نعت الخرطوم اليوم أحد شبابها، المغدور غيلة، محمد إبن السيد مجدي طه والسيدة رحاب عابدون، قتله أحد المتفلتين من منسوبي ما يسمي بالأجهزة الأمنية..
إستيقظت المدينة الحزينة "جداً " علي مأساة أخري بفقد أحد أبناءها و هو في ريعان شبابه ليستمر نزيف الدم و إهدار الأرواح رخيصة علي أيدي من وجب عليهم حمايتها وصون أمنها.. تسبب هذا الحدث المشين في حال من الغضب العارم و الصدمة تمثلت في تسونامي في السوسيال ميديا من نعي الفقيد و ذكر مآثره و فضله.
السودان للأسف، أصبح وطناً يسكنه الألم و يستوطن فيه القتل و الموت و الخراب و يعيث فيه المرتزقة و قطاع الطرق فساداً و فوضي، دون رقيب أو حسيب، و دون خوف من حساب أو عقاب.. و منذ أن أصبح الجهلة المارقين و اللصوص تتزين أكتافهم بأعلي الرتب و صدورهم بالنياشين بل يحتلون مواقع سيادة في دولة ضاعت سيادتها و هانت علي نفسها و سكنها البوم الناعق.. فبات لزاما أن يصبح الموت فيها حدثاً عابراً لا خبراً صاعقاً..
السودان للأسف أصبح يعيش خارج سياق التاريخ و بعيدا عن الجغرافية.. أصبح خيال دولة، بل أصبح عالة علي النظام العالمي.. تناقش قضايا الحكم فيه في بيوت السفراء.. و يحمل همه مناديب المنظمات الدولية و الإقليمية .. و تحدد مصائره أجهزة المخابرات الأجنبية.. بينما موارده و خيراته تعبر الحدود علي رؤوس الأشهاد.. أي بؤس و خذلان هذا الذي نعيش فيه؟.
إن القاتل " نظامي ! " أُعطي رُصاصة و حصانة، فأصبح قاتلاً يقتل دون خشية و يحكم بالإعدام و ينفذ حكمه دون أن يرف له جفن.. و هذه ليست حادثة منفردة.. و القتيل محمد، عليه رحمة الله، ليس الأول و لن يكون الأخير.. هذا منهج هذه الذئاب الكواسر المسماة بالأجهزة الأمنية علي مختلف مسمياتها و تكويناتها.. فقد تربت علي أيدي زبانية نظام الإنقاذ الفاسد و علي عقيدة العداء للوطن و المواطنين و الولاء للنظام و التظيم.. و هاهم يمارسون حقدهم و غلهم علي الشباب الثائر الذي إنتفض ضد حكمهم البائس و إنتزع منهم السلطة التي قالوا إنهم لن يسلموها إلا لسيدنا عيسي المسيح عليه السلام.
إن مقتل محمد يجئ في سياق متصل مع كل عمليات القتل والإعدام المننهج التي صاغت عقيدتها و نفذتها الفئة الباغية حين جاءوا في الثلاثين من يونيو المشؤومة.. فمنذ إعدام الشهيد مجدي محجوب محمد أحمد، لم يتوقف هذا المسلسل المرعب لهؤلاء القتلة الفجرة، غلاظ القلوب قساة النفوس معدومي الإنسانية و الخير. الذين نصبوا في البلد سرادق عزاء متصل.. و ما من بيت أو أسرة، إلا و كان لها من الحزن و الغم نصيب مقدر.
المحزن و الملفت انه لم يتم القصاص من أي قاتل نظامي منذ مجئ الإنقاذ و إلي هذه اللحظة. فتعفن النظام العدلي الذي فصلته الإنقاذ ليحمي مؤخرتها يؤدي دوره بإتقان يحسد عليه.. و لن ينصلح حال بلد يحكم فيه نظام عدلي بهذا السوء و الفساد و التعفن.
أقول
إن قاتل المغدور المغفور له بإذن الله محمد مجدي لن تتم محاسبته.. و لو تمت محاسبته فلن ينفذ الحكم فيه..و ربما يكون قد هُرِّب خارج البلاد بعلم سلطة الإنقلاب الفاشل.. و ربما تكون قد تمت ترقيته عرفانا بحسن صنيعه..فكل عمل يزهق روحاً تري فيه سلطة الشر الحاكمة عملاً يستحق الإحتفاء و الإحتفال به. فشرههم للدم لا قاع له.
أسأل الله أن يربط علي قلب والدي محمد، و أن يجعل مثواه الجنة و أن يعوض شبابه مغفرة و رحمة.. و أن يلهم أصدقاءه و معارفه و زملاءه الصبر و السلوان.
أرسلت لي إحدي العزيزات نبذة عن الكلية التي يدرس بها المغدور محمد، و هي كلية تُخرج العلماء في كل منحي و مجال، أليس حزيناً أن يزهق روحه و ينهي مسيره فاقد تربوي !.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة