رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 06:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-09-2021, 03:30 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)


    أطرق بسمعي، أصيخ، أجتلي ربما أصوات تأتي من بعيد لغير أناس.
    لكائنات من نوع آخر. بدت تحت مظلتي. انتصف النهار. الريح والسراب البعيد.
    تماوج كأنه بخار يعتلي قمة الجبل. ثم يدنو ساري الليل. قمم بنشوة الرمل.
    خريف غافل المكان لأول مرة في التاريخ. عين على الحائط، أ
    سفلها طائر بومة بلعنتها. لا أظن أنها تقصد إيذائي. معزة مدببة القرون.
    أسماك على القاع، تسبح بجوارها بطة كبيرة. الملك جالساً على العرش بصولجانه،
    تننتهي قمته بزخرفة تشبه زهرة لوتس، يرقد تحت قدميه أسد ضخم الجثة.
    حكمة منتزعة من فضول حين تفسر سبب وقوفك أمام ملك كوشي. ذاتك.
    حبيبتك التي فاتت عليها فصول. باذخة في حلمها حتى النهد والثغر والشفاه.
    نافخو الأبواق تحت شجرتهم. أوداجهم منفوخة تُعبيء الأبواق الطويلة الممتدة أمامهم.
    نذر من ليال. ريح عابثة وهائمة. تمر من الشقوق جوار صالة مقابلة للأهرامات.
    أزم شفتى و أفرج عنهما قليلا. متماثلاً مع تماثيل نسوة منحوتات وسط الصالة،
    يردنّ أن يعبرنّ أو أن يقلنّ شيئاً، أو يكدنّ أن يكاشفنني بسر يعرفنه عن (مانيه).
    جدي وحِصانه كفيلان بكشّف كل مستور.
    نحلة عبرت أمامي، عاودت الكّر والفّر. توقفت على وجنتي،
    امتصتني، بشغف صحراوي! لعل وزير من حكومات قبل التاريخ يتبدى،
    أو أن يشهد على هذا العبث! زفاف على الرمل.
    حيرة الريح حين تعجز أن تحدد إلى أين ستسير! فرحة ضياعي في الأودية.
    يا وزير . يا تليد. يا ما قبل التاريخ! نسائي معبآت في الرمل ويعشقنه.
    فجأءة تنبهت لما يجري أمامي. ما هو السر؟ صحراء ونساء،
    ووزير يخرج من كومة الرمل! أين نطاف فضلو باقي، وعادل صغير القوم،
    وشيخ عثمان، ومحجوب الكفيف، سيدة بنت مغبون، مانيه؟
    دعني ألقي عليها نظرة، أبعثرها وألقي بها في اليم،
    قبل أن يولغوا سمومهم في الأفئدة القادمة.
    نطفة أمواج تعلو بنا وتهبط. أكوام هنا وهناك. لا أحد ينادي.
    لا أحد يلفظ أو ينبس ببنت شفة! صمت عميم. شجيرات فارعة بغير ارتفاع.
    أفق ممكن لعشق بلا وجه. غاية كل ليل.
    من يعلو قمة الأهرامات التي أزالها باحثون عن الذهب؟
    أستدير مقابلاً له، الإله الأفعى يتجه ناحيتي. فم الأفعى يحاذي بطني.
    كيف يشهد الرمل أنه ولد هنا؟ دحرجة من القمة نحو السفح.
    أيادينا متشابكة، وكذلك حال أرجلنا! ملوكاً عاشوا بيننا في الرمل.
    عادوا لتوابيتهم الطويلة الواسعة، أسلحتهم متراصفة مع حليهم،
    وذهبهم المفقود. شارة خالصة على الجنوح. مزاج رمل كامل الإشتهاء،
    مثل (مانيه)، تحاول أن تكلمني عبر هاتفي الخلوي.
    قال لي: ستسافر غداً، عرفت من صديقتها، لكن هل يكفي أن أعرف عن طريق ثالث؟
    أنت من بعثني إلى هنا، ونفاني من مدنك.
    خير لي أن أناجي رملي وصحرائي وسر اشتهائي.
    ركضت نحو بقعة تميزت برملها الناصع البياض. جثوت.
    حددت مساحة منه بطول ذراع وعرض ذراع. بعد تربيعها مسحتها بيدي،
    عملت فيها حفراَ متناسقة. إثنتان إثنتان، وخطوطاً عرضية.
    مسحت أولها وثالها وخامسها. بقى من المربعات ما أشار اتجاه الريح. أها،
    ستسافرين شمالاً، ولثلاثة أيام. إحذري الغمام، وتواري عنه.
    ساري الليل يسمعنا، لكنه يمارس عمله اليومي في تضليل القوافل.
    يا مسافرة اتفقنا أن نمشي ناحية النهر، ونبقى بعرينا الكامل حتى الفجر.
    غجريات منحوتات مرقنّ من الصخر، وجِئنّ بلباس زفاف.
    جرينّ خلفنا بنشيد قافلة، أتت من الضفة الأخرى. تاهت في الصحراء.
    أخضر الحلم مثل ملاءة الخريف. بصاق على الرمل يشبه الحناء،
    لا يحتمل أن يجف بخاطر عاشقين. رقدا على الرمل.
    غبار خفيف وسراب أكيد تخالطه شكوك ذروة. ونزوة عاشها الغريب.
    أظنه خرج من الأهرامات، ومن عظمة ناسها حين قال،
    إني عائد بعد ثلاث ليال، فلا تستحمي! لا تستحمي إني عائد بعد ثلاث ليال.
    نطاف صمدت لآلاف السنين، ثم مشت بيننا بنشوة القتل والتصفية.
    نزّت رائحة، قامة بطول نخل هنا. رهبة مثل ليل.
    واتساع بحجم حقيقة أكدتها، شرائط بيضاء، خلفتها محركات نفاثة في السماء.
    مثل نجمين ترفقا في السهر، وتغطيا بالسخام!
    أسترخى قليلا، شعور غامض. لا شعورياً يعيدني إلى (مانيه).
    امرأة أربعينية، بيضاء، قامتها أقرب للقصر منها إلى الطول،
    كانت تدرس قبلي في معهد البوليتكنيك.
    أمشاج صبرت على نزوة أصابتها قبل ثلاثة آلاف عام أو يزيد،
    ثم قبل ثلاثة عشر عاماً، كالت لي غنجاً مفاجئاً عبر هاتفي النقال.
    مدخنة بالطلح. متوارية في دخانها. لعقتني حيناً ثم عدت إليها.
    لم نجد مكاناً للإستضافة والمبيت. زوجها مصاب بالفصام،
    يلّعقها في أشد حالات الجوع، حتى تصاب بالوهن. هكذا قالت،
    ثم ماذا إذا كانت تأتيك حصتك كاملة من المتعة،
    وتمتلكين مخبأ يحتوي رجليك حتى الصباح! يا عواليق.
    هكذا ردت ثم أردفتها بضحكة خبيثة، تعلن عن استمتاعها بهذا الحديث.
    أنت تعرف أن الرجل عندما يبلغ الخمسين من العمر،
    يصاب بالارتخاء، ثم لا يقوى على المعاشرة. صحيح أن له خبرات أجنبية.
    كان متزوجاً من فتاة هولندية، ليكمل بها أوراقه
    وأظنه سئم انتظاراً للحصول على جواز سفر هولندي، ثم كرّ راجعاً إلى الديار.
    قالت : تعال، لنتقابل في السوق العربي، وسط الخرطوم،
    جوار شارع الحرية. هكذا جاءت بطفلتها الصغيرة.
    كانت نسخة كربونية من أمها، وأظن تماثلهما في كل شي عدا المؤانسة!
    ساعات تلو الساعات. مكالمات طويلة ومرهقة. لا مكان للقاء.
    عيون مبثوثة فوق الغرائز، وفوق أي شيء يصدر صريراً.
    لم يدع فراغا إلا وشغره بالعسس. حديث الهاتف هو السلوى الوحيدة،
    لها ولي. نزوة كأنها معلقة على حبل غسيل، تجف ثم يجيئها البلل،
    من ذكرى نزوة أخرى!
    أتذكرها قبل عقد ونصف من الزمن، كنا ندرس بمعهد البوليتكنيك.
    تداوم الحضور بإسكيرت مُتماوِح اللون. تحته ساقان بضان،
    كانت لا تسلم من تحرُّش طلاب قسم الرسم، وطلبة نهائي قسم التصميم ،
    لكنها كانت تعاود مقراتهم. لا أدري هل كان ذلك تصوري العفوي،
    قبل أن أشب عن الطوق؟ في إحدى المرات جاءت أختي الكبرى لزيارتي.
    ودخلت من البوابة الشمالية التي تقابل قسم التصميم الصناعي،
    ملفوفة داخل ثوبها الأبيض الذي يشي بأنها مُدرسّة.
    جلست مع أختي في مدخل الزقاق المجاور.
    يأتي الطلاب لاحتساء الشاي والقهوة، ولعقد مقابلاتهم،
    وهرباً من جو محاضرات طويلة ومُمِلّة، ومكان ميلاد علاقات جديدة بين الطلاب .
    أتت مانيه من بعيد، ساقان بضان عاريان تحت إسكيرت قصير.
    تعللت بصداع شديد. نظرات أختى تحولت ناحيتي.
    ربما لاحظت شيئاً، لكني لم أنتبه. جلستا معا بتناقض أزيائهما.
    أسرعت بإحضار أكواب الشاي. أظن أختي فهمت شيئا لم أفهمه!
    والغفلة صنعت مني ناشزاً وغافلاً ومضيعاً للفرص.
    وأظنها بعد ذلك التاريخ، أضمرت لي نزوة جياشة،
    وأظن الرمل تعمد أن يفتح ملفها المتقادم، وأن ينكأ جرحاً!
    تسأل لأي مدى كانت العلاقة عامرة.
    ثم جاء يوماً تقابلنا في ناحية السوق الشعبي،
    ركبنا حافلة مُرّهقة ومُهترِئة، من قِدّم الموديل والسمت وانشغال الخاطر.
    ذهبا إلى أطراف أم درمان، تقابلا مع فتحي شريف في سوق صابرين.
    تلّون وجهها فجأة. قالت إن معه شخصاً آخر.
    أمهليني برهة حتى أتعرف على الشخص، ومن بعيد جذبت نفساً إسترخائيا.
    ومن المرة الأولى استراحت لفتحي. توجست من مرافقه الآخر.
    هذا الآخر يمكن أن يكون من شرطة النظام العام.
    -أبداً، لن يكون. ذلك الشاب جمعهما عمل مع فتحي شريف،
    زميله في الحزب، بصدد توزيع منشورات داخل سوق الطارفه،
    وأظنهما تقابلا مصادفة. وسيغادر. ثم ركبنا ثلاثتنا دراجة ريكشو.
    غابت بنا في أزقة حارة شعبية. بقالات تعرض خبزاً وأكياس فحم نباتي،
    بائعيها بملابس رثة، ونظرات زائغة. مررنا بدكان فضلو باقي،
    كان يتكيء على عنقريب قصير. وحاج الماحي يجلس على كوم الرمل،
    أمام البقالة. تقدمنا فتحي إلى منزل أخته الغائبة، فتح بابه،
    ناغم جيرانه من أعلى الحائط، وترك لنا سانحة أن نختلي
    -الشرطة ستداهمنا، وبعدها أين سنذهب؟ لا أبداً الشرطة لا تأتي هنا.
    - (خلاص.. طيب أسرع وخلصنا، قبل أن يعود شخص ما).
    -(لا تقلقي، فتحي صديقي. أخته سافرت لكي تضع مولودها في ولاية الجزيرة.
    لن تعود اليوم بأي حال. لا. لن أطمئن. أنت فقط أسرع).
    أسرعت وأسرعت. وضع يستحب فيه الهدوء. تهادن نفسك ولا خوف.
    ثم أحطت كومة اللحم. استلقت. صعدت كومة الرمل.
    أقبض ما تبعثر، وأتحسر على انتظار استمر عقداً ونصف من الزمن.
    من خيبة مؤجلة، وواجب تدعو له لحظة مغايرة. فحولة وإغواء.
    ثم ماذا؟ جذعها ممتليء، وصدر كأنه تم تركيبه حثيثاً.
    بدت مثل نساء هاييتي، في رسومات (جوجان). ممتلئات وجميلات.
    لا يخشين مسغبة، وواثقات في الإرواء والهزهزة.
    تمددت في الأفق والوسادة الناعمة. تطلبني بالإسراع.
    أن إنهِ هذا الأمر. أنامل مرت على وتر مهتز، زادته توتراً.
    قوس يزمع للانطلاق. خوف انتقل لضفة أخرى. كانت نهايتها توقعاً.
    رغوة هامدة. فاكهة أطاحت بكل كأس. سريعاً.
    دفق ماؤها تربّص بثيابي، لدى تلك القيلولة.
    عدنا بنفس الطريق. بعدها ابتسمت. لم نكمل المشوار.
    ها نحن تمنيناه على التلة. أقبض حفنة الرمل.
    أفرغ فيها شحنات الحماسة كلها.






                  

العنوان الكاتب Date
رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-27-20, 01:03 PM
  Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-27-20, 01:45 PM
    Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-27-20, 04:04 PM
    Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-28-20, 03:49 PM
      Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar12-30-20, 01:01 PM
        Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار Osman Musa12-31-20, 05:48 AM
          Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-03-21, 04:56 PM
            Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-03-21, 05:06 PM
              Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-05-21, 09:12 AM
                Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-07-21, 10:32 AM
                  Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-09-21, 03:30 PM
                    Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-13-21, 03:35 PM
                      Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-17-21, 11:08 AM
                        Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار النذير بيرو01-17-21, 12:29 PM
                          Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-19-21, 05:28 PM
                            Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار mustafa bashar01-23-21, 02:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de