|
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)
|
وعلى الطاولة وجه أبادماك. الإله الأفعّى. يُدير وجهه ناحية الحائط، مقابلاً عازفي الأبواق الطويلة. طاولات هنا وهناك. مناغاة لرمل ولسماء بازخ النجوم. كان الوجه يخرج من جموده، يعطي نفسه روحاً وإسماً. يرقص ويتمايل، يخلق صخباً، يتجمع المارة ليروا ماسبب الجلبة، يرتد الوجه إلى صخره، كأن ذلك لم يكن. هل أنا الآن أرمح في فضاء غرفة جدي، أم تحت سرير والدتي، ياساري الليل. جاءت رسالة لهاتفي الخلوي: وقتاُ سعيدا لك، أستمتع بسحر الظلام الصحراوي، وأنا سأغرق في ظلام صحرائي. مودة غامرة. ساري الليل يغرق في الرمل. يترك القوافل حال سبيلها. لا أظن. يترك مهنته ويغرق في الرمل؟ ماذا دهاه؟ شاهد وحيد على صحراء. أنا الغريب دائماً. غربتي في حقيبتي وملابسي وإحتمالي. نطق الغيب قبل أن يولد التاريخ! عدت والأنواء بازخة الحلول، والليل ساج. تأملتها فسحة من االزمن. فتحت كوة نحو الليل. عواء ثعالب بعيدة، وبنات آوى قبل الفجر. من أرق صباحي. مثلي. ضاع الفجر فجأة وإنمحت قسماته. جاءني صوتها دافئاً مثل حليب نوق بشارية. من يملك دعوى أن يناديك أو يناجيك؟ يداك مثل رجلاك. منفتحتان على طاقة الآخر. نشوة درست على ثبات عميق. حينما نزل الليل علينا، لم يعيرنا إلتفاتاً. كنا بزاد قليل، ومرؤوة كبيرة. طفحنا من قاع نشوة بعيدة. كانت أستجابات متماثلة في الإهتزاز الرعشة، والإنكفاء والقوقعة. كانت ماردة متوفذة، غورها أبعد وغنجها إستوائي. مثل مطر الجنوب. إمتصني برحيقي كاملا! -لا. لن أترك منه شيئاً. أمتص لسانك وعنقك. نحرك يتفصد عرقاً. همست. إنت قايلو ساهل الشيء ده؟ إمتطينا صهوة الريح إلى جانبها الآخر. على يميني أحيانا، وأحياناً على يساري. أكاد ألمها، لكنها تنفّلِتُ مثل بالونة معبأة بغاز وبيل، أو مثل كرة ملونة إرتدّت على سطح ماء. ترعشني، أعود. ألاحق أنفاسها. تعطبني. تتلفني. حتماً ستقتلني يا هذا الشيء! - لم نسمع أن أحداً هناك قُتِل. النشوة أسمى من القتل. قتلٌ أسّمى من النشوة، هكذا يقول عادل علي الحاج. رغوة جاثمة على فوهة كوب. فحولة أشعلها الليل وتوارى عند الصبح. لاح الأفق والصحراء والرمل الممتد. تتحسسني بكاملي على الجنب. مثل مهرة تلعق فلوها عقب ولادته. بنطالك من قماش خشن، حزامك من جلد بقر وحشي. وحشي أنت في كل شيئ. الطراد. القبلة. الحضن. وحشي أنت حتى في حزامك وأناقتك. أحبك أنت لأنك وحشي، ولا تغفر لي خطائي. وكأن عطرها البري يلاحق آخر أنفاس لخيوط فجر صحراوي، أنهكه الريح العابث. ريح مار عبر فرجة نافذة، طلاء صفراوي باهت على الحائط. فجأة لاحت مودي. ياساري الليل. بعد مساء طويل كنت أظنكما معا. حبيبتي ساعة الإصغاء. حسها يرسف تحت سطوة أغلال آسرة. سماء ربيعي إنعقد فجأءة. عشق لرمل صحرائي وظمأئي. إحتضنتها بين جدران كثيرة. كانت تشهق بلا إنتهاء. أرخت لقميصها الأزرار. أبانت مسارباً الضوء، ومكامن لأنس أناملي. ساعتها. غابت عني أشياء كثيرة. أبدلت حسنها بزيء وردي خالص، مثل طلاء أظافرها. ناعم القسمات. حركت يدها في أفق خالص. ما لامسته. إغماض المسافة الباقية لايكفي لإشعالي. حنيني كان أكبر. وجنونه كان أشدّ! لقيت أحداهنّ نجت من الموت، لكنها لن تنجو مني. كان عادل علي الحاج يدلي بشهادة خلتها صادقة، وأعينه تتراقص أمام حبل مشنقة. كما تُدِين تُدان. همس تغلغل في مسامات، عجزت أن أسدها بشييء وولعي. ساكنة مثل الصحراء التي تحبها. مثل تصاوير على حائط. أطباق من جذوع نخيل، مترامية على الحائط الجبصي. طاولات ستة فارغة، هل كانت لجنة أمن القرية تجتمع هنا دون علمي؟ إلى زوار جدد يجيئون قريباً. عشق يأتي بناسه، نسوة الحائط يلعّقنّ ويتلمظنّ، يرطبنّ شفاههنّ، من مريسة التايه. طبقة أخرى فوق طلاء أحمر، وردي يطابق زيها. تتناغم هسهسات يزجرها نسيم متمارض، حلّ على غير عادة الطبيعة هنا. نسوة متراصات أمام منضدة، منحوتات بكامل زينتهنّ. محفورات على الصخر. أثدائهن عامرة بالحليب مثلما تبدو. شاهقة العلو على طبيعة جاثمة تحت أقدام لليل. كانت خيولنا تصهل، وسيوفنا تُفني، وبنادقنا تُرّعِد، وغنائمنا تسد الأُفق.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 12-27-20, 01:03 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 12-27-20, 01:45 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 12-27-20, 04:04 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 12-28-20, 03:49 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 12-30-20, 01:01 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | Osman Musa | 12-31-20, 05:48 AM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-03-21, 04:56 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-03-21, 05:06 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-05-21, 09:12 AM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-07-21, 10:32 AM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-09-21, 03:30 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-13-21, 03:35 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-17-21, 11:08 AM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | النذير بيرو | 01-17-21, 12:29 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-19-21, 05:28 PM |
Re: رواية(عشب لخيول الجنجويد)-(2) مصطفى بشار | mustafa bashar | 01-23-21, 02:42 PM |
|
|
|