الهند جواهر لال نهرو وهو يقول:"لقد إنطفأ النور من حولنا، فالظلام يعم كل مكان." ثم إستدرك قائلاً:"ما كان لي أن أقول هذا. أنتم لن ترونه بعد اليوم، إلا أنه سيبقى بين ظهرانيكم".

    توماس مور، رجل كل الفصـــول، آثر الصـمت عندما قضــي هنري الثامن بإعدامه لرفضه التوقيع على القانون الذي يجعل من هنري رئيساً للكنيسة (Act of supremacy). وعندمىا أقتيد إلى المشــــنقة رفض أن ينبس ببنت شـــــــفه لقاضيه وجــلاده عــدا كلماته الاخـيرة التي صـمت بعــدها: "لا يحق لبشــــر زائل أن يكون رئيســــاً للروحــانية: "No temporal man may be head of spirituality". ذلك كان موقف الأستاذ الشهيد، إذ ما أبلغ صمته وأجمل سمته أمام المشنقة، فالجلاد وقضاة النار لم يبتغوا من الدعوة لإستتابته إلا كسر نخوته. ومن الحمق ان يظن ظان أن رجلاً تمرس بالشدائد، وصهرته المحن، وعرف الحق، سيفعل آخر الليالي ما لم يفعله في صباه. الشهيد ذو مِرة، وذو الِمرة لا ينكسر أمام الخطوب.

    في تلك الايام الحوالك عشت في لندن مع إخوة لي اغلبهم ممن عرف الاستاذ الشهيد من خلال ما كتب: الراحل حسن محمد علي بليل الإقتصادي المعروف، والراحل ابوبكر البشير الوقيع الإداري النابه، والأستاذ التجاني الكارب، ثم الراحل رفيق محمود، الدكتور خليل عثمان. بليل والكارب لم يكونا يبكيان على رجل ، بل كان بكاؤهما على موت ضمير. قالا سوياً:"هذا هو اليوم الوحيد الذي تمنينا فيه ان لا نكون سودانيين". ما تركنا يومذاك باباً في عواصم العالم الا وطرقناه حتى يُرَد الطاغية عن غيه. ثم ادلهم الظلام وذهب محمود كما يتوقع المرء أن يذهب، مرفوع الرأس كالرواسي الشامخات.

    أمثال محمود لا ينتهون بنهاية الوظائف البيولوجية لأجسامهم، وإنما هم باقون بما خلفوا في الرأس وفي الكراس. باقون بما سطروا على الورق، وما تركوا في أدمغة الرجال والنساء. وبهذا يصبح، أو ينبغي أن يصبح، السكون الأبدي لأجسادهم حركة دائبة. لا تهنوا، إذن، أيها الصحاب فأنتم اقوى من أي جلاد جلف، ومن أي قاض ظلوم، ومن أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ
                  

12-27-2022, 07:37 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: يحي قباني)

    سلام يا عزيزي يحيى قباني

    وشكرا لك
                  

12-27-2022, 03:53 PM

Ali Alkanzi
<aAli Alkanzi
تاريخ التسجيل: 03-21-2017
مجموع المشاركات: 9256

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    فعلا
    هل الاكل كل حاجة؟
    لا مُراء ولا شك في وطنية الاستاذ محمود وتعلقه بالسودان
    وما هو سوداني
    وفي زهده لا يجاريه احد
    المقالات التي تم عرضها تتكلم عن الاستاذ محمود كمفكر اسلامي
    وهذا خطأ فادح وجنحة في حقه
    فالاستاذ صاحب الرسالة الثانية لها رسول كان هو ام غيره
    فهو ليس بمفكر ولا مجدد
    بل هو رسول كذب
    لم تقم لدعوته الكاذبة قائمة
    حتى من يتعاطفون معه لا يرضون ولم يعلموا بما دعى له الاستاذ محمود
                  

12-27-2022, 09:32 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Ali Alkanzi)

    Quote: لم تقم لدعوته الكاذبة قائمة


    طيب يا أخ على.. انت الان تعبان كدا مالك؟ موش خلاص لم تقم لها قائمة؟ طنشها ياخ
                  

12-27-2022, 10:01 PM

صديق مهدى على
<aصديق مهدى على
تاريخ التسجيل: 10-09-2009
مجموع المشاركات: 10333

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Abureesh)

    ابو الريش افرازات المؤخرة نتنة هههههههه
    تحياتي
                  

12-28-2022, 00:06 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: صديق مهدى على)

    فو زمن الثورة. لقد آلينا على انفسنا ان نوضح حقائق زعيمى الطائفتين واستغلالهما للبسطاء من أبتباع ابائهما.. على تفاوت
    بينهما.. فإن الزعيمان المرحومين الصادق وعبدالرحمن، معاملتهم تجاه ابناء الأنصار أسوأ بما لا يقاس من معاملة الميرغنى
    لأبناء الخلفاء.. وأعدكم انى سوف لن أتجنى على أحد.. وأسرد الوقائع فقط، خصوصا فى احداث مارس والجزيرة أبا..

    وأحب ان أنوه.. انا لا أتحدث بلسان أحد سواء فرد أو جماعة.. ولا استشير احد.. وبصورة محددة لا أتكلم بلسان او بصفة جمهوريين.
    بل ربما الجمهوريون او بعضهم يرى غير ما ارى أو حتى عكسه..

    الطائفيون وقبلهم الشيوعيون.. على السواء.. كلما تتكلم عن أصنـامهم وأسيادهم يفكوا عليهم كلابهم تنبحك.. حكمة الله السلوك دا
    عند الكيزان ما فى.. الكيزان ممكن يعذبوا ممكن يغتالوا لكن ما عندهم أساليب الرذالة والقذارة دى..

                  

12-28-2022, 00:19 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: صديق مهدى على)

    عفــواً مكــرر

    (عدل بواسطة Abureesh on 12-28-2022, 00:21 AM)

                  

12-28-2022, 00:51 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Abureesh)

    أكرر.. فى مداخلاتى هذه وفيما بعدها..
    انا لا أتحدث بلسان أحد سواء فرد أو جماعة.. ولا استشير احد.. وبصورة محددة لا أتكلم بلسان او بصفة جمهوريين.
    بل ربما الجمهوريون او بعضهم يرى غير ما ارى أو حتى عكسه.. أتحدث بلسانى فقط.ز خصوصا حين يأتى درق سيدو من كل
    حزب بدون أن تكون لى معى أى سابق معرفة أو نقاش شخصى.. يأتى للدفاع عن اسياده عن طريق الإساءات ونشر الكذب حولى..
    فهذا لن نوفره.. اعرف بعض الناس لا يهمهم امر أنفسهم.. ممكن يضحوا بأنفسهم لأنها اساسا ما عندها قيمة عندهم
    وسبلوها من أجل الأسياد. بلغت الروح الحلقوم.. ترك الموضوع و التعدى على شخص المحاور بالإساءات ونشر الكذب حوله لمجرد انه خالفك الرأى
    أو انتقد سيدك الذى تظل عليه عاكفاً.. بقصد إبعاده عن سيدك، مثل الكـ لب الذى ينبح عن اسياده.. كيف لبشــر أن يرضى بهذا الدور الحـ قيــر!!
    ولكن لا ضير.. وبدون إغفال الكلا ب وتلقيهم الحجر فنحن لن ننسى الفيل مقابل الظل. وسيكون العلاج بالتى كانت هى الداء. حتى يعود هؤلاء
    بشــر محترمين يحترمون أنفسهم قبل الآخرين.
                  

12-29-2022, 01:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Abureesh)

    سلام يا عزيزي أبو الريش

    يبدو لي أنك وضعت مداخلتيك الأخيرتين هنا في هذا البوست بالغلط. فليس في البوست موضوع طائفية.
    وإنما هو عن الراحل الدكتور خليل عثمان.
    قد أكون مخطئا ولك تقدير آخر.

                  

01-03-2023, 08:54 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    اللقاء الكامل مع الدكتور خليل عثمان
    الجزء الأول


    Quote: Dr. Khalil Osman Mahmoud Interview

    tarig osman
    73 Abonnenten

    Abonnieren

    41


    Teilen

    Speichern

    2.998 Aufrufe 18.12.2022
    1986 Interview with Dr. Khalil Osman Mahmoud

    الجزء الثاني:


    Quote: Dr. Khalil Osman Interview (Part 2)

    tarig osman
    73 Abonnenten

    Abonnieren

    42


    Teilen

    Speichern

    2.457 Aufrufe 19.12.2022
    1986 Interview with the Late Dr. Khalil Osman Mahmoud, Sudanese businessman, entrepreneur
                  

01-03-2023, 09:40 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)



    Quote: Duiem Elections 1986

    tarig osman
    73 Abonnenten

    Abonnieren

    7


    Teilen

    Speichern

    471 Aufrufe 19.12.2022
    Celebrations of Dr. Khalil Osman Mahmoud election win in Dueim 1986
                  

01-04-2023, 08:57 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48990

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لقاء نادر مع الدكتور الراحل خليل عثمان مت� (Re: Yasir Elsharif)

    لعل المتابعين المهتمين الذين سمعوا وشاهدوا لقاء الدكتور خليل عثمان، عليه رحمة الله، قد مرّ عليهم أسماء عدنان خاشقجي ـ سعودي ـ وسليم جبران عيسى ـ لبناني.

    هؤلاء الاثنين لهما أدوار مشبوهة مع بهاء الدين محمد ادريس ومع النميري أيضا. أرجو قراءة ما جاء في ارشيف وزارة الخارجية الأمريكية عن أمرهما وأمر السعودية.

    سليم عيسى هو مستشار نميري الاقتصادي الذي جاء في قصيدة الشاعر صلاح أحمد ابراهيم العرضحالية:


    Quote:
    [نشر في فيسبوك 28 يوليو 2015

    واشنطن: محمد علي صالح

    هذه هي الحلقة الثانية من وثائق وزارة الخارجية الامريكية عن سنوات حكم المشير جعفر نميري، من سنة 1975 (آخر سنة كشفت وثائقها).
    في الحلقة الاولى، اجرى نميري تعديلا وزاريا كبيرا، اخرج فيه عشرة وزراء من بينهم منصور خالد، وزير الخارجية، ومنعم منصور، وزير المالية.
    وفي حفل عشاء على شرف ديفيد روكفلر، البليونير الامريكي، تحدث نميري كثيرا عن الاوضاع في الدول العربية، وقال اشياء اعتبرها السفير الامريكي غريبة، ومنها ما يشير الى احتمال "خلل عقلي".
    وفي مقابلة خاصة مع السفير الامريكي، شرح منصور خالد وابراهيم منعم منصور اسباب اخراجهما من الوزارة. وقالا ان منها اعتراضهما على دور عدنان خاشقجي، رجل الاعمال السعودي، في قرض مائتي مليون دولار من مؤسسة النقد السعودي (ساما).
    تصحيح:
    خطأ، وردت في الحلقة الاولى اشارة الى ان نميري عزل الوزيرين لاعتراضهما على دور خاشقجي في منحة بليون ريال سعودي المجانية (مائتين وثلاثين مليون دولار) لتطوير القوات السودانية المسلحة. لكن، الصحيح هو اعتراضهما على دور خاشقجي في قرض "ساما" (مائتي مليون دولار).
    بعد عزلهما باربعة شهور، بدأ دور خاشقجي في هدية البليون ريال (مائتين وثلاثين مليون دولار).
    وفي خطاب من السفير الامريكي الي هنري كيسنغر، وزير الخارجية الامريكية، كرر السفير اعتقاده ان نميري اثري من قرض "ساما". لكن، لم يحدد الخطاب المبلغ.
    وفي هذه الحلقة الثانية، دور خاشقجي في قرض "ساما"، قبل دوره في هدية البليون ريال.
    --------------------------------
    ديفيد روكفلر:

    التاريخ: 23-1-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    صورة الى: السفير، جدة
    الموضوع: تمويل قرض للسودان.
    "امس، اقام الرئيس نميري حفل عشاء استمر طويلا على شرف ديفيد روكلفر، رئيس بنك "جيس مانهاتان". وتحدث روكفلر عن قرض مؤسسة النقد السعودي (ساما) الى السودان وقيمته مائتي مليون دولار. وقال ان الملك فيصل كان وافق على ان يعيد بنك "جيس" تمويل القرض. وان الموافقة نقلها الراحل عمر السقاف، وزير الدولة السعودي للشئون الخارجية. وقال روكلفر انه استشار منصور خالد، وزير الخارجية، وابراهيم منعم منصور، وزير المالية، ووافقا على الفكرة. وسال روكفلر نميري عن رايه ...
    وفجأة، غضب نميري، وقال انه يشك في القصة التي رواها روكفلر. وانه لا يريد من بنك "جيس" ان يعيد تمويل القرض. وانه سعيد بالترتيبات الراهنة مع "ساما" ...
    رأينا:
    اولا: لم يكن نميري صادقا مع روكفلر، ولم يقل له السبب الرئيسي، وهو ان عدنان خاشقجي، رجل الاعمال السعودي، هو الذي رتب قرض "ساما".
    ثانيا: منذ ان بدأت قصة قرض "ساما" ودور خاشقجي فيه، انقسم بعض وزراء نميري: وقف مع نميري، وجاهد للموافقة على القرض، بهاء الدين محمد ادريس، وزير الشئون الخاصة في رئاسة الجمهورية. وعارض منصور خالد، وزير الخارجية، وابراهيم منعم منصور، وزير المالية ... "

    بنت كنيدي وخاشقجي:

    التاريخ: 8-2-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: بنت كنيدي تحاور نميري
    "قبل يومين، نشرت الصحف السودانية ان كارولين كنيدي، بنت الرئيس الراحل، اجرت مقابلة تلفزيونية مع الرئيس نميري. لكن، لم نعرف نحن ذلك مسبقا.
    اجرينا تحرياتنا، وعلمنا ان بهاء الدين محمد ادريس، وزير الشئون الخاصة ورجل نميري الاول، ابلغ الخبر لوكالة الانباء السودانية. وعلمنا ان عدنان خاشقجي، رجل الاعمال السعودي، رتب المقابلة بدون علم المسئولين السودانيين عن الاعلام ... "
    راينا:
    اولا: لم نعلم بالموضوع، كما قلنا.
    ثانيا: نود ان تتابعوا الموضوع، وتنقلوا لنا ماذا قال نميري لكارولين كنيدي ... "

    معلومات جديدة:

    التاريخ: 13-2-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: كارولين كنيدي
    "خلال الاسبوع الماضي، جمعنا معلومات جديدو هن مقابلة نميري التلفزيونية التي اجرتها كارولين كنيدي. وعلمنا ان كارولين، مراسلة شبكة تلفزيون "ان بي سي"، كانت تعد برنامجا كاملا عن خاشقجي، وثروته، وعلاقاته الاقتصادية والتجارية الواسعة، والمنتشرة حول العالم.
    وكان جزء من البرنامج عن علاقة خاشقجي مع نميري. ولهذا جاءت كارولين كنيدي، وفريق مصوري تلفزيون "ان بي سي"، الى الخرطوم. وهكذا، رتب خاشقجي مقابلة نميري ... "

    "بان اميركان":

    التاريخ: 17-3-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: "بان اميركان"
    "امس، زارنا وفد من شركة "بان اميركان" الجوية، جاءوا من الولايات المتحدة. وقالوا انهم جاءوا الى الخرطوم لاجراء مباحثات مع المسئولين السودانيين، ووضع دراسة جدوى لتأسيس شركة نقل جوية سودانية.
    وقالوا لنا ان عدنان خاشقجي، رجل الاعمال السعودي، وراء الموضوع. وانه مدعوم ماليا من السعودية. لكن، لم يقولوا لنا اي تفاصيل.
    رأينا:
    بالنسبة لنا، هذا موضوع جديد، ولا نعرف تفاصليه. وسنبحث عن معلومات اكثر ..."

    هدية البليون ريال:

    التاريخ: 21-5-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: منحة عسكرية سعودية
    "حسب معلوماتنا، يوم 19-5، في الصباح، استلم الرئيس نميري رسالة خاصة من الملك السعودي خالد. (كان الملك فيصل توفي قبل شهرين).
    وفي وقت لاحق من اليوم، قابل نميري عدنان خاشقجي، الثري السعودي الذي يتجول كثيرا، والذي وصل الى الخرطوم في زيارة سريعة مثل البرق. وحضر الاجتماع سالم جبران عيسى، "المستشار" الخاص لنميري.
    حسب معلومات موثوق بها تسلمتها امس، توجد صلة للاجتماع بمنحة من الحكومة السعودية قيمتها مائتين وثلاثين مليون دولار (مائة مليون جنية استرليني تقريبا، وقرابة بليون ريال سعودي) لتطوير القوات السودانية المسلحة، والتي تسمى رسيما قوات الشعب المسلحة.
    وحسب معلوماتنا، واذا لم يحدث طارئ، سيعلن نميرى هذه المنحة السعودية الضخمة في احتفال ذكرى ثورة مايو، بعد اربعة ايام.
    ستصرف القوات السودانية المسلحة المنحة كالأتي:
    اولا: مائة وخمسة عشرة مليون دولار لسيارات وشاحنات ودبابات عسكرية.
    ثانيا: خمسة ملايين دولار لاجهزة اتصالات عسكرية.
    ثالثا: مائة وعشرة مليون دولار لطائرات عسكرية منها ناقلات جنود ... "

    شركة "دويتز" الالمانية:

    " ... حسب معلوماتنا، سيعطي عقد السيارات والشاحنات الى شركة "دويتز" الالمانية التي امدت القوات المصرية المسلحة بمثل هذه المعدات. والهدف المعلن هو تشابه معدات البلدين العسكرية.
    لكن، هناك هدف اهم غير معلن، وهو ان فرع شركة "تراياند" في الخرطوم يعمل وكيلا للشركة الالمانية. وكما اوضحنا في خطابات سابقة لكم، يملك خاشقجي شركة "تراياند".
    وعلمنا ان الشركة الالمانية، فعلا، ارسلت عينات من هذه الشاحنات الى القوات السودانية المسلحة، وانها ستشاهد في العرض العسكري يوم عيد ثورة مايو بعد اربعة ايام.
    وفي الموضوع جانب امريكي:
    قبل اكثر من سنة عقدت شركة "بيدج" الهندسية الامريكية (في وقت لاحق، اشترتها شركة نورثروب العملاقة) اتفاقية مع القوات السودانية المسلحة لتطوير اتصالاتها اللاسلكية. لكنها لم تتسلم مقدمة المبلغ، كما نصت الاتفاقية.
    الآن، بعد المنحة السعودية، توفرت مقدمة المبلغ، وستبدأ شركة "بيدج" في بناء شبكة "ستاتيكية" (تعمل مع الضغط الجوي) لريط قيادة القوات بالقيادات الاخرى ... "

    الامراء السعوديون:

    " ... حسب معلوماتنا، بدات مفاوضات هذه المنحة العسكرية منذ سنة ونصف سنة. ولها صلة بعلاقة خاشقجي بالامير فهد، الان ولي العهد. وكان، قبل وفاة الملك فيصل قبل شهرين، وزيرا للداخلية.
    في ذلك الوقت، اعترض الراحل عمر السقاف، وزير الدولة للشئون الخارجية، على الصفقة. وايضا، اعترض الراحل الملك فيصل. وكان واضحا ان للاعتراض صلة بدور خاشقجي في الموضوع.
    الآن، في عهد الملك خالد، وولي العهد الامير فهد الذي، فعليا، يدير البلاد، تجدد الحديث عن المنحة العسكرية. وتجدد دور خشقجي فيها.
    حسب معلوماتنا، تقول مصادر ان هناك تفاهما بين الامير فهد والرئيس نميري بان تساعد السعودية تطوير القوات السودانية مقابل ارسال فرق منها الى السعودية في حالة الطوارئ. مثلا: لمواجهة الحرس الوطني السعودي، اذا توتر الموقف بين الامير عبد الله، قائد الحرس الوطني، في جانب، والشقيقين: فهد، ولي العهد، وسلطان، وزير الدفاع، في الجانب الآخر ... "

    راينا:

    " ... راينا:
    اولا: منذ سنوات، تعاني القوات السودانية المسلحة من اسلحة روسية عتيقة وغير متطورة. وخاصة في مجال الاتصالات اللاسلكية بين قيادات القوات المنتشرة في انحاء كثيرة من السودان.
    ثانيا: ستكون هذه اكبر منحة للسودان من دولة بترولية عربية.
    ثالثا: للموضوع صلة بعلاقة شخصية قوية، وسعيدة، بين الرئيس نميري، والامير فهد، والامير سلطان، والثري خاشقجي.
    رابعا: ستقوي المنحة موقف نميري وسط القوات المسلحة، وخاصة ضمان "اتصالات لاسلكية على مستوى عالى" مع قادة القوات، اذا احتاج لهم سريعا لانقاذه، او اذا يريد ضمان سيطرته عليهم.
    لسنا متأكدين من المعلومات التي وصلت الينا عن تفاهم سري بارسال قوات سودانية الى السعودية في حالة الطوارئ. وربما تريدون سؤال سفيرنا في السعودية عن هذا االموضوع.
    في الجانب الآخر، نحن متأكدون ان خاشقجي يريد زيادة نفوذه في السودان. وانه انه سيستفيد من المنحة السعودية مرتين:
    اولا: سيكسب عمولة (بالاضافة الى عمولته في قرض "ساما").
    ثانيا: سيزيد نفوذه ليكسب مشروعات استثمارية اخرى ..

    سنواصل
    ____________________________________________

    .واشنطن: محمد علي صالح

    هذه هي الحلقة الخامسة من وثائق وزارة الخارجية الامريكية عن سنوات المشير جعفر نميري من سنة 1975 (آخر سنة كشفت وثائقها).
    مع بداية السنة، اجرى نميري تعديلا وزاريا كبيرا شمل عشرة وزراء. منهم: منصور خالد، وزير الخارجية، وابراهيم منعم منصور، وزير المالية.
    واوضحت الوثائق ان للتعديل صلة برشاوي من شركة "تراياد" التي يملكها رجل الاعمال السعودي عدنان خاشقجي. وصلة بامتيازات حصلت عليها شركة "وادي النيل"، واتهامات ضد ابراهيم منعم منصور
    غير ان الوثائق اوضحت ان اساس التعديل الوزاري كان صراعا على الحكم بين الاتحاد الاشتراكي السوداني (الحزب الوحيد) ومجلس الوزراء. وان قادة في الاتحاد الاشتراكي كانوا يريدون ان يعلو الاتحاد الاشتراكي على مجلس الوزراء. وكان وراء ذلك صراع خفي على السلطة بين نميري وابو القاسم محمد ابراهيم، نائب الامين العام للاتحاد الاشتراكي ووزير الزراعة.
    وصفته الوثائق بانه "شريك نميري الطموح":

