Quote: وبعدين يا النذير أنت ما عارف السودانيين لايكرمون الا موتاهم لك تقديري أخي العزيز |
● قسمن عظمن زوزو يا فردة ، لو لم تترك هذه الأيقونة عاليه، لكنت كفيتَ و أوفيت يا جميل يا رايع. و هذا وعدُ حرٍّ في عنقي بالعودة إلى أوكار بوستنا المهجور حيث تصطحبني معك كفتى سيدنا موسى يوشَع (يشوع) بن نون. علماً بأن انزوائي عنه كان لدواعيَ لوجستية و ليس لسوء تقدير لأنه قد نضب نطفُ مدادي أو جفَّ نبعُ معيني. و الآن ضع نقطة و (افتح قوس) .
● فنحن قومٌ ضنيونو الوعد بعطر ثنائِنا إلى يوم تأبين
بعضنا بعضٍ. بل نظل نهجو فتى الفتيان منَّا و نتنكب عثراته إلى أن يكبوَ على وجهه حتين نقوم نذكر محاسن موتانا .
●و دونك شاعرٌ هجَّاءٌ بطبعه، يقال له محمد الواثق ، و قد
تعاهد مسقط راسك و مدفن حبل سرتك بتلاطيش قصائد مقززة حيث أفرد ديواناً أسماه (أمدرمانُ تُحتَضَرُ ) للقذف و التقريع و النيل من محراب الفن و الجمال في قلب بلادي ،
حيث محل (الطابية المقابلة النيل) و العافية التشد الحيل)
و مفرخة الثوار ، وحيث ( بوابة عبد القيوم ) و ( بيت الخليفة) ذلك السور العظيم المشيد من اللَّنِن الأخضر بثقوبه المنتظمة كبيوت الدبابير ، و قد ظل مقاوماً لعوامل التعرية عبر الدهور و جدار صدٍّ لعواتي لجحافل الغزاة الطامعين و كان مجهوداً حربياً بطولياً من لدُنِّ رجال صنعوا أمجاداً تاريخيةً لشموخ بلادي.
● الطابية رمزٌ يجدر بالعناية و قبلة للثوار و هي تقف
مطلةً كما الموناليزا في صمتٍ صاخبٍ و بنظرة شرودةٍ على الشط كأنها تتحرق شوقاً لترتمي بحضنه في يوم فيه ذكرها؛بينما النيل من هنا يلثمها بأمواجه ، و تفرد له أعطاف بانها.
و يا خوفي ، إن صدقت أحاديث كانت تدور و تنذر بإزالة صرحها الشامخ الراسخ في جذوز وجدان أهل السودان و
الذي بزواله إلى أثرٍ بعد غينٍ تكون أم درمان قد تيتمت.
● و للمفارقة ، أننا عثرنا على ردودٍ لا تخلو من طرافةٍ نشرتها صحفٌ سيارة آنذاك، يقول دكتور خالد المبارك في إحداها: (و حينما وزع الشاعر/ اللاواثق من تفسه، الأستاذ بشعبة اللغة العربية بجامعة الخرطوم ، وزع بطاقات الدعوة بمناسبة زواجه غير الميمون ، تساءل بعض المدعوين من ظرفاء قاع المدينة عن الناحية التي تنتسب إليها العروس تعيسة الحظ و جاء الجواب : "إنها من بيوتات قلب أم درمان" فتبسم السادة / الحضور بخُبث لأدراكهم أخيراً لمدى حنكة و بلاغة هذه المدينة الثائرة و ردة فعلها المفحمة على ترهات ذاك الرويبضة، حُطيئة زمانه حين أفتى في شأنها بهجاء موجعٍ . و رغم كل ذلك جاء ود الواثق ، بجرة قلم ليذكرها كما غيرها بكل سوءٍ . و حتى النيل ، سليل الفراديس ، النهر الخالد لم يسلم من زفارة لسانه، إذ يقول عنه:
~ و النيلُ أدْكنُ في سِلسالهِ كدَرٌ**
~ مِمَّا تبولُ عليه الناسُ و الغنَمُ.