|
Re: نازك عثمان ...يا كنداكة يا اصيلة ..شكرا (Re: خضر الطيب)
|
كنداكه تودع طاغيه .. كمال الجزولي السَّبت
كنداكة اسمها نازك عثمان، لم اتشرَّف، بعد، بمعرفتها شخصيَّاً، وجدت لها ببعض المواقع، في الثَّالث عشر من أغسطس الجَّاري، قطعة أدبيَّة غاية في الصِّدق، تودِّع بها الطاغية إلى لاهاي، تقول له:
«إذهب إلي لاهاي سريعاً، ولا تتردَّد، إذهب بفرح، ولا تدع الفرصة تفوتك! لن يتمَّ ترويع أسرتك، ولا اقتياد بعض افرادها، بالضَّرب المبرِّح، والالفاظ النَّابية، والتَّهديد بالسِّلاح، لا .. ستنقل في سلام بطائرة خاصَّة، وستراعَى كلُّ حقوقك كإنسان.
إذهب إلى لاهاي، وعندما تصلها لن يتمَّ وضعك في زنزانة قذرة، ضيِّقة، مظلمة، ارضيَّتها مكسَّرة، مبتلة بالمياه، وبلا تهوية.
ستوضع هناك في غرفة احتجاز نظيفة، ملحق بها حمَّام، وفيها سرير مريح، وتلفزيون، ومكتب، وجهاز كمبيوتر تدوِّن فيه كلَّ ما يتعلق بقضيتك.
لن يتم ضربك، لا باليد، ولا بخرطوش حديقة، ولا بآلة حادَّة، ولا بأيِّ سلاح آخر، كما كان ازلامك يفعلون مع المعتقلات السِّياسيَّات والمعتقلين السِّياسيِّين. ولن يتم شتمك بالفاظ تخدش الحياء، ولا إهانتك، أثناء التَّحقيق معك، وسبُّ أسرتك، وأهلك حتى جدَّك العاشر، بأقذر لغة في التَّاريخ عرفتها قواميس التَّحقيق، والإزراء بالبشر.
إذهب. لن يتمَّ اغتصابك، لا بٱلة حادَّة، ولا عن طريق مهووس فرَّخته الدَّولة المتأسلمة، واصطنعت له وظيفة (اخصائي اغتصاب)، كما ولن يتم إخصاؤك!
هيَّا. إسرع. لا تخف. لن يتمَّ تعذيبك. لن تقتلع أظافرك، أو يُصعق جسمك بالكهرباء، أو تطفأ عليه أعقاب السِّجاير، أو تُضرب، صباح مساء، بالسياط والخراطيش.
لن تُفقأ عيناك، أو تُبتر أصابعك، أو أيٌّ من اطرافك، ولن يقوم أحد بضربك بقبضتيه علي أذنيك حتى تفقد السَّمع، أو علي جانبي عنقك حتي تفقد الوعي، أو بدق مسمار خمس بوصة في أمِّ رأسك!
لن يتمَّ غمرك بالمياة الباردة في ليالي الشِّتاء حتَّى تكاد تغرق، أو تجويعك، أو تعطيشك، أو اجبارك علي أداء حركات بدنيَّة شاقَّة تهتك عضلات جسدك، أو منعك من النَّوم بتسليط مصباح كهربائي كشَّاف على وجهك لا ينطفيء، ولن يمنعك أحد من الذِّهاب إلى الحمَّام لقضاء حاجتك، أو للاستحمام، في أيِّ وقت تشاء، وليس لدقائق معدودات وأنت محروس ببنادق الكلاشنكوف، وباب الحمام مفتوح على مصراعيه، أمام حرَّاس غلاظ أشدَّاء، يحدِّقون فيك، ويستعجلونك الانتهاء مِمَّا تفعل. لن يمنعك أحد من أداء صلاتك، بل سيخصَّص لك مكان أشبه بالصومعة للعبادة! ولن تمنع عنك الرِّعاية الصِّحيَّة، ولا الدَّواء، ولا الرِّياضة.
سيتمُّ تقديم كلِّ ما يمكن أن يحافظ علي كرامتك كإنسان، وتُوفَّر لك كلُ شروط المحاكمة العادلة. نعم، ستكون المحاكمة عادلة، لا إيجازيَّة، ولا ظالمة، ولن يتمَّ قتلك ودفن جسدك في مكان مجهول بالصَّحراء، أو رميه في العراء كي تنهشه الكواسر، أو ربطه بالحجارة الأسمنتيَّة، وإغراقه في النِّيل!
لن يسمِّموك، أو يفبركوا لك حادث طائرة، أو سيَّارة! كما لن يشنقوك، أو يرموك بالرُّصاص، أو يتركوك تهلك تحت التَّعذيب، فكُف، أنت وبقيَّة قطيع الذِّئاب من ورائك، عن هذا العواء اللئيم، وهذا الصِّراخ والجَّزع الهلوع، واذهب، دون ضجيج، إلى لاهاي. لكن قبل أن تضع قدمك علي سلم الطَّائرة المجَّانيَّة في رحلة الذِّهاب بلا عودة، التفت إلى الوراء، لبرهة، والقِ نظرة سريعة على وطن رعاك، وعلَّمك، وصانك، لكنك، يوم نثر النُّجوم على كتفيك، وصيَّرك ضابطاً لكي تصونه، لم تصنه، بل خنته، فاشكر الله كثيراً لأنك لم يتمَّ تمزيقك إلى قطع صغيرة، ثم حرقك، ودفنك، في مكان قصيٍّ كأقذر نفاية بشريَّة.
لا ننتظر منك، بالطبع، اعتذاراً عمَّا ارتكبت بحقِّنا من جرائم دمويَّة لا تُحصى ولا تُعدُّ، خلال ثلاثين عاما من القتل، والنَّهب، والإرهاب الممنهج، بل اننا لا نصدِّق، أصلاً، أن ندماً يمكن أن يساورك، ولو للحظة، إلا على شيء واحد، هو أنك لم تقتلنا جميعاً، وتحرق جثثنا، وتهدم الوطن ذاته فوق رؤوسنا!
انقشع، إذن، عن فضاءاتنا، فقد ضيَّعنا فيك وقتاً لا تستحقُّه، وليس لدينا المزيد من الوقت كي نهدره عليك، فاذهب، سريعاً، الي لاهاي، واتركنا نتعافى منك، حيث أن لدينا واجبات لننجزها، لدينا ثورة لنستكمل اهدافها، ووطن «حنبنيهو البنحلم وبيهو يوماتي»! وأوَّل خطوات هذا التَّعافي أن تذهب غير مأسوف عليك، أيَّها المسربل بالعار والفضائح، لعنة الله عليك من فوق سبع سماوات!
|
|
|
|
|
|
|
|
|