الموقف السياسي الراهن إنتُ شايفنُّه، بالصورة دي، الحقوق الأساسية فيهُ مهدرة.. هي مهدرة في البلاد العربية بصورة أفظع مننا.. لو كان الإنسان ما عندُه إلا أن يختار بين شرَّين، أنا أفتكر نحن السودانيين محسودين على حالتنا الحاضرة.. نحن السودانيين عندنا ديمقراطية، في الدول العربية كلها مافي.. أنا أأكد لكم، أنُّه في إفريقيا كلها مافي.. هسع، وضعنا دا، كناس عندنا فرصة في الديمقراطية، هذا الوضع محسود.. وأنا أأكد لكم، محسود من المصريين، بصورة خاصة.. البلد دا، هسع، انملأ بالمصريين.. أنا أفتكر أحسن نحن نكون واضحين في المسألة دي: في نفوذ مصري كبير، والنفوذ المصري دا ماشي بتغلغُل، وأنا أعتقد أنُّه مهدوا لِهُ الناس، اللي كانوا صنايع لمصر.. كان زمان حزب الأمة هو الدعامة البتمنع النفوذ المصري.. السياسة، في حركتنا السياسية – حركتنا الوطنية لمًا البلد كان مقسوم بين إستقلاليين، واتحاديين – كانت ميول الاتحاديين بدات، الناس المن جيلنا نحن بيعرفوا الحكاية دي، من الإندماج التام مع مصر؛ إلى الوحدة؛ إلى الإتحاد؛ إلى الإستقلال.. المسائل دي اتطوّرت بالشكل دا.. كانت الدعوة إلى التاج المصري الموحد، وكان في حاجة إسمها «حزب وحدة وادي النيل».. وكانوا في الناس، اللي بقولوا أنُّ نحن بينا وبين مصر جدار، نزيل الجدار دا ليتصل الشعب المصري والشعب السوداني، ليكون في وحَدة تامة – في اندماج تام.. الاتجاهات دي كان يقابلها، من الجانب الإستقلالي، أشد النفور من المصريين، وأشد الإتهام لِهن.. والحقيقة، كانت السياسة المصرية واضحة.. في زمن الباشاوات، كانوا بيقولوا أنُّ السودان هو المجال الحيوي لمصر.. المجال الحيوي بمعنى أنُّ أراضي السودان الخصبة واسعة، ومياهه كثيرة، وسكانه قليلين وأقل مهارة من المصريين، وأنُّ عدد السكان المصريين كبير جداً، ومجاله في الأرض ضيق.. فالمجال الحيوي معناه أنُّ الهجرة المصرية من المصريين للسودان هي البتعطي الشعب المصري فرصة حيوية في إستغلال الأراضي الموجودة هنا.. وكانوا، بطبيعة الحال، بيرفضوا أن تكون حكاية السودان حكاية شعب وقطر يستقل.. الحركة الاستقلالية كانت شديدة النفور من الوضع دا.. وأنا الحاجة الأأكدها لِكن، أنُّ السودانيين كلهم – السودانيين كلهم – ما بيفرّطوا في مسألة الإستقلال دا.. كانت في قيادات، القيادات كانت منتفعة.. القيادات، البتتكلم بالصورة دي، كانوا موظفين مصريين تمامًا، وبيتلقوا أموال مصرية.. لمًا جاءت المسألة بتاعة حلايب، لو إنتُ بتتذكروا، مسألة حلايب لمًا دخلوا المصريين وغرسوا البيرق بتاعهن في قطعة من البلاد، في الشمال الشرقي فيها نزاع، عبد الله خليل كان الحاكم، عبد الله خليل أدّى أوامر بالضرب تمام إذا كان ما ينزعوا العلم بتاعهن ويتراجعوا.. واتراجعوا، فعلًا.. في المرحلة ديك، ما كان في اتحادي وإستقلالي – الشعب السوداني كله هبَّ، في غيرة شديدة، أنُّ الأرض دي لازم تكون سودانية، وأنُّ المصريين إذا اتدخلوا، في المسألة دي، يُضربوا..
من ندوة بعنوان « الموقف السياسي الراهن والحقوق الأساسية» بمدينة أمدرمان، 28 فبراي 1969
العنوان
الكاتب
Date
كلام محمود محمد طه عام 1969.. حد يصحى المنصورة مريم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة