|
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� (Re: wedzayneb)
|
الفريسة
كعادتي في أيام الصيف أتسكع في شوارع فيينا وحدائقها. أرقب الفتيات و أتحرش بهن و أتعمد إيقاع إحداهن في حبائلي. أو أذهب إلى جزيرة الدانوب حيث يستلقي جيش من الحساسيه عاريات على الصفا و على الحشائش الخضراء، مجربا قوة نظري و هذه هي إحدى هواياتي المفضلة.
الطريق طويل، ينقسم إلى قسمين يفصلهما خط أبيض أحدهما للمشاة و الاخر للدراجات. دائما أخلط بينهما، فترن أجراس الدراجات خلفي حين أكون مبحلقا في فتاة، أو مائلا إلى أخرى وحيدة في سرعة من يحاول النزول ببطء من سفح جبل شديد الانحدار. لا أهتم باختلاف مظهري و سكلي، بل و ملابسي. فمعظمهم يلبس لباس البحر إكون أنا غالبا في ملابس شبه شتوية تثير الضحك أحيانا و تثقل صدر المجهولين بالقيم أحيانا أخرى. فزت بحكايات نادرة و محاولات سخيفة جملتها و حسنتها و أضفت إليها بعض الزواق و الحشو المناسب أثناء روايتها على زملائي و على الجدد غير المطربين.
في هذا اليوم اشتدت الحرارة و نسيت نفسي في نومة الظهيرة، فلم يعد من الوقت متبقيا لما يسمح بالذهاب حتى ضفاف الدانوب و الخروج بحكاية جديدة. فاكتفيت
بالذهاب إلى الشارع السياح؛ أتفرج على فرق الموسيقى و الغناء التي تجمع حولها حلقات من البشر. هنالك ألصق نفسي إلى جوار المفتونات بالموسيقى محاولا إضفاء نوع من المرح و الإنسجام، مدعيا تذوقي لكل أنواع الموسيقى مصفقا، صاخبا، مرددا: " جميل! رائع! هايل! مواهب ضلت طريقها ". و أتعجب حين أجد الواحدة منهن تنظر إلي في غضب و تنفر بعيدا لتقف في مكان آخر.
أكمل التسكع و أترقب السائرات وحدهن، و حين تقترب مني إحداهن، أبتسم في وجهها إبتسامة عريضة، ترى فيها أسناني كلها واضحة، و ربما ترى أضراسي أيضا. و حين تفوتني الفتاة بلا إكتراث لا أدفن إبتسامتي العريضة بين أسناني، حتى أوضح المقابلين في الطريق - على الأقل - أنني أعرفها و حييتها. أحيانا أتخير فاتنة أخرى أسير إلى جوارها بضع خطوات، كأننا نسير معا، إلى أن تنتبه لذلك، فتبطئ أو تسرع أو تركن إلى أحدالمحال فأتابع مسيرة البحث.
لعنت في سري هذا اليوم الكريه، فمعظم الفتيات يتأبطن فتيان، و أحيانا يسيطر ذكر وحيد على مجموعة من الفتيات، فتثير بلاهته غيظي أكثر، و هو معهن على قارعة الطريق يضحك و يضيع الوقت فيما لا فائدة منه، بدلا من أن يستغل ذلك في حكاية ترفع من شأنه وسط أصدقائه. إني أكره هذا التوزيع غير العادل، فهؤلاء الاغبياء يفوزون بفتيات جميلات بسهولة، بينما أرهق أنا نفسي و أوزع إبتساماتي المجانية بلا مقابل
في مقابلة على بعد بضعة أمتار رأيت زميلي كارلوس الأرجنتيني، الذي كان يدرس معي اللغة الألمانية في المدرسة المسائية. عرجت ألى ناحية أخرى من الطريق متعمدا تجنب ثرثرته المعتادة، و تضييع الوقت فيما لا يفيد. لكن هذا اللعين لمحني و صاح من بعيد بألمانيته الإسبانية محييا، و انطلق يحكي بلا توقف عن أخبار الدراسة و اللغة و مشكلاتها و يسالني في بعض الكلمات الجديدة، و أنا أحاول أن أزيحه من رأسي و طريقي. إنه زميل ظريف محب للدعابة و جاد في دراسته، لكن لم أحب أن ألقاه هن، فأنا مشغول الآن و عندي ما هو أهم. كنت أرد على كلامه و أسئلته بردود موجزة، و أحيانا بلا تعليق؛ فيدرر كلامه دون ملل أو ضيق.
ترامى إلى سمعي من بين كلماته أنه سيذهب إلى مقهى " كافيه دوليروب " Cafe de l`Eutope " الموجود في بلدة قرابن Graben ليقابل فتاتين حضرتا حديثا من الأرجنتين إلى فيينا للدراسة، و ترغبان في بعض المعلومات. فجأة تحولت لا مبالاتي إلى مشاركة و مزاح و ضحك مع كارلوس. لم يتعجب، فهو إنسان بسيط اليحيى يحب الضحك. حكى لي كيف تهرب اليوم من صاحبة الشقة التي هبطت عليه كالصقر لتستلم الإيجار بنفسها و قد أعطاه مهلة حتى اليوم التالي. و قال لي أن هذه هي الشقة الثامنة التي سكن فيها خلال العامين السابقين.
كنت قد قابلته هذا اليوم في منتصف الشارع السياحي و سرنا معافي بطء حتى محطة مترو الانفاق. و لما إقتربنا من المقهى، أردت ألا تضيع مني فرصة لقائه بالفتاتين، فربما يصيبني الحظ و لو شعرة. قلت له مقاطعا حديثا له عن الحكم العسكري و ديكتاتوريته في أمريكا اللاتينية: " هل تعرف أنني كنت ناويا الذهاب إلى " كافيه دوليروب " أيضا؟ إني أفضل شرب " الموكا " هناك". لم يرد كارلوس، جرني من يدي و ذهبنا إلى هناك.
أواصل ...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرَّة ! | بدر الدين العتاق | 05-17-22, 07:58 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | بدر الدين الأمير | 05-18-22, 03:14 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | بدر الدين العتاق | 05-19-22, 01:04 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | بدر الدين الأمير | 05-19-22, 05:37 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | بدر الدين الأمير | 05-19-22, 07:43 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | بدر الدين العتاق | 05-21-22, 00:46 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | بدر الدين العتاق | 05-21-22, 00:44 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-01-22, 00:21 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-01-22, 01:35 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-01-22, 04:34 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-01-22, 11:09 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-01-22, 01:12 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-01-22, 03:17 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-02-22, 07:41 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-02-22, 07:50 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-02-22, 10:29 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-03-22, 05:05 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-04-22, 09:11 PM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-05-22, 04:09 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-08-22, 08:17 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-08-22, 09:44 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-08-22, 10:00 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-09-22, 04:40 AM |
Re: الروائي السوداني / طارق الطيب؛ مداخلة ثرّ� | wedzayneb | 06-10-22, 00:47 AM |
|
|
|