نزع الحجب عن مسار الثورة السودانية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:52 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-24-2021, 05:51 PM

Amina Saeed
<aAmina Saeed
تاريخ التسجيل: 03-28-2016
مجموع المشاركات: 109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نزع الحجب عن مسار الثورة السودانية

    04:51 PM October, 24 2021

    سودانيز اون لاين
    Amina Saeed-Sudan
    مكتبتى
    رابط مختصر




    الصراع يحتدم .. مواكب أكتوبر هل بإمكانها قطع الطريق أمام الانقلابات العسكرية والمدنية؟

    إعداد: محمد الصادق

    الثورة السودانية وصلت مرحلة متقدمة في وضوح قضايا الصراع، والفرز لم تصله في أي مرحلة من مراحل تطورها التاريخي، وبالضرورة لم تقترب منه أي دولة من دول المنطقة الأفريقية أو العربية، دعونا نؤكد أن هذا الوضوح كان نتيجة لتجارب ثورتين عظيمتين في أكتوبر 1964م، وأبريل 1985م، راكمتا تجارب الانتقال، ففي أكتوبر تم حل الحكومة الانتقالية بقيادة سر الختم الخليفة قبل مرور عام بسبب تكالب قوى الثورة المضادة عليها قاطعين الطريق أمامها حتى لا تحدث تغيرات ايجابية في بنية الدولة السودانية، وفي أبريل كانت الفترة الانتقالية عاماً وأحداً، وبسبب هيمنة المجلس العسكري الانتقالي ورئيس مجلس الوزراء الذي تسلل واخترق قوى الثورة، تم إعاقة تنفيذ إزالة آثار مايو، وبالتالي عادت القوى التقليدية بنفس برنامج مايو من الشباك عبر الانتخابات، ولم تجني الجماهير من التغيير في كلتا الثورتين، سوى التحول الديمقراطي، الذي سرعان ما تم سلبه من الجماهير، وفي كلتا التجربتين تم الإجهاض من دون مقاومة تذكر من قوى الثورة، بل حركة الجماهير بعد إنجازها التغيير عادت إلى حياتها الطبيعية، وبالتالي لم تتابع أهداف ثورتيها، ولم تكن معنية بالضغط للتنفيذ، كما أن مشاركة الجماهير في التغيير كانت محدودة في المركز الخرطوم وبعض المدن الكبيرة، بخلاف ثورة ديسمبر المجيدة التي شاركت فيها تقريباً جميع مدن السودان وقراها وفرقانها ومعسكرات نازحيها والسودانيين بالخارج، بل البداية كانت من الأقاليم سنار - الدمازين وانتقلت الاحتجاجات للقضارف ومن ثم لعطبرة ثم وصلت للمركز الخرطوم. وفي ثورة ديسمبر منذ البدايات تم كشف مركز قوى الثورة المضادة التي ادعت أنها شريك في الثورة حين عراها وكشفها الحزب الشيوعي السوداني، واصفاً إياها باللجنة الأمنية للنظام المباد، رغماً عن أن كثير من قوى الثورة في ذلك الوقت كانت تعتبره تطرفاً من الشيوعي، إلا أن مسار الثورة أثبت بالدليل القاطع أنه كذلك، وأنه ظل يتحين الفرص للانقضاض على الثورة وإجهاضها تماماً. وفي ظل ثورة ديسمبر لم تنطفئ جزوة حركة الجماهير حيث ظلت مشتعلة ومتقدة ضاغطة لتنفيذ أهدافها (الدم قصاد الدم حتى ولو مدنية) مسيرة للمواكب وداعية للمليونيات، مصرة على تنفيذ أهداف الثورة في مرحلتها الانتقالية.

    • خلفية عن الصراع بين المكونين:
    الصراع بين المكونين العسكري والمدني في حكومة الفترة الانتقالية مشتعل منذ فترة ليست بالقصيرة بعيداً عن الأضواء، أخر اجتماع لمجلس السيادة (يتكون من عسكريين ومدنيين) كان يوم 19 أغسطس المنصرم وناقش تكوين لجنة بشأن تشكيل مفوضية الانتخابات ومفوضية صناعة الدستور. ظهر الصراع بصورة واضحة بعد ما طرح حمدوك مبادرته (إعلان المبادرة تم في 15 يونيو 2021م) التي قابلها المكون العسكري بفتور شديد. في مبادرة حمدوك يجب أن نلاحظ أنه لم يعطي المكون العسكري دور في المبادرة، بل طالب في مبادرته بهيكلة المؤسسة العسكرية وصولاً لجيش وأحد ذو عقيدة وطنية واحدة، المستحق الذي ترفض قيادة الجيش في السيادي تنفيذه، مما قادها لأن تعتقد أن حمدوك سوف يستند على الضغوط الخارجية لإجبارها للخضوع للهيكلة. والمؤشر الآخر الذي جعل قيادة الجيش في السيادي غاضبين على المكون المدني في الحكومة الانتقالية وعلى قحت: العمل الذي قامت به لإحداث اصطفاف لقوى الحرية والتغيير مع استبعاد القوى المؤيدة للمكون العسكري، مما جعله يرفض المشاركة في احتفال قوى الحرية والتغيير بالتوقيع بعد الإضافات. ومما زاد من غضبهم تجاوز مجلس الوزراء للمكون العسكري وإعلانهم قبول المجلس لتسليم المطلوبين للعدالة للمحكمة الجنائية، وبالتالي توقف التسليم على موافقة المجلسين معاً في اجتماع مشترك، وبما أن المكون العسكري غير مجمع على التسليم، وبالتالي يرفض التسليم، اعتقد أن ذلك إحراج له داخلياً وخارجياً. وسبب آخر المتمثل في قرب المواعيد المحددة لتسلم المدنيين لرئاسة مجلس السيادة من الفريق أول البرهان ممثل المكون العسكري مع رفضهم للتسليم، وهناك سبب إضافي المتمثل في مقابلة حمدوك للشيوعي التي اعتبرتها قيادة الجيش في السيادي محاولة للاستعانة به في صراعه القادم معهم. وهناك سبب أخير المتمثل في قرب نهاية المماحكة في تكوين المجلس التشريعي، الذي يتطلب من القيادات العسكرية في مجلس السيادة التفكير جدياً في إضافات مدنية معتبرة، تقف معها وتعطيها الأغلبية في البرلمان من أجل الوقوف ضد أي محاولات لاستعدال أو تنفيذ أهداف ثورة ديسمبر المجيدة. كل هذه الأسباب جعلت المكون العسكري في مجلس السيادة يعلن وقف التعاون مع المكون المدني في الحكومة الانتقالية. وصرح البرهان بأنهم غير راضين عن سياسات المكون المدني في الفترة الأخيرة، وهذا يعني بالضرورة أنهم كانوا راضين عن سياساته فيما مضي.

    • الانقلاب كفزاعة للمكون المدني:
    المحاولة الانقلابية التي تمت بقيادة اللواء بكراوي نعتقد أنها حقيقية 100% ولكنها محاولة مكشوفة للمكون العسكري، ورغب في الاستفادة منها في تخويف المكون المدني وبالتالي إجباره على تقديم مزيد من التنازلات. دعونا نستعرض التفاصيل: اتصل رئيس هيئة الأركان بمحمد الفكي يعلمه (أي من باب العلم بالخبر) بوقوع انقلاب، وكانت ردة فعل الفكي غير متوقعة من قيادات الجيش في مجلس السيادة حيث أنه أذاع المعلومة وطالب الجماهير بالاستعداد للدفاع عن الثورة. عاد له رئيس الأركان وقال ليه انت بإعلانك ده ستعيق عمل القوات التي تتصدى حالياً للانقلاب وطالبه بنشر بوست يعلن فيه القضاء على الانقلاب، ونفذ الفكي ما طلب منه. محاولة الفكي الاستنجاد بالحركة الجماهيرية بدلاً عن انتظار المكون العسكري ليقوم بالواجب، هذا الموقف تسبب في "زعل" بعض قيادات الجيش في مجلس السيادة، وبدأت التراشقات الكلامية والاتهامات المتبادلة التي تابعها الجميع. وإثر هذه التراشقات، القيادات العسكرية في مجلس السيادة قررت أن الوقت مناسب لاستخدام الطريق المدني في الانقلاب، فبدأ تحريك المكونات التابعة للعسكر من حركات وأحزاب في محاولة الانقلاب على قحت.

    • الانقلاب المدني خلفية:
    كان المكون العسكري في مجلس السيادة يعمل ويخطط لإضافة القوى السياسية التي شاركت المؤتمر الوطني حتى سقوطه: (المؤتمر الشعبي، الإصلاح الآن، أحزاب الأمة المنشقة "مبارك المهدي، مسار، نهار"، الاتحادي الديمقراطي الأصل، وأحزاب الفكة صنيعة المؤتمر الوطني)، لدعمه والوقوف معاً في مواجهة أي تحقيق لأهداف ثورة ديسمبر حتى لا تتضرر مصالحهم جميعاً، والدعم من هذه المجموعات للمكون العسكري يتم من داخل الحكومة المدنية وتصبح هذه المكونات المدنية مخلب قط لمخططاته الساعية والداعية لقبر الثورة. والجميع يذكر تجميع المجلس العسكري لهذه القوى في قاعة الصداقة بواسطة ياسر العطا، وكباشي بعد انتصار الثورة مباشرةً وعندما استنكرت قوى الثورة، كان الرد: "عايزين نسألهم عن مرئياتهم للفترة الانتقالية"!!! .

    • اتفاق جوبا وسيلة للترجيح:
    تحرك الفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع مبكراً بعد نجاح الثورة بالإطاحة بعمر البشير وبعض القيادات، نحو بعض حركات دارفور، وبمساعدة الرئيس إدريس دبي (الله يرحمه)، وفي تشاد إلتقى بمناوي (جيش حركة تحرير السودان)، وجبريل (حركة العدل والمساواة السودانية)، وتمت تسريبات بأنه تم الاتفاق على التنسيق والعمل معاً لحكم السودان، الذي يتطلب بالضرورة نسيان ما حدث إبَّان أزمة دارفور من قتل وتشريد ونزوح وانتهاكات وحرق للقرى، واتباع سياسة (عفا الله عما سلف)، وأكبر دليل على صحة هذه التسريبات الاهتمام المتزايد لمناوي وجبريل باستيعاب المؤتمر الوطني في حكومة الفترة الانتقالية بصورة تفوق بكثير اهتمامهم بعودة النازحين واللاجئين إلى قراهم الأصلية عقب عودتهم للسودان، مع صمتهم وعدم الإقدام أو المطالبة بتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية. ولإنزال هذا التحالف لأرض الواقع كان لا بد من البدء بتوقيع اتفاق سلام ومن ثم العودة للانخراط في الصراع السياسي طبعاً داعمين للمكون العسكري في حكومة الفترة الانتقالية. لذلك عندما أعلن عن مفاوضات جوبا لسلام السودان، أسرع الفريق محمد حمدان دقلو لاقتلاع ملف السلام (بقلع اليد) من المكون المدني حيث أن الوثيقة الدستورية نصت على أن السلام من مهام المكون المدني. وسريعاً وقع اتفاق مع الجبهة الثورية أوقف بموجبه تكوين مؤسسات الفترة الانتقالية (تكوين المجلس التشريعي، تعيين ولاة مدنيين للولايات)، حتى يوقف تنفيذ أهداف الثورة في انتظار الدعم من حلفائه الجدد. وتم التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان في 3 أكتوبر 2020م، الذي استحدثت فيه المسارات (الشمال والوسط والشرق) لمزيد من تكبير الكوم والمناصب، دعونا نؤكد أن هذا الاستحداث للمسارات تم بواسطة ورعاية المكون العسكري في مجلس السيادة (الفريق محمد حمدان دقلو) من دون وجود حروب في هذه المناطق ولا حتى تفويض للقيادات الموقعة في جوبا من مناطق المسارات، وبالتالي فإن ما يحدث حالياً في الشرق من قفل للميناء والطرق مسؤول منه بالدرجة الأولى المكون العسكري الذي استحدث هذه المسارات لزيادة الداعمين له في الفترة الانتقالية وما بعدها. والجميع يتذكر في احتفال عودة الحركات للسودان بعد التوقيع على اتفاق جوبا لسلام السودان أن الفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع كان المتحكم في المنصة، وعندما احتجت الجماهير التي أتت لاستقبال الحركات على مخاطبه إبراهيم الشيخ للاحتفال، استلم حميدتي المايك وقال ليهم: ((الصفوف اتميازت وناس إبراهيم الشيخ هم الجناح المعتدل في الحرية والتغيير.. وهم الدخلوا السلام في الوثيقة الدستورية.. صحي كان في كلام هنا وهناك لكن ما تظلموا الناس، نحن ضقنا الظلم والظلم حار ما دايرين نظلم زول))، وطريقة ومضمون المخاطبة لجماهير الحركات يثبت بالدليل القاطع صحة التسريبات التي تحدثت عن وجود اتفاق بينهما أي (حركتي جبريل ومناوي)، بالمكون العسكري في مجلس السيادة والذي تم برعاية المرحوم إدريس دبي كما ذكرنا آنفاً.

    • تنفيذ الانقلاب المدني:
    المكون العسكري في مجلس السيادة مستفيداً من اتفاق جوبا لسلام السودان أضاف حلفاء جدد، فلقد كسب الجبهة الثورية 2 بقيادة مناوي، (التي انقسمت من الجبهة الثورية بقيادة الهادي إدريس أثناء مفاوضات جوبا)، والتي تضم: (حركة تحرير السودان - مناوي، والتحالف السوداني بقيادة خميس عبدالله أبكر، وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالرحمن محمد نمر)، بالإضافة لمجموعات المسارات: "الوسط التوم هجو، الشمال محمد سيد أحمد الجاكومي، الشرق الأمين داؤود، حركة تحرير كوش - الدكتور أسامة دهب"، والعدل والمساواة السودانية - جبريل إبراهيم التي انسلخت من الجبهة الثورية 1 بقيادة الدكتور الهادي إدريس وأنضمت لتحالف المكون العسكري، وتم ضم حركة تمازج - محمد علي قرشي، ولاحقاً حدث انقسام في الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عقار وعلى إثره انضم المنقسمين، لتحالف العسكر المتمثل في كل من: الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة خميس جلاب، التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية - الدكتور علي خليفة عسكوري، ونجم عن العمل الذي قام به الفريق محمد حمدان دقلو مع المكونات والقيادات الأهلية عن انضمام المجتمع المدني - بشرى الصائم الذي وقع في التحالف الداعم للمكون العسكري في مجلس السيادة.

    دعونا نؤكد أن المكون العسكري في مجلس السيادة قدم دعم غير محدود للاختطاف الذي تم من الأربعة الذين كانوا فرحين بمآلات السلطة لهم، وفي نشوة فرحهم بالسلطة، تغير تعاملهم مع حركة الجماهير الداعمة للثورة في مواكبها ومليونياتها التي كانت تنظمها ضغطاً لتنفيذ أهداف الثورة، ووصلت بهم الجرأة والتماهي مع القيادات العسكرية في مجلس السيادة لدرجة أن نادى أحد الأحزاب الأربعة باستخدام العنف تجاه الحركة الجماهيرية والحزب الشيوعي حفاظاً على سلطته!!!

    • مراحل العساكر للانقلاب المدني:
    المكون العسكري في مجلس السيادة خطط لتغيير تركيبة الحاضنة للحكومة الانتقالية (قحت) بإدخال المكونات الداعمة له على مراحل: المرحلة الأولى إدخال المستبعدين من قحت حتى يتاح لهم استخدام اسم قحت لذلك سعوا نحو: إبراهيم الأمين، وهشام المفتي من حزب الأمة، الحزب الاتحادي الموحد - محمد عصمت، ساطع الحاج، أحمد ربيع، حزب البعث السوداني - يحي الحسين، مجلس الصحوة الثوري بقيادة موسي هلال، بالإضافة لمجموعة الحركات التي تم كسبها من اتفاق جوبا: العدل والمساواة - جبريل إبراهيم، حركة جيش تحرير مناوي، المجموعات التي انقسمت من الحركة الشعبية لتحرير السودان - عقار، ومجموعات المسارات (الشمال، الوسط، الشرق). وفي مرحلة ثانية إدخال أحزاب الإسلاميين:
    (الشعبي، الإصلاح الآن)، والمنقسمين من الأمة (مبارك الفاضل، نهار، مسار)، وأحزاب الفكة صنيعة المؤتمر الوطني. وفي مرحلة ثالثة إذا تتطلب الأمر إدخال المؤتمر الوطني بشحمه ولحمه.

