بعيدا عن حمدوك

Quote: محمد ناجي الأصم- ما شاء الله- شخصية حباها الله بقبول عند الناس لعوامل كثيرة، منها التؤدة، وانضباط الطرح، وتخير الألفاظ، وعفة اللسان في أحلك الظروف. أما أن تكون إجادته اللغة الإنجليزية مقارنة بحميدتي مدعاة لكل هذا الإعجاب الذي راج في وسائط التواصل الاجتماعي، فذاك تبسيط مخل لما نريده من صفات في قادتنا، وتقليل من شأن الأصم ومقدراته السياسية، واستهانة بمن لا يجيدون اللغات الأجنبية. الترابي وغازي صلاح الدين، على سبيل المثال، يتقنان اللغة الإنجليزية، وهما أقوى حجةً، وأمضى لسانًا، وأنصع بيانًا، وأعمق طرحًا "بالحق وبالباطل" من الأصم، ولكن دونكم ما جلب تنظيرهما للسودان من دمار ومهلكة. حتى من قوى إعلان الحرية والتغيير نفسها هناك من يبزون الأصم طلاقة وإتقانًا للإنجليزية وغيرها من اللغات، وهم بهذا المقياس أجدر منه وأحق بما ناله من شعبية؛ لكن القبول من عند الله سبحانه وتعالى. لذلك، علينا الانتباه إلى ألا يدفعنا حماسنا الزائد لحلفائنا ورغبتنا الجامحة في النيل من خصومنا إلى "تأليه" من نظاهر واحتقار من نعادي لأبسط الأمور. علينا أن نتجنب أسلوب صناعة الأصنام، وتضخيم ذوات ساستنا، ودفعهم دفعًا إلى أن يعلوا في الأرض ويطغوا ويتجبروا، ويومها لن ينفع الندم، وستكون مصيبتنا بما كسبت أيدينا؛ وقديمًا قيل: ليس للأمور بصاحب من لم ينظر في العواقب.