    التاريخ: 3-1-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: نائب الرئيس السوداني
    "نشرت الصحف المحلية ان ابل الير، نائب الرئيس نميري ورئيس المجلس التنفيذي العالي لجنوب السودان، سافر مع وفد جنوبي لجولة تسعة ايام في الدول العربية …
    رأينا:
    اولا: اخيرا، اعطى نميري الجنوبيين الضوء الاخضر للبحث عن مساعدات ومعونات من الدول العربية. رغم ان الدستور يعطي الحكومة المركزية حق ادارة الشئون الخارجية.
    ثانيا: يمثل هذا تراجعا تكتيكيا من جانب نميري لرفع درجة الجنوبيين، ولزيادة اسهم الير.
    ثالثا: يأمل نميري، والجنوبيون، في الحصول على مساعدات عربية لبناء قناة جونقلي في اعالي النيل الابيض …"

    الصادق المهدي:

    التاريخ: 9-1-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: تقييم نظام نميري
    "دخل نظام نميري سنته السادسة، ويبدو مثل رجل على دراجة يكثر من الحديث عن تقدم اقتصادي، بدون استقرار داخلي. ويأمل في ان ياتي يوم، ربما بعد سنة او سنتين، تثمر فيه بعض المشاريع الاقتصادية، وتطمئنه قليلا.
    في جانب، نجح نميري في الحصول على مساعدات خارجية كثيرة. ومن وقت لآخر، يتجول في كل المديريات، يضع حجر اساس لمشروع هنا، وحجر اساس لمشروع هناك، ويأمل ان تثمر المشاريع قريبا …
    وفي الجانب الآخر، يحاول نميري تخفيف المعارضة الداخلية بخطوات مثل:
    اولا: مع بداية السنة، اعطى كل موظف وعامل راتب شهر قرضا يسدده خلال السنة.
    ثانيا: اعطي مائة الف جنية لنقابة عمال السكة الحديد، وهو يعرف جيدا ان تأييدها له محدود، وانها، حتى اذا تؤيده، تفعل ذلك على مضض.
    ثالثا: يحاول نفخ الحياة في الحزب الوحيد (الاتحاد الاشتراكي السوداني).
    رابعا: يتمتع بتاييد الأراء الحماسية في الصحف المحلية التي يسيطر عليها …
    لكن، لا تخدع هذه الاشياء السودانيين الواعين. غير ان اغلبيتهم لا ترى بديلا لنميري. وكما قال لي مصدر هام: "جربنا السياسيين، وخيبوا آمالنا. وجربنا العسكريين مرتين. ولم نعد نعرف من اين سيأتي اي شئ جديد."
    وخوفا من القوات المسلحة التي يقودها، وفي نوفمبر، تولى نميري وظيفة وزير الدفاع، بعد دعاية كثيرة عن ما قيل انها محاولة انقلاب عسكري، وادانة تسعة من الضباط …
    وقال لنا بعض المعارضين للنظام ان الصادق المهدي، رئيس الوزراء السابق من حزب الامة، يمكن ان يكون بديلا لنميري. لكن، ليس سهلا معرفة كيف يصل مدني الى الحكم بدون انقلاب عسكري.
    على اي حال، المهدي وسياسيون آخرون، ظلوا في الخارج لفترة طويلة. كما قلت اسهمه لان نميري كسب ابن عمه احمد المهدي …
    وهدأ طلاب جامعة الخرطوم الذين ظلوا دائما مصدر حركات الرفض، ربما لأنهم اقتنعوا ان النظام لن يسمح بمظاهرات خارج الحرم الجامعي. ويسيطر الاتحاد الاشتراكي على نقابات العمال. ويظل الناس غاضبون على الوضع الاقتصادي وارتفاع الاسعار، لكنهم لا يفعلون اكثر من الغضب. وفي الشهر الماضي، عندما ضاعف نميري سعر السكر، خرجت مظاهرة واحدة صغيرة …
    على اي حال، يبدو ان نظام نميري اقل ثقة بنفسه مما يريد ان يبدو للناس … "

    منعم منصور:

