خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 06:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-05-2020, 03:35 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه

    خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه

    يدور هذه الأيام كثير من اللغط حول مفهوم العلمانيه والدوله المدنيه ، نامل أن ينتهي باتفاق حد ادني يمكن السودان من تحقيق السلام .
    اتحفظ وكثيرا علي ما يعتقده البعض من ضروره اعتماد مفرده علمانيه بديلا عن مفهوم الدوله المدنيه ليس فقط بسبب ما يحدثه وضع علمانيه مقابل دوله مدنيه من استقطاب وخلاف . بل واتحفظ علي تمسك البعض بمفهوم ( توطين العلمانيه بالسودان ) و اتفق في المقابل مع ما جاء في تأملات المفكر الكندي شارلز تيلور في كتابه " عصر علماني" A Secular Age
    في ان رؤيه العلمانيه او عمليه العلمنه علي انها فصل الكنيسه عن الدوله واغتراب الحقيقه عن السلطه وصعود الشك والعالميه ، هو غفله عن الجانب الأعمق والأكثر ديمومه في الدين والروحانيات. وفي نظر المفكر الكندي أن حصون الإيمان بالكاد تاكلت بفعل التقدم العلمي والحداثه. ويحاجج ضد الفرضيه المنتشره التي تفيد بأن انتشار التطور و الحداثه قد جاء علي حساب الإيمان الديني وان الآفاق الشبيهه المرتبطة بالتدين، قد تاكلت وتركت عقولا خاليه من الإيمان والتقوي. ويقول الصحيح هو أن الحداثة الغربية بما في ذلك علمانيتها هي ثمره لاختراعات وادراكات ذاتيه جديده وممارسات مرتبطه بها لا يمكن تفسيرها او فهمها اطلاقا علي انها سمات دائمه للحياه البشريه. حتي التفريق القديم بين ماهو مقدس وما هو مدنس قد أخذ معاني جديده في كتاب "عصر علماني". وبدلا عن أن يختفي الله ، قد صار يباركنا في كل مكان في حياتنا العاديه وفي زواجنا ومناسباتنا المختلفه . حتي الفلسفه في تقديره ، صارت نوع من التقديس والمباركه للعقل والاراده. ويعيد علينا ما اقترحه ديكارت والمفارقه التي ذكرها في حقيقه انه برغم من اننا كائنات عاقله، ألا اننا ظللنا نطالب بأن يحكمنا سبب reason هو بدوره مرتبط بالإرادة will . ويذكرنا كاتب " عصر علماني" بحاله العزله الفخوره ب ( الانا) عند فرويد كمثال لحقيقه مشاعرنا الداخليه التي تطالب بأن نحتكم ولو جزئيا الي ديانه رسميه.
    كما نبه الي أن وليام جيمس في " أنواع الخبره الدينيه" قد تحدث عن كيف أن الإنسان أينما وجد فهو يحتاج الي ايمان تتحكم فيه الاراده.
    وقد كتب شارلز تيلور استاذ الفلسفه الفخري بجامعه مقيل بمدينه مونتريال الكنديه McGill University، أن الاعتقاد بسلطه العقل والسبب او قدره العقل الذاتيه وحدها في اناره الطريق للانسان ، هو مجرد ثقه مفرطه ومكلفه جدا ، في عقل وأراده الافراد. فمن الصعب علي ديكارت مثلا الانفكاك من الاعتقاد البروتستاني الكالفاني بأن قوه الاراده، وليس التحكم في شهوات الجسد، هي التي تبقي مرتبطه بخطايا الجسد.
    وبينما يري فرويد أن الدين مجرد وهم لانكار الموت، فإن جيمس يعطينا الحق في الإيمان وليس بالضروره أسباب ذلك الإيمان.
    حاجج المفكر الكندي تيلور وبشكل مقنع بأن "العلمنه" لم تقتل الدين في دواخلنا لان الأعماق الانسانيه تمكنت من البقاء كقيم روحيه.
    يظل اعتراض شارلز تيلور الأساسي في كتابه " عصر علماني" الذي فاقت عدد صفحاته الثمانمائه، على العلمانيه يتمثل في فكره أن الحداثه والعلم والديمقراطيه قد تقدمت في الوقت الذي سجل فيه الإيمان بالله والروحانيات تراجعا مستمرا. فهذا القول يغالط الواقع ويري تيلور أن الله مازال موجودا معنا إذا نظرنا الي الاماكن الصحيحه وفتحنا عقولنا علي الاستفسارات الأخلاقية واصغينا الي احاسيسنا الجماليه بدلا عن اعتبار أن اللاهوت التقليدي هو البوابه الوحيده المفضيه الي الدين. ويري أن الحياه بدون ايمان هي حياه تفتقد الي المعني.
    يسجل تيلور إعجابه ب ما بعد الحداثة لان بعض مفكريها لا يثقون في الفلسفة بقدر ثقتهم في قدره اللغه علي اقناعنا باحتمال الإيمان الديني.
    بل يتحدث بعض رواد ما بعد الحداثه عن " نهايه الفلسفه" لانها ما عادت قادره علي تقديم أي معرفه للعالم المستقل في علاقته بنا - عن الشيء الموجود هناك - والذي يدفع من قوه وقدره بعيده عنا . ويضيف، حاليا نعيش في ظروف تجعلنا نشك في أن ما نعتقده يظل متأثر بمصادر خارجيه عن النفس وأسبابها. نحن نخضع لقوي غريبه عنا ، الشيء الذي يجعلنا كثيري التوجس من ان لآخر. نتلفت باستمرار يمنه ويسره لأننا نعيش ايمان ديني مليء بالشك وانعدام الطمأنينة واليقين.
    وهنا يتساءل تيلور : هل انتهي الدين فيما يتعلق بهذا الشك المستمر في معاني الوجود؟.
    و يعتقد انه وبعكس من يفترض أن تطور العلوم خاصه التطور البيولوجي قد وضع الدين في متاحف التاريخ، فأن تقدم العلوم والحداثه قد فعل العكس تماما ، بمعني آخر انه عزز قضيه التدين، لان الله أصبح متضمن في الوجود الاجتماعي حيث التأملات في معاني الحياه تستوجب القول أنه يوجد شيء ما الهي بداخلنا. فبالنسبه لتاملات تيلور في كتابه " عصر علماني" إن الإيمان الديني ليس ما يتوصل اليه العلم بقدر ما يامل التدين نفسه في تحقيقه. ولذلك وفي المنظور الأكبر لتاريخ الفكر ، فإن صلاحيه الإيمان الديني لا تستند الي الصراع بين العلم والدين بقدر استنادها الي مفهوم التقوي ومفارقاته. الله العليم القادر الغير معني اطلاقا بأن تكون مخلوقاته علي علم بنواياه، وبحسب تساؤلات فردريك نيتشه، هل يمكن أن يكون هذا الإله معني بالصلاح؟
    مثل هذه التساؤلات لا تهم تيلور الذي يبدو أنه لا يحفل كثيرا بها، او بطرق الله وأساليبه في هذا الكون ، ويحاجح بدلا عن ذلك بالقول إن الدين لا يحتاج الي تبريرات فيما يتعلق بمدي ارتباطه بالخير والصلاح. بينما يعتقد البعض بأن العلمنه ضروريه في ترسيخ قيم التسامح وقبول الآخر ، فإنهم يغفلون عن حقيقه انها تشكل خطوره علي القيم الدينيه التي توفر للانسان حمايه من اغراءات النفس وشهواتها.

    جانب من ترجمه جون باتريك الخاصه بالتعليق علي كتاب " في عصر علماني" لشارلز تيلور الذي صدر في العام ٢٠٠٧م.
    طلعت محمد الطيب

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 09-05-2020, 03:54 PM)







                  

09-07-2020, 11:46 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه (Re: طلعت الطيب)

    خواطر بشأن العلمانيه والدوله المدنيه ( ٢)

    كنت قد تطرقت في الجزء الأول من المقال عن معني انحيازى الي مفهوم الدوله المدنيه مقابل علمانيه لما يسببه تبني العلمانيه من خلاف يمكن أن يعيق مسيره السودان نحو السلام في واقع إقليمي ملىء بالتحديات.
    ثم انتقلت الي عرض او عمل ترجمه بتصرف لكتاب " عصر علماني" في تقديم كان قد تم باللغه الانجليزيه للكتاب الذي صدر قبل أكثر من عشر سنوات للكاتب الكندي تشارلز تيلور. كان الغرض من نشر التقديم الاطلاع علي المفاهيم التي تسود عالمنا اليوم فيما يتعلق بهذا الموضوع الشائك( موضوع العلمانيه والدوله المدنيه).
    انتقل اليوم الي عرض واقع الأمر في دول اخري تطبق التعددية الديمقراطيه يمكن أن يعطي القارئه والقاريء فكره عن الممارسه الفعليه التي تتم في عالم اليوم والتي يمكن ان توضح أن تبني العلمانيه ليس بالخيار الحكيم.

    في ١٦ يونيو ٢٠١٩ اجازت الجمعيه الوطنيه أو برلمان محافظه كوبيك الفرنسيه بكندا مشروع قانون رقم ٢١ والخاص بمنع الناس من ارتداء رموز دينيه أثناء العمل. وهذا يعني منع النساء المسلمات من ارتداء طرحه أو حجاب.
    الحوار الذي صاحب مشروع القانون تسيده الاعتقاد السائد بأن ذلك سيحرر المرأه المسلمه من القمع والوصايه المفروضة عليها من قبل الرجل وكذلك المحافظه علي ( القيم العلمانيه) بمحافظه كوبيك.
    كان القرار قد فاز باغلبيه ٧٥ صوت مقابل ٣٥ والذي وصف بأنه تدخل واضح في شئون الافراد، وان الأمر يوضح مدي زيف القول بأن العلمانيه تقف علي مسافه واحده من جميع الأديان وبأنه ادعاء غير دقيق، لان معتنقي الديانه المسيحيه يشكلون ٨٢ بالمائه من سكان المحافظه وأغلبهم كاثوليك ( ثلاثه ارباع) .
    اعترض علي القانون حينما كان مشروعا Bill كل من الرابطه الكنديه للحريات المدنيه ومجلس مسلمي كندا ولكن المحكمه العليا رفضت الاستماع الي شكواهم . تلك الشكوي اعتبرت أن القانون لا يخلو من شبهه العنصريه discriminatory وهو يستهدف النساء بشكل خاص وانه قد خلق أوضاع صعبه وخلافات غير مبرره unnecessary hardships and divisions وغير ضروريه للأسر المسلمه التي تعيش في محافظه كوبيك الكنديه .
    هذه التجارب توضح أن العلمانيه حينما تصبح ثقافه ربما تتحول الي غول يغتال الحريات المدنيه وحقوق الافراد ، وان ادعاء الحيده تجاه الأديان البرىء في ظاهره قد يخفي مشاعر وميول هيمنه علي الأقليات الاخري ومصادره قيمها وممارساتها التي ترتبط بهويتها. أتيت بهذا المثال لتأكيد وجهه نظري التي تقول بأن تبني العلمانيه فوق انه غير مقبول لغالبيه شعبنا، فإنه كذلك ينطوي علي قدر كبير من الوصايا والقمع للأقليات وقد يسفر عن تعديات غير مبرر علي حقوقهم وحرياتهم المدنيه.

    طلعت محمد الطيب
    محافظه أونتاريو- كندا
                  

09-10-2020, 01:02 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه (Re: طلعت الطيب)

    خواطر بشأن العلمانيه والدوله المدنيه ( ٣ )
    في الحلقه السابقه تناولت مثال من التجربه الكنديه تمثل في منع النساء المسلمات من ارتداء الطرحه او الحجاب في محافظه كويبيك باسم العلمانيه، منبها الي حقيقه ان الخطا ليس في تطبيق العلمنه بل في فكره العلمانيه نفسها كثقافه تميل الي تجفيف منابع التدين والممارسات المرتبطة به بقدر الإمكان . اواصل ما انقطع من حديث في الحلقه الأولي والذي كان يدور حول الأفكار الوارده في كتاب شارلز تيلور " عصر علماني".
    لاحظ جون باتريك في تقديمه لهذا الكتاب المهم، أن كلمه التحرر من الوهم او التحرر من السحر disenchantment المنسوبه الي المفكر الألماني ماكس فيبر Max Weber قد تكررت كثيرا في الكتاب . وكان فيبر يري أن عصر التنوير الذي تبني السبب reason بدلا عن التقليد tradition الذي كان سائدا في العصور الوسطي، هو المسؤول عن صياغه عقلانيه الحداثه التي تسود اليوم لان الذكاء البشري لم يتم استخدامه من أجل الوصول الي قاع الظواهر والاشياء بغرض معرفتها، ولكنه استخدم لتنظيم الحياه من اعلي الي أسفل عبر اشكال وتراتبيه وتخصص وتنظيم وضبط. هذا التحرر من السحر والخيال disenchantment قد ترك لنا عالم ممل وروتين تسيره القواعد واللوائح اكثر مما تقوده الأفكار اوالخيال الخصب وهي عمليه تمخضت عن بيروقراطية يديرها اختصاصيون متبلدي الاحساس بلا روح، وطالبي لذه دون قلب. وهو وضع وصفه فيبر ب "الاقفاص الحديدية للعالم الحديث".
    ولأن آفاق ماكس فيبر كئيبه فقد ازاحها تيلور جانبا لمصلحة رؤيه تستطيع أن تبث روح الامل في سوسيولوجيا اميلي دوركايم. بعكس فيبر، فإن دوركايم استطاع أن يري بدلا عن مجتمع بارد خالي من المشاعر الفرديه ، ممارسات وطقوس مقدسه مغروسه عميقا ، وان يري للإيمان جذور ممتده في الادوار والقواعد للانظمه الاجتماعيه الحديثه تستطيع أن تقاوم ما اسماه بقشعريره الاحساس بالاغتراب.
    ايا كان ما يعتقده المثقف، فإن قيمه الدين تبقي في ايجاد إطار للمعاني، وواقع لتوحيد الرموز والاحساس بالانتماء .
    يستغرب بعض المراقبين من تزايد المشاعر الدينيه مؤخرا وقد لاحظ تيلور ان هذه الظاهره هي بعض ما يحرك ما اسماه بالأغلبية الاخلاقيه التي استطاعت تحفيز اليمين المسيحي في الولايات المتحده، وان تجعل من ذلك مصدر إلهام لاعاده تأسيس المفاهيم الدوركايميه الجديده في تعريف الامه. ولذلك يصبح مره اخري مفهوم أن تكون امريكيا له ارتباط بالإيمان الديني، اي أن تكون جزء من امه واحده تحت عنايه رب واحد.
    بعكس شارلز تيلور ، فقد اعتقد الآباء المؤسسون للولايات المتحده الامريكيه أنهم يؤسسون جمهوريه فتيه تتكون من فصائل متصارعه وليس من امه واحده. فالدين في رأيهم يزيد من انقسام وتشظي البلاد بدلا عن توحيدها تحت اله واحد. ذلك الإله الذي أطل أكثر من مره في اعلان الاستقلال ولكنه غاب تماما عن الدستور. حتي أن جيفرسون كتب عن رجال الدين الذين أظهروا خوفا من تقدم العلوم، تماما مثلما تخاف الساحرات حلول الفجر واقتراب ضوء النهار.

    " عصر علماني " عمل يتسم باتساع مذهل واطلاع واسع كان غرض شارلز تيلور الأساسي هو إنقاذ الدين من التآكل الذي أصابه بفعل تأثيرات العلمانيه والحداثه. ولكنه كذلك أراد أن يعيد العالم الانجلو أمريكي الاعتبار الي سيرته الليبراليه. بينما يري فلاسفه الفيدرالية أن الحكومه يتلخص دورها في حمايه الحياه والحريه والارض، فان جيمس ماديسون كتب يقول ان القانون السامي للطبيعه وطبيعه الله نفسها تقرر أن " سلامه المجتمع وسعادته تكمن في تحقيق الأهداف التي تسعي الي تحقيقها المؤسسات السياسيه والتي من أجلها فقط يجب التضحيه بكل تلك المؤسسات".
    يعتقد تيلور ان الفكر الليبرالي في الغرب الذي بدأ بهوبز ولوك وهيوم وادم سميث ظل يسير في الاتجاه الخطأ. ولدي بعض الكاثوليك، فان التقاليد الفكريه عند ارسطو والقديس توماس الاكويني هي الجديره بالاعتبار حيث معاني التاريخ لا تكون في الحفاظ علي الحياه، بل في خلاص الروح، وهي ليس الحق في العمل والتملك ولكن في الواجب المتعلق بالالتزام بنظام اخلاقي، وليس في جشع السوق ولكن في نعمه المشاعر الدينيه .
    لمقاومه انانيه الافراد وانتشار الليبراليه الفرديه ، فإن تيلور كجمهوري كلاسيكي نظر الي مصادر تاريخيه مشكوك في صحتها يكون فيها المواطن مجرد تابع للمصالح الخاصه بدلا عن الفضيله العامه، بل يعتمد نظريه الفضاء العام حيث يفترض أن يلتقي المواطنين لمناقشه القضايا اليوميه وتحويل السياسه الي فعل تواصلي خلاق من اجل خدمه المصلحه العامه.
    كذلك اشار تيلور الي ضروره مراجعه أدب العصر الرومانسي لتوضيح اهميه الروح التي تسكن العقل والخيال مهما كان حجم القوي الماديه للعلمنه. ويقول ان اللغه الشعريه تستطيع أن تهتدي بنا الي طريق العوده لاب الأنبياء ابراهيم عليه السلام. أن ما يهدد الدين ليس العلمنه وحدها ولكن المجتمع نفسه, بسبب القلق والأوضاع وعقليه القطيع وندره الاعتماد علي الذات. ومع ذلك ينظر تيلور الي المجتمع في انتظار افتداء ديني ، واحد احتمالات ذلك تكمن في استرجاع الإحساس الذي يربط المتع الذاتيه والرغبات مع حب الله الخالق الموجود في أعماق النص الديني. مهما كانت رغباتنا، فهي من عند الله ، ولذلك نحن في حاله انجذاب دائم الي الله. وصولنا الي أراده الله من خلال تصميمه مساله حاسمه في رأي تيلور لنظام أخلاقي حديث ومفهوم دوركايمي جديد فيما يخص وجود الله بين ظهرانينا. يفترض تيلور اننا يمكن أن نجد طريق العوده الي الله باعاده السحر re-enchanting الي المجتمع واسرار الروح حتي المشاعر الحسيه منها. ولأننا لا نستطيع العوده الي الله عن طريق الفلسفه، فإن تيلور يري التقوي في "تصميم" العالم الاجتماعي كما نعيشه بأخلاقه وأبعاده المثيره. ولكن التساؤل المهم هو هل يمكن أن نثق في التاريخ فيما يتعلق بالإيمان الذي قد نجده في العالم الاجتماعي الذي نعيشه؟.
    للمثابره في الموقف الذي يقول ان ذلك ممكن ، علينا أن نتعامل مع مفكرين منذ الإغريقي ثوسيديدس الذي كتب ملاحظاته حول الحرب البيلوبونيسيه بين اسبارطه واثينا خلال القرن الخامس قبل الميلاد وحتي تلستوي وكل من يري أن التصميم في التاريخ يقوم علي سياده السبب بواسطه القوه والحرية بالقضاء والقدر.
                  

09-10-2020, 01:48 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه (Re: طلعت الطيب)

    اود تسجيل ملاحظه مهمه هنا
    حتي لا يبدو السرد اوروبيا خالصا
    فقد تأثر القديس توماس الاكويني
    وكثيرا جدا بابن رشد واعترف بدوره في نقل
    التراث الفكري اليوناني والإسلامي الي أوروبا
    وقد عبر عن حزنه العميق لما كان قد تعرض
    له المفكر الإسلامي من قمع ومصادره
    لانتاجه الفكري بواسطه الخليفه المسلم.
    وقد استفاد جدا من حقيقه أن انهيار
    العالم الإسلامي قد صاحبه تماما التضييق
    علي الحريه الفكريه والبحث العلمي
    وعمل علي محاوله تحصين المسيحيه
    مما حدث الدوله الاسلاميه، وتماما
    مثل ابن رشد ، فقد سعي
    الاكويني الي التوفيق بين
    العلم والايمان وتصنيف المعارف
    الي معارف طبيعيه وأخري بديهيه
    خالده وضروره التعامل باحترام مع المعتقدات
    المغايره. وان الحكمه لا تتوقف علي
    الديانه المسيحيه وحدها.
                  

