|
محنة العقل التخيلي ل "عبدالقادر" في واقع الازمة الوطنية
|
10:16 AM October, 18 2020 سودانيز اون لاين محمد حيدر المشرف-دولة قطر مكتبتى رابط مختصر
https://medameek.com/؟p=22271https://medameek.com/؟p=22271 مداميك مقالات - 18 أكتوبر 2020
محنة العقل التخيلي ل "عبدالقادر" في واقع الازمة الوطنية
محمد حيدر المشرف وكان أن كتب عبد القادر آخر عن عبد القادر المقصود في العنوان بان الأخير قد قام بالاعتداء المباغت على اصل الحلم الذي قد حلم به في البدء.. وعبدالقادر الآخر هو عبدالقادر الكتيابي الشاعر المدهش (صاحب لمحتك و رقصة الهياج) , وكان ذلك في معرض نوستالجيا كتابية جميلة حول تلك القصة التي خلبت الباب طفولتنا. تلك القصة التي اكتشفنا لاحقا انها ليست الا سودنه لطيفة لقصة معروفة بعنوان (الراعي وجرة السمن) ولكن، وبالرغم من انف هذا الاكتشاف المتأخر، الا انها ظلت قصة عبد قادرنا كما حوتها ذاكرة طفولتنا من اضابير الكتاب المدرسي (ليت القراي يعيد للكتاب المدرسي ذاك الرونق الجميل) القصة تحكي عن عبد القادر الذي تمادى به الحلم ليتحول ما بين يديه من مجرد جرة سمن يتيمة الى (مراح) من الانعام و (مزرعة سعيدة) وأطفال مشاغبين يعاقبهم بعصا المحنة الافتراضية التي ما ان طوح بها حتى كسر جرة السمن (أصل الحلم) واختفى كل شيء .. تماما كما عنوان رواية اغاثا كريستي “And then there were none”
طافت ذكرى عبدالقادر بخاطري وأنا أقرأ في تفاصيل المشهد السياسي الوطني في السودان بقلب مثقل. في محاولة لتبيان الاسباب الجذرية لحالة الاخفاق التي نعيشها اليوم. وهي اسباب جذرية عديدة دونما شك ولها متعلقات كثيرة مفهومة جدا ذات صلة وثيقة بطبيعة النظام السابق وطبيعة المرحلة وطريقة التغيير السلمي وأوجه قصوره الذاتي الذي قادنا في نهاية الامر للساحات المحيطة بالقوات المسلحة ومن ثم قادنا لما وصلنا اليه من اتفاق سياسي ووثيقة دستورية تؤسس لشراكه مع المؤسسة العسكرية. تلك اسباب مفهومة بيد انها ليست الوحيدة .. هناك اسباب متعلقة بنا ولا يجب ان يشكك انسان في ذلك. قصورنا وأخطاءنا وفهمنا الخاطيء لطبيعة المرحلة الانتقالية وفشلنا في اداراة صراعاتنا الداخلية كقيادة سياسية للمرحلة الانتقالية تعمل تحت اطار تحالفي عريض ومتباين بالضرورة مع حتمية الحفاظ التام على هذه القيادة السياسية وبشكلها التحالفي لكونها القيادة المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية كممثل لثورة ديسمبر المجيدة. نحن في أمس الحاجة لتفعيل البراغماتية والواقعية المنهجية في تناول وتحليل معضلاتنا ومآزقنا الوطنية. كانت ثورة ديسمبرا حلما يسري في عروقنا منذ ما تفتحت عيون جيلنا على هذا الوجود شبابا يافعين في جامعاتهم او كنا نخطو أولى خطواتنا العملية ما بعد الجامعة في بداية التسعينات.. وكان حلما بعيد المنال لولا ان انجزه في برهة من السحر الوطني الخلاب شباب هذا الوطن من دون اهمال فعل التراكم.
وبصورة واقعية جدا آلت مقاليد الثورة لجيلنا والاجيال السابقة لنا لاعتبارات طبيعية جدا تقتضي تطور شخصية الانسان بامتداد العمر وتراكم الخبرة والمعارف ومن ثم التدرج في الهيكل الوظيفي او الحزبي او كان ذلك في أي شكل من اشكال العمل العام. فحملنا الأمانة والمسؤولية التاريخية وعثنا فيها فسادا فكريا واداريا وسياسيا لا اول له ولا آخر. اقبلنا على تحمل مسؤولية وإدارة هذه الفترة الانتقالية بطريقة "اهل الكهف" عندما خرجوا من كهفهم اول أمرهم. بعيدون جدا عن الواقعية والبراغماتية وفنون الإدارة. ولقد كنا افرغ من فؤاد ام موسى في الحنكة السياسية ومفاهيم إدارة الدولة وفنونها واساليبها خارج اطار ردود الفعل المعارضة والناقمة والتي تحركها معاني كالوطنية والإخلاص لوجه ذلك الوطن, ولكن يقعدها الواقع والفاعلية في المجتمع.
وللسياسة والأحزاب السياسية وظيفة مجتمعية لا غنى عنها في المجتمعات اذ من شأنها أن تحول الكلمات واحلام الوطنية للملايين من أبناء الشعب الى واقع حي ومعاش. فاحلام المدنيااااو معقودة على نواصيها شئنا أم أبينا بموجب الأمر الواقع والوضع الدستوري ولكن. كانت قحت، وكان الفشل .. ثم اختفى كل شيء . ِ “And then there were none”
أنجزنا وثيقة دستورية واتفاق سياسي لم يتضمن الغايات القصوى ولكنه كان, ولازال, يتيح ذلك بصورة مشروطة, والشرط في متناول يدنا وليس بعيدا عنها, ان نتحد ونتفق ونتآزر ونرتقي لجلال ثورة ديسمبر المجيدة لانجاز فترة انتقالية ذات اهداف محدودة لخدمة التحول الديمقراطي.
مجرد تحول ديمقراطي نحو تحقيق اهداف الثورة الكلية بوسيلة ديمقراطية وتهيئة ماعون الدولة لذلك.. مجرد تحول ديمقراطي ومجرد مرحلة انتقالية لا تحتمل أي حمولات ايدلوجية راديكالية حزبية. ولا يفترض بها ان تقيم اشتراكية راسخة او نيوليبرالية عنانها السموات العلى او اسلاموية طائفية ذات امتيازات تأريخية. لا يوجد مسيح في الثورة السودانية صلب على صليب الإنقاذ وقام فينا من جديد كي نقدسه ونقيم مملكته في سماء الثورة. لا يوجد تفويض في الانتقال غير تفويض قحت بيمنيها ويسارها وبين بينها.
لا تفويض لعبدالقادر الطائفي العريق يحلم باستعادة ذات الظروف التاريخية لانتخابه القديم مثنى ويريد الثلاث والرباع. تلك معطيات سادت ثم بادت ويجب القبول بالواقع الراهن والالتزام ب "الحذيه" اذ لا وجود لامتيازات تأريخية او شرعية موروثة او إعادة ترتيب الانتقال لمصلحة اشواق الإسلاميين وبزوغ نجم الوسطية الإسلامية على انقاض ذاتها. ما لهذا قامت ثورة ديسمبر لا تفويض ل "عبد القادر" المحوري ليغازل باشعارنا أمارات الخليج وتلك المحاور والدوائر التي لا ناقة لنا فيها ولا جمل.
ثم ولا تفويض للزميل عبد القادر كي يقرر حلمه فينا (وفي زجاجة سمننا) كما يشاء. ويسرح بخياله كما يشاء. ويبدع ميزانية عامة بناء على تاميم شركات الاتصالات التي لم تؤمم بعد, ومصادرة الشركات الأمنية التي لم تصادر بعد, ثم يحدد الخط السياسي لقحت على خلفية اعادة هيكلة قحت. وقحت لم تتهيكل بعد, وتجنح خيالاته بإعادة ثورة لا يملك ادوات اعادتها بعد, وبناء على التفويض الثوري الجماهيري الذي لم يوقع بعد, وبخلفية هزيمة العسكر الذين لم يهزموا بعد, وبإعادة مفاوضات السلام على أسس سليمة ومسارات مختلفة لم ترسم بعد, وبتصورات ايدلوجية بمسؤولية كونية حول هزيمة الليبرالية والامبريالية العالمية ودولار الاسطول السادس وإدارة صراع وجودي مع مؤسسات الرأسمالية من بنك دولي وصندوق نقد وديوننا لم تنزل عن عتبة ال 50 مليار دولار بعد. وهذه العقوبات الاقتصادية تلقى بنا خارج الزمن الاقتصادي العالمي الراهن لمراحل انقرضت من التاريخ الإنساني والنشاط الاقتصادي وما زال الزميل عبدالقادر مع الرفيق البعثي عبدالقادر والرفيق الناصري عبد القادر يحلمون بتحرير القدس ومساندة حركات التحرر العالمي هنا وهناك.
كل ذلك في غضون فترة انتقالية من نظام آحادي شمولي لنظام ديمقراطي تعددي تخضع موازين القوة فيه للشعب السوداني باطيافه الواسعة والمتعددة. ويريدون من مجرد زجاجة سمن تشاركية لا تخص أحدا وتخص الجميع ان تتحول وفق عبد قادرهم وبقدرة قادر الى "مراح" من اغنام الايدلوجيا. لا تكسروا زجاجة السمن .. ففي نهاية الامر, لا يمكنكم شراء جرعة دواء او حتى قطعة خبز باسماك لم تصطادوها بعد؟.. والشعب يريد قطعة الخبز وجرعة الدواء كي لا نمضي في طريق ثورة الجوع, ثم يختفي كل شيء.
|
|
|
|
|
|