نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
البداية: الآن وأنا جالسة هكذا يسرح بي الخيال لأتذكر تلك الايام ...عندما كنت أقوم بالتجهيز للسفر إلى هذه البلاد. اتذكر حلاوة تلك السويعات لحظة بلحظة أتذكرها الآن وعياناي تطلعان حقيبتي السفر اللتان ترقدان أمامي قرب الباب استعداد للعودة النهائية للوطن ، وأمامي على الطاولة جواز سفري والتذكرة ....... إنها اللحظات الأخيرة لإسدال الستار على هذه التجربة . ... نفس لحظات الانتظار... نفس القلق عندما وصولي إلى هنا.... لكنها ليست نفس المشاعر، ولا نفس الأفكار ولا التصورات ولا الأحاسيس. هل أصبحت أكثر نضجا؟ لربما.. ولكن بالتأكيد صرت أكثر واقعية.. هذه السنوات الثلاثة جعلتني أكثر زهداً وقناعة . بل أصبحت أقل انخداعا بالأحلام . الأحلام التي نخلقها من واقع انكساراتنا ومن محاولة لملمة جراحاتنا و أمانينا.. فأصبحت أقل استجابة للأوهام والسرابات الخُلّب التي نصنعها من خلال آراء الآخرين ومن وحي حكاويهم وخيالاتهم، ومن خلال التمنيات والدعوات التي يطلقونها أحياناً لكسب وُدِّنا. الآن سأعود إلى بلدي شخصية أخرى.. شابة أكثر وعياً واكثر نضجا وأكثر تقبلا لواقعي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
تمر بذاكرتي الآن تلك اللحظات التي كانت مفعمة بالآمال العراض وبالإحساس بالانجاز وأنا في قاب قوسين أو أدنى من ارتشاف لذة الاغتراب التي تشكلت صورتها في ذهني منذ سنوات. اتذكر ذلك اليوم الذي وصلت فيه إلى هذه البلاد كان ذلك اول يوم لي في الإغتراب . كان رذاذ المطر الشتوي يتساقط بخفة و بإيقاع رومانسي لطيف في الخارج وينساب بلوره على زجاج السيارة وهي تنقلني إلى السكن. هي تقريبا تشبه نفس لحظات الانتظار الآن وانا انتظر مندوب الشركة التي قابلني في المطار حين وصلت وكانت دواخلي حينها مشبعة بالقلق والتوجس وباللايقين وإحساس ثقيل بالوحشة و الوحدة وفقد الأحباب والصحاب يلفني......والآن أنا في انتظار السائق والمندوب المكلف بإنهاء إجراءات مغادرتي. أكاد أقول إن الإحساس مختلف وأنا عائدة نهائياً إلى الوطن حتى وإن لم أحقق ما كنت أحلم به ولا حتى نصفه. سأعود بلا غنيمة سوى الإياب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: walid taha)
|
تحياتي وألف مرحب بالأخ العزيز مصطفى و شكرا على تشريفكم.. دائما ماخد الفضل علينا و بتتحفنا بتجاربك القيمة والجميلة...مرحب بك دائما ومرحب بالأخ وليد الذي ظهر بعد غيبة.. تشرفوا دائما لكم الحب كله والود كله
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
اواصل القصة: نحن أخوات أربع...أنا أصغرهن. ولديهن أخ واحد متزوج ويسكن في منزل منفصل. اخواتي واحدة متزوجة واحدة منفصلة عن زوجها وأخرى مخطوبة أنا بين بين..أقصد علاقة عاطفية ضبابية غير مفهومة الشكل. أمي ؟ الله يرحمها توفيت قبل ثلاثة سنوات..ز كنت أقرب أخواتي لها .. تركت في حياتنا وفي حياتي أنا بالذات فراغاً كبيراً. سمعت بأن هناك فرصة عمل في الخليج ..قدمت من قبل عدة مرات ولكن بلا فائدة. لا بد أن أقول لكثرة ما مررت به من انكسارات واخفاقات رسّبت في داخلي نوعا من عدم الثقة صار ملازما لي . المهم في لحظة ما قررت أن أذهب وأقدم.ذهبت بعد وكلي إحساس أنها ستكون هذه آخر ورقة في يدي ..لكثرة ما قدمت ولم أُوَفّق. حملت أوراقي هذه المرأة وذهبت . ....ابتسم لي الموظف الذي حفظ وجهي من كثرة ترددي.. فقدمت لهذه الوظيفة حتى دون أن أسأل عن محتواها، ثم تركت تلفوني وعنواني وذهبت. لقد اعتدت بعد كل كبوة أن اواجه قدري بعزم وجلد ما استطعت إلى ذلك سبيلا. و لكن رحمة الله تأتي دائما لتؤكد لنا كم كنا مخطئين... لن أقول إنني استدعيت ضعفي كأنثى وأنا أقدم .. ولا على ثقة صارت شبه مفقودة لكثرة ولكني حملت آمالي المخبأة في الضمير مستندة على دعوات اخواتي وعطف أبٍ حنون.. وصدىً من بعض دعواتٍ من أب حنون و أمٍ عزيزة كانت تخاف علي مما تعتبره تسرع مني في اتخاذ القرارات وتغيّرٍ في المزاج لم تكن تستسيغه..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
وهكذا بتقدير من كريم جاءتني الفرصة وهي تسعى. إذن سأحظى بفرصة في الإغتراب. لم تسعني الفرحة بالطبع .. الفرحة لشابة على أعتاب الثلاثين أكملت دراستها الجامعية ولم توفق في الحصول على الوظيفة تشبع رغباتها وتحقق لها الحد الأدنى من متطلباتها ومتطلبات أسرتها. فتاة سِنقِل . رغم أن الوظيفة ليست مغرية بما يكفي ولكنها فرصة جيدة لكي أمد يد المساعدة لأبي ولأخواتي الحبيبات ولكي اخرج من هذا الجو الراكد. و لكي أطمئن نفسي أكثر و لمزيد من من التفاؤل في مثل ظروفي هذه كنت أعزّي نفسي بأنه من المؤكد ستكون هناك أشياء أخرى جميلة يخبئها لي الغيب.
و هكذا دون أشعر ، تمت إجراءات سفري بأسرع مما توقعت.. حيث جاءت لحظة الحقيقة..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
و هكذا دون أن أشعر، تمت إجراءات سفري بأسرع مما توقعت.. حيث جاءت لحظة الحقيقة..
كانت الأيام التي أعقبت حصولي على الوظيفة هي قمة الفرح والسعادة بالنسبة لي ولأخواتي..إلا والدي الذي كان يبدو أقل سعادة. في تلك الأيام سرحت كثيرا وراء أحلام كانت مخبأة في الضمير منذ سنوات ..واليوم وجدت فرصتها لتعلن عن نفسها .. وتناوبني الاحساس باني على قاب قوسين من تحقيق ذاتي و مغادرة محطة االسأم والإحباط ومفارقة متلازمة اليأس وعدم الثقة فقد حانت االفرصة التي كنت الوظيفة كما قيل لي مراقبة ( هكذا دون تفاصيل) في إحدى شركات الأمن.. الراتب حسب ما أخبرني مكتب التوظيف يقارب عشرة أضعاف راتبي كموظفة ..يعني ستكون بالنسبة لي نقلة كبيرة كما قال لي وهو يبتسم... يعني على الأقل ساستطيع أن أشتري احتياجاتي الشخصية كلها دون تردد وأرسل لأبي وأخواتي وأوفر جزء منه. الغريبة أنه حتى تلك الأيام التي قضيتها وراء استخراج اوراقي وشهاداتي وتوثيقها لم أحس فيها بوطأة تلك الساعات الطويلة التي وقفتها في طوابير المراجعين ولا سأم انتظار الساعات و كدر الانتقال من مكتب إلى مكتب ومن وزارة إلى أخرى .. فقد كان عزائي حينها أن كل ذلك إلى نهاية، وأن ما أكابده الآن سأجني ثماره قريباً. وهكذا مرت الأيام سريعاً وبعد أن اكملت كل الإجراءات و تم تسليمي الأوراق وتذكرة السفر على أن أسافر خلال ثلاثة أيام انقلب الحال. ولكن مع مرور الساعات واقتراب يوم السفر حدث ما لم أحسب حسابه إلا قليلا.. فقد انقلب كل شيء داخلي و تغيرت مشاعري وتبدلت احاسيسي بالكامل. كأني بت أحسد هؤلاء الذين لا تضرهم الظروف للسفر ..وهكذا صار لتفاصيل أي شيء في البيت معنى وقيمة وطعم واحساس، لم احسها من قبل. عرفت إنه الإحساس بقرب الفراق..هو شيء لم القِ له بالاً من قبل. صرت أتأمل كل شيء في أسى ...اخواتي العزيزات وأبي الحنون وحتى شجيرة الليمون التي زرعتها أمي في وسط الحوش والتي نرى فيها كل صباح وجه أمي العزيزة أحس نحوها احساس بالألفة والحميمية لم أحسه من قبل. وهكذا إلى أن جاءت ساعة السفر ..ساعة الوداع.و ما أدراك ما الوداع.. وأنا التي كنت أسعى للسفر والاغتراب انتزعني أخي انتزاعا من بين أحضان أبي و أخواتي..وفي داخل العربة وأنا في طريقي للمطار كان احساسي دون مبالغة إحساس المُساق إلى منصة للإعدام. ولكم أن تتخيلوا صورة فتاة تدخل داخل الطائرة وهي لا تكاد ترى مقعدها من فرط الدموع التي ولأت العيون حتى فاضت ولفت نشجيها الركاب وسارعت نحوها المضيفة
وتواسيها وتلاطفها..هدأت الفتاة بعد لأي ونظرات العطف كانت تتابعها بين الحين والآخر..
استغفرتُ الله.. وسألتُ الله ألا تكون تلك آخر مشاهدتي لأبي أو أخواتي أو صديقاتي وجاراتي..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
دبت الحركة داخل الطائرة.. وهي تتهيأ للهبوط.. معظم المسافرين يبدو أنهم مقيمون في ذلك البلد يلوح ذلك من سيماهم وحركاتهم وهم يتهيأون للهبوط.. وفي تلك اللحظات كنت أنا في حالة من الحياد الوجداني بين الفرح والقلق وبين اللايقين..فقد تراجع إحساسي بالنشوة منذ أن تحددت مواعيد السفر..الآن إحساسي يشبه إحساس من هو مقدم على ما يشبه المغامرة .. وإن كانت رؤية المسافرين المتحفزين للنزول ومشاعر الارتياح الواضحة في وجوههم نقلت إلى بعض احساس من ارتياحٍ عابر.. ورغبة في انتظار ما هو آتي بكثير من التفاؤل.. مرت بضع دقائق ما بين فك الأحزمة ولحظات التهيؤ للنزول من الطائرة
نزلنا من الطائرة ووقفنا في صف المرور إلى الجوازات .. استلم موظف الجوازات جوازي وهو ينظر إلي الجواز تارة وتارة إلىّ ثم دقق في الحاسوب أمامه لدقائق ثم أخيراً ختم الجواز ومده لي في نفس نصف الابتسامة مرحبة . أخذت الجواز.... وبدأت أنظر حولي باحثة عن بوابة الخروج.. إحساس مفاجئي كأنني لست غريبة..وأنا أجد نفسي وحيدة حاضنة في صدري حقيبتي الصغيرة التي تضم أشيائي العزيزة وفي خاطري صورة عزيزة لكل من تركتهم ورائي. اللافتات و التنبيهات المضيئة أفلحت بقليل من الجهد في إرشادي للخروج من المبنى. خطوت لخارج بوابة الخروج و أنا أتلفت حولي مفتشاً عن مندوب من الشركة كما أكدوا لي..و أعطوني رقم تلفون للاتصال في حالة الضرورة. إذا لم أجد أحدأ منهم سأتصل على إبنة خالتي فهي على علم بكل تفاصيل سفري ومواعيد وصولي. دقفائق مرت وأنا أتفرس في وجوه المستقبلين الذين اصطفوا على جانبي بوابة الخروج في انتظار خروج المسافرين.. فجأة رأيت من بين المستقبلين من يحمل اسمي في لافتة صغيرة..إنه إذن مندوب الشركة.. إبتسامة واسعة وعبارات ترحيب كانت كافية ، لتدفع إلى أعماقي باحساس دافيء ودفع معنوي بدد من داخلي في لحظات كل حمولات الساعات الماضية و أنا الآن أخطو أولى خطواتي في الاغتراب.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
أخي العزيز محمد الحسن سلامي وتحياتي وكل عام وانت بخير .. والعيد مبارك عليك.
سرد رائع لأنه مشوق وحكي طاعم وما ذاك إلا لأنه يحكي بعضا من فصول حياتنا والتي أنفقنا أكثر من نصفها ونحن نعمل في بلاد الخليج ولا نعرف أو بالأحرى لا نريد أن نعرف متى تنتهي رحلتنا في بلاد عشنا وعملنا فيها أكثر مما عشنا أو عملنا في وطننا ؟؟!!
بس عليك الله كفاية علينا شحتفة روح من أحوال وأهوال بلدنا وما تقعد تجرجر فينا زي المسلسلات إياها .. وهات من الآخر وهات كل أحزانا وتعال جيب المحن في وداعا أيها الخليج .
متى يا ترى سوف نقول بحق: وداعا أيها الخليج .
مودتي ،،،
( ليمو )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: abdulhalim altilib)
|
عزيزنا عبدالحليم (ليمو) شكرا على الطلة الحلوة وشكرا على الإطراء
Quote: أخي العزيز محمد الحسن سلامي وتحياتي وكل عام وانت بخير .. والعيد مبارك عليك.
سرد رائع لأنه مشوق وحكي طاعم وما ذاك إلا لأنه يحكي بعضا من فصول حياتنا والتي أنفقنا أكثر من نصفها ونحن نعمل في بلاد الخليج ولا نعرف أو بالأحرى لا نريد أن نعرف متى تنتهي رحلتنا في بلاد عشنا وعملنا فيها أكثر مما عشنا أو عملنا في وطننا ؟؟!!
بس عليك الله كفاية علينا شحتفة روح من أحوال وأهوال بلدنا وما تقعد تجرجر فينا زي المسلسلات إياها .. وهات من الآخر وهات كل أحزانا وتعال جيب المحن في وداعا أيها الخليج .
متى يا ترى سوف نقول بحق: وداعا أيها الخليج .
مودتي ،،،( ليمو ) |
والله يا ليمو الجرجرة ما مقصودة....بالنسبة لي كنت أتمنى أن أنشرها كاملة لو جاهزة وأنا راضي عنها....
لكن هناك ظروف تحتم ذلك..
أحيانا الظروف السائدة في البلاد وتطورات الأحداث تجعل مثل هذه الموضوعات تتراجع للوراء( بحساب الأولويات). ثانيا يا حبيب القصة ما جاهزة ... بكتب فيها جزء ،جزء مع المراجعة و التعديل وما إلى ذلك.. وحتى الكتابة بتتأثر بالمزاج..والظروف.. فأعذرنا يا صديق العزيز ... لكن بحاول بقدر الإمكان ... بس نقول يا لطيف. أخوك (ود الحسين).
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
فجأة رأيت من بين المستقبلين من يحمل اسمي في لافتة صغيرة..إنه إذن مندوب الشركة.. إبتسامة واسعة وعبارات ترحيب كانت كافية ، لتدفع إلى أعماقي باحساس دافيء ودفع معنوي بدد من داخلي في لحظات كل حمولات الساعات الماضية و أنا الآن أخطو أولى خطواتي في الاغتراب. تخطينا أنا ومندوب الشركة عدة صفوف من السيارات حتى وصلنا إلى سيارة الشركة. فتح لي الباب الخلفي . كان المندوب صامتا طوال الرحلة وموسيقى اسيوية تنبعث من مذياع السيارة بصوت خافت.. كان السائق وهو يحاول في لطف كسر حدة الصمت بالإشارة إلى أحد معالم المدينة البارزة من حين لآخر.. فاتجاوب معه ممتنة في شبه ابتسامة .. في تلك الحظات كنت احاول اتخيل شكل السكن ، مكان العمل، نوع العمل، زميلات العمل...كله كأنها ورقة بيضاء أمامي و فراغ.. . في هذه الأثناء كانت السيارة تسير فترة من الزمن ليست قصيرة ما بين السير السريع في الشوارع الواسعة والتوقف في الاشارات والانعطافات الحادة أحيانا ولكني لم أشعر بها . لم تفلح متابعة النظر في شوارع المدينة الواسعة و معالمها ذات الأضواء الباهرة في إزاحة صورة والدي بين لحظة و أخرى وهي تطل في ذهني ... كان يقف مودعا عند الباب وهو يجاهد ليخفي دموعه لتنهار فجأة ملامح صرامة عرفناه بها رغم حنانه الفطري.. وكذلك صورة شقيقاتي اللائي كاد ان يشقهن البكاء و لم يتركن حضني إلا بعد ان الحّ بوق السيارة عدة مرات. كانت هذه أول مرة نفترق فراقا لا نعرف مداه... من خلال زجاج السيارة وهي تحملني للمطار ما بين سحب الدموع الهطالة و نهنات الصدر الموجعة... ودعتهم وودعت الأهل والبيوت و الشارع بكل تفاصيله .. قطعت السيارة المسافة بين المطار ومبنى السكن في حوالي نصف ساعة إلى أن توقفت أمام مبنى مرتفع من طابقين ذو بناء حجري جميل و بوابة أخيراً وصلنا إلى السكن المخصص للسكن..أط\لق السائق البوق عدة ممرات ليطل الحارس. تحدث معه بلغة لم افهما .. نزل المندوب وفتح لي الباب بينما أنزل الحارس حاجياتي. أخذني المندوب إلى غرفة مكتوب عليها :المشرفة. نقر الباب مرتين ففتحته إمرأة في نحو الأربعين ذات جسم رياضي فارع ،متينة البنيان. قابلتني بابتسامة مرحبة وبلغة عربية سليمة طلبت مني جوازي و أخذت بعضا من معلوماتي الشخصية .. ثم ضغطت جرس امامها لتأتي فتاة نحيفة آسيوية الملامح وأمرتها أن تأخذني للغرفة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
الساعة تقارب العاشرة مساء ..أخذتني الفتاة النحيفة وهي تسير أمامي في خطوات منتظمة وصعدت بي السلم للطابق الأعلى.. هناك أربعة غرف في الطابق العلوي.. وقفت أمام الغرفة رقم(3) نقرت نقرتين خفيفتين ثم فتحت الباب ببطْ ء .. الغرفة واسعة ومضيئة هناك فتاتين راقدتين .. اعتدلن من رقدتهن.. حيّتهن ..مساء الخير وقالت لهم بانجليزية شبه سليمة ... هذه زميلتكم الجديدة.. وقفتُ في ارتباك ومعي حقيبتي. نهضت إحد الفتاتين وأخذتها مني لتضعها في أحد لخزائن الموجودة في ركن الغرفة. قامت الفتاة التي جاءت معي بأخذ ملاء نظيفة ومرتبة من الدولاب وفرشت لي أحد الأسرة الأربعة قائلة هذا لك.. الغرفة واسعة بما فيها الكفاية تشاركني في الغرفة ثلاثة أخريات. جلست في حافة السرير وأنا اتطلع في الغرفة من حولي وفي الفتاتين. هذه من الفلبين و أنا من الهند.. وهناك أخرى مصرية قد ترجع بعد يومين.. من أي بلد أنتِ؟ - السودان.. - آآه .. من السودان.. هناك ثلاثة سودانيات معنا في الشركة. واحدة موظفة في الإدارة واثنتان يعملن معنا.. - كيف الحال وكيف العمل في الشركة؟ - لا بأس... لا بأس ثم ضحكن الاثنين وهن ينظران لبعضيهما ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
Quote: والله يا ليمو الجرجرة ما مقصودة....بالنسبة لي كنت أتمنى أن أنشرها كاملة لو جاهزة وأنا راضي عنها....
لكن هناك ظروف تحتم ذلك..
أحيانا الظروف السائدة في البلاد وتطورات الأحداث تجعل مثل هذه الموضوعات تتراجع للوراء( بحساب الأولويات). ثانيا يا حبيب القصة ما جاهزة ... بكتب فيها جزء ،جزء مع المراجعة و التعديل وما إلى ذلك.. وحتى الكتابة بتتأثر بالمزاج..والظروف.. فأعذرنا يا صديق العزيز ... لكن بحاول بقدر الإمكان ... بس نقول يا لطيف. أخوك (ود الحسين). |
أخي العزيز ود الحسين سلامي وتحياتي ،،،
أكان كدي .. عذرتك تب . وخد راحتك في الجرح والتعديل والمراجعة .. عشان تواصل ابداعك في هذا السرد اللطيف وظريف ، والذي ينسينا - ولو مؤقتا - أحوالنا جميعا وأوضاعنا هنا وهناك . والتي لا تحتاج لشرح أو توصيف ..
