ضاحية ملينوفادولينا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 01:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-25-2021, 11:59 AM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ضاحية ملينوفادولينا

    ضاحية ملينوفادولينا

    في شتاء عام 1994 استيقظت من النوم، في منتصف الليل، مفزوعاً ومقروراً يحوطني الظلام
    تلك كانت أول ليلة شاتية اقضيها في ضاحية ملينوفادولينا بعد انتقالي إليها في صيف ذات العام السالف الذكر.

    أصغيت إلى السكون الشامل الذي لف الضاحية. موحش
    ومرعب. نهضت واشعلت النور وتحسست المدفاة التي تعمل بالفحم الحجري، وسحبت منها كفي بسرعة حين لسعتني برودة
    الحديد الصلب . تلفت في أرجاء الحجرة بحثاً عن غطاء اضافي
    أتدفأ به، ثم عاودت الرقاد، عندها تراءت لي في الظلمة الباردة فصول الرحلة الطويلة المضنية التي قادتني إلى ذلك المكان المنعزل.

    نمت فأسرى بي المنام من الضاحية العزلاء الغارقة في السكون إلى مكان آخر موار بالحيوية والضجيج، بشيع فيه دفء الصيف. الفيتني في المدينة الطلابية بصوفيا أدير
    المفتاح في قفل باب حجرتي. ثم ادخل ومعي صديقتي ميلينا تتبعها كلبتها المدللة تارا.

    كانت الحجرة الصغيرة سابحة في بركة من الضياء الملتهب
    اشرعت النافذة على مصراعيها مسدلاً الستارة السميكة القماش، ثم ضغطت على زر تشغيل المروحة فتلطف الجو بعض الشيء.

    صببت لميلينا ولنفسي قدحين من العصير قبل أن اباغتها
    بالخبر الذي مفاده انه بعد تخرجي من الجامعة، صارت أيامي في المدينة الطلابية تعد على الأصابع. وقد اخبرتني المسؤولة عن إدارة السكن أن علي اخلاء مسكني لأحد الطلاب الجدد
    وأمهلت مدة قصيرة جداً أتدبر فيها امري وأجد سكناً بديلاً. وإلّا فهو الطرد والتشرد والضياع المحتوم.

    عقد هول المفاجأة لسان ميلينا، فطوقنا الصمت. أجهدني التفكير مستوحداً في الحجرة بعد ذهاب ميلينا إلى أهلها في حي الدرفنيتسا ثم تأخرها في العودة حتى صبيحة اليوم التالي.

    وحيدا في بركة الضياء اللاهب أعياني العثور على مخرج مما كنت فيه من الضيق مع حالة الاملاق وشظف العيش التي كنت أعاني منها انذاك في بلد يصعب فيه الحصول على عمل دائم يدر دخلاً ثابتاً. طوفت برأسي غمامة داكنة من المشاهد المتفرقة التي سرعان ما أخذت في التفرق مع زحف المغيب الحثيث. بعدها غفوت .

    اغرقت أحلامي أمطار غزيرة كتلك التي يعرف بها ثوران
    الخريف في سهل البطانة..امطار مرعدة هطلت بكثافة وبلا توقف مماجعل الأنهار الجارية في الأماكن التي طفت بها تفيض بعنفوان رهيب اكتسح السدود والمتاريس المنصوبة، فوليت هارباً قبل أن يجرفني الطوفان.

    ساقتني قدماي، في الحلم، إلى سوق حلفا الجديدة، فوجدت ملامحه قد تغيرت كثيرا.
    تعجلت عبوره قاصداً مهبط رأسي في القرية 15 التي وجدت أن أوحال الخريف المتوحش قد سدت جميع المداخل المؤدية إليها فلم أجد بداً من السير مسافة طويلة حتى اشرفت على سكة" التيرف " ومنها دخلت إلى قريتي خائضاً في أوحال عميقة، تصل إلى مافوق الركبة، موبوءة بالثعابين والعقارب.


    مسرياً في الحلم رأيتني محاطاً في مطار الخرطوم بدموع المودعين من أهلي ذات ليلة في خواتيم سبتمبر 1988 حيث أقلتني طائرة تابعة لخطوط البلقان حطت بي في مطار صوفيا في صبيحة يوم بارد بدأت فيه حياتي الجديدة كطالب للعلم في جامعة صوفيا. لم أكن وقتها قد أكملت التاسعة عشر . ارتجف من البرد حاملاً جواز سفر حديث الإصدار إذ كانت تلك هي المرة الأولى التي اخرج فيها من وطني، ثبتت على الجواز الأخضر الغلاف صورة فوتوغرافية تظهر شعر رأسي الكث المتطاير مثل راع في البادية، جسدي شديد الخفة كما لو كنت زرزوراً وليداً، بنطالي أزرق اللون، قميصي طويل الأكمام مخطط يتداخل فيه البياض والسواد، في محفظتي قليل من المال، لكن نظراتي كانت سعيدة يشع منها الرضا والقناعة، وأفكاري ترمح كالجياد الفتية المطهمة في سهول منبسطة خضراء خضرة تسر
    الناظرين، وصدري يموج بالأحلام.

    كنت ورفاقي من الطلاب الجدد سعداء بالحياة المستجدة التي انبسطت أمام ناظرينا ونحن نهرول فيها كيفما اتفق، نفك طلاسم لغتها الجديدة بينما نرقب بانبهار كيف تغطى جبل فيتوشا العظيم بالثلوج التي بكرت في الهطول في تلك السنة، نحاول في أثناء ذلك حفظ اسماء المعالم البارزة لصوفيا وشوارعها الرئيسية.

    شهدت نظام "الاشتراكية القائمة بالفعل" في سكرات أيامه الأخيرة، وكيف ثار عليه الشعب المقموع وأسقطه مستعيداً
    الديمقراطية بعد اكثر من أربعة عقود بتظاهرات سلمية الطابع. عاصرت استفحال الأزمة الاقتصادية، ورأيت بأم عيني كيف خلت رفوف السوبر ماركتات المملوكة للدولة من البضائع فازدهرت السوق السوداء، واستمعت إلى تيدور جيفكوف، راس الدولة وسكرتير الحزب الشيوعي الحاكم، وهو يلوك في رتابة مُنوِّمة إحدى خطبه الاثرية المكرورة الركيكة بمناسبة عيد العمال أمام ضىريح القائد الشيوعي قيورقي ديمتروف الذي ظل يرقد في قلب صوفيا كمومياء محنطة في بيت مشيد من الاسمنت حتى طالته رياح التغيير السياسي في عام 1990 حيث تم نقل رفاته وموارته الثرى في مقابر صوفيا المركزية.

    سافرت في رحلتين لاتنسيا نظمهما معهد الطلاب الأجانب
    بصوفيا (أي. جي. سي). اخذتنا مركبات تحمل ماركة جفدار في رحلة عبر تلافيف جبل ريلا إلى دير الكهان الشهير الذي يحمل اسم الجبل الذي يحتضنه (ريلسكي منستير) ، أما الرحلة الثانية فكانت على متن القطار إلى مدينة فارنا ومنها بمركبات جفدار إلى مصيف زلاتني بياستسي على ساحل البحر الأسود. ونظم اتحاد الطلاب السودانيين ببلغاريا رحلة ممتعة في عيد رأس السنة الميلادية الجديدة الى بلدة ستريلجا. لم تكن حياتنا في عامنا الأول بصوفيا خالية من المنغصات والمتاعب، لكنها كانت إجمالا عبارة عن أفراح صغيرة متوالية يأخذ بعضها برقاب بعض. كنا نحيا كعصبة متضامنة شديدة الالتحام، حتى لايغرق فينا احد من المسغبة. نتشايل، أي يحمل بعضنا بعضاً في السراء والضراء. فكل من جاءته حوالة مالية لم يكتمها عن اخوته بل يفرج بها عن كربة الجائع والغارم فيهم. وهكذا كانت حياتنا أقرب إلى المشاعية الأولى.

    احتسيت الجعة المثلجة على رمال ساحل البحر الأسود مستغرقاً في زرقة الماء والسماء، مأخوذاً بسحر اللغة البلغارية التي بدأت في التلذذ بقضمها ككمثرى شتوية طازجة وامتصاص عصيرها المنعش وإحدى معلماتي في معهد الطلاب الأجانب تخاطبني بلهجة حازمة: ستصير بلغاريا وطنك الثاني، أدركت ذلك الآن، أم لم تدركه!.

    تسكعت طويلا في سنتر صوفيا. حتى بلغت مدخل سينما فيتوشا حيث كان يعرض فيلم قرن ماعز. واصلت في السير حتى شعرت بالتعب فجلست على أحد المقاعد قبالة مبنى الدار الوطنية للثقافة (إن. دي. كا). مستمتعاً بأضواء الكشافات المنعكسة على البلاط المصقول. لسعتني في جلستي تلك موجة من البرد، فجددت طوافي عابراً شارع فيتوشا حتى واجهتني كنيسة القديس الكسندر نيفسكي. عند إجتيازي لتقاطع الطرق هناك أيقظتني صافرة قوية أطلقها
    بوق ترام مسرع كاد أن يدهسني. اخرج سائق الترام رأسه من النافذة وسبني ثم مضى مسرعا بالمركبة وهو لايلوي على شيء. ثم سمعت صوت باب الحجرة يفتح ويغلق بهدوء يشبه صديقتي ميلينا.

    لقد وجدت حلا مؤقتا ء بشرتني ميلينا وهي تقف بجوار سريري. ثم اردفت قائلة: بإمكاننا الانتقال اليوم إلى فِيلّا تمتلكها أمي في ضاحية ملينوفادولينا. صحيح أنه مكان بعيد عن مركز المدينة ومنعزل، لكنه مخرج مؤقت من المازق
    الحالي. هيا انهض لنحزم الامتعة.

    كان المساء قد هبط عندما أوصلنا البص رقم 213 إلى آخر محط له في نهايات حي ملادوست جيتري. كان ثمة نسيم منعش يهب من الخلاء المقفر الذي انبسط أمامنا حالما تخطينا العمارات السكنية. سرنا على درب معشب مسافة يبلغ طولها 200 متراً على وجه التقريب، قطعنا الشارع الدوار أوكولوفرسنو، ثم عبرنا جدولاً جافاً فواجهنا خلاء جديد أقل وحشة وكآبة من الخلاء الأول. حذرتني ميلينا من النباتات الشوكية التي تكثر مستوطناتها على جانبي الطريق. قطعنا مسافة تبلغ 400 متراً، انحرفنا بعدها يميناً ثم واصلنا السير حتى تراءت لنا هياكل الفيلل الجاثمة على سفح جبل فيتوشا ومنها الفيلا مقصدنا.
    للفيلا بابان: رئيسي، من الحديد، كبير، وجانبي، من الخشب، صغير
    الفيلا عبارة عن بناية من طابقين لاتختلف في طراز معمارها عما حولها من الفيلل. تتقدمها فيراندة، وتحيط بها من كل جانب
    أشجار مثمرة تعلو من بينها صنوبرة شامخة. وفي ركن بعيد من الحديقة توجد غرفتان صغيرتان إحداهما مخصصة لتربية الأرانب. والأخرى لحفظ مئونة الفحم الحجري في أشهر الشتاء. لم تكن الضاحية بأكملها في تلك الفترة موصولة بشبكة التدفئة المركزية مما جعل الحياة فيها جحيماً لايطاق في اشهر الشتاء حيث تنخفص درجة الحرارة فيها أكثر بحكم العلو والقرب من جبل فيتوشا. أما في الربيع والصيف فكانت جنة بحق. فما إن يولّى الشتاء حتى يعود إلى الضاحية أرباب الفيلل فتدبّ فيها الحياة مجدداً وتكثر في شوارعها الترابية الضيقة حركة السابلة والمركبات ، وتتعالى في حدائقها وعبر السياجات الأصوات العائدة لإنجاز الأعمال المؤجلة طيلة أشهر الشتاء: ترميم قرميد الأسقف، إعادة طلاء الأبواب والشبابيك، غرس شتول البصل والبندورة والخس والفجل والملفوف في البقع المشمسة من الحديقة، تشذيب فروع الأشجار ورش جذوعها بمبيدات الآفات، شي شرائح الباذنجان والفلفل البارد وتعليبها أسوة بالكوسة وصنوف المخللات وغيرها من لوازم مئونة الشتاء، تفقد حجرة الأرانب وتنظيفها، تكسير الاخشاب ورصّها في مكان لاتبلله الأمطار والثلوج، تطهير المدفاة من رماد الفحم الحجري، وعرض أغطية الأسرة وأبسطة المداخل وسجاد الغرف والألحفة المحفوظة في الخزانات لأشعة الشمس الحارقة نهارا أو نهارين، سقي النحل في مناحله الخشبية بالماء المسكر، تجفيف أكوام القش وتعبئتها في أكياس وجوالات انتظاراً لموسم الشتاء الذي ينقطع فيه الكلأ، إلى آخر مما يتبارى فيه أهالي الضاحية قبل أن تربد السماء وتهطل الثلوج.

    عثمان محمد صالح
    فينراي، 2005
    تلبرخ، 2021

    (عدل بواسطة Osman M Salih on 07-25-2021, 12:08 PM)
    (عدل بواسطة Osman M Salih on 07-25-2021, 12:36 PM)
    (عدل بواسطة Osman M Salih on 07-25-2021, 12:47 PM)
    (عدل بواسطة Osman M Salih on 07-25-2021, 01:43 PM)
    (عدل بواسطة Osman M Salih on 07-25-2021, 02:41 PM)
    (عدل بواسطة Osman M Salih on 07-25-2021, 06:23 PM)







                  

07-25-2021, 02:05 PM

ولياب
<aولياب
تاريخ التسجيل: 02-14-2002
مجموع المشاركات: 3785

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضاحية ملينوفادولينا (Re: Osman M Salih)

    عثمان محمد صالح ، عيدك سعيد وكل يوم وانت بخير .
                  

07-25-2021, 02:19 PM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضاحية ملينوفادولينا (Re: ولياب)

    ياسلاااام، اخونا العزيز ولياب. البركة في السوق السايبرية بعد زمن طويل. اتمنى ان تكون انت ومن حولك بخير. عيد سعيد.
                  

07-25-2021, 07:56 PM

ولياب
<aولياب
تاريخ التسجيل: 02-14-2002
مجموع المشاركات: 3785

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضاحية ملينوفادولينا (Re: Osman M Salih)

    الأخ الحبيب عثمان ، يا سلام عليك وعلى تلك الأيام ، ما زلنا نجتر كتاباتك الدسمة وأنت في أوج نشاطك الابداعي

    حيث أحتفظ بمعظم قطعاتك الأدبية التي نشرتها هنا على الدسك توب .

    وحديثك عن القرية 15 في خريف تلك الآونة ينعاد حاليا في مسرح خريف البطانة ، وقد بث أخونا محمد عثمان ابراهيم (النملة)

    قبل يومين صورة لميدان القرية أثناء تمرين للشباب ، وأتى بصورة أخرى لراكوبة الأستاذ شعبن قرناص ( شعبان قرناصن كري)

    إنقطعنا طويلا عن البورد وحتى عن الناس ، ورحم الله الخال العزيز عمر وبقية أخوتنا في 15 ، أحمد هارون وصالح عبده صالح

    وذلك الرهط الجميل من ابناء جمي .

    سعدنا بطلتك والأهل ومن بقي هنا في الرياض بخير .
                  

07-26-2021, 05:00 AM

Osman M Salih
<aOsman M Salih
تاريخ التسجيل: 02-18-2004
مجموع المشاركات: 13081

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضاحية ملينوفادولينا (Re: ولياب)

    عزيزنا ولياب.
    سلامات. سعدت كثيرا باهتمامكم المتجدد بكتاباتي
    وسوف يصلكم كتابي عندما يطبع وينشر. تحياتي لك ولكل من حولك. اخوك اسمان.
                  


1 صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de