وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس واستريحوا على الحلة)

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 06:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-15-2022, 00:41 AM

الأمين عبد الرحمن عيسى
<aالأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس واستريحوا على الحلة)

    11:41 PM May, 15 2022

    سودانيز اون لاين
    الأمين عبد الرحمن عيسى-قطر
    مكتبتى
    رابط مختصر



    منقول
    ....
    منقول بتصرف ذكريات مدرس
    يونيو من العام ( 1966) !!
    إنتهت إجازة المدارس. ينبغي علينا أن نكون في مدارسنا قبل الأول من يوليو تاريخ فتح المدارس.
    من بورتسودان مرورا ببربر خِلصت الإجازة !
    وحان أوان العودة الى مقر عملي كمدرس في إحدى المدارس في كردفان.

    وصلت الى الخرطوم في طريق العودة إلى المدرسة التي أعمل بها في مدينة الرهد شرق كردفان.
    السفر إلى كردفان باللواري آنذاك كان ينطلق من الموقف الغربي بامدرمان جوار مسجد فيصل !
    زمانٌ بلا موانئ برية ولا بصات مكيفة وبلا أسفلت !
    إنه زمان صندوق زوادة السواقين الأمراء بحق ! سائق اللوري في ذلك الزمان كان شخص أنيق المظهر و كأنه ذاهب الى مناسبة اجتماعية الجلابية و العمة و المركوب الفاشري والنظارة بيرسول !!
    و لديه اثنين من المساعدين (مساعد حَلَّة لإعداد الطعام) و ( مساعد صاجات) !!! و "الصاجات" ليست للشية ولا للعواسة. بل هي كباري لعبور السيارة عند الوحل في الرمال !!
    الساعة الرابعة عصراً.
    أنا وحدي في المقعد الأمامي للسيارة مع الأمير السائق السيد السواق ( المنقالي) نسبة الى منطقة المناقل.
    السواق يصعد في اللوري ليجمع من المسافرين في الخلف قيمة الأجرة.
    أمدرمان / الأبيض !! الراكب في المقعد الأمامي 5 جنيهات ! الراكب في الخلف جنيهان ونصف !

    شغل السائق مقعده خلف المقود. أدار ماكينة السيارة ( مجراها ومرساها )!
    إذا برجل يقارب الخمسين، لابس عراقي و سروال وشال يلف رأسه يتأبط كيسا صغيراً !! يدنو من السواق ، يُسرُّ له حديثاً هامساً !
    لكن السائق بفظاظةٍ وحشيةٍ يصيح في وجه الرجل:( لو تبقى سيدها ما حتركب لو ما دفعت الأجرة ) !!

    من هذا الرجل !؟ ماذا طلب من السواق !!؟ ننتظر قليلا لنرى ماذا حدث !!!
    بأدب جم رد الرجل على وقاحة السواق :-
    ( يا اخي قلت لك قريتي تقع في الطريق. حينما نصلها ليلاً بإذن الله سوف تستلم قيمة الأجرة قبل نزولي من السيارة )!
    لكن السواق يصر على الدفع مقدماً !!
    ضاق خلقي من لؤم هذا (المنقالي ) المغرور
    طلبتُ من الرجل الركوب بعد أن رميت للسواق مبلغ الجنيهين ونصف في حجره !
    قد لا تتصور ، ماذا تعني الإثنين جنيه ونصف في ذلك الزمن !!

    إنطلقت السيارة ( كنا نطلق على السيارة تسمية {العربية أو اللوري} أما " {كلمة سيارة دي جابوها لينا المغتربين من السعودية) !!

    انطلق اللوري متجها الى الجنوب الغربي من ام درمان مرروا بأولى محطات إستراحات سفر اللواري آنذاك
    في قرية { العلقة} ! لينحرف الطريق منها غرباً نحو السّندة الثانية في قرية { شقيق الماجدية} ! ومنها صوب قرية {الهلبة} حيث سوق رواكيب العشاء !

