لا يمكن التفكير في سيناريو “انسحاب كامل” من المشهد أفضل وأكثر تهديفاً وإثارة للجدل مجدداً من ذلك الذي اختاره ولي العهد الأردني الأسبق حمزة بن الحسين، في إعلان خطوة جريئة وغير مسبوقة عنوانها “التخلي عن لقب الأمير”. فمثل هذا القرار لا يتخذ ببساطة أو بسهولة أو بانفعال لحظي، لأن دلالته الأولى هي عودة “الأمير السابق” إلى صيغة “مواطن عادي” وبالتالي “المجازفة” بمساءلة محتملة أمام “القانون” وفقدان “حصانة اللقب” التي دفعت أصلاً منذ الإعلان عن “فتنة نيسان” الشهيرة العام الماضي الملك عبد الله الثاني لقرار بالتعامل مع الجزء المتعلق من الفتنة بشقيقه “ضمن النطاق العائلي”. عصر الجمعة وتحديداً في أول أيام شهر رمضان المبارك “جازف” حمزة بن الحسين وعلنا وبخطوة من الصعب الاعتقاد بأنها “منسقة مع الديوان الملكي” بالتخلي ليس عن “لقب الأمير” فحسب، ولكن عن تلك الحصانة، في خيار “قد يعني الكثير لاحقا”. بإجماع المراقبين فإن حمزة بن الحسين وبعد “عام من الإثارة” يناكف مجدداً بجزئيتين في إعلان “تويتر” المثير قبل “الانسحاب والمغادرة من العائلة المالكة” هما “التوقيت في أول أيام شهر رمضان المبارك”، وثانيا سبب قرار التخلي عن لقب الأمير. وتلك جملة مناكفة صحيح أنها تحقق معدلاً شعبوياً مستجداً لصالح صورة “الأمير المنتقد”، لكن الصحيح أيضا أنها “تنهي الخلاف مع حمزة بن الحسين” بصورة قطعية وتسمح لاحقاً “للأمير السابق” بمغادرة البلاد مرة واحدة ونهائية ودون “شرعية اللقب” وقد – وهذا محتمل – تسمح بسيناريو “وساطة ما” تسمح بمغادرة الرجل للخارج بموجب ترتيبات ما، الأمر الذي لا توجد عملياً تلميحات رسمية قطيعة له. وما تعلمه “القدس العربي” جيداً أن تخلي حمزة بن الحسين عن “لقبه” أعقبته رسالة “اعتذار علنية” تقدم بها مقراً بخطأ حساباته قبل نحو ثلاثة أسابيع. وهو اعتذار أعقب بدوره “رسالة خاصة” وصلت للمعني – مكتوبة أيضاً – من شقيقه الملك في إطار عائلي وأبلغت لنخبة من كبار المسؤولين، وفيها قدر كبير من العتاب والشعور بالخذلان. لكن الأهم أن حمزة “يتحرر” بقرار طوعي هنا من “قيود اللقب” في وضع قد يؤهله لاحقاً “للصفح التام” أو لمغادرة البلاد وطي الصفحة ضمن “مغامرة محسوبة” أو نطاق “وساطة ما من أمراء عرب”، وتحت عنوان “إغلاق صفحة ظلال فتنة نيسان” التي أذت الأردنيين جميعاً وصدمتهم، كما صرح علناً الملك عبد الله الثاني. جرعة الرغبة في مخاطبة “عواطف الشارع” متوفرة أيضاً في تغريدة حمزة الأخيرة حين يتحدث عن “مقتضيات الإخلاص والضمير” والوفاء لقسم أمام والده الملك الراحل حسين بن طلال ثم ينتقل لعبارة فيها حجم مرصود من الشعبوية بعنوان” أفوّض أمري لله، وعليه توكلت، وما توفيقي إلا بالله”. طبعاً في المقابل استقبل الشارع الأردني القرار باستغراب شديد وبفضول عارم وقلق، وسياسياً لا يزال الانطباع متكرساً بأن تخلي حمزة عن لقبه الملكي قد “يدفن الفتنة” التي تحدثت عنها السلطات أو قد “ينقلها” لمساحة مختلفة تنطوي على “إعادة توقيت”.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة