عندما هتف عبدالخالق محجوب...عاش ابوهاشم

Quote: توثيق https://www.0zz0.com في الذكرى ( السادسة والخمسين ) لحل الحزب الشيوعي السوداني : حادثة معهد المعلمين العالي كانت وراء التعديلات الثلاثة للدستور لحل الحزب تعديل يهدف لتحريم الشيوعية وآخر لحل الحزب والثالث لطرد نوابه من البرلمان في 16 ديسمبر 1965 وبناء على اقتراح من الدكتور الترابي سقطت عضوية النواب الشيوعيين وبالتالي تم طردهم من البرلمان المحكمة العليا تقرر بطلان الحل .. والحكومة ترفض تنفيذ القرار ورئيس القضاء يستقيل عندما هتف عبد الخالق محجوب مع الختمية بأعلى صوته عاش أبو هاشم .. عاش أبو هاشم حلقات توثيقية يكتبها: عيسى السراج • أكتب هذه المادة كنوع من التوثيق لحل الحزب الشيوعي السوداني بواسطة الجمعية التأسيسية التي تم انتخابها عقب ثورة أكتوبر الشعبية 1964م .. مستنداً في ذلك على الذاكرة الشبابية آنذاك بالإضافة للاطلاع على الكثير من الوثائق والصحف والمستندات .. والقصة كالأتي وهي مهداة لجيل اليوم من الشباب والطلاب .. • في مساء 8-11-1965 وقف طالب في ندوة بمعهد المعلمين العالي بأم درمان يدعى شوقي محمد علي مدعياً بأنه يتحدث بأسم الحزب الشيوعي .. وكان حديثه عن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها مسيئاً إلى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم , ولم يكن ذلك الطالب مكلفاً بالحديث باسم الحزب الشيوعي , بل ولم يكن عضواً فيه .. وسرعان ما صعَّد الإخوان المسلمون المعركة ضد الحزب الشيوعي وسيروا المظاهرات مطالبين بحله وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية والتي دخلوها عن طريق دوائر الخريجين , حيث فاز ثمانية من خمسة عشر باسم الحزب الشيوعي إلى جانب ثلاثة بدعم من الحزب الشيوعي والأربعة الآخرين , إثنان منهم يمثلان الإخوان المسلمين وإثنان يمثلان الحزب الوطني الاتحادي . • نواب الحزب الشيوعي الثمانية :- 1- حسن الطاهر زروق . 2- جوزيف قرنق . 3- دكتور عز الدين على عامر . 4- عبد الرحمن الوسيلة . 5- الرشيد نايل ( المحامي ) . 6- عمر مصطفى المكي ( صحفي ) 7- الدكتور الطاهر عبد الباسط . 8- محمد إبراهيم نقد . والنواب المدعومون من الحزب الشيوعي هم :- 1- فاطمة أحمد ابراهيم كأول برلمانية سودانية . 2- الصحفي محجوب محمد صالح رئيس تحرير جريدة الأيام . 3- محمد سليمان محمد الأستاذ بمعهد المعلمين العالي بأم درمان وشقيق الأستاذ أحمد سليمان القيادي السابق بالحزب الشيوعي . • والنواب الأربعة الآخرون هم :- • حسن عبد الله الترابي ( جبهة الميثاق الاسلامي • محمد يوسف محمد ( جبهة الميثاق الاسلامي ) • محمد توفيق أحمد ( وطني اتحادي ) • صالح محمود إسماعيل ( وطني اتحادي ) • هذا وللمصلحة العامة وكنوع من التوثيق أيضاً فيما يلي النتيجة الكاملة لدوائر الخريجين والأصوات التي حصل عليها الفائزون .. 1- حسن عبد الله الترابي ( جبهة الميثاق الاسلامي ) 7191 صوتاً . 2- صالح محمود إسماعيل ( وطني اتحادي ) 6346 صوتاً . 3- فاطمة أحمد ابراهيم ( قوى ديمقراطية ) 5918 صوتاً . 4- حسن الطاهر زروق ( الحزب الشيوعي ) 5510 صوتاً . 5- محجوب محمد صالح ( قوى ديمقراطية ) 5098 صوتاً . 6- جوزيف قرنق ( قوى ديمقراطية ) 4789 صوتاً . 7- د. عز الدين على عامر ( الحزب الشيوعي ) 4411 صوتاً . 8- محمد توفيق أحمد ( وطني اتحادي ) 4297 صوتاً . 9- عبد الرحمن الوسيلة ( الحزب الشيوعي ) 4297 صوتاً . 10- الرشيد نايل ( المحامي ) ( الحزب الشيوعي ) 3990 صوتاً . 11- عمر مصطفى المكي ( صحفي ) ( الحزب الشيوعي ) 3958 صوتاً . 12- الطاهر عبدالباسط ( الحزب الشيوعي ) 3908 صوتاً . 13- محمد إبراهيم نقد ( الحزب الشيوعي ) 3867 صوتاً . 14- محمد سليمان محمد ( قوى ديمقراطية ) 3844 صوتاً . 15- محمد يوسف محمد ( جبهة الميثاق الاسلامي ) 3841 صوتاً . • استمرت المظاهرات دون توقف مطالبة بحل الحزب الشيوعي السوداني وفي تلك الأيام صدرت جريدة ( الأيام ) تحمل في صدر صفحتها الأولى العناوين الثلاثة البارزة التالية :- 1- الشيوعيون ينفون صلة الطالب بحزبهم . 2- الإخوان يسيرون المظاهرات ويدعون لحل الحزب الشيوعي . 3- مظاهرات في أم درمان تحرق إحدى دور الحزب الشيوعي . • وأما صحيفة ( الميدان ) الناطقة بأسم الحزب الشيوعي السوداني فجاءت عناوينها الرئيسية كالآتي : - o الحزب الشيوعي يفضح المؤامرة الجديدة . o الطالب الذي أساء للإسلام من أعداء الحزب الشيوعي . o الطالب أصدر بياناً صباح نفس اليوم يهاجم فيه الحزب الشيوعي . o الحزب الشيوعي ينبه الجماهير إلى النوايا السوداء ضد الديمقراطية . • الأحداث تتوالى بعنف :- • في نوفمبر 1965 تقدم سته نواب من أعصاء الجمعية التأسيسية باقتراح يقضي بعدم السماح بقيام أي أحزاب شيوعية في البلاد وصوت لصالح الاقتراح 151 عضواً وعارضه 12 عضواً وامتنع عن التصويت 9 أعضاء . • في 16 نوفمبر 1965 قدمت الحكومة المشروع في مرحلة القراءة الأولى .. ولكن اتضح إن المواد 3-4-5 من القانون تتعارض مع نص المادة الخامسة من الدستور , فسحبت الحكومة المشروع من الجمعية التأسيسية واتجهت إلى تعديل الدستور . • في 18 نوفمبر 1965 تقدمت الحكومة بمشروع قانون تعديل المادة الخامسة من الدستور في مرحلة القراءة الأولى . • في 22 نوفمبر أجيز تعديل المادة الخامسة بأغلبية 145 ومعارضة 25 , وإمتناع نائبين .. وهذا التعديل يحرم الشيوعية مستقبلاً , ولكنه لا يمنع وجود النواب الشيوعيين في البرلمان وهذا هو تاريخ حل الحزب الشيوعي . • تعديلات جديدة في القانون : - • في 7 ديسمبر تقدمت الحكومة بمشروع قانون يسحب العضوية من النواب الشيوعيين في مرحلة القراءة الأولى . • في 8 ديسمبر 1965 قدمت الحكومة المشروع للقراءة الثانية ثم الثالثة في نفس الجلسة . • في 16 ديسمبر 1965 تقدم الدكتور حسن الترابي بالاقتراح الآتي ( أرجو أن أقترح بأنه من رأي الجمعية أن تقرر أنه بحكم الدستور والقانون قد سقطت عضوية النواب الشيوعين الثمانية الآتية أسماؤهم :- 1- حسن الطاهر زروق . 2- جوزيف قرنق . 3- دكتور عز الدين على عامر . 4- عبد الرحمن الوسيلة . 5- الرشيد نايل ( المحامي ) . 6- عمر مصطفى المكي ( صحفي ) 7- الدكتور الطاهر عبد الباسط . 8- محمد إبراهيم نقد . • وهكذا تمت مجزرة الدستور وجاءت في اليوم التالي عناوين صحيفتي الأيام والميدان على النحو التالي :- • في جريدة الأيام العناوين كالآتي : • تعديل الدستور للمرة الثالثة . • وفي جريدة الميدان : • مزقوا الدستور . • وتوالت الأحداث عاصفة , وهنا نقدم بعض العناوين الجديدة بجريدة الأيام : 1- الأمة والوطني الاتحادي يتقدمان اليوم باقتراح جديد . 