    نحن في بداية الخريف
    ووقتها كانت السحب تدلقُ مطرها كأنها صهاريج ماء خزق الصدأ قواعدها فتنهمر "لتسرف" ( الرهود و الحفائر و التمد و الخيران والشّقوق و التُرد و الفُول) !!
    كل هذه الأسماء ما هي إلا مواعين أرضية تتجمع فيها مياه الأمطار ! ولكل ماعون مواصفاته وصفاته ! و منها على وجه الخصوص ( خور الملًة ) !!
    علي جهة الغرب من قرية {الهلبة} التي تناولنا فيها وجبة العشاء !!{عصيدة دخن بحليب مُقنن} ب خمسة قروش !! دخلنا بعد منتصف الليل إلي لُجة خور (الملّة) المشرور مئات الأمتار عرضا. له خرير وزبد !!! وسمي بالمّلة أظن لأنه {يمٍلُّ} ماكينات العربات ملَّاً حارقاً ! ( مثل ملّ الفريك !!) ساعةٌ بالتمام والعربة كالمركب تعوم في مياه ذلك الخور بين أنين وشخير ماكينتها و صرير مفاصلها وهي تتأرجح ذات اليمين وذات الشمال !!!!

    الركاب المغلوب على أمرهم ، خائضين حتى منتصف قاماتهم يدفعون العربة الى الأمام "سُخرةً ولا حسنة لأحد منهم ولا شكر ، عند بلوغ اليابسة كانت الملابس "تخر" ماءً ! الطين "يلطخ" الأقدام و الأجسام ترتعد من البرد و الزيفة!!! الحسكنيت الأخضر الفاسخ قناديل شوكه يتربص بالجميع!!!
    تنطلق السيارة، ولكن لها { صوت شخير)} غير معهود لتتوقف بعد ساعة هامدة فلا صفير لها ولا نفير و لا صرير ولا شخير !!!!
    يعلن السواق أن عطلا" حرق ( طارة الكلتش) !! ولابد من أسبير بديل لها ، إما من أم روابة أو الأبيض !!!!(عوووك !! كسرة وملاحها في الريف) !
    خلاص { سدّتوا وشالت ابو حراز } !!و سفر الخريف قام لي جِنُّه !

    لا مناص من المبيت والمقيل وربما المبيت غدا فوق العربة ! فالارض يكسو أديمها نبات الحسكنيت الأكثر لؤماً من سائق العربة بسرائح شوكه وزواحفه !!!
    صعدت مع الركاب سطح العربة، كنا ستة عشر، النوم جلوساً على شحنة جوالات البضاعة !!!!
    نصف ساعة مضت ونحن بين (كدي زح كراعك شوية ) !!و( نوموا متل نوم الديك في الحبل ) !! و ( السواق المسنوح دا ، منقالي شوم ) !!!
    ليس بعيدا نسمع جلبةً وصياح صبيةٍ { يلكعون} حميراً !! هل هم مخلوقات فضائية هبطت من السماء؟ أم هم جنٌ أسود إنسلّ من باطن الأرض !! فرقة من الحمير براكبيها تحيط بالسيارة.
    في ذلك الزمن لم يعرف الناس النهب المسلح و لا المصلح
    وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس واستريحوا على الحلة)

    ( من أين أتى هؤلاء ) ؟؟
    سؤال إعجاب وفرح واطمئنان. ليس سؤال يأس وأسيةٍ كما سأل الطيب ود صالح !!
    معطونين في بلل ملابسنا ! لم نسأل عمن بعث الصبية والحمير من مرقد نومتهم !!!
    " تلّبنا " علي ظهور الحمير بلا سروج و لا " برادع " مردوفين " نلكع " في عجل الى مصيرنا المجهول !
    عند {كرنك} طرف القرية أرحنا ركائبنا
    عناقريب على عددنا مرصوصة. ارتمينا عليها كجربان مدبوغة !!!!
    كفتيرة الشاي باللبن تدور !! كُب و ما تعد !!!!
    تلت ذلك أقداح عصيدة دخن، صفراء فاقع لونها تسر الجوعانين !!!!
    جبل العصيدة كجزيرة رملية في بحر من اللبن المغشي بزخة سمن بلدي !!!
    بعد الشبع النوم يخطفنا عن طرح السؤال الطلسم :-
    من أتى بنا ؟ والي أين ؟ ومن فعل كل ذلك ! !!؟

    عند صلاة الفجر أرى على ساق شجرة سيال هناك ذبيحة مازالت تحت السلخ !!!!
    وقبل شروق الشمس كانت { براريد الشاي و أطباق الزلابية } تزحف نحو الكرنك من كل أزقة و زواريب القرية !
    من بين أهل القرية الرائحين والغادين ، يترأى لي شخص شبيه بصاحبنا الذي { ماسخه} السائق في أم درمان !!!
    سألت أحد شباب القرية عنه !!

    ياااا للعحب !!!!
    قال :- إنه فلان، أغني تجار قريتنا (هشابة المجانين) {نسبة الى قبيلة المجانين في كردفان}.حضر معكم في العربة هو الذي أرسل لكم الحمير. وهذه داره.
    ( كان بالأمس في أم درمان لديه عربة هناك في العَمْرة ) !!!
    كتمت سره الآسر في صدري، حتى أجد اللحظة المناسبة و أفش به غيظي في السائق المنفوش غرورا !!!!

    الفطور ثم ..
    ( زردة السائق في زاوية غرور) !! ونفس الرجل يخاطبه. والسائق الأعمى لم يدرك أنه ذات الرجل الذي انتهره بالأمس.
    قال له الرجل وهو يدفع جوالا :-
    ( في هذا الجوال توجد " طارة كلتش" خذها و معك المساعد ! اركب الحمار و اذهب أنت و المساعد لتصلح سيارتكم. وسوف نرسل لكما الغداء. الركاب سينتظرون هنا حتى عودتكم بالسيارة) !!

    السائق ( ابو قلباً ميت وغافل) اخذ الجوال ولم يفطن الى من فعل له و به هذا !!

    سبحان الله. الرجل إذن تاجر ! بل و أثرى أهل قرية (الهشابة) التي يقطنها أهله من قبيلة ( المجانين) ! كان في صيانة عربته في أم درمان واحتاج لمزيد من المال، ولذا كان لابد أن يعود على عجل الى قريته ليأخذه !!!!!

    بعد الغداء حضرت العربة بعد صيانتها. واُذِن لنا بالمغادرة
    أنا والسواق نركب في المقدمة. يحضر الرجل وهذه المرة يقف على جانبي وليس جانب السواق !
    يخرج كيسا ملفوفا" ويدفع به لي مشفوعا" بطلاق متلوت ومكعب بعدد نسائه :-
    ( علي الطلاق بالتلاتة و من نسواني الثلاث تمسك وما تقول كلمة ) !!
    لا حول ( 3 طلقات × 3 نسوان ) !!
    قطعت جهينة طلاقه " لغلغة" لساني !!!!!
    ودعنا الرجل بعد أن دعا الله لنا بالسلامة

    كان لابد أن أفضح سر الكيس الملفوف
    يااااا مجذوب إنها 150 جنيها !!!!!! وراتبي الشهري وقتها كان ( 18 جنيها و 46 قرشا) يعني مرتب سنة !!!!!

    إلتفتُ إلى السائق قائلا :-
    ( الرجل الذي نهرته في أم درمان
    هو الذي أرسل لك الحمير) !!!
    وهو الذي أنزلنا داره و أكرمنا شاي وعصائد وذبائح !!!!
    و هو الذي تكرم عليك بالطارة !
    إن شاء الله تطير عيشك !!

    وهو الذي أثابني 150 جنيها "عوضا" عن الاثنين جنيه ونصف !!

    تمعَّر وجه السائق {مكوجناً } بالخزي و الحرج والندم قائلا :-
    ( والله تاني.... لو أشّرت لي غنماية ما أفوتها !!)

    يا أهالي قرية (هشابة المجانين} يحق لكم أن تفخروا جميعا " بأصالة و مروءة و نبل و كرم و شهامة هذا الرجل.
    ____________
    إنتهى الدرس البليغ و لم تنتهي دهشتي و إعجابي ببطل هذه القصة. كنت أتمنى أن أحكي قصة هذا الرجل للركاب قبل أن يركبوا في اللوري ثم أصفع هذا السائق المتغطرس على وجهه أمام الركاب حتى يتعلم الدرس!!!!

    ود الفاتح






                  

العنوان الكاتب Date
وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس واستريحوا على الحلة) الأمين عبد الرحمن عيسى05-15-22, 00:41 AM
  Re: وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس و� محمد عبد الله الحسين05-15-22, 06:38 AM
    Re: وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس و� الأمين عبد الرحمن عيسى05-17-22, 07:35 PM
      Re: وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس و� Yasir Elsharif05-17-22, 11:41 PM
        Re: وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس و� Yasir Elsharif05-17-22, 11:51 PM
          Re: وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس و� الأمين عبد الرحمن عيسى05-18-22, 06:06 AM
            Re: وأصوات صبية تدعونا ( انزلوا هووي يا ناس و� Abdelrahim Mohmed Salih05-18-22, 08:43 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de