ليل الغرباء البارد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 03:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-11-2021, 09:03 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ليل الغرباء البارد (Re: أبوذر بابكر)

    أقلعت بنا طائرة الخطوط الجويّة الهولنديّة "كي. إلْ. إمْ" من مطار القاهرة الجديد في طريقها إلى أرض الميعاد المسماة "كندا". وأضواء القاهرة لا تزال هناك في الأسفل، خيل لي كأن غناءً ما أشبه بحُداء الرعاة في ليالي البيداء الداجيّة قد أخذ يتردد هناك في أعماقي: "أرض الميعاد هي ما قد تركتَ أنت في البدء خلفك. وقد كان العماء (يا هذا الغريب) دليلك".
    حدث ذلك حوالي الثالثة بعد منتصف الليل.
    هذا إذن ليل الطيران بعيداً بعيداً "هذه المرة".
    "يا ليلي
    يا عين
    يا عيني
    يا ليل"!
    على أنني قد أعود يوماً ما إلى ما قد كان يدعى الوطن. إذا حدث أنني متّ في بلاد بعيدة، فلربما تجد هذه المذكرات طريقها إلى من سيطالعها فيما كان يدعى الوطن. عندها، سأكون أنا محضَ صوتٍ ما للمنفى والرحيل. هذا إذن ليل وداع لمدينةٍ حملت من "اسمها" ذاك الكثير:
    "القاهرة"!
    وذلك ليل آخر لم أعد أذكر تفاصيله بوضوح.
    ليل قدمتُ فيه لأول مرة إلى المدينة المسماة:
    "القاهرة"!
    هذه المدينة المتراجعة الآن عبر نافذة الطائرة المنطلقة على المدرجِ بعنفٍ أشبه في عنفوانِ قوته بحراكِ الزلازل الكبرى أسفل قشرة الأرض السميكة الصلبة. برد ليل شهر ديسمبر القارس ذاك، كان ما استقبلتني به هذه القاهرة في مطارها القديم. كان البرد ما استقبلتني به المدينة المسماة القاهرة، لا الدفء، لا الحضن، لا الغطاء، يا ليل يا عين، يا عين يا ليل.
    ليل..
    وليل.
    اكتمال دائرة حياتي هذه اللحظة، في مصر.
    ...
    وماذا تبقى من حكايات الوداع القاهريّة تلك؟
    ...
    ذهبنا أنا ولورد الله الفقير (ولم تكن الشائعة أطبقت عليه تماماً) إلى زيارة رفيقنا في الحزب معاوية الكامل لوداعه. كان معاوية الكامل هذا قد قرر العودة فجأة إلى الوطن في أعقاب زيارة قريبه بهاء عثمان تلك. انتظرناه أمام غرفته المؤجرة في سطح بناية عتيقة نحو نصف الساعة قبل أن نعلّق حول أوكرة الباب خرقة قديمة في شكل سوار كدليل على حضورنا في حال أن التقينا به مجدداً بعد سنوات في "الوطن". القدر حرمني حتى مما بدا لي وقتها "مصالحة تاريخية مع نفسي". وقد كنت أرغب في استغلال ذلك القدر من الطيبة الذي يحيط عادة بساعات الوداع في كسر جدار الشائعة المتكوّن ذاك حول لورد الله الفقير. كان القلم يقبع في جيب بنطالي ومعه نصف ورقة فلوسكاب مطويّة بعناية. لم أرغب في نزع سدادة جحيم التأويلات بكتابة مذكرة من ذلك النوع: "حضرنا أنا ولورد الله الفقير لوداعك. تصحبك السلامة. حامد".
    تمكّن الخبث مني حتى خلال الأوقات الطيبة.
    في الأثناء، تهادت صوب مطار القاهرة طائرة بنوافذ مضيئة. كانت قريبة جداً من الأرض وواضحة كما لو أن بالوسع لمسها.
    "ماذا يمثل لك مرأى هذه الطائرة، يا حامد"؟
    سألني لورد الله الفقير، وعيناه على الطائرة.
    قلت:
    "مجرد طائرة في طريقها للهبوط كما تر ى"!
    كنت أعلم هناك، في قرارة نفسي، أن إجابتي تلك على سؤاله ذاك على قدر ما من "المباشرة"، أو التسرع. سألني مجدداً: "ألم يشكل لك مرأى تلك الطائرة المتهادية الآن صوب المطار ما هو جدير بالتأمّل، يا حامد"؟ حاولت في عتمة السطوح رؤية ما هو كامن هناك في تلافيف عقلي بتركيز أكبر هذه المرة. واللورد ينتظر. لم يكن بوسعي الإتيان بفكرة لم تكن هناك.
    كان أحدهم أنار نور شرفة في بناية مجاورة.
    فرأيت ما بدا كما شبح ابتسامة ما على طرف فمه الأيسر، ثم ذلك الشيء الذي أخذ يلتمع هناك، على عينيه، كما لو أنّه الذكاء الخارق. "يبدو أن لورد الله الفقير هذا لا يزال متماسكاً حتى هذه اللحظة"، فكرت خطفاً في نفسي. ما لبث أن تناهى صوته: "هذه الطائرة، يا حامد، قد تحمل الآن إلى القاهرة الخير أو الشر، الحزن أو الفرح". اللورد هذا ينظر دوماً إلى الأشياء على نحو مختلف. غمره الفرح ذلك الصباح لمرأى الضباب يلتف حول مبنى ماسبيرو. قال وقتها: "الأشياء في الضباب كما الحقيقة، تبدو ولا تبين". ذلك النوع المختلف من التفكير هو بالضبط ما يرى فيه بعض الناس شذوذاً.
    كان من علامات الإجهاض المبكّر لثورة الوطن الأخيرة ما عُرف باسم المفقودين الذين لم يكن بالوسع العثور على أغلبهم.
    بعض هؤلاء وُجِدَ بعد مرور أيام على إختفائه جثّة طافية على سطح النهر عليها آثارُ تعذيب بشع. بينما أطالع "الفيسبوك"، كان عليَّ أن أدقق طويلاً في هيئة رجلٍ مسنّ عُثرَ عليه في غير مدينته. كما لو أنّه ظلّ في العراء لمدى أشهر مرتدياً الأسمال نفسها. كان غائباً بوعيه عن العالم. يُحدّق في الناس ولا يراهم. أحياناً، تتردد على لسانه كلمة واحدة. وهي "ليبيا". أما هناك أسفل مقطع الفديو فتعليق مفاده: "على مَن يتعرّف على هذا المسكين أن يتصل بنا على رقم هذا الهاتف". كان عليَّ أن أدقق طويلاً في هيئته البائسة تلك، حتى أتعرّف فيه على رفيق الحزب السابق معاوية الكامل.






                  

العنوان الكاتب Date
ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-11-21, 00:27 AM
  Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-11-21, 08:10 AM
    Re: ليل الغرباء البارد ابو جهينة06-11-21, 09:48 AM
      Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-12-21, 00:01 AM
  Re: ليل الغرباء البارد أبوذر بابكر06-11-21, 08:20 AM
    Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-11-21, 09:03 PM
      Re: ليل الغرباء البارد osama elkhawad06-11-21, 09:30 PM
        Re: ليل الغرباء البارد الشيخ سيد أحمد06-11-21, 09:42 PM
          Re: ليل الغرباء البارد osama elkhawad06-11-21, 11:33 PM
            Re: ليل الغرباء البارد الشيخ سيد أحمد06-11-21, 11:40 PM
              Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-11-21, 11:58 PM
          Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-12-21, 08:01 AM
        Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-12-21, 03:26 AM
          Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-12-21, 12:18 PM
            Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-12-21, 06:45 PM
              Re: ليل الغرباء البارد Osman Musa06-12-21, 08:41 PM
                Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-13-21, 08:02 AM
                  Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-13-21, 06:10 PM
                    Re: ليل الغرباء البارد Abdalla Gaafar06-14-21, 08:42 AM
                      Re: ليل الغرباء البارد عبد الحميد البرنس06-14-21, 09:52 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de