09-20-2020, 04:13 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: خواطر بشأن العلمانيه و الدوله المدنيه (Re: طلعت الطيب)

    خواطر بشأن العلمانيه والدوله المدنيه (٤)


    من الأخطاء الشائعة علي ايامنا هذه عقد  مقارنه بين الدول الغربيه المتطورة التي تطبق التعددية الديمقراطيه من جهه وكثير من دول العالم الثالث من جهه ثانيه، وذلك  في كل ما يتعلق بالاستقرار السياسي والاجتماعي والثقافي  وتوفر الحريات العامه والتسامح  في الأولي، مقابل الضيق بالرأي الآخر والقمع وعدم الاستقرار السياسي في الثانيه، اي في دول العالم الثالث. المفارقه في إجراء  مثل هذه المقارنة تكمن في انها تهمل حقيقه تاريخيه مهمه وهي أن العنف والطبيعة الثوريه للصراع السياسي والاجتماعي هو الذي  مهد الطريق الي التعدديه الديمقراطيه التي نشهدها اليوم في العالم الغربي. 

    الإصلاح الديني البروتستاني استغرق في اوروبا قرن كامل حتي ينجلي الغبار الكثيف الذي خلفه ليفسح الطريق الي التعددية الديمقراطيه التي سادت المشهد السياسي السائد  اليوم ، وليس العلمانيه او اي مفاهيم لأفراد مثل توماس هوبز او  جون لوك الخ . بمعني آخر فإن التعصب الديني والمذهبي الذي عاشته الشعوب الاوروبيه والذي تسبب في الملايين من الضحايا والكثير من الماسي التي خلفها التناحر والتطاحن  بين الكاثوليك والبروتستانت  هو الذي ساهم في إقناع هذه الشعوب بضروره التعايش السلمي بين المذاهب الدينيه، وأن السلام والاستقرار والأمن والمعاش أهم من محاولات فرض عقيده دينيه علي اخري، وتراجعت فكره الانتصار للعقيده الدينيه من أجل الخلاص في العالم الآخر، تراجعت الي الصف الثاني من الاهتمامات، مما مهد الطريق للسلام الاجتماعي كي يسود.  تعلمت شعوب أوروبا  هذا الدرس بعد أن كلفها الصراع الديني الكثير جدا ، وليس صحيحا علي الاطلاق القول بأن الطريق الي الديمقراطيه في أوروبا كان سهلا،   إنما الصحيح هو انها جاءت بالدم والعرق والدموع.

    كتاب هوبز الشهير "ليفياسان" Leviathan  الذي مجد دور الحكومه في المحافظه علي النظام الاجتماعي social order  وحسم الفوضي والقتل والاغتصاب وكل أنواع الجرائم، الذي كان قد كتبه عام ١٦٥١م ، او ما كتبه جون لوك حول الحكم الرشيد وضروره التسامح الديني والأفكار التي أصبحت تمثل حجر الأساس للديمقراطيه  كما يدعي من ينادي بالعلمانيه ، كانت نتيجه للديمقراطيه وليست سببا فيها ، وهذا التقييم المنصف والمهم ينطبق علي كل الأفكار اللاحقة لرواد  النهضه والتنوير الأوروبي من روسو ومونتسيك الي فولتير وغيرهم.

    صحيح أن أفكار هؤلاء الفلاسفه  ساهمت في التنوير وترسيخ الديمقراطيه لكنها لم تكن أبدا سببا  في يوم من الايام في تأسيس ديمقراطيه او في أن يكون لها فضل في تدشينها، لان الاخيره، اي الديمقراطيه، فعل جماهيري بينما تظل الأفكار والمفاهيم  مجرد  منتوج فردي لمثقفين صاغوا افكارهم  من ابراج عاجيه تنفتح بهذا القدر او ذاك وتجد حظها من الانتشار، بحسب قدرتها علي التعبير عن الواقع واقتناع الناس بمدي حاجتهم إليها.

    ظلت قضيه ظلم الإنسان لأخيه الإنسان تشغل المجتمعات البشريه أينما وجدت ، تلازمها حاجه ماسه الي الاحساس بالعدل والمساواة. لكن ذلك الإحساس كان يحتاج الي إطار ديني ايماني للتعبير عن نفسه فيما يخص الجماهير،  وليس الي تفكير مادي تجريدي أو " علماني" لدي قله من الأفراد.  وقد توفر ذلك الإطار الجماهيري في الإصلاح الديني البروتستاني في القرن السادس عشر في أوروبا المسيحيه.   ظهور الطباعه عام ١٤٤١م في المانيا  وترجمه الانجيل من اللغه اللاتينيه الي اللغات القوميه الاوروبيه مثل الالمانيه  والفرنسية والانجليزيه الاسكندنافيه  الخ ، التي ساهمت في كسر احتكار رجال الدين لتفسير الكتاب المقدس  ، اضافه الي محو اميه الكثير من أفراد الشعوب،  كانت كلها بمثابه رياح قويه عاتيه نفخت في اشرعه الإصلاح الديني وساعدته علي الانتشار السريع بين الناس وظهور التعدد المذهبي لأول مره في أوروبا المسيحيه . فكره الإصلاح الديني البروتستاني تقوم علي الاعتقاد بأن خلاص النفس البشريه يأتي من داخل الانسان نفسه وليس بفضل وسائط بين الإنسان وربه، ولذلك لابد من ذهاب  الوسطاء  جميعا من رجال دين وكنيسة  وملك ، خاصه الملك لانه اكبر الوسطاء بين الانسان وربه، وذلك بحسب التراتيبيه التي سادت في الاقطاع. وقد كان لابد من دحض فكره الحق الالهي للملوك divine rights لان الله خلق الإنسان حرا  والناس سواسيه ليس لأحد فضل علي أحد. وجدت هذه الأفكار طريقها الي الواقع وتجسدت حينما ثارت الجماهير في الجزيره البريطانيه وتدخل الجيش لدعمها وتم اعتقال الملك شارلز الاول واعدم في ساحة عامه عام ١٦٤٩م.

    حدث ذلك نتيجه لانتشار المذهب البروتستاني الي ان أصبح عدد البروتستانت يضاهي  عدد الكاثوليك وانتهي  ذلك الي حرب وقتال بينهما، وتوسع الي  حرب اهليه بانجلترا استمرت سبع سنوات قضت علي الأخضر واليابس بسبب التعصب الديني. هذه الفوضي استدعت الجيش بقياده كرمويل Cromwell للتدخل لحسم الأمر واعاده الأمن والهدوء لبريطانيا.

      ظهرت كتابات هوبز حوالي العام  حول ضروره وجود حكومه قويه تستطيع أن تحافظ علي الأمن والنظام وان تقضي علي الفوضي والقتل والفقر الذي لازمها بسبب التعدد المذهبي والتناحر بين أصحاب المذهب الكاثوليكي من جهه والبروتستاني من جهه ثانيه، ظهرت بعد سنتين من إعدام الملك ،  ولذلك وجدت أفكاره استجابه قويه من الناس . 

    تم صياغه مبدا التسامح الديني وحريه الاعتقاد بعد ذلك بسبب الحاجه الماسه اليه، وهو من أهم المباديء التي تاسست عليها اول ديمقراطيه في العالم لاحقا بعد أن وضعت الحرب الاهليه الانجليزيه اوزارها. 

    اعتقد ان هذا درس تاريخي يمكن أن نتعلم منه ضروره التسامح مع التعدد الثقافي والديني والاثني في السودان  بعد ثلاثه عقود من الكذب والفشل والنفاق والفساد وانعدام الامل والفقر والحروب وانسداد الأفق أمام التنميه والتعايش والتعاون مع الاسره الدوليه بسبب سيطره الإسلام السياسي واحتكاره للسلطه والقوه في السودان . الشعب السوداني بكل اثنياته أصبح مهيئا لذلك بعد تجربته المريره التي خاضها والتضحيات الضخمه  التي تكبدها بسبب التعصب الديني والدوله الدينيه. فقد أصبح شعبنا  مستعدا تماما لقبول دوله المواطنه والحقوق والتسامح الديني . نحتاج الي التعامل بحكمه مع هذا القبول الذي جاء بالدم والدموع  والمسغبه بدلا عن أن نستعدي معتقده  الديني بعبارات مثل فصل الدين عن السياسه او العلمانيه.   ومن حق المتدين أن يساهم في العمل العام طالما التزم باستلهام قيمه الدينيه في صوره مقترحات وتوصيات واضحه ومحدده  بعيدا عن التعميم والعبارات المبهمه علي شاكله "القوي الأمين"  و"ربط قيم السماء بالارض" التي كان يوظفها الكيزان في السودان لتسميم الأجواء السياسيه واستخدام الدين كوقود لاشعال الفتنه وابتزاز المجتمع المدني المتسامح  وحجب ثمار الاستناره والتنوير والحداثة.


    طلعت  محمد الطيب

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 09-20-2020, 04:24 PM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 09-20-2020, 04:46 PM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 09-20-2020, 04:56 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de