2- الصحفيون وأساتذة وطلبة جامعة الخرطوم يستنكرون الحادث . 3- جبهة النوبة والبجة تعلن معارضتها للاقتراح . • وجاء عنوان جريدة الميدان على النحو التالي : 1- القوى الديمقراطية تدين المؤامرة الجديدة . • واما الأيام فجاءت عناوينها كالآتي : 1- الجمعية تجيز الاقتراح . 2- عمر مصطفى المكي .. لا تستطيع قوة في الأرض ان تحل الحزب الشيوعي . 3- حسن الترابي .. اليوم تقوم ثورة العشرين من رجب الإسلامية . • القوى الديمقراطية تدين قرار حل الحزب الشيوعي :- • قال الأستاذ إبرهيم يوسف سليمان ( إن الاتجار بالدين هو أخطر الجرائم الخلقية ) , وقال الأستاذ محمود محمد طه : ( ببيانكم الممعن في الرداءة والجهل تحرضون على الفتنة وقتل الأبرياء ) . • وقال نقيب الصحفيين بشير محمد سعيد ( أرفض حل الحزب الشيوعي لا حرصاً عليه ولكن حرصاً على الديمقراطية , وقال السيد أمين التوم قطب حزب الأمة ( إن تعديل الدستور وحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية بهذه السرعة والعجلة يعتبر مضراً بالمصلحة العامة .. وقال السيد الصادق المهدي : ( إن ما حدث كان موقفاً سياسياً غير محسوب , ونتج عن موقف انفعالي ) . • معلومات إضافية :- • الجدير بالذكر أن قرار حل الحزب الشيوعي السوداني كان في حكومة محمد أحمد محجوب , وهي الحكومة التي جاءت بعد الانتخابات عقب فترة حكومة أكتوبر 1964 الانتقالية برئاسة السيد سر الختم الخليفة , حيث كان السيد أحمد المهدي وزيراً للداخلية عن حزب الأمة في حكومة محمد أحمد المحجوب . • الحزب الشيوعي استأنف قرار حله للمحكمة العليا برئاسة القاضي صلاح حسن , وأصدرت المحكمة قرارها ببطلان الحل , إلا أن حكومة الصادق المهدي التي جاءت بعد حكومة المحجوب في الفترة من 25 يوليو 1966 وحتى 1967 رفضت تنفيذ قرار المحكمة العليا باعتباره ( حكما تقريريا ) ليس واجب التنفيذ . • قال الأستاذ علي عبد الله يعقوب القيادي بحركة الإخوان المسلمين آنذاك في إفادته للبرنامج التلفزيوني ( أسماء في حياتنا ) أنه هو الذي وضع هتافات ( لا شيوعية ولا إلحاد.. عبد الخالق عدو الخالق .. عز الدين عدو الدين ) . • عقب قرار حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من الجمعية وإغلاق دوره وصحيفته ( الميدان ) أدان حزب الشعب الديمقراطي بقيادة الشيخ علي عبد الرحمن قرار الحل , وقرر السيد علي الميرغني زعيم طائفة الختمية السماح للشيوعيين بممارسة نشاطهم بجنينة السيد علي بالخرطوم , كما قرر فتح صحيفة ( صوت السودان ) الناطقة بلسان حزب الشعب الديمقراطي لتكون منبراً للشيوعيين بدلاً من صحيفة ( الميدان ) التي أغلقتها السلطات . • معلومات إضافية للتوثيق : - • يقول الأستاذ والمؤرخ دكتور محمد سعيد القدال في كتابه ( الحزب الشيوعي السوداني .. انقلاب مايو ) في صفحة (20) .. لجأ الحزب الشيوعي إلى المحكمة العليا مطالباً ببطلان التعديلات التي أدخلها البرلمان والتي أدت إلى حله .. وفي 22-12-1966 أصدرت المحكمة العليا حكمها في القضية الدستورية الأولى والذي قضى ببطلان تعديل المادة الخامسة من الدستور وعدم شرعية حل الحزب الشيوعي .. وفي 21-2-1967 أصدر قاضي مديرية الخرطوم بالإنابة حكماً ببطلان سقوط عضوية نواب الحزب الشيوعي . • إجتمع مجلس الوزراء في نفس اليوم الذي صدر فيه قرار المحكمة العليا وتحدى قرار المحكمة .. واجتمعت الجمعية التأسيسية ( البرلمان ) في اليوم التالي وقررت عدم السماح لنواب الحزب الشيوعي بحضور جلساتها وإنها لن تسمح بحضورهم مستقبلاً حتى ولو أيدت محكمة الاستئناف المدنية العليا قرار المحكمة العليا , وكانت تلك ( بلطجة سياسية ) وتعدياً صارخاً على السلطة القانونية ( حسب تعبير صاحب المقال ) . • ازدادت الأزمة حدة إذ دخل مجلس السيادة برئاسة السيد إسماعيل الأزهري طرفاً فيها , وتقدمت الهيئة القضائية بمذكرة ..وبرزت لجنة للوساطة .. وتعقد الأمر مما أدى لاستقالة رئيس القضاء ( مولانا بابكر عوض الله ) .. استقالة مسببة .. أعلن فيها أنه لايريد أن يبقى على رأس الجهاز القضائي ليشهد عملية تصفية وتقطيع أوصاله وكتابه الفصل المحزن من فصول تاريخه . • الحزب الشيوعي يقاوم الهجمة اليمينية :- • رغم قرار حل الحزب الشيوعي والتغول على القضاء و ( الهستريا الدينية ) بقى الحزب مواصلاً نشاطه في الحياة السياسية .مدافعاً عن مصالح القوى الاجتماعية .. ومدافعاً عن الوطن الذي تعيش وتنمو فيه والدليل على ذلك ما يلي :- 1- واصل الحزب نشاطه السياسي في الندوات , وأصدر فوراً صحيفة ( أخبار الاسبوع ) بالتعاون مع عوض برير . 2- رشخ الحزب أحد قادته ( أحمد سليمان ) في الانتخابات الفرعية لدائرة الخرطوم الشمالية باسم الحزب الشيوعي , وكانت تلك أول دائرة جغرافية يفوز فيها الحزب الشيوعي , ويومها خطب عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب في الجموع التي خرجت مبتهجة بالنصر وقال جملته المشهورة : ( إن الاشتراكية الوضاءة هي إسلام القرن العشرين ) .. أي أن الورثة الحقيقيين للتراث الإسلامي في هذا القرن هم الاشتراكيون الذين يرفعون رايات العدالة الاجتماعية . 3- في انتخابات دائرة أم درمان الجنوبية التكميلية عام 1968 عام 1968 فاز عبد الخالق محجوب السكرتير العام للحزب .. كما فاز الحاج عبد الرحمن بإحدى دوائر عطبرة .. ودخل النائبان الشيوعيان البرلمان وهما يدوسان على قرار حل الحزب . • مواقف طريفة لعبد الخالق محجوب مع الختمية :- • اكتفي بهذا القدر ولكن هناك طرفة لابد أن أسجلها هنا وهي عندما تم حل الحزب الشيوعي وأغلقت السلطات دوره سمح السيد علي للحزب الشيوعي بممارسة نشاطه داخل ( جنينة السيد علي ) بالخرطوم .. وقالوا إن عبد الخالق كان عندما يحضر لجنينة السيد علي أول ما يفعله هو الدخول للسيد علي للتحية والمجاملة والمسامرة .. وهذا الموقف لم يرضٍ جماعة الحزب الوطني الاتحادي , فحاولوا استفزاز الختمية بقولهم ( يعني انتو آخر الزمن بقيتو شيوعيين تسمحو لعبد الخالق كل يوم يجي ويتونس مع السيد علي ) .. فذهب الختمية في وفد ضخم لمقابلة السيد علي وقالوا له ما قاله لهم جماعة الوطني الاتحادي وتساءلوا ( هل نحن ياسيدي بقينا شيوعيين ) .. فقال لهم السيد علي بذكائه الخارق وببساطة شديدة جداً .. أبداً والله .. الشيوعيين هم البقو ختمية .. ففرحوا فرحاً شديداً ولذلك كانوا عندما يصادفون عبد الخالق محجوب وهو داخل لمقابلة السيد علي يهتفون ( عاش أبو هاشم .. عاش أبو هاشم ) فيرد عليهم عبد الخالق بروحه اللطيفة السمحة ويهتف معهم بأعلى صوته ( عاش أبو هاشم .. عاش أبو هاشم