هذه الحلقة مخصصة لجملة واحدة (قسمْ بمحيكْ الْبدري) لنبين من خلالها فداحة نطق السواكن لأن ذلك يجعل الكلام ثقليلاً ويمنع إنطلاقة اللسان.. وتعلمنا من قواعد العامية الوسطسودانية أن لا يلتقي ساكنان في كلمتين متقابلتين وإلا تحرك أحدهما بشكل تلقائي (البتْ الكبيرة = البتَلْ كبيرة) تتحرك التاء بإستلاف الساكن المقابل لها (مثال) وإلا لكان الكلام ثقيلاً إن لفظناها (البتْ لْ كبيرة) .
نمشي لعصام محمد نور قسمْ بمحيكْ الْبدري وهو من المبدعين اللامعين.. لاحظ ما حدث عندما نطق عصام السواكن: 1- تعثر الكلام 2- أختل الوزن الشعري عبر إختلال التفعيلة
3- إختل وتغير اللحن المعياري (سنركز على هذه النقطة عبر الإستماع إلى كيف كان نطق كاف "محيكْ" عند وردي وعصام)
قسمْ بمحيكْ الْبدري.. هكذا تكتب (قسمْ بمحيكْ الْبدري) لكن تلفظ بطريقة مختلفة عند إلتقاء الساكنين (محيكْ البدري) الكاف ساكنة ولام التعريف طبعاً ساكنة (محيكْ لْبدري) والقاعدة في اللغة الكلاسيكية والعامية معاً بلا إستثناء لا بد أن يتحرك أحد الساكنين وإلا يكون الكلام ثقيل على اللسان.
فتأتي هذه الجملة بشكل تلقائي (محيكَ لْ بدري) فتتحرك الكافة بإستلاف الساكن المقابل لها (محيكَلْ بَدري) وهذا ما يفعله وردي ينطق وفق القاعدة: قسمْ بِمحيكَلْ ( محيكَ لْ بَدري) بينما محمد نور ينطق السواكن فيتعثر (محيكْ لْ بَدري) ينطق الساكنين فالعبارة تكون ثقيلة.. بينما وردي كان في إنسيابية إذ بالسليقة أو/و العلم فعل الصحيح:
إسمع المقطع ( محيكَ لْ بَدري) عند وردي وبعد أن يروي وردي مباشرة قصة الغنية البديعة ركز في (محيكَ لْ بَدري) بفتح الكاف والإنسيابية.. وأهم شيء عاين لأين يصعد وري باللحن (في الكاف) محيكَااااااالْ بادري لأنها متحركة ولكن عصام محمد نور يقتل هذه الصعود لأن عنده مستحيل حين نطق الساكنين محيكْ لْ) فيضطر أن يؤجل الصعود باللحن إلى ما بعد (محيكْ ) محيكْ ... اااالْ بادريييي (لحظة وقف بعد كاف (محيكْ) وهذا إذن ليس لحن وردي (محيكَاااااالْ).
وهنا الثواني الأولى من محمد نور.. ركز في (محيكْ لْ بَدري) بتسكين الكاف ونطق ال = لْ بعدها .. ربما تلاحظ أن الإنسيابية تعثرت.. إسمع المقطع ( محيكَ لْ بَدري) عند عصام مرة مرتين وركز في (محيكْ لْ بَدري) بسكون .. وأهم شيء اسمع مرة ثانية لأين يصعد وري باللحن (في الكاف) محيكَااااااالْ باادري لأنها متحركة بينما عصام محمد نور يقتل هذه الصعود لأن عنده مستحيل حين نطق الساكنين (محيكْ لْ) فيضطر أن يؤجل الصعود باللحن إلى ما بعد (محيكْ) اااالْ بادرييييي وهذا إذن ليس لحن وردي إنما شئ آخر. لاحظ مرة أخيرة الحركة والسكون كيف فعلا فعلهما كل مرة (اسمع تاني وتالت) : وردي: محيكَااااااالْ باادري .. عصام: محيكْ اا لْ بدرييييي في المرة الاولى ويكررها في المرة الثانية في الجملة كاملة ( قسم بمحيكْ لْ البدري) ساكنة صامتة بالكامل دون حتى محاولة صعود بعدها.. وهناك المزيد من شاكلة ذلك الخطأ لكن نكتفي به كمثال ساطع بغرض التركيز. ولكن هناك المزيد مثل (بسيمات فاهك التبَري) تبَري بفتح الباء عندي عصام وهذا إخلال بالقافية التي هي دوما (بْري) بسكون الباء في المقطع المحدد (ﺻﺤﻴﺢ ﻟﺠﺮﻭﺣﻲ ﻻ ﺗﺒْﺮﻱ ﻫﻮﺍﻙ ﺑﺮﺿﺎﻱ ﻣﺎ ﺟﺒْﺮﻱ ﺑﺴﻴﻤﺎﺕ ﻓﺎﻫﻚ ﺍﻟﺘﺒْﺮﻱ ﻳﺎﺟﻤﻴﻞ ﻛﻢ ﻗﻠﻠﺖ لي ﺻﺒْﺮﻱ). لكن أهم ما نود الإشارة إليه اليوم هو نطق السواكن في (محيكْ الْبدري) لأن تلك من الأخطاء المكررة يومياً بلا وعي في كثير من الأغاني السودانية وبالذات عند مغني الحقيبة من الجيل الثاني والثالث وما بعدهم لا الرواد.
والتحية للشاب المبدع عصام محمد نور وعلى روح الفنان العظيم وردي السلام.
تتواصل محاولة إستبيان قواعد العامية الوسطسودانية والشعر العامي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة