♧ أريجا دُعاش و حِزمة نالْ£

لقد شاعرنا الفيلسوف الرقيق و وفَّى بمناجاة وطن
النجوم الحُمر البازغات وأبدع لوحةً بانوراميةً تفوحإحساساً
دفيناً وتوقاً وثاباً وهوًى غلاباً ، و هو المهاجر بعيداً و لكن
استيطانه هناك ردحاً من الزمان ، لم يكن لينسيه أبداً مسقط
حبل سرته الذي ذاق الحياة والمنشأ فيه بنكهة طببعية .

☆يعود بنا إليا كعادته القهقرَى إلى ذكريات مراتع الطفولة
و براطع الصبا و عنفوان الشباب الجميلة ، حيث يوقفنا عند
مشهدٍ دراميٍّ مؤثرٍ، يجسد به صوراً من طفولة يغلبها الطيش
و الشقاوة، طفولة ترعرعت وسط حقول بلاده الشاسعة
وأشجارهاو الباسقة و بلابل دوحها الغريدة.

☆ يرسم لنا صورة الفتى الذي اتخذ من أغصان الأشجار
سيوفاً ، وتبارز بها – لعباً– مع أقرانه ، ويغوص في وحل
الشتاء غير آبه بثيابه ، وبنظرة الناس وسخطهم .

ويخوض في وحل الش  *  تاء مهلهلاً متيمنا( متبشتنا)

لا يتقي شر العيو  *  ن ولا يخاف الألسنا

ولكم تشيطن كي يدو  *  ر القول تشبطنا
☆ حتى يذوب الشاعر حبا لوطنه ، فتندمج روحه
مع وطنه الأم، فيشكلان كياناً واحداً ( أثلحنا رغم
االبني ىوح واحدة في جسدين). فهو قطرة في أنهاره،
وتربة في أرضه ، وبلبلٌ ثداحٌ بأمجاده وخيراته .

أنا ذلك الولد الذي  *  دنياه كانت هاهنا

أنا من مياهك قطرة  *  فاضت جداول من سنا

أنا من ترابك ذرة  *  ماجت مواكب من منى

أنا من طيورك بلبل  *  غنى بمجدك فاغتنى
.

● ويختم الشاعر قصيدته بكلام وحقيقةٍ مُرةٍ ومؤثرةٍ ،
وهي أن الشاعر هاجر وقاسى في بلاد الغربة باحثا عن
الحياة الكريمة ، والعيش الرغيد ، لكن السفر و الترحال
أرهقه و يؤمن بأن لا مناصَ لعرجاءَ من عودةٍ إلى مراحها،
و لكل كلبٍ من الرجوع ليلغ مجدداً في قيئه، و لكل
مرتاد سجون من أن يُعيد الكرة إلى أول مسرحٍ
يشهد اقترافه لأولى جُنحه و جرائمه. فلقد جاب
الأقطار والبلدان فلم يُوفَق لأرحب من داره.