    • الانقلاب المدني:
    لقد أوضحت تطورات الأحداث أن المكون العسكري والمقصود به العسكريين في مجلس السيادة (اللجنة الأمنية للبشير) بالإضافة لبعض الرتب العليا في القوات المسلحة التي قررت في ثورة ديسمبر التضحية بعمر البشير والحفاظ على بنية الدولة، قررت إدماج القوى التي تتفق معها في إجهاض أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وتلك التي قامت بصناعتها، لقحت1: (وهي المكونات المدنية الشريك مع المكون العسكري في الحكومة الانتقالية)، حتى يتم مواصلة الإجهاض عبر البرلمان ومؤسسات الفترة الانتقالية بالأغلبية. دعونا نؤكد أن المهيمن على السلطة في السودان هو المكون العسكري الذي ظل يخطط على نار هادية مراميه المتمثلة في عدم تنفيذ أهداف الثورة، وكان يسعى بصورة حثيثة لإحباط الحركة الجماهيرية وإدخالها في حالة كمون، ومن ثم ينقض على الفترة الانتقالية، ساعده على ذلك السياسات الاقتصادية التي اتبعتها حكومة الفترة الانتقالية والتي أسرعت بوتائر سياسات النظام البائد (اتباع روشته صندوق النقد الدولي)، وبالتالي بدلاً عن تحسن الأوضاع المعيشية للمواطنين زاد الفقر والضنك والحرمان لمعظمهم، وفي حالة العدم يذهب للخطة (ب): الذهاب مبكراً نحو الانتخابات دون السماح بإجراء تغيرات في موازين القوى السياسية حفاظاً على مكتسباته ومكتسبات الفلول التي تم الحصول عليها في ظل النظام البائد. وعندما اختطفت مجموعة الأربعة (حزب البعث الأصل بقيادة السنهوري، المؤتمر السوداني، الاتحادي المعارض، وتجمع المهنيين المنقسم الرافض لنتيجة الانتخابات) قحت، ساعدها المكون العسكري على ذلك وظل يدعمها ويتعامل معها وهو فرحاً بالتخلص من المكونات الثورية الصلبة في مقدمتها الحزب الشيوعي السوداني. ووضع قحت المنزوعة الأنياب جعله أي المكون العسكري يهيمن على جميع مفاصل الدولة وجميع الملفات: السلام، المنظومة العدلية إيقاف تعيين رئيس القضاء والنائب العام، المحكمة الدستورية، محكمة الاستئنافات، وعدم تعيين لجنة استئنافات للجنة إزالة التمكين حتى لا تصبح قراراتها ملزمة ونهائية، المماطلة في تكوين المجلس التشريعي...الخ.

    • اجتماع قاعة الصداقة الأول والثاني:
    يأتي اجتماع قاعة الصداقة الأول على هذه الخلفية. فلقد تجمعت القوى المؤيدة للمكون العسكري في مجلس السيادة، في قاعة الصداقة (العدل والمساواة تشكل رأس الرمح في هذا التحالف)، ولكن لأسباب ما، مع تدخل الأجاويد لم يتم التوقيع في الاجتماع الأول، وتم إعلان تأجيل التوقيع لـ14 يوماً، هذا الوضع أربك مجموعة المترددين (ابراهيم الأمين، محمد عصمت، ساطع الحاج، هشام المفتي، أحمد ربيع) فقرروا الانسحاب بعد دخولهم لقاعة الصداقة. نظمت هذه المجموعات نفسها، وانسحب منها بعض المترددين وقامت بإعلان مليونيه في 16 أكتوبر مع إعلان التوقيع للميثاق في قاعة الصداقة، وفعلاً نفذت احتشاد ضخم من المواطنين مستفيدة من توفير وسائل المواصلات وركزت على المواطنين في أرياف العاصمة مستخدمة القبيلة والطرق الصوفية وبقايا الفلول للحشد. ومتزامناً مع إرهاصات هذا الحشد ظهر المكون العسكري في مجلس السيادة وبكل جرأة وأعلن عن مراميهم من التمرد وعدم القيام بواجباتهم والتحريض على حكومة الفترة الانتقالية، وإعلانهم عدم التعاون مع المكون المدني، وطالبوا بحل حكومة الفترة الانتقالية، وكانت هذه رسالة في بريد حمدوك، وكانوا يمنون النفس أن يستجيب حمدوك لضغوطهم حتى يتم توسيع الحاضنة السياسية بالقوى المؤيدة لهم، وبالتالي يصبح إجهاض أهداف الثورة حقيقة لا تقبل النقاش. وفي يوم الجمعة 15 أكتوبر جاء رد حمدوك برفض حل الحكومة. وكان من المفترض أن تخرج حشودهم يوم السبت 16 أكتوبر احتفالاً بالإجهاض التام بتغيير كامل في موازيين القوى للحكومة المدنية. رفض حمدوك لحل الحكومة، تحول الهدف لاستخدام الحشد في إحداث الضغط على حمدوك حتى يرضخ ويحل الحكومة، واستنساخهم لنسخة مشوهة لاعتصام القيادة لمزيد من الضغوط واختير له محيط القصر الجمهوري حتى يكون تحت حماية ورعاية المكون العسكري في مجلس السيادة.

    • تناقضات:
    الصراع الحالي بين المكونين المدني والعسكري في الحكومة الانتقالية دعونا نثبت أولاً أنه صراع حول الهيمنة على الفترة الانتقالية، وبعيد عن قضايا الجماهير الآنية. وأسفر هذا الصراع عن تناقضات كثيرة نذكر منها: مجموعة مشاركة في الحكومة المدنية للفترة الانتقالية (جبريل إبراهيم، مناوي)، تعمل بشدة لصالح أهداف المكون العسكري في مجلس السيادة الساعي لحل الحكومة التي هم من أعضائها، ولا نجد سبب غير أنهم يرتبطون معه في تحالف كما ورد في بداية المقال. ترك ونظارات البجا تقف إلى جانب المكون العسكري وتطالب بإلغاء مسار الشرق رغماً أن هذا المسار أشرف على تنفيذه المكون العسكري ومرره عبر اتفاق جوبا. القوى المكونة لاتفاق جوبا وقفت على طرفي نقيض فالجبهة الثورية 2، بالإضافة للعدل والمساواة السودانية جبريل إبراهيم وقفت مع المكون العسكري مطالبة بحل الحكومة المدنية، بينما وقفت الجبهة الثورية1 بقيادة الهادي إدريس مع قحت1 إلى جانب الإبقاء على الحكومة، والأدهى والأمرّ أن مجموعة المسارات أعضاء في الجبهة الثورية2 التي تقف مع المكون العسكري نصير ترك ونظارات البجا التي تدعو لإلغاء مسار الشرق، هذه المغالطات في المواقف تجعلنا نشكك في المرامي الحقيقية المعلنة من الصراع، وتؤكد لنا أن خلق البلبلة وإعاقة الفترة الانتقالية هي السبب الحقيقي من أجل اختلاق هذه الصراعات.

    • مواكب أكتوبر كانت الرد:
    ظن وإن بعض الظن إثم، المكون العسكري في مجلس السيادة، والفلول وما لف حولهم أنهم قريبون من اسدال الستار على ثورة ديسمبر المجيدة، وعودة مقاليد الحكم لهم مع ميراث ثورة عظيمة، ولكن خاب فألهم، فالشوارع التي لا تخون خرجت في المدن والقري والبوادي وفي معسكرات النازحين في جميع أقاليم الوطن ومحلياته تطالب بالمدنية، طالبة من العسكر التزام واجباتهم ويكفوا عن التآمر على الفترة الانتقالية، ولقد كان رداً بليغاً يشبه ثورة ديسمبر (ثورة الشعب السوداني في جميع أقاليمه)، التي ما فتئت تقدم الدرس تلو الدرس عسى ولعل يفهم المتآمرون. وبعكس تأمر المكون العسكري الذي ركز على جلبه لمؤيديه من الأقاليم للمركز، ظاناً كما في العهد القديم أن الصراع على السلطة يحسم في المركز فقط، فإن الرد جاء من جميع أقاليم السودان بما فيها أقاليم الصراع المسلح في السودان: دارفور، وكردفان والنيل الأزرق، وحتى الشرق المقفل بأمر العسكر أسمع صوته، نعم تم إثبات بيان بالعمل بأن ثورة ديسمبر المجيدة محروسة بأغلبية الشعب السوداني في جميع أقاليمه ومحلياته وفرقانه، وأن الشعب مصمم على الوصول لثورته في مرحلتها الانتقالية إلى أهدافها ومراميها.

    • تحديات:
    ثورة ديسمبر المجيدة محاطة بثلاثة تحديات متداخلة،، أولها: وجود اللجنة الأمنية للنظام المباد في مجلسها السيادي الذي ما أنفك يتأمر على الثورة ولا يتوانى في استخدام كل الوسائل المشروعة والغير مشروعة: (خنق البلد، وقف صادراتها، ووارداتها، خلق الفتن والترويج للقبلية واستخدامها في الصراع السياسي، إدخال البلاد في دوامة الانفلات الأمني) للوصول لهدفه المتمثل في قبر الثورة.
    ثانياً: السياسات الاقتصادية التي تتبعها حكومة الفترة الانتقالية المتمثلة في اتباع روشتة صندوق النقد الدولي المفروضة من المجتمع الدولي والتي لها حراسها في الحكومة التنفيذية على رأسهم حمدوك رئيس مجلس الوزراء والتي أحالت معيشة معظم المواطنين إلى جحيم لا يطاق، وتسعى لفتح الأسواق السودانية على مصراعيها، وكذلك الموارد السودانية الخام والطبيعية للشركات العابرة للقارات للنهب المنظم عبر العلاقات التجارية الغير متوازنة، وهذه السياسات تتسبب في زيادة حدة الفقر في أوساط المواطنين، مما يفرغ الثورة من مضامينها الحقيقية (إصلاح الحالة المعيشية لمعظم أفراد الشعب بعد الثورة). قد تنجح هذه السياسات في تكوين رأسمالية مرتبطة بالخارج تستفيد من هذه العملية ولكن السواد الأعظم من السودانيين سيتعرض للفقر والفقر المدقع وسوف يجوع وينكشف ظهره وسوف يعاني من ارتفاع رسوم الخدمات في العلاج والتعليم والكهرباء والمياه والمواصلات مقارنة بالدخول، وسوف يتحول الحديث عن مدى التقدم في الدولة السودانية بالتحسن في المؤشرات الاقتصادية التي لن تمنع عنه الجوع ولا المرض ولا الجهل. ثالثاً أحزاب قحت1 التي في تجربتها القصيرة في الحكم تخلت عن أهداف ثورة ديسمبر وقضايا المواطنين، وفقدت الحساسية تجاه قضايا الجماهير، وتعلمت عدم الشفافية واللعب من تحت الطاولة واستخدام المعلومات التي تهم الجماهير كسلاح خاص بها تستخدمه حين تشعر بالخوف على مصالحها، أو الرد على الخصوم حين تتعارض المصالح.
    القوى الثورية الباحثة عن تغيير جذري لا بد أن تضع هذه التحديات في حسبانها وهي تواصل معركتها لإكمال أهداف الثورة في مرحلتها الانتقالية.

    • مآلات الصراع بين المكونين:
    - الهدف النهائي للمكون العسكري في مجلس السيادة من الصراع مع المكون المدني: إحداث تسوية جديدة بموجبها ستدعم اللجنة الأمنية للنظام البائد من مواقعها في السلطة التنفيذية وبين المدنيين مستقلة المجموعات التي حشدتها في قحت2، وبالتالي تكون جاهزة لمنع المجلس التشريعي من دعم قضايا الانتقال وتحقيق أهداف الثورة عن طريق حيازة الأغلبية في البرلمان.
    - التخلص من لجنة التفكيك (العصا التي تتكئ عليها مجموعة الأربعة) بدخول ممثلين للجبهة الثورية فيها، وتكوين لجنة الاستئنافات التي سوف تقبل الكثير من الاستئنافات وبالتالي يستعيد الفلول جزء كبير من ما فقدوه.
    - الاشتراط الذي يتم من المكون العسكري بضرورة إبعاد أشخاص محددين في قحت1 (الفكي، إبراهيم الشيخ، خالد سلك) مقصود به إرهاب قيادات الأحزاب المتحالفين مع العسكر، بأن من يعادي العسكر لن يستمر في تولي كراسي السلطة الوثيرة.
    - خطة العساكر تبدأ بتدجين الحاضنة السياسية تماماً والإبقاء على حمدوك كواجهة تخدمهم وتخدم المجتمع الدولي.
    - تحرك العسكر لقلب موازين القوة لصالحهم تماماً (القضاء على ثورة ديسمبر) بسبب استنتاجهم بأن الحركة الجماهيرية تراجعت ولم تعد راغبة في الدفاع عن المجموعات على رأس السلطة التنفيذية.
    ____
    الميدان 3856،، الأحد 24 أكتوبر 2021م






                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de