    التاريخ: 25-1-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: اقالة وزير المالية
    "بطريقة "روثليس" (قاسية، بدون رحمة) اشتهر بها الرئيس نميري، اقال اليوم ابراهيم منعم منصور، وزير المالية. ومعه حسن بليل، وزير الدولة للتجارة، وحسب الرسول عرابي، وكيل وزارة المالية.
    سبقت ذلك اتهامات بالفساد من داخل مجلس الشعب في قضية "شركة وادي النيل"، وتصويت المجلس بالغاء امتيازات قدمت لها لاحتكار صادرات السودان الى، ووارداته من، غرب اروبا …
    كان مقررا ان تقسم ملكية الشركة كالأتي: ستون في المائة لعدد قليل من رجال الاعمال، منهم ثلاثة من كردفان التي ينتمي اليها ابراهيم منعم منصور. وعشرون في المائة لحكومة السودان، وعشرون في المائة لاستكتاب عامة المواطنين.
    وبينما قال ابراهيم منعم منصور ان نميري وافق على المشروع، حسب معلوماتنا، سقط الرجل بسبب مشاكل بين مجلس الوزراء في جانب، وقادة الاتحاد الاشتراكي في الجانب الآخر، بقياد بدر الدين سليمان.
    ووقف نميرى الى جانب الاتحاد الاشتراكي لأكثر من سبب: ليكسب الاتحاد الاشتراكي. او لأن ابراهيم منعم منصور صار اكثر استقلالية في تلبية رغبات نميري. او للسببين معا.
    لكن، جهود الاتحاد الاشتراكي بقيادة سليمان بدات من قبل شهور، وهدفها الرئيسي ليس ابراهيم منعم منصور فقط، ولكن سيادة الاتحاد الاشتراكي على مجلس الوزراء …
    وزادت المشاكل بسبب وجود انشقاق داخل مجلس الوزراء نفسه: جناح ابراهيم منعم منصور، وجناح بهاء الدين ادريس، وزير الشئون الخاصة برئاسة الجمهورية. ويبدو ان استهداف ابراهيم منعم منصور خطة حاقدة، لان امتيازات شركة "وادي النيل" ومعارضة كثير من الناس لها، لم تكن سرية.
    نتوقع ان يخلفه مأمون بحيري. وبصرف النظر عن آراء بحيري الحزبية والشخصية، يبدو انه يتفق مع نميرى في السياسة الاقتصادية. ونلاحظ ان بحيري صوت ضد امتيازات شركة "وادي النيل" … "

    الولايات المتحدة:

    التاريخ: 3-2-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: نميري والولايات المتحدة
    "اول من امس، افتتح نميري المؤتمر العالمي لمواجهة ازمة الطعام. وتعمد شن نقد عنيف على الولايات المتحدة. وقال انها لا تساعد السودان، كما كانت وعدت. ولا تساعد دول العالم الثالث التي تحتاج الى الطعام، رغم انها "دولة كبرى، وتنتج محاصيل كثيرة."
    وايضا، تحدث منصور خالد، وزير التربية، ووزير الخارجية السابق. وكان اقل حدة. لكنه اتفق مع تقرير الخبير الكندي لستر براون بان اساس مشاكل الطعام العالمية هو كثرة استهلاك الامريكيين …
    رأينا:
    اولا: استغرب الدبلوماسيون هنا لعبارات نميري الاستعراضية والحماسية، وهو ينتقد الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة.
    ثانيا: ايضا، استغربنا نحن لان الوفد الامريكي في هذا المؤتمر كان اكبر الوفود.
    ثالثا: نعتقد ان حماس نميري سببه الاحساس بالنصر على معارضيه، بعد التعديل الوزاري الكبير الذي اجراه … "

    القوات المسلحة:

    التاريخ: 5-2-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: نميري والقوات المسلحة
    "امس، تحدث نميري في المؤتمر السنوي لقادة القوات المسلحة. واعترف ان القوات المسلحة تواجه نقصا في المعدات. وقال ان دولا "شقيقة وصديقة" وعدت بتقديم مساعدات عسكرية كبيرة.
    وقال انه يريد الاستمرار جنديا، ووزيرا للدفاع، وقائدا للقوات المسلحة، ما دام سيظل رئيسا للسودان …
    رأينا:
    نلاحظ عبارة نميري القوية بأنه "سيظل وزيرا للدفاع، ألخ … " ونعتقد ان للموضوع صلة باخبار ان قادة الاتحاد الاشتراكي، بقيادة بدر الدين سليمان، الذين دخلوا الوزارة بعد التعديل الوزاري الاخر، يريدون تحقيق اهداف اخرى، منها:
    أولا: فرض سيادة الاتحاد الاشتراكي على مجلس الوزراء.
    ثانيا: ابعاد نميري من وزارة الدفاع، واقناعه بتعيين وزير لها … "

    ابو القاسم ابراهيم:

    التاريخ: 11-2-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: ما وراء التعديل الوزاري
    "صار واضحا ان التعديل الوزاري الكبير الذي اجراه الرئيس نميري يوم 25-1 (عزل عشرة وزراء منهم منصور خالد، وزير الخارجية، وابراهيم منعم منصور، وزير المالية) كان بداية صراع جديد على السلطة.
    وهذه المرة، يبدو ان الصراع بين نميري وابو القاسم محمد ابراهيم، نائب الامين العام للاتحاد الاشتراكي ووزير الزراعة. بالاضافة الى زيادة استقلالية عناصر انتهازية اخرى في الاتحاد الاشتراكي وفي مجلس الشعب.
    ووصلت الينا معلومات متناقضة بأن ابو القاسم ربما وراء التحركات الاخيرة لفرض سيطرة الاتحاد الاشتراكي على مجلس الوزراء. او انه ربما لا يزال شريك نميري المخلص …
    كان واضحا ان وراء تحركات الاتحاد الاشتراكي ضد مجلس الوزراء كل من: ابو القاسم، نائب الامين العام، وبدر الدين سليمان واحمد عبد الحليم، مساعدا الامين العام. كما عاد نجم زين العابدين محمد احمد عبد القادر، الذي صار وزيرا للشباب، والمحسوب على ابو القاسم.
    في البداية، نجح سليمان في الاحتفاط بمنصبه القديم في الاتحاد الاشتراكي ومنصبه الجديد في مجلس الوزراء. لكن، طغى علي دوره العقائدي في الاتحاد الاشتراكي جعفر محمد على بخيت الذي صار مساعدا للامين العام. وطغى على دوره التنظيمي في الاتحاد الاشتراكي عمر الحاج موسى في مكتب الامين العام. وطغى على دور احمد عبد الحليم في امانة الشباب في الاتحاد الاشتراكي عبد الله احمد قلندر.
    حسب معلوماتنا، ظل قلندر مقربا من نميري منذ انقلاب مايو سنة 1969. ويعتبر بخيت والحاج موسى من انصار نميري.
    وهكذا، يبدو واضحا ان نميري، ردا على دخول قادة الاتحاد الاشتراكي الى مجلس الوزراء، زرع انصاره في امانة الاتحاد الاشتراكي، في محاولة واضحة لوقف زيادة نفوذ شريكة المخلص ابو القاسم محمد ابراهيم …
    حسب معلوماتنا، نميري مصاب بضغط دم عال، ولا ينام كثيرا. وربما لن يعيش حتى عمر طويل. ولهذا، يبدو طبيعيا ان يفكر منافسوه في مستقبلهم هم انفسهم.
    ونحن نقيم الوضع كالآتي:
    اولا: لا يرفض ابو القاسم محمد ابراهيم الاستمرار شريكا لنميري. لكنه لن يعمل تحت نائب الرئيس الباقر اذا صار خليفة لنميري.
    ثانيا: مؤخرا، ظللنا نسمع معارضة متزايدة من المثقفين في الخرطوم ضد نميري. ونعتقد ان نميري لم يعد قويا كما كان، او كما يعتقد. لكننا نعرف ان شعبية نميري في الاقاليم اكثر، وان معارضة المثقفين والمدنيين لا تؤثر كثيرا … "

    زيارة امريكا:

    التاريخ: 21-3-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: زيارة نميري لاميركا
    "يوم 18-3، قابل صحافيان اميركيان الرئيس نميري، وخلال المقابلة سأله واحد منهما اذا كان سيزور الولايات المتحدة، واجاب بالايجاب، وقال ان ذلك ربما سيحدث في نهاية السنة …
    واليوم، جاء الى مقابلتي بهاء الدين ادريس، الرجل الاستعراضي، ووزير الشئون الخاصة للرئيس، وسألني عن "رأيي الشخصي" في زيارة نميري. وانا قلت له ان العلاقات بين بلدينا كانت سيئة لفترة طويلة، وطبعا، تحسنت مؤخرا. لكنها لم تصل مرحلة التطبيع الكامل. وجرت العادة على ان رئيس دولة اجنبية تحسنت علاقاتنا معه لا يزورنا الا قبل اكتمال تطبيع العلاقات. وان وقت ذلك لم يأت بعد.
    وطلب ادريس الاسراع بتطبيع العلاقات … "

    سليم جبران عيسى:

    التاريخ: 4-4-1975
    من: السفير، الخرطوم
    الى: وزير الخارجية
    الموضوع: سليم عيسي يزورنا
    "امس، اعطينا تاشيرة دخول دبلوماسية الى سليم جبران عيسى، المستشار الخاص للرئيس نميري، حسب طلب وزارة الخارجية السودانية بانه يريد اجراء اتصالات مع مسئولين في الحكومة الامريكية.
    هنا في الخرطوم، يعتبر عيسى صاحب نفوذ قوي، لكنه شخصية مريبة.
    انه لبناني يحمل جواز سفر سوداني. ويقال انه كان سكرتيرا خاصا للامير سلطان بن عبد العزيز، وزير الدفاع السعودي. ولعب دورا كبيرا في صفقة محطة الاتصالات الفضائية، ومشاريع رجل الاعمال السعودي عدنان خاشقجي، وتسليح القوات السودانية المسلحة.
    ربما يريد في واشنطن الاتصال بالبنك الدولي وصندوق النقد العالمي، وربما استكشاف الاجواء لزيادة التعاون الامريكي السوداني. نحن نعرف انه مقرب من نميري. ونطلب منكم ان ترسلوا لنا معلومات عن زيارته … "

    سنواصل..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de