وأهو .. على كده .. نقدر نقول عليك : مشروع أديب وقاص مجيد ومبدع يسير في خطى مبدعينا الكثر ممن عرفنا .
مودتي ،،،
( ليمو )
| |
|
|
|
|
|
|
Re: وداعاً أيها الخليج: (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
نظرت حولي متفحصة وفي داخلي تتماوج مشاعر وأحاسيس متضاربة..إحساس بشيء من الراحة النفسية بعد الوصول..وبعض إحساس من الفرح
وبعض إحساس من الارتياح لربما لاستشرافي مرحلة جديدة كنت أتوق إليها . وربما إحساس بالمكافأة الذاتية هو، لما اعتبرته خطوة في درب الانجاز
المتوقع أو المأمول.. كانوا دائما يقولون لي أن لدي روح المغامرة ويشبهونني بجدتي أم والدتيكانت إمرأة صلبة الإرادة، وحاسمة، وذات صبر ماضٍ وعزيمة
قوية. لقد اشتهرت بأنها كانت تقطع النهر سباحة في ليل الصيف، وتسوق قطيع الأغنام وحدها في الخلاء دون خوف أو وجل، بالطبع كان يسعدني تشبيهي بها
أتمنى أن تظللني روح جدتي الوثابة ، كنت أتمثلها أحيانا في بعض المواقف الشبيهة بموقفي الجديد و أنا غريبة ومغتربة.
في لحظات التعارف الجديدة غالباً يكون هناك بعضا الحذر، ورغبة عارمة في كسر الجليد وإزاحة ذلك الحاجز الثقيل بين من نلتقيهم أو نتعرف عليهم لأول مرة...
...........بالتأكيد أن زميلاتي في الغرفة الآن يقتلهم الفضول مثلي لكي يتعرفوا على تفاصيل هذه القادمة الجديدة ، (صبراً عزيزاتي ...بالتأكيد سيتحقق كل شيء
في حينه إلا إذا..... فلنتفاءل) .... وفي لحظات الصمت التي أعقبت تعارفنا .. وفي محاولة لاكتساب بعضا من الإلفة والثقة مع الجو الجديد لربما لتأكيد ارتباطي
بالعالم الخارجي وتأكيد ارتباطي به. تحركت في هدوء نحو الشرفة، الجو في الخارج القريب هادي ء، ساحة المبنى الذي نقيم فيه تنتشر فيه الزهور والشجيرات
المتوسطة والأضواء الهادئة تبعث في النفس بعضا من الهدوء والارتياح، و أضواء المدينة الساطعة تتلألأ من بعيد.. وقفت دقائق و أنا أملأ رئتي بهواء البلدة
ورائحة الحياة الجديدة عسى أن اكتسب في تلك اللحظات بعضا من الإلفة لكي اعتاد سريعا على زخمها وتفاصيلها..لا أقول إن إحساس الغربة قد غادرني...
.............فكل تفاصيل حياتي اليومية تتداخل مع تفكيري وسكناتي وحركاتي منذ أن وصلت إلى هذا البلد..بالتأكيد بل من المتوقع بأنني وأنا أستلهم روح جدتي
سأعتاد قليلا قليلا على هذا الوضع الجديد.
بضع دقائق امضيتها في الخارج ، ثم عدت إلى داخل الغرفة. لم أتوقف كثيرا أمام منظر الغرفة والسرائر الثلاثة المتوزعة في الغرفة ولا مشجب تعليق الملابس
و دولاب الملابس الوحيد فقد كنت مرهقة للغاية.. جلست على حافة السرير المخصص لي، فقامت إحدى رفيقاتي بإطفاء ضوء الغرفة...
......................كنت مرهقة للحد البعيد، فوجدتها سانحةلكي استلقي. رقدت والنعاس يغالبني، وأنا استعيد صور وأحداث اليوم، منذ لحظات الوداع الحزين وتفاصيل
السفر ولحظات الوصول، وحتى احاسيس القلق والإنهاك ، ولم أشعر حتى أخذني النوم في احضانه الوثيرة.نمت بعمق رغم غرابة المكان بالنسبة لي..
| |
|
|
|
|
|
|
|